أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أحمد - الديموقراطية هم العصر واهتمامه















المزيد.....

الديموقراطية هم العصر واهتمامه


عادل أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 876 - 2004 / 6 / 26 - 08:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- 1-

مع نهاية الحرب العالمية الثانية وبانتصار الحلفاء فيها وبزوغ نجم الاتحاد السوفييتي السابق ، انبثقت وعلى امتداد قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية حركة التحرر الوطني العالمية ، هذه الحركة التي رفعت عاليا مبدأ حق الأمم في تقرير مصيرها ومثل الحرية والمساواة . ولم يمض وقت طويل حتى استقل عدد كبير من البلدان وحققت تحررها السياسي ، وليشكل قسم كبير منها فيما بعد وعبر مؤتمر باندونغ حركة عدم الانحياز التي حاولت أن تجد لها مكانا بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي ؛ ولكن وطأة الحرب الباردة واشتداد التدخلات الاستعمارية حالا دون هذه الحركة ودون أهدافها في الحفاظ على حريتها في اتخاذ قرارها المستقل ، وهكذا ومع رحيل القادة المؤسسين الكبار سوكارنو ونهرو وجمال عبد الناصر انتهت هذه الحركة لتصبح أي شئ عدا كونها منظمة بلدان حرة ومستقلة سياسيا واقتصاديا . الأمر المهم الذي تجب ملاحظته هنا أن المثل التي قامت حركة عدم الانحياز على أساسها والتي كانت قد بدأت مع مطالع القرن الماضي ،أضافت لونا جديدا الى خارطة العالم السياسي شاملة ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية .
وكما كانت الثورة الفرنسية وبعدها الثورة الروسية ( أكتوبر) 1917 معلما ونقطة انعطاف تاريخية في إطار التاريخ السياسي الحديث للمجتمع البشري ، كذلك كانت حركة عدم الانحياز .
مع سقوط جدار برلين والتداعيات التي شهدها المعسكر الاشتراكي سابقا ومن ثم انهياره ومعه الاتحاد السوفييتي ،وانفراد الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في العالم ، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ العالم المعاصر، والتي كان أول وأهم تداعياتها حرب الخليج الأولى عام 1990 ، وآخر وأهم تجلياتها الحرب الأمريكية على العراق عام 2003 ، مطلقة في الوقت نفسه ما اصطلح على تسميته ب : العولمة .
وإذا كان مبدأ حق الأمم في تقرير المصير ومثل الحرية والاستقلال سمات المرحلتين الماضيتين فان مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان شكلت وتشكل اليوم الهاجس الأول والهم الأساسي لشعوب الدول التي لا زالت تخضع ل وتعاني من عسف الاستبداد والتسلط ، وذلك كله يجري بينما العولمة المتوحشة تشكل سمة عصرنا وتطبعه بطابعها ذي اللون الإمبريالي الأمريكي .
ما تجب ملاحظته هو ذلك الأمر المشترك بين تلك المحطات التي ذكرناها ألا وهو ذلك التأثير الواسع الذي أحدثته ليس في بلدانها فقط بل على كافة دول العالم وشعوبه . إلا أن الفرق بين الواحدة والأخرى يكمن في :
- الثورة الفرنسية تميزت باستمرارية أفكارها ودوامها رغم كل ما عرفته من تقلبات وحروب ، وأعني بالدوام والاستمرارية هنا هو أن أفكارها ومثلها وقيمها تجذرت في المجتمع وانصهرت في وجدان الناس بحيث باتت أفكار ومبادئ الحرية والديمقراطية والمجتمع المدني وفصل الدين عن الدولة ، واقعا قائما وأمرا يفرض نفسه بنفسه ، وبالطبع فان ذلك ما كان ليتم لولا تضافر عناصر التطور الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ونموها وتقدمها جنبا إلى جنب .
- بالمقابل نجد أن أفكار ومبادئ الثورة الروسية ومؤتمر باندونغ والتي عرفت انتشارا واسعا وسريعا ، لم تستطع أن تحتفظ بالدوام والاستمرارية ، بل سرعان ما أخذت بالتلاشي والتفتت وصولا إلى الانهيار الكامل ، والذي كانت صورته النهائية تفكيك الاتحاد السوفييتي السابق ، ومرد ذلك إنما يعود لأسباب كثيرة نكتفي منها ب : - عدم الوفاء والالتزام للمبادئ والأفكار المطروحة .
- تحول النخب والشرائح الحاملة لهذه الأفكار والمبادئ إلى نخب حاكمة غلب عليها هم الاحتفاظ بالسلطة متخلية عن الإنسان الذي كان هو موضوع وهدف هذه المبادئ والأفكار .
- التردد والتخبط والقصور السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي عانته وسلكته كل الأنظمة والمجتمعات التي اندرجت في إطار هاتين الحركتين .
- انعدام المراجعة النقدية الجذرية للفكر الذي كان يسود المجتمعات المعنية لمئات السنين وعدم القدرة على تأسيس مشاريع فكرية نهضوية تقطع مع الفكر السلفي الاصطفائي الذي أغلق الذات الإنسانية على نفسها ووضعها في مواجهة الآخر ، هذا الإلغاء للآخر داخل المجتمع الواحد من جهة وفيما بين المجتمعات والأديان والمعتقدات والشعوب من جهة أخرى حال دون مأسسة فكر حر وتنويري ، وبالتالي دون نشوء وتجذر الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان ؛ وهو الأمر الذي أفقدها علة وجودها وسندها وحاملها ونعني به الإنسان نفسه ، وإذا ما أضفنا إلى ذلك التدخلات الاستعمارية وظروف وتبعات الحرب الباردة ، لأدركنا السبب الذي جعلها تؤول إلى التراجع والانهيار .
- وأما العولمة ، هذا الشعار ، التيار ، النمط أو ما شئنا تسميته فان من أهم سماته :
- سرعة الانتشار والتواصل بحيث تحول كوكبنا من خلاله إلى قرية صغيرة .
- كونه انعكاس أو تكثيف للتطور العاصف في التقدم العلمي وتقنية الاتصالات .
- وهو تعبير عن سيطرة راس المال الممركز عالميا والعابر للقارات .
- وهو حتى اللحظة وسيلة الولايات المتحدة للسيطرة والتحكم الكونيين .
- ولا يخفف من توحش العولمة بعض جوانبها الايجابية ومشاركة الإنسانية جمعاء فيها ، أو إعلان بعض الدول الكبرى محاولة توظيفها ايجابيا لمصلحة الشعوب الفقيرة والمتخلفة .
- كما لا يلغي من توحشها ركوبها من قبل الولايات المتحدة كموجة كاسحة ومدمرة تسيطر من خلالها على دول العالم كافة تحت ستار نشر الحرية والديمقراطية هذا القناع الذي تخفي وراءه ليس رغبتها فحسب بل إرادتها في السيطرة على الثروات الاقتصادية للشعوب ومن ثم التحكم بكامل السياسة العالمية ، ولن تكون أفغانستان ولا العراق آخر جولاتها لتحقيق ذلك .
بتكثيف شديد ، يمكن القول أن الصراع الذي يشهده العالم الآن هو صراع بين - عالمين : العالم الرأسمالي الصناعي الأشد تطورا وتهيمن عليه الولايات المتحدة ( دول الشمال) من جهة وبقية دول العالم من جهة أخرى.
- تيارين : تيار العولمة كوسيلة لتحقيق سيطرة المجموعات الرأسمالية الكونية والتي تريد دمج العالم في سوق اقتصادية حرة موحدة كي تحقق التحكم والسيطرة وبين باقي دول العالم وشعوبه الذي يحاول التملص من هذه العبودية الجديدة ويبحث عن طريقه الخاص للتطور .
- 2 -

هذا هو المناخ والظرف اللذان يطرح فيهما موضوع الديمقراطية والإصلاح وخاصة على صعيد الوطن العربي . واذا كان قد ابتدأ خجولا معتمدا على التمنيات وانتظار النظم والقوى الحاكمة للقيام به فانه وصل اليوم مرحلة متقدمة يتداخل فيها الخارج والداخل ، القوة العسكرية والضغط السياسي والاقتصادي ، النظم والمعارضات ، اليمين واليسار ، الفكر الديني والفكر الحداثي ( ليبرالي – قومي – ماركسي ) .
في دراستهم لمسيرة الفكر العربي النهضوي والحداثي، وفي محاولة استقصاء مفاصله الأساسية ودراسة سيرورة الكينونة العربية ، كانت أهم المحطات التي وقف عندها المفكرون العرب والمشتغلون في ميدان السياسة محطات ثلاث وهي نكبة 48 وهزيمة 67 وحرب 1973 وما بعدها ، وكان للحرب العراقية الإيرانية ومن ثم الغزو الإسرائيلي للبنان وحرب الخليج الأولى وصولا الى سقوط بغداد حيز كبير في دراساتهم وتحليلاتهم ، وكان أن أسهبوا في استخلاص الدروس والنتائج ، والتي كان أبرزها :
ان النظام العربي الرسمي ، أي النظم العربية على اختلاف ألوانها ، هذه النظم الاستبدادية القمعية أحادية اللون فردية الهوى ، هي المسؤول الأول والأخير عن كل هزائمنا وخيباتنا، عن ذلنا وهواننا كأمة ، وعن ضعفنا كشعوب ، وعن تخلفنا كدول. وهذا هو الجزء الأكبر من الحقيقة ، وبالتالي أخذوا يطرحون البديل أو البدائل ودائما مع مسحة فكرية تنظيرية؛ وبالطبع فان الشعب دوما هو المفتاح ولكن بقيادة المعارضة أو المعارضات ، والتي نسوا أو تناسوا أن يخصوها باهتمامهم ، فلم يدرسوها عن كثب ويفسروا مسارها وتطورها وعلاقتها ببعضها وبالنظم التي تعارضها ، وخصوصا علاقتها بهذا – الشعب- الذي يتحدثون عنه ، ومدى تمثيلها له ، وأهم من كل ذلك مدى قبوله هو بها .
ولنا أن نضيف الى ذلك ، أنه وطوال نصف قرن وأكثر والديمقراطية في عالمنا العربي عملة ممنوع تداولها في سوق الأنظمة العربية، وحاملها يعرض نفسه للمساءلة، فالحرية الفردية للإنسان ، " للمواطن" في الاعتقاد والتفكير والتعبير معدومة ومكبوتة، فلا دستور يشرع لها ولا قضاء يحميها والسلطات مستميتة في إطالة أمد غيبوبتها، لأن مجرد إطلالة صغيرة لها ترعبها وتدق أجراس الخطر في نواقيسها لتبدأ حملات القمع والاعتقال والترهيب إلى نهاية الأسطوانة التي تحقق ديمومة الأنظمة لتورثها لمن تشاء وكيفما تشاء .
وعليه ... فان الديمقراطية كمفهوم ، هذا الحلم الذي سعى ويسعى الإنسان للقبض عليه تحول –بعد التغيرات العاصفة الأخيرة – ليصبح الهاجس والأمل ، بعد أن كانت قد تحولت – ولا تزال عند شرائح كبيرة_ إلى " يوتوبيا" غائمة بعيدة المنال ، مثلها مثل أية فكرة يحلم بها الإنسان على سبيل التعويض لا على سبيل التقرير والفعل ، ومع هذا ، فان قوى المعارضة المختلفة فكريا وسياسيا ، المتباينة طبقيا واجتماعيا ، المهشمة ، المتناثرة والمتناحرة كبطون وأفخاذ قبيلة كبيرة سرى فيها داء الخلاف والاحتراب وتجذر ؛ لم تستطع أن ترتقي بفكرها وعملها وممارساتها إلى مصاف " قوة سياسية " عيانية، ذات تأثير فعال معتمد على كتلة اجتماعية فاعلة ، وذلك بسبب من :
1- عدم قيامها بمراجعة نقدية صادقة لمبادئها ومواقفها وممارساتها.
2- عدم تحولها الفعلي الجواني نحو الديمقراطية، بل على الضد من ذلك ، استمرارها وحتى وقت قريب في رؤية الديمقراطية كوسيلة أو درب موصل للسلطة ليس إلا .
هكذا تحولت لدينا جميعا إلى سفينة صغيرة نركبها في بحر هادئ للتمتع بجمال الطبيعة وسحرها، مكتفين بذلك بالجانب النظري ، الشعاري ، الجمالي الجاذب ، والقوة الآسرة الكامنة فيها ، دون أن يتعدى ذلك إلى فتح – شق- الطريق الدامي نحو الجلجلة، المتمثلة أو التي من أركانها معرفة الأنا بتواضع ، والاعتراف بالآخر مع احترامه ، والقبول بالعيش المشترك بكل إخلاص ، وإدراك أن الإنسان الفرد هو المحور والأساس في العملية كلها . وهذا لن يتأتى إلا عبر فتح باب نقد الذات والمراجعة الكاملة لتاريخ طويل وسلبي من الممارسات والعمل السياسي والفكري . وهو الأمر الذي بدأ يلوح في الأفق وأخذت مداميكه الأولى بالتوضع ولو على خجل وفي استحياء .
-3-
الأنظمة المعادية للديمقراطية والرافضة لها خوفا على مصالحها ومواقعها ، وقوى المعارضة التي تطرح الديمقراطية بشكل ملتبس وخادع وبراغماتي أحيانا ، هما العنصران الفاعلان في أية عملية ديمقراطية ، والمحور الذي تتأرجح أو تقف عليه تبعا للزمان والمكان ؛ لكن العنصر الأهم والأكثر فاعلية هو الإنسان الفرد ، المواطن الحر كما أسلفنا .
أين المواطن العربي من الديموقراطية ؟
كيف يمكن لمجتمع تتفشى فيه الأمية ، متخلف صناعيا وعلميا ، لا يعيش وفق دستور وافق عليه الشعب ، ولا يعرف القضاء المستقل ، أن يكون – هكذا وبجرة قلم – مجتمعا ديمقراطيا ؟.
كل شيئ نتحصل عليه إنما نتحصل عليه بالعلم والتجربة والممارسة عبر الحياة ، فحياة المدينة غير حياة الريف فلكل مواصفاتها وطبيعتها وعلاقاتها الخاصة وروحها الكامنة ؛ وحياة الجامعة وزمالتها غير حياة المؤسسة وصداقاتها وهكذا دواليك .
الديموقراطية ، نمط من الحياة السياسية لها امتداداتها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والنفسية ، هي نهج من العلاقات والحياة بين البشر والأفكار والمفاهيم والرؤى ، أسلوب يعتمده مجتمع ما لكي يصل بحياته العامة إلى مستوى أرقى وأكثر تطورا وتقدما وإنسانية .
هي في جوهرها تأكيد للمساواة بين البشر ، وسبيل لتأكيد استقلاليتهم وحريتهم الشخصية وذاتهم الفاعلة ، وطريق للتعبير عن هذه الإرادة الفاعلة لدى الإنسان كفرد وكمجموع . وإذا ما عاشها المجتمع وتجذرت فيه انسحبت لتطال وتصبغ المجتمع بكافة جوانب حياته الاجتماعية والاقتصادية والفكرية إضافة إلى السياسية ، ولتصبح المعبر الوحيد ، ووسيلة النقل المشتركة لكافة المواطنين للوصول بوطنهم نحو ذرى الكمال والتقدم والرقي ، بإرادة مشتركة منهم مع ،أو على فرض، اختلاف سبل الواحد منهم عن الآخر .
إنها شبكة من النظم القانونية والاجتماعية والسياسية التي تكفل وحدة المجتمع وتلاحمه ، وهي من وضع البشر ونتيجة لنضالاتهم عبر التاريخ .
ليست الديمقراطية أغنية نترنم بها ، أو نشيدا وطنيا نتغنى به لبعث العزة والحماسة في النفوس . إنها علم نتعلمه ونتدارسه ونطبقه على أرض الواقع فيتحول إلى حالة معاشة وواقعية ..
هي تجربة تولد غضة طرية العود وتحتاج إلى وقت كي يشتد ساعدها وتنمو وتتجذر في المجتمع . وهي كأي مصفوفة فكرية سياسية اجتماعية إنسانية لها مستلزمات وشروط ، حوامل وأدوات لعل من أهمها :
• سيادة نمط اقتصادي متطور، مجتمع تتنوع فيه القوى الاجتماعية وتتشابك قوى الإنتاج ، أي مجتمع متعدد القوى والعلاقات ، يلعب فيه النظام الحر دورا مهما وتستقر فيه قوى اجتماعية واضحة وثابتة نسبيا .
• مجتمع مستنير ينبذ الفكر والأيديولوجيات الشمولية المغلقة وكافة مفرزاتها من استبداد وتسلط ، ويغلق الباب في وجه التزمت الديني فكريا وسياسيا واجتماعيا .
• مجتمع ينظر إلى الحياة بوصفها تفاعل مع البيئة بكل شموليتها ، الطبيعة والكائنات والبشر ، ويسعى لخلق الانسجام والتواؤم معها ؛ لأنه بدونها يموت ، إن لم يكن ككائن فكفرد ذو كينونة إنسانية .
• مجتمع قابل ل ، ويستطيع فهم وتجسيد وترجمة المنظومات الفكرية والسياسية والاقتصادية لمجتمع حديث وديمقراطي ، بسلوكه اليومي على الصعيد الاجتماعي والسياسي العام .
• إنسان متحرر من العبودية الكامنة فيه سواء بفعل الأفكار والأيديولوجيات أو بفعل التاريخ . إنسان حر قادر على ممارسة حريته وقناعاته دون خوف من رادع داخلي ( جواني ) أو خارجي .
وكما تبين فان مثل هذه الشروط والمستلزمات وغيرها كثير لا يمكن الوصول إليها إلا عبر تقدم المجتمع بأكمله وعلى كافة الصعد والميادين . وأما الحوامل الأساسية للديمقراطية فهي أمور من مثل النظام السياسي الذي يعتمدها مع مجموعة المؤسسات والنظم والقوانين المتعلقة بها ، والإنسان الذي يحملها ويعمل بهديها ، وهنا لا بد من التركيز على دور النخب والمشتغلين بالسياسة والمهتمين بالشأن العام .
لهذا ، كان لا بد من ملاحظة أن النظم والمعارضات كلاهما يعيشان ذات الأزمة مع اختلاف المواقع ، وربما من هنا نشأ القول أن السلطة والمعارضة هما وجهان لعملة واحدة في الجوهر ، ونعني بها المجتمع بكل خصائصه ومكوناته .
والسؤال الآن ، كيف لنا أن نصل إلى حالة يشترك فيها المواطن ، الإنسان ، في معركة ، أو لنقل مهمة بناء مجتمع حر متماسك ؟
مثل هذا الأمر يقتضي أن يكون هذا الإنسان سيد نفسه ، مالكا لقراره ، حرا في اختياره ، وليتحقق هذا لا بد لثلاثة أمور أن تنجز أو تكون قيد الإنجاز ، وهي :
* التحرر على الصعيد الاقتصادي عبر تحقيق مبدأ الكفاية والعدالة بحيث يتاح للإنسان الوقت الكافي للانخراط في الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية الخ .
* التحرر على الصعيد الفكري ، بمعنى إزالة كل المعوقات والكوابح التي تمنع الإنسان من اعتناق المبدأ أو الفكر الذي يريد والجهر به والتعبير عنه والدعوة له عبر نظام ديموقراطي تعددي .
والأمر الأساس هنا هو تحقيق مبدأ فصل الدين عن الدولة والنظر إليه كعلاقة روحية خاصة بين الفرد وخالقه . وهذا يستدعي حرية الفكر المطلقة ونزع القداسة عن النصوص عامة .
ان دوام الخوف بل الرعب القائم لدى الإنسان العربي عموما من التعارض مع النص الديني وبالتالي ما يستتبعه ذلك من تكفير له وإلغاء وربما حكم بالموت ، إن دوام هذا الخوف يعني أنه لا تقدم حاصل ولا تحرر ممكن ، ولأن دوام الحال من المحال فانه يتوجب على المفكرين والمثقفين والهيئات والأحزاب السياسية خاصة أن تعلي الصوت وتعمل على تحقيق فصل الدين عن الدولة والسياسة معا . إنها المهمة الأصعب ولكنها الأكثر أهمية لتحقق مجتمع تسوده الديمقراطية ومثل التعدد والحرية .
* التحرر على الصعيد السياسي والقانوني بحيث يصل المجتمع إلى التوافق على العقد الاجتماعي الذي ينظم ويقونن كل المناحي والأمور ذات الصلة بماضيه وحاضره ومستقبله .
إن كل ما أوردناه عن ضرورة تحقق أو إنجاز أو استكمال أو سيادة هذا البند – الشرط – أو ذاك إنما المراد به هو الولوج فيه والشروع به ، بمعنى آخر السير خطوة أولى ، لأن مجرد سيرها يستتبع الخطوات الأخرى اللاحقة لها وبشكل مترابط بين عناصر هذه العملية المعقدة ومكوناتها التي ترتبط بعضها مع بعض في وحدة جدلية .
اللاذقية في 25/6/2004 عادل أحمد



#عادل_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمتمات العجز الأخرس
- أفق مسدود
- الحزب الشيوعي السوري: محطات ودروس
- اليسار السوري وإعادة السياسة إلى المجتمع - 1
- حول حزب الاشتراكية الديمقراطية في ألمانيا و مؤتمره الأخير
- أربعة اتجاهات في السياسة الألمانية حول الحصار المفروض على شع ...


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أحمد - الديموقراطية هم العصر واهتمامه