|
لماذا لا يُحاكم هؤلاء عسكرياً أيضاً ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3367 - 2011 / 5 / 16 - 13:24
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لا يمكن أن يكون هناك نصير لحقوق الإنسان ، و يكون في ذات الوقت يكون نصير لتقديم المدنيين لمحاكم عسكرية ، لما يشوب تلك المحاكمات من نقص في ضمان حقوق المتهمين ، و لما يشوبها من تسرع في إصدار الأحكام ، و صرامة ، و تشدد ، في إختيار أحكامها . المحاكم العسكرية بطبيعتها هدفها في الأساس هو حفظ الإنضباط في القوات المسلحة ، و لهذا تجب فيها السرعة ، مع الصرامة . على إن رفض وقوف المدنيين أمام المحاكم العسكرية ، لا يعتمد فقط على ما ذكرته آنفاً ، بل و أيضاًَ لأن محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية هو بذرة كراهية بين الشعب و جيشه ، أو فجوة كره بين الشعب ، و جيشه ، كما ذكرت في مقال : إنه إسفين بين الشعب و جيشه ، و الذي نشرته منذ سنوات ، بعد التعديلات الدستورية التي صدرت في عهد مبارك ، و التي أجازت تحويل المدنيين لمحاكم عسكرية . هذا هو موقفنا في حزب كل مصر من إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية ، و لكن هذا الموقف لا يلتزم به المجلس العسكري الحاكم . أمامنا أمثلة كثيرة لمحاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية ، بعضها في أحداث جنائية ، كالحكم بإعدام شخص قتل آخر عمداً ، و جهاراً ، و الأهم على ناشطين سياسيين ، تهمهم تتراوح بين تظاهر ، و إعتصام ، و نقد للمجلس العسكري ، أو نقد لفكرة ، أو قانون . إذاً المجلس العسكري الحاكم ليس لديه مانع في اللجوء لسيف المحاكم العسكرية ، فلماذا لا يستعمل سيفه هذا في ما هو ضروري الآن ، و يحتاجه الشعب ، و يطالب به ؟؟؟ جميعاً نرى الفتنة بعد أن تم إيقاظها عمداً ، تستفحل ، و تهدد بإلتهام مصرنا ، و جميعاً نرى محاولات إجهاض الثورة ، و جميعاً نشعر بالإحباط من المسار الذي إتخذته الحياة السياسية المصرية ، و كذلك الوضع الأمني ، فلماذا لا يستخدم المجلس العسكري الحاكم سيف المحاكمات العسكرية لحماية الثورة ، أي لحماية مكتسبات الشعب التي تحققت بعد الخامس و العشرين من يناير 2011 - و هي بالمناسبة مكتسبات هزيلة للغاية - خاصة إنه يتشدق بإستمرار بإنه حامي الثورة ؟؟؟ هناك ثورة مضادة ، أو بتعبير أفضل محاولات لإعادة الأمور لما كانت عليه قبل الثورة ، فلماذا لا يُظهر المجلس العسكري حزمه ، و يحيل مبارك لمحكمة عسكرية ، و معه حبيب العادلي ، و قيادات جهاز الشرطة ، لمحاكمات عسكرية عاجلة ، خاصة أن التهمة واضحة ، و ثابته ، و ضخمة ؟؟؟ لقد صدر حكم سريع بالإعدام من محكمة عسكرية بحق شخص مدني بسبب قتله لفرد واحد ، فلماذا لا يحاكم رئيس سابق ، و رئيس جهاز إستخباراته ، و وزير داخليته ، و قادة الأمن المركزي ، و قادة جهاز مباحث أمن الدولة ، أو أمن النظام في الواقع ، و مديري أمن القاهرة ، و السويس ، و الإسماعيلية ، و محافظات أخرى ، بسبب قتل أكثر من 800 شخص أعزل ، و هذا الرقم نشر في موقع دويتشه فيليه ، الإخباري الألماني ، في الثالث عشر من مايو 2011 ، و هو رقم أكبر بكثير من رقم 380 الذي نشرته بعض وسائل الإعلام النظامية ؟؟؟ هل التظاهر السلمي ، و إعتصام العزل ، و كتابات المدونين - سواء إتفقنا مع كتاباتهم ، أو لم نتفق - جرائم أكبر بكثير من قتل أكثر من 800 مدني أعزل ، لم يكن لهم مطالب سوى الديمقراطية ، و العدالة ، و الكرامة ، و الرفاهية ؟؟؟ البلد يسير نحو الفوضى ، فلماذا لا يرسل المجلس العسكري الحاكم رسالة حازمة ، واضحة ، و صريحة ، و عاجلة ، لمن يعبثون بأمن مصر الداخلي ، تقول لهم : لا أحد فوق الحساب ، و ها هو من كان أكبر رأس في البلد ، و معه عمر سليمان رئيس جهاز إستخباراته ، و كبار رجال جهاز الشرطة في عهده ، و الضباط الذين نفذوا جريمة قتل المدنيين العزل ، قد صدرت بحقهم أحكام بالإعدام ، و تم تنفيذها بسرعة ؟؟؟ المجلس العسكري عليه أن يثبت للشعب المصري بإنه ليس إمتداد لعهد مبارك - سليمان ، و إنه لن يكون هناك حبيب عادلي أخر ، و أن لا عودة لجهاز مباحث أمن الدولة تحت أي مسمى ، و أن الشرطة ستعود خادمة للشعب ، و ليست سيدة عليه ، و أن ضابط الشرطة سيعود ليكون مواطن عادي ، و ليس ديكتاتور صغير ، أو جبار من الجبارين . من يقدم المدنيين لمحاكم عسكرية ليس لديه عذر لعدم تقديم هؤلاء المجرمين لمحاكم العسكرية ، فالجريمة واضحة ، ثابته ، حديثة ، و ضخمة ، و الذين قاموا بإصدار الأوامر ، و المتابعة ، كلهم ينطبق عليهم وصف شخص عسكري بشكل أو أخر ، فمبارك كان القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية ، و عمر سليمان كان رئيس جهاز الإستخبارات ، و ربما لازال ، و العادلي كان وزير للداخلية ، و بقية المجرمين من وزارة الداخلية ، أي كان لهم صفات عسكرية ، أو شبه عسكرية ، و في كل الأحوال هم أقرب للصفة العسكرية من متظاهرين ، و معتصمين ، و مدونيين ، و ناشطين سياسيين ، كلهم عزل ، و قفوا أمام محاكم المجلس العسكري الحاكم العسكرية ، أو يقبعون للآن خلف أسوار الأسر بدون محاكمات على الإطلاق . كما أن بإمكان المجلس العسكري إضافة تبرير أخر - إن كان يحتاج لتبرير - هو أن مبارك هو الذي شرع تقديم المدنيين لمحاكم عسكرية ، و جعل ذلك نص من نصوص الدستور ، و لم يعترض سليمان ، و لا العادلي ، إذا لا ظلم لو تجرعا ، و معهما أخرين أجرموا بحق الشعب ، نفس السم الذي وضعوه للشعب . كما يمكن للمجلس العسكري الحاكم عمل إستفتاء بشأن تقديم مبارك ، و سليمان ، و العادلي ، و كبار رجال وزارة الداخلية في عهد مبارك ، للمحاكم العسكرية ، ليغسل يديه من المسئولية ، و يلقي بالمسئولية على عاتق الشعب ، إن كان يحتاج لذلك . الشعب يريد أن يثبت المجلس العسكري الحاكم إنه لا يكيل بمكيالين . إما أن يقف مبارك ، و أركان نظامه ، أمام المحاكم العسكرية ، و إما أن يتم التوقف عن محاكمة المدنيين عسكرياً . الشعب يريد أن يثبت المجلس العسكري الحاكم إنه حامي الثورة فعلاً . الشعب يريد الأفعال ، لا الأقوال ، لأنه لم يعد يصدق الأقوال . الشعب يريد حسم تلك القضية ، و قطع دابر ذيول النظام الذي أسسه مبارك ، و أداره عمر سليمان ، و لازال له دور ، و لعبت فيه الشرطة دور الهراوة . الشعب يريد إرسال رسالة حازمة ، واضحة ، و عاجلة ، لأعداء الثورة ، أعداء الشعب .
من خلف أسوار رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا يحاكموا عسكرياً هم أيضاً ؟
-
الديمقراطية في مصر هي لصالح أهالي غزة
-
إنتخاب قيادات الحكم المحلي أفضل للأقباط
-
من الخليج أعلن شرف نتيجة الإنتخابات القادمة
-
التهديدات مستمرة ، و التمثيلية لازالت تُعرض
-
حتى لا نسمع بجمعة الشكر ، أو بثلاثاء العرفان
-
أوباما ، ضاع منك السلام ، فلا تضع الديمقراطية ، و حقوق الإنس
...
-
عمر سليمان إختار لمصر النموذج العسكري التركي الأتاتوركي
-
إننا ننتقد سياسات كيان أصبح سياسي
-
لماذا على مصر نصرة الشعب الليبي عسكرياً ؟
-
إلى متى ستظل البلطجة قطاع من قطاعات الدولة ؟
-
من يرعبه الخطاب الديني لا يقود التغيير
-
مباحث أمن الدولة تحاول الوقيعة بين الشعب و جيشه
-
إسبوعان من التظاهر و سيقف مبارك و سليمان أمام المحكمة
-
عندها سترون كيف تكون المعارك
-
حتى تصبح المبادئ و الأهداف واقع
-
الفرص يجب أن تتكافئ أولاً
-
جُمع قتل الثورة
-
هل سينطبق نموذج أمريكا اللاتينية على البحرين ؟
-
لكن النضال من أجل العدالة و الديمقراطية و القصاص لن يتوقف
المزيد.....
-
-كما لو كنت جالسا مع الطرف الآخر-.. أول اتصال هاتفي بالتقنيا
...
-
-كل مكان نذهب إليه نجده أسوأ من الذي قبله-
-
عائلة يزيدية في العراق تقاضي أم حذيفة أرملة أبو بكر البغدادي
...
-
ما الذي حدث لمشروع -جزر العالم- العملاق في دبي؟
-
شبكة -إن بي سي-: إدارة بايدن تدرس إبرام صفقة أحادية مع حماس
...
-
دراجون عراة يجوبون شوارع مكسيكو سيتي مطالبين بطرق آمنة
-
تنبيه هام من سفارة السعودية في مصر
-
الخارجية الروسية تعلن ضرورة تعديل ميزانية منظمة معاهدة الأمن
...
-
بسرب من المسيرات.. -حزب الله- يكشف تفاصيل هجوم شرق نهاريا (ف
...
-
بوتين: السجناء يجب أن يعيشوا في ظروف طبيعية
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|