أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عادل أحمد - الحزب الشيوعي السوري: محطات ودروس















المزيد.....


الحزب الشيوعي السوري: محطات ودروس


عادل أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 838 - 2004 / 5 / 18 - 04:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


1- في أعقاب هزيمة 1967 ، ونتيجة للصدمة التي تلقتها الشعوب العربية، وخاصة في إطار المثقفين ، وبعد ذلك الشعور بالعجز والمهانة والإحباط الذي عاشه الإنسان العربي ، قامت عملية مراجعة نقدية شبه شاملة للمجتمع والفكر العربيين ، وكان الجانب السياسي هو الغالب الأعم على كل الدراسات والمحاولات التي تمت في حينه ، وامتدت حبال النقد والمراجعة وحتى التجديد لتطال الفن والأدب وسائر فروع المعرفة . نكتفي هنا بذكر أربعة أسماء مضيئة في بعض هذه الميادين ، وهي الأستاذ الياس مرقص والمفكر صادق جلال العظم والكاتب المسرحي سعد الله ونوس وأخيرا محمد الماغوط .
في هذه الأجواء وبعد ولادة مريرة انعقد المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي السوري بعد غياب طويل للمؤتمرات ولكل أشكال الحياة الحزبية الصحيحة. في هذا المؤتمر ظهرت بعض – وليس كل – المرارات التي عاشها الحزب وبالتالي أعضاؤه خلال تاريخه ، ولعل أهم القضايا التي ظهرت على السطح واستمرت بعد ذلك لفترة طويلة هي: - غياب المؤتمرات وبالتالي الحياة الديمقراطية داخل الحزب ، - طرح ظاهرة عبادة الفرد والتي كان يمثلها المرحوم خالد بكداش في حينه بصفته أمينا عاما للحزب .
- القضية القومية متمثلة بالقضية الفلسطينية والوحدة العربية .
- الموقف من السوفييت وشكل العلاقة معهم أو بهم .
- وربما يصح إضافة موضوع : دروس النكسة .
في هذا المؤتمر تفجر الخلاف داخل الحزب ليستمر بعده ,ولتبدأ صفحة طويلة من الخلافات والتكتلات والخروج على النظام الداخلي ، إلى أن وصلت إلى مداها فتفجرت بصدور بيان 3 نيسان الشهير ويصبح الحزب حزبين . بدءا من هذه اللحظة يتخذ الافتراق السياسي والفكري والتنظيمي شكلا واقعيا على الأرض . حزب خالد بكداش – يوسف فيصل، وحزب رياض الترك + الثلاثي الشهير المرحومان ظهير عبد الصمد – دانيال نعمه وإبراهيم بكري . كلا الحزبين احتفظ باسم الحزب الشيوعي السوري وكان التمييز بينهما يتم بإضافة اسم خالد بكداش إلى الأول وتسمية المكتب السياسي إلى الثاني .
في تلك الفترة ، فترة ما بعد المؤتمر الثالث وحتى بعد بيان الثالث من نيسان، عرف الحزب وعاش حياة حافلة بالنشاط، والمماحكات والوساطات التي لعل أشهرها وساطة الحزب الشيوعي السوفييتي الذي كان يمثل في تلك الآونة دور القائد لمجمل الحركة الشيوعية العالمية، أو كما كان يحلو للبعض أن يسميه ( الأخ الأكبر ) ، وهنا يمكن القول أن السوفييت الذين طلب منهم أن يلعبوا دور الحكم العادل في الخلاف ، لعبوا سواء عن قصد أو غير قصد وعبر منظر الحزب آنذاك ميخائيل سوسلوف ، دورا سلبيا، بل بالغ السلبية في إعلان انحيازهم أو تعاطفهم المطلق مع اتجاه بكداش مركزين على رفض الأطروحات الفكرية الجديدة في الحزب وخاصة ما يتعلق بموضوعة الأمة العربية وما يترتب عليها في إطار القضية القومية والوحدة؛ وليبدوا سخطهم من تأثيرات فكر الشيوعية الأوربية ( الأسباني كاريللو ) على فكر الحزب .
في تلك الأثناء وبعد (الحركة التصحيحية ) التي قادها حافظ الأسد شهدت سوريا كما هائلا من الشد والجذب السياسيين تمثل باصطفاف قوى اليسار عموما إلى جانب حزب البعث الذي حوصر مؤتمره واعتقل قادته قبل أن يستطيعوا فعل شئ حيال رغبة حافظ الأسد في السيطرة على السلطة ، وهكذا انطوت حقبة لتبدأ حقبة جديدة .


-2-
أخيرا وبضغط من السوفييت ، اتخذ الحزب الذي كانت هيآ ته لا تزال موحدة قرارا بالاشتراك بالسلطة،- من المفيد التذكير هنا أن قرار الاشتراك هذا اتخذ بفارق صوت واحد- وبعد عملية سياسية طويلة وبعد إقرار الدستور ولدت وبعد مخاض عسير ، الجبهة الوطنية التقدمية ،وكان حزب البعث هو القائد الفعلي والمطلق لهذه الجبهة حيث كان له حسب نص الميثاق نسبة 51 بالمئة من الأصوات ،هذا الميثاق الذي نص على حرمان أحزاب الجبهة عدا البعث من النشاط في صفوف الطلاب والجيش ،كما أنه لم يسمح بصحافة علنية وحرة لهذه الأحزاب. جدير
بالذكر أن هذا الميثاق كان مثار خلاف شديد بين حزب السلطة من جهة وبين الأحزاب المدعوة للتحالف معه من جهة أخرى .



عرفت البلاد في تلك الفترة مجالس المحافظات ، ومجلس الشعب , وفروع الجبهة الوطنية ، وكان لحرب تشرين 1973 دورا هائلا في توحد القوى واشتداد اللحمة الوطنية ، ومما عزز ذلك الحياة شبه الديمقراطية التي عرفتها البلاد ، مع العلم أن عددا كبيرا من السجناء السياسيين كانوا لا يزالوا داخل السجون وبعض منهم منذ عام 1969 .
2 - حتى عام 1973، لم يستطع الاتجاهان في الحزب الشيوعي السوري حل خلافاتهما ، بل يمكن القول أن وتيرة الصراع اشتدت ،وهكذا دعت الجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري –( المكتب السياسي) إلى عقد المؤتمر الرابع، وطرح مشروع البرنامج السياسي للنقاش داخل الحزب وخارجه ، بانعقاد هذا المؤتمر انشطر الحزب رسميا إلى حزبين , بل وتتالت الانشقاقات داخل كل حزب .
بعد ذلك بمدة قام الثلاثي الشهير بالانتقال إلى الجهة الأخرى ( يوسف فيصل) ، وتم الاعتراف بهم رسميا ونهائيا على أنهم الحزب الشيوعي السوري ،وألقي الحرم (الكنسي) السوفييتي على اتجاه ( رياض الترك ) , وتداخلت جملة أحداث ، بدء الحرب اللبنانية ، التدخل السوري في لبنان، انسحاب الحزب (المكتب السياسي) من الجبهة الوطنية ، إدانته للتدخل السوري في لبنان . لقد كان واضحا ميل الشارع السياسي السوري النشط حينها وكذلك قوى اليسار السوري إلى هذا الاتجاه ، إلا أن جملة الأحداث التي وقعت على الأرض قادت إلى تضعضع بنيان الحزب التنظيمي ، والذي ساهم فيه إلى حد كبير هو كون عدد كبير من أعضاء الحزب وخاصة القدماء منهم كانوا قد تربوا سياسيا وتنظيميا إبان الحقبة البكداشية، وبالتالي لم يستطيعوا مواكبة التطورات الفكرية والسياسية والتنظيمية ، إن أجواء مدرسة عبادة الفرد والنظر إلى الماركسية كعقيدة من جملة الأسباب التي لعبت دورا في مسألة تراجع الحزب تنظيميا ، في نفس الوقت الذي كان يحوز فيه على سمعة سياسية أكبر من حجمه ، فما كان منه إلا أن اشتغل باتجاه عقد المؤتمر الخامس للحزب. .
وإذا كان المؤتمر الثالث للحزب شكل انطلاق الحراك السياسي والفكري في الحزب ، فان المؤتمر الرابع أكد تموضع هذا الحراك وتحوله إلى واقع وحركة لن تتوقف . في المؤتمر الرابع تمت مراجعة ليس التجربة التنظيمية للحزب فحسب ، بل تم كذلك مراجعة مواقف الحزب السياسية والفكرية من القضية القومية عموما ومن القضية الفلسطينية خصوصا، وفي كلتا القضيتين قدم الحزب إضافات جديدة ولامعة استقطبت الجسم الفكري والسياسي العربي وحظيت باهتمام واسع.
شكل المؤتمر الرابع محطة هامة لأنه شكل تجربة هامة في عقد المؤتمرات وفي التحضير لها ، ومن حيث أنه فتح الباب على مصراعيه لدراسة الماركسية ومحاولة نقدها أو تبيئتها مع ظروف المجتمع وتاريخ المنطقة.
3 – بانعقاد المؤتمر الخامس في كانون أول عام 1978 والذي حضر له بشكل واسع ، وأعد مشروع موضوعاته بمنهجية واضحة ، وعالج قضايا فكرية وسياسية وتنظيمية بشكل لم يكن مألوفا من قبل ، بانعقاد هذا المؤتمر كرس الحزب نفسه كاتجاه سياسي جديد واضعا نفسه منذ اللحظة الأولى في إطار المعارضة الوطنية الديمقراطية .

-3-
قبيل وأثناء وبعد انعقاد هذا المؤتمر كان الحديث يدور عن حزب من نوع جديد ، حزب شيوعي من نوع جديد ، يتفاعل مع معطيات العصر ومستجداته ، ويتفهم طبيعة المجتمع وتاريخ المنطقة. وهذا ما حاولت الموضوعات التي أقرها المؤتمر أن تعكسه ، وخاصة في قسمها الداخلي، فكان شعار التغيير الوطني الديمقراطي ترجمة أمينة لتطلعات المواطن السوري ، وقاسما مشتركا جمع من حوله عديدا من الأحزاب الوطنية الديمقراطية التي سرعان ما اتفق خمسة منها بما فيهم الحزب على إعلان ولادة التجمع الوطني الديمقراطي والذي سيشكل منذ تلك اللحظة جسم المعارضة الوطنية الديمقراطية الأساسي .
الطرح الوطني الديمقراطي بما احتواه من مطالب شكل البدايات الأولى لحركة المجتمع المدني التي تشهدها سوريا اليوم .
إلا أن الأحداث التي قامت في سوريا بدءا من عام 1978 ، وخاصة تلك الاغتيالات والتفجيرات التي قامت بها مجموعات متشددة من الإخوان المسلمين،قادت تلقائيا إلى رد أمني واسع النطاق من قبل السلطة وهو رد اتخذه كخيار نهائي لحل أزمته . هذه الأحداث التي وان كانت مرفوضة من قوى التجمع عامة،إلا أن هذا الرفض لم يعلن ، في حين تمت إدانة النظام وعنفه . إن عدم إدانة العنف والإرهاب الذي مارسته بعض الجماعات المتشددة بشكل واضح وصريح ، هو الذي قاد مع جملة أسباب أخرى إلى المحنة التي عاشها الحزب منذ عام 1980 وحتى عام 2000 . إن السلطة التي انقادت إلى الحل الأمني كطريق وحيدة لمعالجة مشاكل المجتمع وطرق التعبير عنها تتحمل المسؤولية الأكبر عن المحن والويلات التي عاناها المجتمع طيلة عقدين من الزمن .وتتحمل المعارضة الوطنية الديمقراطية جانبا من المسؤولية لكونها لم تعلن موقفا سياسيا واضحا ومنسجما مع شعار التغيير الوطني الديمقراطي والذي يعني بديهيا رفض العنف والإرهاب بكل أشكاله ومن أي مصدر جاء . علما – وهذا استنتاج خاص – لو أنه قيض للحزب بعض الوقت قبل أن تشن الحملة الأمنية عليه ، لو قيض له بعض هذا الوقت لكان اتخذ ذلك الموقف الصريح والواضح الذي تحدثنا عنه . ومن المؤسف –مع أن هذا الموقف بالغ الدلالة – أن الجهات الأمنية امتلكت من الوثائق ما يجعلها متأكدة من ذلك . لكن المسؤول الأول والذي قاد سوريا إلى ذلك الوضع هو أعمال الإرهاب والعنف التي مارستها التنظيمات الدينية المتطرفة.
إن دراسة نقدية شاملة ومفصلة لتجربة الحزب إبان النصف الأول من الثمانينيات ، سواء من خلال اجتماع موسع أو مؤتمر عام كان من شأنه كذلك أن يخفف من المعاناة التي عاشها الحزب حتى عام 2000 م .
ما الذي قدمه المؤتمر الخامس ؟
1- قدم نفسه من خلال بنية فكرية متقدمة بالقياس إلى عام1978 ، ماركسية ، منفتحة ومتحررة من الدوغما ئية التي كانت سائدة آنذاك .
2- أكد على استقلاليته المطلقة عن السوفييت .
3- قدم فهما عاما وخلاصة وموقفا وبوضوح من قضيتي فلسطين والوحدة العربية .
4- عالج الوضع الداخلي بإسهاب مقدما مطالب واضحة ولافتة.
أقر نظاما داخليا للحزب . أ كد من خلاله على إرادته في التجديد ومتمسكا في الوقت نفسه بتسمية الحزب الشيوعي السوري كدلالة على استمرارية الفكر والهوية من جهة ، وعلى تمسكه بجذوره وتاريخه من جهة أخرى .
-4-

أخيرا..... عرف المؤتمر كثيرا من الشد والجذب ، كان حيويا بشكل عام . لكنه عكس كثيرا من الآثار السلبية ومخلفات عبادة الفرد التي تركتها الأزمة الفكرية والتنظيمية والسياسية التي عاشها الحزب وأدت إلى انقساماته المتتالية على مدى عشر سنوات .
- دروس –
1- المبادرة والجرأة : كان لحس المبادرة والجرأة في طرح الأفكار والمواقف والنقد الذي والتي مارسها عدد من أعضاء الحزب وفي مقدمتهم رياض الترك قبل وأثناء المؤتمر الثالث للحزب أهمية كبرى وحاسمة من حيث أنها كشفت كل تلك العيوب والسلبيات والممارسات الخاطئة التي عرفها الحزب خلال تاريخه ، وبذلك مهدت الطريق للتحول بالحزب إلى حزب حاول أن يكون ديموقراطيا ويمارس الديمقراطية في عمله ومؤسساته ، وهو وان لم ينجح باستمرار إلا أنه رسخ هذا المفهوم نظريا على الأقل .
2- إن مراجعة تاريخ الحزب السياسي ومواقفه الفكرية والسياسية ونقدها بشجاعة وتحمل المسؤولية عنها أدى إلى إعادة الحزب إلى الحياة السياسية في البلاد من جهة ، والى اتساع قاعدته ومؤيديه ، وجعله في بؤرة الاهتمام لدى المهتمين بالسياسة والفكر عموما .
3- نجح الحزب في إزالة صفة العدمية القومية ( الكوسموبوليتية) عنه وليستطيع وبنجاح الملاءمة بين الأممية والنضال القومي الذي كان علامة من علامات تلك المرحلة .
4-عادت قضية فلسطين لتطرح بوصفها القضية المركزية للعرب . واستطاع بذلك أن يعيد الحزب إلى بيئته ويدخله في النسيج الفكري والسياسي للمجتمع .
5- نتيجة لرد الفعل التلقائي للمواطن العربي، والمدروس للنخب المثقفة ، علي هزيمة الخامس من حزيران ،ساهم مع غيره من القوى والفعاليات في إضفاء نوع من الايجابية على ذلك الانتشار الشعبي الذي حققه التيار الماركسي آنذاك .
6- قبيل وفي أعقاب المؤتمر الخامس قدم صورة جديدة – من حيث الشكل والمضمون _ للمعارضة السياسية في سوريا ، ومن أهم الأدوات التي استخدمها أسلوب التحالف والحوار مع القوى الأخرى والتي كان مثالها التجمع الوطني الديمقراطي . الأمر الذي سيؤسس ولو بعد ذلك بعقدين لمقولات جديدة من مثل المجتمع المدني وإعادة السياسة إلى المجتمع والمجتمع إلى دائرة السياسة .
بعد أحداث 1979 – 1980 ، والحملة العنيفة التي تعرض لها ، ومن خلال استمرار النظام بقمعه وملاحقته ،ونظرا لاعتقال قيادة الحزب وكل كوادره وحتى أعضائه ومناصريه ، عاش الحزب مرحلة من الضياع والتخبط ، حيث اكتفى من بقي من الحزب _ وكلهم ملاحقون _ اكتفوا بمحاولة الحفاظ على النفس وانتظار ما ستأتي به الأيام . على الرغم من أنهم حاولوا بين الفترة والأخرى أن يقوموا بفعل ما ، لكن قلة العدد والخبرة والزاد الفكري والسياسي والضغط المستمر من النظام حال دونهم ودون أن يستطيعوا إخراج الحزب من محنته ،الأمر الذي استمر إلى ما بعد الإفراج عن معتقلي الحزب .
جدير بالتسجيل هنا ، تلك الخلافات والنزاعات الهادئة حينا والحادة حينا آخر والتي عرفها أعضاء الحزب داخل السجون ن والتي شهدت ذروتها بعد السقوط المدوي للاتحاد السوفييتي السابق ، وبعد حرب الخليج 1991/ . هذه الخلافات التي كانت ضارة جدا ليس لمن هم داخل السجون فقط بل ولأولئك الذين في الخارج أيضا( داخل سوريا وخارجها ) ؛ ومثل هذه الخلافات عرفها أعضاء الحزب وقيادته خارج السجن ، ولما لم يستطيعوا حسم هذه الخلافات عن طريق المؤتمر العام الذي لم يجازفوا بعقده ، فإنها تراكمت مع جملة المشاكل الأخرى لتلد حالة اللاانسجام الفكري والسياسي التي نشهدها اليوم ، والتي عكسها مشروع الموضوعات وكذلك التعليقات عليها من هنا وهناك .
8 - إن حالة الإحباط واليأس / التي خلفها تحول العالم من حالة تعدد الأقطاب إلى حالة القطب الواحد المهيمن بعد سقوط المعسكر الاشتراكي / وفقدان الأمل والإيمان والثقة بالماركسية عموما كنظرية تعرفنا على الكون والعالم وتمدنا بالأدوات التي تساعدنا على معرفة الواقع وتغييره ، هذه الحالة التي لم يبذل مجهود ملموس لتجاوزها واتخاذها نقطة انطلاق لدراسة نقدية موضوعية للتجربة وللنظرية ، للفكر وللسياسة معا منذ ذلك الوقت ، هي التي أدت إلى ما نراه اليوم من نزوعات فكرية وسياسية متضاربة داخل الحزب وخارجه .
إن النتيجة التي يمكن أن نخرج بها من ذلك ، الخلاصة والدرس ، إنما تتلخص في أنه يجب عدم الاستعجال ،إن ترك الحوار الهادئ والعميق يصل إلى نهاياته ، من شأنه أن يقلل من حجم الخلافات ويساعد في الوصول إلى تقييم موحد وموقف فكري وسياسي موحدين وبالتالي صياغة جديدة وموحدة لقضايا الفكر والسياسة والتنظيم . لا أقول أن الخلافات والتباينات ستنتهي ، بل من البديهي والمنطقي أن يكون هناك تباينات ، ولكني أزعم أنه بذلك يمكن الوصول إلى حزب واحد وموحد تبايناته الفكرية والسياسية والتنظيمية ستكون محصورة ضمن الإطار الفكري والمعرفي الذي سيتبناه .
9- ضرورة التزام عضو الحزب مهما كانت صفته التراتبية بخط الحزب وموقفه السياسيين . إن الحادثة التي جرت عام1980 والتي تتلخص بحضور أحمد محفل اجتماعا أو مؤتمرا (التحالف الوطني) في بغداد وإلقائه كلمة فيه – ومع أن حضوره وتحدثه فيه لاقيا الاستنكار والإدانة من قواعد الحزب ومن الحزب رسميا عبر بيان للجنة المركزية ، إلا أن هذا الفعل كانت له استطالات تلته وأهمها اتخاذه من قبل النظام كذريعة وحجة لوصم الحزب بالتعامل مع دولة أخرى . ومما يلفت الانتباه ، تكرر هذا الحدث مرة أخرى عام 1989 في جنيف من خلال حضور الشخص نفسه لمؤتمر للتحالف نفسه مع مجموعات أخرى وتوقيعه على الوثيقة التي صدرت عنه ، ومرة أخرى تنصلت اللجنة المركزية من هذا الأمر واعتبرته تصرف شخصي . ومرة أخرى يحاول النظام تأكيد تحالف الحزب مع الإخوان المسلمين أو مع بعض فصائلهم وكذلك مع البعث العراقي ، مع أن واقع الحال لم يكن كذلك .
إن الوقوف عند هاتين الحادثتين ، يجعلنا نؤكد على أن الحزب أي حزب يجب أن ينص في نظامه الداخلي على رفض التكتل وعدم شرعنته تحت أية مسميات أو مبررات ، لأنه وفي الحال هذه سيقود - شاء الحزب أم أبى - إلى انقسامات سياسية وتنظيمية .
10- وكما قادت هزيمة حزيران إلى انتضاء سيف المراجعة والنقد ، فإننا اليوم وبعد كل المتغيرات الدولية ، وبعد كل الأحداث التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة ، وخاصة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ، مدعوون إلى انتضاء هذا السيف مرة أخرى متسلحين بالأدوات المعرفية والفكرية المناسبة والملائمة للمراجعة والنقد ، أقول للمراجعة والنقد ، أي بمعنى آخر إلى إعادة إنتاج مقولات ومفاهيم فكرية وسياسية متلائمة مع الواقع ومنبثقة منه وعنه بحيث تمثل مطالب وأهداف الكتلة الاجتماعية التاريخية التي نزعم أننا ننطق باسمها . إذن مرة أخرى أقول للمراجعة والنقد وليس للهدم والهدم وحده .
11- عند التحضير للمؤتمر الخامس استعان الحزب بالرفاق القدامى والذين تركوا الحزب لهذا السبب أو ذاك، وكذلك بأصدقاء وفعاليات فكرية وسياسية . لا نعرف اليوم بمن استعان الحزب في إعداده للموضوعات ولكن الملاحظ أن الحزب قد أهمل وتناسى وبشكل واضح ومقصود العديد من الرفاق الذين خرجوا من السجن ، لقد تجاهل الحزب بعضهم وعمل قاصدا أو عن غير قصد على اهمال واستبعاد قسم منهم . وهو حتى أثناء التحضير للموضوعات لم يعمل على الاستعانة بهم مع أن بعضهم على الأقل من ذوي الكفاءة والخبرة . لن ندخل في أسماء أو تفاصيل ولكن وبكل الأحوال من المفيد تخطي هذا الوضع والعمل على طي هذه الصفحة .
12 – هو ليس أحد الدروس المستفادة بقدر ما هو اقتراح :
من الممكن الانتظار شهرا آخر أو أكثر لعقد المؤتمر ريثما تشكل لجنة صياغة جديدة تعمل على اخراج مسودة نهائية لمشروع الموضوعات بالاعتماد على كل الآراء والمناقشات والأفكار التي طرحت حول مشروع الموضوعات ، ثم طرحها على منظمات الحزب لمناقشتها وإبداء الرأي بها . عند ذلك باعتقادي فان المؤتمر السادس سوف يستطيع تخطي الأوضاع الراهنة ، ويحقق النجاح المرجو له ، ويضع أسسا حقيقية وفعالة وناجعة نحو حزب من نوع جديد . أتمنى ألا يقف الحس الفردي أو التراكمات التاريخية عثرة أمام هذا التوجه ، والكلام موجه لكل المعنيين بالأمر في الحزب وخارجه .
في النهاية لا يسعني أن أقول إلا أن ما كتبته إنما يصدر عن حرص بالغ وتعلق شديد ورغبة مطلقة مجردة عن كل هوى أو عاطفة ، بمستقبل هذا الحزب ونجاح مؤتمره القادم .
اللاذقية أواخر نيسان 2004



#عادل_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار السوري وإعادة السياسة إلى المجتمع - 1
- حول حزب الاشتراكية الديمقراطية في ألمانيا و مؤتمره الأخير
- أربعة اتجاهات في السياسة الألمانية حول الحصار المفروض على شع ...


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عادل أحمد - الحزب الشيوعي السوري: محطات ودروس