أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - لماذا ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي















المزيد.....

لماذا ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3340 - 2011 / 4 / 18 - 22:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحدثت اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور المغربي لخبطة واضطرابا كبيرين في صفوف الأحزاب السياسية، بسبب مفاجئتها بتحديد سقف زمني محدد لتقديم مقترحاتها، وعدم إتاحة الوقت الكافي لها للبتّ في العديد من الأمور التي ربما لم تسنح لها الفرصة من قبل لتعميقها، بسبب انخراطها الكلي وبشكل تبعي في السياسات الرسمية للدولة، دون حسّ مستقبلي وتاريخي يسمح باستشراف المستقبل بشكل استباقي. وتتحمل هذه الأحزاب قسطا من المسؤولية كذلك فيما يجري، لأنها لا تعمد إلى تدارس موضوع ما إلا بعد أن ترد عليها "إشارات" من الملك تدعوها إلى ذلك، وبما أنها أحزاب تعودت على انتظار "الإشارات"، فإنها تضع أطرها وخبراءها في الثلاجة ثمّ تتخذ المواقف المتسرعة بعد ورود "الإشارات" ودون إعداد الملفات المطلوبة في هذا الشأن أو ذاك. حدث هذا في موضوع الجهوية مثلما يحدث الآن في موضوع الأمازيغية، التي تعودت معظم الأحزاب السياسية على الحديث عنها موسميا في أوقات الإنتخابات وبعبارات سطحية فضفاضة وبشكل يتسم على العموم بالغموض والإلتباس، لتجد نفسها اليوم ملزمة بسبب "الإشارات" بالبتّ في الموضوع عن غير بينة وبدون وضوح فكري لازم، فباستثناء حزب الإستقلال الذي يتوفر على موقف واضح وقطعي ومبدئي لا رجعة فيه في موضوع الأمازيغية، وهو موقف العداء السافر الذي وصل مرّة أن أعلن أمينه العام أمام شبيبة الحزب ـ لطمأنة الحاضرين القلقين ـ بأن الحزب "سيكافح" لكي لا تكون الأمازيغية في الدستور، وباستثناء حزب الحركة الشعبية الذي حسم منذ سنوات طويلة في قانونه الأساسي وأدبياته في ضرورة ترسيم الأمازيغية في الدستور، فقد كان على الأحزاب الأخرى أن تقوم ببعض الجهد لتدارس الموضوع ومقاربته من مختلف أوجهه وربطه بالسياق الحالي وبالرهانات المستقبلية لبلادنا، غير أن الذي يبدو من مواقف بعض الأحزاب هو العكس من ذلك تماما، فهناك أحزاب ظلت تتداول الموضوع أياما دون أن تصل إلى نتيجة، وهناك أخرى اتخذت موقفا ظهر فيما بعد أنه ليس موقف قواعدها و أطرها بل وحتى بعض أعضاء قيادتها، وظهرت أحزاب أخرى تطرح أسئلة الأبجدية الأولى لهذا الموضوع الذي لم يسبق لها أن فكرت فيه بشكل جدّي.
والحال أن الأمازيغية ليست بهذا القدر من التعقيد، فسواء كهوية أوكلغة وثقافة، فهي متواجدة بتجذر في كل مناطق المغرب بدون استثناء من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، في السهول والجبال والصّحاري، بل إن جغرافيا البلد تتكلم بشكل واضح لغة الأمازيغ الأحرار منذ آلاف السنين، على هذا المستوى لا تحتاج الأحزاب إلى كبير عناء لمعرفة الموقف الذي ينبغي أن تتخذه. أما على مستوى وضعية اللغة الأمازيغية فثمة قرائن موجودة يمكن اعتمادها بكل نزاهة، ويمكن ترتيبها على الشكل التالي:
1) شرعية العراقة التاريخية والجغرافية للسان الأمازيغي بالمغرب، وديناميته وحيويته في التواصل حتى الآن رغم انقراض كل اللغات القديمة المجاورة له، واحتضانه لثقافة زاخرة شديدة الغنى والتنوع، والتي تتميز بإبداعية ملازمة لهموم الإنسان المغربي اليومية.
2) شرعية اللوبي المدني الضّاغط منذ نصف قرن، والذي وصل في اتساعه أزيد من ستمائة جمعية في كل مناطق المغرب الحضرية والقروية، إضافة إلى المثقفين والباحثين والفنانين والمبدعين في مختلف المجالات والتخصصات، و كذا حلفاء هذه الحركة من تنظيمات مدنية وسياسية تساندها في مطالبها المشروعة والديمقراطية.
3) شرعية الشارع المغربي من خلال صوت حركة عشرين فبراير التي وضعت ضمن مطالبها الإعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية للبلاد، في إطار دستور جديد يضمن الكرامة لجميع المغاربة على قدم المساواة.
4) شرعية العمل الأكاديمي الجبّار الذي قام به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على مدى عشر سنوات، والذي أثمر معاجم اللغة وتوحيد قواعد صرفها ونحوها وإملائيتها بحرفها الأصلي تيفيناغ، والذي أنتج الكتب المدرسية ومنهاج التعليم والحوامل البيداغوجية من كل نوع، وقام بتكوين المكونين. وهي معطيات لم تعد تسمح لأحد من المناوئين بأن يعود بهذه اللغة إلى ما قبل 2001، عندما كانت لغة الهامش التي تتجاهلها المؤسسات.
5) شرعية الدينامية المؤسساتية التي انطلقت وساهمت رغم كل العراقيل في تطوير اللغة الأمازيغية بشكل كبير، ونخصّ منها بالذكر تجربة التعليم التي نجحت بنسبة 10 في المائة فقط بسبب عدم التعميم كما كان مقررا، لكنها خلقت تجارب أوضحت العديد من العناصر الهامة في منهجية التدريس، وأظهرت مدى التفاعل الإيجابي للتلاميذ مع اللغة الأمازيغية. كما نذكر أيضا تجربة الإعلام من إذاعات وقنوات تلفزية وخاصة منها قناة تمزيغت الثامنة، التي استطاعت في ظرف سنة واحدة أن تستقطب جمهورا عريضا وأن تطور تجربتها بشكل ملموس.
6) شرعية المنتظم الحقوقي الدولي الذي أقر بضرورة دسترة الأمازيغية كلغة رسمية كإجراء ضروري لحمايتها والنهوض بها، ونخصّ منها بالذكر توصيات لجنة الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية المجتمعة بجنيف، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ولجنة مناهضة كافة أنواع التمييز العنصري بالأمم المتحدة، والتي اعتبرت كلها أن ترسيم الأمازيغية في الدستور هو المنطلق القانوني لإنصافها.
7) شرعية دساتير الدول الديمقراطية التي تنصّ على أكثر من لغة رسمية، والتي تقدّم نماذج رائعة لتدبير التنوع الثقافي واللغوي بشكل منصف وعادل، والتي منها من تعترف بـ 37 لغة رسمية في دستورها كبوليفيا، و منها من ينصّ دستورها على 23 لغة كالهند، و أخرى على 11 لغة كجنوب إفريقيا، وغيرها على أربع لغات كسويسرا، دون الحديث عن الدول التي تنصّ دساتيرها على لغتين رسميتين وهي كثيرة جدا. فالمغاربة باعترافهم بالأمازيغية كلغة رسمية لن يخترعوا العجلة، بل فقط سيسلكون مسلك من سبقهم من الدّول المتقدمة التي سوّت مشاكلها منذ زمن بعيد، وسمحت لمواطنيها بأن ينعموا بالمساواة والعدل في بلدهم.

إذا كانت كل هذه القرائن والحُجج غير مقنعة بالنسبة للأحزاب المتردّدة، والتي تختبئ وراء مفهوم "اللغة الوطنية" التي لا تعني شيئا جديدا بالنسبة للأمازيغية ما عدا استمرار الميز وسياسة الإبادة الثقافية Ethnocide ، والتي لن توفر للغتنا الأصلية أية حماية قانونية داخل المؤسسات، ولن تحقق المساواة والعدل المطلوبين، فمعنى ذلك أنها أحزاب ما زالت ضحية الإيديولوجيات الإقصائية التي عفى عليها الزمن، ومعناه أيضا أن هذه الأحزاب تعيش خارج التاريخ، وترفض دخوله من بابه الواسع.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة الجهوية بالمغرب
- ثوابت النظام وسقف المطالب الشعبية
- ما تخشاه السلطات المغربية
- موانع التغيير السبعة
- إحراق النخب
- الثورة وعودة الإيديولوجيات
- -رعايا- المغرب بين البيعة والديمقراطية من أجل تعاقد سياسي جد ...
- كيف تسرق الثورات؟
- أصوات المغرب غير النافع
- حتى لا يضيع الحلم التونسي الجميل: الحرية أولا !
- الأمازيغ، القذافي وسيادة الدولة المغربية
- التربية وثقافة الحوار
- الأب نويل في بلاد المسلمين
- دموع الوزراء
- الإسلام القسري
- الصحراء السلطة و المجتمع
- صورة المغرب بين -الإجماع الوطني- و الموقف النقدي
- عيد الأضحى والسلوك المدني
- الهوية والتاريخ والسياسة، متابعات
- إلى المدافعين عن العربية: هذه أخطاؤكم فتداركوها!


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - لماذا ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي