أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - ما تخشاه السلطات المغربية















المزيد.....

ما تخشاه السلطات المغربية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3301 - 2011 / 3 / 10 - 04:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبيّن من الحراك الشعبي الأخير الذي خضّ الساحة المغربية وألقى في بركتها الآسنة بحجر ضخم، أنّ ما تخشاه السلطات المغربية أمور ثلاثة، وأن على هذه الأمور الثلاثة ينبغي الإعتماد في الضغط من أجل التغيير أو الإصلاح الجذري :

1) انشغال الشباب وأغلبية المواطنين بالسياسة، حيث كانت السلطة تعول بقدر كبير على عزوف الناس عن السياسة من أجل ترسيخ آليات الحكم المطلق، وقد نجحت بشكل كبير في صرف فئات عريضة من المجتمع عن الإهتمام بشؤون الحكم باعتبار هذه الأخيرة من اختصاص الملك، وهو ما أدّى إلى أن يسحب الناس ثقتهم من الأحزاب السياسية، ومن النخب عموما، وأصبحت الفكرة السائدة هي أن الملك هو الماسك بزمام الأمور كلها، وأنه لا جدوى من التصويت في الإنتخابات على أحزاب لن تحكم، أو العمل السياسي بداخل التنظيمات السياسية المتواجدة. وأصبح الكثير من المواطنين يفضل مراسلة الديوان الملكي في أمور تتعلق حتى بأبسط المشاكل الشخصية، وأن ينتظر آخرون أن تسنح لهم الفرصة لكي يُمدوا الملك بـ"رسالة" في إحدى جولاته. كما أن التطورات التي عرفتها عقود ما بعد الإستقلال والتي أدّت إلى تهميش نسبة كبيرة من مناطق البلاد ومعها نسبة هامة من السكان قد أدّت إلى ظهور الحركات الإسلامية التي اعتبرت الوعي الديني التقليدي مدخلا إلى العمل السياسي، وهو ما جعل السلطة تردّ على ذلك بتشجيع المهرجانات الموسيقية والإحتفالات والبهرجة سواء في وسائل الإعلام أو في المجتمع، مما ساهم في إبعاد الشباب عن الإهتمام بالشأن العام، وفي نفس الوقت ساهم فسادُ المؤسسات وإجهاض العمل البرلماني وإفراغه من محتواه المؤسساتي الفاعل، وتحويله إلى مجرد صراع عبثي على الكراسي، ساهم ذلك كله في جعل السياسة مرادفة للنصب والإنتهازية واستغفال الجمهور.

ولأن السلطة بعد كل ما قامت به من تدابير استباقية في سياستها الأمنية لم تكن تعتقد في إمكان انبثاق وعي سياسي مدني ديمقراطي في صفوف الشباب، فقد كانت تتناقض بين الحرص على صرفه عن السياسة اليومية، وبين تحفيزه على "التصويت" في الإنتخابات من أجل إدماجه في لعبة السلطة بشكل سطحي، واستغلال صوته لتكريس واقع يفتقر إلى أسس الحياة الديمقراطية السليمة.
غير أن هذه الحسابات كلها ستختل وتهتز مع الأحداث المفاجئة التي ستعرفها تونس ومصر وليبيا واليمن، والتي ستخلق مناخا جديدا للتفكير والعمل السياسي خارج ضوابط السلطة والتنظيمات الدائرة في فلك نظامها المحدود، بل وخارج الخطوط الحمراء التي رسمتها السياسة الرسمية في العقود السابقة. ففورة الوعي السياسي التي اتسمت بالحدّة والوضوح والجرأة، والتي لم تعد تنتظر "ترخيص" السلطة لكي تعبر عن نفسها، جعلت شباب اليوم مقتنعين بضرورة التوجّه إلى أصل الداء في أنظمة ما فتئت تبني قوتها على تهميش القوى الحية وكسر الطاقات الشابة وتدجينها.
نحن إذا أمام ظاهرة كانت مصدر خوف للسلطات المغربية على الدوام، وهي صحوة الوعي السياسي الديمقراطي لدى الشباب ولدى النخب المطالبة بالمرور رأسا وبدون لفّ أو دوران نحو التأسيس للبناء الديمقراطي المستقبلي، بعد أن قضت السلطة عقودا من التردّد والتلكأ والذهاب والإياب بين قرارات متناقضة، تنتهي دائما إلى إجهاض ما أطلقت عليه "المسلسل الديمقراطي".

2) تكتل القوى المتصارعة وتفاهمها والتقاؤها على أرضية شعار واحد موحد ومشترك، و نسيانها لخلافاتها الإيديولوجية وعزمها على التنسيق من أجل الضغط المدني والسياسي على السلطة.
لقد كان المخزن التقليدي شأنه شأن السلطات القمعية في بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط يعتمد خطة "فرّق تسد" التي أبانت عن نجاعة كبيرة بسبب عدم اعتبار التغيير الديمقراطي أولوية تعلو على الإيديولوجيات المتناحرة، فالتيارات السياسية من اشتراكية و ليبرالية وشيوعية ومن يمينية و يسارية والتنظيمات الهوياتية مثل الإسلامية والقومية العربية والأمازيغية والفرعونية والكردية والأرمنية والزنجية إلخ.. وكذا الطوائف الدينية والتجمعات القبائلية، كلها كانت تجسد خريطة واسعة لصراعات وصدامات عميقة ومعقدة، وتكاد تبدو بلا نهاية، وكانت تلك أهم ورقة في يد السلطات تشكل مصدر أمان و اطمئنان دائم، حيث يجعل الصراع بين الفرقاء المتناحرين من السلطة بديلا مطلقا للجميع، مما كان يُضعف الكل ويُخضع كافة التنظيمات والتيارات لغلبة السلطة القهرية المتعالية، التي لا تني تقدّم نفسها كعامل "توحيد" للبلاد. والحال أن ما كان يجعل سلطات الإستبداد تظهر كعنصر توحيد ورمز للسيادة إنما هو التفرقة والتناحر اللذان يطبعان الساحة السياسية. وهو ما كان يخفي حقيقة أن الوحدة الفعلية والسيادة الكاملة إنما تتحقق بالعدل والمساواة والحرية والكرامة للجميع.
وكان من أهم ما جاءت به الثورتان التونسية والمصرية، هو هذا الوعي الوحدوي الذي جعل كافة الأطراف تدرك أهمية التكتل الوطني من أجل إسقاط الإستبداد، حيث انتهت بشكل ملموس مرحلة النضالات الجزئية لتفسح المجال لنضال شمولي عميق وجذري يكون له مفعول الحل الشامل لكل القضايا الديمقراطية.
هذا التوحّد بين الأطراف المختلفة التي كان صراعها اليومي وقودا للسلطة الإستبدادية، هو مما يخيف السلطات المخزنية بالمغرب، و يربك حساباتها.

3) عودة الثقة في المبادئ الكبرى وقيم النضال المثالية التي هي باعث على التضحية من أجل التغيير، وقد كانت سلطات الإستبداد قد قضت بشكل شبه تام على هذه المبادئ وأحلت محلها مبادئ الطموح الأناني والفردانية والميل إلى الربح والتنعّم بثقافة الإستهلاك والترفيه، وجعلت التنظيمات تتفسخ وتتفكك بسبب ذلك، كما تحولت الكثير من الأحزاب والجمعيات إلى صور مصغرة للمخزن، على رأسها قادة أبديون يتصرفون كالملك وحاشيته.
إنّ عودة الروح إلى النضال الجماهيري الشعبي المشترك، والإيمان بالتغيير كهدف أسمى يحقق الديمقراطية المطلوبة عبر الحسم في اختيار مصداقية المؤسسات عوض المزاج الفردي للحاكمين، هو مؤشر إيجابي يمثل أحد عوامل النجاح الكبرى، كما يمثل مصدر انزعاج للسلطات، مما يفسر تسليطها لخدامها في وسائل الإعلام ضدّ الشباب من أجل التهوين من شأن ما يجري ومحاولة إرجاع عقارب الحراك الشعبي إلى الوراء، وجعله يخضع من جديد لإيقاع الأحزاب ونخب التوافقات الهشّة.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موانع التغيير السبعة
- إحراق النخب
- الثورة وعودة الإيديولوجيات
- -رعايا- المغرب بين البيعة والديمقراطية من أجل تعاقد سياسي جد ...
- كيف تسرق الثورات؟
- أصوات المغرب غير النافع
- حتى لا يضيع الحلم التونسي الجميل: الحرية أولا !
- الأمازيغ، القذافي وسيادة الدولة المغربية
- التربية وثقافة الحوار
- الأب نويل في بلاد المسلمين
- دموع الوزراء
- الإسلام القسري
- الصحراء السلطة و المجتمع
- صورة المغرب بين -الإجماع الوطني- و الموقف النقدي
- عيد الأضحى والسلوك المدني
- الهوية والتاريخ والسياسة، متابعات
- إلى المدافعين عن العربية: هذه أخطاؤكم فتداركوها!
- الفن و الدين بين الذات و المجتمع إلى الممثلة لطيفة أحرار
- عن التعدد اللغوي ووظائف اللغات بالمغرب رسالة مفتوحة إلى الدك ...
- تعقيب على -إعلان دمشق-: هل تهدد الديمقراطية مستقبل اللغة الع ...


المزيد.....




- حقوق المحاربين الأمريكيين القدامى تتراجع.. غضب ضد سياسة ترام ...
- مسؤول أميركي من بيروت: انخراط حزب الله في الحرب بين إيران وإ ...
- الشرق الأوسط بين حربين.. تحوّلات ربع قرن وصدامات تتجدد
- خطوة واعدة.. دواء جديد لإنقاص الوزن يتفوق على أوزمبيك
- المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران: في حال تدخل طرف ثالث في ...
- الجيش الإسرائيلي: إيران استخدمت صاروخا متعدد الرؤوس الحربية ...
- الخارجية الليبية تعترض على طرح اليونان عطاءات للتنقيب في منا ...
- زاخاروفا: نتوقع اعتذارا من روما عن دعوة شبكة RAI الإيطالية ل ...
- إعلام: ترامب غادر قمة مجموعة السبع مبكرا بسبب ماكرون وزيلينس ...
- زاخاروفا: يجب مواصلة مفاوضات البرنامج النووي الإيراني السلمي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - ما تخشاه السلطات المغربية