|
يهودي حائر أضاع الطريق إلى الصحراء
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 24 - 14:30
المحور:
الادب والفن
أنا المخلب الأخرق لصقر الحيرة، يا سيدي! عواء الوحول في الأزقة وروث الأضواء المظلمة...
أنا البصاق الذهبيّ لَمّا يرتدي وجهي قناع الأقحوانات المبتذلة، يا سيدي! ورأسي خوذة التنينات المترددة...
أنا بيت البغاء الجهنميّ لملائكة مانهاتن، يا سيدي! بتر السيقان على الأرصفة وقُبَلُ أنصاف الأجساد المسئمة...
أنا الدماء التي تزني بالدماء، يا سيدي! في مضاجع الذاكرة أصابعي أوحال الشرف وكفي شوارع بيع ما بين الفخذين بالمفرق وبالجملة...
أنا الوجار النتن لسموكنغ البورصة، يا سيدي! غائط الدولار المقدس وصلاة بنات آوى في صناديق القمامة...
أنا الأوتوستراد الذاهب إلى الجحيم، يا سيدي! عنوان الهستيريا للورود المعاقة وملاذُ كلِّ مغتصبٍ لتلك الحمامة...
أنا القيح اللازورديّ لمّا ينتمي قدري إلى عفنك الحيويّ، يا سيدي! وعنف خصر زوجك الأملس من كل رمال العشق في الشواطئ المُلامة...
*
كل الكلاب أنت سيدها وأنا كلبك الوفيّ اركلني بقدمك اتركني في قرِّ الشتاء وحيدا وفي حرِّ الصيفِ دمرِ الشمسَ فيّ!
كل الذئاب أنت مريدها وأنا ذئبك البربريّ اقتلعْ نابي بكيدك افصلْ خطمي لو كان خطمي لك هدفًا قريبا مزق ثوبي واجعل من جشعك كسائي الأبديّ!
كل التماسيح أنت عيونها وأنا دمعك الورديّ خذني بين ذراعي حراشفك أَذِبْنِي في الشعاع الشبق القادم من كاليفورنيا واتركني لحلمات الشموس مجونَهَا الكيانيّ!
كل الضباع أنت أنيابها وأنا دم خصمك السائل من شدقيك حتى النيل فِضْ بي كما تفيض الكباريهات بكرمك الْعَقْنِي لعقَ ألسنةِ المالنخوليا وَلَوِّثْ كل ما يثير القرف لديك في عالمك الداخليّ!
كل القطط أنت مواؤها وأنا لحظة من لحظاتك الحانية عليّ اكشطْ شفتي بظفرك اذبحْ حلمتي بموسى عشقك وافتحِ المدنَ التي لم تخضع للورد الشرس مذ كان هناك سؤالٌ عن وردٍ غبيّ!
*
ولدتُ خنزيرًا دون إرادتي كي أكون للورد الملوث قُبلة وغدوت الدين الحرام حتى مماتي كي أكون للحمام الدنس قِبلة
سأكون في حظائر الحب ما لا أكون نعل البتول ودبوس المومس سأُرضي عقاب قاضي الجنون بسلاسل الزنابق وسجون العرائس
أنا التافه الذي يمكنه أن يكون تافهًا أكثر من أجلك! أنا الذليل الذي يمكنه أن يكون سيرًا أكبر لحذائك!
ماذا أفعل كي أنحط بكل كبرياء الجِمال؟ ماذا أقول لقمر الوحل عن جَمال بنات آوى؟ ماذا أزرع في حقول بطن حبيبتي غير بصل الذهب وفجل المال؟ ماذا أحصد من قمح أحمق لا يباع في فلوريدا؟
سأبوس قدم الذل ليس لأعلو بل لأشعر بالصَّغار لماذا لا يعطف أحد عليّ؟ لماذا لا يعوي أحد معي تحت سماء الصِّغار؟
في نيويورك لا ظلال للناس وأنا ظِلٌ أضاع البدن في نيويورك لا خلان للناس وأنا خِلٌ أضاع الزمن
*
قناديل. دموع. لهيبُ ذكرى. أحابيل. دروع. أفواهٌ حيرى. تقول يا حبيبي. ما العمل؟ ما الطريق؟ ما الجوهر؟ ما الحريق؟ ما اللهب؟ لماذا كل هذه الحيرة بين البحر والصحراء؟ لماذا كل هذا التردد بين الأنصال والأقمار؟ لماذا انعكاس الأقمار في مستنقعات الشهوة؟ لماذا احتفال الدمار دون مقدمة؟ لماذا ترغب في هذه اللحظة وبعد لحظة لا ترغب؟ لماذا تكره في هذه اللحظة وبعد لحظة لا تكره؟ لماذا تغضب في هذه اللحظة وبعد لحظة لا تغضب؟ لماذا تخضع في هذه اللحظة وبعد لحظة لا تخضع؟ كيف تقتل وقتك بين قمر سيدك وقمر الكون؟ كيف تخنق أملك بقمر لاس فيغاس وقمر أصيص الموت؟ كيف تمحو ليلك بقمر البطن وقمر البَنْطال اللصوق؟ كيف تحرق رملك بقمر اللهب وقمر الظهر المنكود. كل الأقمار واحدة برأيك. وأنتِ برأيي كل الأقمار. تتعاظل الأقمار على نهدك. والورود على ساقك. يتوحش نهدك. وتعوي ساقك. أنا العُواء. ومخالب نهدك. أنا البحر الهائج على بطنك. بطنك بركان يقذف بما يحبل من أطفال. الحمم أطفالك المشوهون الجميلون كقرود متحف اللوفر. الاحتيار ينفي الاختيار. احتيار. اختيار. أنات. القرنفل يعانق النحل. للنحل نهود كنهود السمك. للسمك نهود كنهود النقانق. للنقانق نهود تعضها الأسنان عند عضها للساندويشات. احتيار. اختيار. أنات. أنات في الليل المستلقي معنا في فِراشنا. الفَراش يعانق الليل. وشيئًا آخر. للفَراش أسنان حديدية. لهذا يئن الورد. والليل يستلقي دومًا في فِراشنا. ليس لليل جسد. وإلا ضاجعنا الليل. الليل فكرة سوداء. كالقرنفل الأسود. والشعاع الأسود. والندى الأبيض. على حلمتك يسقط الندى الأبيض. ومن حلمتك يقطر الحليب الأسود في شفاه جِراء النحل. فالنحل ينبح. وهو يلد عندما يحبل بجِراءٍ تحلّق على شفاه الورد لأجل الرحيق. لأجل العسل الأسود. عسل مالح طعمه كماء البحر الميت. هناك. احتيار. اختيار. أنات. حيث تعيش حيوانات منقرضة أجسادها من البوتاس والفوسفات. كل حيوان منجم. وكل منجم شعب. وكل شعب دبابة من الآمال والمهن الوضيعة. كمهنة القصف. ومهنة القتل. ومهنة تدمير الكهوف بين سيقان الصنوبر. ومهنة تجميع الذوات في العلب المحفوظة. ومهنة تخليل الأديان في المرتبانات المقدسة. ومهنة تلوين الخيال بفساتين كوميديات هوليوود. ومهنة تقييء التاريخ من أدبار الدكتاتوريين. ومهنة إطلاق البلح من بطون دير ياسين. ومهنة تلويث شفاه الخنازير بأقلام حمرة لونها أزرق. لماذا لا تختار لك مهنة؟ مهنة إسقاط الرموز والعلامات مع غائط ملوك الكتابة مثلاً؟ لماذا تحتار؟ أحلى المهنِ مهنةُ الذين لا مهنة لهم في أسواق الممرضات العاريات الصدر لأجل تحرير الحمام قبل أن يمطر الاستقلال علينا بشفاه ملكات الجمال المقطعة كقطع المورتاديلا في صحون سلطة الخوخ ولحم الدجاج الأبيض بياض امرأة أحبها دب قطبي أضاع الطريق إلى صحراء النقب.
*
لم يكن البحر طريقي، يا سيد البحر! فلماذا جعلتني في البحر شراعًا تائها؟ الحيتان لا تعرف للصحراء طريقا فلم أشأ أن أكون للحيتان قاتلا! لم يكن هذا شرط ريح الشمال عليّ أنا الطائع حتى لجبروت الرغام ليلا! قل لغيري ممن أضاعوا كل شيء وغدوا لك جعةً ومندلينا أن يفعلوا في الحيتان ما لن أفعل أنت ربي ولكن... رب الحيتان يبكي علينا! لا احتيار للنرجس في البحر ولا في بطون السمك لا اختيار في هارلم ولا بين أنياب التنك؟ اتركني، يا سيد البحر، للغرق! ادعسْ منجلي الأحمر يظل أحمر اقطعْ بقَدّومي الأصفر كل الشجر يظل أصفر اتركني أجد طريقي وحدي إلى الجنادب وأضاليا الزمن اتركني أخضع للشمس، يا سيد الشمس والقمر! الخضوعُ مهنتي والعبثُ عشبُ القدر!
باريس السبت 16.04.2011
كاتب ومفكر وأستاذ سابق في السوربون
[email protected]
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاعر شيوعي قديم يشرب كأس بيرة في بار الفردوس
-
المثقف الفلسطيني وحالة التهميش والحصار التي يتعرّض لها
-
ثلاث ملاحظات أساسية حول الثورة المصرية
-
حكومة البخيت للإصلاح أم للإرعاب؟
-
نافذة على الحدث الثورة المضادة
-
حكاية فلسطيني عاد إلى يافا*
-
شومسكي المخيب للآمال
-
الوقت الضائع في عالم عربي ضائع
-
ترجمة الفصول الخاصة باتفاقية أوسلو (2) تمهيد للأسر والتبعية
...
-
ترجمة الفصول الخاصة باتفاقية أوسلو (1) أكبر عملية نصب سياسية
...
-
حوار مع د. عزمي بشارة
-
نحو مؤتمر بال فلسطيني (28)
-
قوى العقل في إسرائيل والعالم العربي
-
يا عبد الله الثاني هل أنت مقتنع بما تقول؟
-
ما تبقى من: حوار مأزوم حول الأدب وقلة الأدب وما بينهما...!؟
...
-
حوار مأزوم حول الأدب وقلة الأدب...!؟
-
نحو مؤتمر بال فلسطيني
المزيد.....
-
-فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل
...
-
باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي
...
-
“اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في
...
-
فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
-
حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
-
-بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
-
تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل
...
-
قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
-
وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا
...
-
“وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|