أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أمين شمس الدين الشيشاني - القوقاز وقانون مكافحة الإرهاب في روسيا















المزيد.....


القوقاز وقانون مكافحة الإرهاب في روسيا


أمين شمس الدين الشيشاني

الحوار المتمدن-العدد: 2613 - 2009 / 4 / 11 - 09:54
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


(1) تداعيات "عملية مكافحة الإرهاب" في الشيشان 1999-2009 *
بدأت "عملية مكافحة الإرهاب" في بلاد الشيشان في شهر تشرين أول من عام 1999م، بعد أن اقتحم شامل بساييف وخطاب أراضي جمهورية الداغستان (روسيا الاتحادية) في السابع من آب لنفس السنة. كان من ضمن مجموعة المقاتلين مرتزقة أجانب إلى جانب مقاتلي بساييف. لقد فشلت خطة بساييف- خطاب لاحتلال جزء من أراضي الداغستان في روسيا الاتحادية (قرى تشابانماخي و كاراماخي في منطقة كادارْسْكوي)، عوّل خلالها القائدان على مساعدة سكان تلك المنطقة. لقد أبدى سكان جمهورية الداغستان مقاومة هائلة أمام المقاتلين. كان على رأس قمة السلطة الشيشانية - إتشكيريا آنذاك، الرئيس أصلان مسخادوف. شجب مسخادوف الهجوم العسكري الذي قام به الثنائي بساييف وخطاب على الداغستان، ولكن بدون أن يتخذ أي إجراءات حقيقية مضادة للعملية أو محاسبة المسؤولين عنها. كما وتوجه إلى حلف الناتو، يطلب التدخل لحل الأزمة الشيشانية – الروسية، ولم يجد أذنا صاغية. ووعود أوروبا والغرب كانت مجرد حبر على ورق، لأن هدفهم لم يكن سوى إعطاء دروس لروسيا عبر أولئك الذين قاموا بتربيتهم لهذه الغاية، لا أكثر ولا أقل- وهذا الذي لم يفهمه القادة الشيشان للأسف. ولا يزال بعض منهم لا يفهم حتى اليوم بأن الغرب يستخدمهم لمناسبات معينة ضد روسيا وضد من يخالف سياسة الغرب بشكل عام. وفي جميع الأحول الشعب الشيشاني هو الضحية.
تمت هزيمة 1000 مقاتل وأكثر من قبل القوات الفيدرالية في المنطقة الجبلية. ومن جهة أخرى حاول 700 مقاتل التوجه صوب منطقة نوفولاكسكي وإلى عمق الداغستان، حيث هزموا مرة أخرى. ثم بدأوا التحضير للهجوم على المناطق الداغستانية المحاذية لجمهورية الشيشان. وكان ذلك في النصف الأول من شهر أيلول عام 1999م، في الوقت الذي دوت فيه الانفجارات في موسكو وفولوغودونسك و بويناكسك. وكان الهجوم على الداغستان كما يقولون القشة التي قصمت ظهر البعير. وعندا لم يحققوا أهدافهم عاد المقاتلون إلى الشيشان. وحسب السيناريو لاحق الجيش الفيدرالي فلول المقاتلين في الأراضي الشيشانية.. على أي حال، وجدت القوات الروسية ذريعة كبيرة لتبرير دخولها الأراضي الشيشانية، وشن حرب ضد من اعتبرتهم التهديد الأكبر للمصالح الجيوسياسية والجيواستراتيجية لها.. وقد حصل مثل ذلك أيضاً في جورجيا في عام 2008م، حين داهمت أوسيتيا الجنوبية. ومن جهة أخرى، فالزمرة الحاكمة في موسكو كانت أيضا بحاجة إلى نزاع يغطي أعمال السلب والنهب لثروات روسيا في كل أنحائها عقب انهيار الاتحاد السوفييتي. غير أن الأمر خرج عن نطاق السيطرة لفترة، بتغلغل واضح لمجموعات متطرفة تقودها منظمات مشبوهة، هذا عدا الإرهاب الدولي الذي وجد ما يقوم به في هذه الديار.. وكل ذلك باستحسان دول معادية لروسيا الاتحادية.
يبدو أن الأمر لا يخلو من الأبعاد السياسية- الاقتصادية والجيوسياسية والجيواستراتيجية. وليس بمهم عند الجهات المتصارعة حياة الشعوب والسكان الآمنين. لا سيما ونحن نلحظ كيف يحاول الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة السيطرة على هذا العالم، والاستحواذ على كل مصادر الطاقة والأماكن الاستراتيجية فيه بشتى الطرق والأساليب، حتى ولو تطلب الأمر استخدام الإرهاب والإرهابيين والمرتزقة الذين قامت بتجنيدهم وتربيتهم لمثل هذه الغايات من أمد بعيد. والأمثلة على ذلك كثيرة، والشيشان ليست استثناء من ذلك، والتي دخلها التطرف والإرهاب بدون شك، وخلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح. وأصبحت جثث خيرة أبناء الشعب الشيشاني البطل جسرا تنفذ عبره خطط الغرب لضعضعة روسيا أو لتدميرها. وهذا ينطبق كما لاحظنا قبل أشهر على أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن طريق الجسر- جورجيا، الحليف الأمين للغرب. وقد أخطأت روسيا كثيرا بالطريقة التي تعاملت بها في الشيشان، وقصفها العشوائي للمدن والقرى مما أدى إلى خسائر جسيمة للسكان الآمنين، وتدمير كثير من البنية التحتية للجمهورية، لا سيما وأنها تَعتبر الجمهورية ضمن روسيا الاتحادية والسكان من مواطنيها.
بدأت روسيا في 23 أيلول من عام 1999م، تنفيذ "عملية مكافحة الإرهاب" بقصف غروزني وضواحيها. وفي الثلاثين منه قامت باقتحام بري من محورين، الشمالي والشرقي. وفي الخامس من شهر تشرين أول أعلن الرئيس مسخادوف التعبئة العامة، والتحضير لحالة الحرب منذ الساعة الواحدة لصباح اليوم السادس من شهر تشرين أول، وتم تشكيل لجنة الدولة للحرب. وأعلن مسخادوف "حربا مقدسة على القوات الفيدرالية" (مثلها مثل "الحرب المقدسة"، التي قادها زهاء 25 عاما الإمام شامل ضد روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر دونما جدوى، بل على العكس لم تؤد سوى إلى فناء الشعب الشيشاني وتدمير وحرق البلاد). وتسلمت الوحدات الحربية للجمهورية أمرا بـ "إبداء المقاومة" ضد القوات الفيدرالية على طول خطوط الجبهة الإتشكيرية. وخلال سير المجابهات العسكرية وحتى كانون الأول 1999م، أصبحت كل الأراضي السهلية من جمهورية الشيشان تحت سيطرة القوات الفيدرالية. وتراجع المقاتلون إلى الجبال (3000 مقاتل)، مع بقاء بعض منهم في غروزني. قامت القوات الفيدرالية بتجهيز مجموعة متخصصة لمجابهة المقاتلين. وبدأت هذه المجموعة بتنفيذ مهمتها في 1999/12/26م. وبعد عمليات كر وفر من الطرفين، استطاعت القوات الاتحادية الاستيلاء على العاصمة وفرض سيطرتها عليها.
وللقتال في ظروف الجبال، قامت القوات الفيدرالية بتشكيل فرق متخصصة: "فرقة الشرق"، "فرقة الغرب"، "الفرقة المركزية". وفي 25-27 شباط عام 2000م حاصرت "فرقة الغرب" بلدة خارسنوي. أما "فرقة الشرق" فقد أغلقت جميع المسارب على المقاتلين في قرى أُولوس- كيرت، داتشو- بورزوي، ياريشماردي. وأبدى المقاتلون مقاومة باسلة. وفي التاسع والعشرين من شهر شباط، احتلت القوات الفيدرالية بلدة شاتوي الجبلية. عند ذلك أعلن قائد القوات الاتحادية غينادي تروشيف، قائلاً: "باحتلال بلدة شاتوي تنتهي عملية مقاومة الإرهاب في الشيشان، وبأنه يلزمه يومين أو ثلاثة للقضاء على ما تبقى من المجموعات الصغيرة للمقاتلين".
إن آخر عملية واسعة النطاق كانت تلك الموجهة ضد مجموعة روسلان غيلاييف، في منطقة كومسومولسكويه. وبعد مقاومة ضارية استطاعت القوات الفيدرالية وضع يدها على بلدة كومسومولسكويه، وكان ذلك في 3/14/ 2000م.
بعد عملية كومسومولسكويه اتجهت المقاومة إلى استخدام أسلوب الحرب الفدائية. وخلال السنوات الأخيرة استطاعت قوات وزارة الداخلية الفيدرالية تدعمها قوة من المقاتلين الشيشان المضادة القضاء على قادة ميدانيين مهمين، وعلى كثيرين غيرهم. وكانت أهم أولويات هذه القوة إياف الحرب ووضع حد للقتال. ومن القادة الميدانيين الذين قضوا نحبهم على الترتيب: عيسى استميروف (نائب قائد الجبهة الجنوبية- الغربية)، أبو موساييف (مساعد وزير الأمن والحماية على طريقة الشريعة/ جمهورية الشيشان- إيتشكيريا)، عربي براييف، أبو عمر(مساعد خطاب)، موسان سليمانوف، شميل إرسخانوف (قائد ميداني مقرب من بساييف)، (السعودي) خطاب، روسلان غيلاييف، العربي أبو الوليد الغامدي (قائد مجموعة الأجانب في الشيشان)، الجزائري كمال بوراخلي (أبو مصعب، خبير النسف والتفجيرات ضمن مجموعة بساييف)، الكويتي أبو زيد (منسق النشاطات الحربية الميدانية)، أصلان مسخادوف (رئيس الشيشان- إتشكيريا)، عبد الحليم سدواللاييف (جهاز مكتب بساييف، شميل بساييف، الأردني أبو حفص (أحد ممولي المقاتلين مادياً والمشرف عليهم)، سليمان إلمورزاييف (قائد الجبهة الشرقية وذو ضلع في مقتل أحمد قديروف)، رباني خليلوف (أمير منطقة) وغيرهم..
يبدو بأن اختلافات كبيرة ظهرت بين القادة الميدانيين حول الاستراتيجية العسكرية والهدف النهائي من العمليات الحربية والنتائج المترتبة عليها، وحول تواجد عناصر غريبة متغلغلة بين المقاتلين الشيشان، لا تهمها كثيراً القتل والتدمير طالما ذويهم في أمان. وكل من استطاع أن ينجو بنفسه منهم نجا. إضافة إلى العمليات الحربية التي تقوم بها القوات الفيدرالية على الأراضي الشيشانية، راح ضحيتها خيرة أبناء الشيشان. أدت الاختلافات إلى انشقاق قادة ميدانيين مهمين ومجموعات مؤثرة، أصبحت في مجملها قوة مضادة للمقاومة المسلحة. كما ويبدو بأن الرئيس الإتشكيري الراحل مسخادوف، لم يستطع السيطرة على الوضع بمجمله آنذاك، ووضع حد للمتطرفين. وكان على رأس المنشقين الراحل أحمد- حجي قديروف وعدد من القادة الميدانيين مع قوة ضاربة من المقاتلين. وقديروف تخوف كثيراً من النفوذ الوهابي في الشيشان، الذي أخذ يتنامى بشكل سريع، مدعوما من منظمات إسلامية متطرفة عن طريق بعض القادة الميدانيين العرب. علما بأن أحمد قديروف نفسه هو مسلم سني، ينتمي إلى الطريقة الصوفية القادرية، وهؤلاء لا يطيقون من يأتي عليهم بتعاليم جديدة. وقديروف ألف كتابا يبين فيه أسباب الخلافات مع مسخادوف. وعلى حد تعبير قديروف فبلاد الشيشان غرقت بأعداد هائلة من أصحاب السوابق الإجرامية من مختلف الألوان والأجناس. ولا ريب، بأن مثل هذا الطراز التنظيمي ستكون نهايته مفجعة، مأساوية، لا غير. ونتيجة لتطبيق قانون مكافحة الإرهاب، أصبحت جمهورية الشيشان تحت سيطرة القوات الاتحادية بالكامل. وانتخب أحمد- حجي قديروف رئيسا للشيشان.
لم تكن عملية مكافحة الإرهاب هي الحرب الأولى من نوعها شنتها روسيا الاتحادية في الشيشان. فقد سبقتها حرب عام 1994م، قامت بها روسيا بحجة إعادة النظام الدستوري في جمهورية الشيشان، وانتهت في شهر آب عام 1996م، بتوقيع معاهدة خسو- يورت بين موسكو وغروزني. أجريت بعد ذلك انتخابات في الشيشان فاز بها أصلان مسخادوف، الذي سبق وقاد الانفصاليين في حربهم ضد القوات الفيدرالية. وحتى حلول عام 1999م لم يلاحظ أي تغير أو تحسن للأوضاع في جمهورية الشيشان. وكانت المنافسة شديدة بين القادة الميدانيين على السلطة وتوزيع المناصب. وأخذت الأمور تخرج شيئا فشيئا من سيطرة الرئيس مسخادوف. وتمادى المرتزقة والوهابيون والمستفيدون منهم في أعمالهم تجاه المواطنين، الذين ضاقوا ذرعا من قوانينهم التيوقراطية، الغريبة على المجتمع الشيشاني. كل ذلك أوصل البلاد إلى شفا هاوية. وحصلت الفاجعة عندما سقطت البلاد في نهاية المطاف في الهاوية عندما تمادى بساييف وخطاب، ونفذا عملا خطيرا، باقتحامهما أراضي روسيا الاتحادية (الداغستان). وحصل ما حصل كما ذكرنا أعلاه.
خسائر الأطراف المتقاتلة: حسب المعطيات الرسمية لوزارة الدفاع الروسية بلغت خسائر القوات الفيدرالية من الفترة الواقعة بين الأول من تشرين أول عام 1999م و حتى 23 كانون أول لعام 2002م 4572 قتيلاً، و15549 جريحاً. بينما معطيات أخرى تشير إلى أن ما خسرته القوات الاتحادية خلال الحرب الثانية منذ الأول من شهر تشرين أول لعام 1999م، وحتى 31 تشرين أول لعام 2002م بلغ حوالي 9 آلاف عسكري من قوات الجيش الفيدرالي فقط، منهم 2700 قتيل و 6300 جريح و 29 مفقود. وحسب الجنرال فاليري مانيلوف، فقدت قوات الجيش 2600 قتيلا و 7500 جريحا. وفقد المقاتلون، حسب معطيات تقريبية، حوالي 13-14 ألف شخص. أما خسائر المدنيين فبلغت 5- 6 آلاف قتيل، و1-2 ألف جريح، إلا أن العدد الحقيقي لخسائر السكان الآمنين أعلى من ذلك بكثير. أما اللاجئون فوصل عددهم إلى 200- 300 ألف نسمة، التجأوا إلى الجمهوريات القوقازية المجاورة، وإلى مناطق روسيا الشاسعة ومن ضمنها موسكو وضواحيها. ومنهم من غادر البلاد كليا إلى دول الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا وغيرها من البلدان.
هكذا هي نهاية الحروب- قتل وتدمير ولجوء وتشتت وتشرذم، والرجوع للوراء لعشرات من السنين. واليوم الشعب الشيشاني في بلاده يحمد الله على توقف الحرب، وعودة السلام والأمن والاستقرار للبلاد. وأخذ النازحون والمغتربون العودة إلى ديارهم، وكذلك من تبقى من الفصائل المسلحة وكثير من قادتها، بعد إصدار العفو العام من قبل الحكومة الحالية لجمهورية الشيشان والمركز الفيدرالي. والجميع يشارك في إعادة البناء وتطوير الجمهورية. وبشكل لا يصدق تعود الحياة بالتدريج إلى مساراتها الاعتيادية، والكل منخرط بالعمل والإبداع.

(2) إنهاء سريان قانون مكافحة الإرهاب في جمهورية الشيشان
وسائل الإعلام في روسيا الاتحادية منهمكة هذه الأيام في الكتابة عن القانون الذي صدر عام 1999م، في بلاد الشيشان، تحت اسم "عملية مكافحة الإرهاب"، هذا القانون الذي تقوم اليوم اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب بدراسته لإنهاء فترة فعاليته. وبهذا الخصوص يقول المتحدث باسم مجلس الدوما الروسي (حزب روسيا الموحدة)، بوريس غريزلوف: "تأخذ الحياة في جمهورية الشيشان، في غروزني مجراها الطبيعي. ومن أجل ضمانة سير قانون "عملية مكافحة الإرهاب" يتم استخدام طاقات هائلة من قوى الأمن الداخلي والموازنة الفيدرالية، والذي يجب أخذه بعين الاعتبار في ظروف الأزمة العالمية الراهنة (vesti.ru).
وحسب rian.ru أكد مصدر من الكريملين على أنه تجري مناقشة مسألة إنهاء فعالية سريان قانون مكافحة الإرهاب في جمهورية الشيشان، إلا أن الموعد لم يحدد بعد.
نُذَكّر بأن قانونا قد صدر في الثالث والعشرين من شهر أيلوم عام 1999م، وقعه الرئيس يلتسين، بخصوص تشكيل مجموعة وحدات من الجيش الفيدرالي في شمال القوقاز، تضم كافة المؤسسات ذات العلاقة، إضافة إلى التحضير لعملية مكافحة الإرهاب على أراضي جمهورية الشيشان. واليوم للرئيس دميتري ميدفيدييف الصلاحية الكاملة لإلغاء هذا القانون.
ومن جهة أخرى، أشار مدير دائرة الأمن الفيدرالية FSB ألكسندر بورتنيكوف، قائلاً: يبين تحليل أنشطة الأجهزة التابعة للسلطة التنفيذية لروسيا الاتحادية فيما يخص مقاومة الإرهاب، أنه من أجل جعل الأوضاع طبيعية مستقبلا، وحل المسائل الاجتماعية والاقتصادية لا بد من تطبيع أساليب تنظيم وإدارة عملية مكافحة الإرهاب في أراضي منطقة شمال القوقاز. إن هذا سيخلق ظرفا مناسبا لجلب استثمارات إضافية، وتوفير فرص عمل. وإجمالا سيعمل على تقويض قاعدة تمويل العناصر المسلحة. وأكد رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، وهو نفسه مدير دائرة الأمن الفيدرالي، قائلا: إن التوصيات التي ستخرج بها اللجنة ستشمل المراقبة المتينة للأوضاع في المنطقة، إضافة إلى مستوى أمني لائق للمواطنين.. مضيفا بأن الأمر يتطلب تجنيد جميع القوى والوسائل المتوفرة لدى قيادة العمليات، وتنشيط العمل الوقائي المنسق والخاص، الموجه نحو التخلص مما تبقى من العناصر المسلحة، التي تعمل في جمهوريات شمال القوقاز ومناطقه الأخرى. ومن الضروري جدا إغلاق ومراقبة جميع قنوات العبور الحدودية التي يستخدمونها، ومن ضمنهم المرتزقة الأجانب، وكذلك الأمر فيما يخص التسلح والتمويل. وشارك في اجتماع اللجنة الوطنية الممثل المفوَّض لرئيس روسيا الاتحادية للدائرة الجنوبية للاتحاد الروسي فلاديمير أوستينوف، ورئيس جمهورية الداغستان موخو ألييف، ورئيس جمهورية الإنجوش يونس- بك يِفْكُوروف، ورئيس جمهورية الشيشان رمزان قديروف.
وحسب itar-tass أعلن بورتنيكوف، بأنه تم خلال ما مضى من عام 2009م التخلص من 67 متمردا والقبض على 233 في شمال القوقاز (وخصوصا في الداغستان والإنجوش).
وعلى صعيد آخر، يرى عضو الدوما الروسي، مدير مكتب موسكو لحقوق الإنسان ألكسندر برود، حيث يقول: حققت السلطات الفيدرالية نتائج ملموسة في معالجة الأوضاع في الشيشان، لذا فإن موضوع إنهاء سير قانون مكافحة الإرهاب له ما يبرره تماما. وأضاف برود، قائلا: ليس هناك ما يدعو الآن للاستمرار في تطبيق هذا القانون، فعمليات القوات الفيدرالية قد أثمرت. وتابع يقول: أما الأوضاع في كل من الداغستان والإنجوش فتستوجب الاهتمام. نرى هناك مشكلة أمن المواطن، واختطاف الناس، واقتحام مقار قوات حفظ الأمن الداخلي. فهذه الأمور هنا تتواجد بحدية أكثر نسبياً.
أما المتحدث باسم الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية في مجلس الدوما إيفان ميلنيكوف، فله رأي آخر بهذا الشأن، حيث يقول:إن الاستناد إلى الأزمة المالية العالمية وإلى ارتفاع تكاليف عملية مكافحة الإرهاب ليس في محله. ففي ظل الأوضاع الاجتماعية- الاقتصادية الراهنة ممكن أن تنشط "القوى العليلة". وهو يقترح بهذا الشأن تشكيل لجنة مستقلة من الخبراء تقوم بزيارة جمهورية الشيشان والتعرف في الموقع على جميع جوانب المسألة، والحصول على المعلومات اللازمة. فهذا الموضوع المهم، والذي تتعلق عليه بشكل مباشر حياة المواطنين والعسكريين في الجمهورية لا يجوز التسرع في اتخاذ قرار فيه. لذا يجب ألاّ نختصر التكاليف على حساب حياة الشعب.
ونفس الشيء يراه رئيس الحزب الليبرالي الروسي في البرلمان إيجور ليبيديف، والذي يبدي شكوكه فيما إذا حان وقت إنهاء عملية مكافحة الإرهاب في الجمهورية الشيشانية. والوقت الحقيقي لإنهاء قانون مكافحة الإرهاب حسب ليبيديف، سيحين عندما يستطيع أي مواطن عادي أن يزور غروزني كما يزور موسكو وبطرسبرغ.
غير أن المتحدث الرئيس لحزب "روسيا العدالة" في مجلس الدوما ألكسندر باباكوف، يؤيد فكرة إيقاف فعالية قانون مكافحة الإرهاب، قائلاً: يجب علينا الاعتراف بأنه حتى اليوم تم عمل الكثير جدا من أجل أن تحصل جمهورية الشيشان على حق العيش بسلام. وتقوم بذلك القوات الفيدرالية وقيادة الجمهورية.
ويقول رئيس اللجنة الأمنية في الدوما الروسي فلاديمير فاسيلييف، حول الأوضاع في الشيشان، ما يلي: إن جمهورية الشيشان تشكل مثالاً للمناطق الأخرى في التصدي للإرهاب. فالتجربة والعمل الناجح في الجمهورية في التعامل مع المتمردين لها مزايا كبيرة، وخصوصا في ضوء الأوضاع غير المستقرة في مناطق أخرى في شمال القوقاز.
أما ألكسندر تروشين، المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الروسي، عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، فيقول: إن إنهاء عمليات مكافحة الإرهاب في جمهورية الشيشان سيساعد في وضع الحلول لمشاكل اقتصادية جمة. ويجب أخذ الأمر بانتباه، حتى لا يؤدي إلغاء قانون مكافحة الإرهاب إلى ضحايا جديدة وإلى خسائر اقتصادية. ويضيف قائلا: من الواضح بأن الجمهورية شهدت نجاحات كبيرة منذ مطلع عام 2004م. وأن إنهاء قانون مكافحة الإرهاب سيعزز أعمال الاستثمار في الجمهورية، وهذه الخطوة ستكون بمثابة دفعة مشجعة للسكان للأمام.
كما ويؤكد تروشين على أن أكبر مشكلة تعاني منها الشيشان هي البطالة، التي يجب استئصالها بإيجاد فرص عمل.
أما عن ردود الفعل في الجمهورية الشيشانية نفسها، فنورد هنا ما يراه وليد كوروييف، رئيس الإدارة الدينية لمسلمي الشيشان، حيث ذكر، قائلاً: إن التخلص من مرحلة مكافحة الإرهاب في الجمهورية سيساعد الإدارة الدينية في حربها ضد إيديولوجية الوهابية والتطرف الديني. ووضْع الأسس الجمركية سيضع حدا لدخول المؤلفات الوهابية وتداولها بين أفراد المجتمع، وسيعطي مجالا واسعا لمراقبة الغادي والرائح عبر الحدود.
كما ويعلق على هذا الأمر مفوض حقوق الإنسان في جمهورية الشيشان، نوردي نوخاجييف، قائلاً: إن كل شخص يفكر لابد وأن يعي تماماً عدم جدوى استمرارية تطبيق قانون مكافحة الإرهاب اليوم في الجمهورية. إن سريان هذا القانون يعيق التطور الاجتماعي- الاقتصادي للجمهورية، ويبقي العمل الحر محدودا. ويضيف قائلاً: لا غرابة في أن يعارض البعض إيقاف سريان القانون.. فالأموال المتدفقة على احتواء القوات العسكرية سواء في مطار خانكالا العسكري في غروزني، أو على جيوب البعض في المركز الاتحادي ستتوقف أو ستحول إلى تطوير الجمهورية، وهذا لا يعجبهم..
ورئيس الشيشان الحالي، رمزان قديروف، كان قد أصدر تصريحاً عن انتهاء قريب لسير قانون مكافحة الإرهاب في جمهورية الشيشان، مباشرة عقب انتهاء اجتماع لجنة الأمن في الدوما الروسي، الذي عقد في غروزني قبل أيام ، قائلاً: لدينا معلومات موثقة بأنه في الحادي والثلاثين من شهر آذار ستتخذ الأجهزة الفيدرالية المعنية إجراءات، ستزول بموجبها كافة القيود المحدِّدة لسير الحياة في الشيشان. وبين قديروف، قائلاً: رغم كون جمهورية الشيشان من أكثر المناطق في روسيا الاتحادية أمنا واستقرارا، إلا أن قانون مكافحة الإرهاب لا يزال ساريا فيها. ولهذا تعاني الشيشان من معوقات في تنفيذ أعمال كثيرة، وتحديدا غياب الجمرك. ومطار غروزني لا يخدم سوى حركة الطائرات الداخلية (ضمن حدود روسيا الاتحادية) فقط. إضافة إلى قضية تفتيش المسافرين القادمين والمغادرين، وكذلك الصعوبات التي يجابهها المسافرون من الجمهورية إلى أنحاء العالم عن طريق موسكو. والآن، وعلى لسان قديروف، وصلت وزارة الدفاع ودائرة الأمن الفيدرالية FSB وغيرها من الأجهزة المعنية إلى قناعة بأن تلك القيود لم يعد لها لزوم. كما أشار رمزان قديروف إلى أن وسائل الإعلام الروسية تبالغ في نشر المعلومات بشأن عدد المقاتلين المتواجدين على الأراضي الشيشانية، قائلاً: ".. حسب معطيات أجهزة الخدمة الخاصة يعمل في الجبال 480 مقاتلا، وحسب معرفتي فعددهم لا يتجاوز 70 شخصا، سيتم التعامل معهم في أقرب فرصة. مضيفا إلى ذلك بأنه حتى مجموعات قائد المقاتلين في شمال القوقاز، دوكو عوماروف، لم يبق فيها سوى المرتزقة وآخرون لا تنطبق عليهم شروط العفو العام.."
أما رئيس حكومة الشيشان- إيتشكيريا في المنفى، والمقيم في بريطانيا- أحمد زكاييف، فقد علق على موضوع إنهاء فعالية قانون مكافحة الإرهاب في جمهورية الشيشان، قائلاً: "..طبعا ممكن عمل كل شيء على الورق. وهذا في الواقع لن يغير شيئاً حتى يتم إيجاد حلول سياسية للنزاع بين جمهورية الشيشان وما بين روسيا الاتحادية.."
يبقى أن نعرف بأن رئيس روسيا الاتحادية دميتري ميدفيدييف، كان قد أوعز أواخر شهر آذار من عام 2009م لمدير دائرة الأمن الاتحادي، الكسندر بورتنيكوف، الذي يترأس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب النظر في مسألة إنهاء حالة مكافحة الإرهاب في جمهورية الشيشان. حيث أكد قائلاً: " نظرا لتحسن الأوضاع في جمهورية الشيشان بشكل ملحوظ، وعودة الحياة إلى مسارها الطبيعي، و إنشاء مجمعات جديدة، وحل المسائل الاجتماعية. لذا يتطلب الأمر إعادة النظر في الصيغة القانونية لعملية مكافحة الإرهاب على أراضي جمهورية الشيشان، وذلك خلال الاجتماع الذي ستعقده اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، ووضع الحلول اللازمة.." ويتابع ميدفيدييف، قائلا: ونظرا لاستمرار الأنشطة غير القانونية في الجمهوريات القوقازية الأخرى، يجب ألاّ يتوقف العمل كليا بهذا الشأن والتصرف بالأساليب اللازمة. وعلينا في المقام الأول خلق ظروف حياة ملائمة للمواطنين والمستثمرين، وإيجاد فرص عمل جديدة في جمهورية الشيشان. وبنفس الوقت التصدي بشكل صارم للإرهاب.."
-----------------------------------------------------------------------------------------
المصادر:
http://www.og.ru , http://www.rian.ru , http://www.grozny-inform.ru , http://www.chechnyatoday.com
Itar- Tass , http://www.vesti.ru
* د. أمين شمس الدين/ كاتب وباحث في القضايا الشيشانية والقوقاز



#أمين_شمس_الدين_الشيشاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كاميرا مراقبة ترصد ما فعلته دببة عندما شاهدت دمى تطفو في مسب ...
- شاهد: خامنئي يدلي بصوته في الجولة الثانية من انتخابات مجلس ا ...
- علاج جيني ينجح في إعادة السمع لطفلة مصابة بـ-صمم وراثي عميق- ...
- رحيل الكاتب العراقي باسم عبد الحميد حمودي
- حجب الأسلحة الذي فرضه بايدن على إسرائيل -قرار لا يمكن تفسيره ...
- أكسيوس: تقرير بلينكن إلى الكونغرس لن يتهم إسرائيل بانتهاك شر ...
- احتجاجات جامعات ألمانيا ضد حرب غزة.. نقد الاعتصامات وتحذير م ...
- ما حقيقة انتشار عصابات لتجارة الأعضاء تضم أطباء في مصر؟
- فوائد ومضار التعرض للشمس
- -نتائج ساحرة-.. -كوكب مدفون- في أعماق الأرض يكشف أسرار القمر ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أمين شمس الدين الشيشاني - القوقاز وقانون مكافحة الإرهاب في روسيا