أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - شاهر أحمد نصر - هل أصبحت صيغة الحكم من خلال الجبهة وحدها تلعب دوراً معرقلاً للتطور السياسي في سوريا؟















المزيد.....

هل أصبحت صيغة الحكم من خلال الجبهة وحدها تلعب دوراً معرقلاً للتطور السياسي في سوريا؟


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 745 - 2004 / 2 / 15 - 07:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


من المعروف تاريخياً أن فكرة الجبهات الوطنية، كصيغة للتحالف بين الأحزاب الشيوعية والقوى السياسية الأخرى، طرحت من قبل جورجي ديمتروف في الكومنترن (الأممية الشيوعية)، في ثلاثينيات القرن الماضي. وكانت إحدى غاياتها خلق جبهة موحدة في النضال ضد الفاشية والنازية...

كما تدل مراجعة وثائق الكومنترن على أنّه وجّه الأحزاب الشيوعية في المشرق العربي للسعي لخلق جبهات وطنية في بلدانها لمعالجة الحالة الانعزالية التي عانت منها تلك الأحزاب (لمزيد من المعلومات يمكن العودة إلى مقال:  الكومنترن والأحزاب الشيوعية العربية، المنشور في العددين الأول / الثاني من مجلة النهج).

ولقد عرفت الأحزاب السياسية في سوريا كثيراً من تجارب التعاون بين مختلف الأحزاب الوطنية في مختلف مراحل نشاطها السياسي الحديث: في أيام نضال الشعب السوري ضد الاستعمار الفرنسي،  وفي النضال لإسقاط الحكومات الديكتاتورية، وفي مرحلة مناهضة الأحلاف التي كانت تسعى لتقويض استقلال البلاد.. كما شهد البرلمان الذي انتخب في خمسينات القرن الماضي أنواعاً مختلفة من التحالف بين الأحزاب السياسية الممثلة فيه، على الرغم من أنّها لم تصل إلى المستوى المطلوب من النضج..
كانت مسألة إلغاء الأحزاب السياسية في مرحلة الوحدة بين سوريا ومصر كارثة على العمل السياسي في البلدين، بتدشينها بداية مرحلة إلغاء العمل السياسي الديموقراطي الحر.. كما أنّها ساهمت في تدشين مراحل القوانين العرفية، والاضطهاد السياسي.. وشهدت مرحلة الستينات صراعاً بين الأحزاب السياسية في سورياً، واستمراراً للقمع السياسي ونهج إلغاء الآخر التي بدأتها حكومة الوحدة، واستمرت حكومات الستينات في الأخذ بها... وأعلنت حالة الطوارئ بشكل غير دستوري، ومازالت سوريا تعاني منها حتى الآن..
خلال الصراع الذي شهدته مرحلة الستينات داخل حزب البعث وداخل بقية الأحزاب بما فيها الحزب الشيوعي السوري الذي تفجرت أزمته العامة في مؤتمره الثالث عام 1969، من جهة، وبين حزب البعث الذي أخذ الحكم وبين بقية الأحزاب السياسية في سوريا من جهة ثانية، ومع حصول هزيمة حزيران عام 1967 التي خسرت سوريا خلالها كامل هضبة الجولان والقنيطرة، ومع اقتراب تلك الأحزاب بما فيها حزب البعث من الفكر الاشتراكي العلمي والماركسية، وقيام حكومة حزب البعث الحاكم ببعض الإجراءات الاقتصادية كالتأميم والإصلاح الزراعي التي كان الشيوعيون ينادون بها أيضاً، والتي جعلت سوريا من بين الدول التي عرفت بدول التطور (اللارأسمالي ـ والتوجه الاشتراكي) .. خلال ذلك كلّه أخذت تطرح عدة آراء وأفكار حول صيغة التحالف بين تلك الأحزاب المتناحرة.  ـ علماً بأنّ الشيوعيين السوفيت ومنظريهم لم يكونوا بعيدين عمّا يجري في المنطقة ـ كانت إحدى الصيغ المقترحة إقامة وحدة بين هذه الأحزاب (تكللت هذه الفكرة بالنجاح في اليمن الجنوبي بإقامة الحزب الاشتراكي اليمني).. ومع ازدياد الصراعات والتصفيات داخل هذه الأحزاب، وفيما بينها، وجدت أهم أطرافها في صيغة الجبهة مخرجاً لها من أزماتها..
مما لا شكّ فيه أنّ قيام الجبهة في حينه كان خطوة إيجابية، في ضوء المعطيات التاريخية الداخلية والخارجية.. إلاّ أنّها تسببت في ضعف، إن لم يكن عقم، العمل السياسي الديموقراطي في البلاد.. خاصة وأنّها ترافقت مع الاستمرار في فرض حالة الطوارئ والحكم بواسطة القوانين العرفية والاستثنائية... كما أنّ هذه الجبهة الوطنية كانت صورة مكبرة عن الجبهات الوطنية في بلدان المعسكر الاشتراكي في أوروبا الشرقية.. وقيدت عمل الأحزاب المنضوية تحت لوائها.. فجرت مضايقات كثيرة لأعضاء تلك الأحزاب، عن طريق فصل المعلمين من سلك التعليم، ونقلهم إلى وظائف أخرى، وحصر الكثير من الوظائف وحتى المعاهد الدراسية بأعضاء الحزب القائد، الذي أخذ بعض أعضائه ينالون درجات إضافية في الامتحانات الثانوية تخولهم دخول كليات الطب والهندسة دون أن يستحقوها، مما سبب في تخرج كادر غير كفؤ تسلم بحكم انتمائه الحزبي مواقع مفصلية في العمل..   كما تم تسريح الضباط العسكريين، وعدم فسح المجال لغير أعضاء الحزب القائد في التطوع في سلكي الجيش والشرطة خاصة للمناصب القيادية، وتعرض كثير من نشطاء تلك الأحزاب للاعتداءات الجسدية التي كادت تودي بحياتهم.. وألغت صيغة الجبهة الاعتراف بحق أي حزب سياسي في الوجود والعمل خارج إطارها..
مما لاشك فيه أنّ تلك التجربة تحتاج إلى نظرة نقدية جادة، وهذا الأمر يتطلب بحثاً خاصاً.. وسنكتفي في بحثنا هذا بالتركيز على مقدرة هذه الصيغة من الحكم بمفردها على تلبية متطلبات إقامة الدولة العصرية، التي تسمح بالتطور الاقتصادي السياسي والاجتماعي السليم، والمنسجمة مع متطلبات التطور السليم في عصرنا الحالي... وسنحاول الإجابة على سؤال إن كانت عملية تطوير ميثاق الجبهة ونظامها الداخلي، وانضمام أحزاب جديدة إليها، تكفي  لمعالجة المهام السياسية والاقتصادية  التي تعيشها البلاد؟!
من الضروري التذكير بأنّ الدولة القانونية العصرية ، ولكي تستطيع التطور والبقاء اعتمدت مجموعة من الشروط، من أهمها: رضا وقبول أبناء المجتمع بسلطتها، والتداول السلمي لهذه السلطة، والمساواة القانونية والحرية في ظلها...
إنّ مسألتي الحرية والتداول السلمي للسلطة في الدولة، يعنيان ضرورة وجود قوانين لقيام الأحزاب والجمعيات السياسية، وحق هذه الأحزاب في الوصول إلى السلطة.. وهذا ما يتعارض مع وجود صيغة جامدة للحكم اعتمدت في أواسط القرن العشرين في ظل ظروف دولية وإقليمية ومحلية، والاستمرار في العمل بها في ظل ظروف تختلف عنها جذرياً..
إنّ صيغة حكم الجبهة الوطنية اعتمدت كوسيلة لبناء مجتمع يسير سياسياً واقتصادياً وفق النهج الذي سمي بـ "طريق التطور اللارأسمالي"، الذي كان أحد شروطه وجود منظومة اشتراكية عالمية تمد له يد العون في عملية البناء الاقتصادي والتنمية.. وهذا الشرط لم يعد متوفراً في العصر الحالي.. والصيغة السليمة لبناء الدولة في هذا العصر، هي الصيغة الديموقراطية التي تسمح بالتداول السلمي للسلطة بين مختلف الأحزاب السياسية الوطنية.. من هنا تأتي أهمية إصدار قانون عصري لإنشاء الأحزاب والجمعيات السياسية..
من الملفت للانتباه أنّ أغلب أحزاب الجبهة الحاكمة لا تطالب بقانون تأسيس الأحزاب السياسية.. بل أورد بعضهم أنّ ممثل أحد الأحزاب طرح في أحد اجتماعات القيادة المركزية للجبهة، مسألة قانون الأحزاب السياسية فلاقى معارضة شديدة من ممثلي بقية الأحزاب! لماذا؟!

لن أقدم شيئاً جديداً إن قلت أنّ أغلب هذه الأحزاب قد لا تستطيع تلبية متطلبات إنشاء حزب سياسي وفق الأسس القانونية، من حيث عدد الأعضاء، والتواجد في أغلب المحافظات.. وغيرها.. وهذه القضية لوحدها كافية لوضع الصيغة الحالية بحد ذاتها تحت التساؤل.. وهنا يتبادر سؤال في جدوى نفخ الروح في جسد يفتقد لعوامل الحياة..
من كل ما تقدم يتبين أن صيغة الجبهة في الحكم وجدت في ظروف تاريخية معينة، تجاوزها الزمن والتطور..
لن نستطيع معالجة المهام السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنتصبة أمام بلادنا عن طريق تطوير ميثاق الجبهة وانضواء أحزاب جديدة تحت لوائها؛ لأنّ متطلبات التطور وبناء الدولة في عصرنا الحالي تتطلب صيغة جديدة للحكم تتجاوز صيغة الجبهة، يكون أساسها رضا وقبول أبناء المجتمع بسلطته، والتداول السلمي لهذه السلطة، والمساواة القانونية والحرية في ظلها... وهذا يتطلب إلغاء حالة الطوارئ، وإصدار قوانين تأسيس الأحزاب السياسية والجمعيات، والانتخابات والفعاليات الديموقراطية المختلفة.. مع العلم بأن عملية التحالف بين الأحزاب السياسية ستبقى موجودة، إنما ستأخذ صيغاً جديدة، ولن تكون السلطة السياسية حكراً لأيّ منها إلى الأبد..

إنّ التأخير في عملية الإصلاح السياسي في بلادنا يعيق كافة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ويعيق مسيرة بلادنا في التطور والتنمية وتحرير أراضينا العربية المحتلة، ومد يد العون للشعب العربي الفلسطيني في نضاله لتحرير أرضه وعودة لاجئيه وإقامة دولته الوطنية المستقلة..
طرطوس 14/2/2004              شاهر أحمد نصر
                             



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنفكر بعقل بارد وقلب حار مناقشة موضوعات المؤتمر الـسادس للحز ...
- منطلقات حزب البعث في سورية تحتاج إلى قراءة عصرية للتاريخ(*) ...
- منطلقات حزب البعث في سورية تحتاج إلى قراءة عصرية للتاريخ(*)3 ...
- المعارضة عنوان الأوطان ومصدر قوة لدولة القانون
- وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ - دعوة للتمس ...
- إلغاء قوانين الطوارئ شرط ضروري للمناقشة الموضوعية لفكر حزب ا ...
- من الأشعار الأخيرة لرسول حمزاتوف
- المجتمع المدني ضرورة اجتماعية ووطنية
- الاستراتيجية الأمريكية، والقصور العربي، في السياسة الخارجية
- رسالة مفتوحةإلى: المناضل، عميد كلية الاقتصاد السابق، الدكتور ...
- عصر المعلوماتية 2-2
- عصر المعلوماتية
- الحوار المتمدن عنوان الأممية الحرة
- من متطلبات الدخول السليم في عصر المعلوماتية
- قانون الأحزاب السياسية من وسائل الإصلاح السياسي الديموقراطي
- مشكلة العرب والمسلمين ليست مع اليهود كيهود
- مصير العملاء السريين
- العلم عند العرب بين النهوض والتعثر
- إذا أردتم تحرير المرأة ، فابنوا مجتمعات على أسس متحضرة
- هل استكملت الأنظمة العربية عملية بناء الدولة القابلة على الب ...


المزيد.....




- ترامب يعلق على إخلاء الشرطة جامعة كولومبيا من المحتجين.. وين ...
- فيديو... -كتائب القسام- تقصف تجمعات قوات إسرائيلية بالصواريخ ...
- وفاة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان والرئيس الإماراتي ينعاه
- إحباط مخطط يستهدف -تفجير- معسكرات أمريكية في دولة خليجية
- خامنئي: تطبيع دول المنطقة مع إسرائيل لن يحلّ الأزمات الإقليم ...
- الجزيرة تحصل على صور تكشف مراقبة حزب الله مواقع ومسيّرات إسر ...
- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - شاهر أحمد نصر - هل أصبحت صيغة الحكم من خلال الجبهة وحدها تلعب دوراً معرقلاً للتطور السياسي في سوريا؟