|
ملاحظات حول الحركة المناهضة للعولمة
ثائر دوري
الحوار المتمدن-العدد: 1011 - 2004 / 11 / 8 - 05:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من المواقع الإلكترونية التي أحرص على متابعتها بشكل منتظم موقع كفاية (http://www.kefaya.org/who.htm ) و هو كما جاء في تعريفه موقع لمناهضي العولمة عربي – مصري : ((نحن مجموعة من النشطاء المصريين والعرب نمتهن مهن شتى: أطباء, وصحفيون, وخبراء فى تكنولوجيا المعلومات, وباحثون اجتماعيون, ومترجمون, وكتاب. وجميعنا ليسوا أعضاء فى أى حزب سياسي. نحن نؤمن بأن: "منظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والمؤسسات الأخرى التي تشجع العولمة واللبرلة، تريد منا أن نؤمن بالآثار المفيدة للتنافس الكوكبي؛ أما الاحتياجات الواسعة المدى التى ندافع عنها في نضالاتنا المختلفة لا يستجيبون لها إلا بطريقة واحدة: استمرار إخضاع الاحتياجات الإنسانية لحاجات السوق. فضلا عن أن؛ المنافسة فيما بين البلدان، والصناعات، والأقاليم، والمدن تثير الشعوب ضد بعضها البعض. لقد رأينا ما فيه الكفاية من هذه الفلسفة الهمجية ونقول "كفى"! فنحن مجبرون على تحمل النتائج، ونحن نرفض مبادئ التنافس والمزاحمة كحل للمشكلات بين البشر؛ عوضا عن أننا ندعم مبادئ التعاون المشترك والتضامن في إطار من الشرف والكرامة، كما ندافع عن المساواة، والعدل، والحرية". (من بيان المؤتمر الأول لشعوب الأرض - جنيف 2001) )) تتميز المقالات المترجمة و غير المترجمة المنشورة على هذا الموقع بأهميتها الشديدة فهي لنشطاء يتكلمون من موقع مناهضة النظام العالمي السائد و إن كانت جذرية هذه المناهضة مختلفة بين كاتب و آخر و بين مجموعة و أخرى . لكن ما لفت نظري هو أن هؤلاء النشطاء ، غالباً هم من الغرب، يتكلمون بوضوح شديد عن كل القضايا العالمية ( عبر مقالاتهم المترجمة ) لكن ما إن يصل الأمر إلى القضايا العربية و تحديداً إلى العراق حتى يصابون بالإرباك و تختلط الأمور عليهم ......... نلاحظ هذا الأمر عند كاتبة كبيرة كتبت مجموعة من المقالات الهامة عن العراق تحت الاحتلال و عن القرارات الاقتصادية التي اتخذها بريمر ، هي الكاتبة نعومي كلاين فقد تحدثت في سلسة مقالات نشرتها دورية العراقhttp://www.iraqpatrol.com/index.php و موقع كفاية عن النهب الذي تعرض له العراق على يد الاحتلال و عن بيع شركاته ومصانعه و تجهيز أرضه لغزو الشركات المعولمة . لكنها عندما بدأت تتحدث بالسياسة و قاربت ظاهرة مقتدى الصدر أضاعت السمت . افتتحت مقالتها بالتحدث عن مضايقات أفراد جيش المهدي لها بسبب لباسها . و هذا كاف بحد ذاته ليخلق انطباعاً سلبياً من جيش المهدي في نفس القاريء ، خاصة الغربي ، حيث تقوم بحركة ذكية بالمقارنة بين لا فتاتهم المحتجة على إغلاق صحيفة الحوزة و بين اعتراض جيش المهدي على لباسها . تقول في مقالتها (( المقاومة واليسار )) 1 ((عندما سمعت عن المظاهرة، أردت الذهاب إليها، ولكن كانت هناك مشكلة: إنني كنت قد قضيت طول اليوم في زيارة لمصانع الدولة، وإنني لم أكن ارتدي ملابس مناسبة للتواجد وسط حشود الشيعة المتدينين. كانت هذه، على ما اعتقد، لمرة أخرى مظاهرة من اجل الدفاع عن حرية الصحافة – هل يمكن حقا أن يعترضوا على وجود صحفية ترتدي بنطلون فضفاض؟ وضعت وشاحا على رأسي ومضيت في طريقي. كان المتظاهرون يرفعون لافتات مكتوب عليها بالإنجليزية، اتركوا الصحفيين يعملون دون إرهاب واتركوا الصحفيين يؤدون أعمالهم. وكان ذلك يبدو طيبا، كما اعتقدت، وبدأت أقوم بعملي. ولكن سرعان ما تمت مقاطعتي، رغم ذلك، من احد أعضاء جيش المهدي المتلفعين باللون الأسود: كان يريد الحديث مع مترجمتي عن اختياري لملابسي. ضحكت وصديقتي على أننا سوف نصنع لافتة احتجاج على طريقتنا الخاصة تقول، اتركوا الصحفيات يلبسن البنطلون. ولكن الأمر تطور بسرعة على نحو خطير: امسك جندي آخر من رجال جيش المهدي بخناق مترجمتي وأطاح بها على جدار من الاسمنت، مما سبب خدوشا وجروحا في ظهرها. في نفس الأثناء، اتصلت صديقة عراقية لتقول إنها محبوسة في المنطقة الخضراء ولا تستطيع المغادرة: لقد نسيت أن تأتي بوشاح للرأس وتخاف أن تخطو في المنطقة الخاضعة لحماية جيش المهدي)) و تستنج بسرعة من هذا الحادث البسيط أن : ((كان درسا مفيدا عما يكون الصدر فعلا: ليس محررا مناهضا للإمبريالية، كما صوره واحد من اليسار المتطرف، ولكنه شخص يريد إخراج الأجانب حتى يستطيع أن يقيد حصة كبيرة من السكان في العراق بالأغلال ويسيطر عليهم بنفسه )) لكنها لا تغالي في هذه النقطة إذ سرعان ما تعدل مسارها قليلاً فتقول : ((إلا أن الصدر ما زال يستحق أن ينال الحق في نشر صحيفته السياسية – ليس لأنه يؤمن بالحرية ولكن لان من المفترض أننا نؤمن بذلك. وعلى نفس المنوال، نداءات الصدر من اجل انتخابات عادلة ووضع نهاية للاحتلال تدعو إلى نفس الدعم الغير مشروط من جانبنا – ليس بسبب إننا لا نرى التهديد الذي سوف يكونه إذا ما انتخب فعلا ولكن بسبب إيماننا أن حق تقرير المصير يعني الإقرار بأن نتيجة الديموقراطية ليست ملكية لنا لنتحكم فيها)) و تتابع : ((ليس هناك مجال للتساؤل حول أن العراقيين يواجهون تهديدا مهيمنا من التطرف الديني، ولكن قوات الولايات المتحدة الأمريكية لن تحمي المرأة العراقية ولا الأقليات من هذا التهديد بأي قدر أكثر من القدر الذي وفروا فيه الحماية للعراقيين من التعذيب الذي وقع عليهم في أبو غريب أو من القصف الذي تعرض المدنيين العراقيين له في الفلوجة ومدينة الصدر. التحرير لن يكون تأثيرا جانبيا لهذا الغزو لأن الهيمنة، وليس التحرير، كان دائما هدفا لهذا الاحتلال. وحتى في أفضل السيناريوهات، الاختيار الحالي في العراق ليس اختيارا بين التطرف الأصولي الخطير للصدر وبين حكومة ديموقراطية علمانية تتكون من نقابيين وأعضاء في الحركات النسوية. انه اختيار بين انتخابات حرة – والتي تعني المخاطرة بتسليم السلطة إلى الأصوليين ولكنها سوف تسمح أيضا بتنظيم القوى العلمانية والدينية المعتدلة – وبين انتخابات مصطنعة مرتبة مسبقا لتترك البلاد في أيدي إياد علاوي وباقي عصابته التي تلقت تدريبها على أيدي الـ CIA وأجهزة المخابرات، والمعتمدة بالكامل على واشنطن من اجل الأموال والسطوة)) إلى هنا و الكلام مقبول من إنسانة أمريكية تتكلم من ضمن نمط ثقافي مغاير لا يحمل فهما عميقاً لشؤون منطقتنا و لا لثقافتها و هذا يوقعها و غيرها من الكتاب بإرباكات كثيفة أوضح ما يعبر عنها أنهم يرون العدوان الإمبريالي على يوغسلافيا بكل تفاصيله و لا يخطئون بتشخيصه رغم انه مموه بكثافة بصراعات عرقية (صرب – ألبان –كروات –مقدون ....الخ ) و بصراعات دينية ( اسلام - مسيحية او كاثوليك – ارثوذوكس ) لأنه ضمن نمط ثقافي شبيه بثقافتهم و بالتالي يسهل عليهم فهمه . أما عندما يتعلق الأمر بقضايانا فتراهم يتوهون و تهرب المسائل الأساسية من بين أيديهم . رغم أن قضايانا في فلسطين و العراق غير مموهة و الصراع واضح حيث تصطف خنادق المقاومين قبالة خنادق الإمبرياليين و الإباديين دون أي تمويه عرقي أو ديني أو طائفي . وربما لم تكن معركة عبر التاريخ واضحة وضوح معركتي فلسطين و العراق ومع هذا يضلون الطريق .....!!، هذا إذا افترضنا حسن النية ، و أنا أجزم به لهذه الكاتبة رغم أني لا أعرف عنها الكثير لكن ما قرأته لها يجعلني أفترض أنها معادية بصدق للعدوانية الأمريكية . والطامة الكبرى في من هم على يمينها داخل الحركة المناهضة للعولمة فالكاتبة تخبرنا أنها تعرضت لاتهامات : ((اتهمت بأنني اصنع "أعذارا للثيوقراطيين وأعداء المرأة" بواسطة نيك كوهن في صحيفة لندن اوبزرفر، وبأنني "سقطت في هوى مليشيا المهدي بسذاجة" بواسطة فرانك سمايث في موقع ’السياسة الخارجية في بؤرة الضوء‘ وإنني "اشتراكية أنثوية تمنح دعما تحت تأثير النشوة للفاشيست الثيوقراطيين" من قبل كريستوفر هيتشنز في موقع سليت (Slate).)) نأتي لحكاية هؤلاء الذين يدعون انهم مناهضون للعولمة و نكتشف أنهم أسوأ من أي امبريالي و كانت المقالة المنشورة لأحدهم فرانك سمايث المنشورة على نفس الموقع بعنوان (( من هم التقدميون في العراق؟)) 2 محرضا أساسياً لكتابة هذا المقال . فقد شعرت بحنق شديد و أنا أقرأ لهذا الكاتب و هو يتحدث عن الوضع السياسي في العراق . يفتتح الكاتب مقالته بالقول: (( في هذا الشهر جرى احد الأحداث في بغداد دون أن يلحظه احد، لم يسقط فقط من اهتمام وسائل الإعلام السائدة ولكن أيضا لم يلفت انتباه الصحافة "البديلة"، رغم أن الحدث يدل حتى على أن سيطرة الولايات المتحدة على المستقبل السياسي للعراق قد أخذت في الأفول. في أغسطس، ساند البيت الأبيض عملية إنشاء مجلسا وطنيا في العراق يتكون من 100 عراقي يشكلون مجموعات قبائلية، وإثنية، ودينية متنوعة في محاولة لبسط النفوذ على تشكيل هيئة إشراف انتخابية. إلا انه في هذا الشهر، برز للوجود من خلال الاقتراع، حزبان سياسيان واسعا النفوذ، كل منهما تنظر إليه واشنطن بريبة..)) نكتشف أنه يتحدث بكثير من الإيجابية عن ما يسمى بالمجلس الوطني المعين من قبل قوات الاحتلال ، و يسهب في وصف عملية اقتراع نواب لرئيس المجلس التي فاز بها أربعة أحدهم ممثل عن الحزب الشيوعي العراقي ( حميد مجيد ) و الثاني عن حزب الوفاق الوطني ( حزب علاوي ) . و الثالث عن الحزب الإسلامي ( أهالي الفلوجة يطلقون عليه الحزب السينمائي تهكماً ) ، و الرابع عن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية. ثم يستنتج ( طبعاً لا يوجد عاقل يقره على استنتاج هذا ) أن واشنطن غير راضية عن هذه النتائج . يقول : ((تحت أي حساب، الحصول على حليف واحد من أربعة مقاعد في هذه الهيئة الإشرافية والتي تمتلك كل هذه الأهمية المحتملة هو أمر لا يبشر بخير وفير لإدارة بوش )) ثم نكتشف من كل هذه المقدمات أنه يعتبر اليسار (( حزب حميد مجيد )) معاد للإمبريالية و أن علينا التعويل عليه و يطلق أحكاماً قطعية تفضح بنيته الفكرية فبعد أن يتحدث عن تجاوزات القوات الأمريكية اليومية . يقول : (( ..... ومع ذلك، كل الجماعات المنظمة في داخل المقاومة العراقية هي قوى رجعية من هذا النوع أو ذاك. المقاومة حول وبين المدن العراقية في الفلوجة، وتكريت، وبغداد فيما يسمى "المثلث السني" يقودها بعثيون سابقون يطمحون لعودة الديكتاتورية القائمة على حكم الأقلية القديمة للسلطة.)) ثم ينصب نفسه ناطقاً باسم الشعب العراقي و يعلن : ((فلا المقاومة العراقية التي يهلل لها الكثير من اليسار الأمريكي ولا الأحزاب التي تحكم ويرفعها اليمين الأمريكي إلى مصاف الأبطال يبدو أنهما يعكسان وجهات نظر وطموحات اغلب الشعب العراقي، الذي يبدو أن أمله هو نهوض جماعات مستقلة عن كلا من فترة حكم صدام وعن الديكتاتورية المتزايدة لحكومة علاوي. الاحتمالات تتضمن الجماعات الشيعية المعتدلة والجماعات العلمانية اليسارية، الذين من خلال قيادتهم يأمل معظم العراقيين في إيجاد سبيل لتمكين أنفسهم لأول مرة في تاريخهم. )) إذاً يعقد الكاتب أمله على الجماعات الشيعية المعتدلة ( عبد العزيز الحكيم ) ، أي المجلس الأعلى لأنه خلال المقالة يشن هجوماً على مقتدى الصدر و على نعومي كلاين لأنها تكلمت باعتدال عنه كما ذكرنا سابقا . فهو يقول : ((في نفس الأثناء، آخرين مثل نعومي كلاين في مجلة الأمة يبدو أنها تسلم بسذاجة لميليشيا جيش المهدي التي حاربت قوات المارينز الأمريكية مؤخرا في النجف. ميليشيا المهدي هي جماعة معارضة شيعية منظمة بشكل فضفاض يقودها مقتدى الصدر. مقتدى الصدر هو شاب ورث دوره من بعد أبوه واثنين من إخوته قتلهم صدام. مفتقدا لكلا من الخبرة أو التدريب على أيدي الشيوخ المحنكين، يحاول الصدر أن يسحب مؤيديه من بين جماهير رجال الدين الشيعة الأكثر مهابة عن طريق الترويج لفرض أكثر المعتقدات أصولية في الإسلام الشيعي بالقوة، بما فيها القمع الصريح للمثليين جنسيا والنساء)) لاحظ القمع الصريح للمثليين جنسياً (( بدون تعليق )) ............ يخلص الكاتب أن الشعب العراقي يعلق أمله على الشيوعيين (( حميد مجيد )) و على المجلس الأعلى . و كل ما عدا ذلك هو نكوص إلى الوراء المظلم ، حسب رأي الكاتب . و عبر المقالة نكتشف جهل الكاتب الفظيع بالوضع العراقي و مع ذلك ينصب نفسه منظراً . مثلا يقول : ((تحالفت إدارة بوش بدلا من ذلك مع جماعة تناصر الملكية السابقة يقودهم احمد جلبي )) و لا حاجة للشرح أن هذه الخطيئة تنم عن جهل مريع و هي كافية لتشوه سمعة كاتبها ، الذي نصب نفسه محللا و مقرراً في الشؤون العراقية . فمن الأمور البديهية التي يعرفها أي متابع لنشرة أخبار و لو لمرة في الشهر أن أحمد الجلبي ليس من مناصري عودة الملكية المرتبطين بالأسرة الهاشمية في الأردن . بل إن أنصار عودة الملكية يشكلون حركة مستقلة يقودها الشريف علي و قصة العداوة المتبادلة بين أحمد الجلبي والنظام الأردني أشهر من أن أعيد روايتها هنا . و خلاصة الأمر تحفل المقالة رؤية استشراقية غربية تصل إلى حد تشبيه السنة بالأقلية البيضاء الحاكمة في جنوب افريقية . يقول : (( حزب البعث العربي القومي كان معاديا لكلا من الشيوعية والإسلاميين وقد مجد بلا خجل التفوق العرقي القومي. في العراق، أسس حزب البعث في ظل حكم صدام حسين حكومة تقوم على أساس حكم الأقلية. طائفة عرقية عربية من مذهب الإسلام السني السائد سيطرت طويلا على حزب البعث، حتى رغم أن العرب السنة اليوم يشكلون على الأكثر 17% من السكان في العراق، وهو ما يربو قليلا على نسبة البيض في جنوب أفريقيا في نفس الوقت، عدد الطائفة العربية العرق من المسلمين الشيعة يقترب من عدد السود في جنوب أفريقيا.........)) تفيض من المقالة سخافات الإستشراق و التيارات الأكثر عنصرية في الغرب بحديثه عن اثنيات و عشائر و طوائف متصارعة تملأ فضاء العراق ........... بعد أن قرأت كل هذا الهراء و الكلام الفارغ شعرت بغضب شديد ، لا لوجود غربي يتحدث به فكثر من يتحدثون هذا الحديث في الغرب . لكن مرد غضبي أن كاتب المقال يقدم نفسه كمناضل في صفوف الحركة المناهضة للعولمة . و هي الحركة التي يفترض أنها تبحث عن بديل للنظام العالمي القائم . لكن سبب غضبي الأكبر هو قيام مجموعة عربية مناهضة للعولمة بترجمة هذه المقالة ووضعها على موقعها و هذا يعني تبني المجموعة ، إن لم يكن لكامل محتواها فلبعضه على الأقل ....... وجهت رسالة احتجاج شديدة اللهجة لمترجم هذه المقالة السيد أحمد زكي . امتص السيد احمد غضبي و رد مشكوراً على رسالتي موضحاً أنه لا يتبنى ما جاء بالمقالة . لكنه ترجمها كي يطلع القاريء العربي على بعض ما يدور في الحركة المناهضة من نقاشات . قال : (( هناك جدل بل نستطيع أن نقول معركة بين رموز من الحركة الاجتماعية التقدمية في أمريكا والتي هي احد أطياف ما تسميه أنت الحركة المناهضة للعولمة بسبب مواقف نقدية من تيارات قومية ويسارية ودينية هنا في منطقتنا تقف ضد الاحتلال في العراق وأيضا فلسطين . أنت لا توافق على موقف أي من الطرفين ولك كل الحق في أن تتبنى ذلك ولكن ما لا يمكن أن يتفق معك احد فيه هو أن تحجب هذه الانتقادات أو تتجاهلها بل الطبيعي أن تسمع النقد وان ترد عليه خاصة أنهم كلهم ليسوا مع الاحتلال الأمريكي ولا المشروع الرأسمالي للعولمة.........)) إن وجهة نظري تتلخص أنه كان يتوجب على الموقع أن يشير إلى هذه النقاشات و أن يشرك الجمهور بها ، و أن يقول المترجم كلمته في الأخطاء الفظيعة التي وقع بها الكاتب . فالموقع لا يفترض به أن يكون مجرد ناقل بل عليه أن يوسع النقاش حول الحركة المناهضة للعولمة التي يصفها البعض بأنها برج بابل من كثرة اختلاط الألسنة و الإيديولوجيات داخلها فقد بات واضحاً أنها تضم خليطا غير متجانس البتة و هذا ما سنوضحه لاحقاً . أهمية الحركة المناهضة للعولمة غربياً : بحكم أن العالم صار مترابطا بشدة و لأن أغلب شعوب العالم تعاني من النظام العالمي الحاكم للكرة الأرضية منذ أكثر من خمسة قرون . فالشعوب ، و خاصة شريحة المنتجين ، تنحدر شروط حياتهم يوماً بعد يوم . حتى في المراكز الرأسمالية المهيمنة على العالم و المستفيدة من نهب خيراته تتفاقم مشاكل البطالة و تتراجع أجور العمل المنتج و يتراجع استقرار العمل و ضماناته و يصبح العمال عرضة للطرد و التسريح بدون أية ضمانات من اجل تسهيل الشروط التنافسية للشركات العملاقة العابرة للحدود . يحدث هذا في العالم المتقدم الصناعي المسيطر على الكرة الأرضية فتخيل حال العالم الثالث ، الذي يعيش ظروف فظيعة من الفقر حيث تفتك الأمراض بشعوبه و لا تتوفر لشرائح واسعة منها حتى مياه الشرب النظيفة فما بالك بالعمل الثابت و التعليم . لقد وصل الأمر ببعض دوله إلى حافة المجاعة و المجاعة ........ كما تتصاعد وفيات الأطفال لتصل إلى أرقام مرعبة و كأن قنبلة نووية تنفجر كل عدة أيام ، كما شبه كاسترو تصاعد وفيات الأطفال في العالم الثالث . و يضاف إلى ذلك تصاعد النزعة الحربية للإمبريالية فصارت تستخدم القوة العسكرية للسلب و النهب كما حدث في يوغسلافيا و يحدث في العراق . و صار وجه المهيمنين على النظام الكوني يسفر عن عقيدة إبادية نرى تطبيقاتها واضحة في فلسطين و العراق . و منذ منتصف الثمانينات و بداية التسعينات من القرن الماضي برز البعد الإيكولوجي في النضال السياسي . فنمط الحضارة الغربي ، الذي ينتج و يستهلك أكثر مما تحتمل موارد الأرض . أنتج ظواهر بيئية خطيرة ، كظاهرة التسخين الحراري و ثقب الأوزون و تدمير الغابات المطيرة في الأمازون و هي التي تمد كوكب الأرض بالأكسجين . و بات واضحا أن أي حل لهذه المشاكل لا يتم سوى على نطاق كوني عقد النظام المهيمن على العالم عدة قمم أشهرها قمة الأرض في الريو ( البرازيل ) عام 1992 و تم عرض المشاكل بشكل واضح لا لبث فيه . و اتفق جميع المشاركين على تشخيص المرض البيئي بوضوح كما أقر جميع المشاركين بخطورته على استمرار الحياة على سطح الأرض . لكن عند طرح الحلول برز الخلاف لأن الولايات المتحدة و شريكاتها الغربيات لسن مستعدات للتخلي عن طريقتهن في الحياة . و بالتالي تصاعد تدهور كوكب الأرض من الناحية البيئية و شاهدنا الظواهر المتطرفة للمناخ من أعاصير إلى سيول جارفة إلى جفاف قاتل . و تبين بوضوح عبث البحث عن حلول لمشاكل الأرض من داخل النظام القائم . لأن أي حل سيصطدم بفلسفة النظام و طريقة الحياة الفردية الاستهلاكية التي يمجدها . كما يتطلب العلاج إنتاجاً عقلانياً و قطعاً مع عقيدة الاستهلاك............... و بالتزامن مع تصاعد إدراك كونية المشاكل بدأت تظهر الحركات المناهضة للعولمة في الغرب . و طرحت نفسها كلاعب يعتد به عندما استطاعت أن تعطل اجتماع منظمة التجارة العالمية عام 1999 ثم ما تلا ذلك من سقوط أول شهيد مناهض للعولمة في جنوا الإيطالية عام 2001 . لتطرح نفسها كلاعب كوني أساسي عبر المظاهرات المليونية المناهضة للعدوان على العراق و التي جابت مدن الكرة الأرضية ..... الفكر المناهض للعولمة عربياً : بطريقة التشرب ، أو حسب نظرية الأواني المستطرقة انتقلت الحركات المناهضة للعولمة إلى وطننا العربي . و أنا هنا لا أعترض على انتقالها ، بل على العكس، إن ذلك يشكل ظاهرة صحية لأن أمة كبيرة و من أقدم أمم الأرض ، كأمتنا العربية ، لها مساهمات ضخمة في الحضارة البشرية و تحتل موقعاً هو الأهم في العالم و تمتلك ثروات هائلة بشرية و مادية لا تختصر بالنفط فقط يتوجب عليها أن تشارك في المجهود البشري الباحث عن خلاص البشرية من ربقة الاحتكارات ، والهادف لإنقاذ الحياة التي باتت مهددة بهذا النظام الاستهلاكي المتوحش . لا سيما أن أمتنا أول و أكبر ضحايا هذا النظام منذ نشأته على أنقاض حضارتنا انطلاقاً من الأندلس إلى جنوب شرق آسيا و ما بينهما من فلسطين و العراق و حملات الاستعمار التقليدي و الإقتصادي و النهب المبرمج و مشاريع الاستيطان و الإبادة . إن ما يثير حزننا هو انتقال هذا الفكر بطريقة الأواني المستطرقة ، التي هي ظاهرة فيزيائية بحتة ، حيث ترتفع المياه فيها بشكل منفعل و بدون صرف طاقة أو أي جهد إلى شبكة من الأنابيب الثانوية المرتبطة بالخزان الرئيسي و إلى نفس مستوى المياه في ذلك الخزان . و بالتالي تبقى الشبكات الثانوية منفعلة تنخفض المياه داخلها عندما تنخفض في الخزان الأساسي و ترتفع و قد تفيض عن حاجتها إذا ارتفعت المياه في المصدر الأساسي و بالتالي لا تقوم الشبكات الثانوية بأي تنظيم فلا فلاتر و لا تحكم بمستوى الماء حسب الحاجة فقد تفيض في وقت لا نحتاج إلى الماء و قد تنحسر في وقت الجفاف .......!! لقد لعب الغرب دور الخزان الأساسي للأفكار طيلة القرن العشرين و لعبت نخبنا تلعب دور الشبكات الثانوية . فارتفعت الأفكار أو انخفض منسوبها في عقول نخبنا تبعاً لمد الأفكار و جذرها في الغرب دون توفر مراشح لتنقية الأفكار و دون الأخذ بعين الاعتبار حاجة المجتمعات لكل نوع من هذه الأفكار ، كما ذكرنا . و هذا يعني غياب الفكر النقدي و الدراسة المعمقة لتاريخية هذه الحركة و البرامج التي تطرحها و أين يمكن أن يكون لنا كأمة موقع فيها . و خلال سنوات تكونت لدي عدة ملاحظات من خلال ما قرأت و تابعت . أول هذه الملاحظات أن جانب كبير من هذه الحركة مهمته الإصلاح داخل النظام الرأسمالي و عدائه هو مع الطبعة الجديدة من الرأسمالية ( النيوليبرالية ) . فهو لا يطرح حلولاً جذرية لمشاكل العالم مثل الاستعمار و النهب الغربي . بل يعتبر السيطرة الغربية على العالم من البديهيات التي لا تقارب ثم يبحث عن حل داخل الوضع القائم ( وضع النهب و السيطرة الغربية على العالم ) فتصبح طروحاته من نوع الوعظ الأخلاقي داخل الغرب و لعل خير مثال كتاب قرأته منذ سنوات اسمه الكذبات العشر للعولمة ( للكاتبين جيرالد بوكسبرغر – هارالد كليمنتا ) 9 . فبعد أن يشخصا أزمات العولمة و تأثيراتها السلبية على المجتمعات الأوربية و بشكل أكثر تحديدا على المجتمع الألماني نراهما يقترحان حلولا مثل ضريبة توبين على المضاربات المالية . و مكافحة انتقال الشركات الألمانية إلى الخارج بحثاً عن العمالة الرخيصة عبر زيادة إنتاجية العامل الألماني لتعويض أجره المرتفع ، و يقترحان ، أيضاً ، كحل لمشكلة البطالة تخفيض عدد ساعات العمل و تشجيع العمال على أخذ إجازات طويلة مدفوعة الأجر نسبيا في أي وقت من العام ، و تحريض الناس على الاستفادة من أوقات فراغهم و ذلك لخلق فرص عمل جديدة . متجاهلاً حقيقة أن الرأسمالية بطبيعتها تنافسية و أن التخلي عن التنافسية يساوي تبديل النظام الرأسمالي . و حتى في حال حدوث هذا الأمر ، و هذا محال ، فالكاتبان يحلان مشكلة عدد بسيط من الناس ، هم الألمان بالدرجة الأولى ، أما باقي البشرية التي يعاني أغلبها من النهب و الجوع و المرض و القبضة العسكرية الغربية فهما لا يفكران بها على الإطلاق . و ينطبق نفس الأمر على أحزاب الخضر و حماة البيئة الذين يوجهون احتجاجاتهم ضد المفاعلات النووية و يتظاهرون ضد سفينة محملة بالنفايات.......الخ . لكنهم ينسون أنهم يعيشون في ظل نظام رأسمالي لا يمكن الحديث عن أي حفاظ على البيئة دون الحديث عن تبديله . فهو بنمط استهلاكه الكثيف و حاجته إلى التوسع إلى ما لا نهاية ، توسعاً للإنتاج و للأسواق ، يخلق عادات استهلاكية غير عقلانية ، و يرسخ سلوكيات تساهم في الدمار المتسارع لكوكب الأرض . ... ثاني هذه الملاحظات أني لاحظت أن أغلب النتاجات الفكرية النظرية المناهضة للعولمة ملوثة بتقاليد المركزية الأوربية ، التي لوثت أغلب الحركات السياسية و الفكرية بما فيها الماركسية الأكثر راديكالية بين كل الأفكار التي شهدتها أوربا منذ نهاية القرن التاسع عشر و حتى اليوم . فأغلب كتابات مناهضي العولمة الغربيين لا ترى سوى بعين واحدة . فهي تقول العالم و تقصد الغرب ، و يغيب عن ذهنها الكتلة البشرية الهائلة الموجودة في العالم الثالث ، و التي باتت تشكل أكثرية العالم و هي الأكثر تضرراً من العولمة المتوحشة و لا يصح الحديث عن أية معاداة للعولمة المتوحشة دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح هذه الكتلة . لكن رموز الحركة المناهضة للعولمة ، و أغلبهم من الغرب بحكم نشأة الحركة ، ما زالوا للأسف لا يرون سوى بعين واحدة فهم يدافعون عن المزارع الأوربي و يطالبون بحماية له و بدعم منتجاته . لكنهم لا يرون بلداناً كاملة تتعرض للإفلاس و التدمير في سياق زحف الاقتصاد النيوليبرالي المعولم بشركاته و جيوشه الجرارة . أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فهذا موضوع ذو شجون فرغم أنها ، أي القضية الفلسطينية ، حازت على اعتراف بعدالة جزئية لقضيتها في الضمير الغربي بفضل النضالات و التضحيات الهائلة التي قام بها الشعب الفلسطيني على مدى نصف قرن يضاف إلى ذلك الجرائم الصهيونية التي فاقت كل خيال حتى صارت كالشمس لا يمكن حجبها بغربال . أقول حازت اعترافاً جزئياً فقط ، لأنه ليس من الثورية بشيء أن تطالب الحركات المناهضة للعولمة بحل يقوم على إنشاء دولتين ، فلسطينية و إسرائيلية فهذا أمر يطالب به الإتحاد الأوربي و توني بلير و حتى بوش وردت على لسانه عبارة الدولة الفلسطينية . يقول الكاتب هشام البستاني في مقالة بعنوان ((مناهضي العولمة- العرب في اجتماعات مومباي: ممولين أجنبيا وأصدقاء للإسرائيليين )) 3:
(( وقد سيطرت المنظمات العربية الممولة أجنبيا على الساحة في المنتدى الاجتماعي العالمي في ظل غياب كامل للمنظمات العربية الشعبية ذات الطابع السياسي، وتحولت القضية العربية إلى قضايا أقليات وحقوق عمال وحماية دولية للفلسطنيين في "اسرائيل" في حين حملت الندوة الرئيسية التي نظمت حول الوضع في المنطقة عنوان: "احتلال العراق والمشكلة في فلسطين وأفغانستان"!! ويتحدث العنوان هنا عن نفسه حين يطرح الوضع في فلسطين وأفغانستان ك"مشكلة" (Problem)، ولا احتلال ولا ما يحزنون. والملفت في هذه االندوة إن المتحدث عن افغانستان مثلا تحدث طويلا عن معاناة الشعب الافغاني وضرورة ان يدعم المجتمعون حكومته (المعينة امريكيا) لتستطيع تحسين أوضاع الناس هناك! بينما تحدث الأمريكي ريتشارد فالك عن احتلال أفغانستان ونظام الدمى الذي أقامته الولايات المتحدة هناك في مشهد سوريالي ساخر كالعادة يعرض امميين يتحدثون عن قضايا الشعوب بجذرية، فيما يكون خطاب أصحاب القضية اقل من الحدود الدنيا لخطاب قامعيهم!!)) و يتابع في مكان آخر قائلاً : (( في حين كانت المنظمات غير الحكومية الفلسطينية هي المبادرة إلى ندوات تحمل عناوين من شاكلة "العراق وفلسطين، والمنطقة بعد الحرب: خيارات المستقبل السلمي الديمقراطي والمخاطر المحتملة"، بتنظيم من "مواطن- المعهد الفلسطيني لدراسات الديمقراطية" بالتعاون مع منظمة هينريش بول الألمانية، وكأن الأمور محسومة و"الحرب" انتهت والوضع المزري في العراق وفلسطين حاليا هو الثابت الموجود الذي يجب أن نطور عليه مستقبلنا السلمي الديمقراطي ونقيه من المخاطر المحتملة. وما كان من احد المحاضرين المكلفين بإلقاء مداخلة سوى أن نوه إلى "غرابة" العنوان المطروح في خضم صراع يخوضه الفلسطينيون والعراقيون يوميا، وفي خضم حرب لم تضع أوزارها بعد. وقد عقب كاتب هذه السطور على هذا الكلام بعد ذلك بالقول بان العنوان ليس غريبا فحسب، بل هو مشبوه تماما فيما يتعلق برغبته طرح بدائل تستند على الاحتلال الحالي لفلسطين والعراق كواقع ابدي لا انزياح عنه، وهي مقاربة تتفوق على أطروحة فوكوياما حول "نهاية التاريخ"، حيث انتظر فوكوياما إلى أن أصبحت الرأسمالية قوة وحيدة في العالم ليطرح شعاره، فيما لم ينتظر جماعة "مواطن" و"هينريش بول" استتباب الأمر للصهاينة وأمريكا في المنطقة بل أعلنوا نهاية التاريخ هنا قبل ذلك!! )) و في مكان ثالث يصف بعض ما جرى هناك: ((أولا: قيادة "الاسرائيلي" مايكل وارشاوسكي لمظاهرة فلسطين في المنتدى الاجتماعي العالمي رغم اعتراض الاردنيين والمصريين والسوريين الشديدة لهذه المسألة، بل تطور الامور الى حد انسحاب كاتب هذه السطور من المظاهرة احتجاجا على هذا التطبيع المباشر، حيث قام الكاتب بالتحدث مع منظمي المظاهرة من المنظمات غير الحكومية الفلسطينية الذين لم يعبئوا بالاحتجاجات واحتضنوا الاسرائيلي فعليا كواحد منهم.
ثانيا: مشاركة العراقي عبد الامير الركابي من "التحالف الوطني العراقي الديمقراطي" في مؤتمر "احتلال العراق ومشكلة فلسطين وافغانستان" الى جانب الاسرائيلي مايكل وارشاوسكي. وقد اعلمنا اصدقاؤنا الاوروبيين أن هذه ليست هي المرة الاولى التي يجلس فيها الركابي مع اسرائيليين على طاولة واحدة، حيث قام بذلك في "المنتدى الاجتماعي الأوروبي" المنعقد السنة الماضية. )) قبل عدة أشهر عندما قرأت رواية هشام البستاني لما حدث في بومباي (( أو مومباي حسب الاسم المهندك ( على نمط معرب ) )) قمت بتحويل المقالة إلى أحد ناشطي مناهضة العولمة السوريين الذي يصدر نشرة شهرية تكلم في أحد أعدادها بإسهاب عن نشاطاته و نشاطات المنتدى العالمي بحكم أنه كان مشاركا في مومباي لكنه لم يشر لا من قريب و لا من بعيد إلى الأمور التي يذكرها السيد هشام . و قد كان إرسالي المقالة إلى بريده الإلكتروني نوعاً من طلب التوضيح المؤدب لكنه لم يجبني بشيء بل فضل الصمت . أما السيد علاء اللامي الذي انبرى يدافع عن عبد الأمير الركابي رداً على هشام البستاني فقد زاد الطين بلة إذ اتهم كل من انتقد ما جرى في مومباي بأنه صدامي ( نسبة إلى صدام ) . يقول 4 : ((بمناسبة عودة مجموعة منبوذة في صفوف الحركة المناهضة للعولمة ، تلك المجموعة التي يقودها "جورج غالوي "وفادي ماضي إلى توجيه الاتهامات الباطلة والافتراءات الهستيرية للتيار الوطني الديموقراطي وبعض رموزه ، تلك الحملة التي يساهم فيها اليوم بعض الصداميين الذين يتبرقعون اليوم بأسماء المنظمات "الثورجية "البراقة وذات الرنين ننشر أدناه الرد الذي أرسله كاتب هذه السطور على تلك الاتهامات الباطلة كما طرحت لأول مرة من قبل هشام البستاني على صفحات مجلة "الآداب " البيروتية وقد نشر الرد في العدد الأخير من المجلة .)) ثم يوزع الاتهامات يميناً و شمالاً فجورج غالوي هو الصديق الحميم للطاغية و التحالف الوطني العراق (( عبد الجبار الكبيسي )) (( كان مقربا من نظام الطاغية صدام حسين)) ، ثم يدافع أن ميخائيل فارشوفسكي كاتب أممي يساري معاد للصهيونية مع احترامنا لكلام السيد علاء اللامي . نقول نحن لن نوجه اتهامات لأحد لكن روايته بحد ذاتها تشير إلى خلل بنيوي عميق لأن وجود شخص إسرائيلي ، مهما كان يساريا و مهما كانت درجة معاداته للصهيونية (( حقيقة أنا لا أعلم شيئا عن هذا الرجل )) . في قيادة تظاهرة تضامن مع الفلسطينيين و ترؤسه لندوة حول هذا الموضوع يشير إلى خلل عميق في تركيب هذه المنظمات و الحركات و يطرح أسئلة كبيرة و علامات استفهام حولها . نسأل السيد اللامي ألا يوجد مناضل فلسطيني أو عربي ملم بالقضية الفلسطينية و يعرف التحدث عنها بشكل أفضل من ميخائيل فارشوفسكي و بشكل أكثر جذرية !!و هذا يحيل إلى أمر آخر سنتحدث عنه فيما بعد ، و هو أن الجماعات المناهضة للعولمة الغربية هي من تختار ممثلينا و هي تحدد من سيدافع عن قضايانا و بالتالي فهي تريدنا على صورتها ، و تريد صوتنا صدى لصوتها . يقول هشام البستاني في معرض متابعته لما جرى في المنتدى الإجتماعي العالمي الذي عقد في مدينة بومباي الهندي عامة 2003 : ((أما الأشخاص الاخرون الذي يعمل الWSF على ابرازهم كممثلين لشعوبهم فهم: الاسرائيلي مايكل وارشاوسكي الذي شارك كمتحدث في المؤتمر العام حول العراق وفلسطين وافغانستان الى جانب الركابي، وشارك في "مائدة مستديرة" حول "النيولبرالية والحرب واهمية المنتدى الاجتماعي العالمي". كما تبرز الWSF الفلسطيني مصطفى البرغوثي كممثل ثالث (وهو من مجموعة "المبادرة" ويطرح مسألة التعايش والدولتين) حيث وضع اسمه كمشارك في الجلسة الافتتاحية، وقد علمت ان اسمه وضع في اللحظات الاخيرة بدلا من ياسر عبدربه عندما انتبهت احدى المنظمات النافذة الى ان هذا الاخير خيار مبالغ فيه لحركة يفترض انها تبحث عن بدائل! )) قيل قديماً أن الذهب هو من يكشف معدن الرجال . و أنا أقول اليوم إن الموقف من القضية الفلسطينية هو من يكشف معدن الحركات و التيارات السياسية و حتى الأفراد . كما يكشف مدى وعيهم و مدى ثقافتهم و إلى أي مدى هم جذريون في معاداتهم للعولمة المتوحشة .حتى يكون المرء ثورياً حقيقياً يجب أن يكون لديه رؤية واضحة للصراع العربي الصهيوني و لموقعه المركزي في خريطة الإمبريالية العالمية . و يجب أن يكون لديه تحليلاً علميا للصهيونية ولطبيعتها العنصرية ، و أنها مجتمع استيطاني لا يمكن له أن يستمر و أن يعيش كدولة بين دول مسالمة متساوية . فهي دولة وظيفية اخترعها الغرب من أجل إدامة سيطرته على العالم عبر السيطرة على فلسطين ملتقى طرق القارات الثلاث و قلب الوطن العربي . و هذا التحليل ليس من الصعب العثور عليه حتى في الأدبيات الأوربية الماركسية التقليدية و بالتالي فأنا لا أطالب مناهضي العولمة الغربيين أن يخرجوا من جلودهم . فإذا كانوا جذريين حقاً في معاداتهم للعولمة فعليهم أن يكونوا نظرة صحيحة لتاريخ العالم و لطبيعة الصراع فيه . لا أن يكتفوا بترديد حلول لا تؤدي إلى أية نتيجة و يمكن أن يقترحها أي رأسمالي كحل الدولة ثنائية القومية . لا يوجد سوى حل ثوري واحد يتضمن تصفية هذا الكيان الاستيطاني العنصري الوظيفي و هذا هو الطريق لإقامة عالم بديل . و كل شيء آخر معناه إدامة السيطرة الإمبريالية ليس على المنطقة العربية بل على العالم ككل. و إن ما سبق أمر يثبت أن الكتلة الأساسية في الحركة المناهضة للعولمة تتحرك في إطار النظام السائد عالميا و كل ما في الأمر أنها ترغب في تجميله . يقول هشام البستاني في رسالة إلى الحركة العالمية المناهضة للعولمة والإمبريالية بعنوان ((حان وقت لتجذير الطروحات حول الصراع العربي/ الصهيوني ))6 (( من المهم جدا في هذه اللحظات من التاريخ، أن يتم تبني موقف مباشر وحاسم من الإمبريالية، وخاصة فيما يتعلق بالكيان الصهيوني: لا يوجد هناك أي خيار سوى مقاومة الإمبريالية بمقاربات أممية، فيتم تشكيل تضامن سياسي فاعل بدلا من توزيع الشفقة الإنسانية. ومن الضروري أيضا بلورة موقف من المشروع الإمبريالي/الصهيوني في المنطقة العربية، حيث يجب دعم المقاومة الهادفة إلى إزالة الاحتلال الأمريكي للعراق بكل الوسائل، ونفس الشيء ينطبق على النضال ضد الكيان الصهيوني إلى أن تتم هزيمة المشروع الصهيوني وتصفية كيانه وإقامة فلسطين حرة عربية كخطوة أولى نحو توحيد الوطن العربي وتحوله نحو التنمية المستقلة والاشتراكية، لا يوجد أي حلول جذرية أخرى للقضية العربية بخلاف هذه. على رفاقنا "الدوليين" أن يعوا أن أنصاف الحلول ستقوي البنى الإمبريالية/الصهيونية وآلياتها. إن حل "الدولتين" أو "الدولة الثنائية القومية" أو حتى " الدولة الديمقراطية الواحدة" خارج البعد العربي، لن تتمكن من إزالة التناقض بين الجماهير العربية والمشروع الصهيوني/الإمبريالي في المنطقة العربية. مسألة أخرى يجب على الحركة العالمية أن تحسمها وتتخذ منها موقفا حازما: لا يوجد هناك "إسرائيليين تقدميين". إن أي شخص يكون جزءا من المشروع الإمبريالي/الصهيوني، حتى ولو كان "يعارض" السياسات الصهيونية، هو جزء من بنية "إسرائيل" وميكانزماتها، سواء علم بذلك أم لم يعلم. لا يمكن أن يكون شخص ما تقدميا وبنفس الوقت جزء من الكيان/ المشروع الصهيوني. إن "الإسرائيلي" التقدمي الوحيد هو ذلك الذي -بناءا على فهمه لوظيفة وميكانزمات المشروع/الكيان الصهيوني- يقرر قطع كل العلاقات مع هذا الكيان، ويقاومه، وقبل كل شيء، يغادر البُقعة المحتلة التي يسكن عليها بدلا من شعب مطرود. على الحركة أن تعي هذه المسألة وعليها أن لا تقع في فخ "المنظمات غير الحكومية" (NOGs) القاضي بجمع "كافة الأطراف للجلوس والتحدث بعضهم مع الآخر"، وكأن المسألة الأساسية: مسألة وجود "إسرائيل"، هي مسألة محسومة. "إسرائيل" دولة غير شرعية، وهذا الوصف ينطبق على المنظمات والأفراد الذين يمثلونها أو يعترفون بها. لهذا، وللتأكيد على عدم الشرعية هذا، يجب إلغاء جميع الروابط والعلاقات مع "الإسرائيليين"، بعبارة أخرى: التطبيع مع الصهاينة يجب مقاومته عالميا وليس فقط في الوطن العربي لقد حان الوقت لأن تتبنى الحركة العالمية لمناهضة العولمة تحليلا أكثر جذرية بدلا من التمسك بمنطق "نمطي" تشجعه الإمبريالية. لا يوجد هناك خيار سوى تصفية المشروع الإمبريالي/الصهيوني، خلاف ذلك، ستكون عملية المواجهة "المفترضة" هي مجرد حالة بطيئة من استهلاك الذات، بينما يقوى العدو أكثر فأكثر. يجب أن يكون معلوما أن مقاومة "إسرائيل" تعني مقاومة العولمة، والعكس صحيح: لتناهض العولمة يجب أن تقاوم إسرائيل، ليس على مستوى السياسات، بل على مستوى الوظيفة والميكانزمات: أي على مستوى الوجود. )) و لا أجد ما أقوله بعد كلام السيد هشام سوى أن أردد كلماته : - يجب أن يكون معلوما أن مقاومة "إسرائيل" تعني مقاومة العولمة ……… الملاحظة الثالثة : و هي غاية في الأهمية أن الاحتجاج ضد النظام السائد و ضد العولمة يأخذ طابعا تمثيلياً مسرحيا . ....... النظام السائد لا يمانع أن تتظاهر ضده و أن تكتب البيانات و أن توقع العرائض لا بل هو يشجع على ذلك ليقدم نفسه كنظام ديمقراطي و ليفرغ طاقة الاحتقان في أشكال احتجاج غير مؤثرة . لكن إياك ثم إياك أن تلمس حجرا من أحجار البرلمان البريطاني أو أن تدفع ثمن طلقة واحدة للمقاومة في فلسطين و العراق . تنتقد إحدى المجموعات الأكثر جذرية داخل الحركة المناهضة للعولمة و اسمها(( جماعة الومبل (wombles))) هذا الطابع غير المجدي للاحتجاج ، تقول في (( تحليل لخلفيات المنتدى الاجتماعي الأوروبي))7 : ((دعنا نتذكر هنا المظاهرات الضخمة في لندن المعادية للحرب في الخامس عشر من فبراير 2003. تحالف امنعوا الحرب، الذي هيمن عليه حزب العمال الاشتراكي (SWP) (كما حدث مع المنتدى الاجتماعي الأوروبي في بريطانيا الآن)، أدار الأمور ليأتي بمليون ونصف من الناس إلى الشوارع. لو كل هؤلاء الناس، بينما هم عابرون في سبيلهم، استطاعوا أن يلقوا بحجر واحد صغير على حائط البرلمان، كان سوف ينهار هذا الجدار لان مليون ونصف حجر قد ضربوه. ولكن حزب العمال الاشتراكي، مثل المنتدى الاجتماعي في البلاد الأخرى، يفضل "الضغط الرمزي". هل أوقفوا الحرب؟ لا. ما نريد قوله هنا، كنتيجة عامة مستخلصة من هذا المثل البسيط، هو أن هذا الضغط الرمزي جيد، ولكنه غير كافي في حد ذاته لإحداث تغيير اجتماعي حقيقي. أما المفكر البريطاني اليساري طارق علي فيضع يده على جوهر المشكلة التي تعاني منها بعض الحركات المناهضة للعولمة ( حوار مع طارق )8: (( سؤال هل ترى أن إمبراطورية الولايات المتحدة تبتلع هذه الطاقة ( طاقة الحركات المناهضة للعولمة ) بمحاولتها اقتراح طبعة أكثر ليونة من النيوليبرالية؟ لا اعتقد أنهم، في هذه اللحظة، مستعدون لذلك. أنهم سوف يفعلون فقط إذا ما أحسوا أنهم مهددين. وهم لا يشعرون بالتهديد في هذه اللحظة. وهم لا يشعرون بالتهديد – يجب أن أكون حاسما جدا هنا – لسبب واحد هو لان هناك شعار مثالي داخل الحركات الاجتماعية، هو على هذه الشاكلة: ’يمكننا تغيير العالم دون الاستيلاء على السلطة‘. هذا الشعار لا يهدد أحدا؛ انه شعار أخلاقي. الزاباتيستيون- أنا معجب بهم – أنت تعرف، عندما قاموا بمسيرتهم من تشياباس إلى مكسيكو سيتي، ماذا كانوا يعتقدون حدوثه؟ لم يحدث شيء. كان رمزا معنويا، لم يكن حتى انتصارا معنويا لان شيئا لم يحدث. وهكذا اعتقد أن تلك المرحلة كانت مفهومة في السياسة الأمريكية اللاتينية، كانت الناس تحترق من التجارب الحديثة: هزيمة الساندينستا، هزيمة حركات الكفاح المسلح، انتصار العسكريين، الخ، لهذا كان الناس عصبيون. ولكني اعتقد، من زاوية النظر هذه، مثال فنزويلا هو الأكثر إثارة. انه يقول: ’حتى تغير العالم عليك أن تأخذ السلطة، وعليك أن تبدأ في تطبيق التغيير – بجرعات صغيرة لو كان ذلك ضروريا – ولكن يجب أن تفعل ذلك. دون ذلك لأن يتغير شيء‘. لهذا، إنها حالة مثيرة واعتقد انه في بورتو الليجري العام القادم كل هذه الأشياء سوف تكون محل جدل ونقاش – كما أتمنى. سؤال : دون مخاطبة سلطة الدولة بشكل كاف، ما هو بديل النيوليبرالية الذي تطرحه حركة العدالة الاجتماعية الكوكبية؟ لا، ليس لديهم بديلا! أنهما يعتقدون أنها ميزة ألا يكون لديهم بديل. ولكن، في رأيي هذه علامة إفلاس سياسي. إذا لم تكن تمتلك بديلا، ماذا تقول للناس الذين تعبئهم؟ حركة العمال الزراعيين بلا ارض (MST) في البرازيل لديها بديل، إنهم يقولون ’خذ الأرض وأعطيها للمزارعين الفقراء، ودعهم يعملون فيها‘. ولكن أطروحة هولواي [1] الخاصة بالزاباتيستا، إنها – إذا أعجبك – أطروحة تخيلية، إنها أطروحة للفضاء الالكتروني: دعنا نتخيل. ولكننا نعيش في العالم الحقيقي، وفي العالم الواقعي هذه الأطروحة لا تعمل. لذلك، النموذج بالنسبة لي في حركة الفلاحين بلا ارض بالبرازيل هو أكثر إثارة كثيرا جدا جدا من نموذج الزاباتيستا في تشياباس. مثيرة أكثر كثيرا. )) و بالتالي إذا كانت الحركات المناهضة للعولمة ستكتفي بالتظاهر و الاحتجاج و عقد المؤتمرات هنا و هناك مع مراعاة محظورات النظام القائم ، أي أن تبقى مصرة على التحرك ضمن الحدود التي رسمها لها . فهي لن تصل لنتيجة. تقول جماعة (( جماعة الو مبل (wombles)) (( انظر مثلا المظاهرات في جنوة 2001 وتسالونيكي 2003 حيث روجت المنتديات الاجتماعية الى التمييز بين المحتجين الذين "لا يستخدمون العنف" والذين "يستخدمون العنف" حتى نتوافق مع الوضع القائم وحتى يروننا "كممثلين شرعيين للحركة المناهضة للعولمة". من نافلة القول أن نتحدث عن مستوى التضامن الحقيقي الذي أعطته المنتديات الاجتماعية، ككل، للسجناء السياسيين بعد هذه المظاهرات؛ القليل جدا من الجماعات المشاركة هي التي أظهرت أي اهتمام حقيقي....)) يحضرني هنا مثل تاريخي مشابه و أفضى لحركات مشابهة فبعد فشل ثورة الطلاب ،التي بدأت في فرنسا و عمت أوربا أواخر الستينيات من القرن الماضي . تفسخت حركة التمرد الطلابي نتيجة القمع و سارت بإتجاهات مختلفة ، فبعض الطلاب أفرغ طاقة التمرد بالجنس فعمت حركات التحرر الجنسي و الهيبز العالم أول السبعينيات ، و بعضهم اخترع نظريات تحطيم اللغة في الكتابة و الإبداع . و يعلق الكاتب البريطاني تيري ايغلتون بسخرية على هذه الاتجاهات بقوله أن هذا أمر مفهوم فأن تحاول تحطيم سلطة الدولة فستنزل مطرقة ثقيلة على رأسك . إما إذا حاولت تحطيم اللغة فلن تستنفر الشرطة و لا أجهزة القمع بل سيتركونك تحطم اللغة كما تريد . و نفس الأمر يقال على دعوات التحرر الجنسي فالسلطات القائمة لا تمانع ، بل هي تشجع ،أن يفرغ الشباب طاقاتهم في الجنس فهذا أفضل بالنسبة لها و أكثر أمناً من أن يحاولوا إفراغ طاقاتهم في تدمير النظام الذي يذلهم و يستعبدهم . إن الأمر عينه يتكرر اليوم بأشكال أخرى فالسلطات في الغرب ، و حتى في العالم الثالث ، ستسمح لك بالاحتجاج على قطع شجرة و أن تدافع عن مزارعي البطاطا في فرنسا و تطالب بتقديم حماية لمنتجاتهم . لكن إياك ثم إياك أن تقطع الطريق على دبابة متجهة لتسحق شعوباً كاملة في العالم الثالث أو أن تقطع الطريق على صهريج الوقود المتجه إلى قاعدة عسكرية ليملأ خزان طائرة الـ بي 52 المتجهة لإلقاء هدايا عيد الميلاد من اليورانيوم المنضب و أنواع القنابل من الأم إلى السمارت ( الذكية ) على شعب العراق ...............الخ بعد كل هذا يمكننا إجمال كل ما سبق بعدة نقاط 1-إن الحركة المناهضة للعولمة ليست تيارا واحداً بل هي خليط غير متجانس لكن أغلب تياراتها ما زالت تتحرك ضمن النظام العالمي السائد و تهدف إلى تجميله دون تغييره مع ملاحظة أن هناك جماعات أكثر جذرية تطرح هدف التغيير . 2-إن أغلب التيارات في هذه الحركة ما زالت أسيرة لفكر المركزية الغريية ، الذي يرى أن تاريخ العالم هو تاريخ أوربا . و يبني برامجه على هذا الأساس ثم يطلق على فكره فكراً كونياً بينما مضمونه غربي بحت . 3- لا يوجد موقف جذري من القضية الفلسطينية و هذا يفسر بتحرك أغلب الحركات ضمن النظام العالمي السائد و بتلوثها بفكر المركزية الأوربية كيف ينعكس هذا على واقعنا العربي أطلقنا على طريقة انتشار الفكر المناهض للعولمة عربياً تسمية الانتقال بطريقة الأواني المستطرقة و لن نعيد تكرار شرح هذا الأمر هنا . يضاف إلى ذلك أن الحركة المناهضة للعولمة في المركز الغربي هي التي تختار القوى العربية التي ستضمها إلى آلية عملها و بالتالي تختارها على صورتها . فهي تحدد من سيتكلم باسم فلسطين و العراق و لا تخجل من أن تطلق عليه ممثلاً للشعب الفلسطيني أو العراقي دون أن يكون للشعبين أي دور في اختيار ممثليها . و ما على القوى العربية المناهضة للعولمة سوى القبول بشروط المركز الغربي، لا سيما أنه هو من يمتلك شيكات المال و قدرات التنظيم و هو من يدعو المنظمة الفلانية و يستبعد تلك . و يترتب على هذا أمر خطير لا سيما في ظل كون أغلب تيارات الحركة المناهضة للعولمة تيارات إصلاحية و مهمتها أقرب إلى تجميل وجه النظام الرأسمالي القائم أو التخفيف من الآثار السلبية للنيوليبرالية . كما أنها تتحرك تحت مظلة ما يسمى بالشرعية الدولية . فكما قلنا هي تتصور حلاً للقضية الفلسطينية يقوم على دولتين و هو نفس الحل الذي تطرحه كثير من الدول الغربية ، كما ذكرنا . و يترتب على هذا الأمر قبول مشاركة بعض ما يسمى باليسار الصهيوني في نشاطات الحركة المناهضة للعولمة و ما يعني هذا من تطبيع بطريق غير مباشر بين الناشطين العرب و الصهاينة . و لعل ما جرى في المنتدى الاجتماعي العالمي في بومباي خير دليل . يضاف إلى ذلك أن عدداً كبيراً من الناشطين الغربيين يتحرك ضمن منظومة ثقافية مختلفة لمنظومتنا الثقافية ، و بالتالي فهم لا يفهمون وجود حركات دينية مقاومة للاستعمار و الإمبريالية ( مع أنهم يفهمون وجود لاهوت تحرير في أمريكا اللاتينية ) و يضعون أولويات لمشاكلنا انطلاقا من تاريخهم و ثقافتهم . فالكاتب فرانك ( السابق ذكره )يجعل مشكلة اضطهاد المرأة المزعوم و المثليين متقدمة على مقاومة الاحتلال . و هم بحكم المركزية الأوربية و الاستعلاء الثقافي يتخيلون أننا كمجتمعات لها وضع يشبه وضع أوربا في القرون الوسطى ، أو وضع فرنسا عشية الثورة الفرنسية ..!! و بالتالي يستنتجون أن مشكلتنا الأساسية تتلخص في سيطرة الكنيسة ( عفوا الجامع ) على السلطة و بالتالي علينا أن نقوم بثورة على رجال الكنيسة ( عفواً على المشايخ ) لنحرر الدولة من قبضة الكنيسة ( عفواً الجامع ) . في حين أن بلادنا محتلنا و ثرواتنا منهوبة و مشكلتنا الأساسية هي مع الاحتلال و النهب . و من هنا نستطيع أن نفهم انخراط عدد كبير من مثقفينا بمعارك ثانوية أو وهمية على حساب المعركة الأساسية ( كما في تقديم معركة العلمانية على حساب التحرر من الاحتلال ) . أو تشكيل جمعيات لتشجيع عمل المرأة في بلدان يبحث فيها الرجال و النساء عن عمل بلا جدوى و تبلغ نسبة البطالة عشرون بالمائة ، و مع ذلك يشكل الناشطون و الناشطات جمعيات لا لتأمين عمل للمرأة بل لتشجيعها على العمل و كأنها هي التي ترفض العمل ........ أما إذا تحدثنا عن التركيبة الفردية لمناهضي العولمة العرب فسنجد برج بابل حقيقي . فمنهم مناضلون سياسيون سابقون تعبوا من السجون و المعتقلات و القمع فلجأوا إلى واحة مناهضة العولمة ليستريحوا من القمع و يتنعموا قليلاً بالعلاقة مع المنظمات الغربية ، التي تقيم المؤتمرات في فنادق فخمة ، و تؤمن للمشاركين تغطية إعلامية و سمعة حسنة دون احتكاك مع سلطات بلادهم التي قمعتهم . و البعض الآخر مترفون يملكون مالاً كثيراً ووقتاً وفيراً ، و ثمن تذكرة الطائرة للمشاركة في مؤتمر مومباي أو بورتو الليغري لا يشكل لهم شيئاً يذكر . و بالطبع هناك المناضلون المخلصون الذين تتوجه هذه المقالة إليهم و منهم صديقي أحمد زكي المشرف على موقع كفاية و هؤلاء عليهم أن يبذلوا جهدا مضاعفاً لنشر أفكارهم و لتوضيح موقفهم الجذري ، الذي لا يعتبر هذا النشاط للاستراحة من قمع سابق و لا لتزجية وقت فراغ.......... إن مناهضي العولمة العرب يحتاجون إلى بلورة رؤيتهم الخاصة التي ستكون أكثر صحة من تشخيصات الغربيين . كما أنها ستكون أكثر واقعية لأننا أكثر شعوب الأرض التي تعاني من دبابات العولمة و طائراتها . فأراضينا هي الميدان الأساسي لمعارك العولمة المتوحشة و هذه المعارك هي التي ستقرر مصير النظام العالمي . و علينا أن نمد جسورنا مع التيارات الجذرية في هذه الحركات لا أن نمد يدنا لكل من تلفع بهذا الرداء فكما رأينا يوجد طيف واسع أغلبه يتحرك تحت عباءة النظام الرأسمالي القائم . و أخيراً إن المقاتل العراقي الفلسطيني هو أهم مناهضي العولمة وإن السلاح الذي يحمله بيده هو الذي سيقرر مصير البشرية هذه نقطة أساسية يجب أن لا تغيب عن بالنا . 1- موقع كفاية المقاومة واليسار نعومي كلاين مجلة الأمة، 3 أكتوبر 2004ترجمة: احمد زكي http://www.kefaya.org/znet/041003klein.htm 2- (( من هم التقدميون في العراق؟)) فرانك سمايث السياسة الخارجية في بؤرة الضوء؛ 30 سبتمبر 2004.ترجمة: احمد زكي http://www.kefaya.org/znet/041003franksmyth.htmugn 3-مناهضي العولمة- العرب في اجتماعات مومباي: ممولين اجنبيا وأصدقاء للإسرائيليين - هشام البستاني http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=17490 4- نص الرد الذي نشر في مجلة الآداب البيروتية على اتهامات جماعة -غالوي- ضد التيار الوطني الديموقراطي ورموزه علاء اللامي http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=21787 6- (( حان وقت لتجذير الطروحات حول الصراع العربي/ الصهيوني )) هشام البستاني http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=10582 7- خلفيات المنتدى الاجتماعي الأوروبي - خمسة أيام وليالي من الأفكار والتحركات المناهضة للسلطوية تحليل موجز للدور السياسي والاجتماعي للمنتديان الاجتماعيان العالمي والأوروبي - جماعة الومبل (wombles) - اكتوبر 2004- ترجمة: احمد زكي http://www.kefaya.org/znet/041028wombles.htm 8- حوار مع طارق علي (( فنزويلا: تغيير العالم بالاستيلاء على السلطة )) أجرى الحوار كلاوديا جارديم ويوناه جيندين Venezuelanalysis.com؛ الخميس 22 يوليو 2004- ترجمة : احمد زكى http://www.kefaya.org/znet/040722ali.htm 9- الكذبات العشر للعولمة ( بدائل دكتاتورية السوق ) – جيرالد بوكسبرغر ،هارالد كليمنتا – ترجمة د. عدنان سليمان – دار الرضا دمشق الطبعة الاولى 1999
#ثائر_دوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معركة الدولار من العراق إلى كوبا و تداعي الإمبرطورية
-
المليار الذهبي الذي سيلتهم خمس مليارات من البشر
-
فوزي القاوقجي
-
نحن و الغرب
-
لعبة المرايا و شباك العنكبوت بين المقاومة و الغرب
-
سرقة الكلمات من معانيها : الديمقراطية و التحرير نموذجاً
-
المركب الروسي الغارق
-
الواقعة الغريبة التي حدثت يوم تكريم الدكتور ماجد
-
وجوه تحتضر
-
بين نورما خوري و أحمد الجلبي
-
الأمريكاني المفلس و الدفاتر السعودية العتيقة
-
عن مصر و الألم يعتصر قلوبنا : حكاية الأسد و مروضيه
-
أسرى سايكس بيكو
-
القط ذو الرأس الكبير في المصيدة
-
الديمقراطية على الطريقة الفنزويلية
-
أزمة المسرح العربي 3من 3 العلبة الإيطالية : من مارون نقاش إل
...
-
أزمة المسرح العربي 2من 3
-
أزمة المسرح العربي 1من 3
-
القلق الذي يحيط بنا
-
غرينكا دخلت التاريخ و مغر الديب تنتظر
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|