أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد نبيل الشيمي - الثورة النبيلة 3/5 الأوضاع الاقتصادية في عهد مبارك















المزيد.....


الثورة النبيلة 3/5 الأوضاع الاقتصادية في عهد مبارك


محمد نبيل الشيمي

الحوار المتمدن-العدد: 3355 - 2011 / 5 / 4 - 14:49
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بداية فإن ما كان يتحدث عنه مبارك في كل المناسبات عن انجازاته في مجالات الاقتصاد المصري وعن نجاح سياسة الإصلاح الاقتصادي كان كذباً وخدعاً فلم يكن نظامه يحال من الأحوال بعمل لأجل إصلاح اقتصادي يأخذ في اعتباره مصلحة الوطن والمواطن بل كان نمطا رأسمالياً مافياوياً لا ضوابط له ولا مساءله عن نتائجه التي كانت جميعها تصيب في مصلحة فئة رجال الأعمال المرتبطين عضوياً بالنظام وحزبه الحاكم والملاحظ أن الخطيئة الكبري لمبارك كانت دمج الدولة في النظام بمعنى جعل الدولة جزءاً منه وسخر امكاناتهافي خدمتة هذا النظام لم يكن أبداً يسعي لتطبيق قواعد العدالة الاجتماعية بقدر سعيه إلى تعميق دور فئة قليلة نحيط بالرئيس وأسرته هذه الفئة هي بكل المعايير ذات طبيعة اسغلالية مافياوية همها تعظيم ارباحها على حساب مصلحة المواطنين دون ان يصاحب ذلك اي نمو اقتصادي حقيقي حيث اعتمد الدخل القومي في مجمله على الإيرادات الريعية من خلال التركيز علي الانشطة الخدمية والعقارية والسياحةوالاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية وهي انشطة تقوم علي نوعية معينة في المجتمع وتخلق ايضا او تضاعف من حجم هذه النوعية التي تزداد ثراء في المقابل انهارت الانشطة الاخري كالصناعة والزراعة .. ومن ثم انعدمت فرص العمل وزادت معدلات البطالة وتراجعت عوائد النمو الاقتصادي مع تنامي عمليات تهريب الأموال إلى الخارج ... والملاحظ أن حكم مبارك كان ينظر إلى الملكية العامة وكأنها رجس من عمل الشيطان في إطار مساندته غير المحدودة لرأس المال الخاص الذي أطلق له العنان في كل مناحي الحياة وتمكن بالارهاب والتخويف والاحتيال احتكار اهم الانشطة الاقتصادية والاستيلاء علي الاراضي ... كانت كل توجهات النظام السابق تعمل من أجل التوريث ومن خلال هذا التوجه أديرت مصر في كافة أمورها من خلال الفئة المافياوية حتى تتحقق للنظام رئيساً ووريثاً واتباعاً السيطرة الكاملة على السلطة والثروة بأي وسيلة وبأي ثمن وكانت النتيجة هي أن مصر كانت على شفا الوصول إلى ما يسمى بالدولة الفاشلة والتي تنصف بعدد من المؤشرات تتراوح بين اجتماعية واقتصادية وسياسة ومن هذه المؤشرات الاقتصادية
غياب التنمية الاقتصادية المتوازنة بين السكان بمعنى عدم المساواة في التعليم والوظائف والدخل ومستويات الفقر ومن ثم تتزايد النزاعات العرقية ثم الانحطاط الاقتصادي الحاد الذي يعتري كيان الدولة فهناك الانخفاض في معدلات زيادة الدخل القومي واختلال سعر صرف العملة الوطنية وتزايد العجز في الميزان التجاري وتراجع معدلات الاستثمار وسوء توزيع الموارد وانتشار الفساد المالي والإداري وانعدام الشفافية وزيادة الالتزامات الدولية وارتفاع معدلات الدين العام وتفشي البطالة ... الخ ولايتوقف الأمر عند هذا الحد فالدولة تعاني في الوقت نفسه تصاعداً في الضغوط السكانية حيث يزيد من معدل النمو السكاني عن الموارد المتاحة ويحدث خلل في التركيب العمري للسكان وتضييق الإمكانات المتاحة في توفير السكن الملائم مما يحدث بالضرورة تنافساً على الأماكن وزيادة العشوائيات والالتجاء إلى البناء على الأرض الزراعية وهي مشكلة خطيرة تهدد الأمن الغذائي المصري وهي بالقطع إحدى خطايا النظام السابق .
... وقد انتح ذلك أو بالأحرى خلق حالة من التوتر الشديد الذي اافضي في كثير من الأحوال إلى تزايد النزاعات وجرائم النهب والسلب والقتل ... الخ (عن مفهوم الدولة الفاشلة يمكن الرجوع إلى موقع ديوان أصدقاء المغرب للاطلاع الدراسة التي أعدها الأستاذ / محمد بوبوش الباحث في العلاقات الدولية تحت عنوان "مفهوم الدولة الفاشلة) ... كان الوضع الاقتصادي في عهد مبارك يسير من سيء إلى أسوأ ووفقاً للخبراء زادت معدلات البطالة إلى حوالي 29% ممن هم في سن العمل وذلك على الرغم من توافر فرص العمل ولكنها محجوزة لفئة بعينها من أبناء المسئولين والمرتبطين بالحزب الحاكم ... فضلاً عن ذلك فقد تغلغل الفساد في كل أجزاء الجسد المصري ووفقاً لتقارير منظمة الشفافية الدولية حصلت مصر على المركز 111 على سلم الشفافية عام 2009 من مجموع 163 دولة كما احتلت مصر المركز 130 بين دول العالم التي تضم 131 دولة من حيث كفاءة سوق العمل والقدرة على التنافس .
الجرائم الاقتصادية العظمى التي ارتكبت في حق مصر كثيرة ولكن يأتي على رأسها جريمتان سيظل تأثيريهما التدميري إلى وقت طويل حتى يمكن لمصر تدارك نتائجهما وهاتان الجريمتان هما الخصخصة .....و تخفيض سعر الجنيه المصري
الخصخصة :
يقول د. رمزي زكي العالم الاقتصادي المستشار السابق بمعهد التخطيط القومي في دراسة له "حول بيع القطاع العام"
لا اعتقد أن أحدا ًمن المصريين أيا كان موقعه الاجتماعي وانتماؤه الفكري مقتنعاً بسياسة بيع مؤسسات وشركات القطاع العام للأجانب التي تكونت في العقود الأربعة الماضية عبر معارك مع المستعمر الأجنبي وعبر الموارد العامة التي أسهم فيها كل المصريين وعبر القروض الخارجية التي استخدمت في إنشاء هذه المؤسسات وما زال الشعب المصري يدفع أعباءها الآن مع ما يتحمله في ذلك من آلام وتضحيات من هنا فالقطاع العام ليس ملكاً للحكومة المصرية تتصرف فيه كما تشاء وإنما هو بحق ملك لكل المصريين وليس من المفهوم حتى الآن ما هي علاقة بين القطاع العام بعمليات الإصلاح الاقتصادي وبخاصة بيع الشركات الكبرى الناجحة فمعظم شركات القطاع العام تحقق الآن فائضاً اقتصادياً تستفيد منه الدولة في تمويل انفاقها الاستثماري والجاري وهذا الفائض يمثل نهرا متدفقاً باستمرار إلى مالية الدولة المصرية التي تحتاج حالياً إلى علاج عجز موازنتها العامة ودعم مواردها وإمكانياتها لكي تستمر في تنفيذ برامج التنمية والاضطلاع بوظائفها في المجالات الاجتماعية والأمنية ومن المعروف ان مصطلح الخصخصة حديث نسبيا وله اكثر من تعريف منها/ :
مجموعة سياسات تهدف الي الاعتماد الاكبر علي اليات السوق ومبادرات القطاع الخاص في ادارة النشاط الاقتصادي ثم انها ايضا تعني التعاقد او التصرف فيما تملكة الدولة من مشروعاتها الي القطاع الخاص وبمعناها الواسع عبارة عن تحويل الموجودات او الخدمات من القطاع العام الذي يحظى بالدعم الضريبي والسياسي إلى المبادرات الخاصة والأسواق التنافسية العاملة في القطاع الخاص
أما معناها الضيق فيعني تحويل منشأة الأعمال من ملكية وإدارة القطاع العام إلى القطاع الخاص عن طريق بيع الأصول (الطيب محمد الطيب عبدالله تقييم تجربة الاستخصاص في السودان ) .
كما يمكن تعريفها بأنها انتقال عمل ما كلياً أو جزئياً من القطاع العام إلى القطاع الخاص بما ينطوي عليه ذلك من اعتماد متزايد على فعاليات القطاع الخاص وقوى السوق مع تقليص الجهاز الحكومي و تضييق حدود مسئولية الدولة .
ومن ثم التخصصية عبارة عن مجموعة من السياسات التي تستهدف الاعتماد الأكبر على آليات السوق ومبادءات القطاع الخاص والمنافسة ونخلص من ذلك أن التخصصية الهدف منها تقليص دور الدولة في إدارة النشاط الاقتصادي مقابل زيادة وتوسيع دور القطاع الخاص سواء بنقل الملكية كلياً أو جزئياً أو نقل الإدارة إليه مع الاحتفاظ بالملكية كلياً أو جزئياً .
... ولا شك أن هناك من الدوافع التي أرغمت الدول التي علي نهج الخصخصة (ليس مجالنا الخوض في هذه الدوافع ضمن طرح الموضوع ) إلا أنه وضح أن إدارة ملف الخصخصة في مصر كان سيئاً ولم يقتصر على الوحدات الاقتصادية المملوكة للدولة ولكنه قفز علي الأنشطة المنتجة لخدمة عامة تقع ضمن الوظائف والمسئوليات التي تقع على عاتق الدولة وهي تتعلق بالتكافل الاجتماعي والرفاهية الاجتماعية ... وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي من الخصخصة زيادة كفاءة استخدام الموارد المتاحة ورفع الكفاءة الإنتاجية كنتيجة لتحرير القرارات الإدارية وربطها بالإنتاجية والأجور مع تخفيف العبء عن أجهزة الدولة بما يمكنها من أداء وظائفها الأساسية كالأمن والدفاع بكفاءة أكبر ... وتحقيق عوائد للحكومة نتيجة التصرف في بعض أو كل الأحوال المملوكة لها ... ثم توفير المزيد من فرص العمل على أسس اقتصادية ... الا أن الملاحظ أن الخصخصة في مصر سلكت طريقاً معوجاً حيث تم بيع القطاع العام بواسطة المسئولين الحكوميين لتحقيق مصالح شخصية تسارعت وتيرتها منذ عام 2004 على الرغم من بدء عمليات الخصخصة منذ أوائل التسعينات ... وكانت كل إجراءاتها فاسدة ضيعت على الشعب المصري جهد سنين طويلة ومن أهم الشركات التي تم بيعها شركة المراجل التجارية ودون الدخول في تفاصيل بيعها فقد كان التصرف في هذه الشركة بداية لقتل البرنامج النووي المصري تم تبعها بعد ذلك شركة النصر لصناعة الكوك في حلوان ... وشركة كيما والشركات التلات هي اضلاع الصناعة النووية المصرية ... وكانت شركة المراجل واحدة من أهم ثلاث شركات في هذا المجال في العالم الثالث ... ثم اعقبت ذلك خصخصة العديد من الشركات أهمها شركات الاسمنت وشركة بيرة الأهرام وشركة المعدات التليفونية والبيبسي كولا وبيرة الأهرام والزجاج المسطح وشركة سيد للأدوية (وهي من أهم الشركات التي وفرت قدراً كبيراً من احتياجات المصريين من الدواء ثم امتدت الخصخصة إلى قطاع البنوك حيث تم خصخصة البنك المصري الأمريكي الذي يمتلك المصريون 60% من راسماله... ثم بنك الإسكندرية وهو أحد البنوك الأربعة المملوكة للدولة ... كما تم خصخصة التوكيلات الملاحية وعدد من شركات النقل البري والبحري وعدد من شركات الغزل والنسيج وشركات الزيوت والصابون ـ وبعض شركات السلع الاستهلاكية (كصفقة عمر أفندي) ... والقائمة تشمل الكثير من التجاوزات غير الأخلاقية التي صاحبت عمليات الخصخصة ... والسؤال أين ذهبت أموال الخصخصة ؟ لا أحد يدري وما هي الفوائد الاجتماعية أو التنويه التي تحققت منها ؟
... أقرأوا ما جاء على لسان / أحمد منظري سياسة الخصخصة في مصروهو السيد جميل سعد .. قال في حوار لـ المصري اليوم في ديسمبر 2008 إنه هو واضع سياسات الخصخصة وهيكلة الشركات وقال "كانت لدينا تعليمات من القيادة السياسية بألا يضار عامل واحد وبالتالي كان المعاش المبكر اختيارياً بالتنسيق مع الدكتور / عاطف عبيد والفترة التي تولي فيها خطاب وزارة قطاع الأعمال سقط فيها برنامج الخصخصة وتساءل كم شركة باعها مختار خطاب ؟ وكم شركة باعها محيي الدين ؟ المثير أن مختار خطاب نفسه أكد هذا الكلام وقال في أكثر من حوار صحفي أنه كوزير لم تكن له سلطة تحديد سعر شركة أو توجيه حصيلة بيعها للاستثمار في شركات جديد وأضاف أن النظام وقع في خطأ جسيم حين رفض استخدام حصيلة الخصخصة في إنشاء شركات جديدة واستجابت الحكومة لضغط جماعات معينة في الحزب الوطني كانت تنظر للقطاع العام على أنه عدو خطاب تحدث ايضاً في أغسطس 2002 عن الخصخصة لمجلة الأهرام العربي 10/8 وقال أن حصيلة ما تم بيعه 16 مليار و 905 ملايين جنيه بخلاف الأصول وما تم تحصيله 14 مليار و 589 مليون جنيه أنفق منها 4.5 مليار جنيه للبنوك و 7.2 مليار جنيه معاشاً مبكراً و 578 مليون جنيه إصلاحاً فنيا وإدارياً و 396 لصندوق إعادة الهيكلة وتبقى 7 مليارات و549 مليون جنيه تساوي رأس المال الذي دفعته الدولة في قطاع الأعمال العام وقد الت لخزينة الدولة وهو ما يعني أن الحالة عادت إلى ما قبل البيع( بعنا وصرفنا الحصيلة) هذه الأرقام كان يجب أن تلفت نظر الخبراء ليسألوا أين ذهبت حصيلة الخصخصة واعترف خطاب أن تجربة الخصخصة لم تكن لها عائدات اجتماعية أو تنموية ولم تنجح في توزيع ثمار التنمية بشكل عادل على الفئات الاجتماعية المختلفة وأنه لم يكن هناك قطاع خاص قادر على أن يحل مكان الدولة وقال "أنا لم أضع سياسة الخصخصة بل هي سياسة عليا ولكنني تم فقط اختياري لتنفيذ البرنامج واعترف انني في البداية كانت لدى ثقة في القطاع الخاص وأنه الطريق الجديد الذي يمكن أن يغير الواقع وعندما شاهدت الواقع أحسست بخطئي بعد السنة الأولي في وزارة قطاع الأعمال ورأيت أنه لو استمر العمل بنظام الخصخصة علي هذا النحو فسنواجه مصاعب كثيرة " وقال " أوقفت برنامج المعاش المبكر دون إعلان ذلك صراحة لأننا كنا نواجه ضغوطاً من المؤسسات الدولية للإسراع في تنفيذ كل جوانب مشروع الخصخصة وعرضت الأمر علي مجلس الوزراء وعلي الدكتور عاطف عبيد وحصلت علي تصريح بإنقاذ هذه الشركات وكانت المسألة صعبة لأنه لم يكن مسموحاً لي بأخذ أموال من ميزانية الدولة وبدأت أدعو إلى أن تعود الدولة لفكرة الاستثمار من جديد حتى يصبح االقطاع الخاص قادراً على التنمية " وقال خطاب أثناء وجودي في الوزارة لم أبع إلا للقطاع الخاص المحلي مثل شركة طرة التي تم بيعها لشركة السويس وشركة حلوان تم بيعها لشركة مصرية أيضاً وأنا عن نفسي لم أكن من أنصار البيع للأجانب واعترف انه من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبت أن عوائد الخصخصة لم يتم استثمارها في إنشاء شركات جديدة حتى إن تم بيعها بعد إنشائها "وقال أحد الآثار الجانبية لعملية الإصلاح الاقتصادي عموماً عدم وجود عدالة اجتماعية "
لم تكن سياسات الخصخصة التي قام بها النظام السابق تستند إلى معايير اقتصادية أو أخلاقية ولم تراع البعد الاجتماعي ... بل أثمرت عن عديد من السلبيات لعل أشدها تأثيراً على مجريات الحياة في مصر أنها ألحقت الخراب بالصناعة نتيجة استيلاء القطاع الخاص ورأس المال الأجنبي وكبار رجالات الحزب الوطني على الشركات والمؤسسات الاقتصادية بأثمان غير عادلة ... كما أدى ذلك إلى التخلص من عدد كبير من العمال الذين ضاقت بهم البيوت والشوارع والمقاهي وشكلت خطورة كبيرة على المجتمع حيث زادت عمليات السطو والسرقة والقتل والاغتصاب ... وتعد مشكلة البطالة في مصر من أعقد المشاكل التي صاحبت الخصخصة ومن الملاحظ ان ما يقرب من 75% من المشروعات الت تم خصخصتها توقفت عن الانتاج وتم التصرف فيها وبيعها اراض للبناء.
... كما أدت الخصخصة إلى ظهور فئة جديدة في المجتمع المصري من ذوي الدخول المرتفعة أدت إلى أحداث تفاوت بين الطبقات انعكس بصورة كبيرة على الاستقرار السياسي وقد ظهر هذا في صورة الاحتجاجات الفئويةالتي سبقت ومهدت لتفجر الثورة .
... وهكذا فإن الخصخصة بالطريقة التي أديرت بها من جانب النظام السابق وحكومته وحزبه ... لم تثمر سوى المزيد من الفقر والفساد ..و أدت إلى تنامي ظاهرة العنف في المجتمع المصري وساهمت بقدر كبير على نمو أفكار ورؤى مناهضة للنظام لقد اوجدت الخصخصة أزمة اقتصادية ما زالت تعاني منها الطبقات الدنيا حيث تدهورت ظروفها المعيشية بفعل زيادة معدل البطالة والتضخم وغلاء الأسعار وانعكس آثار هذا الخلل الخطير على الشباب ونشأت اجيال كثيرة صالحة للتطرف والجريمة المنظمة والفردية (هم من نطلق عليهم البلطجية) .
تخفيض قيمة العملة الوطنية(الجنيه المصري)
في عام 2003 وبدون سابق إنذار أقدمت حكومة الحزب الوطني على جريمة اقتصادية في حق مصر ... لا تقل في تأثيرها عن جريمة الخصخصة حيث تم تخفيض قيمة الجنيه المصري في مواجهة العملات الأجنبية وذلك بضغوط من رجال الأعمال وبمبادرة من قيادات الحزب الذين هم في ذات الوقت رجال أعمال ... وكان هذا القرار يعني تحديد سعر صرف للجنية المصري منخفض عما كان عليه وبذلك أصبح الجنيه المصري يساوي عدداً أقل من ذي قبل من العملات الأجنبية ... هذا الإجراء لم يكن مدروساً ولم يضع أحداً من المسئولين عنه أي تصورات للأخطار التي قد تصيب الاقتصاد المصري ... وكانت مزاعم رجال الأعمال تري أن تخفيض سعر الجنيه سيعمل على تقليل العجز في الميزان التجاري حيث تزيد الصادرات وتقل الواردات وهو تصور نظري بحت وكان يتعين قبل مجرد التفكير في هذا الإجراء التأكد من أن ظروف الاقتصاد المصري ملائمة لنجاح عملية التخفيض ... وهل سيؤدي التخفيض إلى تحقيق ما يراه المصدرون ؟ ... لقد وضع الاقتصاديون محددات بتوقف عليها نجاح عملية تخفيض قيمة العملة الوطنية لأي بلد كان وهذه المحددات هي /
• مرونة الإنتاج المحلي من السلع والخدمات القابلة للتصدير وهل بإمكان هذا الإنتاج أن يرتفع بنسبة تعادل أو تساوي الإنخفاض في قيمة العملة .
• مرونة الطلب الخارجي على منتجات الدولة التي تخفض من سعر عملتها بمعنى هل يزيد الطلب الخارجي علي هذه المنتجات بنفس القدر الذي تم به تخفيض قيمة العملة .
• مرونة الطلب المحلي على المنتجات والخدمات التي يتم استيرادها وهل يقل هذا الطلب نتيجة التخفيض الذي حدث في قيمة العملة الوطنية .
الواقع أن الاقتصاد المصري لم يكن مهيئاً على الإطلاق لتخفيض قيمة العملة الوطنية فمن المعلوم أن الإنتاج المحلي لا يتمتع بالمرونة بمعنى عدم استجابته لاي زيادة في الطلب الخارجي ويعود ذلك لاختلال هيكلي في الاقتصاد المصري واعتماده شبة الكامل على مدخلات مستوردة تبلغ نسبتها حوالي 75% من اجمالي مدخلات الانتاج والمواد الاولية والمواد الغذائية (أي أن التخفيض يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وبالتالي عجزه عن المنافسة الخارجية ) فضلاً عن انخفاض الإنتاجية وزيادة معدلات التالف والفاقد خلال العملية الإنتاجية نظراً لقدم الآلات و المعدات ومن ثم فإن قرار تخفيض قيمة الجنيه المصري لم يحقق لمصر أي نتائج إيجابية بل أدى إلى نتائج سلبية على الاقتصاد ... وإن كانت آثاره أكبر وأعمق على محدودي الدخل .. ولم تحقق الصادرات أو السياحة الزيادة المأمولة التي تعوض التخفيض الذي حدث ... المستفيدون الوحيدون هم رجال الأعمال الذين كانوا على علم دون غيرهم بالقرار ... وقاموا بشراء كميات كبيرة من العملات الأجنبية بالسعر السائد انذاك وهو 3.40جم للدولار... ثم قاموا بعدها بإعادة طرح العملات الأجنبية بسعرها الجديد مقابل الجنيه المصري 5.75جم مصري وقد حققوا بذلك مكاسب هائلة (هي في نظرى الحرام بعينه) ثم تتابعت الآثار السلبية في صورة ارتفاع في أسعار السلع الغذائية ومدخلات الإنتاج التي تستورد وقد مثل هذا عبئاً تقبلاً على ذوي الدخول المحدودة ... كما ارتفعت معدلات التضخم بشكل غير مسبوق وزادت تكلفة الإنتاج ... ولم يجن مكاسب هذا القرار الخاطيء سوى مجموعة رجال الأعمال وكانت مكاسبهم ليست نتيجة زيادة صادراتهم ولكن كانت من خلال الإتجار في العمله وها نحن معد سنوات طوال نسأل هل حدث تحسن في الميزان التجاري المصري الواقع أنه لم يحدث أي تحسين بل زاد العجز .
.... والغريب في الأمر أن هذه الحفنة من رجال الأعمال (اياهم ) عادوا منذ فترة وطالبوا بتخفيض جديد في الجنيه المصري ... فهم لا ينظرون مطلقا إلا فيما يحقق مصالحهم ولو حرقت النار كل المصريين .
لقد ثبت بالمطلق فشل كل السياسات الاقتصادية التي أقرها الحزب الوطني التي كانت تتعاطى مع الاتجاه نحو تقليص دور الدولة في إدارة الاقتصاد وترك العنان للقطاع الخاص تحت زعم تحرير الاقتصاد في إطار آليات السوق باعتبارها هي التي تحدد اوجه النشاط الاقتصادي بغض النظر عن حجم التكلفة التي يتحملها المواطن ... كان الحزب الوطني آثماً ومخطئاً في حق الوطن عندما ضيق أو بالأحرى الغي الدور الاجتماعي للدولة وأعطى المبادرة للقطاع الخاص وقدم له كل التسهيلات والامتيازات الضريبية وحقوق تملك وعدم الخضوع لأي قواعد تحد من رغبائه الجامحة في زيادة أرباحه في الوقت الذي فشل فيه من الحد من البطالة ... والحد من التضخم والحد من سرقة ونهب المال العام والأراضي المملوكة للدولة ... لقد ادت السياسات الخرقاء للحزب الوطني إلى تدهور مريع في الطبقى الوسطى المصرية .
فضلاً عن ما ترتب على هذه السياسات من آثار توزيعية لغير صالح ذوي الدخل المحدود وفقراء الوطن .



#محمد_نبيل_الشيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الوطنى النشأة والسقوط
- الثورة النبيلة النظام والثقافة والخطاب الإعلامي 2/5
- ليبيا الي اين؟
- الثورة النبيلة 1/5
- تونس الخضراء مشهد تاريخي ... ورسالة إلي الطغاه
- قراءة في احداث تونس
- دا سيلفا ... في مصاف االعظماء
- لماذا تخلف العرب؟
- اسرائيل ومياه النيل
- الاكراد وحق تقرير المصير
- جنوب السودان ..جذور المشكلة ..وتداعيات الانفصال
- القوة المتغطرسه .. والمصداقيه المفقودة
- نظرية المؤامرة ومحنة الفكر العربى
- ويكيليكس عربية
- خطاب ديني يغدق تخلفاً
- النخبة في العالم العربي دراسة وصفية نقدية
- نعم للدين .... لا للدولة الدينية
- مفيش فايدة
- هل يكفي الفصل بين السلطات في العالم العربي ؟
- العنف السياسي في العالم العربي...دواعية وتداعياته


المزيد.....




- أسعار النفط تعود إلى المنطقة الحمراء
- -فايننشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض رسوم على واردات ...
- وكالة S&P تعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية
- رئيس أرامكو: ذروة الطلب العالمي على النفط لن تكون قريبة
- الاتحاد الأوروبي يخصص 7.7 مليار يورو للمساعدات الإنسانية
- البنك المركزي الياباني يرفع سعر الفائدة لأول مرة منذ 17 عاما ...
- الأرجنتين الأولى عالميا في ارتفاع أسعار البنزين منذ بداية ال ...
- مورغان ستانلي يرفع توقعاته لخام برنت إلى 90 دولارا
- المراعي السعودية تعتزم استثمار 4.8 مليار دولار خلال 5 سنوات ...
- في تحول تاريخي.. بنك اليابان يقرر رفع الفائدة


المزيد.....

- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
- كتاب - محاسبة التكاليف دراسات / صباح قدوري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد نبيل الشيمي - الثورة النبيلة 3/5 الأوضاع الاقتصادية في عهد مبارك