أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - السيادة بين المطلق والنسبي














المزيد.....

السيادة بين المطلق والنسبي


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 3361 - 2011 / 5 / 10 - 08:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" ان الذي يجب أن ندينه ليس الأمناء على السلطة بل درجة القوة، ويجب تسليط العقوبة على السلاح لا على الذراع الذي يحمله"

مرت نظرية السيادة بثلاثة مراحل كبرى عبر تاريخ العلاقة بين الحكومات والمجتمعات، حيث كانت في الأولى على ذمة شخص واحد يمتلك جميع السلطات ويعد صاحب السيادة التي لا ينازعها فيه أحد وتأخذ هاهنا صورة العاهل، لكن "حالما يوجد سيد لا وجود بعد لشعب يتصف بالسيادة" ، وبالتالي يستأثر الحاكم السيادة لنفسه ويمارس السلطة الفردية بشكل مطلق على الناس ويعتبرهم مجرد رعايا.
بيد أن الأمور تغيرت بعد ذلك بحكم حلول نظرية الحق الانساني مكان حق القوى وأصبحت بعد ذلك السيادة في يد الشعب وانتقلنا من السيادة الفردية الى السيادة الشعبية وظهر مفهوم الارادة العامة كمصدر يضفي الشرعية على السلطة الحاكمة وتأخذ صورة الدولة.
لقد اتصفت السيادة الشعبية بأنها كائن جماعي وممارسة للإرادة العامة ولا تقبل التمثيل ولا يمكن نقلها الى أي كان هي التي تشكل العلاقة الاجتماعية وتمثل أصل تماسك الجسم السياسي ومصدر تكون الشعب واستمراريته ووجودها ضروري لإنشاء المجتمع وتحقيق المصلحة المشتركة.
"ان السيادة لا تتجزأ لنفس الأسباب التي تجعلها غير قابلة للتنازل، لأن الارادة اما أن تكون عامة واما ألا تكون كذلك: فهي اما ارادة الشعب في مجموعه، واما ارادة جزء منه فقط. وفي الحالة الأولى تكون هذه الارادة المعلنة عمل من أعمال السيادة ولها أن تسن القوانين، وفي الحالة الثانية ليست سوى ارادة خاصة أو عمل من أعمال الادارة ولا تكون مرسوما على أكثر تقديرا".
غني عن البيان أن نظرية العقد الاجتماعي مع روسو تجعل من السيادة مصدر السلطة وأساس المؤسسات وتربطها بالارادة العامة وتوكل اليها مهمة سن القوانين.
الا أن بنيامين كونستون (1767- 1830 ) يرفض أن تكون السيادة الشعبية مبدأ مطلق ويصرح:" لا تجود السيادة الا على نمط محدود ونسبي" . ويبرر ذلك بإقراره أن سيادة شعبية بلا ضوابط يخلق سلطة مطلقة تمارس البطش وتفرط في استعمال القوة في علاقة بالمجتمع وأن اعطاء الانسان كامل استقلاليته وحريته وحقوقه واحترام وجوده الشخصي وكرامته يؤدي الى وضع حد للسلطة التي تمارسها هذه السيادة. هكذا تمر السيادة من المجتمع الى الأغلبية ولترتكز في فئة قليلة وبعد ذلك عند شخص واحد، وعوض محاربة أصحاب السيادة ومالكي السلطة ينبغي تحطيم فكرة السيادة والعروة الوثقى التي تجمعها بالهيمنة والسلطة والنفوذ.
ان البحث عن السيادة هو تعبير عن ارادة القوة لدى الكائن عبر عنه نيتشه كما يلي: " رأيت الخاضعين أنفسهم يطمعون الى السيادة، لأن في ارادة الخاضع مبدأ سيادة القوى على الضعيف، فإرادة الخاضع تطمح الى السيادة أيضا لتتحكم فيمن هو أضعف منها."
على هذا النحو يبين ميشيل فوكو ارتباط نظرية السيادة بآليات السلطة الانضباطية وأدوات الهيمنة التأديبية وكشف عن أن هذه النظرية كانت مبدأ منظم للقوانين التشريعية ووجدت بالأساس من أجل الغاء النظام الملكي التوريثي وسمحت بنوع من ديمقراطية السيادة الجماعية ، ولكنها تحولت الى ايديولوجيا مانعة لكل توزيع عادل للسلطة بل عباراتها اليوم لم تعد صالحة لكي تعبر عن الأنماط الجديدة من السلطة الميكروفيزيائية. بين اذن "ان السيادة والانضباط ، القانون والسيادة والآليات الانضباطية، هما قطعتان مشكلتان للآليات العامة للسلطة في مجتمعنا" .
من هذا المنطلق يبين فوكو أن نظرية السيادة تتعلق بثلاثة عناصر تكوينية هي الذات الخاضعة والسلطة المؤسسة والشرعية الواجب احترامها، اذ نراه يصرح: " نظرية السيادة هي هذه الدوائر الثلاث: دائرة من الذات الى الذات، دائرة من السلطة الى السلطات، دائرة من الشرعية الى القانون. أي الذات ووحدة السلطة والقانون." وبالتالي بدل من جعل السيادة مصدر السلطة يجب جعل اجراءات الهيمنة هي النسيج الفعلي لعلاقات السلطة. هنا "لا يجب البحث عن نوع من السيادة كقصد للسلطة، بل بالعكس، يجب أن نبين كيف أن مختلف عوامل الهيمنة ترتكز على بعضها بعضا وتشير الى بعضها بعضا."
لكن كيف ستعمل نظرية السيادة العالمية على تلافي الانتقادات الموجهة ضد نظرية السيادة الشعبية؟ وماذا سيحدث لمفهوم السيادة من تحولات في ظل بروز سياسة عالمية للكوكب؟ ألا يؤدي فرض الحق الدولي الى تقليص سيادة الدول؟ والى أي مدى يمكن تصور سلطة غير انضباطية وقانون مناهض للهيمنة والاكراه؟ وهل السياسة الحيوية هي الحل المنشود؟
المراجع:
Benjamin Constant, De la liberté chez les modernes, textes choisis, présentés et annotés par M. Gauchet, Paris, L.G.F.1980.
جان جاك روسو، في العقد الاجتماعي، ترجمة عبد الكريم أحمد، مراجعة توفيق اسكندر، بإشراف الإدارة العامة للثقافة بوزارة التعليم العالي، مصر، دون تاريخ.
فريدريك نيتشه، هكذا تحدث زارادشت، ترجمة فيلكس فارس، دار القلم، بيروت،دون تاريخ.
ميشيل فوكو، يجب الدفاع عن المجتمع، ترجمة الزواوي بغوره، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى،2003.



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقة السلطة والعنف
- الثورة الرقمية والفعل الافتراضي
- تعاقب النظام والفوضى على المشهد العربي
- طبيعة التحولات المعاصرة
- الحذر الفلسفي من سطوة الخطاب القانوني
- الاسلام المستنير وأهمية العمل السياسي
- فهم الظاهرة الشمولية
- فصل المقال بين السياسة والدين
- المد الثوري العربي واستحقاقات المرحلة
- الارادة الشعبية سر انتصار الثورات العربية
- سيكولوجيا الشعوب والعقل الجمهوري
- الحرية للأفراد والسيادة للشعوب
- فلسفة الثورة التونسية
- المعقول واللامعقول عند جوليان فروند
- الارتقاء بأخلاق المهنة
- أولية السؤال عن الآخر على السؤال عن الوجود عند لفيناس
- واقع المرأة بين الدين والعولمة
- الإنسان في الأشكال الثقافية عند أرنست كاسرر
- هوية الشخص وثقافة الآخر
- مشكلات هرمينوطيقية


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - السيادة بين المطلق والنسبي