أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - العراقيون .. بين التعب والملل















المزيد.....

العراقيون .. بين التعب والملل


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 2478 - 2008 / 11 / 27 - 10:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عانى الكثير من العراقيين في داخل العراق وخارجه من الظلم والاضطهاد عبر عقود من الزمن وربما لا نغالي لوقلنا عبر حقب من الزمن وربما نوبات تشبه نوبات الفصامي حينما تضرب مركز سيطرته على مجرى التفكير حتى تكاد ان تصيبه بشلل التفكير ، فالعراقي اليوم وبعد هذه المعاناة الطويلة من الهستيريا في كل متطلبات الحياة البسيطة من الآمن الى الخدمات الى نوبات الاعتقالات وصل به الحال الى حالة من الاعياء والتعب وربما الانهاك النفسي قلما يتحمله حتى مريض السرطان بالآمه واوجاعه او من عاش ليلة قاسية مع آلم الضرس ، كلها تنتهي ولم تنتهي الآلام العراقي .
يعرف التعب بالمعنى السيكولوجي بأنه الاحاسيس والمشاعر المعقدة والصعوبة المتزايدة التي يخبرها الفرد بعد استمراره في العمل او التعايش مع القلق او فقدان الضمان الامني لفترة طويلة ، وان التعب يمكن ان يكون عقليا او عضليا او حسيا او عصبيا .
اما الملل فيعرفه عالم النفس الشهير ( انجلش وانجلش) بأنه حالة نفسية تنتج من اي نشاط ينقصه الدافع او الاستمرار في موقف لا يميل اليه الفرد وتتميز الحالة بضعف الاهتمام وكراهية استمرار النشاط او الموقف .
معنى هذا ان التعب حالة فسيولوجية نفسية تنشأ من الاستمرار لفترة طويلة مع جهد وعمل مهما كان الفرد يميل اليه ولديه دافع قوي لمزاولته .
اما الملل كما يقول (د.فرج طه) فهو حالة نفسية تنشا من مزوالة الفرد لعمل لا يميل اليه او ليس لديه دافع قوي لمزوالته وبالتالي يحس الفرد بالملل من استمراره في مثل هذا العمل مهما كانت فترة الاستمرار قصيرة فكيف الحال اذا استمرت عقود مصحوبة بنزيف من الدم والتشرد والارهاق النفسي ، ويقول علماء النفس ان التعب يؤدي الى الملل المؤقت للعمل او الرغبة في الانصراف عنه كما ان الملل غالبا ما يؤدي الى سرعة الاحساس بالتعب من الاستمرار في العمل الذي يمله الفرد ومن هنا يعد الملل احد مظاهر التعب .
ترى الدراسات النفسية ان للتعب آثار سيئة على كل من المواطن والاسرة ( الزوجة والابناء) والمجتمع والاخرين في مجتمع العمل او دائرة الصداقة حتى يبدو الفرد لا يتحمل نفسه بسبب كثرة الضغوط الحياتية الواقعة عليه فيلجأ الى ان يشعر باعراض كثيرة منها النسيان ، الشرود الذهني ، التوهان ، الاخطاء المتعمدة مع الاخرين او مع نفسه حتى ادت في معظم الاحيان الى القسوة في التعامل مع الاخرين.

التعب والملل وانعكاساته على الطفل :
ترى الدرسات النفسية المتخصصة ان الطفل ينحرف او يمرض عقليا بسبب قسوة تعامل والديه معه وهو انعكاس للواقع المعاش الذي يمر به البلد ، هذا السلوك لا يعرفه الطفل و لم يألفه ولم يعرف خشونة الحياة وقسوتها وازاء ذلك يقول (د. محمد شعلان) بحكم قسوة الظروف الاسرية على الطفل والظروف الخارجية على الاب وعلى الام وعلى المجتمع بأسره فإن الطفل لا يفهم ما يجري حوله ولكنه يستجيب بالانطواء والانعزال والراحة كما يعتقد ، وينجح بهذه الطريقة لفترة قصيرة الامد تنتهي بأن يحدث الانقلاب المضاد آجلا ويفرض الجانب المقهور وجوده في صورة الجنون او غير ذلك . وهذا من نتاجات الحرب وفقدان الامن والحاجة الى الخدمات وغير تلك الكثير من الاعراض التي تداهم الطفل العراقي .
ان الادبيات النفسية ترى بديهيا ان الطفل المريض ما هو إلا المعبر الظاهري عن مرض اسرته وكثيرا ما يكون هو أكثر ابناء الاسرة ذكاء وحساسية ورغبة في التطور والنمو ، ومعاناته ليست الا دليلا على صدق رغبته هذه واحباطها ازاء تحجر اسرته وربما هي الاسرة بحاجة الى علاج والادهى في ظاهرة العراق بعد عقود الحروب والازمات والحصار والصدمات النفسية هو بحاجة الى علاج جمعي ليس للطفل فحسب وانما للاب والام والابناء.

هل الام بمنأى عن التعب والملل في العراق اليوم :
عاشت الام العراقية وما زالت تئن من الرجل ( الاب ، الاخ ، الحبيب ، الزوج ، المجتمع ) واضاف على حملها حمل اخر هم الابناء ، فهي كتلة المآسي المتحركة ومعاناة القرون ، وهي الاضعف عبر التاريخ ، فيكفي ان اسقاطات الزوج عليها بسبب ما يتعرض له يكون من نصيبها ( الاسقاط) حيلة دفاعية لا شعورية تلجأ اليها النفس البشرية في حلها للصراع في الشخصية حول دافع نفسي معين بان تتخلص من هذا الدافع فترميه اي تسقطه على شخص خارجي او اي شئ خارجي ، والشخص الخارجي هنا في الاسرة العراقية هي الزوجة لانها الاضعف دائما عبر التاريخ في مثل تلك الحضارات .
يقول (مصطفى زيور ) ان الملل العميق الذي يتسلل في صمت في اعماق الذات إنما يكشف لنا العالم الذي يعيشه الفرد ، هذا الفرد هي المرأة العراقية في صمتها ومللها الدفين الذي يؤدي كما تؤكد الدراسات الطبية النفسية الى القلق ، والقلق الشديد يولد الاغتراب .
ومهما نظرت المرأة العراقية الى نفسها وحكيت تاريخها الذاتي فلا تجد ساعات السعادة ابداً لا في الماضي السحيق ولا البعيد ولا حتى القريب ، والحال هو سيان اليوم عندها لانه يزلزل كيانها فتستشعر العدم مع السمة الدائمة وهي الندم وهو نذير خطر لا يدركه الا معشر من عرف النفس الانسانية ، فهي تعيش ثنائية الحزنين ، الزوج والواقع العراقي المعاش وهي ثنائية وجدانية اذا صح ان نطلق عليها هذه الثنائية توضح لنا أن القلق بوصفه ضيفا ينزل عليها كل يوم من حيث لا تدري فتستقبله بقدر من المضض لانه نذير خطر لشئ قادم أكبر بكثير .
ومن جراء القلق الدائم من الزوج ومن المجتمع ومن اجل الابناء واستمرار المعيشة احياء بدون ان تفقد احد من اسرتها تفقد سيماء وجودها فيصبح الحاضر بالنسبة لها سخرية مريرة لان جوهر وجودها القلق الذي يشتت كل اهتمامها ويصبح العالم عندئذ في عداد الموتى وتغدو الوجوه المألوفة حتى الحبيبة منها اشياء غريبة . اما المستقبل وما ينشأ عنه فهو رهاب ( فوبيا – خوف مرضي ) او هذيان أقل ما يمكن القول عنه ان يعيد الالتصاق بالواقع ولو كان مرضيا .
يتضح اذن ان العراقي فطن الى ان الطريق الصحيح هو التزام منهج الاستمرار بالخوف والرعب والرغبة في عيش يومه فقط حتى يكاد يمسي غريبا عن نفسه ، هذه الغربة تفقده الطمانينة في نفسه بين اسرته ومع اهله في وطنه حتى وان اكسبته المواطنة في بلده ولكنها افقدته راحة البال ولكن هل يبرأ الاصحاء ممن لم يعايشوا تجربة العراق المريرة من التشبث بمبدأ النعيم بلا آلم ؟ لا اعتقد ذلك !! لان الكثير بلا تجربة العراق مرضى وهم في اوطانهم !!!



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفال العراق وألعابهم
- رغباتنا بين الخفاء والعلن !!
- العراقيون بين حلم التحلل وقيود التدين الخاطئة
- التبرير .. لعنة ام رحمة !!!
- شئ من سيكولوجية الحب
- محنتي في انفعالاتي ... رؤية في النفس من الداخل
- نفس تئن وجسد يصرخ
- الاتهام بالتعصب ... تعصب
- لماذا السلوك التخريبي عند الطفل ... رؤية نفسية
- توهم المرض .. هل يعيق البعض ؟
- محاولة نفسية لتفسير الخوف عند الاطفال
- تداعيات الكذب عن الاطفال
- شئ من القلق .. شئ من الدقة
- ظاهرة الادعاء بالامام -المهدي - المنتظر واعراض اضطراب الفصام
- الدين .. هل هو اغراق العقول بالتأمل ؟
- الانتماء والاحساس بالتوازن النفسي
- نحو انسنة السلوك .. الانساني
- لا .. لن اهلوس !!!
- حزني اقوى من قدرتي
- بين الألم النفسي ... وألم الجسد


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - العراقيون .. بين التعب والملل