|
أنا متفائلة لأن وضع المرأة العربية في عصرنا الراهن لازال بين براثن العرف الجاهلي في أحط الدرجات وأخس الدركات
صباح الشرقي
الحوار المتمدن-العدد: 3352 - 2011 / 5 / 1 - 23:41
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كل منهم حولي يصفونني بالمتفائلة، وهم في الواقع يقصدون أنني شديدة التشاؤم وسأقتصر فقط على حرية المرأة مما تدعو اليه ضرورة الاصلاح، فحرية المرأة في عهد التغيير العصري الآني مجرد حرية عرجاء سنتها بعض القوانين ونادت بها عدة منظمات فما زادتها إلا بشاعة وقهرا في مرآة العالم الثالث عموما والمجتمع العربي خصوصا.
أنا متشائمة من المناداة بحرية المرأة : لأنه مجرد تمييز ضدها ومن العبث طرح مطالبها الحقوقية على أنها خاصة بالنساء،فجزئيا فقط مشكلة خاصة وكليا مشكلة مجتمع كامل، وإذا لم نجتث الاخفاقات الراهنة لن يتسنى لنا أن نبني مستقبل أوطاننا على أسس صالحة تخرجنا من ظلمات العصور الوسطى وتضعنا في طريق السمو.
أنا متشائمة من المناداة بحرية المرأة : بما أن الرجل ينسلخ من أعباء عمله بمجرد عودته الى المنزل والمرأة تواصل عطاؤها من خلال عملها المتواصل في الأشغال المنزلية ورعاية الأطفال وبالتالي فهي مرتهنة لإرادته حتى وإن كانت زوجة أو أم أو أخت أو ابنة، و حتى على فرضية انها لا تشتغل خارجا لتكسب أجرا ففي المنزل تضخ جهدها وتخدم مجانا كل فرد في العائلة وتنصاع لأوامر الزوج مما يخلق فجوة كبيرة بين الجنسين لا يمكن التخلص منها إلا بتغيير الوضع الحالي ومنح المرأة الحق في كل الميادين الدينية والدنيوية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والانسانية الخ.
أنا متشائمة من المناداة بحرية المرأة : إن التمييز في قانون الأسرة جعل المرأة اقل من الرجل باستثناء بعض الدول العربية ففي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يحضا الرجل بهرم السلطة في كل ما يتعلق بشؤون الزوجة مثل السفر والعمل والتطليق واللباس والإنجاب والسكن والعلاج والمعرفة بل هذا التمييز طال المرأة حتى في الجنسية والمواطنة وهذا المنهج يعد عائق يحول دون تحقيق تلك الحرية.
أنا متشائمة من المناداة بحرية المرأة : إن ظاهرة السياسات الغير الرشيدة التي تتكالب على النساء في اقطار العالم الثالث لتكون أول ضحاياها من خلال الاستغلال المركب للأسرة الذي يفضي الى نتائج غير محمودة من خلال كثرة الإنجاب ولهذا يجب ان لا ننسى أن كثرة الولادات والإرضاع الطبيعي في مجتمعات فقيرة تفتقد الرعاية الصحية المجانية تدفع المرأة ثمنا باهظا قد يكلفها حياتها. ولا اطيل القول أن هذه الخلاصة الأليمة ليست إلا جزء من بعض الأمراض التي أزمنت في وسطنا العربي حتى أصبحت من المشاكل المستعصية التي تؤثر نفسيتها وتضر بكيانها.
أنا متشائمة من المناداة بحرية المرأة : لا يكفي ان نجتمع على ضرورة اصلاح مدونات الاسرة دون اصلاح وضع المرأة بحيث يتوجب ان لا ننخدع بخداع الساسة وأصحاب القرار لأنهم تآمروا ولا زالوا على اخضاع شعوبهم لأهوائهم ولهذا تركوا أوضاع المرأة والطفل في القرى والمناطق النائية على نفس الحال تقريبا فلم يبدوا أي اهتمام من اجلا تنوير عقولهم ، فتحوا الباب وتركوا الامية تتوالد حتى استفحلت بحيث وصلت الأمية في العالم العربي إلى 29.7%، وارتفعت نسبة الأمية بين النساء الى 46.5 في المائة وبهذا تشكل مشاركتها في قوة العمل بنسبة 28 في المائة وهي ادنى نسبة على مستوى العالم. وعلى ضوء هذه النتائج الغير مرضية نلمس حرمان المرأة العربية من ابسط حقوقها التي تكفل لها المساواة في التعليم والعلاج والعمل اللائق في عصر وصلت فيه النساء لدرجات كبرى من الاستقلالية ،وكل جمود في هذا الشأن سيترك المرأة فريسة لدوامات الجهل الذي قد يؤدي الى الفتن في الأرض أكثر مما هي عليه آنيا، فالاستثمار في مجال تعليم المرأة سيضعها في موضعها الطبيعي الذي يضمن الكثير من التقدم.
أنا متشائمة من المناداة بحرية المرأة : رغم التطور الحاصل اخفقت الديمقراطية العربية في المعايير العالمية لحقوق المرأة واعتبرتها مجرد اسطورة خرافية وهذا واضح للأعمى امام الصمت المطبق على تزويج الصغيرات برجال أكبر منهن سنا دون الاخذ بعين الاعتبار ضعفهن و رأيهن واختيارهن للشريك بل الادهى هو إجبارهن على التسليم وترك مرحلة من مراحل طفولتهن وتحميلهن مسؤولية تكوين أسرة، وهذه الأمور تفوق كل ما يتصوره الذهن من جهل ووحشية ، ولا ننكر أيضا العنف الذي تتعرض اليه المرأة سواء الجسدي أو الجنسي أو النفسي أو اللفظي بالإضافة الى العنف الاقتصادي، الاجتماعي الصحي والسياسي ، انها لمعضلة لم تقتصر على نساء العالم الثالث بل طالت المرأة في كل شبر في العالم ، ويجب أن لا نقفز ونتجاهل تهريب النساء والزج بهم في أعمال منافية للآداب كذلك آفة القتل من أجل الشرف والختان الذي يتسبب في تشويه أعضائها التناسلية والاستغلال الجنسي لخادمات المنازل الصغيرات قبل الكبيرات سنا .لا اريد الاطناب في هذه المشاكل المزمنة الآن ولهذا فلا ريب من تحسين وضع المرأة لينال حظا وافرا من اجتهادنا ونجعل منه أولوية أساسية للإصلاح وبهذا نكون قد اعددنا المرأة لحياة اجمل ومستقبل افضل.
أنا متشائمة من المناداة بحرية المرأة: الانحطاط الذي ضرب أوطاننا بقوة من خلال شيوع الحقوق العامة الذي اغرى ذوي صغار النفوس أرجع المرأة الى الحضيض وبالتالي الى التأخر فأصبح سلعة تباع وتشترى، ومجرد متعة تتلاعب بها الايدي المريضة زد على هذا الحروب الذي يعرفها العالم العربي بدورها من نسبة الثكلى والأرامل و حملت معها العديد من المصائب للمرأة إذ نجدها مومسا ومتسولة وخادمة الخ ، إذا تعثر حظها السيئ لا قدر الله بمجنون انتهك حرمتها أو رب عمل ارغمها على الفاحشة رغم إدراكها بأنها ستلقي بكرامتها في احضان الرذيلة واليأس من اجل ضمان مكسب قار تعول بيه اطفالها في زمن لا يرحم .ولو ان المرأة العربية لن ترمي نفسها بسهولة في احضان الرذيلة لتأكل قطعة خبز مبلولة بالدموع. فلماذا لا نمسح دمعها بحنان ورحمة ونراعي قبل كل شيء انها الأم والزوجة والأخت والابنة ونطال مركز الداء الذي يصد ارتقاءها وتطورها وننتشلها من التفكك والانحلال.فإذا ضاع العظيم في سراديب الانحطاط الخلقي الانساني كيف لا يضيع في ظلماته الضعيف؟
قال احد الاجتماعيين العرب في ايطار تفسير لغوي للمرأة : ان كلمة امرأة في اللغة العربية مشتقة من فعل ( مرأ ) يقال مرأ فلان أي صار مثل المرأة هيأة وحديث والنساء تعني المناكح وإذا تناولنا أصل كلمة نساء وجدناه مشتقا من فعل نسا، ينسو ومعناه ترك العمل وكأن المرأة تعني البطالة . وترتبط المرأة بعدة أفعال مثل ( حرم) وهذا يعني ( منع) والحريم تعني النساء أي ماحرم ولم يلمس ، وكل ما يعني التقاطه من هذا السياق هو أنه:
أنا متشائمة من المناداة بحرية المرأة : ونحن نعيش في عصر النهضة والتقدم العلمي والحضاري، عصر التكنولوجيا و الديمقراطية والتحرر لم ننتبه للغة المستعملة في ظواهر تفسيرها والتي تقدم لنا المرأة على أنها مجرد وسيلة إشباع متعدد الأغراض لتكون أقرب منها الى الشيء لا الى الانسان، هذا بالإضافة الى الموروث الخبيث يختبئ الذي يختبئ تحت مظلة الاسلام ويفسر أفكاره المتحجرة " بالمجتمع الرجولي" لتكون نظرته للمرأة العربية مجرد انسان هامش غير ذي أهمية خلق لخدمة الرجل وإشباع حاجاته فقط، إنها الزمرة التي تقف صدا منيعا أمام تحقيق ٍرؤى كل طور من اطوار تقدم المرأة وارتقاؤها ، لذلك نجد من المعارضة ما لا يجده البحث عن الحلول الجذرية التي ترفع من مستواها ولتكون عنوان الفضيلة ومثال في الجد العطاء، فالإنسانية كلها ليست بشيء ان كانت انسانية المرأة ليست بشيء.
لا يجدي الحديث عن حقوق المرأة بمعزل عن حقوق الرجل ، لكن المتعارف عليه هو سر تهميش المرأة العربية كما جاء على لسان عالم الاجتماع العربي د مصطفى حجازي : أن هناك تجاهل تام للكيان الكلي للمرأة ويحدث هذا الاختزال ايجابا او سلبا في مبالغة بتكريم او غمط بتحقير وأشهر اشكال الاختزال يأخذ طابع الاحكام الجاهزة بالمرأة " قاصر ، عورة، فتنة " لهذا يجب أن ترشد وتستر وتراقب .وهذا ما يهم التقاطه لكي تتحر المرأة من هذا الموروث يحق للمجتمع ان يبذل جهدا تابتا لأن اجراس الانذار تدق بقوة سيما اننا في خصم توارث قضايا التغيير في العالم العربي وعلى صعيد العالم المعاصر اذ يجب أن لا نتجاهل تسليط الضوء وإثارة الجوانب ذات الاسبقية على روح نصف المجتمع التي تصوغ نفوس الأمم وتمنحها كل المقومات .
والحقيقة التي لا يمكن لأحد إنكارها أو تجاهلها هي وجود الرجل جنبا الى جنب ويد في يد مع نصفه الآخر أمام كل العقبات والمتغيرات حتى لا يقع صراع بين كتلتين بشريتين كل واحد منها يريد ضمان الفوز لنفسه وحتى لا نؤكد المقولة بأن الأفكار المتصلبة لفئة من الرجال احدثت للمرأة من المعاناة أكثر مما أحدثته الحروب والأوبئة والأعاصير ، إذ لا بد ان تختلف الأفكار ومن تم الآراء لكن آن الأوان للخروج من جمود الماصي الذي لم يعد قبلا للهضم في عصر الحداثة والذي لم يعد يسمح له بان يحرم احدا من حقه ،وقد يقول البعض أن المرأة العربية أصبح لها الحق في التصويت والانتخابات والعمل إذ اعتلت كرسي الوزارة والقضاء والصحة والفضاء الخ أقول نعم ذلك صحيح لكن هنا أقصد غالبية النساء في القرى النائية في الصحاري في بؤر التو ثر والصراع وفي المدن المكتظة بالنساء اللاتي يمتهن أنواع من الكسب الغير بريء ، فنجدها نادلة في مقهى أو حانة نجدها حارسة في مرآب سيارات او في الشوارع العامة ، نجدها مجندة تحمل السلاح وأمام فوهة السلاح ، نجدها على أرصفة الطرقات العامة تتسول ، نجدها بائعة السجائر بالتقسيط ، نجدها تبيع لحمها البشري في الأماكن المشبوهة ، وهذا خير دليل بان نصرخ كفى فكل مسؤول مطالب بان يدين بالحق الذي يبث له الحب في قلبه فليس بعد البطولة منزلة يتشرف بها وهو الحفاظ على هذا المركب من الآفات كي يستطيع العبور الى بر الأمان . والحرية لن تتحقق الا اذا عرف كل جنس حقيقة رؤاه وحدد اهدافه إذ يجب ان تتمتع المرأة بما يتمتع بيه الرجل من حقوق وأن تقوم بما يقوم به الرجل من واجبات وأن يتحرر الرجل من أفكاره التي جعلته يفضل التقاليد عن الدين ، وبالرجوع للدين الاسلامي نجده يحث على تحسين حالة النساء وتمتعيهن بحقوقهن كاملة وهذا الاصلاح الذي أتى به ديننا الحنيف لم يأت في المسيحية أو اليهودية ولم يأت في شريعة اليونان أو الرومان بل ظهر بفضل الاسلام الذي انكر على الأمم ظلمها للمرأة ووزع المسؤولية مناصفة بين الرجل والمرأة فهي كأخيها سواء سواء في المسؤوليات والواجبات.
أنا متفائلة من المناداة بحرية المرأة في عصر التفاؤل الفكري المتمثل في الفكر الصحيح الذي يصمن التقدم والتحرر ولأنه الطريق الامثل للتصدي لكل اعتداء او هجوم يوجه صوب حقوق المرأة.
#صباح_الشرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثمن الزمن الضائع
-
الصحوة العربية التي لا تعرف الهزيمة ولا الاستسلام
-
اللكمة الصائبة تنتزع الاحترام
-
سعيدة بك...
-
جبروت زوج مستبد
-
لعنة الله على العجلة
-
الواجب يحتم التفاني
-
شريط الحياة
-
تائهون بين إنجازات علمية مفرحة وفتاوى مرعبة
-
متى أصلي في محرابك يا وطني ؟؟؟
-
هل يمكن إصلاح صورة أمريكا المكسورة؟
-
تداعيات الاقتصاد العالمي أحد الأسباب الموضوعية لموجة للغلاء
-
الفقر أكثر قسوة في يوم الفقر العالمي
-
المخدرات وتأثيرها على الشباب والمجتمعات
-
نساء عربيات غزون عالم مهن الرجال الشاقة
-
مؤسسة عسكرية أم ملكية استثمارية ؟؟؟؟؟؟
-
مآسي البشرية (( خصوصا المرأة والطفل)) مع فيروس ومرض الإيدز
-
من يحمي الأم العازية ويتكفل بحقوق مولود ها؟؟؟
-
التعبئة الأمنية القصوى في المغرب ضرورة لاحتواء تحدي الإرهاب
...
-
لا للغبن ... لا للظلم ... لا للتجويع من اجل التركيع
المزيد.....
-
سفراء أجانب يدخلون على خط قضية -فرض الحجاب وشرطة الآداب- في
...
-
منها القتل والاغتصاب.. اتهام الدعم السريع بممارسات -شنيعة- ب
...
-
-رايتس ووتش- تطالب بنشر قوة أممية في السودان بسبب أعمال قتل
...
-
فادية وشيماء.. فتاتان من ضمن العديد من ضحايا زواج القاصرات ف
...
-
حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوط
...
-
الأورومتوسطي يطالب بإعلان المجاعة في غزة لإنقاذ المحاصرات/ين
...
-
علماء يحلون لغزًا عمره 3 آلاف عام عن امرأة مصرية ذات مكانة ع
...
-
سجلي فوراً واحصلي على 800 د.ج.. خطوات التسجيل في منحة المرأة
...
-
رابط فعال.. سجلي الآن في منحة المرأة الماكثة بالبيت 2024 في
...
-
الوكالة الوطنية للتشغيل توضح تفاصيل وشروط منحة المرأة الماكث
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|