أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - في معية القراء مرة أخرى















المزيد.....


في معية القراء مرة أخرى


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 21:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بداية أود أن أشكر كل الذين علقوا على مقالي الأخير (الإسلام لا يحترم العقل) سواء بالتقريظ أو النقد أو حتى التهكم. وبعد إذن القراء أو أن أركّز أغلب ردودي على شخصين قاما بكتابة عدة تعقيبات ذبحا فيها اللغة العربية، وكنت أنوي قبل اليوم أن أكتب مقالاً بعنوان (نحن نذبح كل شيء حتى اللغة). وقد أتاح لي هذان الكاتبان الفرصة لأبين ما أقصد بذبح الللغة. ولا شك أن أغلب البشر في هذا العصر قد شاهدوا جيش الله وجيش المهدي وجيش محمد يذبحون أعداداً لا يُستهان بها من البشر باسم الله وهم يكبرون ويهللون لذلك الإله الذي لا يرتوي من الدماء البشرية. وفلسفة هؤلاء الجيوش الإسلامية التي تمتهن العقل وتؤمن بأن الله سوف يغضب غضبة مضرية على المسلمين إن لم يوفروا له الدماء البشرية، لا تختلف عن فلسفة قبائل الأزتك Aztec في أمريكا اللاتينية. تلك القبائل كانت تعتقد أن الإله هويتزلوبوتشلي Huitzilopochtli عندما كان صغيراً ذبح أخته إلهة القمر وألقى بجثتها إلى سفح الجبل. وإذا أرادت قبائل الأزتك أن تستمر في الحياة عليها أن تقدم القرابين البشرية للآلهة على قمة الجبل وإلقائها إلى السفح بعد ذبحها. وإذا لم يفعل الأزتك ذلك فإن الآلهة سوف تموت وسوف تنتهي دورة الحياة على الأرض. ولذلك كانوا يقومون بالغارات على القبائل المجاورة لأسر الرجال والنساء الذين يقدمونهم قرباناً للآلهة (نقلاً عن
National Geographic, November 2010, p 133
انقرض الأزتك مع آلهتهم في القرن السادس عشر الميلادي مع دخول الإسبان إلى أمريكا الجنوبية، وما زال هناك نوع من الأزتك يعيش بين ظهراننينا في الشرق الأوسط في انتظار مجيء الإسبان
هناك بعض المعلقين الذين ربما قرءوا عبارة مترجمة إلى العربية ترجمة غير أمينة الغرض منها الإيحاء بأن ما يقوله العلماء دائماً يُثبت صحة القرآن، أو أنهم فهموا الترجمة فهماً خاطئاً. يقول المعلق رقم 12، السيد إبراهيم زيد: (يرى بعض العلماء أن هناك علاقة قوية بين القلب والعقل، وقد أكدها العالم بولييي بيرسال مؤلف كتاب شفرة القلب الذي قام بأبحاث على حالات كثيرة، لأناس تمت زراعة قلب لهم وتغيّرت سلوكياتهم إلى سلوكيات أصحاب القلوب المتوفاة، معتبرا أن هذا دليل قوي على أن كلا من القلب والمخ يؤثر في الآخر. وأن هذا يظهر جليا كذلك عندما يتلاقى شخصان لأول مرة، فيرسل قلب أحدهما موجات لمخ الآخر فيقع الطرفان في حب بعضهما بعض) انتهى.
للأسف هذه معلومة لا تمت للعلم بشيء. الكاتب لم يبين لنا تخصص هذا العالم، هل هو طبيب جراح، أم باطني، أم طبيب أمراض عصبية أم أخصائي علوم نفسية psychologist. العلم لا يؤمن بالتأويلات ولا بالتخمين. العلم يؤمن بالتجربة التي إذا أجريناها على مائة عينة أو مائة شخص، تعطي نتائج متشابهة أو متطابقة في الغالبية العظمى منهم. أما إذا صحت الملاحظة في 10 بالمئة مثلاً، فيمكن تفسير هذه النتيجة بقانون الاحتمالات probability law أو بما يعرف بمفعول ال placebo. ولا يمكن تعميم مثل هذه النتائج. ونحن نعرف أن هناك صلة وارتباطاً بين الدماغ (وليس العقل) والقلب عن طريق أعصاب نسميها autonomous nervous system أي منظومة الأعصاب المستقلة التي لا نتحكم فيها إرادياً. فإذا ارتعب الشخص لأي سبب، يزيد الدماغ من الذبذبات الكهربائية في هذه الأعصاب مما يجعل القلب يزيد من عدد ضرباته ليمكن العضلات من الحصول على كمية أكبر من الدم الذي سوف تحتاجه عندما يركض الإنسان المرتعب. أو إذا ارتفع ضغط الدم ارتفاعاً يهدد بانفجار الشرايين الصغيرة في الدماع، يقوم الدماغ بإرسال ذبذبات بواسطة هذه الأعصاب لإبطاء ضربات القلب وخفض ضغط الدم. ولكن عضلات القلب لها مركز خاص في القلب لتوليد الذبذبات الكهربائية مما يجعل القلب يستمر في عمله إذا توقف الدماغ نتيجة حادث مثلاً. ولكن العكس ليس صحيحاً. فإذا توقف القلب يتلف الدماغ في دقائق معدودة. ولأن القلب له مركزه الخاص لتوليد الذبذبات الكهربائية، فإن جراحي القلب عندما يحصدون قلباً من شخص توفي في حادث حركة مثلاً، يضعون القلب في محلول خاص ليحافظوا على القلب النابض أثناء ترحيله من مستشفى إلى آخر، ومع أن القلب يظل ينبض في الفترة التي يكون فيها خارج الجسم ومحفوظاً في صندوق لترحيله، فهو معزولٌ تماماً عن أي تأثير خارجي. وعندما يُزرع القلب الجديد في مريض آخر، لا يكون هناك أي ارتباط بين القلب الجديد ودماغ والمريض الذي نُقل إليه لأن الأعصاب التي كانت تربط القلب بالدماغ تكون قد قُطعت أثناء عملية الحصد. ويُسمى هذا القلب denervated organ. فكيف لهذا القلب المعزول عصبياً عن الدماغ أن يؤثر في دماغ المريض الجديد؟ أو كيف لعقل المريض أن يؤثر في القلب المزروع؟ ليس هناك أي تأثير من القلب المزروع على دماغ المريض. وهناك بعض المرضي الذين يعانون من هبوط القلب وتكون حياتهم في خطر، ولم يتمكن الأطباء من وجود قلب مناسب للمريض، ينزع الأطباء قلب المريض ويزرعون في صدره قلباً اصطناعياً من المعدن يعمل بواسطة ماكينة خارجية إلى أن يتحصلوا على قلب مناسب له. وقد يستمر المريض عائشاً على هذا القلب الصناعي عدة شهور. فهل يؤثر دماغ هذا المريض على قلب من المعدن؟ ليس هناك أي دراسة علمية حتى الآن تُثبت أن المريض الذي يُزرع في صدره قلب من شخص توفى نتيجة حادثٍ ما، يستولي على عواطف أو تفكير الشخص المتوفي، خاصةً وأن القلب الجديد ليس لديه أي اتصال عصبي بالدماغ (تنمو الأعصاب فيما بعد وتتصل بالقلب الجديد بعد فترة قد تمتد إلى عدة شهور أو سنين). بعض المرضى الذين تُزرع فيهم أعضاء من أشخاص ماتوا نتيجة حادث، يصيبهم نوع من الاكتئاب النفسي عندما يفكرون في الشخص الذي مات ومنحهم الحياة، ويصابون بعقدة الذنب ويلومون أنفسهم على أنهم استمروا في الحياة بينما مات الشخص الآخر.وهذه الحالة النفسية قد تجعل بعضهم يغير سلوكه وعاداته، وربما يتوأم سلوك المريض الجديد مع سلوك الشخص المتوفي إذا كان يعرف عنه شيئاً. وهذا تأثير نفسي وليس عضوياً. والخلاصة أنه لا علاقة البته بين القلب المزروع ودماغ أو عقل المريض الذي زُرع في صدره قلب جديد.
بعض القراء قد يقرأ المقال ويطلع من المولد بدون حمص، كما يقول المثل المصري. السيد عبد الرضا حمد جاسم، صاحب التعليق رقم 28، يقول عني (من شيوعي ملحد إلى ....). ولا أعلم كم مرة يجب أن أردد أني لست شيوعياً لأني كنت من جماعة الإخوان المسلمين، حتى يفهم بعض القراء ولا يلقون التهم جزافاً. لو كنت شيوعياً لأثمرت سنوات شبابي بما يفيدني ولكني ضيعتها في دراسة البنا والهضيبي والإسلام. يقول عبد الرضا (الغريب انك تجزم ان هناك 99%من المسلمين لايعرفون ان الكلب لايملك غدد بالجلد..من قال ذلك ربما 89% فكيف تحدد ذلك ..انا اقيس مواضيعك وأرهاصاتك التي لا تقدم ولا تؤخر على هذا المقياس) انتهى.
يا سيد عبد الرضا! التكهن سواء بنتائج الانتخابات أو بالرضا عن سياسة الحاكم، يُبنى على آراء عينة صغيرة من الناس تُختار اختياراً عشوائياً لتمثل أهل البلد. ثم نستعمل معادلات علم الإحصاء لنقرر النسبة المحتملة في السكان. أنا سألت عشرات المسلمين حولي في البلاد العربية التي عملت بها وفي إنكلترا إن كانوا يعرفون أن الكلب لا يملك غدداً للعرق في جلده، ونسبة 99 بالمئة منهم لم يعرفوا. وحتى لو كانت النسبة 89 بالمئة فهي نسبة عالية جداً.
يستمر عبد الرضا فيقول (تكرر ومن غير وعي كما لمست عباره تدل على انك مؤمن عندما تقول في اكثر من موضع:قال الله تعالى..هذا يدل على ان باطنك غير ظاهرك) انتهى. يا سيد عبد الرضا! الكلام الذي أضعه بين قوسين هو ليس قولي وإنما قول من نقلت عنه، وإن قال هو "قال الله تعالى" فلا يجوز لي أن أحذف كلمة "تعالى" لأني لا اتفق مع قائلها. الذي يقتبس عليه أن يقتبس الجملة كما وردت. هل فهمت الآن لماذا أقول بعض الأحيان "الله تعالى" أو "محمد صلى الله عليه وسلم"؟
صاحب التعليق رقم 40 الذي يعتقد أن الكلب أفضل من أي كنسي وملحد، يُثبت لنا أن المسلم يحترم جميع الديانات الأخرى كما يطلب منه القرآن عندما يقول إن اليهود والنصارى والصابئة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وهذا المسلم الغيور أثبت أن عقله في قلبه، فليهنأ به
ناصر محمد، صاحب التعليق 41 والتعليق 42، يقول إن عقيدة التثليث لا يمكن أن يفهما العقل وقد قال بذلك عدة قساوسة ذكر أسماءهم. ما الذي أدخل عقيدة التثليث في مقال عن عدم احترام الإسلام للعقل؟ هل لو أثبت السيد ناصر أن المسيحية لا تحترم العقل، يصبح في مفهومه أن الإسلام سوف يكون الفائز لأنه لا يحترم العقل كما لا تحترمه المسيحية؟ كلما تحدث شخص عن الإسلام يهب الصناديد الذين باعوا أنفسهم لله بالهجوم على المسيحية أو اليهودية، وهم يثبتون بهذا الهجوم أن الإسلام فعلاً لا يحترم العقل ولكنه في نظرهم يظل أفضل من المسيحية لأنها بدورها لا تحترم العقل. وهناك مثل إنكليزي يقول two wrongs do not make a right أي أن الخطأ الأول لا يبرر الخطأ الثاني. لماذا لا يدافع الإسلاميون عن دينهم فقط ويتركون الأديان الأخرى الخاطئة في نظرهم؟ وقد أحسنت السيدة آمال صقر مدني بالرد على السيد ناصر محمد عندما قالت له (يا أخي المسيحيون يقولون عن مسيحهم ثلاث في واحد ولاً عشرون في واحد أنت شو حار جمارك ، هل بإيمانهم هذا يضرون عليك .؟أو يجبروك على اتباعة ..؟ مسيحهم وهم حرَين فيه يعملوا منه الله أو ابن الله أو من عشيرة أو قبيلة الله هم أحرار) انتهى.
السيد شاهر الشرقاوي، صاحب التعليق 49، مناظر يلتزم أدب الحوار الذي يقول المسلمون إن القرآن قال به قبل 1400 سنة عندما قال (وجادلهم بالتي هي أحسن). يقول السيد شاهر في رده على مقولة إن الكفار كذلك أبناء آدم حسب المفهوم الديني وكان يجب على القرآن ألا يشبههم بالكلب، يقول (كى نفهم هذه الاية يا سيد كامل علينا اولا ان نعرف .ما معنى الادمية والانسانية ...البنى ادم هو كل انسان حافظ على فطرته واخلاقياته وانسانيته .وعزته ورفض ابتداءا ان يعبد غير الله .واتصف بصفات الفطرة من نظافة وجمال وحب للخير وللحق وللكمال الانسانى ..هذه هى ايات الله ..فكل من يخالف الفطرة ..وليست الغريزة ..فهو يخرج عن حدود ادميته ولا يستحق ان يطلق عليه بنى ادم او انسان) انتهى
مع احترامي للسيد شاهر أقول إن هذه الجملة تعطي مثالاً لتدليس اللغة العربية. كل آيات القرآن والأحاديث وكتب التراث تقول عن الإنسان إنه نسل آدم، وبالتالي كل الناس بنو آدم. ولو أخذنا بمنطق السيد الشرقاوي الذي يقول إن فطرة الإنسان هي النظافة وعدم التعبد لغير الله، لوجدنا أن كل الناس الذين ظهروا على وجه هذه الأرض من قبل 200000 سنة لم يكونوا أبناء آدم لأنهم كانوا يعيشون في الغابات ثم في الكهوف ولم يستحموا قبل اكتشاف النار لأن الماء كان بارداً جداً وقد عاشوا في كهوف ليس بها وسائل تدفئة. فحتماً لم تكن النظافة من فطرتهم. حتى عرب مكة قبل الإسلام وبعده بقرون عديدة لم تكن النظافة فطرتهم لأنهم عاشوا في صحراء لا ماء بها ولذلك أباح لهم محمد التيمم. وحتى في منتصف السبعينات عندما زرت السعودية وتجولت في البادية الشمالية، لم أرَ بدوياً واحداً نظيفاً، وكانوا ما يزالون يستعملون الحجارة والرمل لمسح مؤخراتهم. أما العبادة لإله واحد، سمه الله إن شئت، لم يعرفها الإنسان إلا مع بداية الديانة الموسوية حوالي عام 1300 قبل الميلاد. وحتى في ذلك الوقت فقد انحصرت العبادة لله في بضعة آلاف من العبريين، وظل بقية أهل الأرض يعبدون زرادشت والأصنام والطواطم وغيرها. فإذاً الآدمية انحصرت فقط في المسلمين أهل المدن الذين عرفوا النظافة بعد أن غزوا الحضارات الأخرى وتعلموا منها النظافة. وهذا الطرح ينسف الفكر الأساسي في الإسلام الذي يقول إن كل البشر أبناء آدم وحواء.
وعندما قلت إن الإسلام لا يحترم العقل ويمنع السؤال، قال السيد شاهر (تقول انك كنت مسلما وتحفظ القران ..فهل نسيت كل الايات التى تبدء بكلمة يسألونك ..قل ؟؟؟؟!!.وهل نسيت كل الايات التى ترد بالاجابة على هذه الاسئلة؟؟؟!!!) انتهى.
وأقول للسيد شاهر: لم أنس نلك الآيات وأجوبة القرآن عليها. تعالوا نقرأ تلك الآيات والإجابة عليها:
(يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) (البقرة 219). المسلمون سألوا محمداً عن حكم الإسلام في الخمر والميسر، وبدل أن يقول لهم الخمر حلال أو حرام، أجابهم إجابة سياسي مخضرم لا يود أن يُنفّر عنه الذين يحبون الخمر، فقال لهم: فيها منافع للناس وضررها أكثر من نفعها. لماذا لم يُحرّمها كما حرّم أكل الميتة؟
(يسألونك ماذا أُحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علّمتم من الجوارح مكلبين تعلّموهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب) ( المائدة 4). سؤال واضح من المسلمين الأوائل لمحمد: ماذا أحل الله لهم من الأكل؟ جواب محمد كان: أحلت لكم الطيبات. ما هي الطيبات؟ لحم الخنزير من الطيبات عند أغلب أهل الأرض، ولكن محمد لم يعتبره من الطيبات ولم يحدد لهم ماهي الطيبات من الطعام، كما حددتها التوراة. ثم يقول لهم (وما علّمتم من الجوارح مكلبين). وهنا يجب أن نبيّن أن كلمة "مكلبين" ليست كلمة عربية وقد اختلف المفسرون في تفسيرها، وقال أغلبهم إنها تعني أصحاب الكلاب الذين طلب منهم محمد أن يعلموا الكلاب الصيد كما علمهم الله. الكلاب لا تحتاج للإنسان أن يعلمها الصيد، فقد اصطادت الكلاب قبل الإنسان بملايين السنين، والصيد غريزة بالنسبة لها، ثم أن الله لم يُعلّم الناس الصيد وإنما تعلموه بالتجربة على مدى آلاف السنين، وبدؤوا بآلات حجرية بسيطة. فإذا كان الله هو الذي علمهم الصيد، لماذا لم ينزل لهم من السماء آلات يعلمهم بها الصيد؟. فالإجابة كلها هلامية لا تفيد السائل أي فائدة عن سؤاله لمحمد: ماذا أُحل لهم.
(يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو) (الأعراف 187). هل هناك إجابة أكثر تهرباً من هذه؟ وقال نفس الشيء عن الروح عندما سألوه عنها، فقال لهم (الروح من أمر ربي). هل أفادت هذه الأجوبة العقل الجمعي العربي؟
(ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) ( البقرة 222). المسلمون أرادوا أن يعرفوا من رب محمد ما هو الحيض، ولماذا تحيض المرأة ولا يحيض الرجل، فكان جواب محمد (قل هو أذًى فاعتزلوا النساء). إجابة لا شك مستفيضة تحترم عقل السائل.
(ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً. فيذرها قاعاً صفصفاً. لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا) ( طه 105-107). أرادوا أن يعرفوا شيئاً عن الجبال التي قال لهم محمد إن الله جعل على الأرض رواسي حتى لا تنقلب بهم، فكان جواب محمد: الجبال ينسفها ربي نفساً. كأنما الله إرهابي يستعمل الداينمايت لينسف الجبال. مرة أخرى إجابة لا تفيد العقل شيئاً.
(ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا) (الكهف 83). عندما سألوه عن ذي القرنين، وهو الإسكندر الأكبر، جعله نبياً وصل إلى مغرب الشمس فوجدها تغرب في عين حمية من الطين الأسود. وهذا يمثل قمة الاحتقار للعقل.
يستمر السيد شاهر فيقول (هذه الايات التى انتقيتها يا دكتور انت تعلم جيدا (اذا كنت كما تقول كنت مسلما )انها نزلت لاسباب محددة جدا ولوقائع خاصة جدا .وان كلمة (قضى )لها دلالة ان هذا حكم خاص وليس امرا عاما او ارشاد مثل باقى الاحكام والايات). انتهى.
هذه الإجابة تعكس تخبط من يحاول جعل القرآن ملائماً للعصر. كل فقهاء المسلمين وعامتهم يقولون إن القرآن صالح لكل زمان ومكان، ثم يأتي السيد شاهر فيقول إن الآيات المذكورة جاءت في مناسبات تاريخية معينة للإجابة عليها وهي لا تنطبق على الكل، وبذلك يصبح القرآن أو جزء منه إجابات تاريخية لا تنطبق على عالم اليوم. والمثال الذي أعطانيه لكلمة (قضى) لا يساعدنا في شيء. لأنه يقول إن كلمة (قضى) لها دلالة أن هذا حكم خاص وليس أمراً عاماً. ونفهم من ذلك أن الله لما قال في القرآن (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) (الإسراء 23)، كان يقصد المجموعة التي خاطبها وقتها ولا يقصد عامة الناس، وبالتالي ليس على عامة الناس أن يعبدوا الله أو يحسنوا إلى الوالدين.
السيد شاهر، رغم أسلوبه المهذب، لا يستطيع، كأي إسلامي، أن يمسك لسانه أو قلمه عن وصف الشخص المختلف بالجهل، فعندما قلتُ ما ذنب الأزواج حتى يقول الله للملائكة أن يلقوا الذين ظلموا وأزواجهم في جهنم، قال السيد شاهر (طبعا هذا التعليق بالذات كان ثالثة الاسافى كما يقولون..لانها اظهرت يا استاذ كامل خبرتك الضعيفة باللغة العربية ومعانيها. ازواجهم هنا تعنى (أشباههم )اى الظالمين المتوافقين معهم فى المعصية والظلم لعباد الله ..مثل رئيس العصابة ورجالته ...لان علاقة الزوجية .(.اى زوج من شئ ما) تقتضى المشابهة .مثل زوج شربات ..مثلا .او زوج احذية ..او اى اثنين من البشر اجنمعا وتوافاقا فى شئ او اشياء محددة) انتهى.
السيد شاهر هنا لم يذبح اللغة العربية فحسب، بل مزق أشلاءها إرباً إرباً وألقى بها من قمة جبل الأزتك. أي لغة لا بد أن تكون كلماتها ذات معاني محددة يفهم منا كل من تحدث تلك اللغة نفس المعنى، وإلا تصبح اللغة لا فائدة منها وتنقرض. فأنا لو قلت اليوم "إن الإسلام ديانة نازية فاشية" سوف يفهم كل من يقرأ العربية قصدي. ولكن إذا هاجمني الإسلاميون وأصدروا فتوى بحقي يمكنني أن أقول إن كلمة "نازية" تعني مرتفعة لأننا نقول "نزا التيس على العنزة" أي اعتلاها وبالتالي تصبح كلمة نازية تعني ديانة تعلو الديانات الأخرى. أو يمكنني أن أقول إن كلمة "نازية" تعني مسالمة وفاشية تعني "حب الخير"، أو أي معنى يخطر ببالي لأن الكلمات ليست لها معاني محددة حسب مفهوم الإسلاميين. وهذا ما يحاول الإسلاميون فرضه علينا عندما يلوون أعناق الكلمات والآيات. السيد شاهر يقول أزواجهم تعني "أشباههم" ولا تعني زوجاتهم. فنرجو من السيد شاهر أن يشرح لنا معنى هذه الآيات البينات:
(والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) (المؤمنون 5-6). فهل يقصد الله هنا المؤمنين الذين يحفظون فروجهم إلا على أشباههم من الرجال؟
(والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات) (النور 6). فهل يقصد الله هنا الذين يقذفون أشباههم من الرجال؟
(جنات عدنٍ يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) (الرعد 23). هل يقصد من صلح من أشباههم من الرجال وذرياتهم؟ وهناك آيات عديدة آخرى فيها كلة أزواجهم التي تعني زوجاتهم وليس أشباههم
ويضيف السيد شاهراً جملة لا بد تجعل سيبويه والخليل بن أحمد الفراهيدي يتقلبان في قبريهما إذا لم تكن أجسادهما قد تحللت بعد وصارت تراباً، قال (فكل علاقة تربط بين اثنين من البشر هى علاقة (زوجية .)الاب والابن ..الزوج والزوجة ..الاخ واخيه ..الرئيس والمرؤوس وذلك فى حالة توافقهما وتشابههما فى الاراء..فاذا كان الاب ظالما ..وابنه مثله ...ظالما .فهما (زوجان ظالمان )واذا كان الزوج ظالما وامرأته تساعده على الظلم .فهما زوجان ظالمان ..اما اذا اختلفا فى المنهج والتوجه فى الحياة فلا يطلق عليهما اسم زوجان) او ازواج) انتهى. وأنا هنا أترك الحكم للقاريء العربي، واستثني الباكستاني والهندي والإندونيسي والصيني المسلم، لأن كل هؤلاء لا يعرفون العربية، إلا من رحمه العقل. وليحترس القاريء المتزوج لأن زوجته إذا اختلفت أفكارها عن أفكاره فهما ليسا زوجان.
أما السيد نبيل عبد الله صاحب التعقيبات 57 إلى 61 يقول يقول إنه بالصدفة قرأ تعقيباً لي في أحد المقالات، (فهو لا يقرأ مقالاتي)، وبعدها يقول: (تقول أيضا في أحد حواراتك أن القرآن يقول أن الله اتخذ من إبراهيم خليلا بينما يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم -وإنك لعلى خلق عظيم-، إذن فنحن المسلمون كيف يقبل عقلنا أن نقول بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو أعظم من إبراهيم عليه السلام بل وأنه أعظم رجل في التاريخ. أجيب قائلا..فإن كان الكلامُ كلامَ الله (وهو كذلك) لقلنا صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم، ولقلت لك سيد كامل أن القرآن مكمل بعضه بعضا وأن الثناء وعظم منزلة محمد(صلى الله عليه وسلم) عند الله أكبر من إبراهيم عليه السلام فالله عز وجل يقول:(إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيما)، وأيضا (وَمَآ أَرْسَلْنَكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَلَمِينَ) وهو شرف لم يحض به أي نبي أو رسول من قبله..وهناك آيات عديدة أخرى. وإن كان الكلام كلام محمد (صلى الله عليه وسلم) كما تقول وأن صفة الخليل أفضل من صفة ذي الخلق العظيم كما تقول ايضا، فكيف يعقل ويقبل..) انتهى
أولاً: القرآن كتبه محمد بنفسه ولابد أن يثني على نفسه بأن يقول إن الله وملائكته يصلون على النبي. القرآن نفسه يقول لنا (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدونِ) ومحمد من الإنس الذين خلقهم الله ليعبدوه، فكيف إذاً يصلي الله على محمد؟ أليست الصلاة عبادة؟ هل الله يعبد محمد؟
ثم أن مسألة التفضيل في القرآن قد شملت تقريباً كل إنسان، فهاهو يقول (إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (آل عمران 33). ويقول كذلك (وإسماعيل واليسع ويونس وكلاً فضلنا على العالمين) (الأنعام 86). والعالمين تشمل جميع البشر، ومحمد بشر، فإذاً الله فضلهم على محمد.. وكذلك (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاكِ وطهركِ واصطفاك على نساء العالمين) (آل عمران 42). فإذاً مريم هي أفضل نساء العالمين. ولكن الله يقول لنساء النبي (لستن كأحد من النساء إذا اتقيتن). فالوضوع هنا أصبح خيار وفقوس، كما يقول المثل. الله يفضل آدم لأنه أول نبي، ثم يفضل إبراهيم أب الأنبياء، ثم يفضل قبائل بني إسرائيل على العالمين، ثم يفضل إسماعيل ويونس لأنهم من الأعراب، ثم يفضل خير أمة أُخرجت للناس. فليس هناك من حدود لتفضيل الله للناس، ومع ذلك يقول لنا القرآن (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). فالأم تريزا حسب هذا المنطق يجب أن تكون أكرمنا عند الله لأنها لاشك كانت أتقانا.
وأكتفي بهذا القدر من الردود وأعتذر لمن لم أجيب على تساؤلاته نسبة لضيق المساحة



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام لا يحترم العقل
- ما هي مهمة الأديان؟
- كامل النجار في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول التشكيك وا ...
- كيف أتينا إلى الوجود
- تساؤلات القراء
- الكون بين العلم والدين
- لجان البحوث الدينية وتفاهة البحث
- كيف خسر المسلمون بإلغاء العبودية؟
- تخاريف رجال الأزهر - الحلقة الأخيرة
- تخاريف رجال الأزهر 3
- تخاريف رجال الأزهر 2
- تخاريف رجال الأزهر 1
- الدكتور سيد القمني وتأخر المسلمين - تعقيباً على القراء 2-2
- الدكتور سيد القمني وتأخر المسلمين: تعقيباً على القراء 1-2
- الدكتور سيد القمني وتخلف المسلمين
- شيخ الأزهر الجديد وتربيع الدائرة 2-2
- شيخ الأزهر الجديد وتربيع الدائرة 1-2
- نساؤهم ونساؤنا
- لماذا يزداد تخلفنا
- مقارنة بين البوذية والإسلام


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - في معية القراء مرة أخرى