أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - احمد سعد - عبد رضا الشيوعي الذي كان بيننا















المزيد.....

عبد رضا الشيوعي الذي كان بيننا


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 963 - 2004 / 9 / 21 - 09:28
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


فُجع حزبنا الشيوعي والجبهة في كفرياسيف وابوسنان وعائلة رضا، وانا شخصيًا، بفقدان ورحيل انسان مبدئي متحزب حتى العظم لمبادئ وسياسة حزبه الشيوعي، صمد في أقسى الظروف الصعبة التي مرت على جماهيرنا العربية وعلى حزبنا ولم يحن هامته المنتصبة دائمًا، كان عصاميًا ومثقفًا واسع الاطلاع لا يصدق من يناقشه او يستمع اليه ان من يتحدث معه او اليه لم ينه سوى الصف الرابع الابتدائي في قرية عمقا المهجرة قبل النكبة. كان لبقًا في حديثه، كريم النفس، حلو المعشر. كان مثالا للشيوعي الذي يجزل في التضحية والعطاء الكفاحي دون مقابل، دون ان يسأل او يطلب شيئًا له، او يفتش عن مصلحة ذاتية او يدافش على مركز. انه الشيوعي العريق عبد رضا (ابو رضا) الذي اطلق والده التركي القومية على العائلة اسم "كسكسولو" التركي والذي يعني الأمير بالعربية.

لقد شاءت الظروف ان ارافق عن كثب مسيرة ابو رضا النضالية خلال عشرات من السنين. فالتهجير القسري ابان النكبة . جمعتنا جيرانا، البيت بجانب البيت، والاصح البراكية بجانب البراكية في ضيافة اهلنا الكرماء في قرية يركا الأبية. اشتغل ابو رضا مع المرحوم والدي في تجارة "الرابش" – بيع الملابس والاحذية العتيقة، في ظل نظام الطوارئ والحكم العسكري وقيودهما على حرية تنقل العربي في وطنه. توطدت العلاقة بين عائلتينا بزواج عبد من اختي زادة رفيقة دربه في الحياة وفي الحزب الشيوعي، وكان ذلك في مطلع الخمسينيات، وفي ثاني يوم من زواجه اقتحمت مجموعة من رجال الشرطة و"الشباك" بيت الزوجية بعد منتصف الليل، قلبوا البيت رأسًا على عقب بحثًا عن "متسللين" اعتدوا عليه بالضرب المبرح، فأحد الوشاة من عملاء الحكم العسكري فسد لأسياده ان عبد رضا على علاقة مع المتسللين (المتسللون هم من طردوا من قراهم ابان النكبة ويحاولون العودة الى مسقط رأسهم في الوطن المستباح). وبعد اعتقال دام يومين، وعندما لم يأخذوا منه لا حقًا ولا باطلا، أطلقوا سراحه.
كان عبد رضا وطنيًا صادقًا بالسليقة، وكان شغوفًا بالمطالعة والقراءة وملاحقة اخبار الدنيا. تحمس للثورة المصرية وللقائد الخالد جمال عبد الناصر، وقد انتقل للسكن والعائلة في قرية الشيخ دنون في العام 1952 وسريعًا ما اكتسب محبة الشباب الوطني في دنون وغضب وملاحقة الحكم العسكري. فأكثر ما أثار حفيظة الحكم العسكري والسلطات ليس فقط بروز عبد رضا الوطني التقدمي الناصري، بل كذلك وأكثر من ذلك تحريض عبد رضا الناس في الدواوين وبشكل مباشر مع الأفراد ضد السماسرة العملاء الذين استغلوا الظروف المعيشية المأساوية للذين لجأوا قسرًا الى اطلال الشيخ داهود ودنون (أصبحت الشيخ دنون) من عمقا وكويكات والغابسية وغيرها بعد النكبة لمساومتهم ببيع أراضيهم للكيرن كييمت اليهودية. فلنشاطه هذا كان محرومًا من تصريح الحكم العسكري للتنقل. وكان يعمل "بالسرقة" في الموشاب المجاور لاطعام عائلته.
صحيفة "الاتحاد" التي كان يوزعها رفاق الحزب من كفرياسيف، في دنون قادت عبد رضا ومجموعة من الشباب الى الكفاح المنظم، الواعي والمسؤول داخل صفوف الحزب الشيوعي. في البداية كان الكفارسة يوزعون الجريدة، وثقوا العلاقة مع عبد رضا والمجموعة التي كانت حوله، وكان الرفيقان يوسف شحادة ونمر مرقس يشحنانهم وعيًَا، طلبت هذه المجموعة منذ بداية 1957 ان يوزع اعضاؤها الجريدة حتى قبل ان تنتظم في خلية شيوعية وتدريجيًا قبل نهاية هذا العام احتفل في دنون باقامة خلية لفرع الحزب الشيوعي وانتخب عبد رضا سكرتيرًا للفرع وضم ايضًا الرفاق المرحومين مصطفى ناطور وحسن مجدوب واطال الله في عمرهم نايف بنا وزادة رضا وحسن داهود، وكان بيت عبد رضا المقر والنادي.
وجن جنون الحكم العسكري من نمو البذرة الشيوعية والتفاف الجماهير في القرية حول الشيوعيين، وليلة الاول من ايار في العام 1958 عندما كان شيوعيو دنون يجندون الناس للمشاركة في مظاهرة الكفاح في الناصرة اوعز الحاكم العسكري لاذنابه بحرق علم الدولة الذي كان على سطح المدرسة المقابلة على بعد ثلاثة امتار من بيت عبد رضا. واتخذ من حرق العلم ذريعة لكسر شوكة الشيوعيين وارهاب اهل القرية، فقام بوليس السلطة والحكم العسكري باعتقال اعضاء الخلية الشيوعية، عبد رضا ونايف البنا ومصطفى الناطور وحسن مجدوب وحسن داوود اداريا وبتهمة حرق العلم ومعاداة الدولة. ومارست السلطة مختلف وسائل التهديد والترغيب لكسر شوكتهم، قدمت لهم الاغراءات المادية والوعود بأماكن عمل واستغلال الاقارب للضغط عليهم ولم تنحن هاماتهم الشامخة. سجنوهم ستة أشهر، وفرضوا عليهم اثبات الوجود ولمدة ستة أشهر، ومرتين في اليوم وفي ساعات تحرمهم من امكانية العمل، ارادوا اخناعهم بواسطة الجوع والمجاعة لعائلاتهم. ولكن عبد ورفاقه صمدوا كالابطال، اكلوا البقول من علت وخبيزة ولم يركعوا، وانفجرت حملة تضامن معهم، أذكر كيف كان الرفاق اليهود من تل ابيب ونهاريا وحيفا وغيرها يجمعون التبرعات ويحضرون الطحين والارز والسكر وغيرها لعائلات المناضلين. اذكر اعتصام عائلات المعتقلين امام مركز الحاكم العسكري في كفرياسيف وتضامن الرفيقات من كفرياسيف واطفال المعتقلين، وكيف ان رضا (مهدي) ابن العبد وكان طفلا صغيرا لم يحل له الا ان يبول من الشباك على خلقة الحاكم العسكري.
لقد دافع عن المعتقلين محامي الارض والقضية خالد الذكر حنا نقارة.
في العام 1962 انتقل عبد رضا وعائلته الى كفرياسيف وسكن في مخيم اللاجئين – مخيم الميدان، حيث اقام براكسًا من الزنك وبعد ذلك اشترى قطعة أرض وعمر في ابوسنان. وابان حرب حزيران العدوانية في السبعة والستين شنت حكومة العدوان حملة اعتقالات ضد الشيوعيين لارهاب الناس وضرب الحزب، سأل أحد الرفاق ممن بلبل الخوف موقفهم، ما رأيك يا عبد، اسرائيل احتلت سيناء وهزمت جيوش مصر وسوريا والاردن، فما هو مصيرنا؟ فأجابه: اموت وراء هذه البلانة الوعرية (حيث كان مختبئًا من ملاحقة البوليس لاعتقاله)، ولا أتراجع او أتنازل عن شيوعيتي.
كان ابو رضا صديقًا للاتحاد السوفييتي، ولم تسعه الدنيا فرحًا عندما اختاره الحزب في العام 1972 ضمن وفد للدراسة في معهد العلوم الاجتماعية – المدرسة الحزبية – في موسكو وفي اطار دورة لمدة سبعة أشهر، وكنت في حينها لا أزال طالبًا في الجامعة في لينينغراد. وسمعت من رفاقه في الدورة كيف كان ابو رضا يترجم أصعب معادلات قوانين الديالكتيك الى أمثلة سهلة من واقع كفاحنا وتعقيداته وتناقضاته في اسرائيل.
لا انسى لأبد الآبدين دور خالد الذكر ابو رضا في تشجيعي ودعمي لمواصلة دراستي الجامعية، وفي تصليب موقفي المبدئي للحزب والعدالة والمساواة وأخوة الشعوب، كان لي الرفيق والاخ والصديق.
لقد شبّ ابو رضا شيوعيًا وفارقنا شيوعيًا، وعزاؤنا انه خلف من يواصل حمل رايات طريقه، فزوجته الرفيقة ام رضا ورضا ومحمد وجمال ومهدية ودينا وشيخة على العهد دائمًا في بيت حزبهم وجبهتهم الدافئ. ومن خلف ما مات، وانت باق يا أبا رضا في قلوب اولادك ورفاق دربك ومعارفك، ولتبق ذكراك العطرة خالدة وزوادة طريق ممن اختار ويختار درب النضال من اجل سيادة الحق والعدالة الاجتماعية والدمقراطية والاشتراكية.



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمواجهة مخطط الاستيطان والتصفية الاسرا–امريكي
- صباح الخير صباحك منوّر يا أبا حنظلة
- المعيار الاجتماعي لسياسة تُعيد انتاج المآسي
- التفاعلات الجارية في الخارطة السياسية الحزبية الاسرائيلية
- حتى لا نكون وقضايانا صفرًا على الشمال!
- جون كيري يسجد أيضًا في بيت الطاعة الصهيوني
- حتى لو انفلق الكارهون!- زيّاد أهل للتكريم
- التطورات المأساوية على ساحة الصراع الأسرائيلي – الفلسطيني
- القاضية دوريت بينيش تفضح عرض وعار تحالف -الشاباك- والحكومة
- المدلولات الكارثية للسياسة الليبرالية الجديدة
- تطوير الترسانة العسكرية الاسرائيلية في ارجوحة المخطط الاسترا ...
- المدلولات الحقيقية لنتائج انتخابات برلمان الاتحاد الاوروبي
- وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا ...
- وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا ...
- خطة (لفك الارتباط) بدون أي فك للرباط!
- في الذكرى السنوية الـ- 37 للحرب والاحتلال: لن يكون (شرق أوسط ...
- ماذا كنتَ ستقول يا ماير فلنر؟
- كان ماير فلنر أمميًا حقيقيًا وشيوعيًا مبدئيًا
- تقرير منظمة العفو الدولية: ادانة صارخة لجرائم الحرب في المنا ...
- مؤتمر القمة العربية في تونس: لا خروج من دائرة الرقص الموضعي ...


المزيد.....




- اندلاع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب ...
- الولايات المتحدة: اعتقال مئة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطين ...
- اعتقال الشرطة الأمريكية متظاهرين في جامعة كولومبيا يؤجج الاح ...
- الحزب الشيوعي العراقي: معا لتمكين الطبقة العاملة من أداء دو ...
- -إكس- تعلّق حساب حفيد مانديلا بعد تصريحات مؤيدة لأسطول الحري ...
- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - احمد سعد - عبد رضا الشيوعي الذي كان بيننا