أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زهير الخويلدي - الحرية للأفراد والسيادة للشعوب















المزيد.....

الحرية للأفراد والسيادة للشعوب


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 3263 - 2011 / 1 / 31 - 20:41
المحور: حقوق الانسان
    


"ان الانسان لا يولد مواطنا بل هو يتربى على المواطنة"
ليس من الصعب أن نلاحظ بأم أعيننا في هذا الخضم أن زمننا هو زمن تشكل حقبة تاريخية مختلفة عن سابقتها في المنطقة العربية، وهو عصر الانتقال الى علاقة جديدة بين أفراد الشعب فيما بينهم من جهة تتميز بالحرية والمقدرة الذاتية وبين الشعب ومن يسيره من جهة ثانية يغلب عليها السيادة والاستقلالية الموضوعية. لقد تخلى الناس عن العالم الذين كانوا يعيشون فيه ويفعلون ويتألمون وهم عاقدون العزم على السماح له بالغرق والتلاشي والقذف به في مزبلة التاريخ وعداد الماضي ونراهم اليوم منشغلون بالحلم بعالم أفضل ومنخرطون في صناعة المستقبل وتشكيل معالم مجتمع جديد يتحرك باطراد نحو الأمام.
ما يحصل للعالم القديم هو نوع من التفتيت التدريجي والتفكك الذاتي وذلك عن طريق جملة من الأعمال الطائشة التي يقوم بها الأفراد والشعور الجماعي بالضجر وعدم الرضا الشعبي بالحالة الحالية والرغبة الجماعية في التقويض واحداث الطفرة والتخوف من حصول شيء مجهول قادما من بقايا النظام القديم والاستبشار بطلوع النهار وولادة عالم جديد وانقشاع الظلام وبزوغ النور والشروع في التغيير القادم.
ان هذا الطلوع الرائع للشمس هو دليل على بلوغ مرحلة أخيرة من تاريخ الاستبداد في دائرة الضاد وحصول الاعتراف الكامل بالحرية وانعتاق الذات الآدمية من كل أشكال الامتهان والذل والاغتراب والانهاء التام لكل الرؤى الفكرية المضطربة والنزعات المدرسية واقامة الفكر بالقرب من ذاته واعتبار الأخلاقية هي التأسيس القانوني لإرادة الانسان والاطار الذي يستمد منه الشعب مشروعيته في السيادة.
ان المجتمع الجديد الذي هو بصدد التشكل ليس نسق تراتبي توجهه جملة من القيم المثالية والمعايير الثقافية وانما هي نتاج تاريخي للنشاط البشري ومسطح محايثة يتحرك فوقه الأفراد بحرية وأفقية، وان الانسان الجديد ليس الفرد الأناني الذي ينتمي بطريقة قسرية غير واعية مثل غيره الى الحشود المتشابهة وانما هو الانسان الاجتماعي والذات الفاعلة والمواطن المسؤول الذي يندفع بالعقل نحو الطبيعة وبالتقدم نحو النظام وبالحق نحو القوة وينتصر الى النقد والحركة والثورة على المصلحة والمناشدة والتأييد.
كما يفضي تدمير النمط القديم من الوجود في العالم الى بلوغ الأفراد درجة عالية من الحرية وامتلاك الشعوب للقدرة الكاملة على التحكم في ذاتها وتقرير مصيرها بنفسها والى نزع القداسة عن الأشخاص الاعتباريين والحكام والرجوع الى فضيلة الحياة بلا هالات التي تتوفر فيها شروط المساواة والتفوق.
ان المطلوب هو أن يماط اللثام عن وضع النخبة المثقفة والاطارات والكوادر في المجتمع وكف الطبقة الحاكمة والمالكة للوسائل الانتاج عن اعتبار رجال القانون والثقافة والعلم والادارة مجرد أجراء يخدمونها وتفكيك هذه العلاقة الهرمية والنزعة الصنمية والتعامل مع الفعل الابداعي كأمر ممكن خارج فلك النسق.
لقد دعتنا كل الثورات المجيدة الى نزع هالة القداسة عن الأشخاص مهما كان المصدر الذين يستمدون منه تعاليهم لأن الزعماء التاريخيين لم ينتجوا الثورة بل الثورة هي التي تنجب من رحمها زعماء تاريخيين. ان قيام النظام الديمقراطي يساعد الشعب للقضاء على أسباب الفتن وأشكال التمرد ويكفل للأفراد التمتع بحقوق المواطنة والمشاركة الفعلية في الشأن العام وذلك لأن "أفضل دولة هي تلك التي يقضي فيها الناس حياتهم في وئام وتبقى فيها القوانين محفوظة من كل تجاوز. فلاشك أن الفتن والحروب والاستهانة بالقوانين أو خرقها انما هي أمور تعزى الى النظام السياسي الفاسد لا الى لؤم الرعية."
تنتفض الشعوب بحثا عن سيادتها الكاملة ضد السلطة الأبوية والأنظمة الاستبدادية وتضحي بالسلامة والسكينة والحياة وتعرض نفسها للحاجة والموت و من أجل أن تتخلص من العبودية والاهانة وتجني السؤدد والمجد والحرية ولكي تصنع أنظمة تسير بطريقة ديمقراطية وعن طريق الانتخاب والاختيار.
ان الديمقراطية تسمح بإعطاء السيادة للشعب وتمكينه من حكم نفسه بنفسه ولذلك كانت نظاما استثنائيا ومطلبا من قبل الجميع وربما لكونها مرتبطة بالحقيقة السياسية والقاعدة التشاورية والقوانين المؤسسة للنظام والاستقرار. من هذا المنطلق: "ان المواطنين يمتلكون في الديمقراطية هذا الامتياز الفريد في انتاج هذا النظام نفسه الذي يسوسهم بشكل واع واراديا عبر التشريع لأنفسهم بأنفسهم، ومن حيث هم أبناء القوانين فهم أيضا آباؤها. انهم ليسوا رعايا الا كأسياد. انهم أسياد خاضعون لسلطتهم."
من جهة أخرى تمثل الحرية في الواقع مجموعة من الحريات وتقتضي تحويل القوة الى فعل والموقف الى التزام حتى لا تكون مطية لتبرير الوحشية، كما ترتفع الحرية من درجة النسبية الى درجة الاطلاق عندما تتنزل في المجال السياسي وترافق الوضع الانساني وتضع نفسها في خدمة مشروع ابداعي يتراوح بين المثال والممكن وتتيح للتفاعل بين الحلم الخيالي والتعين المادي وبين الثقافة الهادفة والسياسة الحيوية.
ان الفضاء السياسي يساعد على انتقال الحرية من مجال الفرد بوصفها قدرة على التعين الذاتي واعادة تملك الذات الى مجال الجماعة بوصفها تموضعات مجسدة لها وافعال ارادية ناتجة عن طاعة القوانين السياسية وتحويل الحرية المجردة الى حريات ملموسة عن طريق تمفصل واقامة توازن بين السلطات.
على هذا النحو يتحول الانسان الى مواطن وإن "مقولة المواطن هذه تحقق في الانسان نفسه مركب الدولة. المواطن هو الدولة في الانسان الفرد. لهذا السبب تشغل التربية مكانا هاما في اقتصاد هذا النظام."
ان الغاية من بناء مؤسسات مستقلة تابعة للمجتمع المدني ليس تقويض ركائز الدولة وافشال دعائم حكمها وخرق القوانين واشعال النزاعات وانما بلوغ حالة من السلم الاجتماعية والحياة الآمنة والتمدن المتحضر. كما أن الحرية المطلوبة بالنسبة للأفراد لا تعني حق التسلح والقدرة على ممارسة العنف ولا تتمثل في اقامة حكومة تلائم عداتهم وأهوائهم وانما تحتاج الى حدود وتقوم على القدرة على فعل ما يجب وعلى عدم الاكراه على فعل ما لا يريد وبعبارة أخرى تكون الحرية السياسية هي حق فعل كل ما تبيحه القوانين. لكن أليس من المشروع من الآن فصاعدا بالنسبة للأفراد أن ينهضوا الآن وغدا من أجل الكرامة والحرية وأن تهب الشعوب للدفاع عن سيادة أوطانها وتصنع بنفسها نمط وجودها في المعمورة؟ وألم يجانب مونتسكيو صاحب الفصل بين السلط الصواب حينما قال:" لا تستفلح البلدان تبعا لخصوبتها بل لحريتها" ؟
المراجع:
اسبينوزا، كتاب السياسة، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب للنشر، تونس، الطبعة الأولى، 1999.
مونتسكيو، روح الشرائع، الكتاب الثامن عشر، الفصل الثالث، ترجمة عادل زعيتر، دار المعارف القاهرة، 1953.
لويس ألتوسير، مونتسكيو، السياسة والتاريخ، ترجمة نادر ذكرى، دار التنوير،بيروت، الطبعة الأولى، 2006
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الثورة التونسية
- المعقول واللامعقول عند جوليان فروند
- الارتقاء بأخلاق المهنة
- أولية السؤال عن الآخر على السؤال عن الوجود عند لفيناس
- واقع المرأة بين الدين والعولمة
- الإنسان في الأشكال الثقافية عند أرنست كاسرر
- هوية الشخص وثقافة الآخر
- مشكلات هرمينوطيقية
- السوسيولوجيا من منظور فلسفي
- أبو القاسم الشابي بين الوطن والأمة
- الذات بين التفكك والتحقق
- دلالات المتخيل الاجتماعي عند كاستورياديس
- خيرية العيش سويا
- في العقلانية النقدية المعاصرة:
- الإنصاف في العداوة والصداقة
- أخذ زمام المبادرة من جهة الفلسفة
- الأنظمة الرمزية ومطلب التواصل
- الدفاع عن الديمقراطية الجذرية
- توضيح حول حد السياسة الحيوية
- الجدل العلمي والفلسفي بين ابن سينا والبيروني


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زهير الخويلدي - الحرية للأفراد والسيادة للشعوب