أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير الخويلدي - خيرية العيش سويا














المزيد.....

خيرية العيش سويا


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 24 - 01:35
المحور: المجتمع المدني
    



" لكي تتكون جماعة أخلاقية يجب أن يخضع كل الأفراد إلى تشريع عمومي واحد ويجب أن يعتبروا القوانين التي توحدهم بوصفها توجيهات من مشرع مشترك" . عمونيل كانط
تعلن الأخلاق والقوانين والسياسة عن قواعد تتعلق بثلاثة سجلات متميزة : الأولى هي الحياة الخاصة بالوعي، والثانية هي الحياة في المجتمع، والثالثة هي الحياة في حضن جماعة مدنية ويعبر عن ذلك اللفظ الإغريقي بوليس الذي يعني مدينة أو دولة ومنه وقع اشتقاق لفظ السياسة. إن الأخلاق هي التي توجه وتتحكم في الحياة الخاصة ويعني أن نتصرف وفق ما يقتضيه الواجب ولا أحد يدفعنا إلى ذلك تحت الإكراه. في حين تتحكم القوانين والسياسة في التصرفات الخارجية للبشر إذ تتكفل القوة بإعادة وضعهم في الطريق المستقيم حتى ولو كان ذلك على غير ما يشتهون وعكس رغباتهم. لكن كيف يمكن التمييز بين القواعد القانونية والقواعد السياسية؟
إن القواعد القانونية تضبط العلاقات بين الأفراد والمجموعات فيما بينهم والصياغة العامة تكون على النحو التالي: "لا تسبب الأذى لغيرك". أما القواعد السياسية فهي على خلاف ذلك تضبط العلاقات بين الفرد والدولة وبين الفرد والمجموعة التي ينتمي إليها ونذكر منها دفع الضرائب وأداء الخدمة العسكرية والواجب المدني. من هذا المنطلق تحدد القوانين الأخلاقية والحقوقية والسياسية شكل الاجتماعية التي ينتمي إليها الأفراد ولو عدنا إلى أرسطو فإننا نجده يميز بين ثلاثة مجموعات طبيعية هي العائلة والقرية والمدينة- الدولة وكل واحدة من هذه المجموعات تمتلك غايتها الخاصة بها ولكن الهدف الأسمى للجميع والذي تعبر عنه بشكل جلي الجماعة السياسية هو خيرية العيش سويا.
إن قواعد الأخلاق والقوانين والسياسة ترسم حدودا لسجلات ثلاثة تضيع فيها حريتنا ، فالقانون يضمن بلا ريب أكثر الأشكال صورية من الحريات بما أنه يحرص على ضبط العلاقة بين الأشخاص وممتلكاتهم. إن المبدأ الكوني للقانون يقتضي في أن يتطابق كل فعل بشري مع الحق بحيث يسمح لحرية كل فرد بأن تتوافق مع حرية الجميع وبالعكس كل فعل لا يمكن أن يتصالح مع الحرية العامة هو فعل غير عادل.
لكن إذا كان القانون يفترض تطابق خارجي للسلوك مع قاعدة الحرية المتبادلة فإن الأخلاقية النابعة من تشريع داخلي يخص قانون الضمير أو العقل تنصص على احترام الواجب في حد ذاته دون خوف من عقاب أو طمعا في جزاء أو جريا وراء منفعة. إن طاعة القانون الأخلاقي يعني التحرر من الخضوع للأهواء المفروضة من قيل طبيعتنا الحيوانية، أما الجماعة الروحية التي تتكون في هذا العالم الأخلاقي فهي جماعة الأشخاص الإنسانيين. إن الإنسان الحر بهذا المعنى يرفض أن يتمم فعله استجابة لرغبة أنانية ويجعله يتوافق مع مطلب كلية العقل العملي. في نهاية المطاف إن الحرية السياسية هي الإمكانية المتاحة للمواطن من أجل المشاركة في الشؤون العمومية.
لكن الإشكال المطروح الآن هو ما العلاقة بين الضمير الأخلاقي والقانون؟
لا أحد يستطيع تصريف القانون حسب هواه لأن العدالة هي التي ستتعرض إلى التدنيس والمجرم يصبح هو الضحية والضحية يتحول إلى مجرم. بينما احترام العدالة هو الذي يجعل الإنسان يحترم صوت الضمير المنبعث فيه من الداخل. لكن لماذا يجب على الإنسان أن يحترم القانون؟
نحن نخضع للقوانين بحكم العادة حينا والمصلحة أحيانا وذلك تخوفا من العقاب ومن أجل تحصيل الطمأنينة وهذه البواعث كافية لكي يفعل الإنسان وفق القانون ولكن لا تشكل تماما مبدأ احترام القانون. إن الأخلاق هي أكثر وجوبية من القانون ويمكن أن تأمرني أحيانا بتعدي القانون إذا ما كان قاسيا ويمنعني من فعل الخير وتقديم المساعدة للآخرين. في دولة وفي مجتمع تسوده قوانين لا تستطيع الحرية أن تستمر إلا إذا كانت قادرة على فعل ما نريده بشرط ألا تحاول فعل ما لا نريده أصلا.
غير أن السياسي غير ملزم بالتقيد بالقوانين الأخلاقية من أجل المحافظة على مصلحة المجموعة بل انه يستطيع أن يتصرف في الحق العام والقانون الوضعي ويتدخل باسم عقل الدولة من أجل تدبير شؤون الناس . لكن هذه الممارسة غير الشرعية للفعل السياسي هي الجانب الغامض من تمرين الحكم المطلق يرافق عادة فن السياسة في الوضعيات الحرجة حيث لا تخضع الضرورة إلى أي ضابط وبالتالي فالضرورات تبيح المحظورات. إن عقل الدولة يستمد تعالميه من قانون أعلى هو المحافظة على استمرارية الدولة وسلامتها من كل عنف خارجي وتصدع داخلي. إن الفعل السياسي الذي ينجز تحت اسم عقل الدولة يأخذ شكل استعمال القوة الخارجة عن كل قانونية وتنصح الأفراد بأن يضحوا بأنفسهم من أجل فداء أوطانهم. غير أن القبول بمقولة عقل دولة ألا يعني أن السياسة تضرب على عرض الحائط بكل متطلبات الأخلاقية؟
إن الفصل بين السلطات ومراقبة القوانين لعمل المؤسسات وتقوية أجهزة المراقبة والمحاسبة و الربط بين العلاقة السياسية الضامنة للحرية والحصول على عدة فوائد ومنافع أخرى هي من الأمور التي تعزز فاعلية القانون وتردم الفجوة الفاصلة بين الفعل السياسي والأخلاقية وبالتالي نحصل على سياسة خلقية وأخلاق سياسية. لكن أليست السياسة المبنية على القيم الأخلاقية كالجيش الذي لا يملك أسلحة وغير القادر على خوض القتال ضد الأعداء؟ أليست عدالة دون قوة هي عاجزة ؟ وما معنى سلطة سياسية تعتدي على القانون الذي تأسست عليه؟ ألا تعطي الناس ذريعة مقاومتها ومحاولة فرضهم احترام الواجب الخلقي والضمير الانساني؟
المرجع:
Emmanuel Kant, La religion dans les limites de la simple raison, (1794)
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العقلانية النقدية المعاصرة:
- الإنصاف في العداوة والصداقة
- أخذ زمام المبادرة من جهة الفلسفة
- الأنظمة الرمزية ومطلب التواصل
- الدفاع عن الديمقراطية الجذرية
- توضيح حول حد السياسة الحيوية
- الجدل العلمي والفلسفي بين ابن سينا والبيروني
- من أنت أيها الإنسان؟
- أصول المعاش وسياسة الأحوال عند الفارابي
- الشجاعة هي قوة الإرادة
- هيدجر والبحث عن أصالة الذات : من دكتاتورية الهم إلى تحليلية ...
- التناول الهرمينوطيقي للذات
- مطلب الغيرية بين الاستعصاء والاعتراف
- حروف السؤال عن الإنسان عند الفارابي
- الذهاب إلى المابعد
- الجزء الثاني من بحث ما لديكارت وما على الديكارتية
- نهاية الإنسانوية ومولد إنسانية الآخر
- مراجعة كتاب تجديد التفكير
- ما لديكارت وما علي الديكارتية
- الصداقة والتضامن عند هانس جورج غادامير


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير الخويلدي - خيرية العيش سويا