أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - مستقبل الثورات العربية















المزيد.....

مستقبل الثورات العربية


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 00:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مما لا شك فيه أن الشعوب العربية قد ملت فساد وتسلط الحكومات العسكرية وحكم العائلات، وعندما بدأت شرارة الثورة في تونس تفاءل أغلب الناس خيراً. وعندما تلت ذلك الثورة المصرية، زاد التفاؤل بين الناس. وأنا من موقعي كدارس للحركات الإسلامية، لم يراودني أمل انتشار الديمقراطية في بلادنا المنكوبة لعلمي أن الأفاعي الإسلامية سوف تلتف حول تلك الثورات وتخنقها كما يفعل الثعبان الذي يُعرف في اللغة الإنكليزية ب Constrictor. هذا الثعبان، بخلاف الثعابين الأخرى، لا يملك أي سُم في أنيابه، ويعتمد على قتل فريسته بالالتفاف حول صدرها ثم يُقلّص عضلاته ليمنع الفريسة من التنفس إلى أن تموت، وهذا ما سوف يفعله الإسلاميون بثورات الشعوب المنكوبة، وقد بدأت أول علامات هذا الالتفاف في تونس الخضراء عندما رجع الثعبان الإخواني الشيخ راشد الغنوشي إلى تونس بعد هروبه إلى لندن قبل أكثر من عشرين عاماً عندما ظهر دوره في الجماعات التونسية الإرهابية وحكمت عليه الدولة بالسجن. عاش الغنوشي في لندن كلاجيء سياسي يستفيد من حرية الحركة والتعبير المتاحة لكل فرد في إنكلترا، ويعيش على الضمان الاجتماعي. ومع ذلك ظل يهاجم الديمقراطية الغربية ويتآمر مع الإسلاميين من أمثال عمر بكري وأبو حمزة المصري للنيل من تلك الديمقراطية. رجع الغنوشي إلى تونس واستقبلته الجماهير استقبال الأبطال. وكانت أول رحلة له خارج تونس إلى السودان ليزور كبير الأفاعي الشيخ حسن الترابي الذي تآمر على الديمقراطية في السودان وأوعز إلى عمر حسن البشير بانقلابه المشؤوم الذي أنهى الديمقراطية في السودان وأقام مكانها أول حكومة إسلامية في تلك البلاد، فانتشر الفساد والمحسوبية ونهب المال العام من جانب الملتحين الذين يتاجرون بأفيون الشعوب. ولعل الغنوشي ذهب إلى السودان ليتعلم من الترابي كيف يمكن لحزب النهضة الإسلامي في تونس إنجاز ما أنجزته حركة الإخوان المسلمين في السودان.
أما في مصر فقد تخاذل الإخوان المسلمون، أكبر وأكثر التنظيمات توغلاً في الأرياف والأحياء الفقيرة في المدن، حيث يعشعش الجهل والفقر والتدين الساذج، عن المشاركة في التظاهر ضد الطاغية حسني مبارك، رغم أنه سجن وعذّب كبار المسؤولين بالجماعة. وبعد نجاح الثورة دعت الجماعة زعيم الثعابين يوسف القرضاوي ليخطب في الجماهير في ميدان التحرير حتى يتسنى لهم اختطاف الثورة. ثم تآمر الإخوان كعادتهم، مع المجلس العسكري لاجهاض الثورة وإقامة الشريعة الإسلامية. وقال الإخواني المصري هاني السباعي، الهارب من مصر إلى لندن بعد مقتل السادات: (يا أحفاد عمرو بن العاص وعبادة بن الصامت وعبد الله بن حذافة، احمدوا ربكم أن وفقكم الله أن نزع الخوف من قلوبكم، لا تجعلوا رايتكم شرقية ولا غربية لكن اجعلوها إسلامية) (الشرق الأوسط 31/1/2011). وبهذه الجملة البسيطة محا هاني السباعي، عشرة ملايين مصري قبطي لأنهم ليسوا أحفاد عمرو بن العاص وفي نفس الوقت أعطانا صورة سريعة عما ستؤول إليه الأمور عندما يتسلم الإخوان السلطة. وبفضل نجاح الثورة رجع السيد كمال الهلباوي، الناطق السابق باسم جماعة الإخوان في الغرب إلى مصر، بعد هروبه منها بعد اغتيال السادات (بالطبل والمزمار استقبلت قرية كفر البنانون، مركز شبين الكوم، الدكتور كمال الهلباوي المتحدث الإعلامي الأسبق باسم الإخوان في الغرب بعد غياب 23 عاماً في منفاه في ببريطانيا مساء الثلاثاء الماضي وعقدت القرية حفلاً ومؤتمراً شعبياً استمر حتى ساعات الفجر الأولى) (الشرق الأوسط 9 أبريل 2011). هذه القرية، وأمثالها كثير في مصر، سوف تصوت للهلباوي والإخوان المسلمين في أي انتخابات عامة، وسوف يفوز الإخوان بالغالبية المطلقة لتمثيل شعب مصر، وسوف تصبح مصر دكتاتورية إسلامية تلحق بإيران والسودان وغزة.
أما في اليمن التي قُتل فيها مئات الشباب في ثورتهم ضد الجاويش علي عبد الله صالح، الذي تربع على عرشه أكثر من ثلاثين عاماً ونهب أموال الشعب كما فعل مثله حسني مبارك وزين العابدين بن علي وعمر البشير، كوّن جهلاء اليمن الذين يدعون أنفسهم زوراً وبهتاناً ب – علماء اليمن -، كوّنوا لجنة للوساطة بين المتظاهرين والجاويش، للحفاظ علي عرش الأخير مع إجراء بعض الإصلاحات والرتوش على نظامه الفاسد. وعندما تنجح الثورة سوف تقوم نفس اللجنة بالالتفاف حول الحكومة الانتقالية وفرض الشريعة الإسلامية حتى يتمكن الشيوخ من سرقة المال العام وتكميم أفواه الشعب باسم الله.
أما في سوريا العظيمة، فقد صرح الشيخ محمد سعيد البوطي، إمام الجامع الأموي بدمشق، بأنه اجتمع مع بشار الأسد وإن (القياد السورية استجابت لاقتراحات القيادات الدينية بمنح الحريات والإصلاح ومكافحة الفساد وإنهاء حكم الحزب الواحد». وقال: «إن مجموعة من رجال الدين تقدمت باقتراحات وتمت الاستجابة لها، منها إعادة كل المنتقبات اللائي تم فصلهن من عملهن، وإعادة المهندسين والمهندسات الذين أبعدوا عن المحافظات، ومرسوم تأسيس معهد الشام العالي للدراسات الشرعية، وتعليمات بفتح قناة فضائية دينية ترعى الإسلام الحق الذي لا يميل إلى الشرق ولا إلى الغرب) (الشرق الأوسط 7/4/2011). ونفهم من ذلك أن مئات الشباب الذين قُتلوا في درعا وغيرها من المدن السورية، قد ضحوا بحياتهم لا لإسقاط النظام وإنما للسماح للمعلمات المنقبات بالرجوع إلى وظائفهن وافتتاح قناة فضائية دينية. ومع سقوط النظام سوف تتدفق الأموال من السعودية والسودان وتنظيم الإخوان العالمي لتمكين إخوان سوريا من كسب الانتخابات العامة وتكوين الحكومة، وفي هذه الحالة يكون على مسيحيي سوريا السلام، وفي الأرض الالحروب وبين الناس العداوة والبغضاء، وبقية الشعب السوري عليهم أن يطيلوا اللحى ويقصّروا الجلاليب ويحفوا الشوارب.
وليس هناك من شك في أن الإخوان سوف يشترون كل الانتخابات في البلاد التي تنجح فيها الثورات لأنهم يعتمدون على عاملين مهمين: الأول هو البترودولارات التي تجود بها السعودية والبنوك الإسلامية التي انتشرت في الأرض كما ينتشر المرض المعدي، والسبب الثاني هو اعتمادهم على الخداع وتضخيم صورتهم أو صورة من يدور في فلكهم، حتى يشعر الشخص العادي كأنه أمام شخصية عظيمة وعالم لا يُشق له غبار. فالمسلمون قد ضخموا صورة محمد بدرجة جعلته أعظم من ربه، وفي العصر الحديث ضخموا صور شخصيات كثيرة مثل حسن البنا الذي عمل مدرساً في المدارس الابتدائية، وكذلك ضخموا صورة سيد قطب وجعلوا منه علماً في رأسه نارٌ. وكذلك ضخموا صورة الشيخ جلال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده.
فإذا أخذنا جلال الدين الأفغاني مثلاً نجد أن الصحافة الإسلامية وبعض المؤرخي مثل الإسلامي السوري رشيد رضا، قد جعلوا منه مصلحاً دينياً لم يظهر مصلح مثله منذ الخلافة الراشدية. ولكن في حقيقة الأمر فإن الرجل كان يفترش الكذب ويلتحف الخداع. حتى لقبه – الأفغاني – كان كذبة على الجماهير. ففي مقال للأفغاني في مجلة Journal des Débats الباريسية بتاريخ 6 أبريل 1883 كانت هناك فقرة، في الغالب الأعم كتبها الكاتب اللبناني خليل غانم، تقول (إن أفغاني ولد في كابول من عائلة مرموقة في عام 1848 وقد شارك في الحركات السياسية في مناصرة - أفضل خان - ثم هرب إلى الهند ومنها إلى استنبول حيث أكرمه السلطان وعينه ليلقي دروساً في الدين في جامع السلطان أحمد، وقد أشعل فتيلة الحماس في العلماء) (ُElie Kedourie – Afghani and Abduh, p 41 ).
وفي حقيقة الأمر فإن الأفغاني قد ولد في إيران وتربي كشيعي هناك، وعندما سافر إلى روسيا وتطوع أن يخدم في الدائرة السرية، أرسله الروس إلى إيران لجمع معلومات عن الشاه الذي كان متعاوناً مع الإنكليز. وعندما غضب عليه أمين السلطان وأراد أن يعتقله، احتمى جلال الدين الأفغاني في ضريح الشاه عبد العظيم لمدة سبعة أشهر، إلى أن تدخل السفير الروسي مع أمين السلطان واحتج على حصر الأفغاني في الضريح. ووقتها سأله أمين السلطان بأي حق، وما هو السبب الذي دفع السفير الروسي إلى التدخل في أمر اعتقال مواطن فارسي؟ ووقتها صمت السفير الروسي (نفس المصدر، ص 58).
والحقيقة الثانية هي أن جلال الدين الأفغاني كان ملحداً في الخفاء، وكان يعتبر أن الأديان كلها، بما فيها الإسلام، سيئة. يقول الفيلسوف والمفكر الفرنسي ارنست رينان الذي كان قد تعرف على الأفغاني في باريس:
Sheikh Jamal al-Din is an Afghan entirely liberated from the prejudices of Islam; he belongs to those active races of upper Iran, on the confines of India, were the Aryan spirit still actively survives under the superficial veneer of official Islam… he gave me the impression, while talking to him, that I had in front of me one of my ancient acquaintances, such as Avcenna or Averoes, or some other one of those great unbelievers, who for five centuries, upheld the the tradition of the human spirit)
إن الشيخ جلال الدين أفغاني متحرر بالكامل من تحيّز الإسلام، وينتمي إلى الأجناس الراقية في إيران، في حدود الهند الذي ما زالت الروح الحرة للجنس الآري تعيش تحت قشرة الإسلام السطحية. وقد أعطاني، عندما كان يتحدث معي، الانطباع بأنه أحد معارفي القدامى مثل ابن سينا وابن رشد أو أحد الملحدين الكبار الذين حافظوا على مدى خمسة قرون على الروح الحرة في الجنس البشري (منقول من مقتطفات في مقدمة كتبها ارنست رينان لمجلة العروة الوثقى التي كان يصدرها الأفغاني ومحمد عبدو في باريس.
وفوق كل ذلك كان الأفغاني يستعمل الإسلام كغطاء لنشاطاته السياسية. فقد كان عضواً بارزاً في المحافل الماسونية في مصر، وتآمر على اغتيال الخديوي إسماعيل باشا مما أدى إلى نفيه من مصر إلى استانبول، حيث بدأ يتدخل في السياسة فطرده السلطان من استانبول. وطُرد كذلك من إيران. ثم عمل كعميل للمخابرات الروسية، والمخابرات الفرنسية، ثم أخيراً الإتكليزية.
ومع ذلك يتحدث الإسلاميون عن جلال الدين الأفغاني كمصلح ديني أراد تحديث الإسلام ليعاصر الحداثة. وبمثل هذا الكذب يخدع الإسلاميون الناس ويرشوا بعضهم حتى يتمكنوا من الاسايلاء على السلطة. ولهذه الأسباب مجتمعة أخشى على ثورات الشباب العربي وتضحياتهم الجسام.



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثعبان الإسلامي متعدد الرؤوس
- تفجير كنيسة الإسكندرية ودموع التماسيح
- توضيحاً لإشكالات بعض القراء
- هل يمكن تأريخ القرآن أو الإسلام؟
- عمر عائشة عندما تزوجها محمد
- إصلاح الإسلام 3-3
- إصلاح الإسلام 2-3
- إصلاح الإسلام 1 .... تعقيباً على الأستاذ العفيف الأخضر
- الخوف والجهل هما حجر الأساس
- إله الإسلام في الميزان
- في معية القراء مرة أخرى
- الإسلام لا يحترم العقل
- ما هي مهمة الأديان؟
- كامل النجار في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول التشكيك وا ...
- كيف أتينا إلى الوجود
- تساؤلات القراء
- الكون بين العلم والدين
- لجان البحوث الدينية وتفاهة البحث
- كيف خسر المسلمون بإلغاء العبودية؟
- تخاريف رجال الأزهر - الحلقة الأخيرة


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - مستقبل الثورات العربية