أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد عادل زكى - مَن الذى يبنى إسرائيل الكبرى؟















المزيد.....



مَن الذى يبنى إسرائيل الكبرى؟


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 3278 - 2011 / 2 / 15 - 19:36
المحور: القضية الفلسطينية
    


مَن الذى يبنى إسرائيل الكبرى؟
الإقتصاد السياسى للمشروع الإستعمارى الإستيطانى الإسرائيلى
__________________________________
محمد عادل زكى
__________________________________________________

(1)
"الإقتصاد السياسى للمشروع الإستعمارى الإستيطانى". مفهوم ذلك أننى أعمَدُ إلى إستخدم الأدوات الفكرية التى يمدنى بها الجسم النظرى للإقتصاد السياسى كعِِلم إجتماعى، مُنجَز(1)فى سبيلى الباحث عن، وفى، كيفية أداء، وخصائص هيكل، تلك الظاهرة التى تَمثلت فى ذلك الكيان الإستعمارى الإستيطانى، المسمى"إسرائيل"، والذى زُُرع فى جسد العالم العربى، وصار بداخلِِه غدةًً سرطانية، لا تكف عن النمو المتسارع، والتوسع المنتظم.
الطرح المقدََم هنا إذاًً، ولإبتنائه على العِِلم، أو كما هكذا يُقدِم نفسه كفرضية منهجية لا تدعى، بالطبع، ملكيتها لناصية الحقيقة الإجتماعية، إنما يسعى، ضمن ما يسعى، إلى الإبتعاد قدر الإمكان عن حقل الأيديولوجية، والتى لا تُُمثِِل فى أحد معانيها وأكثرها شيوعاًً سوى نظاماًً للأفكار المرتبطة أكثر من إرتباطها بواقع الحياة اليومية، أى منقطعة عن الممارسة والتجربة المعاشة، وعادة ما تُُقدََم كضرورة عقلية لا مناص منها؛ بيد أنَ محركها الأساسى يَكمن فى الحاجة إلى تبرير أهداف مخططات معينة؛ إرضاءً لغايات المصلحة الذاتية، أو كما يراها لوكاتش"الأيديولوجية أسطورية مفهومية"(2).
فلذا تهدف مساهمتنا إلى تقديم أطروحة منهجية تتنائى قدر طاقتها عن الصوت العالى الفارغ، الدعائى غالباًً، الذى تتميز به بعض التيارات التقليدية العُُصََابية(3)وبعبارة أكثر دقة وتركيزاًً، تهدف المساهمة إلى تقديم أطروحة تخص ماهية تلك الظاهرة الإستعمارية الإستيطانية بتقديم طريقة للتفكير حين التعامل معها أو بشأنها؛ لا فرض فكراًً بعينه، أو أفكاراًً بذاتها؛ فإن الأهم، بتصورى، هو الطريق الذى يسلكه الذهن فى سبيله لإنتاج الفكرة، لا الفكرة فى ذاتها، والتى تأتى فى مرحلة تالية من جهة الأهمية، بعد طريقة إنتاجها. وسنسلك هنا الطريق الأصعب، ولكنه أكثر ثِِِماراًً، إذ سنبحث فى (المنظومة) التى تندمج فيها إسرائيل كمشروع (له نفقاته وله إيراداته) توسعى إستيطانى، من أجل إستكمال هذا المشروع، هذا ما سنسعى إليه من خلال الخطوات الفكرية التى نقترحها أدناه:
وعلى الرغم من أنَ الخطاب السائد، وقناعاته ولغته، المهيمنة على ذهنية جُُل الإتجاهات الفكرية فى العالم العربى إنما تَنظر إلى إسرائيل، ككيان إستيطانى توسعى؛ هدفه تحقيق وجوده السياسى من نهر النيل جنوباًً إلى نهر الفرات شمالاًً، وعلى الرغم، كذلك، من أنَ جُُل الدراسات والأبحاث، الجادة، التى تنشغِِل بذلك الكيان السرطانى فـى الجسـد العربى، إنما تَنطلِِق من مُُقدمات واحـدة تقريباًً ترتكز على الوعى بذلك الهدف، والمعزََز بتدعيم متواصل من قِِبل قوى الإمبريالية، فى رأى، أو من الصليبية العالمية، فى رأى آخر. على الرغم من ذلك؛ فعادة ما يُقدََم إقتصاد إسرائيل، كإقتصاد دولة، مسايرةًً للطرح الذى يتبناه رأس المال الدولى، وبالتبع تتبناه المؤسسات الدولية (البنك الدولى، صندوق النقد الدولى، منظمات الأمم المتحدة، . . . . إلخ)وهو الطرح الذى يتعامل مع إقتصاد ذلك الكيان التوسعى كإقتصاد دولة؛ وحينئذ يُُصار إلى الحديث، بشكل(نهائى/ثابت) عن ناتج قومى، ودخل قومى، وموازنة عامة، ومعدل نمو، وهيكل، ورصيد إستثمار، وخــط فقر. . . .إلخ. بما يعنى التجهيل المتعمَد بمحددات ومعالم ذلك الكـيان الإستعمارى الإستيطانى، ومن ثم التعامل الخاطىء معه على صعيدى الفكر والواقع معاًً، الأمر الذى، يقذف بنا فى متاهة التعامل مع ذلك المشروع على جميع الأصعدة؛ فلا نتمكن من التعرف على طبيعة أو/و حقيقة، ومن ثم توجهات، ذلك الكيان الذى ينخر فى الجسد العربى.
فعلى حين تجتهد الدراسات والأبحاث والأقلام العربية بوجه عام فى سبيلها لتحليل ذلك الكيان، فإن ذلك الكيان، نفسه، يأخذ فى التشكُُل على نحو مختلف تماماًً لما تصل إليه تلك الدراسات والأبحاث، ويرجع ذلك، فى التحليل النهائى، للتعامل مع ذلك الكيان على أساس من كون إقتصاده إقتصاد دولة، وهو الأمر المخالف لواقع إقتصاد ذلك الكيان، الذى لا يعدو أن يكون سوى (مشروعاًً) عازماًً على إستكمال خطة توسعه(فى سبيله لإنشاء الدولة الكبرى) تحت أى ظرف من الظروف، وبشتى الوسائل، وهى الأمور التى تتعامل معها، فى المقابل، الذهنية العربية بالمزيد من التباعد عن منهجية فهم صائبة تأخذ فى إعتبارها طبيعة ذلك الكيان التوسعية الإستعمارية الإستيطانية، وللأسف، المعلََنة!!
ولأن الطرح الذى(نقترحه)إنما يَصدر عن موقف رافض من تلك الرؤية الضبابية التى تنظر إلى(إقتصاد ذلك الكيان الإستعمارى الإستيطانى)كإقتصاد دولة،لأنه يََنظر لإقتصاد تلك الغدة السرطانية على أساس مِن كونه إقتصاد مشروع دولة، فيتعين، وفقاًً لذلك، أن يسير التحليل فى إتجاه مختلف تماماًً، ينشغل أساساًً بالبحث فى طبيعة ذلك "الإقتصاد" وأليات أدائه؟ فما طبيعة ذلك "الإقتصاد" وما هى أهدافه التنموية، وما هى أوجه إختلافها عن الخطط التنموية للبلدان الأخرى؟ وما هى الآليات التى يعمل من خلالها، حفاظاًً منه على السمة التوسعية فى الأرض العربية؟ وما هى القوانين الموضوعية الحاكمة لتطوره على الصعيد الإجتماعى؟ أعتقد فى أن الإجابة لن تكون ممكنة إلا بالتقدم خطوة إلى الأمام، واعية بأن التعامل مع إقتصاد ذلك الكيان السرطانى، كإقتصاد مشروع لا يكف عن النمو والتوسع؛ من أجل تحقيقه للهدف الأكبر. إسرائيل الكبرى. إنما يستلزم، بغية تحليل حاسم، تسليط الضوء المباشر الساطع على أهم بنود المشروع، وهى النفقات والإيرادات، وبصفة خاصة جانب النفقات(التى لا تنفصل عن التمويل)التى ترمى إلى تعزيز التوسع وتدعيم النمو، وفرض النفوذ السياسى والإستراتيجى على المزيد من الأراضى العربية؛ ولأجل ذلك فإنه يتعين علينا المضى خطوة أخرى أكثر تقدماًً هدفها البحث عن (المنظومة التى تحكم أليات نفقات المشروع وإيراداته) إبتداءًً من فهم بنائه عبر الزمن، بطرح الصراع العربى مع هذه الغدة السرطانية، وفهمه إبتداءًً من رؤية هيكلية ترتكز على الوعى بتاريخية الصراع وماديته، ومن ثم نفى كُُل محاولات أدلجته أو التنائى به بعيداًً عن أرض الواقع، أو تصوره آنياًً أو صدفوياًً.
لذلك( نقترح) أدناه طرحاًً منهجياًً يتركب من مجموعة خطوات فكرية تبدأ من العام 1492، وإن تلك الخطوات ولإنتمائها للإقتصاد السياسى(منهجاًً وموضوعاًً فى إندماجهما معاًً) ولأنها تهدف فى المقام الأول إلى فهم الصراع وإستيعابه على نحو ناقد بإستخدام الأدوات الفكرية التى يقدمها لنا الإقتصاد السياسى كعِِِلم إجتماعى، فإن الأمر إنما يستلزم الوعى بأننا نستخدم عِلماًً تبلور مع نمط الإنتاج الرأسمالى(بدقة: بلوره نمط الإنتاج الرأسمالى) ومن ثم وجبت التفرقة بين ما هو "تاريخ" وبين ما هو"تاريخى فى الإقتصاد السياسى". وعليه، يتعين الفهم الوعى بموضوع الإقتصاد السياسى كعِلم إجتماعى تبلور مع نمط الإنتاج الرأسمالى، ولكى ينشغل بالقيمة و(فائضها) و(إنتاجها) و(توزيعها) وتناقضاتها الداخلية. هذا العِلم هو الذى سنستخدمه، أدناه فى الطرح، للتعرف بالإضافة إلى (المظومة) التى تحكم أليات نفقات المشروع وإيراداته، التعرف على طبيعة هذا الإقتصاد، والقوانين الموضوعية الحاكمة لتطوره الجدلى على أرض العرب!!
ولأننا نتناول درس وفهم الظاهرة الإستعمارية الإستيطانية المسماة إسرائيل، من جهة عِلم الإقتصاد السياسى، والذى تبلور كعِِلم إجتماعى، كما ذكرنا، مع ظهور نمط الإنتاج الرأسمالى، فسوف نتجاوز الحديث (مع أهميته بلا شك فى مباحث عِِلم التاريخ) عن أرض كنعان، والخروج، والعبور، وجبل صهيون، ويهوذا بن يعقوب، وهيكل سليمان، وعرش داوُُد، ورب الجنود، والألواح، والأسفار، والوصايا، والشروح. . . . إلى آخر مباحث التاريخ القديم جداًً. ولنبدأ من العام 1492(لتساوقه مع إرهاصات الإقتصاد السياسى كعِِلم إجتماعى، ينشغل بالقيمة وفائضها، إنتاجاًً وتوزيعاًً، وتناقضاتها الداخلية)رصداًً لأهم الأحداث ذات الدلالة، من أجل تكوين الوعى الهيكلى بأبعاد الصراع(4) الجدلى الراهن على الأرض العربية، فى مرحلة أولى، وصولاًً إلى فهم الأداء، والمحتمَل، فى مرحلة ثانية.
(2)
1492. . . . . الطرد الجماعى لليهود من أسبانيا، بداية التطهير العرقى، ولم يَكن اليهود فقط هم المستهدفين بذلك التطهير العرقى، وإنما أصاب المسلمين، كذلك، ما أصابهم، إلا أن بُُغض اليهود ورغبة أوروبا، بوجه خاص، فى الخلاص منهم، إنما يجد ما يبرره . . . إذ يرجع إلى السلوك اليهودى ذاته، فما أحسنت إليهم أمة، إلا وأشعلوا نيران الفتنة بين أرجائها بشتى صنوف الدسائس، ومختلف طرائق الكيد والنكاية؛ وما أكرمهم شعب وسمح لهم بالإقامة على أرضه؛ إلا وأخذوا يسعون بين شِِعابه فساداًً وإفساداًً، فى سبيل إنهاكه وتحويله إلى شعب واهن مفكك!! وما فعلوه، من فتن، فى أوروبا وبلاط ملوكها وأمرائها غنى عن البيان؛ فمنذ قدم وهم يحيكون المكائد والفتن والإغتيالات؛ فما مِن أمة تُُحسِن إليهم وتأويهم، من شتاتهم، على أرضها؛ إلا وآخذوا، كما ذكرنا، يجتهدون فى إثارة الفتن والإضطرابات فى أرجائها، بل وتقديم المساعدة لأعدائها؛ وهو ما حدث، ليس فى التاريخ الحديث فحسب، وإنما كذلك حين غزو الهكسوس لمصر، إذ لم يتورع بنو إسرائيل، عن مساعدة أعدائها؛ الأمر الذى جعل الإنتقام منهم أمراًً مبرَراًً جداًًً، ومن هنا سيكون مفهوماًً: "فإستعبد المصريون بنى إسرائيل بعنف، ومرروا حياتهم بعبودية قاسية فى الطين واللبن وفى كل عمل فى الحقل. كل عملهم الذى عملوه بواسطتهم عنفاًً"(5)
الفترة من 1500 إلى 1800. . . . . تشهد تلك الفترة التكون التاريخى الكامل للإقتصاد الرأسمالى الدولى المعاصر، فى طريقه، كما سنرى، لتقسيم العالم إلى أجزاء متباينة التطور، من خلال عملية سلب منظمة لثروات قارتى أمريكا اللاتينية وأفريقيا وتحويلها إلى أهم القوى المتصارعة فى القارة الأوروبية، إيذاناًً بتولى أوروبا قيادة العالم فى تلك الفترة الزمنية، قبل إنتقال مقاليدها إلى الوريث التاريخى، الولايات المتحدة الأمريكية. ونحيل القارىء، لضيق المقام ولعدم تجاوز الحدود النظرية فى المقال، بشأن وقائع تلك المرحلة التاريخية إلى العمل الخلاق الذى شارك، وأشرف على إعداده الدكتورعبد الوهاب المسيرى،رحمات الله عليه،"اليهود واليهودية والصهيونية"(6) تحديداًً: الجزء الأول: تواريخ الجماعات اليهودية فى العالم القديم، والجزء الثانى: تواريخ الجماعات اليهودية فى العالم الإسلامى، والجزء الثالث: تواريخ الجماعات اليهودية فى بلدان العالم الغربى، من المجلد الرابع.
1838 . . . . . يُُرسِِل"الرأسمالى"اليهودى البريطانى روتشيلد، موسى حايين، إلى فلسطين ليطلب من مُُحمد على(والى مصر) والذى كان يََحكم فلسطين حينئذ، أن يمنحه أرضاًً بإيجار لمدة 100 أو 150 عاماًً لإنشاء مستعمرة زراعية (لليهود المضطهدين)ويرفض مُحمد على، وتجرى محاولات أخرى مع الولاة الأتراك، وتُُرفََض، إلى أن يتم فى عام 1855، بعد موت مُُحمد على، شراء أول ضيعة بجوار "يافا" لإنشاء مستعمرة يهودية تسمى الآن "تكفا".
1840 . . . . . يُُرسل بالمرستون، رئيس وزراء بريطانيا إلى سفيره فى الأستانة مذكرة جاء فيها: "يقوم بين اليهود والمبعوثين الآن فى كل أوروبا شعور قوى بأن الوقت الذى ستعود فيه أمتهم إلى فلسطين يأخذ فى الإقتراب، ومن المعروف جيداًً أن يهود أوروبا يمتلكون ثروات كبيرة . . . ومِن الواضح أن أى قطر يختار أعداداًًً كبيرة من اليهود أن يستوطنوه سيحصل على فوائد كبيرة من الثروات التى سيجلبها معهم هؤلاء اليهود . . . فإذا عاد الشعب اليهودى تحت حماية ومباركة السلطان فسيكون فى هذا حائلاًً بين محمد على، ومََن يَخلفه، وبين تحقيق خطته الشريرة فى المستقبل"(7). ثمة تراكم رأسمالى إذاًً على أرض فلسطين، تم إستخدامه، فيما بعد، فى حركة تصنيع هائلة، جعلت من إسرائيل، كما سنرى، أحد الأجزاء المتقدمة من العالم الرأسمالى المعاصر، يتعين هنا الوعى بأن الطرح الرأسمالى الأوروبى(بونابرت، بالمرستون، وغيرهما. . . . . )لإنشاء الكيان الإستيطانى اليهودى أسبق من دعوى الصهيونية نفسها.
1871 . . . . . بداية إضطهاد (اليهود الروس) خلال حقبتى السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر، فى مدينة أوديسا، ثم تكرار الإضطهاد إبتداءًً من عام 1881 أثر إغتيال القيصر الكسندر الثانى،وإتهام اليهود(منظمة عشاق صهيون)بالتورط فى الإغتيال؛شملت الإبادة160مدينة وقرية روسية.
1882. . . . . تتمكن حركة التهجير اليهودية (البيلوا) من إيصال نحو 20 يهودياًً إلى فلسطين، وتم إعتبارهم (رواد) الهجرة اليهودية!! وقاموا بدورهم بالعمل على تحويل عدة قرى عربية صغيرة نائية إلى مستعمرات.
1896. . . . . صدور كتاب هرتزل، وكان حينئذ عدد اليهود فى فلسطين لا يتجاوز 12 ألف شخص، يتمركزون فى: طبريا، وصفد، والخليل، والقدس. وكان معظمهم: رجال دين، وصغار تجار وحرفيين، وصياغ، وساعاتية، وإسكافية، وأصحاب مدابغ جلود.
1901 . . . . . تأسيس الصندوق القومى اليهودى"كيرن كايمت" بهدف أساسى هو: شراء أراضى فلسطين؛ لتوطين الشعب اليهودى.
1915 . . . . . مراسلات الحسين/مكماهون، وإتفاقية سايكس/بيكو، السرية بين بريطانيا وفرنسا لتقسيم الإجزاء المحتلة من الدولة العثمانية، ووضع فلسطين تحت الإنتداب البريطانى.
1917 . . . . . إعلان بلفور، والذى ترتب عليه تأسيس تل أبيب، وإنشاء 50 مستوطنة زراعية إجمالية مجموعها 60 ألف هكتار(مع عدم تجاوز ملكيتهم آنذاك 2% من مجموع مساحة فلسطين. لا نملك الآن إلا 10% من الأراضى التى كانت مملوكة لنا قبل 1948)
1947 . . . . . القرار رقم (181) بتقسيم فلسطين. وعلى الرغم من كون هذا القرار قد جاء مجحفاًً تماماًً، وقد أعطى لليهود 56% من الأراضى الفلسطينية، وكانوا لا يملكون أكثر من 7%، إلا أن الأنظمة العربية المرتبكة إرتكبت الخطأ حينما رفضت القبول ولو شكلاًً لهذا القرار. والجدول أدناه(8) يوضح مساحة الأراضى التى حازها اليهود، وكيفية تلك الحيازة، حتى عام 1947، أى قبل قرار التقسيم، ويتضح أن إجمالى تلك الحيازة تبلغ 6,66% من إجمالى المساحة الإجمالية.
مساحة الأراضى بالدونم نسبتها المئوية للمساحة الإجمالية كيفية حيازتها
420.00 1.55% فترة الحكم العثماني وبداية الحكم العسكري البريطاني.
175.000 0.64% أجرتها حكومة فلسطين لليهود.
325.000 1.20% منحتها الحكومة للوكالة اليهودية.
625.000 2.31% بيعت من كبار ملاك غائبين غير فلسطينيين.
261.400 0.96% بيعت من كبار ملاك فلسطينيين.
1948 . . . . . إعلان قيام دولة إسرائيل، والذى تلاه مجموعة من التشريعات المبيحة لوضع اليد على الأراضى، كما صدر فيما بعد، عام 1950، قانون ملكية الغائبين (قُُدرت قيمة الملكيات المغتصبة عام 1950 بنحو 5 مليار دولار) ولكى ينعقد، ولأول مرة فى القدس، المؤتمر الثالث والعشرون للحركة الصهيونية العالمية.
ما بعد 1948 . . . . . إغتصاب فلسطين، وتعميق الوجود الإسرائيلى، مروراًً بمرحلة الإحتفاظ بالأجزاء المغتصََبة المعزز بإنهاك الوجود العربى، وإنتهاءًً بمرحلة التوسع، أمام إستسلام عربى(مُُفعم بدعاوى التخوين والعمالة)وهو ما قد يتحقق بنوع أو آخر من"التسوية" عبر مراوغات تسمى مفاوضات، ولا تصب إلا فى الصالح الإسرائيلى، تضمن لها السيطرة الإقتصادية (والسياسية) على المنطقة، أو بالقضاء على الوجود العربى ذاته. ولا شك أن هذا الإستسلام العربى ظاهرة تستحق الرصد والبحث والتفسير، ولكن يخرج ذلك عن نطاق أطروحتنا.
(3)
ويمكننا، إستكمالاًً للصورة، رؤية الوضع عشية قيام (مشروع دولة) إسرائيل، على أرض فلسطين، وإنما بغرض التعرف على الإتجاه العام للكيفية التى يعمل من خلالها ذلك المشروع الإستعمارى الإستيطانى، على الأراضى العربية، وعلى وجه التحديد: التعرف على "الأوليات التى كونت الكيان/المشروع" فى الفترة ما قبل إعلان القيام الرسمى، أى فى الفترة من 1917، تاريخ إعلان بلفور، حتى 1948، تاريخ إعلان (مشروع دولة) إسرائيل على الأرض العربية، وذلك على النحو التالى:
- إزدياد منتظم فى عدد اليهود، رأس مال بشرى، بلغ (31,5%) فى عام 1948، بعد أن كان (7,2%) فى عام 1918، فى المقابل إنخفاض منتظم فى عدد السكان العرب، بلغ (68,5%) فى عام 1948، بعد أن كان (92,8%) فى عام 1918، والجدول(9) أدناه يوضح ذلك.
السنة إجمالى عدد السكان العرب النسبة المئوية اليهود النسبة المئوية
1918 694.000 644.000 92.8% 50.000 7.2%
1925 847.238 725.513 85.6% 121.725 14.4%
1929 690.043 803.562 83.7% 156.481 16.3%
1933 1.140.941 905.974 79.4% 234.967 20.6%
1936 1.366.692 982.614 71.9% 384.078 28.1%
1939 1.501.698 1.056.241 70.3% 445.457 29.7%
1942 1.620.005 1.135.597 70.1% 484.408 29.9%
1946 1.936.000 1.328.000 68.6% 608000 31.4%
1948 مايو 2.065.000 1.415.000 68.5% 650.000 31.5%
- إزدياد متواصل فى عدد المستعمرات، من عام 1920، حتى عام 1948كى تبلغ (268) مستعمرة، والجدول أدناه(10)يوضح تطور عدد تلك المستعمرات وإتجاه هذا التطور، وميله نحو الإزدياد، وذلك لسنوات مختارة:
السنة عدد المستعمرات
1920 3
1922 9
1924 4
1926 11
1928 1
1930 5
1932 16
1934 7
1936 7
1938 18
1940 7
1942 6
1944 4
1946 21
1948 3
- لم يأت عام 1945، إلا ويكون لذلك المشروع الإستعمارى الإستيطانى مساحة من الأرض العربية، يحوزها، تبلغ فى معظم المناطق نصف ما يحوزه العرب، إن لم تصل إلى ما هو أكبر من النصف فى مناطق أخرى، بل وحيازة مساحات أكبر من أملاك الحكومة نفسها، والجدول أدناه(11) يوضح
المنطقة المساحة بالدونم ما يملكه العرب ما يملكه اليهود أملاك الحكومة آخرى

عكا 799.663 695.694 24.997 77.491 1.481
بيسان 367.087 159.813 124.755 82.336 184
الناصرة 497.533 258.616 137.382 97.106 ------
صفد 696.131 474.973 121.488 99.663 7
طبريا 440.969 226.441 167.406 42.037 5.085
حيفا 1.031.755 434.666 364.276 208.047 24.766
يافا 335.366 158.313 129.439 30.597 161.917
الرملة 870.192 670.392 132.159 66.201 11.640
جنين 848.991 705.742 4.251 128.925 73
نابلس 1.591.718 1.373.466 15 188.546 19.691
طولكرم 831.583 646.869 141.361 43.338 15
رام الله 686.564 681.996 146 3.933 489
القدس 558.647 459.921 29.527 27.039 42.160
أريحا 341.623 216.128 - 119.945 4.550
بيت لحم 653.157 632.154 3.819 8.129 9.055
الخليل 2.176.786 2.085.034 6.132 84.465 1.154
غزة 1.111.501 830.314 49.260 231.578 341
بئر السبع 12.577.000 1.936.375 65.231 575.380 510
(4)
إن الوعى بذلك الطرح التاريخى(بداخل الإقتصاد السياسى) إنما يتعين أن يتضافر مع مجموعة من الأفكار المنهجية والتى لا يمكن فهم إقتصاد ذلك المشروع السرطانى بدونها، ونجملها فيما يلى:
أولاًً: بروز المشروع الإستعمارى الإستيطانى تاريخياًً فى مرحلة عدوانية رأس المال، كظاهرة تاريخية، على العالم العربى:(12) الحملة الفرنسية على مصر والشام (1798)الحملة البريطانية على مصر(1807)إحتلال فرنسا للجزائر(1830)إحتلال بريطانيا لعدن(1839)إحتلال فرنسا لتونس (1881)إحتلال بريطانيا لمصر(1882)السيطرة البريطانية على السودان(1889)ثم على عُُمان(1891) ثم السيطرة الفرنسية الأسبانية على المغرب(1912)السيطرة الإيطالية على ليبيا(1912)سيطرة بريطانيا على فلسطين تحت الإنتداب(1918)ثم على العراق(1920)السيطرة الفرنسية على سوريا ولبنان تحت الإنتداب(1920)وإن تكوين الوعى بظهور المشروع الإستعمارى الإستيطانى فى نفس المرحلة التى شهدت تغلغل رأس المال الدولى، الممتطى لقوة السلاح، إلى كل خلية من خلايا العالم العربى من شرقه إلى غربه؛ إنما يقتضى التعرف على:
ثانياًً: الكيفية التى تبلور من خلالها نمط الإنتاج الرأسمالى، فى رحم نمط الإنتاج الإقطاعى، وهو فـى طريقه للهيمنة على مُُجمل علاقات وقوى الإنتاج فى العالم المعاصر. الأمر الذى يستلزم الوعى بأهم الخصائص التى ميزت فجر ميلاد هذا النظام الجديد، ويمكن إجمالها فى:
1/ نهب ثروات أمريكا اللاتينية، بعد أن قسم البابا، عام 1494، الكرة الأرضية من القطب إلى القطب، إلى نصفين بين التاج الأسبانى والتاج البرتغالى.
2/إستعباد البشر؛ بإسترقاق الأمم والشعوب فى أفريقيا. ففى الفترة من 1550 حتى 1850، تم قنص نحو 8 مليون إنسان (عبد) من إفريقيا وشحنهم على السفن الأوروبية إلى البرازيل وغرب الإنديز، وأجزاء مختلفة من القارة اللاتينية؛ بعد أن قضى الإستعمار على السكان الأصليين.
3/إبادة الأمم وطمس الحضارات والفنون والديانات، ومحوها من على خريطة العالم.
4/شطر العالم، فى مرحلة أولى، إلى شطرين، شطر مستعمََر، وآخر مستعمِِر. وإلى شطر تابع، وآخر متبوع، فى مرحلة تالية، وإلى أجزاء متقدمة وأجزاء متخلفة فى مرحلة ثالثة ، وهى الفترة المعاصرة.
5/إنتقال الثروات التى نهبتها أوروبا، من مستعمراتها فى أفريقيا وأمريكا اللاتينية، إلى الولايات المتحدة عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية. والتى خرج منها الإقتصاد الأوروبى حطاماًً، ولكى يبسط الإقتصاد الأمريكى، كوريث تاريخى، هيمنته، قائداًً العالم بأسره من خلال عملته التى حلت محل العملة القديمة، بتبدل السيادة والهيمنة من الإسترلينى إلى الدولار.
6/لم يكن العالم العربى معزولاًً، كما تفترض النظرية الرسمية، عن مجريات الأمور، بل كان شاهداًً بفاعلية على مرحلة إنسحاب رأس المال التجارى من الساحة، تاركها بأكملها لرأس المال الصناعى، الذى أفرز فيما بعد رأس المال المالى. ولذلك يكون من المهم الوعى بأن الصراع مع ذلك المشروع الإستعمارى الإستيطانى إنما يقع تحليله مباشرة فى حقل الفهم الناقد لماهية رأس المال، ودوره كعلاقة إجتماعية، وكظاهرة تاريخية، فى صياغة وإعادة صياغة علاقات الصراع وأبعاده. وبالبناء على ذلك:
7/ يتعين تكوين صورة واضحة عن الدور الذى لعبه اليهود فى المجتمعات التى إنخرطوا بداخلها، عبر تطور مراحل رأس المال، من رأس المال التجارى، إلى رأس المال الصناعى، ثم إلى رأس المال المالى، وبسطهم هيمنتهم على رأس المال فى جميع مراحله التاريخية. إبتداءًً من شيلوك(13)،وإنتهاءًً، بمردوخ، وأديداس، . . . . ومروراًً بالسيطرة على أسعار الذهب والعملات الدولية، والتى تحدد فى نشرتين يوميتين، منذ عام 1919، من قِِبل أربعة من تجار الذهب ، صارت مؤسسات عملاقة: روتشيلد، مونتاجو، شارب ويبكلى، جونسون. إضافة إلى هيمنة تامة على الإتحاد العالمى لمنتجى الماس. مهم جداًً هنا، الإشارة إلى السبب الذى جعل اليهود فى وضع مهيمن على رأس المال على هذا النحو، وبخلاف ما يُقال بأن لجؤ اليهود إلى عمليات الإقراض الربوية إنما يرجع لضيق فرص العيش والعمل أمامهم، فإن إستيعاب اليهود التام للقانون الموضوعى الحاكم لحركة التطور الإجتماعى على صعيديه: الإقتصادى والسياسى. فإبتداءًً من وعى ناضج بهذا القانون ومفرداته ومفرزاته تمكن اليهود من (إمتطائه، وبنجاح) فى سبيلهم لإنجاز مشروعهم الإستعمارى الإستيطانى على الأرض العربية، والذى بلغ مبلغاًً عظيماًً، ويكفى أن نجول ببصرنا فيما يجرى خلف الجدار، وهو ما نراه فى الجدول التالى(14)، والذى يوضح مقادير الإستقرار، وسير الحياة بشكل طبيعى جداًً (وستكون تلك الملاحظة مهمة حين إنتقالنا لتحليل رأس المال البشرى) بل ويعكس مدى الرفاهية والتطور على عدة أصعدة: تعليمى، رياضى، ترفيه، إحتفالات، صناعة، ثقافة. . . . ولقد تكلفت تلك المستوطنات نحو 17,5 مليار دولار، فإذ ما علمنا أن من يجنى الثمار هم سكان المشروع الإستعمارى. فمن الذى يتحمل تلك المبالغ التى تظهر فى خانة نفقات المشروع، والتى لا يمكن فصلها عن فكرة التمويل؟ هذا هو سؤالنا الرئيسى فى الطرح، وسنعود إليه لاحقاًً.
مستوطنات الضفة الغربية البيان
المساحة 12 مليون متر مربع
التكلفة 17,5 مليار دولار
عدد البيوت والوحدات 55708 وحدة
عدد المؤسسات 868 مؤسسة
عدد الكنائس 271 كنيسة
عدد مغاطس التطهر 96 مغطس
عدد المنشأت الرياضية 321 منشأة
عدد رياض الأطفال 344 روضة
عدد المدارس 211 مدرسة
عدد المدارس الدينية اليهودية 68 مدرسة دينية يهودية (يشفاة)
عدد المكتبات العامة 21 مكتبة
عدد محطات الوقود 21 محطة
عدد المراكز التجارية 187 مركز
عدد المبانى الصناعية 717 مبنى
عدد قاعات الأفراح 15 قاعة
8/ يصبح من الضرورى فتح مجموعة من الملفات المغلقة على العديد من الإشكاليات المطروحة أصلاًً بشكل خاطىء، وربما يكون من أهم الملفات المتعين فتحها، فى هذا السياق، وإجراء معالجة صريحة لمفرداتها هو ذلك الملف المغلق على علاقة القومية العربية بذلك المشروع الإستعمارى الإستيطانى. فهذا الملف بالتحديد، وهو من أهم وأخطر الملفات، تم غلقه، دون مبرر، على مجموعة إشكاليات تم التعامى عنها تماماًً، وتجاوزها إلى ما بعدها، وكأنها مسلمات، ولم يكن تجاوز ما يجب إثباته(الصراع الجدلى ما بين القومية العربية، وبين المشروع الإستعمارى الإستيطانى) إلى ما هو ثابت أصلاًً(الكيان المقيم غصباًً على الأرض العربية،) كى يتم دون هيمنة الأيديولوجية، ولكوننا نرفض تلك الهيمنة فى طرحنا، نحاول فهم العناصر الجوهرية التى تم التعامى عنها، وفقاًً لما يلى:
- إسرائيل كيان قائم ومدعم فعلاًً من خارجه، بغض النظر(فى التحليل الأولى) عن كنه القوى الداعمة. ومن ثم:
- يكون "ميثولوجياًً" الحديث عن إلقاء هذا الكيان فى البحر، والنهاية الكارثية للعالم، تحديداًً العالم العربى. ويكون دورنا (قبل أن تتكلم الأشجار والأحجار(15)) الكفاح المستمر من أجل قضايا محددة: منها وحدتنا العربية، والخروج من حالة القمع والقهر الذى تفرضه الطبقات الحاكمة، ومنها كذلك، بالحتم، إيقاف التوسع الإستعمارى الإستيطانى، إفشالاًً منا مستمراًً لذلك المشروع الهادف إلى تكوين دولة إستعمارية من النيل إلى الفرات.
- لن يتم حسم الوحدة العربية إلا من خلال الجماهير، ولكن:
- الجماهير يطحنها الصراع الطبقى من جهة، وسيطرة النُُخب على الحكم من جهة أخرى، ولا يمكن:
- فرض نفوذ الجماهير العربية، وإملاء الشروط على الكيان المقيم غصباًً فى أرض العرب، إلا من خلال "وحدة عربية"، ولا يمكن:
- الحديث عن وحدة عربية دون الحديث عن القضاء على سيطرة النُخب على الحكم. وإنما إبتداءًً من إستعادة الأغلبية الكاسحة من الشعوب العربية للسلطة (لا إعادة إنتاج للسلطة كما حدث فى تونس، ويجرى تهيئته الآن فى مصر، فى سياق أحداث 25 يناير) ومن ثم:
- يصير ممكناًً إجهاض المشروع الإستعمارى الإستيطانى، بالقضاء على هيمنة رأس المال فى صراعه مع السلطة(16) فى العالم العربى. يترتب على ذلك:
- رفض التصورات غير الواعية بمحتوى جملة مفردات تم تسويقها كذلك، كالمواجهة، والمجابهة، والتصدى، إلى آخر تلك الكلمات، إذ أن تلك الكلمات وأشباهها إنما توحى بثلاثة أمور: أولاًً: أن هناك خطر. ثانياًً: هذا الخطر يشكله عدو محدد سلفاًً. ثالثاًً: أن الهدف هو إيجاد وسيلة لإزالة هذا الخطر والقضاء على هذا العدو. والمسألة على هذا النحو(تبعاًً للنبرة السائدة، ولغة الخطاب المهيمنة) تبدو بسيطة وسهلة؛ فالخطر يكمن فى تهديد الكيان العربى، والعدو هو ذلك الكيان المقيم غصباًً على أرض فلسطين والوسيلة هى المقاطعة الإقتصادية أو الحرب والجهاد!! ولكن هل مِِن الممكن أن نسعى كى نجيب على سؤال أولى هو: مََن العدو؟ إسرائيل(ككيان سياسى؟) أم اليهود (بيهوديتهم، التراثية، كغطاء دينى لجسم سياسى؟) أم الصهيونية (كأيديولوجية وتوجه حركى؟) أم نظام إقتصادى مهيمن عالمياًً قادر على خلق وتشكيل القوى والوعى والأفكار، ومتمكن من صياغة التوجهات السياسية والعقائدية؟ إن الإجابة على هذا السؤال، بالتحديد، مهمة لأنها تُعيد طرح الصراع وتساعدنا على تحديد صحيح لتوجهنا وساحة كفاحنا. إن الأمر بتصورى إنما يرتبط بمدى قدرتنا على معرفة العدو الحقيقى، فالصهيونية، وكذلك إسرائيل، وحتى اليهودية التراثية، ليست فى حد ذاتها العدو الذى يجب التصدى له، كما يتم تصدير ذلك أيديولوجياًً، إنما قانون الحركة الذى تمتطيه الصهيونية، أو حتى إسرائيل الدولة والمشروع) بنضج شديد ووعى أشد، إنما هو العدو، فحذروه. هذا القانون هو القانون الموضوعى العام للرأسمالية. ومن ثم تصبح ساحة الكفاح غير تلك الساحة التى تسعى الأيديولوجية لجرنا إليها، وبعد أن أسبغت القداسة المزيفة على تلك القوانين وحاولت تمريرها، وفلحت إلى حد بعيد، فى صورة أزلية أبدية، لا يمكن تعديلها أو إلغائها. ساحة الكفاح إذاًً يجب أن تصبح شاهدة على كفاح من نوع آخر أكثر وعياًً، انه الكفاح ضد القانون الحاكم للرأسمالية كنظام عالمى مهيمن، نجح المشروع الإستعمارى الإستيطانى التوسعى(إسرائيل) فى درسه وفهمه وإستخدامه، ولم يزل العرب يبحثون فى أسباب القضاء على إسرائيل، بالبحث فى غزوة خيبر!!!
ثالثاًً:ألية دمج الإقتصاديات المستعمََرة(ومن ثم العالم العربى) فى الإقتصاد الرأسمالى الدولى المعاصر، مما يعنى، ضمن ما يعنى، تهيئة إقتصاديات العالم العربى للإنخراط(من خلال هيمنة رأس المال كظاهرة تاريخية) فى علاقات إقتصادية ومالية بينية مع الكيان السرطانى هدفها الأساسى إستكمال مراحل المشروع فى طريقه إلى بناء الدولة، ولنا عودة إلى تلك الفكرة، فى الختام.
رابعاًً: التحديد الدقيق لأطراف الصراع.
1/ الأنظمة العربية، المتواطئة والمرتبكة، والخائفة من تحركات داخلية للقوى الوطنية، أو فقد الثقة من قِِبل قوى التدعيم الخارجية (بما يحوى ذلك من تخل عنها فى صراعها مع القوى الوطنية فى الداخل) بما قد يعنى التبنى لنظام بديل، فى مصر الآن أصبح (الإخوان المسلمون)أحد العناصر المتفاوضة بشكل مُُعلن مع النظام بشأن السلطة!!
2/ القواعد الشعبية، المفكََكََة، وربما المتناحرة، والواقعة تحت قهر إجتماعى وسياسى يومى. والمفتقرة(لا المفتقدة)لعناصرالثورة(القضية،والقائد،والهدف)التى تجعل المشروع الحضارى للمستقبل الأمن مُُحتَمل التحقق.
3/ المنظمات الدولية، التى يستعين بها رأس المال، والصهيونى بطبيعة الحال، إستقداماًً و/أو إستبعاداًً، فى سبيل تحقيق شرعيته الدولية. أو خلق بؤر التوتر، دون حل، فى أجزاء، فى العالم، معينة بدقة.
4/ قوى رأس المال الدولى، المعتََصِِر للقيمة الزائدة (المختلطة بالربح)على الصعيد العالمى، والمُُعيد ضخه فى مسام ذاتية؛ كى يتمكن، بالتبع، من تدعيم هيمنته على قوى القرار السياسى على الصعيد الدولى.
5/الدولة الصهيونية، الجناح اليمينى المتطرف من القومية البورجوازية اليهودية، الوثيق الصلة برأس المال الإحتكارى للدول الإمبريالية الكبرى، وهى التى تتبنى المشروع التوسعى الإستعمارى الإستيطانى.
(3- 4)
الآن، وقد وقفنا على موجز لأهم العناصر الفكرية التى يرتكز عليها طرحنا المقترح، الأمر الذى يجعلنا نتقدم خطوة فى سبيل درس أكثر تقدماًً بدرس (المنظومة التى تحكم أليات نفقات المشروع وإيراداته) ولكن، وقبل الإنتقال إلى ذلك، فإنه يتعين علينا إلقاء النظرة (الآنية) على إقتصاد ذلك المشروع، وإنما نظرة مقارنة، تأخذ فى إعتبارها، وبوضوح، مرحلية ذلك المشروع، والتى تتضح تماماًً فى بياناته الهيكلية والآدائية.
ففى ضوء الجدول(17)المقارن أدناه بين إقتصاد المشروع الإستعمارى الإستيطانى"إسرائيل"وبين الإقتصاد المصرى، يمكننا قراءة مجموعة من الأفكار التى ربما تُُحدد معالم هذا المشروع المرحلى الإستعمارى الإستيطانى، المسمى"إسرائيل" وإنما بهدف التعرف على (المنظومة التى تحكم أليات نفقات المشروع وإيراداته) وإن أول ما يتعين تدبره، برؤية مقارنة، إنما يتعلق بذلك التفاوت الضخم بين عدد السكان وبين حجم الدين الخارجى، فعلى حين بلغت ديون مصر نحو 32 مليار دولار تقريباًً، وقُُدر عدد سكانها بنحو 81 مليون نسمة تقريباًً، يظهر إقتصاد إسرائيل مدين بنحو 90 مليار دولار تقريباًً، وعدد سكان قـدره 8 مليون نسمة تقريباًً، إن هذا التفاوت إنما يبدأ تفسيره الصحيح إبتداءًً من مجالات إنفاق مبالغ الدين، والتى تتركز موضوعياًً فى بناء موسع للمستعمرات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فيجب ألا يغيب عن الذهن صورية الدين نفسه، والذى معظمه سندات حكومية مضمونة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والعلاقة ما بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل أظهر من أن توضح، ولسوف تظهر الأرقام مدى إعتبار السوق الأمريكى أكبر سوق لتصريف المنتج الإسرائيلى. من جهة أخرى.
وإن الأرقام تدفعنا نحو الحذر، إن أردنا حقاًً، كشعوب عربية، إجهاض المشروع، من تحول الإهتمام الإسرائيلى من رأس المال، المعروف بمعناه العام، إلى رأس المال البشرى، وهو الأمر الذى يسعى الكيان الإستعمارى الإستيطانى لتهيئته فى سبيل إستقدام رأس المال البشرى، إذ يظهر الإقتصاد داخلياًً، كإقتصاد رأسمالى متقدم، خدمى فى المقام الأول، يرتفع فيه نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى إلى أرقام تبلغ أضعاف ما يكون للفرد فى جُل دول العالم العربى، وتظهر بوجه خاص تلك الحقيقة مقارنة بمصر(18)، فالأرقام توضح أن نصيب الفرد فى إسرائيل يبلغ ما يقارب أربعة أضعاف نصيب الفرد فى مصر، أضف إلى ذلك إنتاج عِِلمى وثقافى يفوق إنتاج العالم العربى بأكمله، ومصر على وجه الخصوص، فعلى حين يُنتِج علماء إسرائيل ما يقترب من7 آلاف بحثاًً علمياًً، يُُنتََج فى مصر نحو 1,658 بحثاًً فقط، وإن ذلك إنما يرجع بشكل مباشر إلى كبر حجم النفقات التى تمثل نسبة نفقات التعليم من الناتج المحلى الإجمالى، فعلى حين تبلغ نحو 6,4% فى إسرائيل(7 مليون نسمة كما ذكرنا) تبلغ فى مصر 3,8% (ذكرنا أن عدد سكان مصر يبلغ نحو 80 مليون نسمة)







البند (لعام 2010) ما لم يشر لغيره إسرائيل مصر
عدد السكان (بالمليون) 7,353985 80,471869 (7/2010)
معدل النمو السكانى (%) 1,628 1,997
السكان تحت خط الفقر (%) من السكان (7,30 دولار / اليوم) 23,6 20
مُُعدل البطالة (%) من القادرين على العمل 7,6 8,7

نفقات التعليم (%) من الناتج المحلى الإجمالى


6,4
عدد المقالات العلمية/ سنة عدد العلماء
6,309 ---
3,8
عدد المقالات العلمية/ سنة عدد
العلماء
1,658 617

الناتج المحلى الإجمالى ( بالمليار دولار، تعادل القوة الشرائية) 210 448(2009)
الناتج المحلى الإجمالى (معدل النمو الحقيقى) 5,4 4,7
الناتج المحلى الإجمالى (للفرد بالدولار، تعادل القوة الشرائية) 28,300 5,900
نسبة مساهمة الزراعة (%) من الهيكل 2,6 13,7
نسبة المشتغلين فى قطاع الزراعة 2 32
نسبة مساهمة الصناعة (%) من الهيكل 32 37,6
نسبة المشتغلين فى القطاع الصناعى 16 17
نسبة مساهمة الخدمات (%) من الهيكل 65,4 48,7
نسبة المشتغلين فى قطاع الخدمات 82 51
مُُعدل التضخم (أسعار المستهلك) 3,3 11,9(2008)
البنك المركزى ( % سعر الخصم) 1 11,5
مُُعدل إقراض البنك التجارى 3,73 12,33
المخزون من النقود، بالمعنى الواسع (بالمليار دولار) 1,987 1,581 (12/2009)
تقييم الإئتمان المحلى (بالمليار دولار) 1,587 1,265 (12/2008)
رصيد الإستثمار الأجنبى المباشر- فى الداخل (بالميار دولار) 58,82 60 (12/2008)
رصيد الإستثمار الأجنبى المباشر- فى الخارج (بالميار دولار) 58,42 4,272 (12/2009)
النفط (صادر، بالمليون برميل/يومياًً) 69580 89300
النفط (وارد، بالمليون برميل/ يومياًً) 318900 48450
النفط (إستهلاك، بالمليون برميل/ يومياًً) 231,000 683000
النفط (إنتاج، بالمليون برميل/ يومياًً) 3806 680500
النفط (الإحتياطى، بالمليار برميل) 194 43
الغاز الطبيعى (صادر، بالمليار متر مكعب) 0 8,550
الغاز الطبيعى (وارد، بالمليار متر مكعب) غير محدد فى جميع التقارير 0
الغاز الطبيعى(إستهلاك، بالمليار متر مكعب) 11,9 4,25
الغاز الطبيعى(إنتاج، بالمليار متر مكعب) 11,9 6,27
الغاز الطبيعى(إحتياطى، بالبليون متر مكعب) 3,044 1,656
الصادرات (بالمليار دولار) 54,31 47(2009)

أهم الصادرات الآلات والبرمجيات وقطع الماس والمنتجات الزراعية والكيميائية والمنسوجات
الصادرات عالية الجودة
9239 مليون دولار/2008
النفط الخام والمنتجات القطنية والمعدنية والمواد الكيميائية والمنسوجات
الصادرات عالية الجودة
85 مليون دولار/2008



التجارة البينية ( % من الصادرات)
أمريكا (35) هونج كونج (6,2) بلجيكا (4,95) أمريكا(7,95) إيطاليا(7,27) فرنسا وكوريا الجنوبية (4,27) الهند(6,69)
السعودية وسوريا (5,3)

الواردات (بالمليار دولار) 45 59,9(2009)

أهم الواردات المواد الخام والمعدات العسكرية والماس الخام الآلات والمعدات والمواد الغذائية والوقود والمنتجات الخشبية


التجارة البينية ( % من الواردات) أمريكا (12) الصين (8,6) المانيا (7,1) سويسرا(6,94) بلجيكا(5,42) إيطاليا( 4,9) المملكة المتحدة (4,03) هولندا (3,9)
أمريكا(9,6) الصين (9,6)
المانيا (6,8) إيطاليا (6,8)
تركيا (4,9)
الدين العام (% من الناتج المحلى الإجمالى) 77,7 80.9 (2009)
الدين الخارجى (بالمليار دولار) 89,68(31/12/2010) 30,61(2009)
(3- 5)
فإذ ما كان لنا الوعى بحزمة الأفكار السابقة التى توضح، مبدئياًً، مدى التفوق الإسرائيلى(18) فيتعين علينا الإنتقال إلى مرحلة أكثر تقدماًً، نتلمس من خلالها الخطوط العريضة (للمنظومة) التى نبحث عنها والتى تحكم نفقات المشروع وإيراداته. فلنتوجه نحو (القيمة الزائدة) وتجلياتها فى. فى محاولة للتعرف على منظومة النفقات والإيرادات. فمن الأوليات التى يعرفها أى مبتدىء فى الإقتصاد السياسى أن المشروع، أى مشروع، ولكى يتم تشغيله فيتعين أن يكون تحت يده حد أدنى من(رأس المال المتراكم) وسنقول، بغية الولوج، مباشرة فى الطرح الرئيسى، أن المشروع يتعين أن يكون تحت يده حد أدنى من (النقود) كى يبدأ فى ممارسة نشاطه، وهكذا الحال بالنسبة للمشروع الإستعمارى الإستيطانى، الذى يجب أن يكون تحت يده حد أدنى من (النقود) لكى يبدأ نشاطه، ويستكمل خطط توسعه، هذا الحد الأدنى من (النقود) سيظهر فى جانب نفقات المشروع، فمن أين يأتى المشروع (بالنقود) التى ينفقها من أجل الحفاظ، كحد أدنى، على الوضع الراهن، وتنفيذ خطط التوسع؟ نحن هنا نبحث عن المنظومة التى تتكفل بتمويل المشروع الإستعمارى الإستيطانى، وسنتجاوز هنا الحديث عن الدعم العسكرى، الذى تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية، فهو أشهر من أن يذكر. ولسوف نذهب إلى حقل تحليل ربما مختلف قليلاًً عن حقل التحليل السائد والذى هو (أمريكا/إسرائيل) بنقل مستوى التحليل إلى منظومة (أوروبا/العرب/ إسرائيل) دون إغفال المنظومة الرئيسية (أمريكا/ إسرائيل) دون شك.
وفى سبيلنا لتحليل تلك المنظومة التى تحكم أليات نفقات المشروع وإيراداته، والتى تتكفل بتمويل المشروع الإستعمارى الإستيطانى، فسنبدأ من الخليج العربى. لماذا؟ لأن بلدانه هى أكبر شركاء أوروبا، ومن ثم ما تضخه تلك البلدان من(نقود) فى أوروبا، يتعين أن يكون محل التحليل المباشر، وبصفة خاصة، وأن تلك (النقود) المضَخة فى مسام الإقتصاد الأوروبى، إنما هى، فى التحليل النهائى، القيمة الزائدة، والتى أنتجتها(البتروليتاريا) أى أنها الفوائض النفطية، فى صورتها النقدية، فإلى أين تتوجه تلك النقود؟ فيما يلى نسعى للإجابة.
وبإيجاز شديد، يمكن القول بأن: الخليج العربى لا يَشترى فقط إحتياجاته مِن أوروبا بل يُوظف أمواله لديها بشكل يَفوق ما يَشتريه منها وما يَستثمره بداخلها، يَتضح ذلك بتتبع الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبى (يوروستات(18)) التى بينت أن الإستثمارات الأجنبية المباشرة مِن الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجى، إلى الإتحاد الأوروبى، قفزت إلى 63,2 مليار يورو فى عام 2008، مقابل 2.3 مليار يورو فى عام 2007، بينما سجلت الإستثمارات الأوروبية فى دول مجلس التعاون الخليجى إرتفاعاًًً، فإنها لم تصل إلا إلى 18.9 مليار يورو فى عام 2008، مقابل 4.6 مليار يورو فى عام 2007 أى أن الفارق لمصلحة أوروبا هو 44.3 مليار يورو.
وكان أكبر إستثمارات دول مجلس التعاون الخليجى مِن نصيب لوكسمبورج (أحد دول البنلوكس، 455 ألف نسمة، لأرقام 2004) حيث وصلت إلى 59.3 مليار يورو، أى نحو 30% من قيمة رأس المال الأجنبى المضَخ فى الإستثمار المباشر فى أوروبا، وكان لدولة الإمارات العربية المتحدة النصيب الأكبر مِن هذا المبلغ حيث بلغت قيمة إستثماراتها 58.5 مليار يورو، تليها قطر بقيمة 641 مليون يورو، والسعودية بقيمة 134 مليون يورو، والبحرين 110 ملايين يورو، والكويت بقيمة 23 مليون يورو.
وقد إحتلت لوكسـمبورج أيضًا صدارة المستثمرين فى دول مجلس التعاون الخليجى حيث بلغت قيمة إستثماراتها 12.7 مليار يورو، تليها الدنمارك بقيمة مليار يورو، والمملكة المتحدة بقيمة 867 مليون يورو، وفرنسا بقيمة 711 مليون يورو، وألمانيا بقيمة 236 مليون يورو.
وطبقاًً للتقرير كذلك فإن تدفقات الإستثمار الأجنبى المباشر مِن خارج الإتحاد الأوروبى كان مِن شأنها أن تُسجل المزيد مِن التراجع لولا إستثمارات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فى لوكسمبورج، عِلماًًً بأن إستثمارات دول مجلس التعاون الخليجى فى أوروبا كانت دائماًًً الأعلى حيث بَلغت 31.8 فى المائة مِن إجمالى تدفقات الإستثمار الأجنبى المباشر إلى الإتحاد الأوروبى فى عام 2008 لتحتل بذلك المرتبة الثانية فى التكتل الأوروبى، فيما بلغت قيمة إستثمارات أمريكا الشمالية(كندا والولايات المتحدة)فى دول الإتحاد الأوروبى 65.8 مليار يورو بما يُماثل 33.1% مِن إجمالى تدفقات الإستثمار الأجنبى المباشر فى التكتل، نحن لم نزل نبحث عن (النقود) التى تمول المشروع.
(4)
فما هو إتجاه (نقود الخليج العربى) المضخة فى أوروبا؟ التقرير لم يذكر ماهية القطاعات التى إستقبلت تلك (النقود) إلا أن ثمة تلميح أوضح من التصريح، فقد وصف التقرير لوكسمبورج، فى نفس السياق، بأنها صارت (مركزاًًً مالياًًً ومصرفياًًً) مهماًًً فى أوروبا، الأمر الذى يعنى أن الجانب الأوروبى هو الذى إستحوز على (نقود الخليج)بعد أن أُُودعت مصارف لوكسمبورج، ومن ثم أصبح الجانب الأوروبى تحت يده الآن(نقود) يتعامل فيها كيف يشاء، وكل ما يقوم بدفعه هو فوائد الإيداع، ومعنى أن أوروبا قد إستحوزت على مبلغ (نقدى) معين، وليكن(60) مليار يورو؛ بما يمثل نحو 31% من إجمالى تدفقات الإستثمار الأجنبى المباشر الداخلة، فى عام 2008 معنى ذلك أن أوروبا تملك الآن إعادة ضخ، وتدوير(60) مليار يورو، التى أنتجتها (بتروليتاريا الخليج العربى)
الأن فهمنا أحد أجزاء المنظومة، فالخليج العربى يضخ النقود، التى أنتجتها بتروليتاريته، إلى خارج الحدود التى تم الإنتاج فيها، ولا تسمح المنظومة التى يندمج فيها بتحويل الفوائض النفطية إلى رأس مال، ومن ثم يستحوز الجانب الأوروبى على (نقود الخليج) والتى يستطيع أن يعيد ضخها فى أى صورة من صور التمويل، بل وفى دول الخليج نفسه!! والجدول أدناه يقودنا إلى مزيد من الفهم.
الدول المستثمرة حجم الإستثمار(بالمليار يورو) بالتقريب النسبة % من إجمال التدفق (بالتقريب)
الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا 66 33
دول مجلس التعاون الخليجى 60 31
إسرائيل 5,438 2
أخرى 69 34
ففى سنة 2008، كان فى أوروبا رأس مال مستثمر قدره 200 مليار يورو، ساهم الخليج العربى بنسبة 31% منه، بواقع 60 مليار يورو، فى الوقت ذاته الذى ظهر فيه الإقتصاد الإسرائيلى كإقتصاد مستثمِر داخل أوروبا، وبما يفوق قيمة الإستثمارات الأوروبية بداخله بنحو 2,3 مليار يورو، والهدف بلا شك من وراء الإستثمار الإسرائيلى فى أوروبا هو (نقود) تستخدم فى تراكم يستخدم فى المشروع بغية ترسيخ الوجود والمزيد من التوسع، وفى أوروبا يلتقى رأس المال الإسرائيلى الباحث عن الربح، مع رأس المال العربى(الفوائض النفطية) الباحث عن الفائدة، ولن نتحدث هنا عن الصراع الجدلى ما بين الربح وبين الفائدة، إذ كل ما يهمنا هو مدى مساهمة رأس المال العربى فى تمويل المشروع الإستيطانى الإستعمارى. إسرائيل؟
فلقد قام العرب بتحويل الفوائض النفطية(المحملة بالقيمة الزائدة) إلى أوروبا، وأوروبا تقوم بدورها بتدوير تلك الفوائض، والتى يستطيع الإقتصاد الإسرائيلى الإستفادة منها بشكل أو بآخر، فهو يستطيع أن يتحصل منها على قروض، كما يجنى الأرباح من خلال تفاعل إستثمارته(البالغة 5,438 مليار يورو)مع أموال الإستثمارات التى تلقتها المصارف الأوروبية من دول الخليج العربى، والتى لن تظل لديها مكدسة؛ إذ يجب عليها إعادة طرحها (فى الإنتاج) كى تتمكن من دفع الفائدة، من جهة، وحصولها على أرباح الإستمرار والتنمية من جهة أخرى، والذى يجرى عملاًً أن الإستثمارات العربية فى أوروربا إنما هى بمثابة باب ملكى خفى للإقتصاد الإسرائيلى، يتمكن من خلاله من الحصول على لا الربح الذى يستخدم فى بناء المستعمرات والتوسع فى الأرض العربية فقط، أو على الأقل يتحصل على جزء من تلك(النقود)التى يحتاجها فى سبيل بناء المستعمرات. وإنما يستطيع، أيضاًً، الإقتراض من نقود تلك الفوائض، فى سبيل ترسيخ وجوده وهيمنته على جميع الأصعدة السياسية والإقتصادية والعلمية. . . . . . إلخ، نذكر هنا أن نحو 60% من إجمالى حجم الدين الإسرائيلى، إنما هو دين مستحق لأوروبا، وكما رأينا سلفاًً،يبلغ حجم الدين الخارجى لإسرائيل نحو 90 مليـار دولار(وفقاًً لتقرير السى أى أيه)ومعظم تلك الديون(مقوم منها 91% بالدولار الأمريكى)مضمونة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وهى فى معظمها كذلك عبارة عن سندات حكومية، غير قابلة للتحويل أو التداول، يتم بيعها إلى مستثمرين من القطاع الخاص فى أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا، فمعنى ذلك أن نفقات المشروع الإستيطانى الإستعمارى الإسرائيلى، إنما يتحملها العرب، بجانب الولايات المتحدة الأمريكية. وبلغة الإقتصاد السياسى؛ فإن المشروع الإستيطانى الإستعمارى الإسرائيلى إنما يعتمد فى تدعيم وجوده وتوسعه على القيمة الزائدة المنتَجة فى العالم العربى، وعلى وجه التحديد فى الخليج العربى، إذ ما إستثنينا الشراكات الإسرائيلية مع مصر، وقطر، والأردن، والجزائر، ولبنان، والمغرب، وتونس!! والتى عادة ما تصب فى صالح إسرائيل!!
تلك هى الأطروحة التى نتقدم بها، والتى تقول (( إن المشروع الإستيطانى الإستعمارى الإسرائيلى إنما يعتمد فى تدعيم وجوده وتوسعه على القيمة الزائدة المنتَجة فى العالم العربى، وعلى وجه التحديد فى الخليج العربى، إذ ما إستثنينا الشراكات الإسرائيلية مع مصر، وقطر، وبالذات قطر، والأردن، والجزائر، ولبنان، والمغرب، وتونس، والتى عادة ما تصب فى صالح إسرائيل))
فهل يمكن أن تثير الأطروحة مناقشة جدية، تدق ناقوس الخطر؛ حال إجابتها على السؤال المهم: مَن الذى يبنى إسرائيل الكبرى؟ أتمنى ذلك!!

















الهوامش
___________________________________________________________
(1) إبتداءًً من موقف رافض من التعريفات التى لا تعطى سوى الأفكار الجامدة والعازلة، وإبتداءًً من إعتناقنا التحديدات التى تَبسط رَحَابة فى الوعى وتُرشد إلى الفكرة الهيكلية ، فإننى أعنى بالإقتصاد السياسى: ذلك العِلم الإجتماعى الذى يَنشغل بدراسة النظرية الكمية والنظرية الموضوعية فى القيمة، والتناقُُضات الكامنة فيها، والتى تَتَطورعلى أساسِها الظاهرةُُ الإجتماعية مَحل البحث. ولقد سبق أن ضربت مثلاًً فى كتابى"الإقتصاد السياسى للتخلف" وأعيد ذكره بغية التوضيح، فنفترض أن المجتمع فى لحظة تاريخية معينة وتحت ظروف إجتماعية محددة، يدخل العملية الإنتاجية على صعيد "الكُل" الإقتصادى بمبلغ (3) مليارات وحدة، موزعة بين القطاعات الإنتاجية الثلاثة بواقع (1) مليار لكُل قطاع، وفى نهاية الفترة وبإفتراض أن القيمة الزائدة المنتَجة فى القطاعات الثلاثة= 100%، فسيُضاف إلى الثلاثة مليارات، ثلاثة مليارات أخرى، كقيمة زائدة. والسؤال أين تذهب تلك القيمة الزائدة؟ هل تُضَخ فى مسام الإقتصاد القومى، من أجل تنميته؟ أم تتسرب إلى الخارج لتغذية صناعات (غذائية، إنتاجية، إستهلاكية،....) تُنتَج فى المراكز المتقدمة من الإقتصاد الرأسمالى العالمى؟ الإقتصاد السياسى هنا يتولى تفسير مرحلتى (إنتاج) القيمة الزائدة، و(توزيعها). وأقصد تحديداًً بالإقتصاد السياسى هنا، وبمنتهى الوضوح، ذلك الجسم النظرى الذى نتَجَ عن نقد ماركس للرأسمالية، وإنما بإعتبار الجسم النظرى السابق على نقده تنظيراًً رأسمالياًً للرأسمالية نفسها. وهو بتلك المثابة لا وجود له، كعِلمٍ مُستَقل، قََبل هيّمنة رأس المال، على الصعيد الإجتماعى العالمى، كََظاهرة؛ ويرجع ذلك لسيادة علاقات إنتاج شفافة لم تكن لتسمح بتبلور فائض فى القيمة، فى المرحلة التاريخية السابقة على الرأسمالية. المرحلة التى لم تتعرف بعد على عملية بيع قوة العمل، إذ أن مُبادلة العمل بالمال إنما تُمثل أحد الشروط التاريخية للرأسمال، وتتطلب أمرين: أولهما: مُبادلة قوة العمل بالمال؛ غير المعروفة فى الأنماط الإنتاجية السابقة، لإعادة إنتاج المال نفسه وتحويله إلى قيم كَمية يَستهلكها المال، لا كَقيم إستعمالية للإستمتاع بها، بل كََقيم إستعمالية للمال نفسه. أما الأمر الثانى: فهو فصل العَمل الحُر عن الشروط العامة للإنتاج وتَجديد الإنتاج، أى فصل المنتِِِِِِِِج، عن المنتَََََج. عن مواد العمل ووسائل العمل، فى مرحلة أولى، ثم فصله عن الإنتاج نفسه، فى مرحلة ثانية، وهذا يَعنى، مِن ضمن ما يعنى، ضرورة (فصل العامل عَن الأرض) فى مرحلة أولى، كما يعنى أيضاًً، فى مرحلة ثانية، إنحلال كُُُل مِن المِلكية الصغيرة الحُُرة للأرض والملكية المشاعية. إذ أن ضمن إطار هذين الشكلين(الملكية الصغيرة، والمشاعية الحرة)وهو ما يَتَصادم مع الشروط الموضوعية للرأسمال، تكون العلاقة بين العامل والشروط الموضوعية لعمله، علاقة مِلكية"شفافة"وعلى ذلك يتمتع العامل بوجود موضوعى مُستقل عن عمله، ويرتبط الفرد بنفسه بصفتِه كمالك، أى كََسيد لشروط تَجْديد الإنتاج، دون التعرف التاريخى على مُبادلة العمل الحُُر بالمال. حتى تلك المرحلة التاريخية، وما بها مِن تفصيلات وإختلافات تَخص، مثلاًً، عَمل العبد فى اليونان القديمة، أو عَمل القن فى العصور الوسطى الأوروبية، لم يَكن مِن المتصوَر الحديث عن إقتصاد سياسى كََعِلم إجتماعى، له مِن الأدوات والأليات ما مِن شأنه تقديم التفسير العِلمى للظواهر السائدة آنذاك؛ إذ لم تكن الظواهر الإجتماعية مِن الغموض أو التعقيد بما يستدعى ذلك؛ فلم تكن الخيرات المادية المعدة للإشباع المباشر كى تطرح فى الأسواق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فليس هناك ثمة سلع مُعَدّة بالأساس للطرح بالأسواق!! وليس هناك ثمة ربح يَتَكون فى حقل الإنتاج!! وليس هناك ثمة إقتصاد مُبادلة نقدية معممة!! ومِن ثم ليس هناك من تفاوت بين كمية السلع المطروحة وبين كمية النقود المتبادلة بتلك السلع!! وليس هناك هذا الفائض فى القيمة!! وليس هناك تلك الأرباح التى تَميل إلى الإنخفاض كُُلما زاد رأس المال المُُضَخ!! ولم يكن هناك كذلك هذا الجيش مِن الإحتياطى العاطل فى حقل الصناعة!! وبالتبع لا يُمكن الحديث عن مُزاحمة بين العامل، المغترب، وبين الألة!! وبالتبع كذلك لم يكن ثمة صراع جدلى بين العمل المأجور وبين الرأسمال!! بل ولم يَكُُن ثمة رأس مال، يفرض نفسه لا كمبلغ مِن النقود، بل يُهيمن كعلاقة إجتماعية؛ إلى آخر تلك الظواهر الإجتماعية الناشئة والمتكررة، بما يَفرض ظهور العِلم المفسر، والقوانين الإجتماعية الحاكمة.
(2) لعلى حرب، فى مداخلاته رأى، نعتنقه ونُُُعجََب به كثيراًً، يقول:"إن الإنسان إذ يَستدل ويَتصور، ويُحلل ويُركِب، ويُرتب ويُوحد، وينقد وينتقض، فهو من جهة أخرى يَرمز ويدلّ، ويُشير ويُوحى ـ ويحدس ويُنبىء، ويتوهم ويتخيل. . .إن السحر والكيمياء والتنجيم والأسطورة هذه العلوم التى ظن العقل الحديث، وبخاصة العقل الوضعى، أنه طردها من مملكته إلى الأبد، إنما هى مباطنة لكُُل نشاط عقلى ولغوى. ولذلك، فإنها تُُستعاد فى الخطاب على نحو من الأنحاء. لا شك أننا لم نعد سحرة وكيميائيين. فنحن نُُجرب ونَقيس ونُُبرهن، ونذعن للضرورات الطبيعية ونعترف بأن للأشياء قوانينها. ولم نعد ندعى أن بإمكاننا أن نغير العالم بأفكارنا أو بكلامنا وحده. ولكن السحر والكيمياء والتنجيم لا تزال تشكل أركيولوجيا لمقالاتنا. . . أليس رجل الأيديولوجيا هو الوريث الشرعى للساحر والكيميائى؟ إذ ما يفعل الأيديولوجى سوى أن يَبنى فردوساًً على الأرض بواسطة الكلمات؟ أى يَبنى مملكة من الألفاظ؟. . . ." أنظر: على حرب، مداخلات، مباحث نقدية حول أعمال: محمد عابد الجابرى، وحسين مروه، وهشام جعيط، وعبد السلام بنعبد العالى، وسعيد بنسعيد ـ دار الحداثة للطباعة والنشر. بيروت 1985.
(3) لا أستخدم هنا إصطلاح الأصولية وإنما التقليدية، وفقط أشير إلى أن إصطلاح"الأصولية"ظهر لأول مرة عام 1966، فى قاموس (لاروس، الصغير) حيث الأصولية هى:"موقف أولئك الذين يرفضون تكييف عقيدة ما مع الظروف الجديدة".وقد إستخلص روجيه جارودى، فى كتابه (الأصولية) من التعريفات المتعددة ذات القاسم المشترك، المكونات الأساسية للأصولية (بمعنى التقليدية) على النحو التالى:" الجمود المعارض لكل نمو، ولكل تطور، ورفض التكيف، والإرتداد إلى الماضى(بما يحتويه من إنتساب إلى التراث، والمحافظة) وعدم التسامح، والإنغلاق، والتحجر المذهبى (بما يحتويه من تصلب، وكفاح، وعناد) الأصولية، دار الشروق. القاهرة 2001، على جانب آخر، أجرى أوليفر روى، تفرقة نعتبرها بمثابة إعادة فهم للأصولية وتنقيتها مما قد يختلط بها من إصطلاحات، فقد تقدم "روى" خطوة إلى الأمام مجرياًً تفرقة ما بين الأصولية وبين التقليدية، إذ ذهب، فى سياق حديثه عن الإسلاميين الأفغان، إلى القول بأن:" الأصولية مختلفة تماماًً عن التقليدية، فتكون الأهمية القصوى بالنسبة للأصولية العودة إلى النصوص الدينية، مع تجنب إلتباسات التراث. وتسعى دائماًً للعودة إلى حالة سابقة، وتتميز بإعادة قراءة النصوص والبحث عن الأصول. ولا تعتبر عدوها الحداثة، بل التراث، أو بالأحرى، كل ما هو ليس تراث للرسول. إن الأصولية إصلاح حقيقى للدين . . ."مُشار إليه لدى: كريس هارمن، النبى والبروليتاريا، مركز الدراسات. القاهرة، دون تاريخ نشر محدد، ص 34.
(4) والذى يُُعرف خطأ عادة "بالقضية الفلسطينية"، إختزالاًً للصراع فى كيانات سياسية متصارعة، دون التعرض للصراع الجدلى على الصعيد الإجتماعى بين الطبقات المكونة لتلك الكيانات المتصارعة ذاتها، من جهة، وتعتيماًً على المشروع الإستعمارى الأكبر بتقليص جغرافى للصراع على الأرض العربية ما بين حدود فلسطين، من جهة أخرى.
(5) الكتاب المقدس، العهد القديم، سفر الخروج، الإصحاح الأول.
ويذكر الشيخ الجبرتى، فى كتابه: مظهر التقديس، العديد من وقائع إعدام اليهود، فى فترة الحملة الفرنسية على مصر، ووصفهم "بالذين ركبوا الخيول، وتقلدوا بالسيوف، وإستذلوا المسلمين، بسبب خدمتهم للفرنسيس. . . . . ." (ص83) كما ذكر الجبرتى أن تدخل الحكام حال دون العديد، كذلك، من حوادث قتل اليهود (ص26، وص144) أنظر: الشيخ عبد الرحمن الجبرتى، و الشيخ حسن العطار، مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس، تدقيق: أحمد عبده على، مكتبة الآداب. القاهرة 1998. وأجد نفسى مدفوعاًً هنا لدرء شبهة، ببحث المعانى فى سياق أحداثها، إذ يرى بيتر جران، وهو أستاذ تاريخ الشرق الأوسط المساعد بجامعة تمبل فى فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومعروف بصداقته الوطيدة للعرب وتأييده للقضايا العربية، كما يقول ناشر كتابه، أن الجبرتى، والعطار، والخشاب أنفسهم، مع ذكره السبب، لجئوا إلى الفرنسيس وتعاونوا معهم، فيقول:" وبمجىء الفرنسيس إلى مصر عام 1798 تحول العطار، والخشاب، والجبرتى، إليهم بوضوح، بحثاًً عن الرعاية التى إفتقدوها فى كل مكان. لقد عمل معهم الجبرتى، كما عمل عضواًً فى الديوان، وأظهر الجبرتى ألفة كبيرة مع نشاطات الفرنسيس عندما تناول الأحداث الرئيسية فى مؤلفه الشهير، . . . . . . . . . ." أنظر: بيتر جران، الجذور الإسلامية للرأسمالية. مصر1760-1840، ترجمة: محروس سليمان، مراجعة: الدكتور/ رؤوف عباس، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع. القاهرة1993 (ص152). فإن العقل السليم إنما يدرك الفارق ما بين السلوك العرضى الفردى، الذى يصدر من بعض أفراد المجتمع، وبين السلوك المجتمعى العام، الدائر فى فلك الفتن، والتى لا تغادر اليهود ولا اليهود يغادرونها (لسنا بحاجة لإعلان إحترامنا للديانة ذاتها) بل وإفتراض أن ثمة علاقات قد أقامها البعض، كالجبرتى، مع الإحتلال الفرنسى، فقد كانت لأسباب نفعية شخصية صرفة، دون أن تختلط بالرغبة فى إشاعة الفتنة فى المجتمع وقلب نظامه وتمكين المستعمر من إحكام قبضته عليه وإنتهاك حرماته، كما كان دائب دائم مسلك اليهود. لقد أبرزنا تلك الملاحظة من باب أن الشىء بالشىء يُُذكر.
(6) الدكتور/عبد الوهاب المسيرى، اليهود واليهودية والصهيونية، دار الشروق. القاهرة 1999.
(7) موفق بنى المرجة، صحوة الرجل المريض، رسالة لنيل درجة الماجستير فى التاريخ(ص342) ولقد فاتنا، وللأسف الشديد، حين قيامنا بتلخيص هذا المرجع الهام جداًً، منذ ما يقترب من العشرين عاماًً، فى مجموعة من الكراسات، فاتنا إثبات الناشر، وسنة النشر. وما هو بالمتن مأخوذ من تلك الملخصات.
(8) الدكتورة/ هند أمين البديرى، أراضى فلسطين، مطبوعات جامعة الدول العربية. القاهرة (1981).
(9) http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx (10) http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx (11) http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx
(12) للمزيد من التفصيل أنظر:أستاذنا الجليل الدكتور/ محمد حامد دويدار، الصهيونية تلتهم العرب، إصدارات سطور. القاهرة ( 2001 ).
(13) على الرغم من أن شخصية شيلوك فى "تاجر البندقية" هى شخصية خيالية(بمعنى روائية) فى المقام الأول، إلا أنها تعكس بوضوح الدور الذى تلعبه الشخصية اليهودية على صعيد المجتمع، وتحديداًً على صعيد (النقود) عصب الحياة الإجتماعية، ولقد لخص ماركس شخصية اليهودى فى مقالته التى كتبها عام 1847، بشأن المسألة اليهودية، بقوله:" المال هو إله إسرائيل المتحمس الذى لا ينبغى أن يوجد أمامه إله آخر. يحط المال من قيمة جميع آلهة الإنسان الأخرى و يحولها إلى سلعة. المال هو القيمة العامة القائمة بذاتها لجميع الأشياء.... المال هو الجوهر الغريب عن الإنسان و عمـــله و وجـــــوده، و هذا الجوهر الغــريب لا يُسيطر عليه و حسب، و إنما يجعله يعبده. لقد أصبح إله اليهـــــود دنيوياًً، وصارت الصيرفة هى الإله الحقيقى لليهودى. إلهه هو الصيرفة الوهمية و حسب.. إن القومية الخرافية لليهودى هى قومية التاجر، إنسان المال بشكل عام" .
(14) التقرير الإحصائى السنوي حول المستعمرات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية للعام 2009.
(15) إشارة إلى الحديث النبوى الشريف؛ المُُخبِِر عن وقائع فناء العالم، حدثنا قُتيبةُ بن سعيد حدثنا يعْقُوب يعنى إبن عبد الرحمَنِ عن سهيلٍ عن أَبيه عن أَبى هريرةَ: أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم قَال:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِىُ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِى خَلْفِى فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ". وفى الترمذى: حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرزاقِ أَخبرنا معمر عن الزهرِى عن سالمٍ عن ابنِ عمر أَن رسول اللَّه صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم قَال: "تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِى وَرَائِى فَاقْتُلْهُ"
(16) أنظر: الدكتور/ سمير أمين، فى نقد الخطاب العربى الراهن، دار العين للنشر. القاهرة 2010. وهو يرى إرتباط (إنجاز) الوحدة العربية بالخروج من الرأسمالية، بإستبدال علاقات إجتماعية رأسمالية الطابع بعلاقات إشتراكية، مع الإرتكاز على الثورة الجذرية المعادية للرأسمالية. ويخرج عن نطاق موضوعنا تحليل الأطروحة التى يقدمها الدكتور/سمير أمين، ونكتفى هنا بذكرها ربما تثير نقاشاًً على صعيد آخر ؛ فهو يقول:"فالأطروحة التى توصلت إليها فى هذا المجال، هى أن إنجاز الوحدة المطلوبة أمر مستحيل دون "الخروج من الرأسمالية" بمعناها الشامل، أى بمعنى الخروج من المنظومة الرأسمالية المعولمة من جانب، وإستبدال علاقات إجتماعية رأسمالية الطابع بعلاقات ذات طابع إشتراكى فى إدارة المجتمع المحلى من الجانب الآخر. هذا بينما التيارات القومية لا تهتم بهذا التساؤل، فتغفل أهميته الحاسمة، وبالتالى تذهب إلى تصور إمكانية إنجاز الوحدة المطلوبة دون ثورة جذرية معادية للرأسمالية بالأصل". (ص43، و44)
(17) قمنا بتصميم الجدول، إعتماداًً على التقارير الواردة بالموقع الالكترونى لوكالة الإستخبارات الأمريكية، لسنوات مختلفة، مقارنة ببيانات البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، والأونكتاد، لسنوات مختلفة، وتقرير الإتجاهات الإقتصادية الإستراتيجية، الصادر عن مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، بمؤسسة الأهرام الصحفية، لسنوات مختلفة، وبوجه خاص تقرير 2010.
https://www.cia.gov.
https://www.un.com.
https://www.unctad.gov.
http://www.imf.org.
(18) لإستيعاب هيكلى وأكثر إحاطة بشأن هذا التفوق الإسرائيلى، يمكننا الرجوع إلى تقرير صادر عام 1999، ولم يزل يحتفظ بأهميته، فطبقاًً للتقرير العربى الموحد؛ فإن إسرائيل تأتى فى مقدمة دول منظمة الأمن والتعاون إنفاقاًً على البحث العلمى فى الجامعات، تليها السويد ثم سويسرا، فهولندا، فألمانيا، فالنرويج، فالدانمرك، ففرنسا، فاليابان، فالمملكة المتحدة، وأخيراًً الولايات المتحدة الأمريكية، ويلعب التمويل الخارجى دوراًً مهماًً فى دعم أنشطة البحث والتطوير فى إسرائيل، حيث تحصل على حوالى 40% من ميزانيات البحث العلمى من مصادر خارجية فى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، تليها المانيا. ولقد بلغ إنفاق الدول العربية مجتمعة عام 1996 حوالى 782 مليون دولار مقارنة بمليارى دولار إنفاق إسرائيل على البحث والتطوير فى مجال التكنولوجية المدنية، غير العسكرية، أما عن متوسط نصيب الإنفاق على البحث العلمى والتطوير فى العالم العربى كنسبة من الناتج المحلى فقد بلغت تلك النسبة نحو 14,% عام 1999، وتتباين تلك النسبة فيما بين الدول العربية بين 40,% فى بعض الدول، إلى 03,% فى دول آخرى؛ بينما وصلت فى إسرائيل إلى 2,35%. بالإضافة إلى ذلك، فإن إسرائيل تسهم بحوالى 1% من النشر العلمى فى الفروع العلمية المختلفة، وعلى حين بلغ إنتاج العرب المنشور فى دوريات دولية محكمة عام 1990 نحو 5595 بحثاًً، كان علماء إسرائيل ينتجون 7571 بحثاًً، وإذ يسجل المجموع العربى عام 1995 إرتفاعاًً محققاًً 6652 بحثاًً، فإن علماء إسرائيل، فى المقابل، كانوا قد أنتجوا نحو 10206 بحثاًً. بلا شك أن جميع تلك الأرقام يجب أن تستوعب فى ضوء الوعى بعدد سكان إسرائيل، وعدد سكان العالم العربى. إن ذكرنا لهذا التقرير ليس من قبيل الترف أو تكوين بنك معلومات، وإنما يتعين قراءة مفرداته فى ضوء الحاضر، فالتفوق الإسرائيلى لا ينتمى إلى عَالم الصدفة أو الطفرة، وإنما يخضع لمقتضيات تكوين (دولة) تخرج من رحم المشروع الحالى على أرض العرب.
(19) فابريس جراس، الإتحاد الأوروبى – الدول المتوسطية: نمو فى تجارة الخدمات والإستثمار. يوروستات، إحصاءات. لوكسمبورج 2008.
http://epp.eurostat.ec.europa.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلخيص العمل المأجور والرأسمال
- من كتاب (الإقتصاد السياسى للتخلف) ل محمد عادل زكى
- الديالكتيك، بين إبن خلدون وماو تسى تونج
- الصراع الإجتماعى فى السودان. منهج مقترح للفهم
- البتروليتاريا
- جدلية الصراع الإجتماعى فى فنزويلا


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد عادل زكى - مَن الذى يبنى إسرائيل الكبرى؟