أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين بدران - عد كما كنت














المزيد.....

عد كما كنت


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 962 - 2004 / 9 / 20 - 05:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
في زمن الحرب الباردة، لم يسمح الصراع بين القطبين العالميين على مراكز النفوذ في العالم ، بتبيان الحجوم الحقيقية للدول أو التنظيمات الدائرة في فلك أي من القطبين الأمريكي والسوفييتي.
وهكذا بدا أن دويلات تستند الى العلاقة مع موسكو ولو جزئيا أو حتى تنظيمات إرهابية يسارية ترتبط بالمخابرات السوفييتية تلعب أدوارا في السياسة العالمية، أو ظهرت بهذا المظهر، وفي المقابل كانت المخابرات الأمريكية، وراء دويلات صغيرة أو حتى تنظيمات إرهابية أصولية إسلاموية أو غير إسلاموية، تتصدى لمهام خطيرة، والأمثلة على الحالتين لاتحصى في سائر أرجاء المعمورة.
-2-
انتهت الحرب الباردة وانهار جدار برلين وبدأت أوروبا الشرقية تندمج في القارة الأم ، حتى القبائل الاشتراكية اليمنية وبعد مجازر ثأرية تعيد شريط البسوس وداحس والغبراء، عادت الى اليمن الشمالية وعاد اليمن غير السعيد، ولكنه بوحدته أقل تعاسة.
لكن وفي أوج الانتصار الأمريكي بوجه خاص ، والليبرالي والديموقراطي الغربي بشكل عام، لاسيما بعد إطاحة آخر قلاع الديكتاتورية في أوروبا وأعني في يوغوسلافيا، في حرب أصر الديكتاتور اليوغسلافي على تجريع شعبه كؤوس الموت فيها من أجل عرشه أولا وأوهامه ثانيا كسائر المستبدين ، وفي أوج حديث البيت الأبيض عن الدرع الصاروخي لحماية الأمن القومي للولايات المتحدة ، انفجرت القنبلة المدوية في مانهاتن وإذا تجاوزنا وبصعوبة ونظريا المعاني والنتائج المادية والخسائر البشرية لهذه الجريمة ، فلا يمكن تجاوز السياق الذي جاءت فيه ، اولا ولاتجاوز رمزيتها .
-3-
إن برجي التجارة العالمية ، يرمزان الى العالم الحديث والمنتصر الآن ، فهما يتجاوزان ماديا ورمزيا ، كرملين الشيوعية ، وفاتيكان المسيحية وكعبة الاسلام ، كون البرجين في صميم الحياة العالمية الراهنة والمتصلة عضويا بماض لم ينته ومستقبل بدأ يتنفس ، بينما كل الرموز آنفة الذكر لا تتنفس إلا في الأوهام والوعي الزائف ، ولهذا من الطبيعي ، ألا نقدر نحن أبناء الايديولوجيا والأوهام وألا نفهم مدى تأثير الصدمة على أهل وول ستريت وحتى أريزونا ، ونحن الذين لم يعد الموت غير الطبيعي غريبا علينا ، بل أصبح مقترنا بالتلفزيون ، والإذاعة والمدرسة وعموم أدوات التجهيل اليومية ، فإذا لم نتجرع الموت يوميا - والأفضل بسيارة مفخخة - نغدو كالمدمن المقطوع عن جرعته ، فكيف يمكننا أن نفهم معنى الصدمة في بلدان تسخر إمكانيات مدينة لانقاذ طفلة وقعت في بئر ، أو تجيّش سلكها الديبلوماسي في بلد يبعد آلاف الأميال عن عاصمتها للبحث عن أحد مواطنيها الذي فقد أواختطف مهما كان عمله .
-4-
هكذا كانت جريمة 11 أيلول 2001 انعطافة نوعية في توجهات الإدارة الأمريكية في الأداء والمعالجة في إطار الاستراتيجية العامة لقيادة العالم كله ، وهو حلم كل دولة بلا استثناء قديما وحديثا ولكن الفرق اليوم هو في القدرة على التنفيذ وفي توفر الامكانيات المادية وغير المادية .
لقد حددت معظم مراكز الأبحاث الأميركية التي تشكل الرافعة العظمى لصنع القرار السياسي في الولايات المتحدة بأن الأمن القومي الأميركي [أمن الفرد والبلاد ] باعتباره الخطوة الأساس لتحقيق الاستراتيجية الأميركية لن يكون إلا بتجفيف منابع الإرهاب والتي تتحدد بدورها بالفقر والاستبداد والتخلف عموما وفي المناهج التعليمية خصوصا ، واضطهاد المرأة والطفولة ...الخ
وهكذا أعلنت الحرب على الإرهاب ، وقد أثارت كلمة الحرب تحفظات واستهجان العديد من زعماء الدول الكبرى كالرئيس الفرنسي جاك شيراك الملهوف على مصالحه في العراق ، وتبين لاحقا والآن يتبين أكثر فأكثر أن كلمة الحرب في مكانها ، لأن وراء الإرهاب قوى ذاتية وموضوعية من العالم القديم لايستهان بها .
-5-
إن الأنظمة العربية التي خاضت حروبا دموية ضد التنظيمات الإرهابية التي وقفت في وجهها كسوريا والجزائر وغيرهما ، لم تعالج الأمر إلا بالطريقة الحربية أو كما يقولون الأمنية ولم تكلف نفسها عناء البحث عن دوافع الشباب اليائس نحو الموت ، والأنكى أنها قامت بالعكس تماما فعممت القمع والحرمان والاستبداد ، وحتى بعد "انتصارها" لم تراجع تلك التجربة غير الحميدة والتي كان من نتائجها تصدير فلول الإرهاب الى الخارج ، لابل هي وأمثالها تنتقد الدراسات المعمقة لمنابع الإرهاب وهذا أمر مفهوم باعتبارها أحد وربما أهم تلك المنابع.
ولكن المفارقة أن المعارضات التي تدعي ماتدعي من الفكر الحديث تقف أيضا ضد الحرب الأميركية على الإرهاب والاستبداد ومازالت لاتفهم ماذا جرى في 11 أيلول ولا ماذا ترتب عليه في الولايات المتحدة نفسها وفي العالم أجمع.
-6-
إن حكاية " الساحر والفأر " معروفة جدا فقد توسل فأر إلى ساحر بأن يجعله هرا فجعله ، ولكن الهر صار يخاف من الكلاب ، فتوسل كي يجعله كلبا فجعله ، وخاف الكلب من النمر فتوسل للساحر كي يجعله نمرا ، فقال له الساحر : "وماذا أفعل بك ، جسمك جسم فأر وجلدك جلد نمر ؟ عد كما كنت " .
إن السحر الذي نفخته الحرب الباردة ولى معها ، وهكذا فالدول أو التنظيمات التي أخذت حجوما أكبر من حجومها الحقيقية وأدوارا أوسع ، ستعاد الى وضعها الطبيعي وذلك في جميع أنحاء العالم ، وقد بدأ بعضهم يفهم ذلك ، وأصر بعض آخر على عدم الفهم ومازال مستمرا باللعب ، وكأنه لم ير شيئا مما جرى في يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق .



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلك جنتي يا ملكة
- كما ترق الأعالي ويحن الذوبان
- متى ندق باب العصر
- صمت أبيض
- الغريب
- كرنفال يخضورك العالي
- الصفحة البيضاء
- جل ما أخشاه أن يكون العكس
- محطمة قلبي
- حفقات في جبلة
- الوراء الوحيد
- ماذا لو انتصرت؟
- تنين الأنواء
- الدكتور مقاومة والمستر.....!!
- الهاوية
- جاهلة في الضوء
- الماضوية الحاكمة
- ماركس في جبة الغزالي
- قرب البحر
- البضاعة والعلبة


المزيد.....




- حصريا لـCNN.. مصادر تكشف عن جهود إدارة ترامب -السرية- لإعادة ...
- سوريا.. أحمد الشرع يثير تفاعلا بما قاله عن -أبناء منطقة الرئ ...
- تقييمات استخبارية: مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب سل ...
- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين بدران - عد كما كنت