أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - -قل ولا تقل... دون احتساب الرسوم-















المزيد.....

-قل ولا تقل... دون احتساب الرسوم-


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 3269 - 2011 / 2 / 6 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"قل ولا تقل..
( دون احتساب الرسوم...)"
حين تقود الثورة أمواجها وتحصد عوائد الأخطاء لتصنع شعوبا من العواصف والأشواق الماردة، تكتب فاتحة عصر من دماء وصراخ يهب ممددا نحو الأعالي، يمسح أديم السحاب، ويدق أبواب الخلاص، والسواعد الساطعة، ويدك قلاع الأعداء المدثرين بالرقص الديموقراطي وعرس الانتخابات المنهكة بالتزوير وأشواك الخديعة، والحقوق السائبة المطروحة في الطريق يعرفها العادي والبادي، ومحبات الوطن المبللة بالعطور المهربة.. حين تتخلى الأقدام عن صمتها والشعوب عن طاعاتها وتبعثر ما في صدورها لترسم طريقها في دروب الظلمات وترفع قاماتها في وجه القهر والخوف الأليم، وتنهر التاريخ عابرة قاراته للحلم البعيد، يقف الأعداء الأشداء في بوابات مغربنا الشريد مدججين بكل لغات الخشب المعمدة بالعماء وغوايات بطعم الخذلان والخواء، مقاتلين من أجل أن يغلقوا علينا البئر ويلونوا جدران الفجيعة بألوان الرياء والتزلف المكسور، وحشائش ولاء باهت لا يحسن التصويب، يتوعد القريب والبعيد، ليعلمونا أبجديات الخضوع وثغاء الاستسلام المقدس ويفتحوا أمامنا خزائنه التي لا تنفد، ويلقوا أمامنا قارعة الوعظ الهجين:
قل: إن ثورات الفل والياسمين، وكل ملل الأزهار، لا تصلح للجلوس، إن ما حدث يبدأ من هناك ولا يصل للهنا، لا أحد في هذا البلد يفرح بالتغيير، نحن بالقسوة ذاتها أعداء التغيير، كل الثورات فخ للشعوب، إنما الأنظمة خلقت للخلود، لها المجد، كل الشر يقع هناك، ونحن لا نعرف الطريق إليه. كانت قرطاج تترك أبوابها مفتوحة على المصاريع فجاءتها الرياح بالمكيدة وحق عليها العقاب..ولا تقل: إن المغرب قد يعرف زوال المحبة، مملكة الآلهة التي لا تغضب، لا صوت فيها غير حفيف أجنحة الملائكة المجندين، بلد من طينة غامضة لا لون لها، وحده يمشي، وحده يكتب ويمحو، يتهجى جنون الصمت، وحده الذي لم يأكل التفاحة الأولى، البريء من آدم الذي أشعل ضجيج الخطيئة.
قل: إن اليأس زاد الفراعنة، يفتح المقبرة أمام العابرين، كل الحياة لا يلبث أن يدعيها، أمر مخجل أن نقول لكل الوحوش ارحلوا، إنها أليفة حد الافتراس، نحن الجيف التي تتغذى منها، هل للفريسة أن تقول كفى، هل للضحية أن ترفع صوتها أمام الجلاد أو تقيس عمرها بعمره الغزير.. قل: إن التاريخ حفرة تتسع لكل الأقدام، والقهر سيد الوقت، فلا تضع وهنك على حافة القوة.. قل إن الفقراء شر البلية، لا تتعب أيديهم من محبة الألم. ولا تقل: إن المغرب خانته الطريق، المشهد رائع كالموت تماما، تستطيع أن تتجول في الرغبة حتى الحلول، لا ليل فيه ولا نهار، لا فقراء في أعلى الصفحة ولا ألم ولا صوت ولا خوف في المتن والهامش، الجميع يمضي نحو سرداب الأمان... ولا تقل: إن المغرب بلد الوزيعات تأتي الصقور لتنهش عمقه، إن السعادة تقع فيه في كل مكان، في البراري المغتصبة، والمسافات المقفلة والضيعات والحسابات الجارية والمنافذ الحادة والوكالات والجماعات والحدائق المعلقة والودائع المهربة والجنسيات المزدوجة والحقوق المهدومة.. قل: إن المغرب جارية، لا هي شرقية ولا هي غربية، تضع الساق على الساق، تنام على جنبها الأيمن ككعب الغزال، وتنعم بالديباج والحلم والحلوى الشباكية والبياض المستحيل، توقظ المدن المذعورة ويخرج الجميع لاعتناق الذل مبتهجين، يرددون ترنيمة البقاء للمخازي العتيدة...
قل: إن الثورات وباء قديم، تطل طبولها من وراء النسيان المعبأ بالقصاص، وترتق خرائط من أوطان شريدة تتيه في غفلة التاريخ، كل الشعوب التي تضاجع الثورات تفتح المجد أمام الصعاليك والفقراء الأجلاف المرابطين في صقيع اليأس المتربصين بجبة وكرامات الأولياء سادة الوقت.. قل: إن كل الثورات لقاع البحر.. ولا تقل: إن المغرب بقرة جف لبنها الحليب، أو مهددة أشجاره بوشوشة العصافير، أو يخطو بعيدا عن المارة أو يخطيء الطريق أو هو سيد الخوف.. قل: إنه الداخل الخارج إلى الحلم: الحداثي حتى السدرة، الديموقراطي حتى مجاري الدم، النامي حتى تلال النوم، المزركش بكل المخططات النافرة الخضراء منها والزرقاء، له الأسماء الحبلى: المهيمن، المذل، المنتقم ، المانع، الضار، الخافض.. يلوح بيديه من برج التاريخ كالجندي العتيق، ويقف حيث تنكسر المدن المجهولة والشوارع المهيأة للنوم الثقيل...
قل: إن الفتى زين العابدين كان يعيش خلف الأسوار، وأن ظله يستنجد الأغوار، وأن اسمه ضاق به المطلق فخرج للناس من نوئه فنادوه بالرحيل، وصوب "البوعزيزي" حياته نحوه كالسهم الطائش، وكان له الجناحان وطار... قل: إن "البوعزيزي" كان بائعا جوالا يحدق مثل البندقية، وأن تاريخ الفقراء صور مقتولة، وأن كل الكادحين لا يسلكون غير المسالك الوعرة، وغالبا فإن أشلاءهم هي وقود الثورة... ولا تقل: إن المغرب سماء بلا نجوم، أو الجنة التي ترقد في الغيوم، لا باعة متجولين في شرفاته، ولا عاطلين في موائده المشتعلة، ولا عمالا كادحين مموهين بالغياب وجمر التسريح.. وقل: إن المغرب بلد يعود بكل الخير العميم لأولاده الذين يختبئون تحت أثقال النعمة الافتراضية..
قل:إن المغرب بلد يتوسد جريد الخيال، في اسمه تنام الأساطير والعجائب الخرافية، وكف شمسه لا تغيب، اصرف وجهك عن مرآته، كل شيء يفر إليه، شعوب وقبائل وأعشاب وطحالب، مهربون أوغاد، ولصوص وشيع وأحزاب تأتي من كل فج عميق: جرارات ومصابيح وأبواب ومفاتيح وقوافل وأقفال وسنابل وفيلة وسباع وضباع وحمائم وخيول ودجاج وكتب وأعلاف وأخشاب وحدائق نبوءات ظمأى يأتيها المدد من دموع الحقائب السرية والعلنية..
لا تقل: إن "أنفكو" بلدة في العراء المغربي، وإن أهاليها المنسيين يفترشون الأرض وبرد السماء، وإن "إيمي لشيل" نائمة في عمق الجراح، تنحت حجر التاريخ العصيب.. وقل: إن المغرب طبلة مواسم وأعياد، بدل تشييد الطرقات نبني قباب الطرقيات الجوفاء، وبدل الديمقراطيات نوزع الحلوى وكعكة المناصب والمقاعد والنقود، ونفرش طريق الوصوليين والانتهازيين واللصوص النهابين وقطاع الطرق بكل الورود الأصيلة والمستوردة، ونضع رهن عوائهم سريرا في الغرفة الأولى وسريرا في الغرفة الثانية ليمارسوا عاداتهم السياسية السرية..
لا تقل: إن للجوع هوية مغربية، أو للفقر إيقاعه المغربي أو للفساد وجه مغربي، إنما هذه الآهات هناك حيث الأشرار يتوضأون بمياه الفتنة، وقل: إن الجوع في المغرب أكثر عذوبة والجور أشد ملوحة، و"قلة الشيء" أشد متعة، والخبز والشاي أروع مائدة سيريالية تغطي ضوء الحاجات.
لا تقل: إن منابت الغلاء تتركنا بعيدا عن الشط حيث تهرب الأشياء وتمارس علينا ساديتها المطلقة، وأن البطالة تعترينا لتقوض جدران التنميات المستدامة وغير المستدامة بيننا، وأن الزيادة في الأجور حق لكل مهجور، وأن الهوة بين الطبقات تفتح باب الطوفان و النقمات.. وقل: إن المغرب جنة تقود الخيرات خلفنا، كل شيء فيها بالأداء الماجن، و إن المضاربات تمطر ذهبا..
قل: إن الثورة مؤنث الثور.
وتقدم نحو المرعى...



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغربة في الشعر الأمازيغي بالأطلس المتوسط
- في نقد استراتيجية التهييج
- وزارة التعليم العالي: كفايات تصنيع الامتيازات
- تعازيم الدخول السياسي
- مدونة السيف على الطرقات
- - أهل الكتاب-
- - غابة عبد الناصر-
- -أولاد عبد الواحد-
- خشب الدرويش
- هل للجمعيات حق الدعوة للإضراب؟
- وزارة التعليم العالي والتحريض على التمييز
- ترقية الأساتذة الباحثين ومأزق اللجان العلمية
- الإصلاح الجامعي الجديد ووضع العصا في العجلة
- الإصلاح الجامعي الجديد:مقاربات تقوية شهوة الإجازة
- - إكراميات- الحكومة المغربية والتصنيف الجديد للأساتذة الباحث ...
- جامعة مولاي إسماعيل .مكناس: انقلاب صغير في رأس الهرم
- وزارة التعليم العالي ولعبة التماهي
- الإصلاح الجامعي الجديد والمجازفة بمستقبل الجامعة المغربية
- مرثيات -فلاديمير- العشر
- اشتعال المرارة


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - -قل ولا تقل... دون احتساب الرسوم-