أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - فرح ثورة الياسمين وعطرها النافذ














المزيد.....

فرح ثورة الياسمين وعطرها النافذ


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 3251 - 2011 / 1 / 19 - 00:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


زمهرير الجسد التونسي أدى لأن تصطك أسنانه هلعاً لأكثر من ثلاثة وعشرين عاماً، لكن مدفأة الحطب الآدمي جسدتها روح مواطن عادي مثلنا ...يسعى وراء لقمة الخبز وغالباً مايزدردها جافة خالية من دسم ومعفاة من طيب... مكتفٍ بجهده قنوع بمايصيب..، لكنه رضع الحرية والعنفوان كما فهم مباديء الكرامة للوطن والإنسان، فأبى أن يذله رهط من أعوان الطغاة والولاة وأجهزة السلطان...أبى " محمد بو عزيزي" إلا أن يشهد على موته التاريخ، وأن يمنح الدفء لكل بيت في تونس، كما يمنح الأمل للمحيط ..الأكبر والأوسع من دائرة البحر وزوايا المغرب...أبى إلا أن يسمع العالم آهاته وصرخاته..أبى إلا أن يرحل الثلج وبرد الحرمان..من مدفأة تمنح القلب الحب والأمان..
هذا الشتاء صار مختلف اللون مختلف الذاكرة..لأن ساعة الصفر انطلقت قبل ساعة الرحمن..ساعة الإذعان تخلى عنها بائع الخضار وقال لأمطار الثورة، اهطلي بياسمين تونس وقرطاج..وفجري من كل بيت وحومة" حارة" في تونس الخضراء وهجاً يغطي مساحة الوطن ويمحي كل صور القداسة عن الجدران..هذا العام بدأناه حزيناً مالبث أن باغتنا بثورة وبركان ياسميني النفحات عذب المناخ طري كندى الربيع ونسمات الحمامات.
عاتية كانت أمواج الأجساد التونسية تقتحم حراب أزلام الطاغية ،ولا تبالي بنيران تتقصد اجتثاث غضبه ومحو إنسانيته، جنون أصاب أمواج البحر التونسي فارتفعت تطال قصور من عرتهم حقيقة أعمالهم أمام شعب صبر وانتظر..عاش جحيم القمع وتكميم الأفواه، تخثرت دماءه قهراً وعسفاً..اشتاقت مدنه وتاقت لهواء الحرية، فلم تعد تخاف سكاكين القادة ولا أناشيد القوادين..لم تعد تهاب سلالات انشقت من حائط الجوع لتقتل الجياع وتسرق قوتهم ، لأنها بالأصل خائنة لطبقتها وانتمائها...بالأصل متنكرة لمنبتها التونسي ، نسيت كيف يشرب الجار قهوته الصباحية مع جاره وكيف يعشق جارته ، أو يمد لها يد المحبة ..كان الشعب للخونة بالمرصاد...توشحت رايتك ياتونس بالدم القاني وعُمِدت بضحايا..قدمت أرواحها ولم تسأل..لم تتأخر..هبت ولم تتوقف حتى رحل مركب الطاغية..غادر ولن يعود.
الخطوة الأولى هي سيدة الدرب الحر..فنأمل ألا تتلكأ وتتعثر خطواتك التالية ياتونس الياسمين، نأمل ونتضرع أن تقفز خيول الحلم فوق صخور ومطبات العصر البائد، ألا تغوص حوافر خيلكم في رمال متحركة أعدت خصيصاً كمصائد لتقويض تضحياتكم..مازالت عيوننا شاخصة نحو عبق الياسمين يفتح خياشيمنا ، التي أدمنت عفن عصر التحجر ورطوبةالأقبية وأرتاج الأقفال وسلاسل الزنازين، مازالت عيوننا تبكي وجع التاريخ ، تشكو وتنوح...تذر رماد ألمها فوق رؤوسنا المنكسة أمام تنور( سيدي بوزيد ) حين منح الخبز الطازج..من جسد غض عَبَر بيوتكم من نوافذها ومن شقوق أبوابها ..كسر أظافر الجوع وأنياب الفاقة...ولقح بموته أجنتكم لتفتح أمصار المشرق والمغرب وتخترق آذاناً صُمَّت أمام نداءات الأرض والإنسان، ...صعاليك المصالح والمقاصل..هيأت نفسها للدفاع عن الطاغوت ولتسريب الفوضى من ثقوب الحياة..خذوا مفاتيح حريتكم ولاتنصاعوا لأنخاب وبيانات حرية وتضامن ..قبل أيام فقط كانت تفتح شهيتها لاستغلال طاقاتكم البشرية على موائد ابن علي وزبانيته.
دعوا الطوفان يغسل أرض تونس، ويصيب زرعنا العربي بمسٍ من جنون ثورتكم الندية، دعوه يخلع سوس السلاطين، يقتلع الأقزام والحكام أشباه الرجال...دعوا ماء طوفانكم يفيض عن تونس ويخض تاريخ حاضرنا الدامي..دعوه يضيء ظلمة ليلنا، وظلمة عقول غابت رغم أن شمس النهار تكشف عري الملوك...لم يبقَ لديهم من سٍرٍ يخفونه...لم يبقَ عندهم من جسارة أو نضارة..فقد هبطت أسعار بورصاتهم في سوق الحضارة..دعوا أسماء شهدائكم يعانقوا ضوء النهار..لنحفظها ونحفرها وشماً على أذرعتنا وعلى صدورنا قبل أن يعتريها النسيان المقصود ..والمعهود..لانريد لشهوة الحرية ولذروتها أن تذبل...لانريد لبذرتها أن تموت قبل أن تشهد عليها الأجيال أنها صنيعة يد حرة..لم يمسسها غريب ولم تضاجع إلا ابن تونس، ولن تنجب إلا تونسياً يحفظ الأصل في عروقه..يحفظ صورة الرجل الجوهرة المشتعلة في نوم مدنكم الأسيرة.....نادى عليكم كي تفتحوا المزالج..كي تمسحوا عيون الأمهات..كي تنتصروا لتعب الانسان وللصدق في محبة الوطن.
هل أدركتم اليوم أن حلاوة الحرية تغرق أرواحنا بوهجها..وتضيق الخناق على من ادعوا أنهم حملة رايات الانسانية؟، بينما راهنوا على موتكم في أرصدة الأسهم التجارية ومعاهدات الصداقة واللباقة..ومصانع تختزل أيامكم وتقتل شبابكم وتبيعكم بأثمان بخسة في السوق الأوربية؟...أرأيتم كيف تمد سيدة من سيدات الدبلومياسية الفرنسية يدها..العسكرية لتنقذ الطاغية" تصريح ميشال أليو ماري"؟.وبعد أن اكتسحت قدراتكم معقل الديكتاتور الهارب..بوقت لم يسمح فيه للكاذب أن يجد تبريراً مخففاً لديباجته الطويلة في مد ذراع الطاغية وتمدد مصالحه...على مساحة أوربا برمتها...وهاهي تصريحات القادة: من ساركوزي إلى ايريك بيسون صهر تونس الجديد.، يلحق به آلان جوبيه...كل يصرح ويبح حلقه ليقنع شعبه...أو شعوب الأرض بخيبته السياسية وخيبة من يُعَول عليهم...في سراء أو ضراء بعارٍ يلحقهم حتى عقر دارهم، وهم الأعلم بما خططت ورتبت أيديهم مع ديكتاتوريات العهر العربي...لأن مصالحهم لاترعاها الشعوب الحرة...إنما تحرسها عيون تخون الوطن وتبيعه في سوق السياسة المُضمرة غير المعلنة...سياسة تسويق الأنظمة الشمولية على حساب حقوق المواطن الإنسان.
امتدي ياثورة الياسمين وعرشي فوق حقول الأقحوان من بغداد إلى مصر فالشام..امتدي ..لأن الأيادي لكِ تمتد...والأذرع نحوكِ تَفتح عن الصدور وترحب بإشراقة نورك كي يعم الضوء وينهزم الظلام.
ــ باريس 18/01/2011.



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين يكمن البلاء، في زعمائنا المرضى أم نحن البلهاء؟
- كنا نريد رمي اليهود في البحر، الآن نرسل بمسيحيي بلادنا إلى ا ...
- أيتام على مائدة اللئام
- غصون الميلاد
- بين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحوار المتمدن همزة وصل
- الطفولة الضائعة بين الوهم والواقع
- التصحر وفوضى التخطيط يعيد تشكيل المدن السورية
- اللعنة السورية
- ممَ نخاف وعلى ماذا؟!
- أوركيسترا عربية تغني الموت أو السجن
- ( المسلمون يقتلون أبناءهم، الذين من صلبهم)!
- ماذا يقول الجيل الثاني في المنفى؟!
- من حديقة - مارون الراس- إلى - حديقة إيران - دُر.
- حرية الفرد( المواطن السوري)!.
- قناديل طل الملوحي ومعاول البعض
- الحكاية ، حكاية صراع وجود وبقاء
- سيدا- آيدز- أو - نقص المناعة- الوطنية السورية
- الحب = العهر = الموت !
- الوجوه المتعددة لانتصارات الإسلام الاجتماعي والسياسي الجديد!
- هل يمكن الغفران؟


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - فرح ثورة الياسمين وعطرها النافذ