أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالخالق حسين - انتفاضة البحرين وموقف الطائفيين منها















المزيد.....

انتفاضة البحرين وموقف الطائفيين منها


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3317 - 2011 / 3 / 26 - 15:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


تمر الشعوب العربية منذ أربعة أشهر في انتفاضات شعبية عارمة ضد حكوماتها المستبدة بشكل لم يسبق له مثيل، مطالبة بحقوقها المشروعة في العدالة والحرية والكرامة والمساواة. والشعب البحريني لم يكن استثناءً، إذ انطلقت الجماهير البحرينية بمظاهرات سلمية، اتخذت من دوار(ساحة) اللؤلؤة في المنامة العاصمة، مكاناً لتجمعاتها وطرح مطالبها، ولكنها قوبلت بالعنف المسلح من قبل القوات الأمنية الحكومية، إضافة إلى قوات "درع الجزيرة" المؤلفة من الجيش السعودي خاصة، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بالمئات.

انتفاضة البحرين فضحت ازدواجية العرب، حكومات، وإعلاميين، ومؤسسات دينية، أثبتت أنها طائفية، سنة وشيعة، إلى حد النخاع. فقد أيدت الجهات السنية انتفاضات الشعوب التي ليس فيها شيعة، ولكنها وقفت ضد انتفاضة الشعب البحريني، لأن جريمة هذا الشعب أن غالبيته من الشيعة، ذات الموقف الذي اتخذته من انتفاضة الشعب العراقي عام 1991 ولنفس السبب رغم كره هذه الحكومات لصدام حسين ونظامه الفاشي.

فالشعب البحريني، كالشعب العراقي، يتكون من أغلبية عربية، منقسمة إلى شيعة وسنة، وهذا الانقسام مفروض عليه بحكم التاريخ ولا مفر منه، والعائلة المالكة في البحرين من أهل السنة وهذه ليست مشكلة. ولكن المشكلة أن الشيعة في هذه المملكة الذين يشكلون أكثر من 70% من السكان، يعانون من تمييز طائفي صريح، وانتهاك في الحقوق، حيث يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في كافة المجالات، بل وحتى يفضل عليهم الأجانب في وظائف الدولة، ومحرم عليهم دخول القوات المسلحة. لذلك هناك احتقان لدى هذه الشريحة من السكان منذ عشرات السنين، وصار هذا الاحتقان ينمو مع الزمن إلى أن بلغ نقطة الانفجار.
ولمواجهة الأغلبية الشيعية، عمدت السلطة إلى منح الجنسية لمواطنين عرب وأجانب من بلوش وباكستانيين وإيرانيين سنة، كمحاولة لحفظ التوازن المذهبي والتخلص من "خطر" الأغلبية الشيعية من مواطنيها. بطبيعة الحال، لم تكن الحكومة البحرينية بحاجة إلى هذه السياسة لو أنها تخلت عن التمييز الطائفي، وعاملت مواطنيها على قدم المساواة.

وعن شراسة قمع الانتفاضة البحرينية، نقل لنا الكاتب الأمريكي نيكولاس كرستوف، في صحيفة نيويورك تايمس، أنه شاهد جثثاً للمحتجين وقد أطلق عليهم الرصاص من مسافات قريبة، كما وشاهد فتاة في عمر المراهقة تتلوى من الألم بسبب ضغط القيد على معصميها، وشاهد الشرطة يضربون رجال الإسعاف لأنهم كانوا يحاولون إسعاف المصابين، كما واعتدوا على جراح لنفس السبب... وبعد أيام تحول الوضع إلى الأسوأ. ويضيف الكاتب أن في البحرين تمييز وتفرقة بين السنة والشيعة أشبه بالدولة العنصرية (something like an apartheid state) على حد تعبيره. وتلاحظ هذا التمييز في المناطق السكنية، فمن وضعها، تستطيع أن تعرف هل هذا الحي يسكنه سنة أو شيعة، فالتي يسكنها السنة هي أحياء راقية، تتمتع بأفضل الطرق والخدمات، بينما المناطق التي يسكنها الشيعة مهملة وبائسة.(1)

المؤلم أنه حتى رجل الدين المعروف، الشيخ يوسف القرضاوي، لم يستطع إخفاء حقده الطائفي على الشعب البحريني، ففي الوقت الذي أصدر فتوى أعلن فيها تأييده لانتفاضة الشعب الليبي ضد نظام معمر القذافي، وأباح قتل القذافي، فقد تهجم على انتفاضة الشعب البحريني ووصمها بالطائفية وأنها ضد أهل السنة، ولخدمة إيران ويجب مقاومتها بشتى الوسائل.

نعم غالبية المحتجين في البحرين من الشيعة وذلك لسبب واضح وبسيط، وهو أن غالبية الشعب البحريني من الشيعة. لذلك فالاضطهاد ضدهم مضاعف، ولكن في نفس الوقت هناك من السنة المشاركين في الانتفاضة والمطالبين بالإصلاح، فالإصلاح لا يخص الشيعة وحدهم، بل يخص جميع أبناء الشعب. فازدواجية العرب من هذه الانتفاضات والتحولات السياسية والاجتماعية باتت مكشوفة وبلا خجل. وحتى ما حصل في جنوب السودان من حركة انفصالية لم يحرك العرب أي ساكن ضدها. فلنتصور لو كان أهل جنوب السودان شيعة لماذا كان ردود أفعال العرب؟ وفي هذا الخصوص أجاب الكاتب السعودي، أحمد العلي النمر، في مقال له قائلاً بحق: "لو أن جنوب السودان شيعة... لكان الحال مختلف تماما، حيث يتحول شعب بأكمله إلى زمرة من العملاء الخونة وأحفاد «لابن العلقمي» وطابور خامس، والى غير ذلك من المصطلحات التي أصبحت عناوين رئيسية في القاموس السياسي العربي... ولتحركت ماكنة الإعلام العربية بفضائياتها وصحفها ومواقعها على الإنترنت بأقصى درجاتها لترسخ في ذهن المتلقي العربي أن ما يجري هناك هو من تمثيل وإخراج وسيناريو المخابرات الإيرانية، وبرعاية الحرس الثوري، وتمويل من مراجع الشيعة في قم والنجف".(2)

هذه التهم ذاتها وجهت ضد انتفاضة الشعب العراقي عام 1991، وأعيدت اليوم ضد انتفاضة الشعب البحريني. فمن منظور العرب، إذا ما شارك في الانتفاضة العرب السنة وحدهم فهي من أجل مطالب مشروعة، أما إذا كانت غالبية المحتجين من الشيعة فهي أجندة طائفية شيعية، ومؤامرة مجوسية بتحريض إيران. فمتى يتحرر العرب من هذه العقلية الطائفية المدمرة، ومعاملة شعوبهم كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات أسوة بالشعوب المتحضرة؟

الملاحظ أيضاً، أن التطرف يفضي إلى تطرف مضاد، والتطرف في التمييز العنصري والطائفي لا بد وأن يؤدي إلى التطرف في المطالب ويفسح المجال للمتطرفين والمخربين. لا شك أن معظم المنتفضين البحرينيين معتدلون ولهم مطالب معتدلة ومشروعة وعلى رأسها تعديل الدستور لتحويل النظام إلى ملكي دستوري على غرار ما في الأردن والمغرب، وعدم احتكار المناصب العليا في الدولة للعائلة المالكة، بل نظام يتم إشغال المناصب وفق الكفاءة لا الانتماء العائلي. ولكن الإمعان في الجور فسح المجال أمام بعض المتطرفين الشيعة في البحرين لطرح مطالب غير واقعية تدفع الأسرة الحاكمة إلى المزيد من التشدد، ومن هذه الشعارات ترديد هتافات بإسقاط النظام الملكي وإعلان الجمهورية، أو رفع صور رموز دينية إيرانية. والقصد من هذه الأعمال هو محاولة رجال الدين الشيعة والمتطرفين اختطاف الانتفاضة وإضفاء الصبغة الطائفية عليها. ولكن في نفس الوقت ليس مستبعداً أن يندس رجال الأمن في صفوف المحتجين ويطرحون شعارات استفزازية من أجل تشويه سمعة الانتفاضة. إذ أفادت الأنباء عن تمكن رجال الانتفاضة الكشف عن عناصر الأمن وهم يلصقون صور السيد حسن نصر الله، زعم حزب الله اللبناني، في الشوارع بغية تلفيق التهمة بالشباب الأبرياء. هذه المحاولات وغيرها يجب رصدها وفضحها.

كما ويجب التوكيد أن الملك حقق الكثير من الانجازات خلال العشر سنوات الماضية في صالح الشعب البحريني، وبالأخص الشيعة وتحقيق دولة المواطنة تدريجياً، ومن نتائجها الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي حقق فيها الشيعة نصراً لا يستهان به، رغم أنه كان دون استحقاقهم العددي. لذلك يجب عدم الإفراط بهذه المنجزات بطرح طلبات غير واقعية وغير قالبة للتتنفيذ، يستفيد منها أعداء الانتفاضة من الطائفيين من الجانبين.

موقف الساسة العراقيين من انتفاضة البحرين
في الوقت الذي نؤكد فيه دعم أية انتفاضة شعبية من أجل مطالب مشروعة، يجب علينا عدم التدخل في الشأن الداخلي لذلك الشعب، فأهل مكة أدرى بشعابها، لأن أي تدخل عدا الدعم المعنوي المحايد، يضر بتلك الانتفاضة. ما دفعني لطرح هذه الحقيقة هو موقف بعض الساسة العراقيين غير المسؤول من انتفاضة البحرين. فقد سمعنا أن هناك من نادى بفتح باب التطوع لشباب العراق من الشيعة لنصرة أخوتهم في البحرين، أو إطلاق تصريحات استفزازية ضد دول الخليج بسبب إرسالها (قوات درع الجزيرة) لحماية السلطة في البحرين. أعتقد أنه على السياسيين العراقيين، وبالأخص الشيعة منهم، أن يتجنبوا إطلاق مثل هذه التصريحات الاستفزازية، فهي لا تخدم الانتفاضة ولا الشيعة في البحرين، بل تضرهم بشدة، لأنها تفسح المجال أمام تقولات الطائفيين العرب بأن الانتفاضة هي طائفية شيعية ضد أهل السنة في كل مكان، كما وتضر بالعراق نفسه. فالعراق بوضعه الحالي الهش، لا يحتاج إلى المزيد من الأعداء، فهم كثر بفضل العقلية الطائفية السائدة في البلدان العربية، ونقص الخبرة لدى المسؤولين العراقيين. لذلك كان على السياسيين العراقيين التحفظ والحذر من إطلاق أي تصريح يخص الانتفاضة البحرينية وذلك لحساسية الموقف، ويتركوا مثل هذه التصريحات لناس غير محسوبين على السلطة.

والطامة الكبرى في الموقف العراقي أيضاً، هو إعلان رئاسة البرلمان العراقي تعطيل البرلمان لعشرة أيام تضامناً مع الانتفاضة البحرينية!!!. هذا الإجراء هو منافق وانتهازي، ودليل على جهل أو خبث الذين اتخذوه. ولحسن الحظ أدانه معظم رجال الدين الشيعة، والكتاب العراقيين الحريصين على العملية السياسية العراقية. فالتضامن مع الشعب البحريني، أيها السادة، لا يأتي من خلال تعطيل مؤسسات الدولة وتأخير أعمالها، بل بتقديم المزيد من النشاط للشعب. فالمعروف عن البرلمان العراقي أنه أقل البرلمانات في العالم حرصاً على الدوام وإنجازاً للمهمات لقاء رواتب خيالية وامتيازات لا يستحقونها. فهناك المئات من القوانين التي تنتظر سنها أو تعديلها، إضافة إلى واجبات البرلمان الأخرى في مراقبة الحكومة. كما وليس هناك شحة في العطل الرسمية والدينية وغيرها للبرلمانيين وخاصة في مواسم الحج والدينية الأخرى، لكي يستغلوا مناسبة انتفاضة البحرين ويمنحوا أنفسهم عطلة مدفوعة الأجر من أموال الشعب، الأمر الذي عكس ثورة مشوهة وأعطى انطباعاً سيئاً عن الديمقراطية العراقية.
نعم لدعم أية انتفاضة البحرين لتحقيق مطالبها المشروعة، ولا للمواقف الطائفية منها.
ـــــــــــــــــــــ
هوامش
NICHOLAS D. KRISTOF, Bahrain Pulls a Qaddafi, NYTimes.com
http://www.nytimes.com/2011/03/17/opinion/17kristof.html

2) أحمد العلي النمر، لو أن جنوب السودان شيعة / أحمد العلي النمر
http://summereon.net/news.php?action=view&id=7707

[email protected] العنوان الإلكتروني للكاتب
http://www.abdulkhaliqhussein.com/ الموقع الشخصي للكاتب



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القذافي على خطى صدام
- إذا كنت لا تستحي يا علي عبدالله صالح
- العداء بين الشعب والسلطة
- حول (إهداء) أربع فرق عسكرية إلى الصدريين!!
- تضامنا مع الحزب الشيوعي العراقي
- تأملات في مظاهرات (الغضب العراقي)
- يسيرون نحو الهاوية وهم نيام
- نعم للتظاهرات ضد الفساد..لا لتسلل البعثيين فيها
- مصر: من الانتفاضة إلى الثورة
- دور المخابرات الأجنبية في انقلاب 8 شباط الدموي
- تحديات تواجه الانتفاضة المصرية
- تكتيكات فدائيي مبارك لضرب الانتفاضة
- مرحى لانتفاضة الشعب المصري
- محنة الكرد الفيلية.. حتى في العراق الجديد؟
- مخاطر تهدد الثورة التونسية
- انتفاضة الشعب التونسي ترعب الحكام العرب
- الحلول المقترحة لمشكلة الطائفية والحكم في العراق
- التوافقية لا بد منها في هذه المرحلة
- نظرية حكم ولاية الفقيه
- الطائفية في عهد حكم البعث


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالخالق حسين - انتفاضة البحرين وموقف الطائفيين منها