أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - العراقيون .. والبناء النفسي















المزيد.....

العراقيون .. والبناء النفسي


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 13:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل هم بحاجة الى اعادة بناء النفس؟ هل اعادة المباني و الشوارع والارصفة ضرورة ملحة لتقارن مع ما وصلت اليه على الاقل دول الجوارمن نمو في جغرافية المدن والتخطيط الحضري؟ لا يخالفني الكثير من العقلاء فيما اذهب اليه بإن اعادة جغرافية الفكر لدى العراقيين اهم بكثير من اعادة اعمار الارصفة وزروقتها والمباني ونقوشها ووضع المرايا على واجهاتها وتبقى مشكلة اللاتزامن بين المباني والارصفة والسيارات الحديثة من جانب والسلوك الفردي من جانب آخر هي المشكلة الاعظم .
دعونا نغوص في غمار هذه السيكولوجية عبر مفهوم ربما يبدو غريبا عن مخيلة الكثير منا، انه مفهوم اللاتزامن في السلوك بين ما وصلت اليه الحضارة في بعض الدول المجاورة للعراق في المباني والشوارع والمطارات حتى جعلوا الاخضر هو السائد في الصحراء القاحلة ، انه رائع حقا وبلا مقارنة حينما استطاعوا ان يحولوا الصحراء الى خضار نضر بكل تكنولوجيا العالم المتقدم ، لكنهم نسوا ان بناء الانسان اصعب بكثير في ان يتناغم في سلوكه مع هذه التطورات المتنوعة في الشوارع والابنية والطرقات ، انهم يتركونها ويتخذوا اطراف الصحراء لبناء الخيام وبحضور الجمال"النوق" والماعز والاستماع الى اصوات هذه الحيوانات مع الجلسات العائلية المغلقة او التباحث في شؤون الدولة وادارتها مع افراد الاسرة .. انه اللاتزامن بالسلوك والتعامل مع هذه التطورات حتى وان ملكوا المليارات او احدث الطائرات او اغلى المجوهرات تبقى الثغرة الحضارية فجوة بين الجديد والقديم رغم اننا نقول دائما ان الجديد يولد من رحم القديم ويتخلق من خلاله.
هل العراق سيتجه للبناء كما فعلت بعض دول الاشقاء ونجحت فعلا؟ يبني المباني وتصبح شاهقة لامعة بما استوردت من حضارة .. ولايستطيع ان يصنع ابرة خياطة كما فعل من سبقونا. يستورد اصغر الاشياء ولايفكر بصناعتها ، دعونا نختلف عنهم في اعادة بناء جغرافية الفكر لا جغرافية المدن ، اعادة بناء الانسان لا بناء العمارات الشاهقة والحدائق الغناء بالمليارات .. هدمتنا الحروب وتركت في نفوسنا الطائفية ولوثتنا سمعة المقاومات والتغيير وتركنا الانسان حائر بين ان يقارن وضعه بين مباني دبي وبين الرغبة في الخلاص هروبا من هذا الواقع المرير .
فلنبدأ ببناء الانسان اولا قبل المباني الحديثة كما فعل غيرنا او يساير بناء الانسان بناء البنى التحتي للمنشأت ، فإن بناء الانسان والغور في اعماقه هو من اصعب البناءات ولايوجد منهج مماثل لمنهج بناء الانسان العراقي نستطيع ان نستورده او نقارنه ، وانه لخطأ صارخ اذا ما اردنا ان نبني الفرد العراقي بمنهج بناء دبي او دول الجوار . ان في العراق تراكمات كمية في النفس جعلت العراقي يخطو نحو الاختلاف النوعي حتى مع نفسه ،انه يحتاج الى جغرافية في اعادة الفكر وليس في جغرافية اعادة المدن، لايزال ذهن العراقي يتفتق في عشق التعذيب بجميع صوره واشكاله،فردية وجماعية ويكفي ما تطالعنا به الاخبار والفضائيات ووسائل الاعلام عن استمرار فكرة تسلط المسؤول او الفرد المحسوب على جماعة ينتمي اليها في العراق . انها بقايا ملوثات الفكر الدكتاتوري البغيض الذي حكم العراق اربعة عقود بالدم والحديد وتصفية من يفكر. ألا يحتاج الانسان العراقي الى اعادة بناءه النفسي ؟
يعني مفهوم اللاتزامن الذي نطرحه هنا وسبق وان طرحناه في كتابنا المنشور على الانترنيت "سيكولوجية الشخصية" للكاتب "د. اسعد الامارة" بأن التوافق في الشخصية لا يتم إلامن خلال التزامن بين السلوك اليومي للفرد وتعامله والتطورات الحديثة في التحضر واستيراد السيارات الفاخرة والحديثة مع تكنولوجيا التقدم في الاجهزة ،إذن التحضر في السلوك اولا ، لا التحضر في بناء المباني والشوارع واستخدام التكنولوجيا ويبقى الانسان خاوي من الداخل ، هذه فجوة دول الشمال ودول الجنوب في العالم .
يحتاج العراق الى بناء النفس العراقية التي دمرتها الحروب والحصار وسنوات السبع العجاف بعد انهيار الدكتاتورية ، إما آن الاوان لاصلاح النفس العراقية الجريحة وبناءها؟ ما هي المساعدة التي ينتظرها العراقي الذي تعرض للكوارث وسببت الخلل النفسي ومعاناته من الصدمات والازمات النفسية؟
إذا تأملنا مفهوم البناء النفسي عند العراقيين وجدناه يثير مشكلة هي محور التفكير الحالي لان تراكمات العقود الاربعة الماضية للفرد العراقي مزيجا ً من المعرفة والجهل؟ اليس التدهور في الشخصية العراقية سببه تراكمت السياسة الفردية خلال عقود الدكتاتورية وما تبعتها من فوضى في ادارة البلد؟ أليس البناء النفسي للانسان العراقي وسيلة للسيطرة على الاشياء ومنه تنطلق معالجة مشكلات الحياة المادية والمعنوية والاجتماعية واعادة بناء الاسرة من جديد؟ أليس العراقي يعاني من الشقاء بسبب الفوضى في الادارة وهو اختلال البناء النفسي حتى اصبح يخلط بين الذاتية والموضوعية ، بين الوطنية والفردية، بين ما حرم منه وهو حقه ، وبين حق الدولة وحق المجتمع .
اننا هنا لا نقصد معالجة المضطربين فحسب بل الاسوياء ممن لم يبرأوا من اختلال الادارة الفاسدة والفوضوية حتى صاروا جزءا مكملا لها ومساندا في استمرارها وتشبثوا بمبدأ الحصول على المكتسبات الماديه والاراضي وسلب حقوق الغير لانها فرصة لم ولن تأتي مرتين وهي من ميراث نظام الدكتاتور المقبور.
ان البناء النفسي للانسان يدفع الى تطور المجتمع بأسره وملاحقة تطور المجتمعات التي سبقتنا لا بالابنية والشوارع فحسب بل في البناء النفسي ويمكننا ان نقول ان ميلاد عقل جديد هو ميلاد وعي جديد، هذا الوعي يميز صاحبه بالثراء اللافت بأدواته وحرفياته واساليبه العقلية والفكرية في التعامل اليومي وفي الادارة وفي داخل الاسرة وفي التدريس واساليبه التي باتت بالية في العراق اليوم وهو الحال ذاته في مجالات العلاج الطبي وفي مسارات الحياة الاخرى .
ان البناء النفسي للفرد العراقي لا نقصد به العلاج السحري للذات المتعبة ولا هو الخيال الذي يكافئ الواقع والنية تساوي الفعل كما يعتقد البعض وحتى السياسيين الجدد في العراق اليوم وخلاصة قولنا ان العراقي الجديد بعد كل هذه المخاضات المدمرة التي مر بها هو العراقي العاقل الذي ارادوا به التجاهل والاغفال عبر اربعة عقود مضت.. وعملية البناء النفسي المقصود هي ان تقوم على ان الانسان الذي علينا ان نبنيه ان يرى وأن يتحول مايراه إلى رؤية ثم الى رأي وليعلم ان العين التي ترى هي عين العقل ،عين الفهم والوعي والحكم ، والحكم هو فعل من افعال العقل ، فلنبني العقل ومعه تبنى النفس .



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفلي في مفترق طرق ..كيف الحل؟
- هل الانسان يُعرَف ْ بلغة رغبته؟
- النكتة والفكاهة ونمط الشخصية !!
- البناء النفسي ..متى يهتز عند الانسان؟
- تحوير الكلمات ..من الهزل الى الهذيان الجماعي
- هل يعود الماضي ؟ رؤية نفسية
- وساوسنا .. هل تعيق سلوكنا ؟
- الانتخابات العراقية وكواشف الذات
- الاحباط في الطفولة ..صراع في البلوغ
- الغيرة والجنون !!
- الاغتراب .. هل هو أزمة الإحساس بالوجود؟
- العراقيون وفريضة التساؤل ..عن التدهور في كل شئ!!
- النفس والصراع !! جدل الانسان
- الاستعراضية والتباهي مؤشر للشعور بالنقص!!!
- الكبت والصراع النفسي
- متى ينتهي العبث بالعراق ؟ مدونة سيكولوجية
- مشاعر الخجل عند الاطفال .. كيف تتكون؟
- التربية والشعور بالدونية عند الافراد والشعوب
- العراقيون ومخاض الانتماءات .. رؤية نفسية عن الانتخابات القاد ...
- الغِيرة .. الوجه الآخر للشخصية


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - العراقيون .. والبناء النفسي