أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - التربية وثقافة الحوار














المزيد.....

التربية وثقافة الحوار


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3236 - 2011 / 1 / 4 - 22:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصبحت القاعات العمومية ومنتديات الحوار ومواقع الأنترنيت مجالات تناطح يومي بين مواطنين مغاربة متعلمين ويحمل بعضهم شواهد عليا، مواجهات يطبعها العنف الرمزي واللفظي وانعدام أبسط قواعد اللياقة والإحترام للرأي المخالف، ورغم ركاكة اللغة وإسفاف العبارات، وكثرة الأخطاء المعرفية، فمعظم المتناطحين لا ينتبهون إلى مستواهم المتدنّي، وينساقون لقواعد لعبة منحرفة غير ذات مردودية تذكر سوى زرع الأحقاد والضغائن، وصرف الإنتباه عن مواطن الداء الحقيقية، مما جعل معظم فرص الحوار تهدر في غليظ الكلام وتصفية حسابات صغيرة، وتنتهي بدون نتائج أو خلاصات تذكر.
والخطير في هذه الظاهرة هو أنها أصبحت تنحو لدى أغلبية المتدخلين في النقاش نحو تعويض طرق الحجاج ومناهج البرهان العقلي والمنطقي والعلمي، بأساليب القذف والشتم والتشهير والإساءة إلى الأشخاص بهدف صرفهم عن التفكير وصدّهم عن التعبير عن آرائهم، ودفعهم إلى الصمت أو تغيير آرائهم، فتصبح البلاغة وسلاح اللغة وحدهما بديلا للفكر الحي والنقدي، وهو مؤشر سلبي ينذر بمزيد من التردّي والتراجع.
وقد زاد من حدّة هذه الظاهرة فضاءات الأنترنيت التي تسمح بنشر آراء وتعليقات قد لا ترقى إلى مستوى النشر، لأنها في معظمها بسبب طابعها الهجائي موقعة بأسماء مستعارة، مما يحرّر أصحابها من المسؤولية الشخصية التي تلحّ عليها الصحافة المكتوبة، حيث يتحلل الأشخاص من أي شعور باحترام الذات واحترام الآخرين فيما يكتبون، بسبب اختفائهم وراء الإسم المستعار، وعدم وجود ما يلزمهم بالكشف عن هوياتهم الحقيقية التي قد تجرّ عليهم المحاسبة والنقد. ومعلوم أنّ هذا الشعور بالمسؤولية تجاه الذات وتجاه الآخرين هو الذي يجعل أفعال الأفراد أكثر عقلانية وحرصا على التفاهم مع الغير، وعلى السمو في الفكر والممارسة.
لقد تقلّص إلى حدّ بعيد حيز الرقابة على المواقف والأفكار، وهو مؤشر إيجابي، لكن له تبعاته السلبية التي علينا التفكير في أساليب تداركها.
والحقيقة أن التفكير في أصل هذه الظاهرة التي تشمل مختلف التيارات اليمينية منها واليسارية والإسلامية والأمازيغية، والتي تزايدت في الآونة الأخيرة يجعلنا نطرح مسؤولية مختلف الأطراف التي يمكن ترتيبها على الشكل التالي:
ـ مسؤولية السلطة التي وإن سمحت نوعا ما بتوسيع نسبي لهوامش حرية التعبير، إلا أنها خلقت بسياستها اللاشعبية، وبسبب انسداد الآفاق وإجهاض المشاريع المعلنة وإفسادها وتراكم الخيبات، احتقانا كبيرا لدى الشباب ولدى جزء هام من الفئات النشيطة والمنتجة، حيث بسبب الإستياء العام أصبح مجرد إثارة موضوع من المواضيع للنقاش مدعاة لردود فعل متشنجة وعنيفة، ترمي إلى الإنتقام أو التنفيس أكثر مما تهدف إلى توضيح الرؤى واقتراح الحلول.
ـ مسؤولية الأحزاب السياسية التي تخلّت بشكل كبير عن وظيفتها التأطيرية، والتي تراجع بشكل ملحوظ دورها في التوعية والتواصل مع الفئات العريضة من المجتمع، ليس عبر القنوات الرسمية التي احتكرتها السلطة زمنا وأفسدت نظرة الناس إليها، بل عبر قنواتها الخاصة ووسائلها الحزبية وهياكلها.
ـ مسؤولية المجتمع المدني الذي جعل مهمته تقتصر على التحريض ضد الدولة والأحزاب والتيارات المختلفة، عوض اعتماد مقاربة إيجابية وانتهاج أسلوب في العمل أكثر موضوعية بهدف التشخيص الواقعي للأوضاع والخروج برؤى عملية واضحة.
ـ مسؤولية المنظومة التربوية التي ما زالت بحاجة إلى إصلاح حقيقي يسمح بإدراج عناصر النسبية والإختلاف وأخلاقيات الحوار ضمن برامجها ومقرراتها، ويحدّ من الأضرار البليغة الناتجة عن تلقيح المتمدرسين بنسب هائلة من المطلقات التي تولد أصنام الفكر والمعرفة، والتي تجعل المتمدرسين يرون العالم مقسما إلى لونين إما أبيض أو أسود، ويشعرون كما لو أن مشاكلهم تأتيهم دائما من الغير عوض النظرة النقدية إلى الذات بحثا عن أعطابها ونقائصها التي تمثل الأسباب الحقيقية لتخلفنا قبل الغير.
إن المشكل تربوي في العمق سواء بالمعنى العام أو الخاص للتربية، ما دام الهدف هو إشاعة قيم و مبادئ إيجابية ومواجهة ذهنية العنف بكل مظاهرها وأبعادها.
ولاننسى في هذا السياق مسؤولية المواقع الإلكترونية في تقييم ردود القراء و مقالاتهم، والذي لا يعتبر رقابة أو حظرا بل هو من باب الحرص على جودة مستوى النقاش، ومصداقية الموقع، وفي هذا الصدد ننوه بموقع الحوار المتمدن الذي هو أحد أكبر المواقع في العالم، والذي يقوم بحذف أي ردّ ورد فيه سب قبيح مهما كان توجهه، تاركا بدله العبارة التالية: "لم ينشر التعليق لمخالفته للقواعد".
إنّ هيمنة العنف اللفظي على فضاءاتنا هو أمر في غاية السلبية، لأنه يعاكس مشروع الإنتقال نحو الديمقراطية الذي لا يمكن أن ينجح بدون إشاعة ثقافة الحوار والإختلاف واحترام الآخر، ما دامت الديمقراطية ليست أكثر من تدبير الإختلاف بطرق سلمية، وهي صنو الحرية، بينما الإستبداد نتاج العنف، كما أنه يولد العنف حيث لا يستطيع الإستمرار إلا بواسطة الإكراه والإخضاع والزجر والتهديد والوعيد، و هي حالة ليس لنا خيار في أن نغادرها بعد أن قضينا فيها قرونا طويلة.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأب نويل في بلاد المسلمين
- دموع الوزراء
- الإسلام القسري
- الصحراء السلطة و المجتمع
- صورة المغرب بين -الإجماع الوطني- و الموقف النقدي
- عيد الأضحى والسلوك المدني
- الهوية والتاريخ والسياسة، متابعات
- إلى المدافعين عن العربية: هذه أخطاؤكم فتداركوها!
- الفن و الدين بين الذات و المجتمع إلى الممثلة لطيفة أحرار
- عن التعدد اللغوي ووظائف اللغات بالمغرب رسالة مفتوحة إلى الدك ...
- تعقيب على -إعلان دمشق-: هل تهدد الديمقراطية مستقبل اللغة الع ...
- -تعريب الحياة العامة- مقترح مكانه الطبيعي سلة المهملات
- الأمازيغ و التلفزة المغربية
- الأمازيغ بين التقرير الأممي و الدراسة الإسرائيلية
- مجلس الجالية و عقلية -أهل الكهف-
- الخطبة و الخطباء
- عودة إلى -أسئلة الإسلام الصعبة-
- عقول صغيرة
- الفن و الدين أو الحرية في دائرة المطلق
- جذور العنف في الدولة المغربية أو المغاربة في مواجهة نمط الإس ...


المزيد.....




- مصور إماراتي في أبوظبي يسعى لتوثيق -الهوية المعمارية- لبلاده ...
- مهلة الأسبوعين والحرب الإسرائيلية الإيرانية.. هل يمكن الوثوق ...
- إيران وإسرائيل: جهود التهدئة تسابق الطائرات والصواريخ
- خبير عسكري: إيران تعتمد مناورة صاروخية ذكية والمفاجآت معياره ...
- إندبندنت: كيف تمكّنت إيران من اختراق نظام القبة الحديدية الإ ...
- إسرائيل.. 30 ألف مطالبة بالتعويض جراء هجمات إيران
- محللون إسرائيليون: قصف سوروكا غير مؤكد والهدف قد يكون عسكريا ...
- الصورة الكبرى لتغير المناخ والذكاء الاصطناعي
- لقاء جنيف.. ماذا بجعبة الترويكا لخفض التصعيد بين إيران وإسرا ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: شركة الطيران العالمية إيزي جت ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - التربية وثقافة الحوار