أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شاهر أحمد نصر - بحث في العقل اليساري العربي ـ الياس مرقص نموذجاً















المزيد.....

بحث في العقل اليساري العربي ـ الياس مرقص نموذجاً


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 967 - 2004 / 9 / 25 - 10:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لعل الياس مرقص من أهم المفكرين اليساريين السوريين والعرب في القرن العشرين الذين لم ينالوا حقهم، لأنّه من المفكرين والمثقفين الأحرار الذين لم يبيعوا قلمهم وفكرهم، ونتيجة مواقفه الجريئة وغير الممالئة لأئة سلطة حزبية أو حكومية ديكتاتورية.. ولإعطاء هذا المفكر الحر بعضاً من حقه، وتعريف المهتمين بقضايا تطور الفكر اليساري والعلماني في العالم العربي سنحاول تسليط الضوء على أهم الجوانب الفكرية والفلسفية التي اشتغل عليها الياس مرقص، في مشروعه النهضوي.. وسنعتمد في بحثنا على سفر هام أصدره الأستاذان الناشران: جامع بهلول ونور الدين بهلول صاحبا "دار الحصاد" بدمشق مشكورين، تضمن خلاصة أفكار المفكر العربي السوري الياس مرقص.. تحت عنوان "نقد العقلانية العربية"، يعالج فيه أهم المسائل الفكرية التي تجابه المفكرين العرب في تأسيس وبناء فكر يتصدى لمعالجة مهمة بناء إنسان متحضر ومجتمعات دينامية تستطيع مواكبة خطى التطور والحضارة .
سنقسم البحث إلى عدة محاور وعناوين هي:
1 ـ الياس مرقص والفلسفة
2 ـ آراء الياس مرقص في الفكر العربي والماركسية
3 ـ الياس مرقص والعقلانية السياسية
4 ـ الياس مرقص والديموقراطية
5 ـ قضية اللغة والعقل والتاريخ من وجهة نظر الياس مرقص
6 ـ الياس مرقص يحاور بعض المفكرين العرب.
(1 / 6)
الياس مرقص والفلسفة
يمكن التعرف على حصيلة تصورات المفكر الياس مرقص في الفلسفة، في كتاب "نقد العقلانية العربية"، الصادر عن دار الحصاد بدمشق عام 1997 ـ تلك الفلسفة التي تعتمد على ما أنتجه العقل البشري ككل في سيرورته التاريخية المتغيرة والمتجددة، بعيداً عن الانتقائية والابتزاز والقولبة في أقانيم للعبادة والصنمية...
نلمس الموسوعية في تفكير الياس مرقص من العبارات الأولى في الكتاب وحديثه عن الفلسفة عندما يقول:
الفلسفة تنويعة كبيرة على العقل ، سمفونية متناغمة ومتعارضة ومتناقضة على لحن العقل. يوجد لفظياً: اللوغس ، النوس (Nous ) ، الراسيو raison (ratio) ، الحس السليم أو الإدراك السليم أو العقل السليم والفهم البشري المشترك الفهم entedement ، verstand والعقل بمعنى هيغل على نحو خاص الـVernunft . وتوجد أخوات مقولات مشاركة على نحو أو آخر، مثلاً الروح، المجتمع ، الطبيعة، العالم، الوجود الخ ..ص19
الفلسفة تترادف مع العقل. فلسفة الطبيعة (طاليس وخلفاؤه، جماعة "الفيزيولوج")، العلم الرياضي والفكر الرياضي، الماديانية الذرية( ديموقريط، أبيقور) التجربة والإحساسية (أرستيب كورينا ومدرسته) السوفسطائية والريبية (نقد أو دحض اللغة، العقل، المعرفة، الحقيقةالخ) أجزاء هامة من هذه الهوية: الفكر: العقل.ص402
ليس هناك تعريف ، ويجب أن ندين مذهب التعريف لصالح فكرة التعيين والتحديد، كما يقول هيغل .. ص19
الفلسفة مذاهب العقل .هذه المذاهب متناقضة متعارضة متخالفة كما لاحظ الريبيون الكبار دوماً..
كل فلسفة تذهب أبعد من الحس السليم، فالحس السليم ليس فلسفة.ص95
العقل روح Esprit بدون الروح، أنا لا أقبل أي كلام.. ص104 مصطفى صفوان مخطئ حين عنون كتاب هيغل "علم ظهور العقل " بدلاً من "فينو مينولوجيا الروح" ص104 علماء يدرسون ميشيل فوكو وغاستون وباشلار والانتروبولوجيا الثقافية ويعتبرون أنفسهم فوق أن يقرأوا لينين وانجلز.ص106
التجربية فلسفة، الماديانية فلسفة، مذهب الحس والإحساس فلسفة، أي نظر مضاعف.
الفلسفة ضد الانتقائية، التلفيقية. الفلسفة تدفع تناقضاتها إلى النهاية، في خدمة القضية، قضيتها: الفكر، المعرفة.
التجريد الفلسفي، الرياضي، الحقوقي، يهيء المستقبل. إنه في خدمة العمل: صناعية الإنسان، وسياسته. الفكر تجريد، أساسه الروحي التجرد. المعرفة إقلاع، تحليق، والتحليق تعميق، الأشمل هو الأعمق. الفكر استباق.
تاريخ الفلسفة مناقضات، مسلسلات، عودات، عمليات نفي ونفي للنفي. أفلاطون – ديموقريط، أرسطو أفلاطون، الاسمانية – الواقعية، التجريبية – العقلانية، فيورباخ – هيغل: مناقضات. كنط، فيتشه، شيلنغ، هيغل: مسلسل. كذلك من ديكارت إلى كنط عبر سبينوزا ولا يبنتتس، ومن بيكون ولوك إلى كنط، عبر بركلي وهيوم. ديكارت وبيكون- لوك وياكوب بوهم ثورات. كنط ثورة. هيغل ثورة. الماديانية والمثالية، التجريبية والعقلانية، تأكيد ونفي، هيغل أو ماركس نفي للنفي، كلاهما مذهب " منطق الواقع" : الواقع له منطق: هو منطق الواقع.ص402
ونظراً لأن المفكر الياس مرقص يفهم تاريخ الفلسفة دائرة دورات (لينين، في مقاله حول الجدل)ص61، فإنه يبحث في العلاقة ما بين اللوغس والفلسفة ويخوض في شعاب ومنحى تطور الفلسفة من بداياتها الأولى عند هيراقليط حتى الماركسية:
اللوغس اليونانية تعني الكلام وتعني العقل. إنها الكلمة والاسم والعقل والعلاقة والنسبة وفكرة التناسب والرياضة بالمعنى العالي.. إن مدشن هذا الخط هو هيراقليط، الغامض الافستي. عنده الله (بحرف أول كبير) والاسم والكلمة Verbe , Nom والقانون مترادفات.. في اللغة لا يوجد إلا الكلي – كما يقول فيورباخ .ص20
اللوغس هو اللغة كلاماً وعقلاً. منها كلمة لوجيقا: المنطق "كل علم إنما هو منطق تطبيقي أو منطق مطبق" (هيغل) بتعبير آخر المنطق يقيم مناطق، هي مناطق فكرية، لا مناطق مادية في المادة – الامتداد، مناطق فكرية يقال لها ميادين، حقول انضباطات علوم sciences , fields , disciplines , champs , domains . لدينا لغوياً: الانطولوجيا، الغنوزيولوجيا، السوسيولوجيا، السكولوجيا، الجيولوجيا، الفيزيولوجيا.. الخ والنهاية: لوجيا تعني: علم: منطق، نظرية، عقل، بدون هذا المبدأ لا أرى عقلانية مستحقة! وكل حديث "العقل" باطل (إن الله الهيراقليطي هو إله – قضاء ، وهو ناف الآلهة. هيراقليط أخذ أفكاره من الشرق لا سيما من فارس، لكن الإغريق الذين يعلنون هذا الدين يفخرون بأن هيراقليطهم له مأثرة أن اخترعه.. مبدأ انشطار الواحد إلى اثنين، الأرض إلى جبل وواد، المكان إلى فوق وتحت.. الحر والبارد.. الأب والابن ( الأب والابن فكرتان أو مفهومان في تبعية متبادلة، دائرية كيفان متوقف وجود أحدهما على الآخر هنا تترك الوجودية وتدخل المعرفة والمعرفية دخلت الغنوزيولوجيا وعلم الكلام ص20
خط اللوغس يذهب إلى أفلاطون وإلى كل الفلسفة اليونانية. مثلاً إلى زينون السوري مؤسس الفلسفة الرواقية (الفلسفة علم للأشياء الإلهية والبشرية "النغم الإلهي في منشأ العالم.." عقلانية مطلقة") في البدء كانت الكلمة، اللوغس ..ص21
فيثاغورث جرد العدد، الكم، نافياً الأشياء، نافياً سائر الكيفيات، من أجل هذا الكيف الخاص الذي هو الكم، الذي يطلقه، مؤسساً العلم الرياضي المحض، وفيثاغورث أعلن فكرة القانون. الكم مقولة منطقية. العدد نسبة وقياسmesure . ليس فقط أعد الأشياء : ثلاثة أقلام، بل أيضاً أقول: هذا القلم أطول من ذلك ثلاث مرات .
الفلاسفة الأوائل، طاليس وأناكسيماندر وأناكسيمين وهيراقليط، الفلاسفة الايونيون، هم الفيزيولوغ، والكلمة هذه مكونة من جذرين: "فيزيس"(أي "لطبيعة" بما أنها تنمو وتتغير وتتطور) و"لوغس" أي العلم أو الخطاب الذي موضوعه الأشياء.ص21
أناكسيماندر صاغ مطلب مبدأ كليّ، مبدأ كوني، المطلب العقلي. أناكساغور أكد وحدة المادة، وصاغ فكرة "النوس" (Nous)، وهي فكرة ذكاء منظم، مهندس للعالم، ومتميز عن مصنوعاته. أفلاطون، بفم سقراط وأرسطو، سيلومانه لكونه لجأ إلى هذا المبدأ السري أو الملغوز أو الغريب، كمبدأ نظام وحركة، وسحبه أحياناً مثل "إله من خارج المسرح" على مسرح الفيزياء، لكن أرسطو يحييه مع ذلك، لأنه جاء يقول إنه يوجد في الطبيعة ، كما عند الحيوانات ذكاء هو سبب النظام والترتيب والتدبير الكوني.. "النوس" فكرة ذكاء منظم وفكرة نفس. إنه غير اللوغس.
لنلاحظ أن فيزياء أرسطو سقطت. كانت فيزياء إحيائية وغائية. علم الفيزياء (غاليلو، أرخميدس، كيبلر، باسكال، نيوتن..) فيزياء ميكانقية رياضية هندسية.
ولعله يجب أن نقول أن "عقل" الفلسفة العربية الإسلامية لاسيما الشرقية والإشراقية هو أقرب إلى "النوس". إنه ذكاء وفهم وذهن intellect ، إنه "نوس" وليس "لوغس" وليس "راسيو" raison .ص21
إن الفلسفة العربية الإسلامية المعنية مع النوس لا الراسيو ولا اللوغس، وهي مع المثال، الصورة، الرمز، المجاز، لا مع الفكرة، الإيدوس، الشكل المفهوم..ص22
حسب كانط "كل معرفتنا تبدأ بالحواس، تنتقل إلى الفهم entedement وتكتمل في العقل.. نميز هنا العقل raison عن الفهم بتسمية العقل ملكة المبادئ. حسب روسو العقل هو الواقي من اللاتسامح ومن التعصب.ص25
هيغل يبرز التعارض بين عقل وعقل ، بين الفهم verstand . entendement والعقل Raison . Vernunft بل يمكن القول إن هذا الفرق هو أساس أو قوام ديلكتيك هيغل. يبدو حسب ما أورده لوكاتش في "تحطيم العقل" فقد اكتشف هيغل هذه المفارقة أول ما اكتشفها على جذر 2 العدد الأصم أو اللامعقول وهو من أشهر فضائح علم الرياضيات: خلاصة الموضوع أنه إذا كان طول ضلع المربع 1 فإن طول القطر هو جذر 2 إذن نسبة طول القطر إلى طول الضلع هي جذر 2 . فلنضع هذه النسبة على هيئة كسر فنجد أنه مستحيل أن نجد أي كسر يعادله مهما طولنا حديه يتعادل مع جذر2  وثمة برهان على هذا المحال يدعى بالبرهان المحال لذلك سموا هذا العدد بالعدد "اللامعقول". هيغل الشاب يقول : الأجدر أن نتخذه مدخلاً إلى "عقل أعلى" إلى Vernuft يتجاوز الفهم Verstand ! ونقول لأولئك الذين يرفعون شعار العقلانية على الطالع والنازل إن هذا اللامعقول هو العقل بالمعنى الأحق.ص26
انجلز ارتكب خطأ في نهاية مقاله في كتاب "جدل الطبيعة " عندما سخر من جذر ناقص واحد .. ص27
أكد لينين منذ سنة 1908 على أن المادة "مقولة فلسفية"وأنها "مفهوم" وستالين شطب على ذلك . لينين أعطانا عمن المقولة المذكورة تعريفاً جيداً بإرجاعها أو إسنادها إلى الوعي – الإحساس وستالين شطب على ذلك. (أي إنه لم يفهم الغنوزيولوجية بتاتاً ) ص27
الفكر ليس الانعكاس، بل هو انعكاس نوعي، هو انفكار، هو انعكاس استباق، أداته الكلمة والفكرة والمفهوم، وسيلته الفصل الفكري، لا المادي.ص31
وبالنسبة لهيغل المنطق هو العلم المطلق ويتوحد مع المتافيزيقا: إنه "علم الفكرة الخالصة أي الفكرة في العنصر المجرد عنصر الفكر ".ص31
وجد في العصر الحديث عقل ديكارتي، وعقل هيغيلي، وعقل وضعاني. الوضعانية تجد امتدات لها في البرغماتية وسواها وتتراكب مع تيار مناهضة العقل. الفكر الفلسفي العربي وضعانية، برغسونية، براغماتية، سوربونية، موسكوفية، أزهرية.
إزاء العقلانية السابقة رد هيغل وماركس ولينين الاعتبار لما كان يُعامل كـ "أقارب فقراء" للعقل، مثلاً للحدس والعاطفية والخيال، للوعي الجنيني وللخلاصيّة، الخلاصية جزء من فكرة الثورة.ص33
ماركس وإنجلز يرددان وراء العالم الاقتصادي الإيطالي وبلغة الطليان :"هذه اللانهاية التي لا تبلغها الأشياء في التقدم (التدرج) التوالي ) تبلغها في الدوران"!ص60
على الرغم من أن الباحث يجد أن مذهب ماركس تطور حلزوني، فإنه يصر على أن التقدم والتطور دائري، ولما كان المنحى الدائري مغلق فإنني أعتقد أنّ التعبير اللولبي يصور عملية التطور الجدلي بشكل أسلم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التطور اللولبي ليس بالضرورة صاعداً تلقائياً وبشكل ثابت ومستمر:
الكائن الحي بخلاف الميكانيك السهمي هو دائرة كرة "كل الأشياء فيه بعضها لبعض، غاية ووسيلة "ص60
مذهب ماركس مذهب تقدم دائري، نمو دائري، تطور حلزوني.العلم دائرة، العلم دائرة من دوائر. تاريخ الفلسفة دوائر، دورات (لينين في مقاله حول الجدل).. ستالين ألغى الدائرة والدائرية اعتبرها ميتافيزيق وتبنى باسم الديالكتيك صعوداً أزلياً من البسيط إلى المركب ومن الأدنى إلى الأعلى، وتبنى ذلك بدون فكرة الخلق باعتبارها دينية.هذا كله محال لا معنى له فضلاً عن أنه يتنافى جذرياً مع مئة تصريح لماركس وانجلز ولينين. وإن بعض الماركسيين عندنا اليوم ينفون الدائرة لصالح الحلزونية أو اللولبية، أي ينفون المفهوم والمفاهيم والعمل المفهومي (دائرة ومستقيم) لصالح الصورة أو التشبيه لصالح هذه الصورة التي تريد لغرض تعليمي، توحيد المفهومين النقيضين والتي هي (الحلزونية) أقرب، كشكل محسوس، إلى الدائرة منها إلى الخط المستقيم. في الحلزونية المبدأ مركز وهو بداية خط، وهو خط دائري اتساعي. ماركس وانجلز ولينين يقولون: دائرة ، دورة، cycle ,cercle الخ. وكذلك هيغل (وهيراقليط بطبيعة الحال: مذهب هيراقليط ليس مذهب تقدم).ص61
في بحثه عن جذور الفلسفة لايهمل المفكر الياس مرقص أي مصدر، مهما صغر شأنه في نظر البعض، بل يعطي كل فعل حقه في الصيرورة التاريخية المعقدة، مع التأكيد على أن المعرفة الصحيحة والحقيقية والفاعلة للفلسفة يجب أن تنطلق من الجذور والمصادر والأصل، وليس من النتائج المعلبة والوصفات الجاهزة، من هنا نرى تأكيده على دور الباطنية، والصوفية إلى حد ما، في البحث التاريخي عن الحقيقة، والدور الهام الذي لعبته في تكوين الفكر:
الباطنية تراث عظيم عريق، مديد وخصب وشامل وكوني: الصين اليابان الهند، الإسلام، العرب اليونان، أوروبا الغربية روسيا الأزمنة الحديثة والمعاصرة.. لكن التصوف والباطنية نالا مدى جديداً في تاريخ الغرب. إنهما جزء عضوي في تكوينه وصعوده. وهذا ما لا تريد أن تراه الوضعانية العربية والعلموية العربية المتمثلة بأشخاص كثيرين في قاعة الباردو يوليو 1988 أو بالحقيقة جميع الأشخاص تقريباً، على اختلافهم: قسم ضد التصوف والباطنية باسم العقل، قسم معهما ضد العقل. أما أنا فموقفي: الديالكتيك تصوّف المعرفة، توجد باطنية وتصوف هما مع العقل، بل هما من أهم بناة العقل بأكبر وافضل معنى. كوزا رمز كبير. كوزا وبرونو، وحدة الدائرة والمستقيم.ص64
يقارن المفكر الياس مرقص بين الإلهين السامي واليوناني لمعرفته بما سترك الاختلاف بينهما من أثر على الوعي وتطور المعرفة لدى تلك الشعوب:
الخلاف أو التناقض بين الإلهين السامي واليوناني الديني والفلسفي معلوم ومشهور. اليوناني مُشَكّل، صانع، مُحرك ومُحيي. السامي خالق من العدم. هذا تناقض هام في العصور الوسطى الشرقية والغربية. ص108
ولا يستثني الكاتب البوذية ودورها في عالم المعرفة الإنساني:
لعل بإمكاني أن أختصر البوذية، كموقف معرفي، في ألوهة (بدلاً من أله) وطاقة (بدلاً من مادة وأشياء) ولعل هذا الأمر يعطي البوذية وشعوبها مزية كبيرة اليوم. لعلهم أقدر منا على فهم نيلس بوهر وهايزنبغ وآينشتاين وروثر فورد... وأفلاطون وفيثاغور وديموقريط.. لعل البوذية في المعرفة تعطي دفعاً وجذراً للذين استوعبوا الفكرية الغربية، للذين انكبوا منذ زمن غير قليل على التقليد العلمي اليوناني والأوروبي. ليس من باب الصدفة حيا انجلز البوذيين الإغريق كفكر جدلي. أعتقد أنه كان في حينه أعلم منا بالبوذية. ص110 لو كان ابن سينا في قاعة الباردو وابن تيمية وابن رشد وأبو العلاء.. وربما عمر بن كلثوم لقالوا لكم: انتم الآن 200 مليون ومع ذلك تندارون إلينا وتستحلبون بعضنا وتجدون فينا الحقيقة الأزلية وأن لا جديد تحت الشمس.ص116
عبر هذا التسلسل المنطقي يصل بنا الكاتب إلى منهج التفكير الأصيل الذي توصل إليه الفكر البشري ألا وهو الديالكتيك، وكأنه يدعونا للتعرف عليه من مصادره الأصلية من دون عدسات، كمقولات وليس قوانين جامدة:
الديالكتيك فكرٌ – طريقة أقيمت ضد الطريقة التجريبية – الدوغمائية التبديدية للواقع تحت اسم الانطلاق منه وهاجس بلوغ قانونه المزعوم الذي ليس سوى مقولة أو صورة أو صيغة معروفة سلفاً، أي مؤمن بها سلفاً. وهذه المقولة – الصورة – المعادلة انتكست عندنا إلى إيقونة، في أزلية ساقطة، محرومة من أية جوانية حقيقية، محاربة ضد أفلاطونية المفهوم ومنكسة عقل العرب وحياتهم إلى عالم أشباح. ص848
إزاء مقولتي المنطق البرهاني والمنطق البياني أو لنقل البرهان والبيان ، أريد أن أقول: إن الديالكتيك هو البيان الأعلى، البيان الحقيقي، ضد عقيدة البرهان وضدعقيدة البيان اللغوي. إن صورة الواقع هي غاية المعرفة. الأشكال، المفاهيم، القوانين أدوات وسائل طرق. الصورة هي الشكل الأخير الأعلى. الفكر = طريق .ص33
تبين هذه الموضوعات أهمية الفكر الذي طرحه الياس مرقص بالنسبة للمهتمين بتطوير الفكر والعقل العربي. وضرورة وجود مراكز أبحاث تعمل باستمرار على تطوير الثقافة والعقل العربي ليتمكن من مواجهة التحديات التي تفرضها مسيرة التطور العلمي والفلسفي والحضاري في العالم. كما تبين هذه الموضوعات أنّ العقل العربي ليس عاجزاً عن مواكبة مسيرة تطور الفلسفة والإبداع في مختلف المجالات..
الهوامش:
الاستشهادات الواردة في النص مأخوذة من كتاب: الياس مرقص ـ نقد العقلانية العربية ـ دار الحصاد - دمشق ـ الطبعة الأولى – 1997

طرطوس ـ شتاء عام 2001



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيوجد حقاً عشرة مخربين، فقط؟ ومن هم؟
- من أسباب تقهقر القوى العلمانية والديموقراطية في العالم العرب ...
- الإصلاح الشامل وبناء الدولة على أسس عصرية سليمة مهمة وطنية
- انطباعات أولية حول رواية:-قمر بحر
- النظام السياسي العربي يحطم المعارضة ، وينظر إلى نفسه بمرآتها ...
- احترام كرامة شهداء الرأي والحرية يتطلب إحالة الجلادين وحماته ...
- ابن رشد فرصة العرب الضائعة
- نضال الحركة العمالية العالمية في سبيل الديموقراطية وضرورة تج ...
- ألم يحن الوقت للغة خطاب جديدة بديلة للغة الاعتقال!
- في سبل اغناء اللغة العربية بالمصطلحات العلمية والحضارية وتوح ...
- مسلسل اللامعقول في زمن الصمت
- الأكراد والعرب أخوة في صالح من جعل القضايا تتراكم والتباطؤ ف ...
- أ ليس مفيداً أن يكون البعثيون في سوريا من أوائل المطالبين بإ ...
- صدى
- هل أصبحت صيغة الحكم من خلال الجبهة وحدها تلعب دوراً معرقلاً ...
- لنفكر بعقل بارد وقلب حار مناقشة موضوعات المؤتمر الـسادس للحز ...
- منطلقات حزب البعث في سورية تحتاج إلى قراءة عصرية للتاريخ(*) ...
- منطلقات حزب البعث في سورية تحتاج إلى قراءة عصرية للتاريخ(*)3 ...
- المعارضة عنوان الأوطان ومصدر قوة لدولة القانون
- وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ - دعوة للتمس ...


المزيد.....




- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شاهر أحمد نصر - بحث في العقل اليساري العربي ـ الياس مرقص نموذجاً