أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي جاسم - المواطنة وحرية التعبير في المجتمعات الاسلامية















المزيد.....

المواطنة وحرية التعبير في المجتمعات الاسلامية


علي جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3294 - 2011 / 3 / 3 - 11:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لايمكن باي حال من الاحوال اغفال وجود بعض الممارسات ومنها حرية التعبير التي تنطلق من جوهر الحرية الاجتماعية سواء للفرد داخل المجتمع او للمجتمع داخل كيان الدولة في مايتعلق بالمجتمعات الاسلامية، لكن هذه الممارسات تبقى خاضعة تحت قيود الرقابة الفكرية والفلسفية لتجد نفسها قابعة في الاقامة الجبرية التي لاتسمح لها بالخروج من شرنقتها الفكرية لتبلور افكاراً تتشكل فيما بعد للتحول الى ظاهرة اجتماعية لها جذورها واسسها الرصينة لتجسد النقد الواقعي بصورته الحية لكل المعتقدات والتقاليد البالية ، وهو تناقض واضح للمرتكزات الفكرية والتطبيقية المتخمر في ذهنية التيارات والحركات الاسلامية التي تفرض سيطرتها القوية على واقع مجتمعاتنا مع اختلاف الفارق والنسب بين دولة واخرى ، وهذا التجسيد العملي للدفاع عن حرية التعبير والذي يمثل ورقة يسعى الى قيادة حركة اصلاحية عريضة وسط المجتمع لايعتمد الا على لغة الحوار السلمي لنشر اهدافه النبيلة المتعلقة بضرورة احداث تغيير جذري للمفاهيم والقيم الاجتماعي التي اثرت ببعض الحركات الاسلامية المتشددة عليها من حيث الممارسة السلوكية والافعال الحياتية وباتت تمثل قدسية لاهوتية لايمكن مناقشتها او معارضتها لاي سبب من الاسباب بسبب المعتقد ، بمعنى ان هذه الحركات والقيادات الدينية التي تقود المجتمعات الاسلامية الان لم تقدم للمرء خيارات عديدة اي انها لم تسمح لعقلية وذهنية الفرد ان تحدد الى اي جهة تنتمي ، وكذلك لم تعطي الفرصة للفرد من اجل الوقوف على مسافة واحدة من الجميع دون الولوج الى مكنونات الميول الفكري والديني والعقائدي.
عملت الحركات الدينية الى فرض الانتداب التام على تفكير المجتمع واخذت تفكر بدلاً عنه ، فحرامها حرام وحلالها حلال وليس هناك لمتغيرات ومستجدات المجتمع اي مكانة تذكر ، كما ان هذه الحركات مازالت تتمسك بموروثاتها الدينية والاجتماعية بسلبياتها وايجابياتها ، ولاتُخضع تفسيراتها للنص أوالرواية الى الظروف والعوامل التي نعيشها الان بل انها تتمسك بتلك الظروف والعوامل التي عاشها اجدادنا قبل الف واربعمائة سنة و الحقب الزمنية المتتالية.
فالمجتمعات الانسانية بطبيعتها العامة تتغير مع الوقت من حيث الفكر والممارسة ، لذلك فان رجال الدين ملزمين بقراءة النص قراءة جديدة تختلف عن تلك التي قرأت بالماضي ، وينبغي ان تكون هذه القراءة خاضة لشروط التطور الحياتي الذي تعيشه مجتمعاتنا في محاولة من اجل اللحاق بركب دول العالم المتقدمة .
الواقع الحالي يفرض العامل الديني كنتيجة حتمية للانحطاط الفكري والاجتماعي الذي ساد في ذهنياتنا الجمعية بسبب الافكار الريديكالية المتجذرة في المجتمع بسبب الانتكاسات المهولة التي تعرض لها محيطنا العربي على مدار الخمسة قرون الماضية ، حيث تحولت مجتمعنا الى حقل تجارب للدول الغازية لاسيما بعد اكتشاف مصادر الطاقة الهائلة فيه، وبفعل تلك الافكار تجمد العقل الجمعي لمجتمعاتنا لقرون طويلة وباتت الافكار الدينية تفرض نفسها بقوة على الفرد وتخضع سلوكياته الى ارادتها من خلال التحكم في مقدرات المجتمع انطلاقاً من فكر اسلامي بحت تحت شعار رفض الاخر وتحقيره.
ففي بعض البلدان العربية والاسلامية نجد العديد من الامثلة الحية لهيمنة السلطة الدينية على المجتمع فتجد ان العديد من الكتاب والمفكريين الاسلاميين وبدعم لا محدود من مؤسسات دينية ضخمة ينظمون في لواء واحد في حال صدور مؤلف او رأي نقدي لقانون او تشريع ديني وضع قبل مئات السنين وبات لاينسجم وروح العصر والحداثة الاجتماعية بل انه يتناقض مع مبادئ حقوق الانسان اذ ما استمر خاضعة لشروط وقواعد تلك المرحلة ولم يخرج عن اطارها البنيوي والتاريخي ، حيث يبدأ هؤلاء حملة شرسة لتسقيط الرأي او من اطلقه بعمليات التشهير والتكفير وهدران الدم التي تطلق في المنابر والمساجد وحتى من خلال وسائل الاعلام التي وجدت اصلاً لتحقيق متطلبات تتناقض بشكل تام مع تلك الدعوات العنفية التي تتبناها بعض الموسسات الدينية بدعوة الحفاظ على بيضة الاسلام ، وغالباً مايستخدم هؤلاء المواطن نفسه كعامل مؤثر في الوقوف ضد محاولات التغيير والاصلاح الاجتماعي عبر تعبئة الجماهير نفسياً وعقائدياً للوقوف ضد اية فكرة تمس بالثوابت المقدسة عندهم متجنبين طرق واساليب البحث عن مسالك اخرى للرد عبر التبادل السلمي والحضاري للفكر والمعرفة اي تبادل الادلة والبراهين العلمية الرصينة والتحليلات المنطقية ، واللجوء الى اقحام الاساليب القبلية في نقض طرح علمي وموضوعي .
ان تقديس الشخصيات او الافكار لدرجة افتدائها حتى بالنفس يجعل المرء يبتعد ان مركزية التقديس الالاهي ويتحول الى عابد لافكار ومعتقدات يجدها قريب من ادراكه وفهمه ، في حين يقف بالضد من القيم والافكار الاخرى ولايعطيها قليلاً من الوقت للنقاش او حتى مقارنتها مع الظروف المحيطة التي ادت الى شرعنة هذه الافكار والقيم ، وكل ذلك بسبب قلة الوعي الاجتماعي والادراكي الذي ينغبي ان يلعب دوراً في تحديد مسارات وسلوكيات المجتمع عبر تأطير الحدود القيمية التي ينبغي ان يخضع لها المرء بمعنى فصل الاعجاب والايثار عن التقديس المطلق للاشخاص والافكار والاستعداد للموت في سبيلهم.
هناك العديد من القضايا التي تدلل على انغلاقية مجتمعنا وانزلاقيته نحو التشدد والتعصب وحتى التطرف في التعاطي مع الاخرين ممن لاينتمون لنفس الافكار التي تحاول الحركات والمؤسسات الدينية تكريسها في المجتمع ، فالتحولات والاحداث السياسية التي شكلت صورة جديدة لواقع دول المنطقة وماحصل من احتلال امريكي في العراق وحرب اسرائيل في جنوب لبنان وكذلك غزوها لغزة فضلاً عن صراعات دولية اخرى مثل الصراع الامريكي _ الايراني حول البرنامج النووي وكذلك مايحدث في افغانستان والسودان والصومال وغيرها من الدول التي ستتحول مع الوقت الى مناطق تصفيات وصراعات وقلق بعد ان ثارت على انظمتها الحاكمة،كل تلك الامور لعبت دوراً في تفاقم الظاهرة الدينية المتشددة من جديد الى مجتمعنا سواء في السلوك او الممارسة او الطرح ، فحركات الجهاد ضد المحتل سواء في فلسطين او العراق او جنوب لبنان من المفترض ان تكون وطنية وخالصة 100% وغير خاضعة لاعتبارات اخرى اي انها تنطلق من فكرة الدفاع عن الوطن والارض وتطبيق مبادئ الحرية ونبذ الاستبداد ، لكن هذه الحركات وبسبب الاسلام السياسي انحسرت بشكل كبير لتتحول الى مجرد حركات اسلامية بحتة لاتسمح الى الاخرين ممن ينتمون الى ديانات وطوائف وقوميات اخرى الى الولوج اليها حتى لو كانوا من ابناء الوطن في حين كانت تلك الحركات الى وقت قريب تضم اشخاص من اتجاهات مختلف تنصهر ميولاتهم ومرجعياتهم الدينية والفكرية والقومية امام قضية الوطن ، فهل الخلل يكمن في طبيعة الاتجهات والافكار والطروحات السياسية الاخرى ام ان المنظومة الدينية اعطت لنفسها الحق بشرعنة آليات الجهاد وحماية الوطن وجعلها حصرية بها؟ .
ان مجتمعاتنا الاسلامية وللاسف تعيش في مرحلة النوم المغناطيسي الطويل بسبب تحالفات قديمة بين رجال الدين ورجال السياسية لتسهيل عملية اخضاع سلوكيات الفرد لصالح السلطة وضمان عدم الخروج عنها لاسباب دينية اولاً وسياسية ثانياً ، ان المرحلة الراهن تحمل مستجدات كثيرة تستدعي اعادة النظر بسلطوية المؤسسة الدينية وردعها بالحوار السلمي والحضاري لضمان حرية المجتمع، فلماذا يتم التعامل مع الفرد على اساس انتمائه او جنسيته او عرقه في حين ان الضرورة الاخلاقية تتطلب اضفاء روح المواطنة على سلوكيات الفرد ؟ فالانسان هو انسان لايختلف عن الاخرين بشيء ولايمكن باي شكل من الاشكال وضع مقايس على احجامنا في التعامل مع الاخر ، فالمجتمع تتغير نظرته بسرعة هائلة عندما يتعلق الموضوع بقضايا تتعلق بالدين والتوجه والفكر وهذا التغير خاضع لطبيعة الوعي الادراكي للمرء وكيفية تعامله مع الاخرين على اساس المواطنة وحدها وليس على اساس شيء اخر.
ففي الوقت الذي تمنح به التشريعات السماوية من الفها الى يائها احقية الفرد في الاختيار والعيش ومنع الاخرين من فرض فكر ما عليه ، فها هو القران الكريم يؤكد في اكثر من اية هذه الامر ففي سورة البقرة يقول سبحانه "لا اكراه بالدين" وفي سورة القصص يقول " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ" وفي سورة الكافرون " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ " وغيرها من الايات الشريفة التي تدلل على الحرية الدينية وتشدد على اهمية احترام هذه الحرية فليس من حق المسلم ان يجعل جاره غير المسلم عدو او خصم لان هذا الامر يتناقض بشكل تام مع مبادئ الاسلام نفسها ويتقاطع مع السنة النبوية .
لذلك فمن الاواقعية ان نتحدث هنا عن وجود حرية في مجتماعتنا الاسلامية بالرغم من كوني ذكرت في مقدمة الموضوع بان هناك بعض الحريات لكنها لاتتناسب والتطوروات المرحلية التي تلزم عدم فرض الهيمنة الدينية على المجتمع ، فتكريس العامل الديني كممارسة يومية تحجم من اعطاء الاخرين حق الاختيار الفكري وبالتالي سيحول المجتمع الى قطيع جمعي يقاد من المسجد وعبر الفتاوى الدينية.



#علي_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتاب الاخضر ..الحذاء الابيض
- سفينة نوح اكلت عقولنا
- مشكلة الصحفيين في العراق
- اغلاق البارات مصادرة للحريات
- نقطة نظام
- حكاية جثة عراقية
- تعقيباً على الحوار مع الاستاذ كامل النجار المنشور في الحوار ...
- الغاء الالقاب
- الغباء السياسي
- الكل يعرف مازن لطيف
- وللحرامية حقوق
- حداثة الثقافة
- ظاهرة اسمها شراء الاصوات
- احذروا انتخابهم ثانية
- عيد الحب ..هل يكفي؟
- الاجتثاث واللعب في المناطق المحرمة
- ربع قرن من الانتظار
- گالوا للبعثي احلف گال اجاني الفرج
- اجهزة غسل السيارات
- الحملات الانتخابية


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي جاسم - المواطنة وحرية التعبير في المجتمعات الاسلامية