أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سلام كوبع العتيبي - الأموات يرقصون مساءاَ ..!! 2















المزيد.....

الأموات يرقصون مساءاَ ..!! 2


سلام كوبع العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 970 - 2004 / 9 / 28 - 09:51
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم اصدق نفسي عندما لمحته بنظرة فاحصة لجسده الكبير .. إنه مازال حيا يرزق بعد أن خرج من تحت ركام أنقاض البناية التي كنا نختبيء في داخلها قبل أن تنزل عليها أطنان من القنابل هدية من السماء على رؤوس البشرية التي ليس لها حسابات في بنوك الدول الكبرى.. كانت الساعه تشير إلى الرابعة عصرا من أحد أيام شتاء المدينة المهزومة الباردة ذات الظلام المخيف الذي تمزقه صافرات الأنذار واصوات سيارات الإسعاف التي تنقل جثث القتلى والمحظوظين من الجرحى .. خرج يترنح نتيجة الجروح التي أصابت ساقيه وجبتهته العريضة .. دماء تجمدت على شعيرات عينيه المغمظتين .. لم أصدق الامر أن الذي تحت الأنقاض خرج وهو بكامل قواه العقليه والجسدية بعد أن فقدت الامل من أنه كان يتنفس تحت كل هذا الركام .. عنما خرج قصدني بشكل يثير الى الريبة وهو يضع يديه تحت ذراعي لغرض ان يرفعني من فوق الأرض التي غرقت بالدم بعد أن بترت ساقي اليمنى وجرحت الأخرى الأمر الذي جعلني عاجز ان اخرج من تحت البناء المنهار بعد أن قصفته الطائرات الديموقراطية .. عندما رفعني الى الأعلى أخذت عيني تجول داخل المكان بحثا عن ساقي المبتوره لاشعوريا .. قال : سوف اعود لجلبها لاعليك أنت والان ليس لنا وقت كافي نستنزفه في البحث على ساقك ؛ دعنا نعجل في المسير الى الطريق العام لغرض إيقاف سيارة اسعاف أو أحد السيارات المارة لكي تنقلنا الى الوحدة الطبية لغرض مساعدتك في وقف النزيف وإلا بعدها سوف يكون الامر خطير .. كان هو الاخر عاجز عن نقل خطواته بثبات نتيجة الجروح الكثيرة التي أصابت أطرافه وجبهته ..
ها أنا سقطت كسيحا في مصيدة الحياة وتناقضاتها التي لعبت بها يد الموت المنبعثة من عقول السياسيين الذين إستوردوا لنا الموت من المدن البعيدة الذي جلبته ناقلات عملاقه لزيارة فقرنا المشبوه تحت أكواخ القصب الاسود .. وصلنا إلى الوحدة الطبية بعد ساعتين من النزف المستمر على رصيف الشارع المتهرء بسبب ما خلفته القنابل وسرف الدبابات الأجنبية .. عانقني بإنفعال بعد ان تركني بين يدي الطبيب الجراح وهم الى العودة مرة اخرى ...الى المجهول الذي يسحق ما تبقى من ازمنة القلوب و المدينة النمبعث من سنانها دخان الحرائق بعد أن تزاحمت جثث القتلى في ما بينها وكأنه ( غضب الطبيعة مع عناق غضب الرب ) كان بعناقه يشير الى حالة من حالات الوداع الاخير بعد أن أصبح على يقين أني لم اعيش الى الغد بسبب كمية الدم الذي نزف من ساقي المبتورة والساق الاخرى التي تحتنظر عن طريق مشرط الطبيب الذي يستهويه بتر الاطراف البشرية ..
الفتيات المتطوعات الجميلات يتحركن داخل الوحدة الطبية بحركات تثير الشفقة على النفس حينما ترى أن تلك الفتيات يهتمن بالجرحى أكثر من ذوي الجرحى أنفسهم الذين يتوافدون على الوحدة الطبية للبحث عن أبنائهم الأحياء منهم ؛ والقتلى الذين إمتلئت بهم ثلاجات الوحدة الطبية ؛ والقسم الآخر من القتلى وضعوا فوق طاولات بيضاء اللون معدة للموتى ... كانت أشكال هذه الطاولات حتى وهي فارغه تثير الخوف في نفسي وأدعي بالرحمة لكل من وضع عليها أو سوف يوضع .. كان من المحتمل جدا أن أكون ضمن هؤلاء القتلى أو كما يقول عنهم الأخرون الشهداء الذين لا تنطبق عليهم هذه الصفة لو أردنا أن نخوض في تعريف الشهادة بشكلها الصحيح مثلما عرفناه من الأنبياء والصديقيين ..
جميلة الفتاة المسيحية العاملة ضمن فريق المتطوعات اللواتي جيء بهن من الجامعات ومركز التدريب المهني والدوائر الأخرى ؛ كانت جميلة أكثر الفتيات المتطوعات تفاني في عملها قبل أن يأتي بجسد من كانت ترتبط به أرتباط عاطفي وتنتظر السلام أن يعم المدينة المهزومة حتى يتسنى لها الأرتباط الحقيقي به لكن لعنة الحروب وقساوت السماء وأنفعال غضب الطبيعة أدى الى أن يكون هذا المحبوب من قبل جميلة جثة تتناوله يدها الساخنتين قبل أن يصيبها البرد بعد أن رفعت الشرشف الأبيض من فوق جثته التي مزقتها القنابل الساخنة ؛ تجمدت وهي تطيل النظر اليه .. خرس لسانها من هول الصدمه ؛ اعادت الشرشف الأبيض الى وضعه الاول وخرجت بخطوات متثاقله من خارج غرفة القتلى بعد أن حل بها من كان يسكن روح جميله وعقلها لكنها ما ان أغلق الباب خلفها حتى صرخت باعلى ما استطاعت ان تعلن من خلاله أن السماء وقادة الحروب قتلوا ( معتز) تجار السلاح والسماسرة والطائرات التي اقلعت من جنب بيوت الجيران قتلت معتز .. وبددت حلم العمر وجفت رضاب الشفاه المتناثر وردا فوق حلم الروح الزهري ... شتمت كل الكاذبين على شعوبهم واعلنت أن الحروب لا يصنعها الله ولا تديرها الطبيعة الغاضبة بل أن هؤلاء هم من قتل معتز.. كانت تتحرك بشكل هستيري جنوني ويدها تقطع بشعرها الليلي المنساب فوق كتفها الذي إنحنى على ما تبقى من الحلم المسافر مع الخيوط الصباحية فوق ثورة الحشائش... حاولت أن أنهض متكأ على عكازين خشبيين لكني تكاسلت عما أهم اليه بعد أن جثم صوت جميله فوق مسامعي بشكل تحنوا اليه الأضلاع ويذوب أليه شغاف القلب .. صافرات أنذار مرة أخرى بعد أن أطفأت الانوار الخارجية للمدينة المعتمه التي أخذت تلعب بها الشياطين ذهابا وإيابا وبعد أن هجرتها الأرواح المنسية ... أبنية تشبه شواهد المقابر النصرانية عندما تغيب الشمس وتهجرها رائحة البشر الاحياء ؛ كان كل شيء داخل المدينة المهزومة يشير الى الموت بعد أن تحول رجالها الى مليشيات مختلفة الآيدلوجيات والتوجهات الفكرية المنحرفة في كل شيء حتى أثناء الحوار فيما بينهما ؛ مدينة مظلمة مقفرة اقول عنها إنها مدينة الأشباح النشطه بعد أن أصبح كل شيء فيها يدعوا الى الموت والجوع الذي جائت به البطالة وقلت المؤن وهزم الشرف وكماليات الروح المقدسة التي سادت البناء النفسي لكل من سكنها في بداية الامر .. ها هي المينة التي كانت تغفوا على ساحل النهر العذب اصبحت تسقي بقايا النهر بعد أن جف من المياه بدماء أطفالها وشبابها وكثير من شيوخها تبرعت الطائرات بدمائهم لصبغ جدران الازقة الموحشة لكي يكون كل سيء فيها علامة إستفهام مثالية للقتل والمقابر .. هاهو معتز قد قتل وهاهي جميلة الفتاة الحالمه تقطع شعرها المسدول فوق كتفيها .. لكن كيف قصفت الطائرات مخزن ثلاجات القتلى عندما كانت جميلة قرب معتز ؟!



#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات أمريكية جديدة تجاه سياستها في العراق .؟!!
- من أروع أفلام السينما الهندية .. لاتفوتكم الفرصة..!!
- سوف يشخون علينا غدا إن كنا خونه ..؟!
- الحكام العرب قتلو آبائهم .. وشيوخ الدين يشخون قرب المساجد .. ...
- علوج حماس يرتدون العمائم الفارسية بعد أن خلعوا العقال العربي ...
- رجل يسعل في منتصف الليل وليس هنالك من يقول له أسم الله عليك ...
- لماذا يتناقض البعض من الاخوة الكتاب .؟!!
- رؤية الشيخ العجوز في ليلة عيد الميلاد ..!!
- سمونا باري وسيمونا توريتيا جواري للمسلمين ..!!
- سوالف ليل ... أللكترونية ...!!
- ديموقراطية .. عرب وين طمبوره وين ..؟!!
- على قلبي مثل الثلج ..!!
- علوج القرضاوي وطراطير زغلول النجار ..!!
- شيخ دين يتزوج من فتوى عذراء ...!!
- مقال بعد منتصف الليل .. شيء لا يشبه شيء ..!!
- إلي ما وافق بجزه .. دفع جزه وخروف ..!!
- الاموات يرقصون مساء ..!! -1 .
- هل يستطيع السيستاني إصلاح ما أفسده جيش المهدي ..؟!
- سياط الحجاج و لعبة المفاتيح ..!!
- حكومة علاوي تجتث هيئة إجتثاث البعث ..!!


المزيد.....




- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سلام كوبع العتيبي - الأموات يرقصون مساءاَ ..!! 2