أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس المصري - مشاهد مسرحية على أبواب دمشق














المزيد.....

مشاهد مسرحية على أبواب دمشق


فراس المصري

الحوار المتمدن-العدد: 3299 - 2011 / 3 / 8 - 00:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المسرحية التي قام بأدائها الرئيس السوري وأعوانه بمناسبة المولد النبوي على أعتاب الجامع الأموي وفي شوارع دمشق هي بمشاهدها تبدو مكرورة ومعادة، وإن أجري عليها بعض الرتوش التحسينية في الإخراج لتواكب المرحلة التي تعصف فيها رياح الثورة على حكم الفرد المطلق. ظهر الرئيس محاطاً بحشد من رجال المخابرات وشيوخ السلطان,، ورأينا سيل المدائح من ألسنة تتلوى كالثعبان لتبهر الناس وتشتري بآيات الله ثمناً قليلاً. وحتى يكتمل المشهد كان لابد من تجميع أعداد غفيرة من الجماهير لتهتف له "بالروح بالدم نفديك..."، تلكم الجماهير وغالبيتها العظمى من الشباب أتي بها كالعادة جبراً طلاباً من المدارس والجامعات لتحمل دلالات للعالم في أجواء الثورات الشبابية في دول عربية متعددة. ويضاف إلى ذلك حركات استعراضية بدرت من الرئيس في محاولة ليظهر قربه من العامة ويسحر البسطاء منهم. ثم تنضم إلى هذه المسرحية جوقة من الفنانين والإعلاميين لتتغنى بالمنجزات شبه الأسطورية للقائد الذي لا نظير له ولا بديل عنه.
مثل هذا المشهد المسرحي قد يطالعنا في أي إمارة أو سلطنة في زمان أو مكان ما من الماضي البائد، ولكن مع اختلاف في وسائل العصر وفي ثياب أشخاص المسرحية والديكور. و قد أبدع الشاعر أحمد شوقي في مسرحية "مصرع كليوبترا" في تصوير مثل هذا المشهد بقوله:
اسمع الشعب دُيُونُ كيف يوحون إليه- ملأ الجو هتافا بحياتىّ قاتليه- أثر البهتان فيه وانطلى الزور عليه- ياله من ببغاء عقله فى أذنيه
فهذه الأبيات تصف عودة كليوبترا وعشيقها وحليفها انطونيوس مهزومين من قبل الأسطول الروماني، ولكنهم خدعوا الشعب وأوحوا لهم أنهم هم المنتصرون فهتف لهم بالمجد والحياة. ولما وصل أسطول القائد المنتصر أوكتافيوس وعلم الشعب أن كليوبترا وانطونيوس كانا من الكاذبين، انقلب الشعب عليهما وصار يهتف بالنصر والمجد لأوكتافيوس وباللعنة على كليوبترا وانطونيوس.
نعم ما أقسى وأصعب أن يهتف الشعب ويمجد قاتليه وجلاديه ، وقد يخدع أويضطر إلى مثل هذه المواقف التي يدفعه إليها النظام دفعاً، ولكن لحظة التحول والانقلاب قد تأتي بسرعة قياسية لتقلب ظهر المجن ويصبح الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد في أسفل السافلين.
وفي مكان غير بعيد عن الجامع الأُموي وتحديداً في الحريقة وبعد يومين من مسرحية الرئيس انطلقت مشاهد مسرحية واقعية عفوية لانتفاضة شبابية شارك فيها المئات من الشباب الغاضب الذي ثار في وجه المعاملة الوحشية التي تلقاها أحد الشباب على أيدي الشرطة الفاسدة. وماذا نظن بشباب سوريا فاعلين وهم لا يجدون أمامهم إلا حريةً مسلوبة وكرامة منهوبة ؟. هل الجدار الذي حاول النظام بناءه داخل عقولهم لحجبهم عن رؤية واقع مجتمعهم هو أقوى من جدار برلين الذي انهار أمام ثورة شباب ألمانيا الشيوعية الذين تلقوا نفس التأطير والقولبة من خلال منظمات الحزب الواحد بمبادئه المتكلسة ولغته الخشبية التي تتنافى مع الواقع وحركة التاريخ؟.
وضمن هذه المسرحية السورية تجدنا إزاء مشاهد مؤلمة ومأساوية من خيانة الفكر وانتكاس الثقافة وضياع الرسالة عند مجموعة من الصامتين والمطبلين والمزمرين من الفنانين والكتاب والإعلاميين والمثقفين اللذين رضو بالفتات على مائدة السلطان و بحياة الدعة والتسول على الوقوف مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان, ألا يظن أولئك أنهم مجموعون ليوم عظيم، يوم يحاسبهم الشعب أجمعين؟، أم أنهم يظنون أنهم قادرون على التلون وتبديل جلودهم وألسنتهم حين ترجح كفة الميزان لصالح الحرية وينهار نظام الاستبداد والظلم والفساد؟. بل ربما يظنون حقاً أن لهم في كل عرسٍ قرص.
وقد يمضي بنا الخيال المسرحي وحق له ذلك لنتصور المشهد الأخير من المسرحية، حيث يتقلب السلطان على فراشه على خشبة المسرح، تقض مضجعه الكوابيس المرعبة والأصوات الرهيبة ثم يستيقظ فزعاً وجلاً ويدعو من استطاع من مستشاريه وثقاته الذين يبذلون جهدهم في طمئنته والتهدئة من روعه. ولكنهم لا يلبثون إلا قليلاً ليسمعوا الأصوات تتعالى وتملأ الفضاء ويرون الجماهير أفواجاً قادمة نحوهم كأنهم من الأجداث سراعاً يخرجون، وقُطع دابر الذين ظلموا، ثم يسدل الستار عن المشهد الأخير.
د. فراس المصري



#فراس_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دندنة عزلاء
- الحلم والسياسة والثورة في عهد التتار الجدد
- خصوصيتنا الثقافية وتحديات الدولة الحديثة
- الأمراض العقلية أصابت الحاكم والمحكوم في سوريا
- الدين والسياسة في عالم مضطرب
- المثقفون السوريون وملابس الإمبرطور الجديدة


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس المصري - مشاهد مسرحية على أبواب دمشق