مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3313 - 2011 / 3 / 22 - 07:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك اتفاق بين الاستبداد الذي يحكمنا مباشرة و استبداد الاحتكارات الذي يحكم العالم كله , ما يقوله إعلام الأنظمة المستبدة أن الفساد و الاستبداد وطني أما الدعوة للحرية فأجنبية , مدسوسة أو تروجها عناصر مندسة , إنها القاعدة في ليبيا , إيران في البحرين , الفلسطينيون في درعا , و كل هؤلاء في مصر قبل سقوط مبارك , إعلام نظام الاحتكارات المعولم يرى الشيء نفسه , فالحرية ( هو يسميها ديمقراطية ) شيء غريب عنا يجب أن نتدرب عليه بإشراف أجنبي غربي و أن نخضع لوصاية غربية إما مباشرة أو غير مباشرة لكي نتجاوز جينات الخضوع للاستبداد , الفارق هنا بسيط و النتيجة واحدة بالنسبة لنا و إن اختلفت بالنسبة لمن يتنافس على استبعادنا و نهبنا , لقد جاء التطور العسكري للانتفاضة الليبية بردا و سلاما على منظري الاستبداد و نظرية الخضوع للاحتلال التبشيري في نفس الوقت , لقد أرادت النخب و الطغم منذ بداية موجة الثورات العربية أن تعيد حشرها من جديد بين الاستبداد و الاحتلال , أن تلغي بسرعة المساحة الهائلة التي احتلتها الجماهير بنضالها مفاجئة الاثنين و مجبرة إياهما على الكذب و المناورة و استخدام القمع و القتل , الآن يحاولون من جديد حشر الناس , الثوار , الشباب , بين ثنائية الاستبداد و الاحتلال , الجميع , و هم يفعلون ذلك بسعادة غامرة , لكن الحقيقة مختلفة تماما , هذا الخيار زائف , وهمي , فهو كالاختيار بين الموت غرقا أو شنقا , بين العبودية و العبودية , بين الاستبداد و الاستبداد , فخلافا لثقافة و خيار القوة و الموت التي يتقنها القذافي و الناتو على حد سواء و يتقنان ممارستها على حد سواء , هناك طريق ثالث , دائما كان هناك طريق ثالث , ديمقراطي حقا , حر , هو حرية الجماهير نفسها , خيار تحررها من كل قمع و قهر و وصاية , لنقرأ ما جرى و يجري في ليبيا على الأرض , لقد ثار الشعب الليبي كما جرى و يجري في كل مكان من هذا الشرق الآن , لكن قمع النظام كان همجيا لدرجة أن الثورة الليبية لم تتمكن من الانتصار , لملم النظام قواه و بدأ بهجوم مضاد , جرت عسكرة الانتفاضة , الأمر الذي اعتبره مثلا رفيقنا سعود سالم , أناركي تحرري ليبي , خطأ , خطيئة كبرى في وجه نظام بهوس و جنون و ولع القذافي بالقمع الدموي , كان واضحا أن الثورة لن تنتصر و أن النظام يحضر لمجزرة قادمة في بنغازي , و من ثم في كل مكان ابتداءا بطرابلس نفسها بما يتفق مع جنون عظمة الزعيم الذي خدش في كبريائه , كان الشعب الليبي بحاجة إلى نجدة , هنا كان هناك احتمالان , أن تقدم هذه النجدة الشعوب و الجماهير العربية و في العالم كله , أو القوى الطامعة بالنفط الليبي على أن تقبض الثمن فيما بعد , ليجد الليبيون أنفسهم و قد استبدلوا قيودا بأخرى , استغلالا بآخر , استبدادا بآخر , نعم , خلافا لكل ما كان الستالينيون يدرسونه و القوميون العرب في أحزابهم الشمولية و الليبراليون الجدد في حركاتهم التابعة , فإن هناك بالفعل شيئا اسمه أممية بروليتارية و لكنه لا يعني التبعية المطلقة للأخ الأكبر , في موسكو أو بكين , و لا يعني إضاعة الوقت في تبرير جرائم الأخ الأكبر و تدريس تاريخ و سيرة حياة الزعماء المختارين للحركة العمالية العالمية , إننا اليوم نعيد قراءة النظرية الثورية و إعادة اكتشافها من جديد , لقد ظهرت الأممية البروليتارية ظهرت مع البدايات الأولى للحركة العمالية العالمية قبل أن يجري تحويل هذه الحركة إلى حركة تمارس التصفيق و الابتهال للزعماء وصولا إلى عبادتهم , ظهرت كنتيجة لطبيعة صراع العمال و المهمشين في النظام الرأسمالي سواء في الأطراف أو المراكز بمعنى أن الصراع الحقيقي مع قوى رأس المال , مع قوى الاستغلال و التهميش و الاستلاب , يجري في الواقع على نطاق أممي و لا يمكن تحقيق النصر الحاسم فيه إلا على نطاق أممي , إننا اليوم في خضم ثوراتنا نعيد قراءة و تفسير , نعيد معرفتنا الثورية هذه المرة لا الإصلاحية و معرفتنا الجماهيرية لا النخبوية و لا الحزبية , الديمقراطية لا الشمولية , لمفهوم الأممية البروليتارية , تعني الأممية البروليتارية أن معركة الجماهير الليبية و معها الشغيلة في كل مكان , هي معركة كل عامل و مهمش على هذه الأرض , و أنه في مواجهة الطغاة و في مواجهة قوى الموت الرأسمالية على حد سواء فإن انتصار ثورات كثورة الشعب الليبي يمكن أن يتحقق فقط بتضامن كل العمال و المهمشين على الأرض ... هناك أيضا تضامن عربي , هذا صحيح , و هذا يتضح في الواقع اليوم بين الشعوب الثائرة , لكنه ليس تضامن أنظمة الاستبداد , ليست المجالس العربية على مستوى القادة بين الطغاة العرب و قادة أجهزتهم الجهنمية أو الأمنية و موظفيهم الأغبياء و التافهين , إنه تضامن الجماهير في نضالها من أجل حريتها , تضامننا نحن , تضامن الشباب العربي الثائر في كل مكان مع الشباب الليبي و كل الشباب العربي الثائر و ليس تضامن الأنظمة مع بعضها البعض , لا يمكن اليوم , أكثر من أي وقت مضى , أن يطالب أي شعب بالخنوع , و الاستسلام لمصيره , لمن يسلبه حياته , لأي ديكتاتور , لا من بني جلدته أو من غيرهم , ما كان مجرد نفاق في أيام الركود هو اليوم جريمة , فمن يتضامن مع القتلة مشارك في جرائمهم , هناك شيء اسمه شرعية القوة الغاشمة التي تمثلها في نفس الوقت أنظمة الاستبداد العربية و أيضا النظام العالمي الجديد , كلاهما يقوم على شرعية القوة وحدها , ليس صحيحا أن القذافي مستعد لتسليح شعبه , هذا الشعب الذي عمل طوال 41 عاما على قتل شخصيته و تفكيره المستقل ليتماهى بشخص الطاغية , و الذي عمل في الأسابيع الأخيرة على قتل أي إرادة أو حتى أمل في الحرية فيه حتى لو اضطره هذا لإرتكاب أشنع الجرائم , و ليس صحيحا أن أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا تريد تحرير أي شعب و لا حتى أن يقترب من شيء اسمه حرية , إنها جاهزة للثرثرة عن هذه الأشياء لكنها في الحقيقة تدعم كل الديكتاتوريات و ستبقى تفعل في كل مكان , إن إمبراطورية الاحتكارات تعيش على مص دماء الشعوب و الفقراء , و هي تريد فقط إعادة إنتاج ظروف مستقرة لممارسة هذا العمل دون مشاكل ما أمكن بواسطة بنى قمعية جديدة , بواسطة نخب , طغاة , جدد , ذوي أشكال و خطاب أقل همجية و قبحا ممن حكمونا حتى اليوم ... إن الحرب اليوم التي يقوم فيها القذافي و الناتو , باسم الرأسمال العالمي , بتدمير ليبيا و تهيئة الأجواء المطلوبة لتأبيد عبودية شعبها هي إلى حد كبير نتيجة ضعفنا نحن , نحن الجماهير و المهمشون على امتداد العالم بأسره , علينا في مواجهة هذه الحرب التي يتفق طرفاها على ضرورة سلب الشعب الليبي حريته , أن نخلق أشكال و مؤسسات للتضامن الفعلي ضد الطغاة , ضد المستغلين و المتاجرين بدماء الشعوب , تقوم على شرعية الناس العاديين , لا القوة الغاشمة للقوى السائدة اليوم , هذا إلى حد ما شرط ضروري , ليس فقط لانتصار الثورة الليبية اليوم , بل لانتصار الثورة في كل مكان , للانتصار النهائي للفقراء و المهمشين على الأنظمة و القوى التي لا يمكنها أن تسيطر و تهيمن إلا إذا أبقتهم فقراءا و مهمشين ,علينا أن نبدأ بتطوير مؤسسات للتضامن بين الجماهير التي تتعرض للاضطهاد في كل مكان و لتنسيق نضالاتها في حركة عالمية كبيرة لدحر الظلم و الطغيان في كل مكان , علينا أن نعيد الاعتبار لمفهوم الأممية البروليتارية بمضمون و محتوى جماهيري ثوري ديمقراطي و أن نطور آلياتها و مؤسساتها لأنها ضرورة لانتصاراتنا الجزئية و لانتصارنا الأخير ...
ملاحظة للسيد عبد الله الداخل , قلة اليوم ما زالوا يمارسون كما تفعل تلك النخبوية الفوقية و بمثل هذه اللهجة القاطعة للعارف بالحقيقة المطلقة , منهم صاحب أغنية زنكة زنكة الذي يدافع عنه السيد الداخل , هذه أوقات ثورية أيها الداخل , أوقات أنصاف الأميين , و الرعاع , التي ينتزعون فيها مصيرهم من كل من زعم سابقا أنه أدرى منهم بأمور حياتهم و مارس ذلك وصولا إلى قتلهم إذا لزم الأمر لمصلحتهم طبعا ... انتظر حتى تسقط هذه الثورات على الأقل و عندها مارس نخبويتك التعليمية البطريركية بتلذذ , اليوم هذا صعب , الناس تريد من يحاورها كواحد منها , لأنها اليوم فجرت ثورات في كل مكان باسم حريتها لا باسم أية إيديولوجيا وطنية أو ستالينية أو شمولية و لا ليبرالية جديدة سرقت منها عمرها لجيل كامل , و هكذا كان الحال دوما , تظهر النخب مرة أخرى عندما يجري تهميش الناس لصالح إيديولوجيا ما نخبوية تشترط أن يمارسوا السمع و الطاعة , عليك أن تتحمل هذا كله الآن , و أن تنتظر سقوط الثورات , أما نحت فسنقاتل حتى ذلك اليوم بكل قوتنا في سبيل حريتنا , و لذلك ليسقط القذافي و الناتو , المجد للشعب الليبي .....
مازن كم الماز
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟