أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أمين شمس الدين الشيشاني - أبطال الشيشان والإنجوش السوفييت في الحرب العالمية الثانية (1941-1945)















المزيد.....


أبطال الشيشان والإنجوش السوفييت في الحرب العالمية الثانية (1941-1945)


أمين شمس الدين الشيشاني

الحوار المتمدن-العدد: 3260 - 2011 / 1 / 28 - 15:17
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



يصادف هذا العام مرور 54 سنة على إعادة تشكيل جمهورية الشيشان- إنجوش السوفييتية الاشتراكية. ونحن نعلم بأن هذه الجمهورية كانت قد ألغيت بشكل ظالم عام 1944م، بقرار من الدكتاتور ستالين، وبتنسيب من لافرينتي بيريا سيء الصيت، بتهم ملفقة وكأنما الشيشان والإنجوش حاولوا التعاون مع الألمان ضد الاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية (الحرب الوطنية العظمى)، وتم تهجير الشعب الشيشاني والإنجوشي بأسره قسرا إلى مجاهل سيبيريا في كازاخستان وقيرغيزيا. علما بأن الحرب لم تصل إلى جمهورية الشيشان. في الوقت الذي كان فيه أبناؤها يصدون هجمات العدو الشرسة في جميع جبهات الحرب. وقدمت بلاد الشيشان لجبهات القتال كل المعونات الممكنة من غذاء وكساء ومحروقات..الخ. وفي عام 1957م تم إعادة اعتبار الشيشان والإنجوش وتشكيل الجمهورية وعودة الشيشان إلى وطنهم، بعد أن قضوا في المنفى 13 عاما من البرد والجوع والحرمان والملاحقات الأمنية.
إن ما يزيد عن 30 ألف مواطن شيشاني وإنجوشي شاركوا على مختلف جبهات الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية) 1941-1945. ومنذ الأيام الأولى من الحرب تشكلت في جمهورية الشيشان- إنجوش فرقة المشاة الجبلية 242، وفرقة المشاة 317. و في عام 1942 أرسَلت هذه الجمهورية إلى جبهة القتال فوج خيالة خاص رقم 255، وكتيبة خيالة من الشيشان والإنجوش تحديدا، والتي تكونت من المتطوعين فقط.
وحارب الشيشان والإنجوش في جميع التشكيلات المسلحة المعروفة- في القوات البرية، والجوية، والبحرية. وكثير من أبناء هذا الشعب شاركوا في الهجوم على برلين، وسجّلوا أسماءهم على جدران الرايخ الألماني (الرايخستاغ).
وعلى جبهات القتال في الشرق الأقصى ساهم الشيشان والإنجوش في دحر جيش الكفانتون الياباني ذي النزعة العسكرية. ونتيجة لمآثرهم البطولية على كافة جبهات الحرب الوطنية العظمى، حصل آلاف الشيشان والإنجوش على الأوسمة والميداليات. كما ومُنح عشرات الضباط منهم والجنود لقب بطل الاتحاد السوفييتي.
إن تاريخ الحرب الوطنية العظمى في أعوام 1941-1945، لهو مدون وإلى الأبد باسم قلعة بريست الشهيرة- نقطة الاستناد الأولى على الجبهة الغربية، التي جابهت وقاومت بشدة فرقة المشاة 45 المدرعة للغزاة الألمان الفاشست والمدعومة بغطاء جوي ومدفعي، الذين قاموا بالاعتداء على الاتحاد السوفييتي بحرب غير معلنة. وأسماء المدافعين الأشداء عن قلعة بريست منقوشة على النصب التذكاري للقلعة، من بينهم شيشان وإنجوش.
لقد قام الكاتب الشيشاني المشهور خالد أشاييف بدراسة مستفيضة عن حصار قلعة بريست، الذي دام قرابة الشهر، كَبّدَ المدافعون خلاله العدوَّ خسائر فادحة. وكشف أشاييف خلال الدراسة، التي نشرها في كتاب بعنوان "بريست- جوزة مُتوَقِّدة"- عن مصير أكثر من 300 مدافع عن القلعة من جمهورية الشيشان- إنجوش، من ضمنهم: م. يوساييف، أ. بايبيكوف، ش. زكرييف، أ. خ. إلمورزاييف، أ. ساداييف، م. أُوزوييف.. إلى جانب المدافعين الروس والأوكرانيين والكازاخ والبيلاروس وغيرهم.
والمواطن من منطقة نادتيريتشني في الشيشان، أ. ساتوييف، عند خروجه سالما من قلعة بريست، شكل فصيلة فدائيين، وقارع وهو على رأسها الألمان الفاشست لفترة 2.5 سنة. وفي شهر كانون ثاني من عام 1943م، أُسر من قبل الألمان وأُعدم.
من هم أصحاب الأسماء الأخرى للشيشان والإنجوش، الذين حاربوا جيوش ألمانيا النازية، جنبا إلى جنب مع أبناء الشعوب السوفييتية البطلة الأخرى- ودحروا العدو من القوقاز وستالينغراد وموسكو وأوكرانيا وروسيا البيضاء ودول البلطيق وجبال الألب وصولا إلى برلين، ومن ثم غرس العلم الأحمر فوق مبنى الرايخ الألماني؟:

1- خانباشا نورالديلوف ( 1920- 1943) - بطل الاتحاد السوفييتي
جاء في إحدى النشرات الخاصة للإدارة السياسية لجبهة ستالينغراد، ما يلي: ".. لقد جَسَّدَ خانباشا نورالديلوف في نفسه أفضل خصال الشعب الشيشاني الشجاع- مآثره البطولية وبسالته النادرة، وشجاعته وإقدامه، ورجولته وجرأته".
بلغ خانباشا من العمر 20 عاماً عندما دعي للخدمة في الجيش الأحمر. وأظهر أول مأثرة بطولية في شهر تشرين الأول من عام 1941، أي في الأشهر الأولى للحرب الوطنية العظمى، والتي اتصفت بأصعب وأقسى أيام الحرب. استطاع خانباشا خلالها القضاء على 120 فاشيا بواسطة مدفعه الرشاش، واقتياد 7 أسرى.
وفي إحدى المعارك في منطقة سيرافيموفيتش، كان خانباشا يقود فصيلة مدافع رشاشة. ورغم إصابته الشديدة في قدمه، إلا أنه واصل حصد الأعداء، وقضى على 250 منهم، ودمّر مدفعي رشاش. جرح خانباشا في إحدى المعارك جراحا بليغة، توفي على إثرها.
وخلال حياته القتالية استطاع خانباشا في المحصلة قتل 920 ألمانيا نازيّاً، وغنم 7 مدافع رشاشة، واقتياد 12 أسيرا فاشياً.
وخصصت صحيفة "الجيش الأحمر" صحيفة الجبهة، بتاريخ 21 تشرين أول عام 1942، صفحة كاملة تسرد المآثر القتالية لخانباشا نورالديلوف، ووصفته بـ "فارس الوطن المقدام" وكتبت قائلة: "خالدٌ بطل القوقاز، ابن الشمس، نَسر النُسور- المقاتل خانباشا نورالديلوف". وبمثل هذا الإعجاب الصادق، مدح الشاعر ب. بوليتشوك البطل خانباشا بقصيدة مخصوصة تحت عنوان "شرف الجندي" (تحية الجندي).
وقصيدة أخرى عن خانباشا للشاعر يفغيني دولماتوفسكي، بعنوان "أغنية عن خانباشا نورالديلوف"، يقول فيها:
سَطّرَ العملاق المجيد نورالديلوف في مآثره
ملاحم بطولية لفرسان القوقاز
تَمَعَّن أيها المقاتل
في النمط الجبار لهذا البطل
لهذا النَّسر الجبلي
المدفعجي- الرشاش
خانباشا نورالديلوف!
فلتكن المآثر البطولية لابن الشعب الشيشاني
لك ولرفاقك
مثالا للإقدام في الحرب
وجزاء مآثره القتالية الباسلة مُنج خانباشا جائزة "النجم الأحمر"، "الراية الحمراء". وفي شهر نيسان من عام 1943م، مُنح لقب "بطل الاتحاد السوفييتي"، بعد رحيله عن عمر يناهز 23 عاما. دُفن خانباشا قرب ستالينغراد، واسمه مخلد على النصب التذكاري مماييف كورغان المشهور، تغطيه الورود دوما.

2 - ويساييتوف موليد - بطل الاتحاد السوفييتي
رغم إصابته في الأيام الأولى للحرب، إلا أن ويساييتوف بقي في صفوف الجيش. وشارك خلال سنوات الحرب العالمية الثانية من نهر الترك في القوقاز، وصولا إلى جبال الألب. ترأس ويساييتوف الفوج 255 للمتطوعين الشيشان والإنجوش، وكذلك فوج الحرس 28.
ساهم ويساييتوف بشكل فعال في تحرير كثير من المدن والقرى، وقضى على 600 من الجنود الألمان، واقتاد بما مجموعه 3500 أسير ألماني، وحرر آلاف المعتقلين من معسكرات الاعتقال النازية. لذا، حاز ويساييتوف على أوسمة وميداليات تلك الدول التي شاهدت مآثره البطولية على أراضيها كبولندا والمجر (هنغاريا)، وتشيكوسلوفاكيا، كما منحته الولايات المتحدة وسام "legion of honor" (وسام الشرف)، الذي يقوم أمام حامله رئيس الولايات المتحدة وأعضاء الكونجرس تقديرا واحتراما له.
ومن بين المكافئات التي حصل عليها ويساييتوف نتيجة مآثره الحربية مكافأة خاصة- حصان، أهداه له الكاتب الروسي المشهور شولوخوف. إن واحدة من أهم الحوادث على خطوط جبهة القتال لهذا البطل الشيشاني مرتبطة بشكل مباشر مع هذا الحصان. حصل الأمر كالتالي:
..بقرب من نهر الدون. تراجع الجيش، كان المساء غائما، وكان من الصعب أن تميز وسط الضباب موقعك عن مواقع العدو. وقرر ويساييتوف تفقد الجناح الأيسر من موقعه شخصيا. امتطى حصانه، واتجه صوب طابور من المشاة. وعندما اقترب عرف بأن الطابور هو طابور العدو. همز لحصانه بكلمات، واخترق الطابور يعمل بخنجره القوقازي (القامة) بمن تصل إليه يداه، يشق لنفسه طريقا. وعندما بدأ الألمان بإطلاق النار عليه، كان ويساييتوف قد توارى عن الأنظار. غير أن رصاصة طالته. وتطلب الأمر ربط جرحه وهو لا يزال على ظهر حصانه، ومن ثم التفكير عن كيفية العودة لموقعه.. كان من الصعب في ليل معتم تحديد الاتجاه الصحيح. وهنا تذكر ويساييتوف أن بلدة الكاتب شولوخوف لا بد وأنها في مكان ما قريب منه؛ وأن الخيول بإمكانها أن تجد طريق العودة لوحدها. أرخى ويساييتوف رَسَن حصانه واثقا بأنه سيجد طريق العودة للبلدة لوحده. و فعلا أوصل الحصان صباح اليوم التالي ويساييتوف إلى بلدة فيشينسكايا، والتي لم تكن محتلة من قبل الألمان بعد.
وحصل ويساييتوف على لقب بطل الاتحاد السوفييتي، ووسام لينين نتيجة مآثره البطولية النادرة.
وفي الوطن أصبح موليد ويساييتوف عام 1957 أمينا عاما لوزارة الداخلية في جمهورية الشيشان- إنجوش.

3- أبو حجي إدريسوف (1918-1993)/ بطل الاتحاد السوفييتي
قناص مجيد من الدرجة الأولى، بطل الاتحاد السوفييتي. استطاع أبو حجي إدريسوف خلال سنوات الحرب القضاء على 349 من الألمان الفاشست، ما يعادل كتيبة مشاة كاملة. وخلال شهر واحد استطاع قتل 22 ضابطا فاشيا. إضافة إلى عدد آخر من القناصة الألمان المتمرسين، الذين كانوا قد أرسلوا للقضاء على بطلنا إدريسوف، ولم ينجحوا.
خدم في كتيبة للفوج 550 التابع للفرقة 125، التي كان من أحد مهامها بناء استحكامات على طول الحدود الغربية للبلاد السوفييتية. وبالنسبة لإدريسوف فقد بدأت الحرب في فجر اليوم الثاني والعشرين من شهر حزيران عام 1941 في منطقة بسكوف- فيليكي لوكي/ مشارف لينيغراد. وفي هذه المعارك الطاحنة أصبح إدريسوف قناصا الكتيبة بلا منازع.
(في الصورة: قائد الفرقة إ. م. أندرييف، يسلم إدريسوف وسام "الراية الحمراء")
جاء في مقال في جريدة "بريتشوليمسكايا برافدا"، في مقاطعة تومسك الروسية شهر آب عام 1983م أ. ديرياييف، رفيق إدريسوف، والشاهد على مآثره حول مجريات الحرب في الجبهة الشمالية- الغربية، حيث ذاع صيت القناص، ما يلي: ".. كانت المعركة قاسية، لم نستطع حتى أن نرفع رؤوسنا من المخابئ من شدة القصف المتواصل. غير أن إدريسوف لم يرتجف البتّة، بل تتبع بهدوء حركات الضباط الألمان. استمر الأمر عشرة أيام وإدريسوف يصطاد ببندقيته الضابط والجندي الواحد تلو الآخر، حتى وصل ما قتله خلال تلك الفترة أكثر من 100 نازيّ. في هذه المعركة لم يستطع العدو تحقيق شيء يذكر من وراء هجماته بفضل الشاب الشيشاني، البطل القناص إدريسوف".
ونتيجة لمآثره البطولية حصل إدريسوف على أوسمة الشجاعة والإقدام- "وسام الراية الحمراء"، و"وسام النجمة الحمراء". وجاء في رسائل التبيلغ السياسية للفرقة 370، التي خدم فيها آنذاك (نيسان 1943) بأن أبو حجي إدريسوف قضى على 309 هتلري حتى تاريخه.
إضافة إلى مدينة لينينغراد، شارك إدريسوف مع أقرانه في معارك تحرير مدن وقرى منطقة بسكوف، ودول البلطيق. وافتُتِح عام 1944 في مدينة موزوفيتسك، معرضا حربيا للجبهة، خصصت فيه لوحة كاملة تحكي عن بطولات القناص الفذ أبو حجي إدريسوف، وبقربها تشاهد بندقيته وصورته. كتب تحتها: "ابن الشعب الشيشاني البار، بطل الاتحاد السوفييتي، أبو حجي إدريسوف، قضى على أكثر من 300 هتلري".
كما كتبت جريدة مساء موسكو "فيتشيرنايا موسكفا"، بتاريخ 23 نيسان من عام 1943، تشيد بالقناص، جاء فيها: "جندل ابن الشيشان المحبة للحرية أ. إدريسوف 309 ألماني فاشي. وهو يقضي عليهم ليل نهار، في حالة الدفاع وفي حالة الهجوم، ولا يعطي مجالا للعدو للتنفس. اقتدوا بهذا القناص الباسل".
ونتيجة لمآثره البطولية الكبيرة، وبتاريخ 3 تموز من عام 1944م، منح إدريسوف بموجب مرسوم صادر عن مجلس السوفييت الأعلى، لقب بطل الاتحاد السوفييتي
لم يتوقف إدريسوف عن القتال إلا بعدما أصيب بشظايا لغم أرضي، نقل بعدها للعلاج إلى المستشفى في غوركي قرب موسكو. ومكث فيه 4 أشهر. نقل بعدها مباشرة إلى كازاخستان المنفى، حيث بقية الشعب الشيشاني. توفي أبو حجي عام 1993م، في جمهورية الشيشان.
إن اسم أ. إدريسوف منقوش اليوم بأحرف ذهبية في متحف الحرب الوطنية العظمى على جبال بوكلوني في موسكو، وفي مدينة نوفوروسيسك (الميناء على البحر الأسود).

4 - خوادجي مجاميد- ميرزوييف (1910-1944) - بطل الاتحاد السوفييتي
دعي خوادجي إلى الخدمة العسكرية في صفوف الجيش السوفييتي في شهر أيلول من عام 1941م. خدم الرقيب أول خوادجي في فوج الخيالة بوظيفة مساعد آمر فصيلة. إن خوادجي هو ضمن أوائل الذين عبروا إلى الشاطئ الأيمن لنهر الدنيبر في شهر أيلول من عام 1943. وقام بواسطة مدفعه الرشاش بتنظيف يابسة النهر من العدو، مما أتاح فرصة لكامل وحدة الفوج لتأمين عبور النهر.
وخلال المعارك التي جرت لدحر فلول الجيش الهتلري في الجبهة الغربية، جُرح خوادجي ثلاث مرات. وغير آبه لجراحه استمر في حصد جنود العدو بمدفعه الرشاش. وفي هذه المعركة قضى على 144 ألماني فاشي. وكانت هذه المعركة آخر المعارك التي شارك فيها. واستشهد خوادجي ومدفع الرشاش لم يفارق ساعديه.
ونتيجة لبطولاته وشجاعته وإقدامه منح خوادجي مجاميد- ميرزوييف في 15 كانون الثاني من عام 1944م، وبقرار من مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفييتي، لقب بطل الاتحاد السوفييتي.

5 - دشا إبراهيموفيتش أكاييف (1910- 1944) - بطل الاتحاد السوفييتي
رفض آمر الكتيبة رجاءات دشا أكاييف المتكررة لإرساله في مهمات قتالية على جبهة موسكو، التي كانت تجابه خطرا كبيرا، كون أكاييف آمرا لفوج طيران حربي، وليس جنديا عاديا. والكتيبة بحاجة إليه هنا لحاجات الطوارئ، قال دشا أكاييف: " إذا جرّدوني من رتبتي، وأنا مستعد للدفاع عن موسكو كجندي عادي. البلاد في خطر، وأنا متخف هنا في مؤخرة خطوط العدو.. لا يمكنني أن أتحمل أكثر من ذلك. إفهموني، والشخص الذي ولد لكي يطير، لا يستطيع أن يزحف".
اكتسب الرائد الطيار دشا شهرته، عندما اخترقت طائرات من فوجه وبقيادته دفاعات العدو المحصنة وأظهر الطيارون عجائب جسورة. ونقلت الحدث جريدة "البرافدا" بتاريخ 18 كانون ثاني من عام 1944م، تقول: " رغم الجو المكفهر بالسحب السوداء، والرؤيا شبه منعدمة، تقدمت الطائرات التي يقودها دشا أكاييف بشكل منظم نحو الهدف وأصابته بدقة متناهية".
في السادس والعشرين من شهر شباط عام 1944م، قام دشا أكاييف على رأس خمس مقاتلات حربية بتنفيذ مهمة خطيرة جد في مطار للألمان الفاشست، بقرب مدينة راكفيره في إستونيا السوفييتية. وكان الألمان قد أنشأوه واتخذوا منه قاعدة لطائراتهم القاذفة الثقيلة، التي ألحقت خسائر جسيمة في الجيوش السوفييتية. والمطار أنشئ بهدف تدمير مدينة لينينغراد، وفي حال فك حصار المدينة، خُطَّط بأن يكون المطار بمثابة "مدفع من الجو" لقصف الجيش السوفييتي، في حال توجهه نحو الغرب.
وبفضل الضربات الصاعقة من الصواريخ والقنابل والمدافع الرشاشة، والشجاعة المنقطعة النظير، استطاع فريق دشا أكاييف محو المطار من على سطح الأرض. هذا المطار الذي بدا وكأنه لا يمكن اقتحامه أو الاقتراب منه. وفي هذه المهمة، أصيبت طائرة القائد، وسَقطت في أرض المطار. كما ولاقى حتفه هنا ثمانية من الأبطال المهاجمين الشجعان، واثنان وقعا في الأسر، والذين تم تحريرهما عام 1945م.
وهكذا، ونتيجة للمآثر البطولية النادرة التي أظهرها دشا أكاييف، حصل عام 1942، على وسام "النجمة الذهبية". وفي شهر أيلول من عام 1943مُنح رتبة رائد (ميجر) بقرار استثنائي، وعيِّن آمرا للفوج 35 لسلاح الطيران الهجومي. ونتيجة لتنفيذه المهام القتالية ببراعة فائقة مَنحت قيادة الفرقة دشا أكاييف وسام "ألكسندر نيفسكي". أما العدو الفاشي فقد عرف جيدا مهارة دشا أكاييف في الطيران وجسارته وثبات عزمه. وفي الجو عرفوه في الحال من "الخط"، وسموه "الطيار الروسي من الطراز الأول".
مُنح الرائد الطيار دشا أكاييف لقب بطل الاتحاد السوفييتي. وللأسف الشديد لم يتم تسلم اللقب إلا بعد ستين عاما من وفاته.

6 - خان سلطان داتشييف (1924-2001) - بطل الاتحاد السوفييتي
حصل خان سلطان داتشييف على لقب بطل الاتحاد السوفييتي وهو لم يزل في عمر 20 عاما. وذلك لشجاعته وبطولته الفائقتين في تنفيذ مهمة خطيرة جدا من الناحية الإستراتيجية، وذلك عند عبور نهر الدنيبر. كان ذلك عام 1943. وقبل هذا، حارب خان سلطان في فوج للخيالة- قسم الاستخبارات العسكرية. وقائدا لفصيلة استكشافية عند عبور نهر أوديرا، والاستيلاء على مدينة براندربورغ، نال عندها وسام "النجمة الذهبية". ونجمة ذهبية أخرى عند الاستيلاء على مدينة برلين. ولم يكن ليحصل على هذه الأوسمة لولا استحقاقه لها.

7 - مجاميد أُوزوييف (1917- 1941) - بطل روسيا الاتحادية
أحد المدافعين الأبطال عن قلعة بريست- الشيشاني مجاميد أُوزوييف. بدأت خدمة مجاميد العسكرية في روسيا البيضاء، في بريست، عام 1940، في فوج المشاة 333. وكان ذلك قُبيل الحرب. وبرتبة رقيب أصبح مجاميد مساعدا لآمر الفصيلة، ومدربا للمجندين الجدد. وفي مساء يوم 21/22 حزيران من عام1941م، انهالت على بريست القنابل وقصف المَدافع. وكان مجاميد داخل القلعة، عندما هاجمت الفرقة 45 للقوات النازية القلعة معززة بجميع أنواع الأسلحة. وفي ذات الوقت كانت جيوش ألمانيا الفاشية في الأيام الأولى من الحرب تقترب من مدينة كييف.
إن المدافعين عن القلعة قاوموا بشكل منقطع النظير رغم ضآلة عددهم وعدتهم، والظروف
التموينية السيئة. وكان من ضمن آخر المدافعين عن القلعة وأظهر مآثر خالدة، مجاميد أُوزوييف.
وحصل أوزوييف على لقب بطل روسيا في الفترة الأخيرة، نتيجة البحث والاستقصاء المضنيين للكاتب الشيشاني خالد أشاييف عن أبطال قلعة بريست.

8 - مَولْدِي عُماروف (1921- 1943 ) - بطل روسيا الاتحادية
شارك مَوْلْدي عُماروف في المعارك التي دارت في منطقة سْمولينْسْكْ. صدرت أوامر القيادة العليا، تقول: "ضرب القوات الفاشية وطردها من بلدة ماترينينو، والصمود فيها مهما كلّف الأمر، لحين وصول الإمدادات الرئيسة..". نَفَّذ الأمر في شهر كانون الثاني من عام 1943، قائد السرية، ملازم أول، مولدي عُماروف.. مضحيا بحياته ثمنا لذلك.
ونتيجة قيامه بمآثر قتالية بطولية، وشجاعته المتفانية، منح ملازم أول مولدي عماروف، بوسام "الراية الحمراء". ولم يُسَلّم الوسام لمستحقِّه. مضت سنين كثيرة وذوي مولدي عماروف يكتبون الرسائل للجهات المعنية، يتساءلون عن حقيقة ظروف مقتله، والمكان الذي دُفن فيه البطل، وعن مصير الأوسمة التي مُنحَت له.. وأخيرا تبين بأن قبره في مقبرة الأخوّة في بلدة ماترينينو في سمولينشينو. في عام 1996، وبقرار صادر عن رئيس روسيا الاتحادية، مُنح مولدي عُماروف لقب بطل روسيا

9- كَنْتي عبد الرحمانوف - بطل روسيا الاتحادية
انخرط كَنتي عبد الرحمانوف في صفوف الجيش الأحمر بشكل تطوعي. وعندما بدأت الحرب، كان يدرس في سلاح المدفعية. كان الفوج الذي خدم فيه كَنتي يرابط بقرب ستالينغراد. وفي عام 1942، أُرسل كنتي ليخدم في فرقة الحرس 51، التابعة لجيش الحرس السادس، وعُين آمرا لسلاح المدفعية. شارك كنتي في المعارك التي جرت في تالين، و ريغا، و بولوتْسْكْ، و فيتيبسْكْ، وفي نهاية الحرب (1945) كان في بولندا.
في شهر كانون أول عام 1943م، وبقرب بلدة كالينين، حددت شجاعة الرقيب كَتني عبد الرحمانوف مصير المعركة. لا أحد يدري بيد من بقي المرتفع الجبلي "بيزيمياني"، لو لم يدفع كَنتي عبد الرحمانوف مدفعيته في وطيس المعركة، وتحت وابل من الرصاص، وألقى بقذائفه معقل العدو الهتلري، وإصابته له إصابة مباشرة. وبسبب هذه المأثرة مُنِح كنتي "وسام المجد" من الدرجة الثالثة. وفي حزيران من عام 1944، وعند عبور الضفة اليسرى لنهر "زابودنايا دْفينا"، مُنِح كنتي ولمأثرة أخرى "وسام المجد" من الدرجة الثانية. أما نفس الوسام من الدرجة الأولى، فقد منحته له قيادة الفرقة في شهر شباط من عام 1945 إثر مشاركته البطولية في القضاء على مجموعات حربية ألمانية في منطقة لييبايا.
وللأسف الشديد فُقِدت الأوراق الرسمية، التي منح بموجبها ذلك الوسام. ورغم أن كنتي لم يصبح حاملا لكامل أوسامة المجد، إلا أنه أصبح حاملا للقب "بطل روسيا الاتحادية"، بموجب قرار صادر عن الرئيس الروسي عام 1996م.

10- الطبيبة تُوتاييفا آسيت (1905-1944) - بطلة الحرب الوطنية العظمى
دكتوراة في العلوم الطبية، تخصص في الأحياء الدقيقة من جامعة روستوف الحكومية. باحثة مشهورة في مرض التيفوس. تطوعت آىسيت (آسيا) للذهاب إلى جبهات القتال، وأصبحت طبيبة عسكرية. وأنقذت حيات الكثير من أفراد الجيش في مستشفيات مدينة فورونيج. عام 1943 حصلت على رتبة رائد في الخدمات الطبية. وكانت أول امرأة جبلية تحصل على رتبة عسكرية.
عام 1944م، وقعت الدكتورة توتاييفا مع مجموعة من الجنود والضباط في كمين للعدو الفاشي، وذلك خلال المعارك الطاحنة من أجل تحرير مدينة تيرنوبل الأوكرانية. صمدت توتاييفا في الأسر على التعذيب الوحشي من قبل الغزاة الفاشست. وعندما تأكد الفاشست من عدم جدوى استجواب آسيت توتاييفا، الفتاة الجبلية الباسلة ورفاقها المعتقلين الشجعان، قاموا بإعدامهم في مدينة كولودينو في منطقة فيشنيفيتسكي في 29 تشرين أول من عام 1944م.
إن اسم آسيت توتاييفا، والتي ضحت بحياتها من أجل الوطن، لَهُو مخلد على لوحة الشرف لأبطال الحرب الوطنية العظمى (1941-1945) في المعهد الطبي الأول في مدينة سانت بطرسبيرغ (لينينغراد).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* إن لائحة أبطال الشيشان طويلة، ولا مجال لسرد كافة الأسماء هنا، وهم بالعشرات، لا، وبل بالمئات. وكثير منهم لم يحصل على التكريم الذي استحقه في حالة التدقيق إن كان شيشانيا. واضطر الكثيرون لتغيير أسمائهم وهوياتهم إلى أسماء وهويات شعوب سوفييتية أخرى، من أجل أن يبقوا في ساحات المعارك حتى النصر على الفاشية السوداء.

* ومساهمة الشيشان والإنجوش الفعالة في هذه أو غيرها من الحروب، يتم دائما السكوت عنها، ويتم إبقاء مآثرهم ظلما وبهتانا في طي النسيان، علما بأن الشيشان ساهموا دائما ولا يزالوا بقسط كبير في الانتصار على الأعداء، سواء في المرحلة القيصرية، أو السوفييتية، أو المرحلة الحالية لروسيا الاتحادية.

* و الإعلام الرسمي الروسي الحالي، والنشاطات الثقافية سواء كان داخل روسيا أو في خارجها لا تتطرق إلى الشعوب الأخرى، والتي تشكل روسيا الاتحادية اليوم. ففي روسيا اليوم 8 مقاطعات، و83 منطقة، و172 لغة حية. إلا أن قناة التلفزيون الرئيسة لا تنقل ثقافة تلك الشعوب، ولا تعرض إنجازاتها ومساهماتها في تطور روسيا الاتحادية وترسيخ دعائمها، ولا حتى عن أولئك الذين ساهموا بالانتصار على ألمانيا النازية في الحرب الوطنية العظمى، ممثلي جميع شعوب الاتحاد السوفييتي.. وغير ذلك الكثير.

* واليوم بعد سنوات من الفراغ السياسي والاقتصادي دخلت جمهورية الشيشان في الفضاء القانوني لروسيا الاتحادية، وعادت إلى طريق النهضة والإبداع. وعاد أبناؤها إلى العمل والإنتاج في جميع الميادين. والشعب الشيشاني لا يريد بأن يعكر أي صراع على بلادهم بعد الآن صفو سماءها الزرقاء ومياه ينابيعها الصافية. ويتمنى بأن يعم السلام في بلاد الشيشان للأبد، وفي روسيا الاتحادية وفي العالم أجمع.

إن الأبطال الذين قاتلوا في الحرب وقدموا أرواحهم من أجل حياتنا وسعادتنا سنجلهم، وسيبقون في ذاكرتنا إلى الأبد.
********************************
* محاضرة للدكتور أمين شمس الدين داسي الشيشاني في المركز العلمي والثقافي الروسي/ عمان 26/1/2011



#أمين_شمس_الدين_الشيشاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوقاز وقانون مكافحة الإرهاب في روسيا


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أمين شمس الدين الشيشاني - أبطال الشيشان والإنجوش السوفييت في الحرب العالمية الثانية (1941-1945)