أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الخطاط - صراخ القصيدة / عبد الاله الفهد















المزيد.....

صراخ القصيدة / عبد الاله الفهد


محمد الخطاط

الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 10:41
المحور: الادب والفن
    


على ورق اسود
ــ صراخ القصيدة وهمسها ــ
عبد الإله الفهد
قبل أن نلج عالم محمد الخطاط الشعري ونبحر مع مجموعته الشعرية الثالثة ــ على ورق اسود ــ التي هي مشروع اصدار هذا العام بعد مجموعته ــ لفادية زهرة القرنفل ــ والتي أصدرها قبل ثمانية أعوام لابد لنا من القول إن ما من شاعر ظلمه النقد طيلة أكثر من ربع قرن أكثر من الشاعر الخطاط الذي قضى حياته يكتب وينشر ويرسم ويخط بعيدا عن المجاملات والعلاقات الشخصية التي ضج بها وعج وسطنا الأدبي ولا يزال كأن ما حدث له مصداق للقول الشهير" العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة" ولعل ما قاله بحقه مؤخرا الشاعر الكبير سعدي يوسف خير دليل على ما نقول ( نصوصك المتطورة أسلوبا والطليقة في الإفصاح أعادت لي الثقة بأن في الشعر العراقي شجاعة أقوى من كل هول ) الخطاط ومنذ نعومة أشعاره أيام الحروب والمشاكسات والحلم بعالم جميل بدأ يتسرب اليوم من بين يديه بعد أن حالفه الشيب وهام به التعب منذ ذاك ولليوم وهو يخط بأنامله احجبه وتعاويذ للندم وللأسى ويرسم لوحات من المفردات تهيم بالحزن وتعشق الصبر وتؤنب عذر الصحاب ولؤم الدنيا وثقل المعاناة
[ ماذا تعني الدار لرجل مثلي
رجل لا يملك دارا أو كوخا حتى
كنا أيام الخوف الأول
نكتبها آخذة شكل السهم
قريبا من نار ]
ثم
[ كيف تسنى للأميين كسالى الصف
أن يمتلكوا دورا ؟
لم لا تأخذ بدعائي ذاك
ألهمت التسديد لكاتيوشا العملاء
منحت الجيران الشرعية في القتل !
أسئلة تتبعها أخرى منها
ما اكذب كتب الصف الأول تلك ] ــ قراءات أولية ــ
كما نجد الشاعر كمن يجترح القصيدة بمبضع يحركه هنا وهناك وحين تشرع بنزف مفرداتها وسطورها يروح هو يخفف من وطأة المبضع كأنه يحنو ويشفق على المها بيد انها تستمر بالنزف فتجرف معها ذكرياته ولواعجه وحسراته لتصبها في جمل حيكت بشكل تكاد حين تحدق فيه ان تكتشف انها لا يمكنها الا ان تكون بهذا الشكل وهكذا بناء ولآهة فيه يمد الشاعر انامله ليمس جروحها ويقيسها محاولا ان يخيطها اويخفف من اتساعها الذي راح يكبر ويكبر بتدفق سطورها سطورها ومفرداتها غير ابهة بمحيط "التفعيلة " الذي احاطها به انها تعدو وتطير وتتسع
[ اسلمتني لتعثري
لماالتقبتك فجأة في ( شارع النواب)
من بعد انقطاع
كنت تمشي بأتجاه الكاظمين
دخلت والزوار
من باب الحوائج ]
فهو يشرح حالته حينما التقاه وقد يكون امرأة او رجلا او شيئا ما في باله او ربما ملمحا اوطريقا او حزنا .. الخ ويعود ليصف حاله ذلك الشيء مولجا وصفه بالسؤال
[ ما الذي تبغيه ؟
هل من حاجة ٍ ؟ ]
بعد ذلك يمرر فترة صمت او ذهول او خطوات او تمعن او تشتت ذهن يخطها هكذا
[ ..............
.............. ]
ثم ينهي القصيدة واهبا إياه كل ما يريد كأنه بذلك اركن لمصيره أو تعب من ملاحقته كأني به يخاطب قدره او دقات قلبه أو لواعجه هو نفسه
[ أنا بانتظارك واهبا ما شئت
في ( باب المراد ) ــ زيارة ــ
ولعل توظيف الشاعر لمفردتي " باب الحوائج " ثم " باب المراد "وإدخالهما حسب حالتيه السايكلوجيتين حاجته للجواب أولا ثم حاجته لأن يعبر عن استعداده ليهب ما يريده منه ذلك الذي توهمنا عنه ( امرأة أو رجل أو .... الخ ) ولأن تلك القصائد تضيء بالصدق فقد مهرها الشاعر بأنفاس الأصدقاء وأحاديثهم وشفافيتهم التي باتت يفتقدها بعد ان رحلوا او نأوا وودعوه بصمت فهذا هو ( ياس ) صديق الطفولة الذي استشهد على يد الخاطئين حين كان يعلق لافتة الحزب الشيوعي على احد جدران مدينته الشعبية قبل عامين :ــ
[ ما كان ياس
سوى شجيرة ياس
يكسوها الندى
فعلام ظنته الثعالب مغنما
او كان ياس هو الدريئة
لم لا وقد
قتلوه في الخط التماس
لو لم يكن بالمستوى المرموق
ما كانت لتغدره رصاصات الخطيئة ] ــ ياس الدريئة ــ
ورغم ان الانفعال قد يقود الشاعر الى بساطة التعبير لو الى لغة تقريرية كما قاد الخطاط في بعض المواضع الا ان ما يشفع له ذلك ثقل ما يعاني وعبء ما يحمل من لوم وعتب واسى فبدت سطوره بسيطة في لغتها لكنها عميقة في دلالتها فباتت تتخلل وعي الشاعر وذائقته تطوح به تارة وتهيء نفسها تارة أخرى ليرتكز عليها دون أن تفقد أي سطور توازنها او تبعدها عن متعة القراءة
[ مادام لنا هذا النفط وزئبق ميسان الأحمر
والنخل واشجار الزيتون واسماك البصرة
والارض الخصبة والماء فرات
مادام لنا هذا الوطن المترامي الاطراف
ولنا ما ابقاه الآشوريون
ما لا يحصى من مخطوطات
فلماذا نقتات على الفضلات
ولماذا نبحث عما يدفئنا في البرد ويستر سوأتنا في البالات] ــ محض سؤال ــ
والتداعيات والذكريات تصهل وتصيح وتعوي في دخيلة هذا الشاعر فيكون لذاك ملمسها خشن وقاس عصية على الآلفة والاحتواء بيد انه ولخبرته ودرايته يمسك بعنانها بعد ان يهدهدها ويربت على كتفيها فتنام بين احضان سطوره مطواعة مسالمة هادئة تنساب وتترقرق وتتمايل وتتهادى فلا يشح الحزن فيها ولكنه يكمن هناك بين تضاعيفها بشفافيته وثقله معا بعد ان جعلها الشاعر( كالحديد المطاوع ) تأخذ بلب القارئ بهدوء وروية ولا تترك مخيلته ومشاعره بسرعة بل تغادرها بعدان كانت تسكن فيها لبرهة من الوقت قبل ان يتركها لأشجان واحزان اخرى
[ ما قيمة الجمجمة
ان رجعت بعد عقدين من الزمان
حاملة عصابة العينين والثقوب
شاهد عيان ،
ومن تراه ذلك الذي سيحتفي بها
مبجلا ... مقبلا ... مشاطرا لها
ضحكتها الذي اورثها التراب والديدان ؟ ] ــ رُفات ــ
وما يميز هكذا انفعالات ورؤى أنها قد تعيش في الذاكرة طويلا لعلاقتها الحياتية ودخولها في عبارات طالما تعاملنا بها في أحاديثنا اليومية ولكن بدون ترتيب في على عكس ما يفعله الشاعر لها الذي ينظمها ويرتبها وكأنه يؤرخ بها ويرسم ويسجل ما يعتمر في دخيلة الإنسان كونه كائن اجتماعي مما يجعلنا نقول في حقها إنها قصائد إنسانية تهز دخيلة الفرد وأحلامه وهواجسه التي يحتفظ بها هناك في أعماقه ونهيرات تصوراته ومنبع طفولته وبواكير حياته إنها تقترب بهدوء لتتسع وتتسع لتشمل انتباهه وتلقيه بأجمعه وان لم نغالي تحسك بتلابيبه أي المتلقي لتجلس معه بألفة وصدق وتحدثه باعمق ما فيه :ـ
[ هكذا ارسم الحمامة
ابدأ بالرأس اولا
فأمنحه العيون التي تشتهي
ان ترى ولهي
وانكساري الذي تقمصت والسعير
وبعد ذاك
أمر على صدرها البض هادئا
أكوره مثلما ينبغي
وأمطر عليه بالحنو والحنان الذي افتقدته الكثير الكثير
وبالبيض الثلج أمد الجناح
أمد به ريشة طويلا طويـ ...، وتطير ] ــ لوحة ــ
ومما يلاحظ على قصائد هذا الشاعر إنها بمثابة أرشيف لأنفاسه وتأوهاته وتطلعاته يصففها ويرسمها ثم يزجها على ورق الذي اصر على ان يكون اسودا لكي تشع كالنجوم البادية في الظلام الدامس او كالثريات يخيطها مع بعضها ويبني بها منازل وخياما وسياجات يقفز في داخلها تارة حين تحدثه ويخرج منها ليشير اليها او يفسرها او يعاتبها تارة اخرى حين يحدثها هووحل قصائده تشبه جادة يهندسها بعتبه في البدء ثم بردها عليه هو في منتصفها ليعود ويلوم او يتأسى او ينفض يديه منها في لحظة افتراقه عنها او التصاقه بها سيًان فقد عشش الفقدان واستوطنت الخيبة الى جانب المنا والقناعة بجسد متجانس هو جسد او هيكل القصيدة التي سكنت الخطاط وسكن اليها :ـ
[ الآن وبعد وصول النار الى الدار
ودخول العبوات
وافيون الثغرات
وما لازمه من عار ودمار
والان وقد شارفت على الخمسين
الآن وقد نئت بما حملت
وما خلى الظهر كما العرجون
أتساءل ما معنى ان ننهي العمر
بأقناع الكل
بأن الأرض تدور
ولماذا يتباهى بحث
عمن يفصل بين الفحمة والبلور
............
علمني يا ( جمعه الحلفي )
كيف اعود الى ما قبل
العام الثالث والسبعين
من القرن الغابر ..... كيف ؟ ] ــ أمنيات مستعصية ــ
ولا يؤاخذ على الشاعر هنا دخوله في التفاصيل لابتعاده عن الملل الذي تتصف به اذ اننا نحس به يترنم مع نفسه ويشير ويهيب بمن يشير إليه أن ينتبه وذا يدع الملل مخبأئ عن التفصيل او عما يبدو انه كذلك كتكراره لـ ( ذاك .. منها .. تلك ) وصياغتها بقلادة من السطور التي تثير وتزدحم وتتساءل كما وجدناه في المثال السابق ويدلنا العنوان الذي اختاره لمجموعته بأنه لا يأبه بالفذلكات والإيماءات اللغوية الثقيلة التي أضحت ديدن شعراء هذه الأيام ، فهو بسيط تحس بألفته وصدقه ونقاوته وذا يثير فضولنا ويحثنا على متابعة ما سجله هذا الشاعر في وريقاته تلك فلنضع يدنا إذن عليها تباعا علنا نصل إلى ما يبغيه ويرومه ويحلم به ويكتب لأجله :ـ
[ لولا صفيحة القمامة التي لازمت الواجهة
وبابه الصدئ
والنخر في أرضية الممر
وسطوة الرطوبة التي أنهكت الجدران
ووقفة التنور في الباحة
والنخلة التي أصابها الجفاف
وحره اللهب ،
وبرده العتي ،
وفيض ماء الصرف طول الوقت
وصوت مشتري العتيق في الشباك
..........................
..........................
..........................
لكان بيتنا .. ومثلما قدر أن يكون
من أجود السجون ] ــ إحداثية ــ
نلاحظ هنا كيف وظف الشاعر الصمت باعتباره فسحة للمنال ويعاود القارئ قراءة ما ينتظره منتظرا جواب مطلع القصيدة ( لو لا ) حيث يأتيه بانسياب ويهدهد ذهنه بمنتهى الثقة والهدوء
[ لكان بيتنا ومثلما قدر أن يكون
من أجود السجون ]
والسخرية المرة التي جاءت في نهاية القصيدة تراءت لي وكأنها تخبرني لأن كل ما في البيت من ملامح لا اثر لها ولا تأثير سوى انه من ( أجود السجون ) !! واغلب الظن ان شاعرا كهذا اعتاد على إلقاء مسودًات قصائده أو الترنم بها بينه ونفسه أو جهارا على مسمعه ربما لعدة مرات وذا يفسر دخول فترات الصمت أو التوقف أو الذهول التي بات يرسمها بين سطوره من دون أن يشعر والعدد العشوائي للنقط التي اختلف عددها بين قصيدة وأخرى يدل على مدى اضطرابه ومدى ثقل وكمية الانفعال في بنية القصائد كما إن تكرار قراءة المسودات بهذه الطريقة تحدث امتزاجا وتآلفا بين الشاعر وبين ما يكتبه وبما ان هذه القصائد تحمل الكثير من الحزن والشجن والأسى والندم فالشاعر إذن يعاني ويعاني معها ومن خلالها وكم أخذت من دمه وذهنه وقلبه ! وذلك هو ديدن الشعر الصادق لنقرأ معا ونستشف جروح الخطاط وأحزانه الدفينة :ـ
[ هي ذاتها طرق الطفولة
لم تزل بترابها .. بالرغم من ابدال النواب بنواب أخر
بزجاجها ..ذاك الذي أدمى أصابع لعبنا
لأكاد المح حقده
لما انفردت بطابة المطاط مزدريا دمي ]
إلى أن يقول
[ ذاك الذي ضبطوه يغرس نخلة
بل والذي اغتالوه ذات ظهيرة
لكم اعتقدنا حينها ان قد تسامى غيمة ً
ولسوف تمطرنا بماء بارد
ولسوف تنشر ظلها
ولسوف تكسونا بماء رذاذها ..... وهلم جرا
يا ترى
لم عافنا ركن الغضاضة ذاك
كيف تبددت أحلامنا
بالرغم من إبدال النواب بنواب لنا



#محمد_الخطاط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنرال محمد
- ان بوكس
- ف . ف
- وصل
- وهيَ التي
- ام علي
- تظاهرة
- تكوينات
- ويكليكس
- الى فادية
- ذات نهار
- اسماء
- خولة أمس
- برد
- تيه
- اوه يامال
- قصائد محبطة
- جموح
- شذرة زينب
- يايحيى


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الخطاط - صراخ القصيدة / عبد الاله الفهد