اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 2821 - 2009 / 11 / 6 - 17:03
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
يقول عالم النفس الدكتور قدري حفني لايؤدي الحرمان تلقائيا إلي الثورة عليه, بل تتوقف تلك الثورة في المقام الأول علي عدة شروط متكاملة أولها ان يعي المحروم ان ظلما وقع عليه بمعني أنه نال أقل مما يستحق وأن يوقن أن بمقدوره رفع هذا الظلم فبدون توافر هذين الشرطين أي الوعي والإمكانية يظل المحروم إما غارقا في سعادة موهومة هو الخلاص السريع من الدكتاتورية وبغفلة من الزمن لم تستمر فرحتها حتى ظهرت الالاف من المتناقضات في مجتمع أقل ما كان يقال عنه انه شعب محاصر لحكومة لاعلاقة لها بالشعب وهي حكومة النظام المقبور ، أو أسيرا لتشاؤم يعجزه عن الحركة وفي الحالتين يبقي الظلم على ماهو عليه سواء كان حرمانا من العدل أو من الحرية أو من الحق في حياة أفضل او تدهورا في كل مجالات الحياة ابتداءا من ابسط الخدمات مثل الكهرباء والماء والامن والصحة والتقدير الاجتماعي والاحتياجات الانسانية البسيطة التي تتمتع بها افقر دول العالم فضلا عن الاساليب الملتوية في تهديم القيم ومنها قيم المواطنة مقابل وطن سقيم لا يفخر به لا من ناصر الدكتاتورية ولا من وقف ضدها وساهم في اسقاطها .
لسنا مبالغين اذا ما اتفقنا مع جموع الملايين من العراقيين في الداخل او في الخارج بان التدهور في القيم كان القنبلة الموقوتة التي زرعها النظام السابق ورعاها القادمون الجدد الذين تشبثوا بالسلطة وكأن المُلك عاد لهم بعد غياب فلم يقدموا شيئا لهذا الشعب الذي تعود حكامه عبر العصورعلى اذلاله اما بالعلن او بالخفاء تحت شعارات الوطنية والدور القومي سابقا ومن ثم ستار الدين والمرجعية والرئاسات الثلاث الخاوية من اي محتوى وخصوصا المجلس ( مجلس النواب) الذي لا يمثل غير الاحزاب التي يتحدثون نيابة عنها وهو مجلس النواب سئ السمعة والصيت لا بالقرارات التي يصدرها فحسب وانما بتشكيلته
اللا متجانسة وكفاءاته المعروفة بتخلفها حتى بات الناس يتندرون على امتيازاتهم في فترة تمثيلهم لاحزابهم او بعد خروجهم اللامأسوف عليه ، فمن دخل البرلمان العراقي انما ضَمن الدين والدنيا بامتيازاته ..
من يشرع لهذا الشعب ؟ هل شاهدتم بحياتكم شخص آمي ، متخلف ، لا يفقه بشئ من امور اسرته وتربيتها وادارتها يستطيع ان يشرع قوانين لشعب صعب قل مثيله بين شعوب العالم به كم هائل من الكفاءات وتاريخ حافل بالتناقضات بالقبول والرفض ، الانتماء والانسلاخ ، المبايعة ونكث العهد واسألوا في ذلك رابع الخلفاء الراشدين عن ذلك فلديه الخبر اليقين وهو عليم في امور الدين واكثرمنها في السياسة .. انه علي بن ابي طالب (ع) .
ليس من شك ان ما يهدد الشعب العراقي المحروم عبر الازمان هو الاستسلام الجديد للواقع وانه الحال الذي يجب ان يؤمن به لانه ليس في الامكان ابدع مما كان كما يريد لسان حال الجدد من ساسة العراق ان يقولوه ولو في لاشعورهم وعليه ان يستسلم العراقي للحرمان والواقع الفاسد الظالم في كلا الزمنين ( زمن الدكتاتورية وزمن ما بعد الدكتاتورية – الفوضوية والتسلطية والرئاسات الثلاث ) .
والكارثة الكبرى يدعو القادة الجدد الشعب العراقي الى الاستسلام للظلم والعمل على دعمه بخوض الانتخابات الجديدة واعطاء اصواتهم لهذه القائمة او لهذا الائتلاف او لهذه المجموعة النكرة او تلك المتشبثة ودعمها باعتباره قدرا لامهرب منه وان كل ما سواه أسوأ منه .
لو نظر العراقي الى نفسه لوجد كيف حال اطفاله اليوم ؟ كيف حال معيشته ؟ كيف حال أمنه ؟ كيف حال وضعه الاجتماعي؟ ما بعد سقوط الدكتاتورية والى يومنا هذا والعراق مقبل على انتخابات لا نقل عنها غير انها امتداد لانتخابات سابقة اثبتت انها عقيمة وتجمعات لا ترابط بينها تنتهي حال انفضاض الموقف الداعي لها وانفرط عقد جميع الائتلافات ولم يبقى منها غير مصالح تشبث البعض بالكراسي والمصالح والامتيازات وتدور عجلة الزمن من جديد مرة اخرى بعودة الانتخابات واصبح صوت المواطن اغلى وانه اعلى قيمة في الدين والمذهب والانتماء للعشيرة والقوم والعرق والجنس والمنطقة والقرابة والتاريخ المجيد في الصراع ضد الدكتاتورية حتى اصبح بنظر القاصي والداني انها لعبة مصالح لا غير وان هذا الشعب هو مطية لمن يقوده حتى وان كان آبله( من البلاهة ) او بدوي او متخلف او لم يرى في حياته غير الهور والقصب والبردي واصبح عقيدا في المرحلة ما بعد السقوط والان جاء دوره ليصبح منظرا ستراتيجيا في الدورة الانتخابية الجديدة .. اتقوا الله يا قادة العراق الجديد .. لا تنأوا عن فعل وتأتوا مثله .
نتسائل :
هل لعبت الدولة العراقية الجديدة بعد سقوط الدكتاتورية دورا لمصلحة الانسان العراقي المحروم في زمن الدكتاتورية؟
لعبت مؤسسات الدولة العراقية الجديدة ما بعد السقوط دورا مركبا بالغ التعقيد في حياة الانسان العراقي المحروم والمتعب والمنهك بفعل السنوات العجاف التي مر بها خلال اكثر من ثلاث عقود مضت ، فهي من ناحية ربما زادت وعيه بالحرمان وايقن ان اليوم لا يختلف عن الامس ، فعهد صدام لا يختلف عن عهد ما بعده إلا ببعض العناوين وربما استطاع الجدد ان يزيفوا وعيه وتخديره فضلا عن ان الجدد من قادة العراق لعبوا دورا في ايجاد نوع من الوعي الزائف بالحرمان النسبي عن طريق تضخيم وهمي لسلبيات الواقع ولم تتوفر امكانيات التغيير بسبب حصرها بمجموعة من المنتمين لاحزابهم حصريا كما هو الحال بزمن النظام السابق .. من كان بعثيا له الحق في كل شئ ، واليوم من كان منتسبا للاحزاب الحاكمة له كل الحق في التشريع وسن ما يريده وفعل ما يشاء وفي النتيجة حصر المواطن العراقي في زاوية ضيقة هي عليه ان يقول ما يريد ولكن لا يحق له ان يفعل ما يريد ولو بأسم القانون لانه يتعارض مع افكار الاحزاب الحاكمة والجماعات التي تدير السلطة .
ومرة اخرى تقلص صوت العراقي وليس من شك ان في ذلك التقلص والضيق سوف يولد انفجارات جديدة بعد ان تضيق الافكار من النقد غير المسموع ويتحول الى ما تفيض به النفس من افعال .ويكفي ان ننظر يا حكام العراق الجدد الذين قادوا العراق بعد السقوط والذين سيقودونه ما بعد الانتخابات الافتراضية غير الواقعية ان ينظروا الى العالم المتقدم لنرى فيه على نقيض ما يجري لدينا .. ولله في خلقه شؤون وليس : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟