أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - الثورات والمفكرون والحريات















المزيد.....

الثورات والمفكرون والحريات


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3348 - 2011 / 4 / 27 - 21:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثورات والمفكرون والحريات!

شاكر النابلسي

-1-

استضاف التلفزيون المصري في أحد برامجه في 17/4/2011 الفيلسوف والمفكر المصري مراد وهبة رئيس قسم الفلسفة، في جامعة عين شمس، والناشط الفلسفي السياسي، ومؤلف عدة كتب أهمها: "مُلاّك الحقيقة المطلقة" و "الأصولية والعلمانية" وغيرهما من الكتب، التي لعبت دوراً كبيراً في تشكيل العقل المصري والعربي الحديثين. وكان من المستغرب والمثير، استضافة الدكتور وهبة – خاصة - بعد ثورة 25 يناير 2011، ليتحدث عن هذه الثورة، وعن مظاهرها، ومكوناتها، ونتائجها.. الخ. إذ أن التلفزيون المصري الرسمي، بعد تنحي الرئيس حسني مبارك، أصبح يتحاشى استضافة كل من يقوم بنقد "سلبي" لثورة 25 يناير، بعد أن استضاف في السابق المؤلفة والصحافية لميس جابر، التي تحدثت عن ثورة 25 يناير بشجاعة مشهودة، فكان جزاؤها أن تمَّ حرق بيتها، وامتنعت بعد ذلك عن الظهور التلفزيوني في التلفزيون المصري، أو في تلفزيون "الحياة" الذي سبق أن استضافها في برنامج "360 درجة"، وانتقدت في هذه المقابلات ثورة 25 يناير، وقدمت الوجه الآخر لها.

-2-

كان مدار حديث مراد وهبة يتركز، في أن ثورة 25 يناير 2011 ثورة بلا مفكرين، ولا فلاسفة. وأن هذه الثورة عبارة عن مظاهرات مختلفة في شوارع مصر طالبت في البداية بالقوت، وفرص العمل، ثم تطورت إلى المطالبة بتغيير النظام، ثم إسقاط النظام. وكان وقودها الشباب من كافة المستويات التعليمية إلى درجة أن لميس جابر، تقول أن بعض شباب الثورة، كانوا يكتبون لافتاتهم بلغة غير صحيحة، مما يدل على جهلهم، ككتابة كلمة "الثورة" بـ "الصوّرة" أو "السوّرة".

وتساءل مراد وهبة قائلاً: أين مفكري مصر، وأين مثقفي مصر وفلاسفتها؟ فلقد كان للثورات الثلاث الكبرى في التاريخ (الفرنسية، والأمريكية، والروسية) فلاسفة ومفكرون، تنبَّئوا بها، وبرمجوا أفكارها، وأعدوا خططها وخطاباتها. فأين هم من ثورة 25 يناير المصرية؟ وكيف تكون هناك ثورة بلا مثقفين، ومفكرين، وفلاسفة؟

-3-

لقد خلت الثورة المصرية 1952 من المفكرين والمثقفين والفلاسفة – ما عدا المهرجين والمطبلين والمزمرين – وكانت النتيجة أن انتهت هذه الثورة، وزالت برحيل قائدها عبد الناصر، بعد 19 سنة من الحكم. والثورات لا تنتهي هكذا بسهولة. فالثورة الفرنسية باقية حتى الآن، والثورة الأمريكية كذلك. ولولا الاستبداد، والطغيان، ودكتاتورية الحزب الواحد، والعقيدة السياسية الواحدة، لعاشت الثورة الروسية أكثر من سبعين عاماً (1917-1989).

وقال مراد وهبة، أن الثورة لا تعيش إلا إذا تبنَّت الديمقراطية الحقَّة. فلا ثورة بدون ديمقراطية. وقد لمَّح وهبة – تلميحاً وليس تصريحاً- إلى أن الرأي المصري العام الآن، مُعبأ تعبئة تامة، بآراء إلى جانب الثورة. وكل رأي مخالف لرأي الشارع المصري، تتم مصادرته، ويتم عقابه بشدة. وهذه دكتاتورية ثورة، وليست ديمقراطيتها. ومطالبة وهبة بوجوب إشراك المثقفين والمفكرين في ثورة 25 يناير، هدفه إبعاد الثورة عن طريق الديكتاتورية، الذي تمثَّل برفضها لكل نقد يوجه إليها، بحيث أصبحت معظم وسائل الإعلام المصري الحكومي والأهلي تتردد، وتخشى من نشر أو إذاعة ما يُبرز عيوب وسلبيات ثورة 25 يناير. والدليل ما حصل للكاتبة لميس جابر، ولغيرها ممن جرؤ على أن ينتقد هذه الثورة. فكان وهبة متردداً في قول الكثير من الحقائق. ولعل وهبة يعلم أن خلو ثورة 25 يناير من المثقفين والمفكرين، وسيطرة العامة عليها، مرده إلى بعض التالي:

1- الإمعان في التخندق الشعبي، وفي استدرار الحلول المستسهلة القائمة على سبل الاستتباع الاجتماعي والنفعي، بدلاً من سبيل السياسة. فتحوّل الوسطيون إلى مناوئين، وتحوّل الاختناق إلى تفجّر، وإلى مزاج عامي انتقامي متهوّر، يرى أن السياسة تُصْنَع من الشارع، وليس في مجال السياسة. وفي هذا ما يبعث على القلق البالغ، كما قال المفكر والأكاديمي السوري عزيز العظمة (الانتفاضات العربية في لحظتها السورية، 23/4/2011)

2- وينبهنا عزيز العظمة الى أمرين مهمين، فيما يجري الآن من انتفاضات شعبية في مصر، وفي غيرها من البلدان العربية. الأمر الأول، يتناول التفاؤل الساذج: التفاؤل الرومانسي الغنائي الذي يجد في هدير الجماهير علامة على حتمية خلاص له التمام. أو يجد في هبّات وانتفاضات متعددة ومتباينة المكونات والأهداف والظروف "ثورةً عربيةً"، أو يجد في الديمقراطية نظاماً للخلاص، ودواءً شافياً، ومهرجاناً، وبهجةً مستديمةً. ولا يخفى أن هذا المزاج ينظر لبهجة الديمقراطية وجنّتها، على أنها أيضاً، تعدّد مُرسل للأفراد، والثقافات، والأعراق، والطوائف. ولكنه مزاج هو - بدوره- نافٍ للسياسة، ومنطوٍ على قدر كبير من النظرة العدمية تجاه الدولة، التي - على علاّتها، وترهلها، واستتباعها للسلطة- تبقى الجامع الأساسي للمواطنة، والمواطنين.
أما الأمر الثاني، فهو "الإسلام السياسي". فليس خافياً على أحد، أن السيناريو المثالي لحلّ الأزمات العربية لدى أمريكا وغيرها، هو تحالف عسكري- إسلامي ضابط للأمن، والمجتمع معاً. والحال أن التخوّف ليس مقتصراً على القوى الأجنبية، بل هو متوطن لدينا دولاً وأفراداً. فتمدد "الإسلام السياسي" والتدين اليومي لدى قطاعات واسعة من الشعوب العربية، شأنٌ آيلٌ عن انسداد السبل، وتقطُّع أسباب حماية النفس، والمال، والكرامة، وإزالة السياسة من المجال العام، وإضعاف وسائل الحماية الفردية والاجتماعية في مواجهة سلطات عاتية، جائعة العين على الدوام، تلك السبل التي وفّرتها فيما مضى الأحزاب، والنقابات، والمنظمات الأهلية. وإن عودة "الإسلام السياسي" إلى البروز- في مصر على سبيل المثال، وفي تونس إلى درجة أقل، رغم أن المجتمع التونسي، بجهازه السياسي القديم الذي كان بن علي دخيلاً عليه، وبحراكه المدني المنظم، والأقل تنظيماً، يشي بتطور اجتماعي غير قابل للردّ، وفّرته الهندسة الاجتماعية البورقيبية- ركوباً على موجات الانتفاضات التي تمت، هو المقابل السياسي لانسداد الآفاق السياسية، الذي ترتجي السلطة الاستناد إليه.

3- يقول عالم الاجتماع السياسي لين جودمان Lenn Goodmanأن الديمقراطية في القرن الحادي والعشرين لها عائد على المستوى المفهومي والاحترافي للفلاسفة السياسيين. حيث أن مفهوم الديمقراطية، غني في جاذبيته الأخلاقية والعاطفية، وفي غموضه أيضاً، وهو ما ألمح إليه قبل قليل عزيز العظمة، حين تحدث عن بهجة الديمقراطية وجنتها. ومن هنا، فإن الحراك الديمقراطي في العالم العربي، سوف يثير أفكار المفكرين والفلاسفة السياسيين، وسوف يوقد من جديد - بنار الحراك الثوري الشعبي- العقل العربي المستقيل. فالتاريخ الانساني – كما يقول جودمان- هو تاريخ الحريات. وأن مجد الديمقراطية هو الحرية. ولكن على الإنسانية أن تجد بديلاً عن الشعب لحماية الحرية. ولن يكون ذلك إلا بالقانون، الذي أشار الى ضرورة تعزيزه العظمة قبل قليل، ودعا إلى إعادة الاعتبار للجهاز القضائي الذي اهترأ، وجعلِه قوام المرحلة المقبلة.
(للموضوع بقية).



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليبيا: من ثورة بيضاء الى حرب دموية!
- ما مستقبل الديمقراطية في مصر؟
- عسل الدكتاتوريات المُرّ!
- الدكتاتوريون الكاريكاتوريون
- الإعلام المصري قبل وبعد 25 يناير
- في التحليل النفسي لظاهرة شباب الثورة
- ضباع الدكتاتورية والفساد في سوريا والعراق
- متى؟ وكيف؟ ولماذا تندلع الثورات؟
- ما ضرورة الدولة -السلطوية- المستنيرة؟
- التنوير الفكري في الحالة العربية
- الشاويش صالح: الى الخلف دُرْ!
- سوريا -بيضة قبّان- الثورة العربية
- لا هوان لمصر في يوم الامتحان
- لماذا يتعفف الإخوان حتى الآن عن الحكم؟
- نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!
- مقتل الثورة الليبية في البيت الأبيض
- شاكر النابلسي في حوار مفتوح حول: انفجار البراكين العربية
- عن جذور التنوير الفكري والديمقراطية
- عودة الروح للعرب بعد غياب طويل
- ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - الثورات والمفكرون والحريات