أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أمين شمس الدين الشيشاني - في ذكرى نفي الشعب الشيشاني والإنجوشي















المزيد.....


في ذكرى نفي الشعب الشيشاني والإنجوشي


أمين شمس الدين الشيشاني

الحوار المتمدن-العدد: 3289 - 2011 / 2 / 26 - 00:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في ذكرى نفي الشعب الشيشاني والإنجوشي
23/2/1944

وفقا لوثائق كانت قد صدرت عن مجلس السوفييت الأعلى لجمهوريات الاتحاد السوفييتي في اليوم السابع من شهر آذار لعام 1944م، تم إلغاء جمهورية الشيشان- إنجوش السوفييتية الاشتراكية ذاتية الحكم. أما القانون، الذي تم بموجبه إلغاء الجمهورية، فقد تمت المصادقة عليه من قبل مجلس السوفييت الأعلى لجمهوريات روسيا الفيدرالية الاشتراكية فقط في 25 تموز من عام 1946م. والذي بناءا عليه أصبح جزءا من الأراضي التي كونت جمهورية الشيشان- إنجوش تسمى إقليم غروزني. أما بقية أراضي الجمهورية فقد تم إلحاقها إلى الجمهوريات المجاورة.
إن عملية النفي التي تمت عام 1944م، لتعتبر أكثر الصفحات مأساة في تاريخ الشعب الشيشاني. وكما هو معلوم فإن التهجير القسري من أماكن الإقامة طال قوميات عديدة من شعوب الاتحاد السوفييتي بتهم ملفقة ضدها وكأنها حاولت التعاون مع العدو الألماني.
وفي الوقت الذي كان فيه ثلاثون ألفا من جمهورية الشيشان- إنجوش يحاربون على جبهات القتال ضد ألمانيا الفاشية في الحرب الوطنية العظمى، وأبناؤها يقدمون البطل تلو البطل دفاعا عن البلاد السوفييتية، وفي الثالث والعشرين من شهر شباط عام 1944م، تم نفي الشعب الشيشاني- الإنجوشي بأكمله إلى أصقاع سيبيريا وكازاخستان.
غير أن مخططات نفي الشيشان والإنجوش ابتدأ العمل بها منذ خريف عام 1943م، وفي 29 كانون الثاني من عام 1944م صادق عليها بيريا لافرينتي إلاريونوفيتش (وهو من أصل يهوديي صهيوني). وقرار لجنة الدفاع لدولة الاتحاد السوفييتي عن النفي اتُخِذ في 31 كانون الثاني لعام 1944م.
وبهذا الخصوص يرى الباحث م. موزاييف بأنه خلال الفترة الواقعة ما بين خريف عام 1942 والحادي عشر من شهر شباط عام 1943م، قام نظام ستالين بالمحاولة الأولى لنفي الشيشان والإنجوش. وتدل على ذلك عدة حقائق. وفي 16-23 كانون أول عام 1953م عقد في موسكو اجتماعا مغلقا للجنة قضائية شكلت خصيصا لمحاكمة لافرنتي بيريا، والذي سبق وتم اعتقاله في نهاية شهر حزيران من عام 1953م. وفي هذا الاجتماع سأل رئيس اللجنة المارشال كونيف، لماذا لم يستخدم بيريا وحدات الجيش (120 ألف جندي)، التي كانت آنذاك متمركزة في منطقة القوقاز في الدفاع عن هذه المنطقة في صيف- خريف عام 1942، أي في أصعب وأخطر فترات الحرب بالنسبة إلى البلاد كلها، وليس القوقاز فحسب، أجاب بيريا قائلا: ".. لم أذكر سابقا لماذا لم أستخدم هذا الجيش للدفاع عن القوقاز. فقد كان يُفترض آنذاك تهجير الشيشان والإنجوش..". ولم يناقش هذا الأمر أحد بعد ذلك، لا كونيف ولا أحد من اللجنة. والكل كان يعلم بأن قرار النفي الذي أصدره بيريا يستطيع الإيعاز بتنفيذه فقط ستالين. وأن عام 1953 كانت شخصية ستالين أعلى من أن تُنتَقَد. إضافة إلى أنه في تموز عام 1943، صدرت الأوامر بإجراء إحصائيات ومسح شامل عن الشيشان والإنجوش لوضع الحسابات اللازمة لعملية النفي. أما في واقع الأمر فإن السبب الحقيقي الذي منع من تهجير الشيشان والإنجوش في تلك الفترة (1942) فيكمن في الهجوم العسكري المباغِت والعنيف الذي شنته القوات الهتلرية على البلاد السوفييتية.

وفي 31 كانون الثاني لعام 1944م قدم بيريا لستالين تقريرا عن جاهزية البدأ بعملية نفي الشعب الشيشاني والإنجوشي إلى سيبيريا. وافق ستالين على ما جاء في التقرير، وحدّد يوم النفي في 23/2/1944، بالقرار رقم 5073، وقع عليه بالمناسبة ف. م. مولوتوف. والذي ينظر بأمر نفي ما يزيد عن 400 ألف شخص إلى كازاخستان، و90 ألف آخر إلى قيرغيزيا. وقام بتنفيذ العملية 150 ألف عنصرا من أفراد القوات المسلحة السوفييتية. تم توزيع المهَجّرين (بلغ عددهم في بعض المصادر458 583 شخص) في المناطق المختلفة على النحو التالي:- منطقة جلال أباد 24281، منطقة أوشسكايا 29908، منطقة فرونزه 34410، منطقة جامبول 16665، منطقة ألما- آتا 29089، منطقة شرق كازاخستان 34542، منطقة قيزيل أوردين 26514، منطقة كوسْتَناي 45655، منطقة أكتيوبينسْكْ 20309، منطقة سِيميبلاتينْسْك 31236، منطقة بافلودار 41230، منطقة أكمولينسك 60330، منطقة قرغندا 37938 .. وإلى غيرها من المناطق.

وبعد النفي تم شطب الشيشان والإنجوش من لائحة شعوب اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية، وتم تنفيذ كل ما يمكن عمله من أجل مسح أي شيء يُذَكِّر بهذا الشعب: أُتلِفت المخطوطات النادرة، الكتب والأرشيف، المدونات الفلكلورية، جميع المؤلفات الأدبية والإصدارات الدورية والتي تَذْكر الشيشان والإنجوش في محتوياتها. وفي المناطق الجبلية تم تدمير القلاع التاريخية التي تعود إلى العصور الوسطى والمدافن والمعابد، واقتلعت أحجارها واستخدمت في إنشاء الجسور والطرق وأساسات الأبنية.. الخ. وخلال سنوات النفي تم إزالة جميع النصب التذكارية التي تعود إلى أبطال الثورة الاشتراكية والحرب الأهلية الشيشان. كما واختفت من على الخرائط التاريخية كل التسميات الشيشانية للقرى والمناطق.
إن الشعوب المنفية حُرِّمَت من حقوقها السياسية والقانونية. ومنع الشباب والشابات الشيشان من الالتحاق بالجامعات والمعاهد التخصصية، كما ولم يُستَدعَوا للخدمة في الجيش السوفييتي، ولم يكن ليسمح لهم استلام مناصب قيادية. وكل الأفراد لم يكونوا يملكون حق التحرك بحرية أو اختيار أماكن العيش، وكانوا مراقبين وملزمين بقيد تواجدهم في السجلات لدى الجهات الأمنية.
كان الشيشان من الناحية الفعلية على شفا الإبادة البدنية. إن عملية النفي قضت على 165276 شيشاني وإنجوشي، أي ما يزيد عن 37 % منهم.
ونشير هنا بالمناسبة، إلى ازدياد ضغوط المجتمعات العالمية في أواخر أربعينيات القرن المنصرم على قيادة الاتحاد السوفييتي بما يتعلق بمشكلة نفي الشعوب. ففي عام 1947م، قام العالم الشيشاني المعروف والسياسي البارز عبد الرحمن أوتورخانوف وزملائه في بريطانيا بنشاطات فعالة لنقل الحقائق كاملة عن نفي الشيشان والإنجوش إلى المجتمعات الغربية. وفي عام 1950م، قام صلاودين غوغاييف بنشاطات اجتماعية – سياسية لنفس الغاية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي هيئة الأمم المتحدة.
ومما يجدر ذكره أيضا أن جهودا كبيرة بُذلت من قبل شخصيات دولية وسياسية مشهورة في مصر، وكذلك الهند ممثلة برئيس وزرائها جواهر لال نهرو، لعبت دورا مهما في إعادة اعتبار الشعوب المهجَّرة من أراضيها. إضافة إلى مساعي المهاجرين الشيشان في المملكة الأردنية الهاشمية، الذين توجهوا إلى رئيس جمهورية مصر العربية عام 1954م، جمال عبد الناصر برسالة حول هذا الموضوع، إضافة إلى نشاطاتهم داخل المملكة.
ولا يزال الشيشان والإنجوش يتذكرون رجالاتهم في الوطن، الشجعان الذين لم يألوا جهدا في المطالبة بالعودة إلى وطنهم، ونشاطاتهم المميزة في ذلك، نذكر منهم: م. غايربيكوف، يو. ديشرييف، إ. بازوركين، أ. خاميدوف، م. ممكاييف وكثيرين غيرهم.

ونود أن نشير هنا إلى أنه رغم ظروف المعيشة السيئة والملاحقات والأمراض المتفشية والبرد والجوع، إلا أن الشيشان والإنجوش عملوا وهم في المنفى في وظائفهم حيثما سنحت لهم الفرصة بذلك بإخلاص. وأكد على ذلك المفتش من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي آنذاك غاينكو و ألاتورتسيف، حين قال: ".. وفي معظمهم يقوم المهَجَّرون بأعمالهم ووظائفهم بإخلاص..".
وفي كازاخستان وحدها حصل 1546 شخصا على أوسمة وميداليات عالية لارتفاع دلائلهم الإنتاجية، من ضمنهم 45 شخصا نالوا وسام لينين (أرفع الأوسمة آنذاك)، وستة أشخاص حصلوا على لقب "بطل العمل الاشتراكي". وكثير من الشيشانيين والإنجوشيين حصلوا على وسام" من أجل استصلاح الأراضي البكر والبور". وهكذا قدم أبناء هذا الشعب وهم بعيدون عن موطن أجدادهم جهودا جبارة من أجل بلاد السوفييت، وكلهم أمل بأنهم سيعودون يوما ما إلى أرضهم.

بعد موت جوزيف ستالين في 5 آذار عام 1953م، وما تبعه من اعتقال لافرينتي بيريا، رئيس جهاز الأمن القومي، سيئ الصيت، والذي ورد ذكره أعلاه وإعدامه (ويَعتبره الشيشان المذنب الأول في نفيهم) جرت في الاتحاد السوفييتي حوادث متتالية حدّدت سير و طبيعة تطور الاتحاد السوفييتي.

ومن جهة أخرى، لعب المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي، والذي انعقد في شهر شباط من عام 1956م، دورا كبيرا جدا في وضع الحلول للمشكلة المتعلقة بإعادة الحقوق القانونية للمنفيين، ومن ضمنهم الشعوب المنفية بكاملها. كما وشجب المؤتمر تقديس الفرد واستنكَرَه، وذلك بالإشارة إلى الدكتاتور ستالين.

وبالخصوص ساهم كل من السكرتير الأول للحزب الشيوعي السوفييتي، رئيس البلاد ن. خروشوف، والسكرتير الأول للحزب الشيوعي الكازاخي د. ن. كوناييف بالدور الأول في إعادة تشكيل جمهورية الشيشان- إنجوش السوفييتية ذاتية الحكم.

وفي التاسع من شهر حزيران عام 1956م، استقبل عضو رئاسة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي أ. إ. ميكويان، وفدا يضم 14من كبار الشخصيات الشيشانية والإنجوشية، على رأسهم يو. ديشرييف، إ. بازوركين، و أ. غايسوموف. وفي هذا اللقاء تم حل المسائل المتعلقة بشروط العودة.
وفي 24 كانون الثاني عام 1956م، تمت الموافقة على قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي "عن إعادة تشكيل الحكم الذاتي للقوميات التالية: الكالميك، القراتشاي، الشيشان والإنجوش". وعلى ضوء تلك الوثائق، وفي التاسع من شهر تشرين الثاني عام 1957م، أصدرت رئاسة مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفييتي المرسوم رقم 149/14، والذي ينص على "إعادة تشكيل جمهورية الشيشان- إنجوش السوفييتية الاشتراكية ذات الحكم الذاتي ضمن جمهورية روسيا السوفييتية الفيدرالية الاشتراكية". وفي نفس اليوم أيضا أصدرت رئاسة مجلس السوفييت الأعلى لجمهورية روسيا السوفييتية الفيدرالية الاشتراكية مرسوما تحت رقم 721/4، ينص على "إعادة تشكيل جمهورية الشيشان- إنجوش السوفييتية الاشتراكية ذات الحكم الذاتي وإلغاء إقليم غروزني".
ومن أجل قيادة وتنظيم جميع الأعمال والنشاطات العملية، المتعلقة بعودة المهجَّرين وإعادة تشكيل الجمهورية، تم تشكيل لجنة تنظيمية عن جمهورية الشيشان- إنجوش. وتم تعيين م. غايربيكوف الرجل الشيشاني المناضل، رئيسا لهذه اللجنة.
لم يرق لبعض الذين استوطنوا أراضي وبيوت الشيشان خلال النفي عودة أصحاب الأرض إلى ديارهم ومنازلهم. وقاموا باستفزاز العائدين بشتى الأساليب والوسائل، مطالبين الحكومة بإعادة نفيهم مرة أخرى. وظهرت حالات من الفوضى والاضطرابات بين القوميات.
أما فيما يتعلق بالأراضي التي اقتُطِعت من جمهورية الشيشان- إنجوش في سنوات النفي، وتم ضمها إلى الجمهوريات المجاورة، فقد جرى حولها نقاشا مطولا، شديدا، ومضنيا. وبالنتيجة تنازل قادة جمهورية الداغستان (وبحوزتهم 5 محافظات شيشانية)، وقادة جمهورية جورجيا (وبحوزتهم محافظة الجنوب الشيشانية). غير أن ممثلي جمهورية أوسيتيا الشمالية بقوا ثابتين على رأيهم السلبي، ولم يعيدوا محافظة بريغرودني. وهكذا بقيت أراضي تلك المحافظة ضمن جمهوريتهم.
كما نرى فإن كل تلك السلبيات والمعوقات، لم تستطع بفضل حماس وإصرار الشيشان والإنجوش مع ممثلي القوميات الأخرى- أن تصد عملية إحياء البلاد وتطويرها. وأعيد بناء القرى والمحافظات، وفتح المدارس والمتاحف. وتطورت الثقافة والعلوم والتعليم بشكل لم يسبق له مثيل. وخلال فترة وجيزة أصبحت جمهورية الشيشان- إنجوش تحتل مكانة مرموقة بين جمهوريات المنطقة.



وانتصرت عدالة أخرى. ففي الرابع من نيسان عام 1962، صدر مرسوم عن مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفييتي، جاء فيه: "إلغاء مرسوم مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفييتي، الصادر في الثامن من شهر آذار عام 1944، والذي ينص على منح العاملين في الأجهزة الأمنية السوفييتية الأوسمة والميداليات"، التي كانت قد منحت لهم لقاء تنفيذ عملية النفي.

ومن الناحية الفعلية فإن عملية عودة الشيشان والإنجوش إلى وطنهم قد انتهت قبيل عام 1963: وعاد 468 ألفا مواطن إلى بلدهم، وبقي من رغب بالبقاء بعد أن كان قد أسس حياته ومعيشته هناك. لقد ذلّل الشيشان والإنجوش كل الصعاب التي جابهوها، وبدأوا بناء حياتهم من جديد، ولكن هذه المرة في أرض أجدادهم. ونالت جمهورية الشيشان- إنجوش عدة أوسمة تقديرا لإنجازاتها الملموسة في تطوير الجمهورية: "وسام لينين" (1965)، "وسام ثورة أكتوبر الاشتراكية" (1972)، "وسام الصداقة بين الشعوب" (1972)، "وسام راية العمل الحمراء" (1981).

غير أن إعادة الاعتبار السياسي للشيشان والإنجوش لم يحصل إلاّ متأخرا. ففي 14/11/1989، صدر البلاغ التالي عن مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفييتي: "الاعتراف بعدم شرعية الإجراءات التنكيلية التي اتُخذت بحق الشعوب المنفية قسرا، واعتبارها غير قانونية وجرائم، وضمان حقوقها".

بتاريخ 11/12/1990، اتخذ مؤتمر نواب الشعب لجمهوريات روسيا السوفييتية الفيدرالية الاشتراكية قرارا - "عن ضحايا الاضطهاد السياسي في جمهوريات روسيا السوفييتية الفيدرالية الاشتراكية"؛ كما واتخذ مكتب مجلس وزراء جمهوريات الاتحاد السوفييتي قرارا "عن إلغاء قرارات اللجنة الحكومية السابقة للدفاع عن جمهوريات الاتحاد السوفييتي، وقرارات حكومة جمهوريات الاتحاد السوفييتي المتعلقة بالشعوب السوفييتية التي عانت من النفي والتهجير القسري"؛ وفي 26/4/1991، تمت الموافقة على قانون جمهوريات روسيا السوفييتية الفيدرالية الاشتراكية "عن إعادة اعتبار الشعوب المضطهدة". في هذه وفي غيرها من المحاضر والوثائق التشريعية على المستوى الفيدرالي ومستوى الجمهوريات تم تحديد وصياغة مسألتين أساسيتين بمدلول واحد، وبدون قيد أو شرط، هما:
1- إن اتهام الشيشانيين وغيرهم من الشعوب المضطهدة بالخيانة- هي "سياسة افتراء"، وهي "اتهامات باطلة" ضد شعوب بأكملها.
2- إن نفي الشعوب، ومن ضمنها الشيشان- هو "جريمة شديدة الوطأة" ضد "مبادئ القانون الدولي"، وضد "الدولة ذاتها"، وهو أيضا "استبداد و طُغيان"، وهو "مأساة روسيا كلها".
وبعد كل ذلك نجد بأن مأساة أخرى حدثت في عهد الطاغية يلتسين وزمرته الصهيونية المنتفعة، التي نهبت ثروات البلاد ولا تزال بإشعال نار حرب مدمرة في جمهورية الشيشان، راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الشيشان الأبرياء. وفتحت الأبواب على مصراعيها لتغلغل المتطرفين والمرتزقة من كل حدب وصوب، وزادوا الطين بلة، والذين لا تزال فلولهم منتشرة هنا وهناك، لا هم لهم سوى القتل ونشر الذعر بين المواطنين الذين يريدون العيش بسلام.
وليس بأقل أهمية من النفي إلا نشر الدعايات الباطلة والسيئة لأقصى درجة بين مجتمعات أرجاء روسيا كلها، والتي كانت تشير إلى أن المنفيين هم "قطاع طرق" و"قاطعي رقاب" و"عملاء الفاشية الألمانية".. الخ. ومثل هذه الدعايات ضد الشيشان، وللأسف الشديد نلاحظها اليوم أيضا من قبل بعض وسائل الإعلام في روسيا الاتحادية، ومن قبل إعلاميين وكتاب، وحتى أعضاء في البرلمان ممن يحاول نشر الفتن والفساد بين شعوب روسيا، وإثارة النعرات القومية والعرقية بينها، واستحسان معاقبة الشعوب، ضاربين عرض الحائط حقائق علمية وتاريخية ووقائع تشيد بمشاركة جميع شعوب الاتحاد السوفييتي سابقا، وشعوب روسيا الاتحادية اليوم في السراء والضراء، وفي تقدم وازدهار تلك البلاد في جميع الميادين. وتنتشر الشوفينية والقومية والفاشية الجديدة التي تؤججها قوى صهيونية في مناطق روسيا المختلفة، والموجهة ضد الشعوب القوقازية على أساس العرق واللون. ولا تجد من يحتويها من بين السلطات الحاكمة. علما بأنه في جمهورية الشيشان حكومة وشعبا يحاولون بشتى الوسائل لأم جراح الحروب ونسيان آلامها وويلاتها، ويشدّهم التقارب والأخوة مع جميع الشعوب التي تكون روسيا الاتحادية اليوم. إلا أنه يبدو بأن عناصر مشبوهة لا تزال تسيطر على وسائل الإعلام الرئيسة في روسيا الاتحادية ووجوه متنفذة، لا تعمل حتما لمصلحة روسيا وشعوبها. أولئك هم في الحقيقة الأشد خطرا على روسيا الاتحادية، وهم يناقضون الفكر الإنساني السليم، والقواعد الروحية لجميع الديانات السماوية.
ورغم كل الظروف، تسير الجمهورية اليوم بخطى ثابتة للأمام. ووقع رئيس الجمهورية الحالي رمزان قديروف قرارا عام 2010م، والذي بموجبه تم إقرار يوم 23 شباط (يوم النفي) في جمهورية الشيشان- يوم ذكرى وحداد، ذكرى أولئك الذي قضوا نتيجة النفي القسري من أوطانهم إلى مجاهل سيبيريا وآسيا الوسطى، وإكراما واحتراما للآباء والأمهات اللذين تحملوا جميع أشكال المعاناة والحرمان في ظروف النفي. ومن سخريات القدر بأن هذا اليوم هو يوم الجيش الذي احتُفل به كعيد وطني للاتحاد السوفييتي سابقا ويُحتفل به في وروسيا الاتحادية اليوم.
وأخيرا، لا بأس من تذكر الماضي وما عاناه الشعب الشيشاني من مظالم ومآسي خلال حقب مختلفة من تاريخهم السياسي، إذا كان الهدف منه التذكير بأهوال الحرب وما تتركه وراءها من ويلات وبكاء أمهات، والدعوة إلى تضافر الجهود من قبل جميع الأطراف المعنية في سبيل ألا تتكرر، وأن توضع فورا حلولا للمشاكل المعوقة لتفاهم الشعوب وتقاربها في روسيا الاتحادية ومحاسبة من يؤجّجها. أما إذا كان القصد من وراء التذكير بهذه المناسبة الاستفزاز والدعوة إلى الصراع مع الجار وخلق نزاعات مفتعلة بدسائس من الخارج، وإتباع المُغرِضين، علما بأننا نعرف تماما النتائج المتوقعة مسبقا- فهذا أمر لا يمكن لعاقل أن يتمناه لشعبه وأهله ووطنه.
وسلام لشعوب الدنيا كلها

* * *

المصادر
1- http://www.grozny-inform.ru
2- R TS KH I D N I. F., 644, Op.1, d.200, l. 8-12
3- GARF. F. R. – 9479, Op. 1, d. 61, l. 2
4- Aidamirov A. Khronologia chechenskoi istorii.. S. 163-164
5- Stolitsa, 2006, 8 fevral
6- GARF. F. R. – 9401, op. 1,d. 2158-65, l. 112, 192
7- Lamanan az, 2006, 22 fevral
8- Vedomost verkhovnovo soveta CCCP, 1962, № 4
9- Khatuev I, Obektivnoe ispolzovanie faktov deportatsii chechenskovo naroda v uchebnom protsesse i v SMI., Materialy, s. 159-160
10- Salauddin Magamadov (www.grozny-inform.ru)
11- Magamed Muzaeev. (www.grozny-inform.ru)



#أمين_شمس_الدين_الشيشاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبطال الشيشان والإنجوش السوفييت في الحرب العالمية الثانية (1 ...
- القوقاز وقانون مكافحة الإرهاب في روسيا


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أمين شمس الدين الشيشاني - في ذكرى نفي الشعب الشيشاني والإنجوشي