أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود أمين - بدأت الردة !!! قراءة في تأملات الدكتور عبد الخالق حسين















المزيد.....


بدأت الردة !!! قراءة في تأملات الدكتور عبد الخالق حسين


داود أمين

الحوار المتمدن-العدد: 3299 - 2011 / 3 / 8 - 00:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ سنوات وأنا أتابع بحرص وإعجاب، ما يكتبه الدكتور عبد الخالق حسين، الذي كانت كتاباته تتسم بالموضوعية والتحليل العلمي، المنحاز للحقيقة ولمصلحة الشعب العراقي والوطن عموماً، وربما إختلفت معه، ولا أزال، في تقييمه وتوصيفه للإحتلال الأمريكي للعراق، وتسميته بالتحرير! وهي وجهة نظر، رغم رفضي وإستنكاري لها، لا تخصه فقط بل يشاركه فيها بعض العراقيين أيضاً، وهو وهم أحرار فيما يؤمنون! ولكن ما لفت إنتباهي وأثار دهشتي المقالات الثلاث الأخيرة للدكتور عبد الخالق حسين، والتي سبقت وأعقبت التظاهرات الشعبية، التي عمت مدن العراق من أقصاه إلى أقصاه، فالرجل رغم وطنيته وعلمانيته ودفاعه السابق عن الشعب، تراه في مقالاته الثلاث الأخيرة، يبتعد كثيراً عن هذه الثوابت الهامة في كتاباته، وينحاز لشخص رئيس الوزراء نوري المالكي، خاسراً جماهير الشعب، وهذا الإنحياز للسيد نوري المالكي بالتحديد، ليس جديداً على الدكتور عبد الخالق، إذ نشأ منذ لقاؤهما قبل سنوات في بغداد، في مؤتمر للكفاءات العراقية في الخارج، أو شيء يشبهه، وهو أمر طبيعي لا إعتراض عليه، يحدث لمثقف عراقي، يُعجب بشخصية سياسية معينة ويجد فيها آملاً في تحقيق أمانيه ورغباته، وقد تابعت بعد ذاك اللقاء كتابات الدكتور عبد الخالق، ومن بينها مقالة، أورد فيها حججه في تفضيل المالكي على غيره، لتولي رئاسة الوزارة مجدداً، وربما أقنعت تلك الحجج الكثيرين، وأنا منهم، خصوصاً وإن الأسماء المنافسة للمالكي لم تكن بالمستوى المناسب، ولكن هذا الإعجاب والإنحياز لشخص المالكي، يجب ويفترض أن يكون في حدود معينة وواضحة، أي أن لا يكون إعجاباً مطلقاً ونهائياً، بل إعجاباً موضوعياً، ينظر لصورة الواقع وتغيراته بتجرد، خصوصاً وأنا أثق، رغم إنني لا أعرف الدكتور عبد الخالق عن قرب، أنه شخص غير نفعي، وإن لا مصلحة شخصية تربطه بالمالكي، والأن لنرى ماذا كتب الدكتور عبد الخالق في مقالاته الثلاث.
في مقالته الأولى التي نشرها بتاريخ 18/2/ 2011 في موقع الناس والمعنونة { نعم للتظاهرات ضد الفساد ... لا لتسلل البعثيين } يخيل لمن يقرأ العنوان أن الدكتور يدعو للتظاهر ويشجع عليه، ولكنه في نفس الوقت، يحذر وينبه المتظاهرين لتسلل البعثيين، وهو أمر إيجابي ومقبول، ولكن من يستمر في قراءة المقال يكتشف أن الدكتور يبدأ بربط الدعوة للتظاهر في العراق، بالتذكير بثورتي تونس ومصر، إذ معهما تصاعدت ( النداءات من قوى تقدمية ورجعية، خيرة وشريرة للقيام بتظاهرات مشابهة ) رغم إقراره أن الشعب العراقي لا يحتاج لتقليد إنتفاضة أو تظاهرة لأنه (شعب الإنتفاضات والوثبات والإنقلابات والثورات) وإقراره أيضاً إن ( التظاهرات حق مشروع للمواطنين في الأنظمة الديمقراطية، وعلامة حضارية وصحية، خاصة في مجتمع عاش 40 سنة في جمهورية الخوف والرعب ) كما يشير الدكتور إلى الأنباء التي تصله من العراق والتي ( تنبىء عن أوضاع مأساوية جداً، تتمثل بتصاعد البطالة، وتردي الخدمات وإنقطاع التيار الكهربائي الذي صارت الحياة العصرية مستحيلة بدونه، وتفشي الفساد والرشوة في دوائر الدولة، إلى حد أن المواطن عندما يراجع أية دائرة حكومية ولأبسط معاملة، لا تتم تمشية معاملته إلا بعد دفع رشوة للموظف المسؤول ، إضافة إلى الرواتب الخيالية للوزراء وأعضاء البرلمان دون أن تقابلها أعمال تبرر هذه الرواتب الضخمة ) ورغم إقرار الدكتور عبد الخالق بكل هذه المثالب في السلطة العراقية، والتي توحي بأنه سرعان ما سيدعو للتظاهر والدعوة لتغيير هذا الواقع غير المقبول، لكن الدكتور يفاجيء القاريء بالتأكيد ( أن العراق يحكمه اليوم نظام ديمقراطي بدليل التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع وحرية الصحافة والتعبير ومؤسسات المجتمع المدني بالمئات، وحرية التظاهر والإحتجاج ) وإن ( معظم هذه التظاهرات في العراق الجديد هي ضد الحكومة ودون أن تواجهها السلطات بالعنف إلا نادراً في حالة لجوء المتظاهرين أنفسهم إلى العنف ) وبعد كل هذه المقدمات التي يوردها الدكتور عبد الخالق، وتأكيده على وجود واقع مزري في العراق، وتثبيته لحق الشعب في التظاهر، يركز الدكتور جوهر مقالته، وبعكس العنوان الذي أورده، في الدعوة لعدم التظاهر، وفي التهجم على من يتصور إنهم الداعين له، فيخلط في هجومه بين المجلس الإسلامي الأعلى والتيار الصدري، وينسى إنهما هما من أوصلا المالكي لرئاسة الوزارة، واللذان لم يساهما في التظاهر، ويوجه لهما ما يحلو له من مثالب وشرور، ولا ينسى الدكتور عبد الخالق توجيه نقده لمساهمة الحزب الشيوعي العراقي في الدعوة للتظاهرات، دون أن يسميه صراحة، فهو في خانة ( أحزاب سياسية فشلت في الإنتخابات الأخيرة، تحاول إلقاء فشلها على الآخرين ) كما يركز هجومه على البعث ويحذر منه، ويستشهد بالتأريخ وبإنقلاب شباط الدموي، وإنقلاب تموز 1968 ، ويتهم الجميع، الذين وصفهم بالتقدميين والرجعيين والخيرين والشريرين، واضعاً إياهم في سلة واحدة، بأنهم موتى لأنهم لا يستمعون لنصائحه وتحذيراته فيقول:
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
ولا يعرف أحد من يخاطب الدكتور عندما يقول ( إن الشعب هو الذي إنتخب الحكومة الحالية، أما أن نتفق مع الديمقراطية في حالة فوزنا في الإنتخابات، ونحاربها ونحارب الإنتخابات في حالة فشلنا، فهذه إزدواجية المعايير، فهل يعتقد هؤلاء السادة أنه لو أجريت الإنتخابات التشريعية اليوم ستكون النتائج مختلفة عن تلك التي جرت قبل أقل من عام؟ الجواب في رأيي كلا) ولا أعرف من هم الذين يحاربون الديمقراطية، التي يختصرها الدكتور عبد الخالق، في إجراء إنتخابات شكك بنزاهتها حتى المالكي نفسه، والدكتور يعرف بالتأكيد ماذا تعني الديمقراطية، أعتقد أنه ليس في ذهن الدكتور وهو يكتب هذه العبارات سوى الكتاب الشيوعيين واليساريين، الذي ساندوا التظاهرات وكتبوا إلى جانبها، فهؤلاء فقط هم من يقرأ لهم ويعرف آرائهم، وينسى الدكتور عبد الخالق في كل الذين تهجم عليهم وإعتبرهم داعين للتظاهر، نسى شباب الفيسبوك، القادة الحقيقيون الذين خططوا لهذه المأثرة الوطنية العظيمة، كما نسى عشرات آلاف الشابات والشباب الذين لا علاقة لهم بأي حزب والذين إستعدوا للمشاركة فيها! أما ثقته المطلقة أنه لو جرت إنتخابات تشريعية الأن، فإن النتائج ستكون هي نفسها، فهي ثقة لا مبرر منطقي يدعمها، وهي قراءة غير دقيقة لواقع عراقي قريب يقول غير ذلك، فالمجلس الإسلامي الأعلى الذي كان يتحكم بتسع محافظات عراقية، تراجع بعد جولة الفرسان وتصدي المالكي لجيش المهدي، وأحتل المالكي وحزبه مقاعدهم، وعلاوي الذي كان له 25 نائباً في إنتخابات سابقة، حصد أعلى الأصوات ( 91 ) في الإنتخابات التالية، ولو أجريت الإنتخابات الأن فلن يحصد المالكي وحزب الدعوة سوى ثمرها المر! يبدو أن الدكتور عبد الخالق لم يدقق في الشعارات التي رفعها المتظاهرون، ولم يلفت إنتباهه البوستر الذي يقطع الأصبع البنفسجي ويقول نادمون! كما لم ينتبه لمحافظي البصرة والحلة والكوت وأمين العاصمة الذين أجبروا على الإستقالة، وجميعهم من حزب رئيس الوزراء، وإلى محافظ بغداد ورئيس مجلسها، اللذان سيلتحقان، تحت ضغط الجماهير، بمن سبقهما، وهما أيضاً من حزب المالكي، ثم ينهي الدكتور مقالته بجملة أحسب أنها متعالية ( ألا هل حذرت أيها الشعب إشهد ) فالمكتوي بنار البطالة وإنعدام الكهرباء ونقص الخدمات والإجراءات الطلفاحية لمجالس المحافظات وغيرها، ليس كالجالس مثلي ومثل الدكتور في هدوء المنفى الخالي من كل تلك الهموم والمشاكل .
أما مقالة الدكتور الثانية والمنشورة في 24/2/ 2011، أي قبل يوم واحد من تظاهرة ( جمعة الغضب ) فالمؤسف القول أن عنوانها ذكرني باتهامات القذافي للثوار الليبيين، عندما وصفهم بتناول حبوب الهلوسة وإنهم مخدرون، إذ كان العنوان ( يسيرون نحو الهاوية وهم نيام ) وهو إتهام يعكس تعالي لا يليق بمكانة الدكتور عبد الخالق ولا بسمعته الوطنية، إذ لا يمكن القول عن عشرات، بل مئات آلاف العراقيين، الذين كانوا سيخرجون في تظاهرة سلمية تطالب بالخبز والحرية، بأنهم سائرون إلى الهاوية وهم نيام! وبعد هذا العنوان الإستفزازي وغير المناسب، يؤكد الدكتور على إن التظاهرات السلمية في الأنظمة الديمقراطية حق مشروع ( ولكن ما يجري الأن من إستعدادات لما يسمى {جمعة الغضب} أو { الإنتفاضة المليونية الإحتجاجية}هو طبخة خطيرة القصد منها ليس الأهداف المعلنة، بل الإنقلاب على الديمقراطية الوليدة، والذي لا تقل خطورته عن إنقلاب شباط عام 1963 الدموي ) ولا يعرف أحد كيف توصل الدكتور عبد الخالق لهذا الربط والإكتشاف الخطير! وهل علم بإن شباب الفيسبوك، سيسيطرون على إذاعة أبو غريب، ويوجهون بياناتهم للقطعات العسكرية التابعة لهم، للتحرك نحو وزارة الدفاع، وإغتيال الزعيم المفدى نوري المالكي! ثم يمضي الدكتور عبد الخالق، وهو يتوافق مع محتوى ومضامين خطاب رئيس الوزراء في نفس اليوم، في تهديد المتظاهرين وتحذيرهم من البعث والقاعدة! بل يضيف الدكتور إلى المغرر بهم والسائرين نحو الهاوية وهم نيام ( أناس عرفوا بحب الوطن وسعيهم إلى الخير، ولكن إلتبس عليهم الأمر، فطالبوا الحق بالباطل، وهم لا يعلمون أن هناك وراء الكواليس أشرار، يقودونهم إلى الدمار الشامل، ويحثون بهم الخطى إلى الهاوية وهم نيام ) ولا أعتقد إن الدكتور وهو يكتب عبارته الفوقية والمتسمة بكثير من الأستاذية وإستصغار الأخرين، يقصد بهؤلاء غير الشيوعيين! ورغم أن الدكتور يقر بوجود ما يسميها نواقص في العملية السياسية، إلا أنه يصفها بقميص عثمان الذي سيقود ( لأنقلاب على الديمقراطية الوليدة الناشئة، ووأدها وهي في المهد، وإغراق العراق في حكم بعثي أسود لأربعين سنة أخرى) ويستند الدكتور في إستنتاجه الغريب هذا، إلى قراءته لأحد الشعارات التي تقول ( فلتسقط الديمقراطية .. والموت للديمقراطية ) وهو شعار فردي ومدان فضحه الداعون للتظاهر قبل غيرهم، ثم يمضي الدكتور في إيراد ما يعزز فكرته وفكرة رئيس الوزراء، التي عبر عنها في خطابه قبل يوم من التظاهر، وهو نفس يوم نشر مقال الدكتور، في أن البعث هو من خطط ومن سينفذ التظاهرة، فيتحدث عن صور عزة الدوري التي سترفع في التظاهرة ورسالة صديقه الذي يحذره من البعث وأيتام صدام!! ولكي نسمع كلام الدكتور كتلاميذ شطار، ونتمسك به يذكرنا الدكتور، وكأنه ليس عراقياً مثلنا، أننا شعب ساذج لا يتعلم من أخطائه، إذ يقول ( العراقيون معرضون للخديعة في كل زمان دون أن يتعلموا من كوارثهم، منذ أن خدعهم عمر بن العاص في صفين) ثم يضيف ( إستمر العراقيون ينخدعون طوال تأريخهم، مروراً بمؤامرة 8 شباط و17 تموز، بدون أن يتعلموا من خيباتهم وكوارثهم إلى يومنا هذا ) ولا أعرف هل تخلص الدكتور عبد الخالق من هذه الصفة العراقية السيئة (بإمتياز)عندما أنهى عراقيته بحصوله على الجنسية البريطانية، وأبقاها لنا نحن الذين تمسكنا بعراقيتنا!؟ ورغم إن الدكتور في مقاله السابق أشار إلى أن العراقيين عرفوا بثوراتهم ووثباتهم وإنقلاباتهم، وإنهم ليسوا بحاجة لتقليد أحد، إلا أنه هنا يقول أنهم يقلدون ( ما جرى ويجري من إنتفاضات في تونس ومصر والبحرين وليبيا وغيرها ) ولا ندري أين نصدق الدكتور، في تلك المقالة أم في هذه؟ ولأنه مكلف أو متطوع للدفاع عن السيد رئيس الوزراء فقط، لإعجابه أو لثقته به، أو لأسباب أجهلها فهو يقول ( لقد نسى هؤلاء السادة أن بن علي تمسك بالحكم 23 سنة وحسني مبارك 30 سنة ومعمر القذافي 42 سنة، بينما عمر حكومتنا لا يزيد على ثلاثة أشهر، وبإنتخابات حرة ونزيهة بإعتراف المراقبين الدوليين، ورئيس الوزراء لم يمر عليه أكثر من 4 سنوات في المنصب) ويبدو أن الدكتور عبد الخالق حسين صدق إننا شعب ساذج ومخدوع، بحيث لا نعرف أبسط أنواع الحساب، ونصدق بسهولة، أن عمر حكومتنا ثلاثة أشهر فقط! وإن السنوات الثمان التي مضت، منذ سقوط صنم الطاغية، ومنها 5 سنوات برئاسة المالكي، كان يحكم بها ناس وفدوا الينا من المريخ! وليس الطبقة السياسية والطائفية نفسها! والدكتور لا يرى سبباً لتغيير النظام العراقي، كما فعلت الشعوب العربية الأخرى، علماً إن لا أحد دعى لتغيير النظام، بل كانت الدعوة صريحة وواضحة، من المتظاهرين إلى إصلاحه وتقويمه، فيقول ( فالغاية التي إنتفضت من أجلها الشعوب العربية قد تحققت في العراق منذ ثمانية أعوام، ولذلك فليس هناك سبب لتغيير النظام العراقي إلا إذا كانت الغاية إعادة الدكتاتورية البعثية الفاشية) ولا أعرف لماذا هذا التخويف والرعب من جثة البعث التي ماتت وتعفنت ولا يمكن أن تعود إلى الحياة مجدداً، فنحن لسنا في عام 1963 ، ولا حتى في التسعينات، وعصر الإنقلابات العسكرية ولى إلى غير رجعة، والشعوب لن تسمح بعد بالدكتاتوريات، ولا بمصادرة الحريات ولا بالفساد والسرقة، والشعب العراقي ليس إستثناءاً لكي يرضخ أو يُذل، والشهداء والجرحى، من شبيبة العراق، الذين قدموا أرواحهم وأجسادهم في التظاهرات الأخيرة، لم يتبرعوا بها من أجل شعارات الوحدة والحرية والإشتراكية الزائفة، والتي إستهلكت وماتت، بل من أجل الخبز والحرية والعدالة وتوفير الخدمات. وبالرغم من تكرار الدكتور لموضوعة أنه ليس ضد التظاهرات السلمية، لكنه يقف كمتنبىء يعرف المخفي والمستور، فيحذر منها قائلاً ( من الصعوبة أن تمر هذه التظاهرات بسلام، بل لابد أن تكون الحصيلة كارثة على الشعب ومستقبله، وعندئذ لابد أن يسارع دعاة التظاهرة السلمية بأنهم غير ملزمين بما حصل من حوادث مؤسفة أثناء التظاهرة، وسيتنصلون من تبعاتها الكارثية، بل سيلقون اللوم على الحكومة وحدها ) وبالفعل لم تمر التظاهرات بسلام، وكانت الحصيلة كارثة على رئيس الوزراء وحكومته وحزبه، إذ تلطخت أيديهم بدماء شبيبة العراق المطالبين بالحرية والعدالة والخدمات، وعلى حد وصف النائبة في إئتلاف المالكي مها الدوري التي قالت ( لم أرى متظاهرين بعثيين، بل رأيت قمعاً وإرهاباً بعثياً للمتظاهرين ! ) ولآن الدكتور عبد الخالق واثق من تنبؤاته السوداء ( بحرق العراق والتمهيد لعودة الدكتاتورية الفاشية، يعني قول حق يراد به باطل ) فقد ختم مقالته بثقة لا أعرف من أين إستمدها قائلاً ( وإن غداً لناظره قريب ) ولما كان الغد، وهو يوم التظاهرة السلمية، وشعاراتها المطالبة بالإصلاح، والإنضباط العالي الذي تمتع به المتظاهرون، وحملهم لباقات الورد، قد خيب آمل الدكتور عبد الخالق حسين ورئيس وزرائه، فقد إختفى الدكتور عبد الخالق لأكثر من أسبوع، ليطل علينا بمقال ثالث نشر في يوم 5/3/ 2011 ، تحت عنوان {تأملات في مظاهرة الغضب العراقي } وبدل أن يعتذر، كما هو متوقع ومنطقي، عن توقعاته غير الدقيقة في مقالاته السابقة، ويتنازل عن إتهاماته للشعب العراقي وللقوى الوطنية العراقية بالسذاجة، ويقف إلى جانب جماهير الشعب ومطالبهم العادلة، ويواسي أهالي الشهداء والجرحى، ويعنف الحكومة ورئيسها على سيل الدم الذي جرى، نراه يبدأ مقالته مستهزءاً بالعراقيين الذين قال إنهم إستخدموا فبراير بدلاً من شباط و ( راحوا يقلدون الغير حتى في أسماء الأشهر!! ) ورغم شكلية هذا الأمر إلا أني لم ألاحظه رغم تدقيقي في صور الشعارات، ووجودي في العراق قبل وأثناء وبعد التظاهرات، ثم يواصل الدكتور مقالته قائلاً عن التظاهرة ( والمفترض بها كما أكد منظموها ودعاتها، أن تكون سلمية وحضارية، ولكن في نهاية المطاف كانت الحصيلة وحسب ما أوردته وكالات الأنباء ، ومنها القناة الرابعة البريطانية، 13 قتيلاً بينهم شرطي، و75 جريحاً بينهم سبعة من الشرطة، كما وحصل تفجير إرهابي في الرمادي، أودى بحياة ثلاثة مشاركين في التظاهرة وعدد من الجرحى ) وأسأل الدكتور والقراء هل هذا الكلام يدل على قليل من الموضوعية والعدل؟ وهل يحاسب الضحايا من شهداء وجرحى على أرواحهم ودمائهم التي أهدرت ؟ ومن الذي حوّل التظاهرات السلمية التي يحمل منظموها الورود، ويحمل معارضوها البنادق وخراطيم المياه والرصاص الحي والمطاطي، والطائرات المروحية، من حوّلها وغيّر في مساراتها، وهل أذكر الدكتور عبد الخالق بالصحفيين الذين أعتقلوا وعذبوا وخرجوا يتحدثون عبر الفضائيات عما تعرضوا له من إرهاب وتعذيب، أم إن هؤلاء كانوا بعثيين مغرضين!!؟ أم أحدثه عن الصور والمشاهد وأفلام الفديو التي بثتها وسائل الإعلام، لما فعلته قوات رئيس وزرائه من بشاعة ذكرت العراقيين بإجراءات البعث، وبعصابات صدام!! ألم يستمع الدكتور عبد الخالق حسين، هذا اليوم، للكلمة الغاضبة للدكتور الجعفري رئيس كتلة رئيس الوزراء في البرلمان العراقي، وهو يدين بحرقة وألم ما تعرضت له جماهير الشعب أثناء مظاهرتها السلمية، على أيدي قوات حكومة رئيس الوزراء، والذي أيد التظاهرات وطالب بإستمرارها، ألم يشاهد ما جرى اليوم في مجلس النواب وما قاله أعضاء لجنة حقوق الإنسان في المجلس، وبينهم أعضاء من كتلة المالكي، عن مجازر جمعة الغضب، وتشكيلهم ل50 لجنة تحقيقية في جميع المحافظات، لكشف ملابسات ما حدث ومحاسبة القوات الأمنية التي إعتدت على الجماهير، ألم يعرف الدكتور عبد الخالق أن البرلمان العراقي طلب أستدعاء رئيس الوزراء ومساءلته عما جرى ويجري من إنتهاكات! أم إن هؤلاء البرلمانيون هم أيضاً بعثيون! ولم يبق في العراق نظيف في نظر الدكتور عبد الخالق سوى السيد نوري المالكي! ثم يستمر الدكتور في لي عنق الحقائق الدامغة والقفز نحو الموصل والعلم الصدامي الذي يحمل النجمات! وكأن هذا العلم لم يكن سادته يستظلون به لأكثر من أربع سنوات، قبل أن يرفعوا نجماته ويبقون ما كتبه صدام حسين عليه من كلمات! ثم هل هذا هو الأمر الرئيسي، الذي يفترض بكاتب وطني محايد أن يرصده، أم ساحة التحرير وما جرى في قلب العاصمة لجماهير الشعب، من إرهاب صدامي سافر ! الغريب إن الدكتور عبد الخالق الواثق والمقتنع بأن التظاهرات لم تكن سلمية، يكرر إصراره على إندساس البعثيين والقاعديين فيها، بدليل وقوع القتلى والجرحى، ويغفل الدكتور متعمداً ذكر الحقيقة بإن القتلى والجرحى كانوا من بين صفوف المتظاهرين، وإنهم سقطوا بنار أسلحة قوات نوري المالكي الملغومة بالبعثيين وأيتام صدام! فيقول ( ولا أدري وبعد كل هذا العنف، هل مازال دعاة التظاهرات{السلمية} يصرون على إنها حقاً سلمية، ومن دون إندساس البعثيين وحلفائهم القاعديين، رغم وقوع هذا العدد من القتلى والجرحى ؟ ألا يذكر ذلك بموقفنا عندما حذرنا من الإندساس والتخريب؟ ) وأتساءل أين الإندساس والتخريب ياسيدي الدكتور؟ ألم يكن حرياً بك ككاتب وطني وموضوعي أن توضح لقرائك ذلك ؟ هل كان ذلك الإندساس والتخريب في صفوف المسالمين من حاملي الورود المغنين والمنشدين للخبز والحرية، أم كان الإندساس والتخريب في القوات المدججة بأشد الأسلحة فتكاً وضراوة، وكأنها أعدت لحرب طاحنة مع عدو خارجي؟ أم أن إنحيازك غير المنطقي ولا المعقول لشخص السيد نوري المالكي أفقدك الموضوعية والحرص الوطني اللذين كنت تتمتع بهما! وجعلك، وأقولها بأسف، واحداً من وعاظ السلاطين، ورقماً جديداً يضاف لأرقام المطبلين للحكام الظالمين الجدد، ثم يستمر الدكتور في الدفاع عن موقفه في التخويف من البعث، ولكنه يؤكد في نفس الوقت ( نعم أنا واثق أن عودة البعث للحكم مستحيلة) فإذا كنت واثقاً أنها مستحيلة فلماذا تعيد التذكير بإنقلابي شباط و17 تموز، وكيف إستطاع حفنة صغيرة من الضباط من القفز للسلطة، ناسياً كل التغيرات التي حدثت في العراق والعالم، مهملاً الإشارة إلى إن عالم اليوم هو ليس عالم ما قبل عقد من الزمن، بل ما قبل حتى أشهر، ثم وبعد إعترافه بنواقص السلطة وبالغايات النبيلة للتظاهرات، ينبري للوم المتظاهرين لأنهم لا يعرفون أين تكمن العلة، ولا يتوصلون لتشخيصها! ولذلك يتبرع مشكوراً لإرشاد هذه الملايين المنتفضة إلى أن العلة في ( التركة الثقيلة التي ورثها العهد الجديد من حكم البعث الفاشي ) وأسأل الدكتور هل سرقة المال العام والرشوة وتعيين الأقارب والعقود الوهمية، ومن قبل كبار مسؤولي الدولة، هو من مخلفات العهد الماضي؟ أم هو إمتياز لحكامنا الجدد، والذين تحولوا خلال السنوات الثمان الماضية، من جوعى معدمين ومحرومين، قبل سقوط الطاغية، لأصحاب ملايين بل مليارات ومالكي قصور وأرصدة!! في حين يستمر الملايين في جوعهم وضنكهم السابق! هل يعرف الدكتور عبد الخالق إن أمي توفيت في الصيف الماضي في شقة مؤجرة في بغداد، ولها بيت صادره نظام صدام في بداية الثمانينات، بكل أثاثه في مدينتها الناصرية، ولم يعده لها نظام رئيس وزرائه حتى اللحظة، وهي أم لشهيدتين لم تعرف قبورهما حتى ماتت، وأم لستة مناضلين آخرين أمضى أربعة منهم سنوات من حياتهم في صفوف الأنصار ( البيشمركة )! فعن أي تركة ثقيلة تتحدث ياعزيزي الدكتور!؟ ثم يهمل الدكتور، وهو يستمر في مقالته، ما جرى في التظاهرة ويتحدث عن علاوي والنجيفي وأهداف الرجلين وتصريحاتهما، ثم يعرج على إيران والعداء لها، علماً إن لا أحد في التظاهرة أشار من قريب أو بعيد لإيران هذه المرة، ثم يعود مجدداً لتناول الحزب الشيوعي دون التسمية، بإعتباره ( من الذين فشلوا في الإنتخابات الأخيرة، ومن القوى عابرة القومية والمذهبية) متهماً إياه بالإسفاف والسذاجة، لأنه يتوهم ويريد الفوز إذا أعيدت الإنتخابات، والدكتور بإعتباره منجماً يبشره بالفشل ويدعوه لإعادة (قراءة كتب العلامة علي الوردي ليريح ويستريح ! ) ثم يعود الدكتور للكتاب العلمانيين الديمقراطيين ويتهمهم بإزدواجية المعايير( ففي الوقت الذي يروجون فيه للديمقراطية والتعددية وروح التسامح وتقبل الآخر المختلف .. نراهم يرفضون قبول الأحزاب والتنظيمات الإسلامية جملة وتفصيلاً، بل حتى يطالب البعض منهم بمنع الأحزاب الإسلامية بينما، ويا للمفارقة نرى الأحزاب الإسلامية قبلت بالتعايش مع القوى العلمانية بما فيها الحزب الشيوعي العراقي) وفي هذا الحديث الكثير من الخلط والتشويش، فالحديث الذي يتم ليس عن وجود أو عدم وجود الأحزاب الإسلامية، بل عن سلوكها وممارساتها، وفرضها لفكرها وإيديولوجيتها على المجتمع، إذ ماذا يقول الدكتور عن منع الغناء والموسيقى والسيرك ، والإختلاط في الكليات، ومهاجمة النوادي الإجتماعية والتدخل فيما يأكله ويشربه الناس؟ ماذا يقول عن المسيرات المليونية في المناسبات الدينية، التي تصرف الدولة عليها المليارات، وتعرض الملايين للتفجيرات والمآسي؟ ثم ما علاقة الحزب الشيوعي بما يكتبه العلمانيون والديمقراطيون؟ وهل يعتبر الدكتور إن كل هؤلاء هم أعضاء في الحزب الشيوعي العراقي؟ الذي يجد مفارقة أن تقبله الأحزاب الإسلامية! وكأنه حزب يستمد شرعيته من هذه الأحزاب! ويبدو إن قادة هذه الأحزاب، والسيد رئيس الوزراء نوري المالكي، قرأ مقالة الدكتور وإنتبه لهذه المفارقة العجيبة، فقرر إغلاق المقر المركزي للحزب في بغداد ومقر صحيفته المركزية ( طريق الشعب ) فهنيئاً للدكتور على هذا التنبيه، الذي جاء في وقته المناسب، وهنيئاً للسيد نوري المالكي، على هذه الخطيئة الكبرى التي إقترفها، والتي ستكلفه كثيراً! فالنهاية للطغاة والجبابرة في العراق تبدأ دائماً بمعاداة الحزب الشيوعي العراقي، وقد إختار المالكي هذا الطريق الوعر وعليه تحمل تبعاته!
أما الدكتور عبد الخالق حسين، فلا زال لدي أمل، أن يعود كما كان في السابق، كاتباً وطنياً لشعبه ولوطنه وللخيرين فيهما، وأن يكون موضوعياً ولا ينحاز لأحد، مهما علا قدره أو كبُرت مكانته، دون تمحص وتدقيق.



#داود_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بِلْسان أهلنَّه - ألأبوذيه إعلّه رُبعْ !!
- يجوز إلك بيها إراده !!
- حول الإنتخابات النيابية القادمة !
- المهرجان الثقافي الخامس لنادي الرافدين في برلين !
- طريقنا لنكون حزباً إنتخابياً !
- الرفيق عبد الرزاق الصافي لطريق الشعب : صحافتنا كانت أقرب الى ...
- بيان ( الجماهير! ) خاطيء وخطير!!
- مؤتمر إستثنائي لمهمة عاجلة !!
- الناصريةُ تَنتَخبْ.... !!!
- اللومانتيه شلال فرح سنوي متواصل !
- الثقافة العراقية تزدهر في برلين !
- الصحافة الأنصارية - صحيفة (النصير) نموذجاً !
- على هامش المؤتمر الرابع لرابطة الانصار الشيوعيين في جنوب الس ...
- دقات خفيفة على ابواب الستين - حوار مع الاعلامي داود امين
- عزيز عبد الصاحب.. فنان صادق بإمتياز !
- اللومانتيه ... مُجدداً اللومانتيه !
- مؤتمر ومهرجان الآنصار الشيوعيين حدثان لا ينسيان !
- قصائد
- إلهام سفياني !!
- في الطريق نحو المؤتمر الوطني الثامن للحزب


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود أمين - بدأت الردة !!! قراءة في تأملات الدكتور عبد الخالق حسين