أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - نحو انسنة السلوك .. الانساني















المزيد.....

نحو انسنة السلوك .. الانساني


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 2144 - 2007 / 12 / 29 - 11:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعرف السلوك بانه جملة استجابات الكائن العضوي ازاء المواقف التي تخلق فيه توتراً يتم خفضه عن طريق هذه الاستجابات ، وان اختلفت وتنوعت الاستجابات من لغة التفاهم والاشارات والايماءات الى اقساها في السلوك وهو سلوك العدوان والتعدي . ويعرف ايضا بأنه تلك الحوادث الجارية في حياة الفرد اليومية من حيث انه يعيش في بيئة خاصة به مع آخرين مماثلين له ، يتفاعل معهم ويتفاعلون معه اي يتأثر بهم ويؤثر فيهم .
والسلوك على ضوء معظم تعريفات علم النفس بأنه استجابة تخفي وراءها دافع ، ويشترك في هذا الانسان مع الكائنات الحية الاخرى ابتداءا من الكائنات الحية الآليفة الى الكائنات الحية المفترسة ، فأذن السمات العامة للسلوك متشابهة لدى جميع الكائنات الحية في جوانبها الخارجية "الظاهرة " التي يمكن ملاحظتها موضوعيا مثل النشاط الحركي وتعبيرات الوجه التي تصاحب بعض الحالات الانفعالية وان زاد لدى الانسان على بقية الكائنات الحية الاخرى التعبير اللفظي. اما الجوانب الداخلية - الباطنية للسلوك مثل التخيل والادراك والانتباه فهي ايضا تشترك الكائنات الحية مع الانسان في ادراك الخطر او ادراك سلوك الملاطفة او الانتباه الى الخطر المتوقع من الاخرين ..الخ اما التفكير والتذكر فربما سمتان تختصان بالانسان دون غيره من الكائنات الحية الاخرى .
اما السمات الاخرى فيتشابه بها الانسان مع بقية الكائنات الحية الاخرى ومنها سمة الامتلاك وحب الذات وقهر الآخر من خلال سلوك الاخضاع واذلاله رغم ان الدوافع الاجتماعية للسلوك تحاول ان تخفف من تقوية السمات السابقة الذكر ، فالسلوك الانساني يكون موجها نحواشباع دوافع اجتماعية عبر الاتصال بالاخرين والتفاعل معهم لغرض اشباع الحاجات المرتبطة بمشاعر المحبة ، والقبول ، الاستحسان والاحترام ، وهذه يتعلمها الانسان منذ بدء حياته وزادت تلك القيم السائدة في المجتمعات المتحضرة مع التطور الحضاري للمجتمعات باضفاء سلوك ومشاعر الدفء والتقبل للآخر لغرض احداث التوافق الناجح مع افراد المجتمع ، فانتجت المجتمعات الحديثة قيما ومعايير واعراف جديدة لفرز السلوك غير السوي مثل التصرفات العدوانية التي لا تتلائم مع السلوك الحضاري فيقول عالم النفس الاجتماعي "هيند" انه ليس بالامكان فهم السلوك العدواني عند الانسان الا برد هذا السلوك الى اطاره الاجتماعي والعلائقي .
اذن انسنة السلوك يختص بها الانسان عن غيره من الكائنات الحية الاخرى ، الانسان بما هو انسان وليس شئ آخر لذا ما يصدر عنه من سلوك يتميز بالحس الاجتماعي والحس الاخلاقي وهما ميزتان اساسيتان تعيدان الاتزان الى سلوك الانسان انسانيته رغم ان الحواس تنشأ لتحقيق الحاجات الجسمية او النفسية او العقلية فان السلوك الذي يثيره ربما يتأثر بالخبرة بقدر كبير ولنأخذ الجوع مثالا ، فعندما تشعر الكائنات الحية بالجوع تبحث عن اطعمة معينة ويرى علماء النفس في هذا الصدد ان الخبرات المبكرة في بيئة معينة ربما تؤدي الى تفضيل اطعمة معينة بصورة دائمة ، اما لدى الانسان فأن الحس ينشأ مع مكونات الجوانب العقلية المعرفية وينضج معها ، فالنضج هو عملية تطور ونمو داخلي (Internal ) لا دخل للفرد فيه كما يقول- "سيد خير الله " في كتابه سلوك الانسان - ويشمل تغييرات تشريحية او فسيولوجية او عضوية او عقلية ويحدد علماء النفس النضج بظهور استعدادات خاصة للفرد دون اي اثر للمران وكذلك الظهور المفاجئ لمظاهر سلوكية جديدة ، فالميل الى التعقل في حل المشكلات اليومية هو بحد ذاته نضج وهو بنفس الوقت سلوك وهو يعني انسنة السلوك الانساني وإلا لسمي اشباعا غزيزيا للحاجات كما هو الحال لدى الكائنات الحية الاخرى عند الجوع او الاحساس بالخطر ومهاجمة الكائنات الاخرى . وأن اختلفت ايضا الاشباعات عند الانسان عنه لدى الحيوان ، فالانسان يلجأ الى العنف ويهاجم الانسان الآخر حينما يختلف معه في الرأي او الاتجاه او المعتقد او المذهب او الدين او الفكر وهي عودة الى الغريزة الحيوانية فنراه يستخرج كل الاسلحة الفتاكة للنيل منه ابتداءا من العنف الشخصي وهو العنف الموجه تجاه اشخاص في صوره المتعددة كالقتل او الاغتصاب ..الخ او العنف الاسري حيث يرجعه علماء النفس الى الرواسب الاجتماعية والسيكولوجية الموجودة بين الوالدين او بين الزوجين او العنف المدرسي الذي يأخذ صورة الاعتداء على المعلمين او القيام بحرق الاشياء الخاصة بالمدرسة داخل حرم المدرسة او التخريب المتعمد للممتلكات الخاصة او حتى التعدي على لوائح وقوانين المدرسة او حالات الغش الجماعي .. الخ او العنف الاقتصادي الذي ينطوي من باب المغامرة بنظام المجتمع الاقتصادي والمخاطرة بالاقتصاد العام لنظم القيم في المجتمع ، او العنف السياسي من خلال اجهزة الدولة واستغلال مناصبها مثل الاجهزة الامنية المختلفة او استغلال القضاء ابشع استغلال للاغراض الشخصية الضيقة .. كل تلك والعديد من انواع العنف المنظم الذي يمارسه الانسان كسلوك يصدر من الانسان الذي لم يتطبع( من التطبيع) سلوكه بالانسنة وانما بقى اكثر ميلا للحيونة وبه فاق السلوك الحيواني في التدمير والافتراس ، وهو اشد انواع تطبيق العنف خاصة عندما تتم ممارسته من جهة دينية وهو العنف الديني والمذهبي وهو ما يمكن ان نطلق عليه العنف المقدس او العنف الرباني الالهي – تحت مسمى الجهاد او الفتوى بالقتل والتمثيل وهو العنف الخفي حيث يكون تحت اشكال مختلفة ومسميات متنوعة واغطية تتراوح ما بين الفكر السياسي الى التدين بانواعه والمذاهب باختلافاتها ، فالعنف الخفي – المبطن وغير المعلن يعبر عن وجوده في مواقف الحياة اليومية كالاقناع القسري او اذعان الناس بالقوة لهذا المذهب الديني او ذلك الفكر المتشدد ،وهذا نابع من العنف الكامن في اعماق النفس البشرية والذي لم يجد مخرجا له في منافذ عديدة مختلفة مثل التعبد الصادق من خلال التوحد والتعيين بالخالق تعيينا لا شعوريا هذا الدين الذي لم يستطع بكل دعواته وتعاليمه الالهية ان ينبذ كل اشكال القسوة والعنف والسلوك العدواني داخل هذا الملتزم به دينيا او فكريا ، فكيف الحال مع الانسان الذي يذبح لانه كان( سنيا او شيعيا ) ونطق بالشهادتين وآمن بالنبي محمد (ص) وآل بيته وبصحبه ، وآمن بكل ما جاء به الانبياء والرسل والحال ذاته على الذين امنوا بالكتب السماوية ، وينطبق الامر بأولئك المتعصبين من الاديان السماوية الاخرى او الفلسفات الدنيوية والذين لم يتأنسن سلوكهم رغم تأثرهم بمعتقدهم .
ان هذا العنف الذي يظهره هؤلاء الناس في سلوكهم يبتعد عن السلوك الانساني وهم بحاجة الى انسنة السلوك بعد ان تحول الى حيونة السلوك وميله الى الافتراس اكثر منه الى المحبة والتقارب ، ان انسنة السلوك هي وسيلة للسيطرة على ما يصدر منا من سلوك قبل تنفيذه او جعله فعلا واقعا ، فالانسان الذي هو بمعنى الكلمة انسان يفترض انه يمتلك سلوكا ناضجا يتعامل به مع الآخر مهما كان انتماءه او دينه او مذهبه او ما يعتقد به . ان منطق السلوك العنيف هو منطق المضطرب والذي يعرفه عامة الناس بالجنون ، فالجنون في رأي الناس جميعا اضطراب في المنطق وفساد في الحكم على الواقع وعلى الناس وما يؤمنون به ، ويرى ان ما يؤمن به هو الصحيح ، وما يؤمن به الناس يجب ان يحارب ويقتل صاحبه مهما كان مسالما او متسامحا .
ان هؤلاء الناس ( اصحاب الفرض القسري للمذهب او المعتقد ) لا شك يتمتعون بكامل قواهم العقلية ، والكثير منهم على درجة عالية من الذكاء وبعضهم حقق ذاته بان تبوأ مناصب ادارية او علمية او فقهية او شرعية او وظيفية ، ولكن من المتفق عليه سيكولوجيا ان الاعراض التي يشقى بها هؤلاء غير المتأنسنة في تصرفاتهم " ذوي السلوك الحيواني " هؤلاء بحكم المرضى حيث ينشأ لديهم صراع شبيه بالصراع الناشب وراء المرض العقلي ، وكما يقول "مصطفى زيور" صراعا بين الرغبات الغريزية ومقتضيات الواقع والخلق . الرغبات الغريزية حتى وان كانت غريزة العدوان والسلوك الحيواني . والواقع ومقتضياته الحضارية التي تدعو الناس الى احترام الاخر بمذهبه الفكري والديني وملبسه وسلوكه وتعامله ، لذا ان اولى خطوات انسنة السلوك الانساني هو ارشاده لادراك الواقع ادراكا معرفيا جديدا بعد ان ادركه ادراكا يعوزه السداد ومثله مثل مريض العقل يعرف الواقع ويخطئه معا وهو بذلك مزج المعرفة الدينية الحقة بجهل الجاهلية.



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا .. لن اهلوس !!!
- حزني اقوى من قدرتي
- بين الألم النفسي ... وألم الجسد
- التوافقات الشخصية وانعكاساتها السلوكية !!
- ادراكنا ... يوجه سلوكنا
- - داء السرقة- .. انحراف في الشخصية
- الغِيبة والنميمة .. مدخل لمعرفة الشخصية
- مرضى الوساوس .. كيف يفكرون ؟
- ثورة في العقل .. ام ثورة في النقل
- الالتزام الديني ... بين التسامي في السلوك وعودة المكبوت
- فن اللاعنف .. فن المهارات الاجتماعية - النفسية
- هواجسنا كادت تقتلنا
- من الكبت الجنسي ... الى المتعة المبتسرة
- مآسي التفكير الانفعالي
- توافقات اللاعنف ...التوافقات السوية
- لن اترك ابني المراهق وحده
- التطبيع الاجتماعي ترميم للذات الانسانية
- التصلب والمواقف الاجتماعية
- الانهاك النفسي والعجز المكتسب
- النكوص في الشخصية حقيقة ام مبالغة؟


المزيد.....




- أمير الكويت يأمر بحل مجلس الأمة ووقف العمل بمواد دستورية لمد ...
- فرنسا.. الطلبة يرفضون القمع والمحاكمة
- البيت الأبيض: توقعنا هجوم القوات الروسية على خاركوف
- البيت الأبيض: نقص إمدادات الأسلحة تسبب في فقدان الجيش الأوكر ...
- تظاهرات بالأردن دعما للفلسطينيين
- تقرير إدارة بايدن يؤكد أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا ...
- بالنار والرصاص الحي: قرية دوما في الضفة الغربية.. مسرح اشت ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق العمل جزئيا بالدستور حتى أربع ...
- مجلس الأمن يؤكد على ضرورة وصول المحققين إلى المقابر الجماعية ...
- بالفيديو.. إغلاق مجلس الأمة الكويتي بعد قرار حله ووقف العمل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - نحو انسنة السلوك .. الانساني