قابلية التعلم ومؤشراته

صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 14:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يعدّ التعلم غرساً في الوعي يشترط تكامل المعادلة التعليمية التربوية بين المعلم والمتعلم خلال استعداد المعلم لإنجاز مهامه التربوية على نحو صحيح ورغبة المتعلم التعلم على نحو متواصل، مع وجوب سلامة الأجهزة العقلية لاستيعاب المعارف الجديدة وعدم وجود خلل نفسي أو مرضي يضعف استيعاب المتعلم وقدرته على الإدراك وحفظ المعلومات في الذاكرة على نحو دقيق، ومن ثم استرجاعها لاستخدامها في المواقف المختلفة.
هذا لا ينفي وجود حالات استيعاب متباينة بين المتعلمين أو ضعف قدرة المعلم التعليمية ما ينعكس سلباً على النظام التعليمي التربوي برمته، لكن مؤكداً الذين يعانون تخلفاً عقلياً أو خللاً وظيفياً في أجهزتهم العقلية لا يمكنهم مواصلة تعليمهم في المستقبل. والذين لا يحالفهم الحظ في توافر معلمين يجيدون فن التدريس وأساليبه يعانون نقصاً معلوماتياً، يؤثر سلباً في امكاناتهم العلمية لعدم تجانس قيم العوامل بين طرفي المعادلة التعليمية التربوية على نحو عام.
يقول (( فيغوتسكي )) : " إن قابلية التعلم تشترط توفر استعداد ذاتي، للعمل المشترك مع الراشدين لاكتساب معارف جديدة ".
تهدف العملية التعليمية التربوية على نحو خاص نقل خبرات الأجيال المتراكمة إلى الجيل الفتي، لإستيعابها وإدراكها على نحو دقيق. ومن ثم تطويرها على نحو أفضل بعدّها حلقة الوصل بين سلسلة الأجيال السابقة والأجيال اللاحقة، لذلك يجب أن تضيف خبرة جديدة ومتطورة توافق الحاضر وتحقق رغبات الأجيال اللاحقة وطموحهم في التقدم والتطور.
كما يجب أن يصاحب المعلومات المستحدثة إبتكار أساليب تدريس متطورة لنقلها إلى الجيل الفتي تتناسب وتطور إمكاناته الذاتية ومؤهلاته في استيعاب المعارف الجديدة وإدراكها ومن ثم تطويرها ونقلها إلى الجيل اللاحق. لذلك فإن التأهيل التعليمي التربوي لا يخص المتعلم وحده، وإنما يخص المعلم أيضاً بعدّه أداة نقل الخبرة المتراكمة والمستحدثة إلى الجيل الفتي خلال اتباعه أساليب تعليمية فعالة ووسائل تربوية متطورة.
يُعرف التعليم التربوي : " أنه عملية فعالة وموجهة لنقل خبرة الأجيال السابقة الاجتماعية والثقافية بكل تفاصيلها إلى المتعليمن بإبتكار الأساليب الفعالة، لإكسابهم الخبرة وإتقانهم سُبل استخدامها في المواقف المختلفة ".
لا يمكن إغفال الخصائص الذاتية لإنجاح العملية التربوية، فمن دون سلامة الأجهزة العقلية والعصبية والنفسية يصعب غرس المعلومات عنوة في ذهن المتلقي. ولابد من توافر مواصفات خاصة للشخصية المعنوية للمتعلم لأداء مهامه تبعاً لقدرته الذاتية وإمكاناته التكوينية الخاضعة للموروثات الجينية السليمة أو المتضررة على نحو كلي أو جزئي، والعاكسة لخلل الأجهزة العقلية أو العاكسة لأمراض الجهاز العقلي والعصبي المعيقة لأداء وظائفه على نحو صحيح. وليس كافياً سلامة الأجهزة العقلية والقدرات الذاتية، وإنما يجب أن يصاحبها رغبة المتعلم في تلقي العلوم والمعارف الجديدة واستيعابها وإدراكها على نحو دقيق.
تعتقد (( أ. زيمنيايا )) هناك خمسة مواصفات عقلية لقابلية التعلم : " الذكاء، والوعي، والمرونة، والإصرار، وإستقلالية التفكير ".
تعدّ العملية التعليمية التربوية نشاطاً ذهنياً على نحو خاص، فمن دون توافر مناخات نفسية ملائمة للمتعلم إلى جانب إمكاناته الذاتية ليس سهلاً ضمان تواصل ايجابي بين المعلم والمتعلم، لأن ذهن المتعلم عرضة للإجهاد والوهن ما يضعف استيعابه وتركيزه فيقل إدراكه للمعلومات على نحو دقيق. لذلك يجب أن يتوافر المناخ النفسي الملائم للمتعلم ليشعر بالرضا عن أداء مهامه في استيعاب المادة الدراسية من دون إجهاد ذهني تضعف قابليته على التعلم والاكتساب المعرفي.
تحدد (( أ. زيمنيايا )) خمسة مؤشرات ذاتية لقابلية التعلم : " غياب التوتر الذهني والإجهاد البدني، والشعور بالرضا النفسي عند استيعاب المعارف الجديدة، وتوفر المرونة، والتفاعل الايجابي مع وسائل الاكتساب المعرفي وأساليبه، وعدم نسيان المعارف المكتسبة ".
إن العملية التعليمية التربوية اشتراطية على نحو عام ويصعب تحقيق أهدافها من دون توافر إمكانات ذاتية متباينة للمعلم والمتعلم على حد سواء وتوافر استعداد ذاتي ورغبة للتعليم والتعلم ومناخات نفسية ملائمة بعيداً عن الإجهاد والتعب والأساليب القسرية في التعليم المتعارضة كلياً مع النهج التعليمي التربوي الصحيح.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se

#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل