أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس المصري - في حتمية سقوط النظام السوري














المزيد.....

في حتمية سقوط النظام السوري


فراس المصري

الحوار المتمدن-العدد: 3367 - 2011 / 5 / 16 - 03:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد حوالي شهرين من اندلاع انتفاضة شعبية شملت كافة المدن والبلدات السورية ، بات من الواضح للعيان حتمية سقوط النظام السوري بناءً على الاصرار الشعبي من جهة والتعامل القمعي واللاأخلاقي لهذا النظام مع الشعب المطالب بالحرية والديمقراطية.
نظام حكم الأسد الذي دشنه الأسد الأب بانقلاب على رفاقه في حزب البعث هو مزيج من أكثر من نظام استبدادي وهو بذلك يجمع بين مساوئ كل تلك الأنظمة. فهو نظام عائلي وراثي كالأنظمة الملكية التقليدية والثورية الوراثية كنظام كوريا الشمالية. وهو نظام طائفي يقوم على التمييز بين أبناء الوطن الواحد ويعتمد على طائفة معينة تسيطر على الأمن والجيش لحراسة النظام وتكبيل الحريات. وهو في نفس الوقت نظام شمولي يتخذ من حكم الحزب الواحد أداة لتأطير الشعب بفئاته وشرائحه المختلفة لإحكام سيطرته على الفعاليات الشعبية ومنع كل فعاليات المجتمع المدني التي تنشط خارج هذا الإطار. وهو أيضاً نظام عسكري يشترك في اعتماده على سطوة الجيش مع الدكتاتوريات العسكرية التي رأيناها في أمريكا اللاتينية. وهو بلا شك نظام يقوم على تقديس الرئيس وابرازه بصورة مثالية منزّهة عن الأخطاء ولا مجال لنقدها.
فلا غرو أن يصنف النظام السوري باعتباره من أكثر الأنظمة سوءاً وإفساداً لجميع جوانب الحياة الأنسانية . لقد أفشى النظام الأسدي منظومة من الأخلاق والقيم الشاذة التي تشيع الخوف والجبن والنفاق والرياء والكذب و الاستكانة على الظلم و قبول الفساد بأشكاله المختلفة وقصر اهتمام المواطن على النواحي الشخصية والأنانية دون الخوض في الشؤون العامة.
وقد أفاض عبد الرحمن الكواكبي في كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" في بيان التأثير المدمر للاستبداد السياسي على كافة مناحي الحياة في المجتمع ومما ذكره في هذا السياق :"الاستبداد ريح صرصر فيه إعصار يجعل الإنسان كل ساعة في شأن، وهو مفسد للدين في أهم قسميه أي الأخلاق، وأما العبادات منه فلا يمسها لأنها تلائمه في الأكثر. ولهذا تبقى الاديان في الأمم المأسورة عبارة عن عبادات مجردة صارت عادات فلا تفيد في تطهير النفوس شيئاً، ولا تنهى عن فحشاء ولا منكر، لفقد الإخلاص فيها تبعاً لفقده في النفوس التي ألفت أن تتلجأ وتتلوى بين يدي سطوة الاستبداد في زوايا الكذب والرياء والخداع والنفاق، ولهذا لا يستغرب في الأسير الأليف تلك الحال، أي الرياء، أن يستعمله أيضاً مع ربه، ومع أبيه وأمه ومع قومه وجنسه، حتى ومع نفسه".
والحاصل أن أمراض الاستبداد وآلامه والاحساس العميق بالضيم والظلم كل ذلك تراكم عبر عقود من الحكم الأسدي ثم أتت ثورتي مصر وتونس لتوقظ وعي الشعب وادراكه لإمكانية التغيير الشعبي السلمي وتحقيق الأمنيات الكامنة في الحرية والكرامة والمساواة والعدالة.
وقد جاءت الشرارة التي فجرت الانتفاضة من درعا حيث أدى اعتقال لأطفال من قبل الأمن وإهانات للأهالي من قبل مسؤولي النظام إلى ثورة عارمة في المدينة لم يكن النظام يتوقعها ولم يستطع إخمادها حتى بعد إرساله للجيش والدبابات. والعجيب أن النظام الغبي أخذ يتبع مع درعا والمدن والبلدات التي انتشرت فيها الانتفاضة انتشار النار في الهشيم نفس الاسلوب المهيج الذي دفع درعا للثورة بدءاً بضرب المتظاهرين وقتلهم واعتقال الناس وإذلالهم، وانتهاءاً بحصار المدن والبلدات المنتفضة سلمياً بالدبابات وقصفها بالمدافع الرشاشة. وزد على ذلك تلك الأكاذيب والتمثيليات المختلقة التي طلع بها علينا الإعلام الرسمي لتبرير القتل والعمليات القمعية الدموية في حق المدنيين العزل. كل ذلك أدى إلى زيادة الحنق والثورة عند الجماهير بعد أن تحطم جدار الخوف وصارت هيبة النظام في الحضيض، ويأس الناس من إصلاح النظام وأضحى مطلب الناس هو إسقاط النظام ورأسه بشار الأسد الذي أعلن إلغاء حالة الطوارئ ولكنه في الواقع الميداني أعلن الحرب على الشعب.
وقد أسهمت وسائل الاتصال والتواصل الحديثة في سرعة انتقال المعلومات والأفلام من أرض الحدث وبالتالي إفشال سياسة التعتيم الإعلامي التي يتبعها النظام، كما ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي التي استخدمها الناشطون المعارضون ببراعة في التنسيق فيما بينهم في الداخل والخارج وتبادل الأفكار بحيث ادى إلى شيء من الوحدة في المواقف ميدانياً.
لقد سقط النظام أخلاقياً بدمويته وفاشيته ضد شعبه وبأكاذيبه المفضوحة إعلامياً كقصص الإمارات السلفية والعصابات المسلحة التي لا وجود لها، ومحاولات إثارة التناقضات الطائفية، ويوماً بعد يوم يخسر مؤيدين في الداخل والخارج ويزداد عزلةً، ويكاد النظام اليوم يقترب من حالة الموت السريري . والشعب مستمر في انتفاضته السلمية بكل طوائفه وبكل وعي ونبل وشجاعة لإسقاط النظام و تغيير المنظومة القيمية اللاأخلاقية التي فرضها النظام منذ أكثر من أربع عقود لإحلال منظومة قيم سوية تقوم على احترام الحريات والحقوق الإنسانية ومبدأ المواطنة والمساواة والتعددية الديمقراطية.
د.فراس المصري



#فراس_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزف على قارعة الثورة
- أحلامنا شبّت عن الطوق
- الشام تمتطي صهوة الآلام
- نفحات بين اللهب
- مشاهد مسرحية على أبواب دمشق
- دندنة عزلاء
- الحلم والسياسة والثورة في عهد التتار الجدد
- خصوصيتنا الثقافية وتحديات الدولة الحديثة
- الأمراض العقلية أصابت الحاكم والمحكوم في سوريا
- الدين والسياسة في عالم مضطرب
- المثقفون السوريون وملابس الإمبرطور الجديدة


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس المصري - في حتمية سقوط النظام السوري