أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - ثلاثية الحرية والعدالة والنظام !؟















المزيد.....

ثلاثية الحرية والعدالة والنظام !؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 21:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ضحكت اليوم كثيرا ً في طريق عودتي للبيت من مدرسة إبني "نصر" – هنا في "شفيلد" ببريطانيا حيث أقيم - حيث وجدت إمرأة عربية مختمرة تسير في الشارع ومعها أطفالها الصغار.. وفجأة ً أخذت إبنتها الصغيرة تهتف وتصيح بصوت عال ٍ : (الشعب يريد إسقاط النظام !!) وأخذت تكررها بحماسة منقطعة النظير بقوة وإعتداد!.. فقلت في نفسي : سبحان الله حتى الأطفال المولدون هنا في الغرب أصبحوا مغرمين بـشعار الثورة العربية المعاصرة (الشعب يريد إسقاط النظام)!!!.

حتى إبني "نصر" أحيانا ً يشعر بالحنق عليّ عندما آمره بأداء واجباته أو بضم ألعابه أو بقراءة درس من كتاب المطالعة العربية فيقول بحنق وإحتجاج وقد إرتسمت معالم الغضب على وجهه : (الشعب يريد إسقاط النظام) !!.. فأدخل معه في مناقشة وسجال عن أهمية النظام للحرية وأضرب له مثل حركة السير في الشارع فأقول له : ( تخيل معي - يا بُني - لو أن ليس هناك إشارات وقواعد مرور !!.. ماذا سيحدث!!؟).. فيجيب بعد تفكر وتخيّل للمسألة : (ستصطدم السيارات بعضها ببعض وتحصل فوضى وكوارث)!!.. فأقول له : (أرأيت؟؟؟ لهذا فالنظام أمر مهم جدا ً للحرية فالحرية بلا نظام فوضى وفي المقابل فإن النظام بدون حرية عبودية!.. لذا لابد أن يكون هذا النظام المنظم للحريات نظاما ً صحيحا ً وعادلا ً ومتوازنا ً يحقق حريات الناس من جهة ومن جهة يمنع التظالم والتناحر وحدوث الفوضى!..فنحن لسنا ضد النظام - أي نظام - من حيث المبدأ ولكننا ضد النظام الظالم وغير السوي وغير السليم) ... ويبدو أن إبني "نصر" إقتنع بشكل كبير بهذه الفكرة وأعجب بها خصوصا ً وأن المثل الحسي - مثل ضرورة إشارات المرور لتنظيم السير - مثل سهل الفهم لدى الأطفال - وأصبح بالتالي يعتقد بضرورة الموازنة بين الحرية الشخصية وبين ضرورة النظام .. وأصبح هو نفسه أحيانا ً يستعمل هذا المثل نفسه في مناقشتي إذا سمعني أقول له : (أنا حر) إذا طلب مني أن أنام مثلا ً مبكرا ً مثله!!.. وأصبحت أنا أيضا ً أذكره بهذا المثل كلما إحتج علي بالقول: (أنا حر) إذا طلبت منه فعل شئ من واجباته المدرسية أو المنزلية!.. فأقول له : ( نعم أنت حر .. صحيح .. وهذا شئ جيد وأنا حر أيضا ً ولكن لابد من وجود نظام ينظم حريتي وحريتك!) فيقتنع ولكنه لم يسألني حتى الآن : ومن سيضع لنا هذا النظام !!!؟؟؟.

فهذا طرف من بعض المناقشات التي تحدث بيني وبين "إبني" فالتربية هنا في الغرب - كما تعلمون – تميل إلى تعزيزالحريات الفردية وقوة شخصية وإستقلالية الفرد وتعوّد الأطفال على الإعتزاز بحريتهم الشخصية ومناقشة الأباء و(السلطات) في قراراتهم !!.. عن طريق السؤال التقليدي (لماذا!؟) .. وهذا يتطلب منا نحن الجيل الذي تربى على (الطريقة العربية العسكرية الديكتاتورية) التي شعارها (ما في داعي للنقاش يا حيوان!!)(طاااااخ !!!؟؟)(*) التعود على لغة المناقشة والإقناع والشوري والحوار مع أولادنا وزوجاتنا .. وهو أمر ليس بالسهل بالطبع فالطبع يغلب التطبع!.. أنا شخصيا ً أحيانا ً أفقد السيطرة على أعصابي عندما يكون مزاجي متعكر أو وكان " مستوى السكر" في دمي مرتفعا ً بشكل كبير عن المستوى الطبيعي فأحاول حسم الموضوع وفرض قراراتي بقوة السلطة الأبوية ولكن سرعان ما أعود إلى الإحتكام إلى العقل والعدل وأتراجع عن قراراتي وأوامري التي صدرت في ساعة غضب!.. المسألة ليست سهلة – إذن - ولكن علينا أن نحاول أن نتخلص من روح التسلط المغروسة في طباعنا الذكورية من جهة والمغروسة في ثقافتنا الشعبية من جهة أخرى!!..ففرض أنفسنا وأرائنا على الآخرين بالقوة ولغة التهديد والوعيد أصبحت من سمات ثقافتنا الشعبية الإجتماعية السائدة في عالمنا العربي والتي نريد تغييرها وتجديدها في إتجاه الإرتقاء لمستوى القيم الحضارية التي حث عليها ديننا الحنيف وإتفق على صحتها كل عقلاء وحكماء البشر .. ومن هنا نبدأ .. ومن هنا يبدأ التغيير الثقافي والحضاري للأمة.. من النفس والعقل .. ومن البيت والأسرة .. ومن المدرسة!.. قال تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).. لهذا علينا استثمار هذه الثورات العربية من أجل تغيير الكثير من مفاهمينا الخاطئة والكثير من جوانب ثقافتنا الإجتماعية الشعبية والسياسية السائدة بثقافة قائمة على التمدن والتحضر وإحترام حقوق وحريات الإنسان دون الإخلال بموازين العدل أو الإخلال بالنظام مادام هذا النظام يحترم الحريات ويحقق العدل .. العدل بمفهومه الواقعي النسبي لا بالمفهوم المثالي المطلق .. إذ أن تحقيق العدل بمفهومه الكلي الكامل الشامل المثالي المطلق في حياة البشر في هذه الحياة الدنيا يحتاج إلى أن يخضع الناس إلى حكم "إله" كامل العلم والقدرة والأخلاق بشكل مباشر!.. ولكن الله تعالى إقتضت حكمته ومشيئته "الإلهية" أن يترك تدبير أمر حياة البشر الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والعمرانية للبشر أنفسهم – بقدراتهم العلمية والعملية المحدودة – بعد أن وصاهم بالعدل وزودهم بالعقل وزودهم بالفطرة وبوصايا وتعاليم وتوجيهات أخلاقية عامة تعينهم على عمارة الأرض وتحقيق العدالة في حياتهم في حدود "الممكن" وفي حدود طاقاتهم وتجاربهم وخبراتهم المتراكمة .. وترك أمر تحقيق العدل الكلي الكامل الشامل المطلق بين البشر لنفسه يوم الدين!!.. أما هنا فوق هذه الأرض وتحت حكم البشر وفي هذه الحياة الدنيا فتحقيق العدل الشامل الكامل التام والمطلق بصورة مثالية هو أمر غير ممكن نظرا ً للقصور البشري الدائم سواء من حيث المعرفة أو من حيث القدرة !.
سليم الرقعي
(*) إشتغلت في بداية قدومي لبريطانيا كعامل بناء وتعرفت أثناء عملي عن عامل قال لي بأن أباه عربي الأصل ولكنه طلق أمه الإنجليزية منذ طفولته وأنه لم يعد يذكر منه إلا جملة واحدة بالعربية فقط سألني بصدق عن معناها فسألته عن تلك "الجملة" المتبقية في ذاكرته من أيام الطفولة فقال كان أبي عندما يركلني بقدمه يقول لي : (إمشي يا إبن الكلب)!!!!؟؟.. فما معنى هذه الجملة !!!؟؟.. وطبعا ً لم يطاوعني قلبي على أن أترجم له تلك العبارة حرفيا ً وترجمتها على أساس ( إذهب بعيدا ً)!!.. فهذه هي "الذكرى" الوحيدة التي يحتفظ بها هذا (الإبن) من ذلك "الأب"البائس!.





#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأخر الحسم العسكري في ليبيا مؤامرة أم عجز!؟
- ماذا قدمت القاعدة للعرب!؟
- هل ويكيليكس كان شرارة الثورات العربية!؟
- القذافي والخطة الإنتقامية القذرة الأخيرة!!؟
- هذه رؤيتي لليبيا ما بعد القذافي!؟
- 8عوامل أساسية ساهمت في إطلاق الحملة الجوية ضد قوات القذافي
- سر الفتحتين الموجودتين في قميص القذافي!!؟
- القذافي يخطط لإحتلال بنغازي عن طريق حصان طروادة!؟
- هل القذافي مجنون بالفعل؟
- جرائم أخرى يعد لها الآن القذافي لخداع العالم!
- التدخل العسكري الأجنبي البري في ليبيا مرفوض ومُخجل!؟
- كلما شعر القذافي وأولاده بتهاوي نظامهم إزدادوا عنفا ً!؟
- سر تصاعد التدخلات الغربية في أحداث ليبيا!؟
- التوصيف العلمي الموضوعي لحكم معمر القذافي!؟
- التوصيف الموضوعي العلمي لما يجري في ليبيا؟
- القذافي يدفع العرب المقيمين في ليبيا نحو تونس لغرض سياسي!؟
- حكام السعودية يشعرون بالذعر بسبب ما يحصل في ليبيا!؟
- يوتيوب لبعض مرتزقة القذافي الذين أرسلهم لقتل الليبيين!
- مجزرة حقيقية تحدث الآن في بنغازي بليبيا!؟
- بيان عاجل..إلى من يهمه الأمر !؟


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. شاهد ما فعله ضباط شرطة أمام منزل رجل في ...
- بعد فشل العلاقة.. شاهد كيف انتقم رجل من صديقته السابقة بعد ت ...
- هيئة المعابر بغزة ومصدر مصري ينفيان صحة إغلاق معبر رفح: يعمل ...
- لماذا يتسارع الوقت مع التقدم في السن؟
- بلجيكا تبدأ مناقشة فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل
- رداً على -تهديدات استفزازية- لمسؤولين غربيين .. روسيا تعلن إ ...
- تغطية مستمرة| الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح رفح ويدعو السكا ...
- غارات إسرائيلية ليلية تتسبب بمقل 22 فلسطينيا نصفهم نساء وأطف ...
- أول جولة أوروبية له منذ خمس سنوات.. بعد فرنسا، سيتوجه الرئيس ...
- قاض بولندي يستقيل من منصبه ويطلب اللجوء إلى بيلاروس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم نصر الرقعي - ثلاثية الحرية والعدالة والنظام !؟