أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عادل أحمد - سوريا كما نراها وكما نريدها















المزيد.....

سوريا كما نراها وكما نريدها


عادل أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1006 - 2004 / 11 / 3 - 09:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


سوريا المحكومة بهاجس الهيمنة والتقزيم الأمريكيين ، والشعب السوري المسكون بهاجس الخوف والسلبية واليأس. إلى أين يسيران ؟ السيرورة المتخيلة ، المآلات والمخارج....
يوم التاسع من نيسان ، يوم سقوط بغداد رسميا أمام جحافل التتار الجدد وجيوش هولاكو الأمريكي ، في ذلك اليوم الذي أعيد فيه وبكل ألوان الطيف منظر نهر دجلة الذي اسود من مداد آلاف الكتب والمخطوطات التي ألقاها المغول فيه. في ذلك اليوم ، لم تسفك دماء العراقيين فقط ، بل وحتى دماء الكتب والمخطوطات ، واستلت روح القطع الأثرية المسروقة، وسرقت ثروة العراق المادية والروحية ، في ذلك اليوم دق جرس الإنذار الرهيب بقوة وعنف محذرا سوريا قبل غيرها من دول الوطن العربي ، من الخطر القادم .
منذ ذلك اليوم ، والذي كان يفترض فيه أن يكون يوم ولادة جديدة لسوريا ، ومناسبة- لدى أهل النظام- لإعادة الحسابات ولملمة الجراح والبدء في بناء صرح وطني موحد عصي على الاختراق طالما افتقدته سوريا ، لملاقاة العدو التي أخذت قوائم خيوله ترفس الأبواب .
منذ ذلك اليوم ، وكل ما جرى يشبه ببساطة شديدة تلاوة البسملة وبعض الأدعية لشيخ عجوز يقلّب حبات سبحته الطويلة ذات ال 99 حبة ، وكلما انتهى عاد من جديد مبتهلا إلى الله أن يحقق أمانيه ويقيله العثرات والأخطار .
في الحقيقة ، لم تفعل سوريا شيئا أكثر من ذلك ، رغم كل المراسيم والقوانين الجديدة والمستحدثة والتي بلغت المئات ، ورغم التغييرات التي اقتصرت على بعض الشخصيات والمراكز هنا وهناك .... ففي كل مرة كانت تصدح إذاعة التطوير والتحديث أو الإصلاح ، كانت تستمر الترانيم والشعارات والخطب والتحركات ... وحين تنتهي حبات المسبحة تتوقف قليلا لتبدأ من جديد على نفس الوتيرة والنمط .
معلوم أنه مع تولي الرئيس السوري بشار الأسد مقاليد السلطة عام 2000 عاش الشعب السوري حلما ورديا كان أنصع تعبير عنه ما سمي في حينه " ربيع دمشق " ، ولكنه كان حلما ورديا ، سرابا ، تهومات عاشق لا أكثر ولا أقل .... فهو – الشعب السوري – متحررا نسبيا من من الخوف، عبر عن نفسه أو بدأ يعبر عن نفسه... لكن مصير ربيع دمشق الأسود ، ولأنه كما أسلفنا القول مسكون بهاجس الخوف والسلبية واليأس ، ارتد إلى ذاته ، وتقوقع على نفسه. ومع بداية كل دورة للسبحة الطويلة ، كان يتململ قليلا كما الجنين في رحم أمه ليعود فيسكن ويهدأ من جديد .
وسوريا الدولة أو النظام والتي انتقلت بسلاسة من عهد إلى عهد أو من مرحلة إلى مرحلة ، حاول بعض من فيها أن يعبر عن نفسه ويطلق بعض الآهات هنا وهناك ، إلا أن شيوخ الدولة ورهبانها والممسكين بزمام الأمور فيها قمعوا أو لنقل أسكتوا هذه التعبيرات ، وأوقفوا تلك التأوهات ، ولأن الجميع محكوم بهاجس الهيمنة الأمريكية والمسكون بعقدة الخوف من الاختراق ومن ثم التشظي لدى أي انفتاح ، عادوا جميعا باتفاق علني أو ضمني إلى ما كانوا عليه . وهكذا رأينا سوريا الدولة والنظام ، الشعب وقواه ، أي الموالاة والمعارضة ، رأيناهم جميعا يراوحون في المكان .
وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه ، فان مصير سوريا ومستقبلها بيد المجهول ! ولكن الأسود والمظلم بكل الأحوال ... لأن القوة الأمريكية والتي احتوت الأنظمة العربية كافة ، وبنت لها قواعد عسكرية وسياسية في أكثر من مكان في الوطن العربي ، لن يثنيها شيء عن الوصول إلى تحقيق أهدافها ومصالحها ... إعادة تقسيم المنطقة وتجزئتها ومن ثم لملمتها تحت يافطة الشرق الأوسط الكبير ، والذي يعني ببساطة شديدة :
- إكساب الشرعية لإسرائيل ومنحها دورا قياديا ورياديا في المنطقة .
- إنهاء قضية الشعب الفلسطيني بفرض حل سلمي وبالمعايير الصهيونية –الأمريكية .
- تأمين منابع النفط والحفاظ على تدفقه .
- إجهاض كل الأفكار والبرامج / السياسية – الفكرية – الاقتصادية / التي تكون أو يمكن أن تكون أو تساهم في تكوين مشروع النهضة الذي حلمت به شعوبنا طويلا .
لعل من أهم أدوات هذا المشروع الإمبريالي فرض التغيير أو التحول في دول المنطقة عموماعبر ( ديموقراطية الأنياب ، وتعددية الأقوام والأديان والمذاهب والملل والنحل، عبر لبرالية رأس المال المركز والاحتكاري ، وعولمة متوحشة للمجتمع أو المجتمعات وإلغاء خصوصياتها وثقافاتها وحتى تاريخها ، واستبدال الأنظمة والسلطات السياسية التي عفا عليها الزمن بأنظمة وسلطات ترتدي الزيّ الأمريكي وتتبنى مفاهيم السيد الأمريكي شكلا ومضمونا ، جهارا نهارا .
وفي حال قررت سوريا التصدي لهذا الغزو القادم ،وإعداد العدة لرد هذه الهجمة – ومع أنني على يقين من أن كل أبناء سوريا، كل شعبها ، داخل مؤسسة النظام وملحقاته ،داخل المعارضة بكل أطيافها ،المواطن السوري أينما وجد، فاهمون ومدركون لأهداف المشروع الأمريكي ,وأبعاده وأغراضه- فان المطلوب –وهذا ما يدركه أبناء شعبنا بوضوح أيضا – هو التخلي عن سياسة المكابرة والاستئثار بالسلطة ، والارتقاء بالحس الوطني إلى مداه الأقصى من قبل النظام والسلطة أولا وذلك بإعلان القرار السياسي المطلوب ، والذي فاتحته إلغاء الأحكام العرفية والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين . ومن المعارضة الاستمرار والتأكيد على تمسكها بالخيار الوطني الديموقراطي والسلمي , والضغط بكل ما تملك من قوى بهذا الاتجاه قولا وعملا، والانتقال بعد ذلك نحو مؤتمر للمصالحة الوطنية ، يقر برنامجا وطنيا عاما تتفق عليه كل قوى الطيف السياسي ، لينتقل الجميع للعمل معا لإنجاز التحول السياسي المطلوب حيث تكرس مفاهيم الحرية والمواطنة والديموقراطية والتعددية .
باعتقادي ، انه على الجميع أن يعمل ويضغط بهذا الاتجاه ، لكي يكتشف المواطن السوري نفسه من جديد ويستعيد حريته وإنسانيته وفاعليته . بعد ذلك ، وبعد ذلك فقط يصبح الحديث عن مكافحة الفساد والرشاوى والتسيب ونهب المال العام ذا جدوى على أرض الواقع .
بعد هذا فقط تصبح سوريا عصية على الخارج بما تؤمنه من متانة للحمتها الداخلية ، منيعة على الأعداء بقوة إنسانها وشعوره بأن سوريا ، الوطن ، هو لجميع السوريين بلا استثناء أو تمييز بسبب العرق أو الدين أو المعتقد .
هذا ، أو كما يقول المثل الشعبي : منه العوض وعليه العوض .

اللاذقية 2/11/2004 عادل أحمد



#عادل_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين رفض الخارج واستيعابه
- اعلان عن ولادة حزب جديد
- أرض الحجارة
- نظرة تاريخية مكثفةالى واقعنا الفكري
- بين - الوطنية - و - الخيانة -
- وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ...
- الديموقراطية هم العصر واهتمامه
- تمتمات العجز الأخرس
- أفق مسدود
- الحزب الشيوعي السوري: محطات ودروس
- اليسار السوري وإعادة السياسة إلى المجتمع - 1
- حول حزب الاشتراكية الديمقراطية في ألمانيا و مؤتمره الأخير
- أربعة اتجاهات في السياسة الألمانية حول الحصار المفروض على شع ...


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عادل أحمد - سوريا كما نراها وكما نريدها