أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - العفيف الأخضر - توسيع دائرة النظام أم توسيع دائرة العنف؟















المزيد.....

توسيع دائرة النظام أم توسيع دائرة العنف؟


العفيف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 17:02
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


رسائل تونسية:توسيع دائرة النظام أم توسيع دائرة العنف؟

تمر تونس اليوم بفترة انتقال محفوفة بالعوائق والمخاطر،ومحفوفة خاصة باللايقين:هل ستكون انتقالاً من نظام إلى نظام مع استمرارية الدولة كما يقتضى التقليد السياسي التونسي،أم ستكون،كما يريد"حزب الانتقام"من الحداثة التونسية،انتقالاً من دولة إلى دولة أو حتى،على الأرجح،إلى اللادولة،إلى الصوملة؟ الحكومة المؤقتة والفاعلون السياسيون الواعون بما يترصد وطنهم من أخطار يتحركون في حقل ألغام؛ أشدها خطراً لغم الأمن:التوتر العالي بين الجهات ، والاشتباك بين القرى، والاقتتال بين الأحياء لأقل شائعة أو أتفه الأسباب،اوغيرها من مظاهر العنف التي سيتكفل قانون المحاكاة بتعميمها.اللغم الآخر، الذي لا يقل خطراً هو لغم عجز الحكومة المؤقتة،أمام إصرار حزب الانتقام على إفلاس الاقتصاد الوطني،عن إعادة البلاد إلى العمل،و هي قضية حياة اقتصادها أو موته واستقرارها وبقائها كدولة صاعدة كما كانت توصف في تقييم المؤسسات الدولية منذ أكثر من 10 أعوام.
الخطيئة المؤسسة للعجز عن إعادة الأمن إلى التونسيين وإعادتهم إلى العمل هي نجاح حزب الانتقام حتى الآن في التقدم على درب القطيعة مع تقليد استمرارية الدولة الذي ظل أحد ثوابت التاريخ السياسي التونسي منذ ظهور الدولة الحسينية(=نسبة إلى مؤسسها الباي(=الملك)حسين بن علي)سنة 1705.وحتى الحماية الفرنسية(1881)وضعت الدولة التونسية تحت وصايتها ولكنها مع ذلك لم تقطع مع استمراريتها: استمرارية نخبها السياسية والإدارية والاقتصادية.بالمثل،نظام الاستقلال الجمهوري تخلص من الباي وحافظ على استمرارية الدولة.تونس لم تستمر تعمل وحسب،بل ضاعفت وتائر العمل أضعافاً؛بورقيبة كان يقول:" نفطنا هو المادة الرمادية(=الدماغ)" ،و يبدو أن حزب الانتقام حكم علي هذه المادة بالكسل. أما الانتقال من العهد البورقيبي إلى"العهد الجديد"،عهد 7 نوفمبر 1987،فاستمرارية الدولة فيه،سياسياً واقتصادياً وثقافياً وتشريعياً وحتى رمزياً كانت أوضح من أي انتقال مضى؛الشوارع والمدن التي تحمل اسم بورقيبة ظلت على حالها.بن علي لم يكن يحبه.لكن،التزاماً بأخلاق المسؤولية،لم يترجم كراهيته الشخصية له إلى عداوة لنظامه السياسي ـ الاجتماعي؛بل إن نظام بن علي،كما وصفه أحد مؤرخي بورقيبة وقادة حزبه،محمد الصياح:"هو البورقيبية بلا بورقيبة"؛فجميع مكاسب العهد البورقيبي الحداثية توسعت،تعممت وتعمقت.
حاول الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الأولى ،وباني الاقتصاد التونسي ورمز ثقة المؤسسات المالية الدولية فيه،محمد الغنوشي،المحافظة على تقليد استمرارية الدولة في الانتقال الجاري،لكن حزب الانتقام نجح في طرده وإسقاط حكومته ...خلفه في رئاسة الحكومة المؤقتة الثانية أحد آخر الأحياء من بقايا النخب البورقيبية، باجي قائد السبسي؛اعتبر حزب الانتقام تكليف بورقيبي برئاسة"حكومة الثورة" استفزازاً له فاستنكر راشد الغنوشي، وهو أبرز الناطقين باسمه ،والذي مازال مصراً على أن بورقيبة"كافر" لا يجوز الترحم عليه،"المجيء برئيس حكومة من الأرشيف"، فداعبه "سي الباجي"متهكماً:"وأنت ألم تأتِ من الأرشيف؟"،في تلميح شفاف إلى أن الغنوشي ظل منذ حوالي 40عاماً رئيساً لتنظيمه الديني الذي غيّر اسمه مراراً ولكنه لم يغير رئيسه مرة واحدة!.
استراتيجيا حزب الانتقام هي القطيعة مع استمرارية الدولة التونسية كمدخل ضروري للقطيعة مع الحداثة التونسية ،خاصة منها مجلة الأحوال الشخصية وعقلانية التعليم . أداة هذه القطيعة هي "التطهير" في جميع المؤسسات بما فيها المؤسسة الدينية؛فقد بادر أقصى اليمين الإسلامي إلى طرد الأئمة غير الموالين له من الجوامع،وعوضهم بأتباعه ليجمعوا له الزكاة على طريقة ملالي إيران ويحثوا المصلين على التصويت له في الانتخابات.
"حزب الانتقام" الذّهاني،الذي فقد الصلة بالواقع التونسي والدولي،مصمم على منع المصالحة الوطنية الشاملة،التي يعي أنها ستقطع الطريق على مساعيه لتحقيق القطيعة مع استمرارية الدولة والنتائج الكارثية المترتبة عليها.سلاحه اليوم هو تحريض الشارع على رفض العودة إلى العمل مستخدماً لهذه الغاية التظاهر المتواصل لحماية الثورة من "السرقة"! وقد يضيف له غداً سلاح التشريع عندما يسيطر نوابه المهووسون بـ"أخلاق القناعة"(انظر:المصالحة الوطنية أو المجهول)على مجلس الأمة.إذا كانت أخلاق المسؤولية ترى الواقع كما هو بكل تعقيداته وتقرأ له حساباً،فإن أخلاق القناعة تنظر للواقع لا كما هو واقع فعلاً ،بل كما يجب أن يقع.أما الواقع المعيش فهي مقطوعة عنه ولامبالية به.من هنا كانت "أخلاق القناعة"عائقاً للمصابين بها عن تحمل مسؤوليات سياسية تتطلب الاعتراف بالواقع والتعامل معه بكل واقعية.
المسألة المركزية لكل مجتمع هي التحكم في العنف ؛أو في "حالة الطبيعة"كما سماها هوبز،أي حالة حرب الجميع على الجميع.كيف؟أولاً باحتكار الدولة وحدها للعنف المشروع : فمحظور على أي كان غيرها أن"يطهر"أو يطرد من الجامع أو الجامعة أو البنك ... أو يحمل السلاح لـ"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"،وثانياً بتوسيع قاعدة النظام الاجتماعي بفتحه أمام النخب والفئات التي بقيت على هامشه، وثالثاُ بتوسيع حقوق المواطنة الكاملة للجميع:للنساء والأقليات ، ليشترك الجميع في تقاسم السلطة والثروة والخدمات.الغاية من المصالحة الوطنية هي التحكم في العنف.
وظيفة البرلمان الأولى في أوربا القرن الـ 19 كانت التحكم في العنف لقطع الطريق على الاغتيالات والانقلابات والثورات السياسية،ليصبح ممكناً اسقاط الحكومات في حرَم البرلمان وليس في الشارع. فالبرلمان لم يعد نادياً تحتكره طبقة بل غدا بما هو المكان الملائم آنذاك لصنع القرار والملائم أيضاً لكي تحصل فيه كل فئة على حصتها من الثروة والسلطة والخدمات حسب وزنها البرلماني.عندما أوصل عمال هولندا لأول مرة ممثليهم إلى البرلمان،كتب ماركس،في رسالة لإنجلز:"هكذا أصبح بإمكان الطبقة العاملة أن تصل إلى الحكم بالانتخابات".
في القرن العشرين،واصلت النخب الأوربية دمج العمال والطبقات الشعبية في مجتمع الاستهلاك لإبعادها عن استخدام العنف ؛فاعترفت للأجراء ومَن في حكمهم بالضمان الاجتماعي والصحي والأجازات المدفوعة الأجر لهم ،وللأمهات الحاملات،ورياض الأطفال المجانية ومجانية التعليم ... وهي كلها حقوق قابلة للتكميم النقدي. سرّ الاستقرار والسلام الاجتماعي في أوربا كان دائماً مزيداً من تمدين النظام الاجتماعي بتوسيع قاعدته الاجتماعية عبر دمج من لم يدمجوا فيها بعد؛وليس تضييق قاعدته بشتى أنواع الإقصاء التي هي وصفة للعنف كما تفعل الأحزاب المتطرفة عندنا!.
إذا لم تمتلك النخب التونسية الحية الإرادة السياسية لدمج جميع النخب والفئات في النظام السياسي بعيداً عن الاعتبارات السياسوية ،فستعطي الفرصة لمجانين السياسة ومجانين الله لإخراج قاطرة تونس من سكة السلامة إلى سكة الندامة:سكة العنف والاقتتال الجهوي(=المحافظات) والقروي وبين الأحياء وداخل العائلة الواحدة!.



#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى العلمانية الإسلامية أيها العلمانيون
- كيف تردون على تحديات المشروع الطالباني؟
- رسائل تونسية : هل من حل للتضخم الحزبى؟
- رسائل تونسية:استقلال القضاء هو ُلبّ الديمقراطية
- رسائل تونسية:المصالحة الوطنية أو المجهول!
- هل الدولة السلطوية ضرورة تاريخية؟
- هل سيكون خلفاؤكم خيراً منكم؟!(2/2)
- هل سيكون خلفاؤكم خيراً منكم؟! (1/2)
- نداء إلى الحكام العرب : القرار هو الفرار
- نداء لإلغاء الشريعة
- نداء إلى الرئيس جلال طالباني لا توقع على عقوبة الإعدام
- كُونُوا حزب الملك لإنقاذ المغرب
- 6 – الإنحطاط هو هزيمة العقل
- 5 – خطر تذويب الفرد في الأمّة
- 4- كيف لفّق ابن إسحاق حدّ الرجم؟
- 3 – الجنّة رمز لرحم الأم
- 2 – إعادة تعريف الإسلام بعلوم الأديان
- مبرّرات إصلاح الإسلام - إصلاح الإسلام : 1- دراسته وتدريسه بع ...
- اليمن اليوم هو العالم العربي غدا
- لماذا إصلاح الإسلام؟


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - العفيف الأخضر - توسيع دائرة النظام أم توسيع دائرة العنف؟