أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عادل زكى - الصراع الإجتماعى فى السودان. منهج مقترح للفهم















المزيد.....



الصراع الإجتماعى فى السودان. منهج مقترح للفهم


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 3163 - 2010 / 10 / 23 - 20:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


إتباعا لنفس المنهج الذى سبق وأن عرضناه بشأن درس الصراع الإجتماعى الراهن فى فنزويل، يُمكن، على سبيل البرهنة(الإختبار على أرض الواقع) ، إخضاع المسألة السودانية (على الجانب الآخر من العالم) لنفس المنهج، والذى يتمفصل حول القيمة، وإن إدخال بعض التعديلات إنما يكون داخل المنهج نفسه، بترتيب مُختلف للإجراءات المنهجية. نفس الإجراءات، وليس تعديلاً خارج سياق المنهج، أو فى الإجراءات ذاتها. فحين التصدى للمسألة الفنزويلية قمنا مِن خلال خطوات فكرية معينة، كما هو بالمتن، بمعاينة الإداء وصولا إلى الهيكل. الأمر الذى يمكن وببساطة شديدة إعماله بشأن المسألة السودانية، بيد أن الباحث قد يرى أن البدء مِن الهيكل، فى البعض من المسائل الفكرية ذات الخصوصية، يكون على درجة عالية مِن الأهمية بحيث يبدأ منه وصولاًً إلى الأداء الحالى على أرض الواقع، وأيا ما كان الأمر، فلا يخرج منهجنا المقترح، بحال أو بآخر، عن خطوات فكرية محددة(من الهيكل إلى الأداء، أو من الأداء إلى الهيكل، المهم تكامل المدخلين) نتمكن مِن خلالها من تكوين الوعى بشأن الإشكالية المطروحة، وتتمثل تلك الخطوات الفكرية، حين التعرض للمسألة السودانية، كما الحال حين التعرض للمسألة الفنزويلية، وغيرهما، فى أربع خطوات فكرية : الأولى: التعرف على الواقع الإقتصادى الآنى، بالتعرف على طبيعة وحقيقة الهيكل الإقتصادى. الأمر الذى يستلزم التعرف على مجمل الوضع الجغرافى، الخطوة الفكرية الثانية: معاينة الكل التاريخى الذى تُرد إليه المسألة، بحثا فى الجذور لا السطح، وإنما إبتداء من (إقتصاد) وليس (تاريخ) الخطوة الفكرية الثالثة: التقدم خطوة إلى الأمام بفحص التكوين الإجتماعى التاريخى فى البلد المراد التعرض للإشكالية المثارة بداخله، فإن إستقام لنا الطريق لتلك الخطوات، كان لنا أن نتقدم الخطوت الفكرية الرابعة: وفيها ننشغل بتكوين الوعى حول طبيعة الصراع الإجتماعى والإقتصادى الراهن على الأرض السودانية، والمنهج ذاته وخطواته تلك ذاتها يمكن إعماله على بلدان قارتى (أفريقيا وأمريكا اللاتينية بوجه خاص، كما أسلفنا بالمتن) للخصوصية التاريخية التى تشترك فيها بلدان القارتين. وعليه نتقدم لفحص المسألة السودانية كما يلى من خطوات فكرية، الخطوة الفكرية الأولى: فقط، قبل البدء، يتعين أن نبرز تحفظنا على بعض بل (جُل) الدراسات والكتابات التى تتناول المسألة السودانية، وكما رأينا، وسنرى، فى المسألة الفنزويلية مِن قارة أمريكا اللاتينية حجم الإهتمام بالكم على حساب الكيف، فيمكن لأى ناظر فى المسألة السودانية كأحد المسائل المثارة، آنيا، فى القارة الإفريقية، على الجانب الآخر مِن العالم الرأسمالى المتخلف، أن يشاهد وبسهولة كم غير عادى مِن المعلومات الجغرافية الإبتدائية والمرويات التاريخية السخيفة والنوادر الفارغة والطرف التافهة على طريقة تُسعف المتسابق فى برنامج الإعلامى اللامع جورج قرداحى"مَن سيربح المليون ؟ولا يمكن بحال أو بأخر تصورها كبحث عِلمى محترم.عودة على بدء: رجوعاًً إلى خطوتنا الفكرية الأولى والتى ننشغل فيها بمعاينة مجمل الهيكل الإقتصادى، والأوضاع الجغرافية: فإنه يمكن القول بأن الفترة 2000-2004 (وهى إنتقائية فى المقام الاول مِن جهة كونها متاحة نسبياًً ومتفقة أرقامها تقريباًً فى معظم المصادر التي رجعت إليها)للرصد الاحصائى والتحليل من خلال أدوات الاقتصاد الكلى؛ وصولا إلى معاينة الهيكل الاقتصادي السوداني, نقول بأنه يمكن القول بأن تلك الفترة قد شهدت, طبقا للأرقام الرسمية التي يتعين معها الحذر لأمرين أولهما: إعتناقها المتوسط الذي يخفى أكثر مما يظهر, وثانيهما: أنها صادرة عن مؤسسة (الحكم) فى السودان والمنظمات الدولية التي يستعين بها رأس المال إستقداما أو إستبعادا، كما نقول دوما، من أجل مصالحه العابرة للقارات... نقول شهدت تلك الفترة استقراراًً نسبياًً فى الأداء الإقتصادي بوجه عام, حيث تحققت معدلات نمو موجبة (تبعا لأرقام مؤسسة الحكم السودانية والمنظمات الدولية المعنية) إذ بلغت معدلات النمو تلك (فى المتوسط) حوالي 6.6% وقد تناغم هذا النمو مع دخول النفط بشكل قوى فى هيكل الإنتاج مع الزيادة فى إنتاجه وإرتفاع أسعاره العالمية كما أن تطورت نسبة مساهمته فى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى ما يقارب 11% فى عام 2004 وكذلك تنامت الإستثمارات الخارجية المباشرة التي تمثل حوالي7.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتقدر الأرقام الرسمية والدولية معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 7.2% فى العام 2004م ويعزي ذلك لنمو قطاعات الصناعة الفرعية لقطاع التشييد وقطاع الكهرباء ومعدل نمو القطاع الصناعي فى الناتج المحلي الإجمالي إلى13%. ومن جهة أخرى فإن الجفاف...الحروب الأهلية...التصحر... أعمال العنف...التدهور المستمر وبخاصة فى الأقاليم البعيدة كبحر الغزال والشمالي وأعالى النيل والإستوائية, ربما تلك هي الرموز السحرية لفهم العديد من المظاهر المتعلقة بالتركيبات السكانية فى السودان ولكن منظوراًً إليها, على الأقل وفقاًً للمراحل المنهجية, من جهة السكان كقوة عمل؛ والأرقام تعكس مجموعة من الحقائق التي تشكلت على أرض الواقع؛ فطبقا لإحصاء سكاني, صادر فى عام, عول عليه التقرير السوداني السنوي الخامس (وهو من ضمن قائمة المصادر التى نستند إليها) فإن الذكور يشكلون 50.3%من إجمالى السكان والإناث نحو 49.7%كما أن السكان فى المدينة يشكلون32%من جملة سكان الولايات الشمالية بينما يشكل سكان الريف 65% ومجموعات الرحل حوالى3%فقط، وهذا يعنى أن حوالي 70%من السكان لا يزال يعيش فى الريف, , وإن أخذ نسبة سكان المدينة فى الإرتفاع لا يعكس نموا حقيقيا بقدر ما يعكس تدفق الملايين من النازحين من الأرياف للأسباب المذكورة عاليه. والأرقام تَعكس مِن جهة أخرى أن حوالي 46.6%من السكان هم من الفئات العمرية الأقل من 14سنة, والفئة الأقل من 5 سنوات وحدها تشكل حوالي 17%من السكان. وإذا أضفنا الى ذلك الفئة العمرية 60 عاما فما فوق فإن ذلك يِرفع نسب الإعالة الى50.5%مِن مجموع السكان. وهذه الوضعية,لا شك, لها مشاكلها وبخاصة فى مجالات الصحة والتعليم والتدريب وغيرها, وطبقا الى إحصاء يعود إلى 1993 فإن حجم القوى العاملة يقدر بنحو34% من إجمالى السكان بمعدل نمو أقل مِن معدل نمو السكان؛ وهذه التركيبة المتدنية ترجع الى ضعف التركيبة السكانية وضعف مشاركة المراة فى العمل, وحسب أرقام (مؤسسة الحكم فى السودان) فإن إجمالى القوة العاملة قدر بنحو 28%من السكان فى عام 1998(2.7مليون فى المدينة, وحوالي 5.7 مليون فى المناطق الريفية) وذلك يشير الى أن 68%مِن القوى العاملة تعمل فى مجالات الزراعة والرعي والنشاطات المرتبطة بهما, أما البقية فتعمل فى نشاطات المدن والمراكز الحضرية وتشير الأرقام إلى إرتفاع معدل البطالة مِن 17%عام1996 إلى 18% عام1999, وهذه الأرقام لا تعكس الحقيقة، فى تصورى، وذلك لضعف الإحصاءات الحكومية ولعدم تضمنها البطالة المستترة فى القطاع الزراعي وفى القطاع الحضري على السواء. وعن متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي والذي يقدر, طبقا لأرقام2004, بحوالى 370 دولار فى العام أى حوالي دولار فى اليوم وهو ما يعادل مستوى الكفاف حسب مؤشرات (الأمم المتحدة) ويقل كثيرا عن متوسط سبعينات وثمانينات القرن الماضي إذ تراوح هذا النصيب مِن إجمالى الدخل القومي ما بين 400 وبين 500دولار. أما عن نسبة مساهمة القطاع الزراعي فى الناتج المحلي الإجمالي فقد تراجع هذا القطاع كي تِصل مساهمته إلى 44.5% بمعدل نمو 4.5% فى عام 2004، مقارنة بنسبة مساهمة قدرها 45.6% ونمو قدره 5.2% فى العام 2003 ؛ وذلك إنما يرجع إلى الإنخفاض الذي طرأ على المساحة المحصودة مِن بعض المحاصيل الرئيسية كالقطن وزهرة الشمس، وتناقص مساهمة الثروة الحيوانية التي تأثرت سلباًًً بالأوضاع الأمنية المرتبكة والحياة الملتهبة فى إقليم دارفور. وبشأن القطاع الصناعي السوداني, فانه يمكن القول طبقاًً للأرقام (الحكومية والدولية) المعلنة بكونه قد شهد معدل نمو إيجابي بلغ 13% فى العام 2004 مقارنة بمعدل قدره 10.5% فى العام 2003 وقد تولد ذلك بصورة خاصة من النمو الذي تحقق فى قطاعات التعدين والصناعة التحويلية والبناء والتشييد والكهرباء مع مزيد مِن سيطرة رأس المال الدولي على هياكل تلك الشركات العاملة فى تلك الحقول, وقد إرتفعت مساهمة القطاع الصناعي فى الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 25.4% عام 2004 مقارنة بنسبة قدرها 24.1% عام 2003. وعن القطاع الخدمي؛ فقد تمكن هذا القطاع مِن تحقيق معدل نمو بلغ 6.6% ونسبة مساهمة فى الناتج المحلي الإجمالي قدرها 30.1% عام 2004؛ ويعزى ذلك، كما يتردد فى دوائر الحكم، إلى بعض النمو الحاصل فى القطاعات الخدمية مثل النقل والإتصالات والخدمات الاقتصادية الأخرى. ولنتقدم خطوة إلى الأمام لمعاينة الهيكل بمزيد من التفصيل، (أولا) القطاع الزراعي: يعد مِن أهم القطاعات إذ يوظف نحو 80 % مِن قوة العمل ويساهم مِن ثلث الناتج المحلي الإجمالي. ويتباين النظام البيئي فى السودان بين سافنا غنية فى أقصى الجنوب إلى بيئة صحراوية وشبة صحراوية فى أقصى شماله وتبعاًًً لتباين المناخ يتباين الإنتاج المادي للبشر فى الإقليم السوداني ككل؛ إذ تبلغ مساحة السودان حوالي 600 مليون فدان تُغطى البيئة الصحراوية وشبه الصحراوية حوالي 49% مِن جملة المساحة ويبلغ إجمالى الأراضي القابلة للزراعة حوالي 200 مليون فدان, المزروع منها حالياًًً (2009) أقل مِن 35% يضاف إلى ذلك مساحات الغابات البالغة 220 مليون فدان والمساحات غير القابلة للزراعة حوالي 180 مليون فدان. (أ) القطاع النباتي: تشير البيانات المتوفرة إلى أن هناك زيادة مقدرة فى المساحات المحصودة لكل المحاصيل الرئيسية وهى الذرة، القمح، الدخن، الفول والسمسم، ماعدا محصولى القطن وزهرة الشمس وأن متوسط الإنتاجية قد تراوح بين 268 كجم فى الذرة، وفى القمح 970 كجم، وفى السمسم 105 كجم، وفى الدخن133 كجم، وفى الفول السوداني 310 كجم، وفى القطن 608 كجم، وفى زهرة الشمس 538 كجم، وذلك فى موسم 2003/2004 ويقسم القطاع النباتي إلى حبوب غذائية وحبوب زيتية ويمكن تفصيل ذلك كما يلي: (1) الحبوب الغذائية: وتشمل الحبوب الغذائية الذرة والقمح والدخن ويمكن إيضاح مساحاتها المزروعة والإنتاج على التفصيل التالي: إرتفعت المساحة المحصودة للذرة من 12667 ألف فدان فى موسم 2002-2003 إلى 17453 ألف فدان فى موسم2003-2004 بنسبة زيادة تقدر بحوالي 37.8% بينما زاد الإنتاج مِن 2825 ألف طن فى موسم 2002-2003 إلى 4690 ألف طن فى موسم 2003-2004 بنسبة زيادة تصل إلى 66% كما شهدت المساحات المحصودة مِن القمح إرتفاعاًًً ملحوظاًًً؛ إذ إرتفعت مِن 309 ألف فدان فى موسم 2002-2003 إلى 410 ألف فدان فى موسم 2003-2004 بنسبة زيادة 32.7%. أما الإنتاج فقد إرتفع من 330 ألف طن فى موسم 2002-2003 إلى 398 ألف طن فى موسم 2003-2004 بنسبة زيادة تقدر بحوالي 20.6% نتيجة للتوسع فى المساحات المزروعة منه. وقد سجلت المساحات المزروعة من الدخن ارتفاعاً طفيفاًًً لم يتجاوز الـ 8% إذ بلغت فى موسم 2002-2003 حوالي 5817 ألف فدان و 6285 ألف فدان فى موسم 2003-2004 أما الإنتاج فقد سجل زيادة مقدرة بلغت 32.4% مرتفعاًًً من 581 ألف طن فى موسم 2002-2003 إلى 769 ألف طن فى موسم 2003-2004. وترجع هذه الزيادة إلى الامطار الجيدة كماً وتوزيعاً. (2)الحبوب الزيتية: وتشمل الفول السوداني، والقطن، والسمسم وزهرة الشمس، ويمكن إيضاح مساحات وإنتاج الحبوب الزيتية كما يلي: بلغت المساحات المحصودة مِن الفول السوداني 2542 ألف فدان فى موسم 2003/2004. مقابل 2439 ألف فدان فى موسم 2002/2003 أي بزيادة قدرها 4.2% وزاد الإنتاج مِن 551 ألف طن فى موسم 2002/2003 إلى 790 ألف طن فى موسم 2003/2004 بنسبة زيادة قدرها 43.4%. كما وأن زادت المساحات المحصودة من السمسم مِن 1836 ألف فدان فى موسم 2002/ 2003 إلى 3783 ألف فدان فى موسم 2003/2004 بنسبة زيادة بلغت 106%. وذلك لإرتفاع أسعاره فى المواسم الأخيرة والتوزيع المناسب للأمطار فى مواقع إنتاجه. كما بلغت المساحة المحصودة مِن القطن لموسم 2003/2004 حوالي391 ألف فدان مقابل397 ألف فدان فى موسم 2002/2003، بنسبة نقصان بلغت 1.5%. وبرغم إرتفاع المساحة المزروعة منه إنخفض الإنتاج من 254 ألف طن فى موسم 2002/2003 إلى 238 ألف طن فى موسم 2003/2004، بنسبة إنخفاض قدرها 6.3%. وذلك نسبة لظروف السيول والفيضانات التي إجتاحت بعض مناطق الإنتاج بالقطاع المروى. كما إنخفضت المساحة المحصودة من زهرة الشمس من 29 ألف فدان فى موسم 2002/2003 إلى 13 ألف فدان فى موسم 2003/2004 بنسبة 55.2% وإنخفض الإنتاج من 18 ألف طن فى موسم 2002/2003 إلى 7 ألف طن فى موسم 2003/2004 بنسبة 61.2%. وفى سبيل استيفاء التصور العام لهذا القطاع فإنه يمكن القول بأن مشاكله تتلخص فى : ضعف البنية التحتية (الطرق... الري... المياه... الأوعية التخزينية... وما يكتنف ذلك بالتبع من أزمات متجذرة ف التعليم والصحة) وهو الأمر الذي يأتى متضافراًً مع تعميق الإنفصال المستمر بين الريف (بكل خصوصيته الاجتماعية) وبين المدينة(بكل تناقضاتها) على نحو متساوق مع تخلف الإستغلال على صعيد النظم الإنتاجية المهيمنة وعلى صعيد علاقات الإنتاج السائدة؛ بما يحقق ضخاًً مستمراًً للفائض إلى خارج مسام الاقتصاد القومي السوداني, أضف إلى ذلك تدهور الغطاء النباتي بسبب القطع الجائر الذي إنعكس سلباًًً على التربة ومعدلات هطول الأمطار بمناطق الزراعة المطرية؛ بيد أن هذا الغطاء قد أخذ، طبقا لكلام مؤسسة الحكم السودانية، فى الآونة الأخيرة يَسترد عافيته إلى حد ما بفعل معدلات الأمطار الوفيرة فى السنوات الأخيرة؛ مما أدى إلى تَحسن نسبة الإنبات الطبيعي لبذور الأشجار والشجيرات مع تكثيف الحماية والتشجير والذي أتى بالتوازي مع إرتفاع معدلات الوعي بين المواطنين بأهمية الأشجار وحمايتها نتيجة لحملات التوعية والبرامج الإرشادية بقيادة رأس المال الدولي الساعي دوما للبحث عن البدائل، وبمناسبة البدائل تلك, وبمناسبة الحديث عن القطاع الزراعي فى الهيكل الاقتصادي السوداني كإقتصاد يمثل أحد الأجزاء المتخلفة مِن الإقتصاد الرأسمالى الدولي المعاصر؛ فإنه يمكن القول بأنه ومنذ بداية الستينات من القرن الماضي وفى ظل الثورة العلمية والتكنولوجية والتدويل المستمر للإنتاج؛ فقد تلاحقت الظواهر المتناقضة فى المجال الزراعي, فمن جانب حدث تطور كبير فى أساليب الزراعة, بحيث تضاعف الناتج المادي الزراعي فى السبعينات أكثر مِن مرتين. ومِن جانب آخر تزايد نقص الغذاء فى أغلبية البلدان النامية فى الوقت الذي إزداد فيه عدم المساوة فى توزيع موارد الزراعة بين الدول... وبفضل مُنجزات الهندسة الوراثية المتلاحقة فى ميدان الزراعة التي سُميت بالزراعة الكثيفة والتي تناغمت مع تدفق رأس المال، كما يقول الدكتور فؤاد مرسى، فى كتابه: الرأسمالية تجدد نفسها، وعُززت بسلطان الدولة ودعمها المستمر فى الأجزاء المتقدمة مِن الإقتصاد الرأسمالى الدولي المعاصر, نجد أنفسنا بصدد ظاهرة تسهم وبفاعلية فى تغيير النمط الراهن لتقسيم العمل الدولي فى الإنتاج الزراعي على الصعيد العالمي, وهو الأمر الذي أفضى فى النهاية وبعد التطورات التي حدثت فى الستينات ثم السبعينات الى البدء فى عملية إعادة نشر الزراعة عالمياًً ونقل قطاعات منها مِن الجنوب الى الشمال وهى العملية التي أخذت فى التشكل مع مطلع الثمانينات مِن القرن الماضي, فمن المعروف على سبيل المثال أن حبوب الكاكاو تنتج فى كل مِن أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية، وهى مكون هام(إضافة إلى إستخدامها فى التجارة العالمية للشيكولاته) فى المنتجات الدوائية وصناعة أدوات التجميل باهظة الاثمان فى الغالب؛ وبدلا مِن إستيرادها يجرى الآن البحث(وقد نجح فعلا)عن إمكانية تخليق نوعية أرق منها منها معمليا, كذا الحال وكما سنرى أدناه بصدد الاصماغ العربية. ثانيا: قطاع الغابات تعتبر الغابات موردا طبيعياًً ومتعدداًً, وتغطى تلك الغابات أكثر مِن 120 مليون فدان من مساحة السودان الكلية(600مليون فدان) وتلعب دوراًًً متعاظماًًً فى حماية الأراضى الزراعية فى مناطق الزراعة التقليدية الهامشية خاصة فى إقليم دارفور وكردفان كما تلعب دوراًًً هاماًًً فى حماية مناطق الزراعة جنوب النيل الأبيض، القضارف والنيل الأزرق. وتُعتبر الغابات مأوى للحياة البرية والتي يُعتبر السودان أهم مصادرها فمحميات (الدندر) (والردوم) والمحميات (جنوب السودان) تُعتبر مصادر وراثية لأنواع مِن الحيوانات ذات العائد الاقتصادي كالأفيال والنمور والتي أخذت أعدادها فى التدني نتاج العدوان المنظم على الطبيعة والتهديد المستمر للحياة البيولوجية بالصيد والقنص الجائر فى سبيل الحصول على العاج أو الجلود التي كانت لوقت قريب تطرح فى السوق العالمي, كسلعة باهظة الثمن, وتتهافت عليها الصفوة, وقد خفت حدة الطلب على العاج والجلود تساوقاًً مع حملات حماية لحقوق الحيوان. ويسهم قطاع الغابات بحوالي 3% مِن الناتج المحلي الإجمالي وترسخ الغابات قواعد العمل التقليدية (وتسودها علاقات أقرب إلى السخرة أو إلى القنانة) لدى سكان الريف (المنهك والمأجور غالباًً عيناًً)خاصة فى مناطق الزراعة التقليدية، كذلك تُعتبر الغابات المرعى الطبيعى والدائم للثروة الحيوانية فى البلاد؛ حيث توفر حوالي 70% مِن الغذاء للحيوانات إضافة للأشجار التي تحمى المشاريع الزراعية فى السودان. الصمغ العربي: يُعتبر الصمغ العربي أحد المنتجات الرئيسية للقطاع الغابي فى السودان وتُشرف على العملية الإنتاجية أحد الهيئات الحكومية وهى الهيئة القومية للغابات، وذلك بمتابعة الإنتاج وتجميع الإنتاج الذي يباع مباشرة لشركة الصمغ العربي التي تُخضعه لمعاملات مختلفة بدعوى مسايرة الطلب العالمي, فعلى حين يتوقف دور الهيئة القومية للغابات فى السودان على الإشراف والتجميع, تنهض شركة الصمغ العربي بعملية التسويق بالتعامل المباشر مع السوق الدولية. وقد بلغت جملة مشتريات شركة الصمغ العربي(التي يُهيمن عليها رأس المال الدولي) مِن الهيئة القومية للغابات(التي تملكها الحكومة. حكومة من؟) حوالي 15.864 طن وشملت حوالي 7.953 طن مِن الهشاب و7911 طن مِن الطلح فى عام 2004 مقابل 15838 طن فى عام 2003 بنسبة زيادة قدرها نحو 0.2% . وقد بلغت جملة صادر الشركة مِن الصمغ العربي حوالي 13.994 طن فى عام 2004م مقابل 30.285 طن فى عام 2003م بنسبة نقصان 53%. حيث بلغت جملة الكميات المصدرة مِن صمغ الهشاب حوالي 9.364 طن وهي تعادل حوالي 66.9 % مِن صادرات الصمغ العربي أما صمغ الطلح فقد بلغت الكمية المصدرة منه حوالي 4.630 طن أي ما يعادل حوالي 33.1% مِن جملة الصادر. ويمكن إستيعاب أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه إنتاج وتسويق الصمغ العربي إبتداءًً مِن الوعي بعدة أمور، أولها: إنخفاض مستوى الإستهلاك العالمي فى ظل ظهور البدائل الصناعية, إذ كان حوالي 60 ألف طن فى الستينات إنخفض الآن إلى حوالي 40 ألف طن نتيجة لتلك البدائل الصناعية. وثانيا: المنافسة الخارجية؛ حيث إزدادت حصة الدول الأفريقية المنتجة (وكذلك التي كانت غير منتجة!) والمعروفة بتجارة وإنتاج الصمغ العربي مثل (تشاد، ونيجيريا، وأثيوبيا وأريتريا) بفعل تدخل رأس المال الدولي؛ حفاظا على إنهيار ثمنه العالمي المستمر. ثالثا: الأسعار المنخفضة التي يعرضها المصنعون السودانيون المحليون لمنتجاتهم بالخارج؛ عِلماً بأن السوق الخارجي للصمغ كََسلعة دولية إنما يُسيطر عليه عدد محدود مِن الشركات مما يشكل نوعاًًً مِن المضاربة الخاسرة غالباًً وضغطاًًً على أسعار الصادر مِن تلك السلعة. رابعاًً: التهريب والضرائب والرسوم العديدة الإتحادية والولائية والمحلية. خامسا: إنخراط السودان فى معاهدات دولية تضع مواصفات قياسية جديدة للمادة نفسها؛ ولم تكن لا تلك المعاهدات ولا المواصفات القياسية الجديدة فى صالح السودان؛ إذ وقع السودان على اتفاقيات فى صالح الدول المنتجة للأصماغ الأقل جودة؛ الأمر الذي طُُرحت معه كل الأمور على نحو معكوس وربما غير مسبوق على صعيد التبادل الدولي والذي هو بالأساس غير متكافىء. سادسا: كما وأن تدخل العنصر السياسي فى تجارة وإنتاج الصمغ أثر بصورة سلبية على صادرات السودان وبصورة إيجابية لصالح الدول الأفريقية الأخرى المنتجة, والمقصد المباشر مِن وراء ذلك هو كسر الميزة النسبية التي تتمتع بها السودان فى التبادل على الصعيد الدولي. وهو الأمر الذي يسعى رأس المال إلى تحقيقه دوماًً عبر سلسلة طويلة ومتصلة ومنظمة مِن عمليات خلق بؤر التوتر وإيجاد دائم للبدائل والحفاظ على إنهيار أسعار المواد الأولية. ثالثا: الثروة الحيوانية: ساهم قطاع الثروة الحيوانية بحوالي 19.8% فى الناتج المحلي الإجمالي فى عام فى أخر سنة مِن سنوات الفحص, بجانب مساهمته فى تحقيق الأمن الغذائي السوداني بتوفير اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والألبان... الأمر الذي يجعلنا نتعقب النمو فى حجم القطيع القومي السوداني إذ شهدت الفترة محل التحليل؛ نمواًً فى القطيع القومي وإستقراراً فى حجمه مع الرعاية البيطرية التي شملتها حملات التطعيم والتقصى الحقلى للأمراض ووفرة الدواء البيطرى العلاجي(الذي جلبه رأس المال الدولي)لدى شركات القطاع الخاص، الأمر الذي ساهم فى الحد مِن الوبائيات عبر الوحدات البيطرية المتحركة والممولة مِن رأس المال الدولي كذلك. وقد زادت أعداد القطيع مِن 133.6 مليون رأس فى عام 2003 إلى 135.9 مليون رأس فى عام 2004 بزيادة 0.2% وحافظ إنتاج اللحوم الحمراء على مستواه مِن 1663 ألف طن فى عام 2003 إلى 1672 ألف طن فى عام 2004 بنسبة 0.5% كما زادت المنتجات مِن البيض والدواجن والأسماك زيادة مقدرة. وقد ساهمت الثروة الحيوانية فى سد إحتياجات البلاد(طبقاًً لأرقام مؤسسة الحكم) مِن اللحوم الحمراء والألبان ومشتقاتها بجانب منتجات الدواجن والأسماك؛ إذ بلغ الصادر مِن الحيوانات الحية خلال عام 2004 حوالي750 رأس مِن الأبقار و1595723رأس مِن الضأن و95066 رأس مِن الماعز و117044 رأس مِن الأبل، بينما بلغت صادرات اللحوم حوالي 5661.9 طن. ويمكن إجمال المشاكل والمعوقات التي تواجه هذا القطاع على النحو التالي: أولا: عدم إجراء مسح شامل للثروة الحيوانية منذ عام 1975/1976 والذي تم إجراؤه عن طريق المسح الجوي (العشوائي والبدائي) والذي لم يتم التدقيق فى بياناته. ثانيا: تدهور المراعى وإنكماشها وعدم توافر مياه الشرب للحيوان. ثالثا: مشاكل حيازة الأراضي وغياب سياسات تنظيم إستخداماتها, وما يستصحب ذلك مِن إثارة إشكالية الصراعات القبلية وبسط النفوذ(على الأرض بما فيها وبمن عليها) فى مرحلة أولى؛ كي تطرح فى مرحلة أولى مكرر إشكالية الصراع بين الطبقات المكونة للقبيلة ذاتها. رابعا: إنتشار الأمراض المستوطنة والوافدة والتاريخ المرضى للجنوب السوداني زاخر بالمأسي عقب تدمير الإنعزال الصحي الطبيعي مع أول تعارف برأس المال الدولي. خامسا: ضعف آليات ومصادر التمويل الوطنية مع إرتفاع كلفة التمويل وقصر مدته وإقتصاره على تغطية عمليات الإنتاج على الإنتاج مِن أجل التصدير. أى مِن أجل السوق العالمي وبالتبع الإندماج المباشر فى منظومة الأثمان الدولية والتبادل غير المتكافىء. سادسا: إرتفاع تكلفة الإنتاج إضافة إلي الأعباء الضريبية السائدة على المدخلات وتعدد الرسوم والجبايات على حركة الحيوان. سابعا: ضعف تنظيم الأسواق وضعف القدرة على تطويرها. ثامنا: إنعدام آلية التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية وذات الصلة بالثروة الحيوانية (المراعى، المياه، البحوث... إلخ).أضف إلى ذلك، تاسعا: تأثير الوضع الأمني المرتبك فى دارفور حيث تتواجد بإقليم دارفور أكثر مِن خمس الثروة الحيوانية بالبلاد. (ثانيا) القطاع الصناعي: ويشمل القطاع الصناعي كل مِن الصناعات التحويلية، والكهرباء، والتعدين، والتشييد والبناء. وتشمل القطاعات الفرعية التالية: الصناعات الغذائية، والغزل و النسيج، ومنتجات الجلود، والصناعات الكيماوية، وصناعة مواد البناء، والأخشاب والمواد الخشبية والاثاثات، والصناعات الهندسية، والطباعة والتغليف والورق والمنتجات الورقية، والصناعات المعدنية الأساسية، والصناعات التعدينية غير الأساسية، وصناعة الآليات والمعدات، وصناعات تحويلية أخرى, ونقتصر على بيان أهمها على النحو التالي: تبلغ الطاقة الإنتاجية لمصانع السكر فى السودان مجتمعة نحو 655 ألف طن تمثل (شركة سكر كنانة) نسبة 45.8% منها أى أكثر من 300 ألف طن والبقية لمصانع الشركة السودانية، وقد شهدت صناعة السكر نمواًً مضطرداًً خلال المواسم 1999/2000-2003/2004 حيث بلغت جملة إنتاج السكر للموسم 2003/2004 حوالي 755 ألف طن مقارنةً بحوالي 728 ألف طن للموسم 2002/2003 بنسبة زيادة بلغت حوالي 4% أَنتجت منها (شركة سكر كنانة) حوالي 398 ألف طن فى موسم 2002/2003 مقارنةً بحوالي 428 ألف طن فى موسم 2003/2004 بنسبة زيادة بلغت 7% وذلك نسبة لإرتفاع الإنتاجية. كما بلغ إنتاج (الشركة السودانية) لإنتاج السكر حوالي 327 ألف طن فى موسم 2003/2004 مقارنةً بحوالي 330 الف طن للموسم 2002/2003 بنسبة نقصان بلغت 1% . ومن جهة أخرى، تعتبر صناعة الأسمنت مِن الصناعات الهامة والرئيسية حيث يتركز الإنتاج بمصنعي (عطبرة) و(ربك) وقد بلغت جملة الإنتاج لمصنعي الأسمنت حوالي 170 الف طن، 199 ألف طن، 205 ألف طن، 265 ألف طن للأعوام 2001، 2002، 2003، 2004 على التوالي، هذا وقد شَهدت الأعوام الأخيرة التالية على أعوام حقل التحليل سعى رأس المال الدولي لرفع إنتاجية المصانع مع البدء فى تنفيذ برامج تأهيل مصنع عطبرة, وربما تكون أهم المشاكل والمعوقات فى حقل تلك الصناعة تتعلق بضعف آليات النقل البرى والمناولة بميناء بور سودان وبطء وتعثر (الورادات) مِن قطع غيار ومدخلات الإنتاج عبر ميناء بور سودان ومطار الخرطوم ذي الامكانات الهزيلة. وعن صناعة البطاريات الجافة: فقد شهدت، كذلك، تلك الصناعة نمواًً مضطرداًً خلال الفترة 2000-2004 إلا أن الإنتاج قد إنخفض الأعوام 2003، 2004 على وجه التحديد؛ ويعزى ذلك الانخفاض إلى منافسة إحتكارية لصالح رأس المال الاجنبى, وليس كما تقول التقارير الحكومية مِن أن السبب يَرجع الى ضعف الإنتاج الراجع بدوره إلى ضعف الطاقة الكهربية. ويُعتبر قطاع الصناعة الدوائية مِن الصناعات التي لا تتمكن مِن تلبية إحتياجات الشعب السوداني المحلية إلا فى بعض الأنواع مِن الأدوية التقليدية أو التي سمحت الشركات الرأسمالية العملاقة بإمكانية إنتاجها محلياًً. قطاع الغزل والنسيج: ونتيجة للمشاكل الهيكلية وضعف القدرات التنافسية فى الأسواق العالمية وإرتفاع تكلفة الإنتاج؛ فقد ظل الإنتاج فى قطاع الغزل والنسيج فى تدن مستمر, عاكساًً صورة واضحة لتخلف نُظم الإستغلال فى الأجزاء المتخلفة مِن الإقتصاد الرأسمالى الدولي, إلا أنه تم تشغيل عدد مِن المصانع مع بعض المحاولات مِن حين إلى آخر لإعادة تشغيل بعض المصانع المتوقفة. وقد تلاحظ أنه قد إرتفع أداء كل مِن الغزل والنسيج خلال العامين 2003 و2004 بنسبة زيادة بلغت 10% و 33% على التوالي. قطاع الزيوت: بلغ إنتاج الزيوت النباتية للعام 2004 حوالي 120 الف طن بينما بلغ 90 الف طن للعام 2003م بنسبة زيادة بلغت 33 %. وأهم المشكلات التي تواجه هذا القطاع تكمن فى عدم إنتظام الكهرباء وغياب الإستثمارات الجديدة رغم جدواه العالي، وتنامى الطلب المحلي. (3) قطاع الطاقة والتعدين: بلغ إجمالي إنتاج النفط السودانى نحو 105 مليون برميل خلال العام 2004، وبلغ (نصيب الحكومة منه) حوالي 74.9 مليون برميل بنسبة 71% من إجمالي الخام المنتج. بينما بلغ الإنتاج الكلي من الخام خلال العام 2003 حوالي 95.7 مليون برميل، بلغ نصيب الحكومة منه 62.1 مليون برميل بنسبة 65% من إجمالي الإنتاج. وتعزى الزيادة الملحوظة فى نصيب الحكومة خلال العام 2004 إلى الإرتفاع فى حجم الإنتاج الكلي من الخام وأسعاره حيث بلغ متوسط الإنتاج اليومي حوالي 287 ألف برميل مقابل متوسط يومي 263 ألف برميل خلال العام 2003. إضافة إلى الإرتفاع الكبير فى الأسعار العالمية خلال العام 2004، والتي كان لها الأثر فى توزيع الأنصبة .ولقد زادت عائدات صادر النفط الخام فى عام 2004 بنسبة قدرها 53% ، أما البنزين فقد زاد بنسبة قدرها 70% والغاز المخلوط بنسبة 100% بينما إنخفض الغاز الطبيعي بنسبة قدرها 43% مقارنة بعام 2003 وتحتل صادرات النفط المرتبة الأولي فى هيكل الصادرات إذ يُمثل 78% مِن إجمالي الصادرات خلال العام 2004. وقد بلغ إجمالي العائد المقدر مِن الكميات المصدرة لصالح الحكومة خلال العام 2004 نحو 1876.0 مليون دولار أمريكي. بينما بلغ إجمالي العائد الفعلي حوالي 1843.4 مليون دولار أمريكي منها مبلغ 1217.4 مليون دولار أمريكي تم توريدها فى حساب صادر البترول بمبلغ 626 مليون دولار أمريكي فى حساب الإحتياطى ببنك السودان، ويمكن ملاحظة النمو الكبير الذي طرأ على أداء صادر خام النفط خلال العام 2004 مقارنة بالعام 2003 ويعزى هذا إلى الآتي: إرتفاع نصيب الحكومة من الكميات المصدرة من 42.2 مليون برميل فى عام 2003م إلى 50.8 مليون برميل فى عام 2004م بمعدل نمو بلغ 20%. والواقع أن نصيب الحكومة لا شك رقمياًً أنه قد زاد ولكن تلك الزيادة ليست نتاج صراع جدلي مع الشركات المستثمرة بقدر ما هو نتاج طبيعي للزيادة المضطردة فى إنتاج الزيت نفسه. ويمكننا هنا إضافة سببا آخر وهو إرتفاع مستوى الأسعار العالمية مِن 27.8 دولار أمريكي للبرميل فى المتوسط فى عام 2003 إلى 38.6 دولار أمريكي للبرميل. وطبقا لأرقام حديثة نسبياًً فإنه يمكن القول بأن الأقتصاد السودانى وحتى النصف الثاني مِن عام 2008 قد شهد زيادة ملحوظة فى إنتاج النفط، تلك الزيادة تناغمت مع إرتفاع سعر النفط العالمى، كما أن شهد هذا القطاع تدفقات كبيرة مِن الإستثمار الأجنبي المباشر. ومع أرقام 2008 كذلك فقد بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي أكثر مِن 10 %سنوياً فى عامي 2006 و 2007، وقد بدأت السودان بتصدير النفط الخام فى الربع الأخير مِن عام 1999. قطاع الكهرباء: شهد التوليد الكهربائي خلال الفترة المعنية نمواً مضطرداً حيث وصل التوليد الكهربائى الكلي حوالي 3279.9 قيقا واط/ ساعة فى عام 2003 منها حوالي 3074.1 قيقاواط/ساعة داخل الشبكة وحوالي 205.8 قيقا واط /ساعة خارج الشبكة. وإرتفع التوليد إلى حوالي 3794.7 قيقا واط/ ساعة فى عام 2004 بزيادة قدرها 15.7% مقارنة بعام 2003 منها حوالي 3505.9 قيقا واط/ساعة داخل الشبكة وحوالي 288.8 قيقا واط/ساعة خارج الشبكة. وبلغ إستهلاك الكهرباء للعام 2004 حوالي 2496.2 قيقا واط/ساعة بنسبة زيادة بلغت 8% عن العام 2003 والذي بلغ حوالي 2391.6 قيقا واط/ساعة. وتعزى هذه الزيادة إلى زيادة الاستهلاك فى القطاعين السكني والصناعي... ويمكن حصر مشكلات هذا القطاع فى أمرين: أولهما ضعف تمويل صناعات قطاع الكهرباء. ثانيهما إتساع الإقليم السوداني؛ الأمر الذي يزيد من تكلفة صناعة الكهرباء من جهتي التجديدات الطويلة للشبكة والتوليد عند الاطراف البعيدة. ووفقا لأرقام حديثة نسبيا ًيمكن أن نذكر أن: الإنتاج : 4341 بليون كيلو واط (2007) الإستهلاك: 3438كيلو واط (2007) الصادرات: (صفر)كيلو واط (تخمين) الواردات:(0) كيلو واط (2008) قطاع المياه: على الرغم مِن الجهود؛ القليلة؛ التي بُذلت فى قطاع مياه الشرب فى (بعض)ولايات السودان لمقابلة الطلب المتزايد على خدمات المياه فى الريف والمدينة ؛ إلا أن الفجوة ما زالت كبيرة بين إمدادات المياه والأهداف الكمية التي وُضعت لسد الحاجة مِن مياه الشرب. وطبقا لمؤسسة الحكم فإنه يمكن القول بأن عام 2000 عام تمت فيه نقلة كمية لتوفير مياه الشرب وصولاًًً إلى معدل 20 لتر للفرد فى اليوم فى الريف و80 لتر للفرد فى اليوم للمدينة بحلول عام 2007وهو الأمر الذي تنفيه الأرقام الحالية؛ على الرغم مِن إنصات السودان الجيد إلى صوت رأس المال الدولي فى منظمة الصحة العالمية. هذا وقد زادت موارد المياه ونسبة التغطية بفعل إدخال بعض التوسعات الرأسية والأفقية فى شبكات التوزيع بالاضافة إلى رفع عدد المشتركين والمستفيدين مِن خدمات المياه. ولعل الأرقام تُنبىء عن حالة مِن الحراك فى هذا القطاع؛ إذ تم تنفيذ، وفقا لأرقام مؤسسة الحكم، حوالي 35.4% مِن محطات المياه والآبار والحفائر والمرشحات المقررة فى إطار البرنامج الوطني للمياه لعام 2004؛ حيث تم حفر مائة بئر جوفية وتشييد 8 سدود و25 حفير و6مرشحات وتشييد محطة مياه واحده. كما تم الإنتهاء مِن مراحل تصميم محطة تنقية مياه ولاية الخرطوم وتجهيزات الموقع وحماية النهر بنسبة 100% وتم تشييد 66% من الأحواض المطلوبة. أيضا إكتملت المراحل النهائية لتشييد محطة تحلية مياه بور سودان لإنتاج 10 ألف متر مكعب فى اليوم. وفى المناطق القاحلة تم تشيّيّد 10 حفائر وتأهيل 10 حفائر أخرى بإستخدام قروض الصين(التي تعد حليفاًً وشريكاًً نفطياً استيراتبجياًً مهماًً بالنسبة للسودان) الجدير بالذكر أن القائمين على تنفيذ برنامج المياه فى السودان قد تعللوا (بشح الموارد) حين التحدث حول دراسات توفير المياه لولايات النيل الأزرق ودارفور الكبرى والنيل الأبيض. قطاع التعدين: تنهض الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية فى السودان بإجراء البحث والتنقيب (لاحظ: البحث والتنقيب,لا الاستخراج)عن المعادن كما تقوم بإعداد الخرائط الجيولوجية (بمعاونة الخبراء الأجانب بالطبع) وهذا القطاع بطبيعة تكونه التاريخي تُهمين عليه الشركات الدولية العملاقة على الصعيد العالمي وهو مِن تلك الوجهة يثير التساؤلات حول مَن الذي يستأثر بناتج الأرض؟ والسؤال له وجاهته مِن جهة أنه يثير بالتوازي عدة أسئلة جوهرية, وربما حساسة, مِن طراز مَن هو صاحب الأرض؟ ومَن هو صاحب الدولة؟ ومَن هو صاحب الشركة المستخرجة لما فى بطن الأرض السودانية؟ وهل تلك هي حقاًً اللحظة التاريخية التي يَطفو فيها على السطح، كما الشأن فى فنزويلا، ونيجريا، . . . ولئن كان من زاوية مختلفة نسبيا، الصراع بين الريع (كظاهرة تاريخية)وبين الربح(كظاهرة تاريخية موازية) (ثالثا) قطاع الخدمات (أ) الطرق والجسور: لا ريب فى أن قطاع الطرق والجسور يؤدى دوراًً هاماًً فى عملية التنمية الاقتصادية (على الأقل كما تطرح نفسها فى كراسات التعميم) حيث أنه يربط مراكز الإنتاج بتجمعات الإستهلاك وموانئ التصدير ويساعد على تنمية (وإن كانت تنمية غير متوازنة كقانون رأسمالى عام) المناطق التي تمر بها الطرق, ويَشمل هذا القطاع الطرق القومية العابرة لأكثر من ولاية والممولة تمويلاًً غالبا تمويلا أجنبياًً... بيد أن شُح الموارد (كما يتردد فى لغة الخطاب الرسمية) إضافة إلى الأبعاد الأمنية لرأس المال الدولي يقفان عائقاًً أمام ربط أقاليم السودان ربطاًً حديثاًً من خلال شبكة طرق تتكفل بذلك (ب) قطاع النقل والاتصالات: يضم قطاع النقل فى السودان كل مِن هيئة السكة الحديد وهيئة النقل النهري وهيئة المواني البحرية وشركة الخطوط البحرية السودانية وشركة الخطوط الجوية السودانية وهيئة النقل البري. ويُمكن القول بأن هذا القطاع الجزئي إنما يكرس جُل مظاهر التخلف. الشركة السودانية للاتصالات (سوداتل): إستمرت الشركة السودانية للاتصالات (سوداتل) فى تحسين وتطوير خدماتها منذ تأسيسها فى عام 1993. وصارت من أكبر الحقول الإستثمارية فى السودان وأُُدرجت أسهمها بالأسواق المالية الدولية, كما تعتبر أسهمها الأكثر تداولا فى سوق الخرطوم للأوراق المالية منذ العام 1997. وبجانب خدمات الهاتف تقوم الشركه بتقديم خدمات المعلوماتية مثل خدمه شبكة المعلومات والإنترنت والتراسل والدوائر المؤجرة والتجارة الاكترونية وخدمه المكتبة الاكترونيه...إلخ ويشهد حقل الإتصالات صراعاًً جدلياًً بين قوى رأس المال الدولي فى سبيل السيطرة على الجديد فى عالم التكنولوجيا, الأمر الذي يعنى، كما ذكرنا سلفاًً بالمتن، أن تطور المجتمع السوداني، وكافة المجتمعات، مِن تلك الوجهة يَرتبط بمدى التطور الحاصل فى الصراع الاجتماعي مِن أجل الحصول على الجديد فى مجال التكنولوجيا وليس مرتبطاًً بالتطور الحاصل فى مجال التكنولوجيا نفسها, أى العكس تماماًً لما هو سائد, على الأقل, فى الفكر الاكاديمى... والفكر الاكاديمى ليس بالضرورة هو الفكر الصحيح كما يقول أستاذي الجليل الدكتور/ محمد دويدار. ومن جهة أخرى مكملة للإستعراض الرقمى والإحصائى السالف عاليه، فإنه يجدر بنا السير خطوات فى سبيل إختبار صحتها النسبية، بمعاينتها، وتحديثها، فى ضوء تقرير وكالة الإستخبارات الأمريكية cia ، والذى أوردته بموقعها الالكترونى :
https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook
الناتج المحلى الإجمالى (تعادل القوة الشرائية)
92 بليون دولار أمريكى (2009 )
الناتج المحلى الإجمالى (سعر الصرف الرسمي)
54 بليون دولار أمريكى
الناتج المحلى الإجمالى ( معدل النمو الحقيقي)
4،2 ٪ (2009)
الناتج المحلى الإجمالى/ للفرد (تعادل القوة الشرائية)
2300 ( 2009)
الناتج المحلى الإجمالى -- التكوين حسب القطاع :
الزراعة : 32،1 ٪
الصناعة : 29،4 ٪
الخدمات : 38،5 ٪ (2009)
القوى العاملة :
12 مليون (تقديرات 2007)
القوى العاملة وفقا للهيكل :
الزراعة : 80 ٪
الصناعة : 7 ٪
الخدمات : 13 ٪ (1998)
معدل البطالة :
18،7 ٪ (2002)
السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر :
40 ٪ (2004)
دخل الأسرة أوإستهلاك النسبة المئوية لنصيب :
أدنى 10 ٪ (غير متاح)
أعلى 10 ٪ (غير متاح)
الإستثمار (الإجمالي الثابت)
20،7 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي (2009 تخمين)
الميزانية :
الايرادات : 9,7 بليون
النفقات : 10,38 (2009)
الدين العام :
103،7 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي (2009)
100 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي (2008)
معدل التضخم (أسعار المستهلك) :
11،2 ٪ (2009)
المخزون النقدى :
62.56 بليون (31 ديسمبر 2008)
المخزون من أشباه النقود :
42.64 بليون (31 ديسمبر 2008)
الزراعة -- المنتجات : القطن والفول السوداني، والذرة الرفيعة والدخن ، القمح ، الصمغ ، وقصب السكر ، والكسافا (التابيوكا) ، والمانجو والبابايا والموز والبطاطا الحلوة ، السمسم ؛ الأغنام والماشية
الصناعات : النفط ، وحلج القطن والمنسوجات والاسمنت والزيوت الصالحة للأكل ، والسكر والصابون التقطير ، والأحذية ، تكرير النفط ، والمواد الصيدلانية ، والأسلحة ، والسيارات / الجمعية شاحنة خفيفة
معدل نمو الإنتاج الصناعى :
3،2 ٪ (2009)
النفط -- الإنتاج : 486700 برميل / يوم (2009)
نفط -- استهلاك :
84000 برميل / يوم (2009)
النفط -- الصادرات :
303800 برميل / يوم (2007)
نفط -- واردات :
11400 برميل / يوم (2007)
نفط -- احتياطيات :
68 بليون برميل (1 يناير 2009)
الغاز الطبيعى -- الإنتاج :
(0) متر مكعب (تقديرات 2008)
الغاز الطبيعي -- الاستهلاك :
(0)متر مكعب (تقديرات 2008)
الغاز الطبيعى -- الصادرات :
(0) متر مكعب (تقديرات 2008)
الغاز الطبيعي -- الواردات :
(0) متر مكعب (تقديرات 2008)
الغاز الطبيعى -- الإحتياطيات المؤكدة :
8495 بليون متر مكعب (1 يناير 2009 طبقا لتقديرات)
الصادرات :
7.56 بليون (2009)
11,60 بليون (2008)
الصادرات -- السلع :
النفط والمنتجات النفطية والقطن والسمسم والفول السودانى الثروة الحيوانية ، والصمغ العربى والسكر
صادرات -- شركاء :
الصين 58،29% ، اليابان 14.7 %، 8،83 % اندونيسيا والهند 4،86% (2009)
الواردات :
8,253 بليون(2009)
الواردات -- السلع :
المواد الغذائية والسلع المصنعة ، ومعدات التكرير والنقل والأدوية والكيماويات والمنسوجات والقمح
الواردات -- شركاء :
الصين 21،87 ٪ ، المملكة العربية السعودية 7.22 % ، مصر 6,1 % ، 5،53 % الهند ، الإمارات العربية المتحدة 5،3 %(2009)
الاحتياطيات من النقد الأجنبى والذهب :
879 مليون دولار (31 ديسمبر 2009)
الدين الخارجى :
36,27 (31 ديسمبر 2009)
أسعار صرف العملات :
جنيه سودانى (جنيه) لكل دولار أمريكي/ 2.34 (2009) ، 2.1 (2008) ، 2.06 (2007) ، 2.172 (2006) ، 2.4361 (2005)
هكذا ننتهى مِن الجزء الأول من خطوتنا الفكرية الأولى، بإتمامنا التعرف على مجمل الهيكل الإقتصادى، وصولا إلى تكوين الوعى حول الإقتصاد فى السودان، من حيث تخلفه وتبعيته وهشاشة هيكله وبدائيته. الامر الذى يقودنا إلى الإنتقال إلى الجزء الثانى من خطوتنا الفكرية الأولى، وفيها نعتنى بفحص الكل الجغرافى؛ يحتل السودان الجزء الشمالي الشرقي مِن قارة أفريقيا. بين دائرتي4 و 22 شمال خط الاستواء وخطي الطول 22 و 38 ويمتد طول الحدود البحرية على ساحل البحر الأحمر إلى حوالي 670 كلم، وتحده دولتان عربيتان هما (مصر وليبيا) و7 دول أفريقية(تشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية، وأغندا، وكينيا، وأثيوبيا، وأرتريا) ولقد ساعد هذا الموقع الوسطى السودان كى تكون المعبر الرئيسي بين شمال أفريقيا العربي وجنوبها الافريقى. كما أنه كان الإقليم حتى منتصف القرن التاسع عشر، الممر الرئيسي لقوافل الحجاج إلى أماكن الحج فى الشرق العربى، وكذلك الممر الرئيسى للتجار مِن غرب إفريقيا إلى وشرق أفريقيا. وتبلغ مساحة السودان حوالي 2.5 مليون كلم مربع وهو بذلك أحد اكبر الدول الإفريقية كما يأتي فى المرتبة الحادية عشر بين بلدان العالم الأكبر مساحة. ونتيجة لكبر المساحة هذه تباينت بيئات السودان وتنوعت ثرواته وموارده الطبيعية، كما تعددت أجناس سكانه وأعراقهم وثقافاتهم. وسيكون هذا الموقع، إضافة إلى ثراءه مِن جهة الموارد الطبيعية، وبالاًً على السودان؛ إذ جعله أحد محاور التنافس الاستعماري القديم فى إفريقيا. ولن يختلف الأمر كثيراًً مع الإستعمار "المنهجى" الحديث" إذ لم يزل السودان يُمثل أحد أطماع الاستعمار الحديث، خاصة بعد أن أن أخذت موارد العالم الطبيعية فى التناقص الشديد، وأصبحت مشكلة الغذاء فى المستقبل هاجساًًً يؤرق العالم الرأسمالى المعاصر(بشقيه المتقدم والمتخلف) وبشأن أرض السودان، فأراضي السودان: عبارة عن سهل رسوبي مُنبسط قليل الإنحدار تَتَخلله مرتفعات تغطي أقل مِن 5 % مِن مساحته الكلية؛ أهمها جبال الأماتنوج فى الجنوب، وتلال البحر الأحمر فى الشرق، وجبال النوبة فى جنوب كردفان، وجبل الميدوب، وجبل مرة فيدارفور. ويمثل نهر النيل أهم ظاهرة جيمورفولوجية( أى العلم الذى يدرس شكل الأرض، والتغيرات التى تطرأ عليه لتبيان التاريخ الجيولوجى) فى السودان ويمتد حوالي 1700 كلم مِن الجنوب إلى الشمال، كما يُغطي حوض النيل وروافده فى السودان حوالي 2.5 مليون هكتار وتتكون سهول السودان مِن أنواع مختلفة مِن التربة أهمها: (1)التربة الرملية فى إقليم الصحراء وشبه الصحراء فى شمال وغرب السودان وهي تربة هشة قليلة الخصوبة تُستغل فى زراعة الدخن والفول السوداني والسمسم، كما تعتبر من المراعى الهامة للإبل والضأن والماعز (2)التربة الطينية فى أواسط وشرق السودان، وهي تمثل أهم مناطق زراعة القطن، كما تمثل مصدراًً هاماًً لمنتجات الغابات. وبصفة خاصةالصمغ العربي. ومعظم إنتاج السودان من الذرة، الذى يعد المحصول الغذائي الرئيسي، يتم فوق هذه التربة (3)مجموعة التربات الحديدية الحمراء فى جنوب السودان، وتتميز بإنخفاض خصوبتها. لذلك فان نَمط الزراعة المتنقلة ظل أكثر نظم إستخدام الأرض مُلائمة لهذه التربة. (4)مجموعة التربات الرسوبية السلتية على ضفاف الأنهار والأودية ودلتا طوكر والقاش وتتميز هذه التربات بخصوبتها العالية لتجددها السنوي (5) التربة البركانية الخصبة فى جبل مرة. وبوجه عام، تقدر المساحة الصالحة للزراعة فى السودان بحوالي200 مليون فدان (84 مليون هكتار) والمستغل مِنها حالياًً 40 مليون فدان يروى منها( 4 مليون فدان) بالري الصناعي، و36 مليون فدان بمياه المطر، والنسبة للمناخ: يسود السودان المناخ المداري، والذي يتميز بإرتفاع درجات الحرارة مُعظم أيام السنة وتدرجه مِن جاف جداًً فى أقصى الشمال إلى شبه الرَطب فى أقصى الجنوب. وتصل درجات الحرارة أقصى معدلاتها فى فصل الصيف (مارس أكتوبر) حيث يصل المعدل اليومي فى شهري مايو ويونيو إلى أكثر من 42.9 درجة مئوية فى شمال السودان وإلى حوالي 34فى الجنوب. وتنخفض درجات الحرارة خلال فترة الصيف فى شهري يوليو وأغسطس بمعدل من 5:8 درجة، بسبب هطول الأمطار. وتصل درجات الحرارة إلى أدني مُعدلاتها فى شهرى ديسمبر ويناير. يقتصر هطول الأمطار على فصل الصيف. وتسود سمات الصحراء فى أقصى الشمال حيث يَقل المطر السنوي 50 ملم وتزيد كمية الأمطار وكذلك طول المطر الزراعي تدريجياًًً نحو الجنوب حيث يصل المتوسط السنوي للأمطار 1400 ملم وطول الموسم الزراعي فى أقصى الجنوب. ويعتبر هطول الأمطار المتقطع وتكرار موجات الجفاف التي تتفاوت فى طولها وحدتها خاصة فى الأجزاء الوسطى والشمالية، أحد المميزات المناخية الهامة فى السودان. كانت أقصى موجات الجفاف فى القرن الحالي هو جفاف الساحل (1968/74) وجفاف (1983-1985) والذي إتخذ بعداً مأساوياًًً وإمتدت آثاره لتشمل البيئة الطبيعية والبنيات الإقتصادية والاجتماعية. يتميز نهر النيل وروافده بموارد مائية هائلة تغطي حوالي 25000 كلم مربع ويقدر الإيراد السنوي لنهر النيل بحوالي 58.9 مليار متر مكعب يساهم فيها النيل الأزرق بحوالي 58.9% ويلعب النيل دوراًً حيوياًً فى حياة السكان الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وفى علاقات السودان الخارجية خاصة مع دول حوض النيل. تستغل مياه النيل وروافده فى الري وتوليد الكهرباء مِن خزانات الرصيرص وسنار وخشم القربة وفى الملاحة وصيد الأسماك، وبموجب إتفاقية مياه النيل لعام 1959 فقد مُنحت مصر 55.5 مليار متر مكعب سنوياًً مِن مياه النيل، والسودان 18.5 مليار متر. وبالإضافة لمنظومة النيل يزخر السودان بالعديد مِن البحيرات الداخلية والأودية الموسمية التي تلعب دوراًًً هاماًًً فى حياة السكان الإقتصادية، خاصة فى شرق البلاد وغربها. ويُقدر مخزون المياه الجوفية بحوالي 9000 مليار متراًً مكعباًً تَتَوزع بين حوضين جوفيين. يستغل السودان حاليًًا حوالي 2 مليار متر مكعب مِن المياه الجوفية لأغراض الري والاستخدامات المدنية. ويعتبرالبحر الأحمر منفذ السودان الملاحي إلى العالم الخارجي، وبه مواني بورسودان وسواكن وأوسيف بالإضافة إلى مراسي أخرى صغيرة متعددة. ويتملك السودان ثروة هائلة من الأسماك إذ بالإمكان إنتاج أكثر من 140.000 طن سنويا منها 35.000 طن مِن البحر الأحمر و100.000 طن من نهر النيل وفروعه و5.500 طن مِن بحيرة النوبة. ها نحن الأن وقد مشينا خطوتنا الفكرية الأولى، ولدينا، كحد أدنى، معالم إقتصاد البلد وجغرافيته والتى ننشغل بدرس إشكالياته الإجتماعية، تلك المعالم أو الخطوط العريضة تمكننا مِن إستيعاب السودان كأحد الأجزاء التابعة والمتخلفة من الإقتصاد الرأسمالى العالمى، فمن الواضح بإستقراء الأرقام والإحصائيات عاليه أن الإقتصاد السودانى، إقتصاد هش، متآكل الهيكل، تابع بكل ما تفرضه وتعنيه الكلمة، الأمر الذى يقودنا إلى الخطوة الفكرية الثانية، والتى تنشغل بالكل التاريخى: وسنعمد هنا إلى تجاوز الحديث، الموسع، عن الكل الأقدم، مِن حضارة الكرمة والتى إنتشرت أثارها من منطقة دنقلى شمالاًً وحتى جزيرة أرجو جنوباًً، وحضارة كوش التى إمتدت من 1580و750 ق.م وحضارة مروى (الأصول التاريخية لنشوء الرق فى السودان) وبعد مروى حقبة لا يُعرف عن أخبارها إلا معلومات ضئيلة، حيث حَكم البلاد مجموعات سكانية لم يتمكن علماء الآثار مِن معرفة انتمائها العرقى، ويسمونها المجموعة الحضارية، ويَمتد عصر هذه المجموعة مِن سقوط مروى فى القرن الرابع الميلادي إلى ظهور المسيحية فى السودان فى القرن السادس الميلادي وسيادة مذهب اليعاقبة والمذهب الملكاني، ثم مواجهة التوسع الإسلامي على يد صلاح الدين الأيوبى حتى التوقيع على إتفاقية البقط. إن تجاوزنا الحديث عن تلك المراحل التاريخية، المهمة بلاشك والجوهرية، إنما يرجع إلى الرغبة فى الولوج مُباشرة إلى درس الهيكل(المتعين دراسته) وليس (التاريخ) الذى بَرع فيه البعض، أو تستروا به، بدعوى الحديث فى الإقتصاد السياسى، إستكمالاًً لمسيرة الهزل العِلمى. والأبحاث التافهة. إن إهتمامنا بالتاريخ يَتعين أن يقف عند حدود تبلور الظاهرة المتعين فهمها، وهكذا أفهم معنى"ما هو تاريخى" فى عِلم الإقتصاد السياسى. ولذا يتعين البدء من أول عدوانية للرأسمال الأجنبى(عن الوطن) على الإقتصاد المعاشى بكامل خصوصيته فى السودان، تلك العدوانية التى تمثلت فى: السيادة العثمانية المصرية على السودان فى الفترة من (1821) وحتى الإحتلال البريطانى لمصر( 1882) وهي الفترة التي كانت فيها مصر تحت السيادة العثمانية، وعملت فيها الدولة العثمانية على توسيع نفوذها بالتوسع جنوباًً ، بالتعاون مع حاكم مصر محمد علي، وقد تَميزت فترة السيادة العثمانية المصرية على السودان،بفرض الضرائب الجائرة، والإستفادة القصوى مِن الثروات السودانية(المادية والبشرية/ العبيد) فى تعزيز موارد الدولة العثمانية ودولة محمد علي فى مصر، على وجه الخصوص، وحينما أخذت دولة محمد على فى الضعف والتفكك وتحول الوجود المصرى إلى شكل خارجى ليس إلا، فقد كانت الأتاوات الجائرة والضرائب الباهظة سبباًًً مباشراًً لقيام الثورات ضد الحكم المصري العثماني فى السودان، ففى عام 1881نَجح الإمام المهدي فى ثورته، وطرد الجيش المصري العثماني، وأقام حكومة سودانية وطنية، وإستمرت الدولة المهدية (18) سنة، وحققت وحدة نسبية للسودان، بما فى ذلك منطقة الجنوب. وبدخول القوات البريطانية إلى السودان بأوامر مِن اللورد كرومر المعتَمد البريطاني فى مصر إنهارت الدولة المهدية، بمعاونة الجيش المصري فى ظل حكومة الخديوي، حيث كان الوجود المصري إسمياًًً وشكلياًًً، والوجود الإنكليزي، كثانى عدوانية مباشرة لرأس المال الإجنبى بعد عدوانية دولة محمد على، كان هو الحاكم الفعلي فهو الذي يحكم البلاد وينهب ثرواتها ومقدراتها، وفى عام 1899 وقعت مصر وبريطانيا إتفاقية ثنائية بينهما لحكم السودان، وفى ظل الإستعمار الانجليزي للسودان المصحوب بإدارات مصرية، تَمكنت الحركة المهدية مِن تحريك مشاعر المواطنين وإثارة نقمتهم ضد الإنجليز، وحثهم على الثورة، ومِن أهم تلك الثورات ثورة عام 1924 التي إشتهرت بثورة عام 1924 وشملت أغلب البلاد، وفى عام 1936 وقعت اتفاقية بين مصر وبريطانيا تكرس إتفاقية عام 1899 ، التي حكمت بريطانيا مِن خلالها السودان بإدارة مصرية، وإستمر الشعب السوداني فى حراكه الإجتماعى الرافض للإستعمار، والذى تلاقى مع تحول ذهنية الإستعمار ذاته مِن إستعمار عسكرى دموى، إلى إستعمار منهجى ثقافى أقوى فى إمتصاص الموارد وأفضل لإطباق التبعية.ففى 19/12/1955، أعلن إسماعيل الأزهري (1901-1969) زعيم الحزب الاتحادي مِن داخل البرلمان السوداني، إستقلال السودان، ولكى يتولى منصب رئاسة مجلس السيادة بعد قيام ثورة أكتوبر 1964 إبان الديمقراطية الثانية. وفى الأول مِن يناير 1956، تم إعلان الإستقلال السياسى الرسمى. كى تَسقط السودان فى بئر القمع والفساد و الديكتاتورية والطغيان على يد الحكام المتتابعين، وعلى رأسهم جعفر نميرى (1930- 2009) و( البشير) . . . إبتداءًً مِن قيام الجنرال إبراهيم عبود، بالانقلاب العسكري ضد الحكومة المدنية المنتخبة فى مطلع عام 1958، ثم إندلاع ثورة أكتوبر عام 1964، التي أطاحت به، وتشكيل حكومة وطنية برئاسة الصادق المهدي. بعد ذلك بخمس سنوات تم الإنقلاب العسكري الذى قاده جعفر النميري فيما عرف بثورة مايو 1969، حيث حكم السودان منذ عام 1969 حتى عام 1985 بالحديد والنار ظل قانون الطوارئ والأحكام العرفية التي طبقها طوال هذه الفترة، الأمر الذى معه قام عبد الرحمن سوار الذهب، بإنقلاب عسكري عليه، أنهى حكمه العسكري العرفى للبلاد، وبعد فترة وجيزة لا تتعدى العام، تنازل، فى واقعة غير مسبوقة فى العالم العربى، عن السلطة لحكومة مدنية ترأسها زعيم الحركة المهدية فى السودان الصادق المهدي، إستمرت فى مهامها كحكومة مدنية إلى حين قيام عمر حسن أحمد البشير بالانقلاب العسكري فى عام 1989، وإعلان قيام حكومة إنقاذ وطنى، والتى عَجزت عن إيقاف الحرب الأهلية طوال عقد التسعينات مِن القرن العشرين (حصدت الحرب الأهلية فى جنوب السودان (1955-1972 و1983-2003) ما يزيد عن مليوني قتيل، وأعدادا أخرى لا تحصى مِن الجرحى والمعوقين، وكان نصيب الهجرات الداخلية الناجمة عنها ضعف أعداد القتلى، فقد تَشرد، على الأقل، أربعة ملايين سوداني وأصبحوا لاجئين داخل وطنهم. أما مَن ضاقت بهم الحياة فى الوطن وقرروا النزوح إلى البلدان المجاورة، فقد بلغ عددهم 420 ألف لاجئ. هذا العدد الكبير مِن القتلى والجرحى والمهجرين لم يكن ليكون فقط مجرد إحصائية زإنما خلق ثارات وعداوات كثيرة، وتسبب فى مشكلات إقتصادية، وإجتماعية سلبية لم يعهدها المجتمع السوداني بهذه الكثرة مِن قبل، منها تزايد الأنشطة الخارجة عن القانون مثل اختطاف الماشية وتهريب العاج والذهب والأحجار شبه الكريمة واختزان السلع للربح منها وإنتشار تجارة الأسلحة بين المليشيات) وفى ظل هذه الحكومة أيضا (حكومة البشير)إندلعت الأزمة فى إقليم دارفور غرب السودان، وأدت إلى حدوث إنشقاقات جديد ونشوء حركات عسكرية مُسلحة ضد الحكومة السودانية(القاطنة الشمال) مع مطلع عام 2004، والتي كان أخرها الإضطرابات التي عمت بعض المدن السودانية، وبالذات فى الجنوب والعاصمة الخرطوم، بعد مقتل جون قرنق، زعيم الجنوب. وبعد جهد كبير، وتدخل رأس المال الدولى، تم توقيع إتفاق سلام مع الحركة الإنفصالية الجنوبية فى ديسمبر 2004، يقضي بإعطاء مهلة مدتها 6 سنوات تبدأ منذ توقيع الاتفاق يشرك الجنوبيون خلالها فى السلطة، ثم يجرى إستفتاء شعبي فى المناطق الجنوبية فى نهاية مدة السنوات الست المقررة فى الاتفاق، يقرر خلاله مستقبل الجنوب بالانفصال عن الدولة الأم أم بإبقائه مع الدولة الاتحادية بحكم ذاتي موسع. ولقد أصدر الحزب الشيوعى السودانى بيانه (يونيو 2010 ) فى شأن الإنفصال هذا معرباًً عن وجهة نظره: " مع بدء الفترة الإنتقالية، بعد التوقيع على إتفاقية السلام الشامل فى 2005وإعتماد الدستور الإنتقالي، ثم لاحقاً التوقيع على إتفاقيات القاهرة والشرق و أبوجا، تجدد الأمل فى إعادة بعث الحياة فى نسيج المجتمع السودانى بعد طول سنوات مِن الدمار والتخريب، وفى إعادة بناء الدولة السودانية الديمقراطية الموحدة الحديثة. لكن ، ونحن الآن فى الشهور الأخيرة مِن عمر الفترة الانتقالية ، تشير الحصيلة، وبكل أسف، إلي تفاقم الأزمة والإستقطاب الحاد فى البلاد نتيجة لعدم الإلتزام بتنفيذ الإتفاقيات، وإلي سفور الدعوة للإنفصال، وإلى إستمرار نزيف الدم فى دارفور ، وإلي النكوص ومحاولات التراجع عن تحقيق مستحقات التحول الديمقراطي فى البلاد. وحزب المؤتمر الوطنى هو الذي يتحمل المسؤولية عن كل ذلك. . . . .أقل مِن ستة شهور هى المسافة الزمنية الفاصلة حتي تاريخ تقرير مصير جنوب السودان عبر الإستفتاء المزمع إجراؤه فى يناير القادم. لذلك ندعو كل الساعيين إلى وحدة الوطن ، فى الحكم وفى المعارضة، فى الشمال وفى الجنوب للعمل بكل قوة وجدية من أجل الحفاظ على السودان موحداً وآمناً، يتعايش أهله فى سلام ووئام وتسامح ، إن دعوتنا هذه تنطلق مِن موقفنا المبدئي، منذ تأسيس حزبنا، تجاه ما ظل يعرف بمشكلة جنوب السودان، والذي يتلخص فى أن هذه المشكلة هي مشكلة إقتصادية/ إجتماعية /سياسية، وجزء مِن الأزمة الوطنية العامة فى البلاد، وأن أي حلول تقترح لها ستظل ناقصة وهشة إذا لم يتم النظر إليها، مشكلة الجنوب ، فى إطار المشكلة العامة فى السودان. ومن هنا كان، ولا يزال، موقفنا هو: أن الحل النهائي لقضايا الوطن لا يمكن أن يتأتى إلا فى إطار التوافق على مشروع وطني قومى للخروج بالبلاد مِن أزماتها، مشروع يراعي التعدد الإثنى والتفاوت التنموى فى مختلف ربوع البلاد، ويراعى تراكم مغذيات الأزمة عبر السياسات الخاطئة والمستمرة حتي اليوم، مشروع يبنى فوق ما تم الإتفاق عليه فى إتفاقية السلام الشامل ومقررات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية (1995) مشروع يتصدى، عبر الديمقراطية ومزيد من الديمقراطية ومشاركة الجميع، لقضايا التنمية المتوازنة والمشاركة العادلة فى السلطة وموارد الثروة والنظام السياسى الأفضل لبلادنا، بحيث نحتفظ بالسودان موحداًًً وحدة طوعية إختيارية فى إطار التنوع والتعدد، ووفق الإرادة الحرة لكل سكانه. . . . . أننا فى الحزب الشيوعي السوداني، ومع تأكيد تمسكنا بقيام الإستفتاء حول تقرير المصير القائم على الديمقراطية وحرية الإرادة حسب ما ينص الدستور والذي يركز على خيار الوحدة فى موعده المحدد المتفق عليه. ندعو لأن يلتئم خلال الشهور القادمة وقبل تاريخ الاستفتاء، مؤتمر قومى تشارك فيه كل القوى السياسية فى الجنوب والشمال، حكومة ومعارضة، وبحضور ومشاركة الجهات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالمشكل السودانى، للإتفاق على مشروع للحفاظ على وحدة السودان على أسس جديدة منطلقاًًً مِن إتفاقية السلام الشامل ، وفى نفس الوقت يبحث المؤتمر الترتيبات اللازمة فى حال ما جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح الإنفصال، كما يبحث الترتيبات الضرورية لضمان تهيئة المناخ الملائم لقيام الإستفتاء فى موعده، وكذلك التدابير الضرورية لضمان قبول وتنفيذ نتيجة الإستفتاء . كما ندعو إلي إستنهاض حركة جماهيرية واسعة متعددة المستويات السياسية والإجتماعية والثقافية والرياضية لدعم خيار الوحدة . . . . . مرة أخري، يؤكد الحزب الشيوعى السودانى، أنه مع خيار وحدة السودان. وحدة طوعية تقوم علي الديمقراطية والإرادة الحرة ودولة المواطنة التي تسع الجميع لتستوعب مضامين النظام السياسي المدني الديمقراطي التعددي ، ولتراعي العدالة فى توزيع السلطة وفى التنمية وإقتسام الثروة . ولترسخ هوية سودانية تجمع فى تكامل بين الوحدة والتنوع وتتأسس على واقع تعدد الديانات والثقافات والقوميات فى بلادنا والذى يجب أن يكون مصدر خصب وثراء لهويتنا السودانية ، لا سبباً فى صراعات دامية مريرة . وبهذه المواصفات ، فإن قضية ترجيح كفة خيار الوحدة فى الإستفتاء علي تقرير المصير، هي قضية صراع تقتضى حَشد كل المعطيات والطاقات لها.ونحن فى الحزب الشيوعى السودانى لن ندخر جهداًًً فى سبيل الوصول لهذا الهدف النبيل .
http://www.ahewar.org/debat/show.
الأن وقد إنتهينا مِن خطوتنا الفكرية الثانية بتكوين الوعى حول الكل التاريخى، وصولا إلى الآنى على الصعيد السياسى، إبتداءًً مِن عدوانية الإستعمار المصرى وقانون حركته الذى يدور حول السوق والتبادل، ومروراًً بالعدوانية المباشرة لرأس المال البريطانى، وإنتهاءًً بالسقوط فى بحار الجوع والفقر والمرض، والقمع الفكرى. فيتعين أن نسير خطوتنا الفكرية الثالثة ببحث التكوين الإجتماعى ذاته، وإنما إبتداء من تكونه التاريخى وبعده الجغرافى السابق التعامل معهما، وصولا كذلك إلى الآنى، وإنما على الصعيد الإجتماعى. وفقاًً للتصنيف الإستعمارى البريطانى: فقد قُُسم المجتمع السودانى إلى ثلاث طبقات متميزة، الطبقة الأولى وتَضم، بالضرورة، المستعمر، أصحاب الجنسية البريطانية، ويَحتل أصحاب الجنسيات الأوروبية الأخرى، العاملين فى السودان المرتبة التالية مباشرة، أما أصحاب الجنسية المصرية والجاليات الشرقية الأخرى، فيأتون فى الترتيب الطبقى الثالث. ثم سكان النهر، ويُعرفون بإسم الجلابة الشماليين. وكانوا الطبقة الاولى مِن السكان السودانين ويمثلون الطبقة الرابعة فى ترتيب التعامل والتوظيف فى الدولة. وأخيراًً الأهالى، وهم الطبقة الثانية مِن سكان السودان ويمثلون الطبقة الخامسة. وبينما قََدم التصنيف الإستعمارى الطبقات الثلاث الأولى(بريطانى، أوروبى، مصرى وشرقى) فقد قام بقسمة السودان إلى شطرين(طبقتين) هما جلابة الشمال، مِن جهة، وباقى الشعب مِن جهة أخرى، ولم تَتَغير تلك الطبقية فى السودان بَعد الخروج الشكلّىّ للإستعمار البريطانى فى 1956 ،فلم تزل الطبقية مُهيمنة تحت ظلال القمع والقهر والجوع والفقر والمرض، ولئن حَدث التعديل على النحو التالى: الطبقة الاولى: الشماليون، ويمثلون نحو (4%) مِن السكان، وهم مَن بيدهم السلطة ويديرون الدولة ويتحكمون فى الطبقات الأخرى، وهم جلابة الشمال فى التصنيف الإستعمارى البريطانى، إذ يُسيطر الشماليون على دواوين الحكم وإدارة المؤسسات بالدولة، وللتعاون الذي حدث بين جلابة الشمال والإحتلال البريطانى؛ فقد تكفل الإحتلال بتأهيل وتعليم أبناءهم. وتم تسليم الأمر إليهم بموجب مؤتمر جوبا عام (1947). (يتطابق الأمر بشكل ملفت مع ما حدث فى فنزويلا، وتََكََون الطبقات المهيمنة فى ركاب رأس المال الإستعمارى، والذى سلمها الإستعمار حين خروجه مَقاليد الأمر، كى يَكُُون أداته الرئيسية فى إستكمال أعمال النهب المنظم، فأن تَعميق الهيمنة الإستعمارية، وفرض الزراعة الأحادية قد تم مِن خلال هيكلة إقتصَاديات بلدان القارة على نحو يخدم إقتصَاديات الأجزاء(الإستعمارية) بجعل بُلدان القارة مورداًً دائماًً للمواد الأولية، الأمر الذى تزامن مع نُشوء المزرعة الإستعمارية، وتَبلور الطبقات الإجتماعية المكََوَنة تاريخياًً فى ركاب رأس المال الأجنبى، الأسبانى والبرتغالى والإنجليزى والهولندى والفرنسى، ثم الأمريكى كأمتدادٍ للهيمنة والسيطرة، ومِن هنا نشأت أرستقراطية السكر، وأوليجارشية الكاكاو، وبخاصة فى كاراكاس، العاصمة الفنزويليةـ مع نِهاية القََرن السادس عشر، كما ظهرأثرياءُ الغابةِ (المطاط) وأباطرةُُ البن ) يلى جلابة الشمال أو أهل الصفوة، الجاليات الشرقية، ويُطلق عليهم (الحلب أوالغجر) وهم يشاركون الطبقة الأولى فى الهيمنة على الثروة. ويبلغ نسبة الحلب 1 % مِن نسبة السكان، وهم ذوي البشرة البيضاء فى الغالب. وهم المسيطرون على التجارة الاجمالية فى البلاد ويديرون البنوك، وشركات التصدير والإستيراد. وتُعتبر الحلب طبقة غاية فى الثراء، وتَجد صعوبة بالغة فى الإنسجام مع باقى طبقات الشعب. ويُمثل الأقباط المصريون والسوريون الغالبية فيهم. يَلى الجلابة والحلب، العرب السود أو الأفارقة مِن ذوى الأصول العربية، كََطبقة ثالثة، وتبلغ نسبة العرب السود أو الأفارقة من ذوى الأصول العربية 20 % مِن سكان السودان وهم ذوي البشرة السمراء فى الغالب. والعِرق الزنجى ما يميزهم . ومُعظمهم رعاة إبل او أبقار وأغنام، ويعيشون على هامش المجتمع السودانى، إذ يعيشون فى وضع إجتماعي وإقتصادي متخلف. وينتشرون فى الأقاليم الطرفية فى السهول الغربية والوسطى وفى الشرق، ولا يشاركون فى الدولة السلطة اوالثروة بشيء على الإطلاق، وغالبية العرب يعيشون بدو فى الشرق، فى حالة رفض للدولة، ومع ذلك فقد تم إستخدامهم كجنود مرتزقة فى الحرب ضد الجنوب، كما إستخدمتهم الدولة فى حربها فى إقليم دارفور، فالعرب السود يمثلون القسم الغالب مِن مرتزقة "الجنجويد" المتهمين بإرتكاب جرائم حرب بشعة ضد الانسانية فى السكان الأصليين. وفى الطبقة الرابعة. يأتى الزنج المسلمون، وهم مِن السكان الأصليين مِن ذوى الثقافة العربية. ويبلغ نسبة الزنج المسلمين 50 % وعلى الرغم مِن غالبيتهم العددية يتميزون بالجهل والفقر الشديدين، ويتشاركون مع العرب السود فى طريقة التدين والتمازج العرقي. ويتصف الإسلام السودانى ببعد صوفى إمتزج بالطرق الدينية المتعددة ذات الصلة بغرب إفريقيا، وتُعد تلك الطبقة مِن أكثر الطبقات ليس فقط تميزا فى الفقر والجهل، وإنما فى الإضطهاد كذلك. وفى نهاية التراتبية الإجتماعية يأتى الزنج غير المسلمين وهم كذلك مِن السكان الاصليين. ويمثلون نحو (25%) مِن السكان، وغالبتهم يسكنون الغابات الجنوبية والجبال الوسطى. ويتشكل الزنج أو السكان الأصليين مِن شعب السودان من طبقتن، المسلمين وغير المسلمين الأغلبية السكانية. ولا يمكن تبرئة تلك الطبقة(الزنج المسلمون) مِن التعاون مع جلابة الشمال فى حرب الخمسين عاما ضد الجنوب، ولربما كانت هناك خطة سرية مِن الطبقة الاولى وتشاركها بقية الطبقات فى إبادة الطبقة الخامسة ومحوها من الوجود، هكذا يعتقد الزنوج غير المسلمين فى الشطر الجنوبى. إذ تعتبر الطبقة الخامسة طبقة منبوذة، ولا يربط بينها وبين الطبقة الاولى أى رابط، مما يدفع بذلك الشطر الجنوبى إلى الانفصال.وإذ ننتهى هنا مِن خطوتنا الفكرية الثالثة، بعد أن عاينا الهيكل الإقتصادى، وتعرفنا على الكل الجغرافى، والتاريخى، وصولاًً إلى التعرف على التشكيلات السكانية والإجتماعية، فإن الطريق الأن يبدو ممهداًً نحو تكوين الوعى بشأن الصراع الإجتماعى الراهن فى السودان، وهو الأمر الذى نرجئه إلى حين إتمام دراسة أكثر شمولا عن الإقتصاد السياسى للصراع الإجتماعى الراهن فى السودان، كما نتركه مفتوحا لإسهامات الباحثين.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البتروليتاريا
- جدلية الصراع الإجتماعى فى فنزويلا


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عادل زكى - الصراع الإجتماعى فى السودان. منهج مقترح للفهم