مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3272 - 2011 / 2 / 9 - 23:50
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
نستور ماخنو *
1918
ترجمة : مازن كم الماز
مانيفيستو الماخنوفيين *
النصر أو الموت . هذا ما يواجه فلاحو أوكرانيا في اللحظة الراهنة في التاريخ . لكننا لن نموت جميعا . هناك الكثير جدا منا . نحن البشرية . لذلك يجب أن ننتصر – ننتصر ليس لكي نتبع مثال السنوات السابقة و لكي نسلم مصيرنا إلى سيد ما جديد , بل لكي نأخذ مصيرنا في أيدينا و لكي نمارس حياتنا وفقا لإرادتنا و لتصورنا عن الحقيقة .
كان شهري فبراير شباط و مارس آذار 1918 وقت توزيع قطعان الحيوانات و الأدوات التي تم الاستيلاء عليها من ملاك الأرض في خريف 1917 و لتقسيم الأراضي بين المتطوعين , و الفلاحين و العمال المنظمين في كومونات زراعية . حقيقة أن هذه كانت لحظة حاسمة , سواء في بناء حياة جديدة أو في بناء الدفاع , كان واضحا لكل كادحي المنطقة . الجنود السابقون , تحت قيادة اللجنة الثورية المنشغلة بتحويل كل قطعان الحيوانات و الأدوات من ملكية ملاك الأرض و صغار الملاك الأثرياء إلى ملكية للكومونة , تركوا لهم زوج من الأحصنة , بقرة أو اثنتين ( حسب عدد أفراد عائلتهم ) , محراث , آلة بذار , جزازة عشب , و مذراة ( أداة لذر القمح ) , بينما توجه الفلاحون إلى الحقول لينهوا مهمة إعادة توزيع الأرض التي بدأت في الخريف الماضي . في نفس الوقت , بعض الفلاحين و العمال , الذين كانوا قد نظموا أنفسهم بالفعل في كومونات ريفية في الخريف , تركوا قراهم مع عوائلهم و احتلوا أراضي ملاك الأراضي السابقين , متجاهلين واقع أن وحدات الحرس الأحمر لائتلاف البلاشفة و الاشتراكيين الثوريين قامت , بما يتوافق مع المعاهدة التي وقعها مع الإمبراطورين النمساوي و الألماني ( أي معاهدة بريست التي تركت أوكرانيا الثائرة تحت سيطرة الجيوش الألمانية و النمساوية – المترجم ) , قد أخلت أوكرانيا بالفعل تاركة إياها لتخوض بتشكيلاتها الثورية العسكرية الصغيرة معركة غير متكافئة ضد الوحدات النمساوية و الألمانية النظامية و التي تعاونها وحدات مجلس الرادا الأوكراني المركزي . على الرغم من ذلك استقروا هناك دون أن يضيعوا أي وقت في إعداد قواهم : جزء يقوم بالعمل الربيعي في الكومونات و جزء يشكل وحدات قتالية للدفاع عن الثورة و مكتسباتها , التي انتزعها الكادحون الثوريون بأنفسهم , إن لم يكن في كل مكان , ففي كثير من المناطق , خطوة بخطوة , معطين بذلك المثل للبلد بأكمله .
جرى تنظيم الكومونات الزراعية في معظم الحالات من قبل الفلاحين , رغم أن تركيبتها كانت في بعض الأحيان مزيجا من الفلاحين و العمال . و جرى تنظيمها على أساس المساواة و التضامن بين أعضائها . كل أعضاء هذه الكومونات – من نساء و رجال يهبون أنفسهم بحماسة لأداء مهامهم سواء في الحقل أو في المنزل . المطابخ و غرف الطعام هي أيضا تابعة للكومونة . لكن أي عضو من الكومونة يرغب بأن يطبخ لوحده لنفسه و لأطفاله أو أن يأخذ الطعام من مطبخ الكومونة و أن يأكله في منزله الخاص , لا يواجه بالاعتراض من بقية أعضاء الكومونة الآخرين .
كل عضو في الكومونة , أو حتى مجموعة كاملة من الأعضاء , يمكنهم أن ينظموا أمور الطعام بالطريقة التي يعتبرونها الأفضل , طالما أنهم يبلغون الكومونة مسبقا , بحيث أن كل الأعضاء سيعلمون بذلك و يستطيعون أن يقوموا بالإعدادات الضرورية في مطبخ و مخزن الكومونة . من التجربة كان من الضروري لأعضاء الكومونة أن ينهضوا في الوقت المناسب في الصباح ليهتموا بالثيران و الأحصنة و سائر الحيوانات و للقيام بأنواع أخرى من العمل . يمكن لأي عضو في أي وقت أن يغادر الكومونة طالما أنه أبلغ مسبقا رفاقه الأقرب الذين يساهم معهم في أعمال الكومونة , بحيث أنه يمكن للأخيرين أن يقوموا بالعمل أثناء غيابه . كانت هذه هي الحالة في فترات العمل . أما في فترات الراحة ( اعتبر يوم الأحد يوم راحة ) فإن كل أعضاء الكومونة يأخذون راحة فيه بالدور ليذهبوا في رحلات .
تجري إدارة كل كومونة من الاجتماع العام لكل أعضائها . بعد هذه الاجتماعات , يعرف كل عضو المهمة الخاصة به و يعرف أية تغييرات عليه أن يقوم بها و هكذا . فقط مسألة التعليم في الكومونة لم تحدد بالضبط لأن الكومونات لم تكن تريد إحياء النمط القديم من المدرسة . كأسلوب جديد استقروا على المدرسة الأناركية ل ف . فيرر ( 1 ) ( التي قرأت تقارير عنها و وزعت نشرات عنها من قبل مجموعة من الأناركيين الشيوعيين ) , لكن لم يجر تدريب الناس بعد بشكل مناسب و لهذا سعوا من خلال مجموعة من الأناركيين الشيوعيين لاستقدام رفاق أفضل تعليما من المدن و فقط كحل أخير قاموا بدعوة معلمين يعرفون فقط الطرق التقليدية للتلقين إلى مدارسهم الكومونية .
كانت هناك 4 كومونات زراعية في دائرة نصف قطرها 3 إلى 4 أميال في غولاي – بولي ( مسقط رأس نستور ماخنو – المترجم ) . لكن هناك الكثير . لكني سأتكلم بإسهاب عن هذه الكومونات الأربعة لأنني شخصيا لعبت دورا مباشرا في تنظيمها . و فيها جميعا بدأت تعطي نتائجها المثمرة تحت مراقبتي , أو في حالات قليلة باستشارتي . لقد منحت أحدها , و لعله أكبرها , عمل يومين في الأسبوع , أثناء الربيع في نثر البذار في الحقول خلف المحراث أو آلة البذار , و قبل و بعد البذار في العمل المنزلي في الأرض المزروعة أو في متاجر الآلات و ما إلى ذلك . في الأيام الأربعة المتبقية من الأسبوع عملت في غولاي بولي في مجموعة الأناركيين الشيوعيين و في لجنة المقاطعة الثورية . لقد طلب هذا مني أعضاء المجموعة و كل الكومونات . و قد تطلب ذلك أيضا حقيقة الثورة نفسها , التي تطلبت تجميع و تنظيم القوى الثورية ضد الثورة المضادة التي كانت تتقدم من الغرب في شكل الجيوش الألمانية و المجرية – النمساوية الملكية و الرادا المركزي الأوكراني .
في كل الكومونات كان هناك بعض الفلاحين الأناركيين , لكن معظم الأعضاء لم يكونوا أناركيين . على الرغم من ذلك فقد أحسوا بالتضامن الأناركي في حياتهم في الكومونة كما بدا في الحياة العملية للكادحين العاديين الذين لم يتذوقوا بعد السم السياسي للمدن , مع مناخ الخداع و الخيانة التي تخنق حتى الكثيرين ممن يسمون أنفسهم أناركيين . تألفت كل كومونة من 10 أسر من الفلاحين و العمال , يبلغ عددها 100 عضو أو 200 أو 300 . حصلت هذه الكومونات من الأرض على ما يمكن أن تعمل فيها بعملها الخاص . وزعت الحيوانات و الأدوات بينها حسب قرار مؤتمرات المناطق للجان الأرض .
و هكذا بدأ الكادحون الأحرار للكومونات بالعمل , بالتناغم مع الأغاني الحرة و المبهجة التي عكست روح الثورة و أولئك المقاتلين الذين تنبئوا بها و ماتوا في سبيلها أو عاشوا و بقوا ثابتين في نضالهم في سبيل "عدلها الأسمى" , الذي يجب أن ينتصر على الظلم , و يزداد قوة , و يصبح مرشد حياة البشرية . لقد قاموا ببذار حقولهم و حصد مزارعهم , واثقين بأنفسهم و في عزيمتهم الثابتة كيلا يسمحوا بعودة أولئك الذين لم يعملوا أبدا في الأرض بل الذين امتلكوها بحسب قوانين الدولة و الذين يحاولون أن يملكوها ثانية .
سكان القرى و الضيع المتاخمة لهذه الكومونات , الذين كان وعيهم السياسي أقل و لم يتحرروا بعد من العبودية للكولاك , شعروا بالغيرة تجاه أعضاء الكومونة و عبروا تكرارا عن رغبتهم بأن يأخذوا كل القطعان و الأدوات التي حصلوا عليها من ملاك الأرض السابقين و يوزعوها فيما بينهم . "ليشتريها أعضاء الكومونة منا" كما قد يقولوا . لكن هذه الرغبة أدينت بشدة من الغالبية العظمى من الكادحين في جمعيات قراهم و في كل المؤتمرات . غالبية الكادحين رأت في تنظيم الكومونات القروية الجنين ( النواة ) الصحية لحياة اجتماعية جديدة , مع انتصار الثورة و اقترابها من ذروتها الخلاقة , التي ستنمو و تقدم مثالا عن شكل حر و كوموني للحياة إن لم يكن في البلد برمته , فعلى الأقل في قرى و ضيع منطقتنا .
جرى قبول النظام الكوموني الحر من قبل سكان منطقتنا على أنه الشكل الأعلى للعدالة الاجتماعية . لكن في الوقت الحالي لا يلتزم جمهور الناس بها مرددين أن أسبابهم في ذلك هو تقدم الجيوش الألمانية و النمساوية , و غياب أي تنظيم لهم , و عجزهم عن الدفاع عن هذا النظام ضد السلطات "الثورية" الجديدة و المضادة للثورة . لهذا السبب فإن السكان الكادحين لمنطقتنا يحصرون نشاطهم الثوري الفعلي في دعم تلك الأرواح الجريئة التي بينهم بكل وسيلة , أولئك الذين استقروا على أراضي ملاك الأرض القدامى و نظموا حياتهم الاجتماعية و الاقتصادية على أسس كومونية حرة .
( 1 ) فرانسيسكو فيرر ( 1859 – 1909 ) مؤسس المدرسة الحديثة , التي تعزز روح الاستقلال و العفوية بين الطلاب . فيرر كتحرري معروف حوكم أمام محكمة عسكرية و أعدم عام 1909 بتهمة التآمر على الملك الإسباني و التحريض على الثورة في برشلونة .
* نستور ماخنو ( 1889 – 1934 ) فلاح و أناركي أوكراني و قائد جيش الفلاحين الأناركي المنتفض الذي قاتل ضد الجيوش الألمانية و النمساوية و الرادا الأوكراني الرجعي و ضد الجيش الأحمر رغم أن علاقته بالأخير مرت بمراحل من الهدوء أو التحالف و من القطيعة و الاقتتال , قبل أن يدمر الجيش الأحمر قواته في عام 1921 . لعب دورا رئيسيا في صياغة برنامج الاتحاد العام للشيوعيين التحرريين أو للأناركيين عام 1926 الذي حاول استخلاص العبر من تجربة الأناركيين الروس في الثورة الروسية . و سمي الجيش الذي كان يقوده بالماخنوفيين نسبة لقائده نستور ماخنو .
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟