أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - المؤسسات المدنية هي نظام الحكم الحديث















المزيد.....

المؤسسات المدنية هي نظام الحكم الحديث


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3287 - 2011 / 2 / 24 - 10:41
المحور: المجتمع المدني
    


أنا لا أريد من زيد ولا من عبيد أن يحكموني, ولا أريد لا حاكما جائرا ولا صالحاً, أنا أريد بأن تحكمني مؤسسات مجتمع مدني تعترف بحقوقي وبواجباتي, فهذه المؤسسات تحقق ذاتي ونموي الطبيعي وتجعلني محل ثقة ولا تجعل مني محتجا أوداير بالشوارع أتظاهر هنا وهناك, فكل ذلك يحدث بسبب غياب الطبقة الوسطى ومؤسسات المجتمع المدنية, وهذا ما أدى برجل مختل عقليا مثل القذافي بأن يتفاجأ وهو يندد ويقول (شو هذا؟زمان كنا نحكي مع فلان وكان فلان يطلع يلم المحتجين من الشوارع) ولم يدر هذا المخبول بأن المؤسسة العشائرية قد انتهت ولم تعد تحقق الفائدة المرجوة بين الحاكم والمحكوم ولم تعد المؤسسة العشائرية تحمل طابع التواصل الاجتماعي.

غالبية الزعماء العرب اليوم سقطوا نهائيا نظرا لأن مؤسساتهم التي يعتمدون عليها سقطت نتيجة تبلورها وتفتتها في خضم التحولات في التراكيب الاجتماعية والأنساق الاجتماعية وتغير تلك الأنساق من أنساق قديمة إلى أنساق حديثة تعتمد على الروح الفردية ورغبتها في بناء المؤسسات المجتمعية الحديثة التي تنهض بالإنسان وصدقوني أأيام زمان كان القطع للأيدي وللرؤوس للمخالفين لسلطة القبيلة أو المسجد أي السلطة الدينية ولم يكن من المسموح به مخالفة الحاكم والقبيلة والمسجد أما اليوم فمن حق الجميع أن يعيش كيفما يشاء فللإنسان حقوقه وواجباته وقبل اعتقال أي شخص تقوم السلطات أو الحكومات الحديثة بتعريفه بحقوقه قبل بدأ محاكمته فمن حقه أن يدافع عن نفسه ومن حقه تشكيل المؤسسات والجمعيات والنهوض بها لكي تنهض به هي أيضاً ومن حقه ممارسة نشاطه السياسي والاجتماعي وتداول السلطة على تلك المؤسسات وأيام زمان كان يقف الشاعر أو الفنان بين يدي السلطان وكأنه يقف بين يد الديان الأعظم, وكان الشاعر يعتمد على فصاحته وبلاغته ومبالغاته في تصوير الشخصية التي يقف أمامها حتى تصدق تلك الشخصية نفسها بأنها خليفة ألله على الأرض أو خليفة المسيح , وكان الحاكم حين ينبسط من الأديب الشاعر ينظر إلى حاجبه بعين الرضا ليقول له ( أحسنت أيها الشاعر يا غلام:أعطه ألف درهم)ومن ثم ينادي على حاجبه ليقول له : اسمح له أن يأتينا في نهاية كل موسم حج , وإذا لم يعجب الحاكم بسلاطة لسان الشاعر كان الحاكم ينظر إلى السيّاف بعينه ويغمزه بأن اقطع رأسه ولسانه, طبعا هذه الصورة المقيتة لأنظمة الحكم القديمة قد انتهت مع مؤسستين من مؤسسات الحكم غير المدنيات اللائي كان الملوك العرب القُدامى يعتمدون عليهن وهاتان المؤسستان هما : المؤسسة الدينية التي تدعوا للحاكم بطوال العمر هو وذريته والمؤسسة العشائرية التي تدعو للحاكم أيضا بطول الصحة والعافية طبعا هذا النوع من الحكم القديم لا يوجد به لا مؤسسات ولا ما يحزنون ولا يوجد به إلا طبقة فوق وطبقة تحت نهائياً, و انتهى زمن الحاكم العادل الذي كانت تقول عنه العشيرة والقبيلة بأنه عادل جدا ونريده أن يبقى وأن يمد ألله بعمره وينادون بمصطلح (يا طويل العمر), طبعا الحاكم القديم انتهى ليس لأنه ظالم ولكن لأن أسلوب الحكم القديم الذي كان يحكم به هو نفسه قد سقط بدون أن يشعر الحاكم أو الملك بأن مؤسساته قد سقطت وهي المعروفة بإسم مؤسسة القبيلة ومؤسسة المسجد أو المؤسسة الدينية وذلك بفعل عوامل التجزئة الحديثة التي فككت القبيلة وفككت المسجد ولم تعد تلك المؤسسات تحكم بدليل أن مليون مئذنة في القاهرة لم يستطعن زحزحت مؤسسة الفيس بوك للتواصل الاجتماعي فهذه المؤسسة الحديثة هي التي تحكم , وكذلك باقي المؤسسات الاجتماعية فسلطة القبيلة في الأردن سقطت نهائيا وحتى يحمي الملك نفسه لا بد بأن يسمح بانتشار مؤسسات مجتمعية مدنية حديثة فهذه المؤسسات هي التي تحمي الحاكم وهي التي تحكم وصدقوني لو كان في العراق أيام صدام حسين مؤسسات حقوقية قوية وأحزاب سياسية ما كان من الممكن إعدامه لأن تلك المؤسسات ستدافع عنه وستكون مراكز القوى موزعة بإنصاف بين حزب البعث والسنة والشيعة فلا يستطيع أحد أن يستفرد بأحد , وكذلك نظام حسني مبارك لو كان في مصر مؤسسات مجتمع مدنية منتشرة هنا وهناك لَما اضطر الشباب للخروج وللتظاهر ,وفي حالة حدوث اعتداء على الملك أو رئيس الجمهورية أو في حالة المطالبة بإعدامه فإن المؤسسات يدافعن عنه باعتبار أنهن يدافعن عن حقوق الانسان, وحتى يتقي الحكام العرب شر الثورات عليهم فلا بد لهم بأن يسمحوا بانتشار كافة الألوان السياسية داخل المدن والعواصم العربية, فهذا ألقذافي سقط لأن اللون الأخضر يريد أن يبقى لوحده حاكما سواء أكان مستبدا أو عادلا فكما قلنا انتهى زمن الحاكم العادل وجاء زمن المؤسسات التي تحكم وترسم وتخطط, فمثلا أنا أحب السينما لذلك أذهب إلى نادي سينمائي والنادي هنا يكون عبارة عن مؤسسة مجتمع مدنية تلبي احتياجاتي لذلك نستطيع أن نقول بأن هذه المؤسسة مؤسسة حاكمة فلا أخرج في تظاهرة لأقول بأنني محروم ومكبوت ومضطهد, وأنت أيها القارئ تحب أن تشارك في سماع الشعر أو كتابته فتذهب إلى مؤسسة ثقافية تعني بموضوع الإبداع الفردي والجماعي العام منه والخاص فتمارس نشاطك وتثبت ذاتك ولا ترى الحاجة للخروج على الحاكم لذلك فأنت مواطن تنتمي إلى مؤسسة حاكم تحكم وترسم ضمن حدود وقوانين معترف بها عالميا, فالمؤسسات اليوم هي التي تحكم نظرا لاعتراف الحكومات بحقوق الانسان, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا أين هي تلك المؤسسات المجتمعية المدنية الحديثة ومن الذي يبنيها؟
إن الطبقة الوسطى هي التي تبني مؤسسات تحكمها وتحكم أيضا النخبة السياسية والاقتصادية وتحكم أيضا الطبقة الكادحة نهائيا ثقافيا واقتصاديا وهي الجدار الناري الذي يحفظ للسلطة سلطتها وهذه الطبقة الوسطى تتشكل من المثقفين الفنانين المبدعين دعاة الحرية والمتضامنين مع حقوق الانسان والمؤسسات التنموية المعنية باحتياجات الفرد والجماعة مثل الجمعيات الخيرية والأندية الثقافية والنقابات المهنية , وهذه الطبقة الوسطى لا تستطيع أن تمارس نشاطها داخل المجتمع وهي فقيرة ومعدمة نهائيا فلا بد وأن تكون (بين بين) لذلك الطبقة الوسطى التي تبني المؤسسات الحاكمة هي نفسها الطبقة الغير غنية والغير (غير) فقيرة, لأن الطبقة الفقيرة تبقى طوال عمرها تركض وتلهث خلف لقمة الخبز, وهذا ما حصل عند الحكام العرب حيث قاموا بتحويل الطبقة الوسطى إلى طبقة كادحة معطلة غير قادرة على بناء المؤسسات الاجتماعية وبهذا الحكام العرب يحكمون على أنفسهم بالموت لأنهم أعدموا وأنهوا الطبقة الوسطى وصدقوني الغالبية منهم يضحكون على أنفسهم ففي قريتي أستطيع أن أقول لكم بأنه يوجد أكثر من عشرين مؤسسة مجتمع مدنية على الحبر وعلى الورق فقط لاغير يعني موجودة بالكذب وعلى أرض الواقع غير موجودة نهائيا إلا مؤسسة واحدة أو اثنتين وغير فعالات إطلاقا وهذا ما أحذر منه وهذا هو الذي سيؤدي إلى سقوط النظام الأردني في القريب العاجل نظرا لأن كل الأردن هكذا, وغياب الطبقة الوسطى أدى إلى خراب قصورهم وسقوطهم الواحد تلوى الآخر, والحكام العرب كانوا يتعمدون إفقار الشعوب العربية لاعتقادهم بأنهم هكذا سيبقون هم الحكام والمسيطرون ولكن نتائج البحث والتحليل أثبتت بأن غياب الطبقة الوسطى أدى إلى غياب مؤسسات المجتمع المدنية التي لا يبنيها إلا مثقفون موسيقيون وحقوقيون وناشطون سياسيون وثقافيون, فإذا أراد الحكام العرب إنقاذ أنفسهم في الظرف الراهن فعليهم أن يسارعوا ببناء الطبقة الوسطى التي تبني المؤسسات .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاكم الفاسد
- رددوا ورائي: يسقط النظام الأردني
- هل الأردنيون خطا أحمر!!
- العمل الشريف
- مستقبل المواطنة في دول النسور العربية
- كنتُ وما زلتُ طفلاً
- الرجل الذي كان يقف خلف عمر سليمان
- مستقبل العلاقات الدولية
- أجاك الخلع يا تارك الديمقراطية
- من الذي يغير شكل العالم اليوم؟
- أناقة محمد أنور السادات
- فساد الملوك لا يحتاج إلى دليل
- نص كلمتي بمناسبة عيد ميلاد ولدي علي اليوم
- مأساة أللواء محمد نجيب,أول رئيس لجمهورية مصر العربية
- وسادتي
- ليس لدينا كرامة ندافع عنها
- من يستفيد من هذا الدرس؟
- المسحوق الأردني
- فشل المخابرات
- ارحلو نريد أن نرى وجه ألله


المزيد.....




- ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات ...
- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...
- الأمم المتحدة تدين اعتقال مراسل الجزيرة والاعتداء عليه في غز ...
- نادي الأسير يحذّر من عمليات تعذيب ممنهجة لقتل قيادات الحركة ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل 20 مسلحا واعتقال 200 آخرين خلال مداهم ...
- وفد إسرائيلي يصل الدوحة لبدء مباحثات تبادل الأسرى
- إسرائيل تمنع مفوض الأونروا من دخول غزة
- برنامج الأغذية العالمي: إذا لم ندخل شمال غزة سيموت آلاف الأط ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - المؤسسات المدنية هي نظام الحكم الحديث