عادل أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1015 - 2004 / 11 / 12 - 09:25
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
ككل المتفردين في تاريخ الإنسان ، قادة وعلماء ، مفكرون وأدباء ، رحل عرفات الرجل ليبقى عرفات الرمز . وسواء اختلفنا مع الرجل أو اتفقنا معه ، فان الثابت أن الرجل استطاع أن يفرض نفسه كقائد تاريخي لشعبه ورمزا لقضيته ، فهو مؤسس حركته التحررية منذ العام 1965 ، وهو من قاد هذه الحركة لتصبح مشعلا وضاء في ليل العرب المدلهم آنذاك . هو المشاكس أبدا بين الزعماء العرب ، وهو القادر متى شاء على قطع الجسور أو وصلها مع الأنظمة العربية ، والمناور البارع القادر على التخلص في أصعب اللحظات . لكنه أبدا ظل قائدا لحركة الشعب الفلسطيني نحو التحرر واستعادة الدولة ، ودائما كان – ومن خلال منظمة التحرير – الملاذ الآمن لكل المناضلين يمينا ويسارا ، وعلى امتداد الوطن العربي ،الهاربين من قمع أنظمتهم وبطش حكامهم .
وليس أدل على تفرد الرجل من كونه قد أصبح الرمز الذي تكثفت القضية الفلسطينية في شخصه ، والشعب الفلسطيني وقواه السياسية والكفاحية في قيادته لمنتظمة التحرير الفلسطينية لمدة أربعين عاما تقريبا .
سيكتب الكثيرون عن الرجل – القائد العسكري ، السياسي البارع ، القائد الرمز ، الإنسان – وسيختلفون فيه وحوله ، ولكنهم سيجمعون على كونه الجامع لأشتات الشعب الفلسطيني في فلسطين وفي المنافي ، والقائد الذي أنهضه من الرماد ، وأوجد له قصية وهوية ووطن .
عرفات الرجل يختزل ويمتلك في ذاكرته ووجدانه تاريخ العرب عموما ، وتاريخ القضية الفلسطينية خصوصا طوال أربعين سنة . ومذكراته إذا كان قد كتبها ، وينبغي أن يكون قد كتبها ، ستقدم لنا في حال نشرها لوحة كاملة عن الصراع العربي الصهيوني، كما عن أسرار العلاقات والخلافات العربية العربية والفلسطينية الفلسطينية. أي أنها ستكون مصدر معرفة لا يضاهى للحقيقة الضائعة في دهاليز الحكام والأنظمة .
سيبقى عرفات الشاهد الأول على عصره ، كما سيبقى واحدا من رجال قلائل ممن يشكلون شواهد شامخة في الثلث الأخير من القرن العشرين على امتداد العالم أجمع .
ولعل أكثر ما سيخفف من مصاب الشعب الفلسطيني ويشكل الوفاء للرجل وقضيته هو قدرة هذا الشعب على تخطي المرحلة والحدث والوصول إلى موقف موحد ورؤى موحدة وهيئات موحدة تمثل الشعب الفلسطيني بكل قواه وشرائحه وتصل به إلى تحقيق حلمه بدولة حرة ومستقلة عاصمتها القدس ، دولة فلسطين الديموقراطية .
11/11/2004
#عادل_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟