أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - نور الدين بدران - ماركس في جبة الغزالي















المزيد.....

ماركس في جبة الغزالي


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 928 - 2004 / 8 / 17 - 10:05
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


استنكر أحد الرفاق القدامى قائلا : ألم يبق أمامك غير المعارضة ؟ هل انتهيت من نقد السلطة ؟
وأمام سؤال أخطاؤه أكثر من عدد كلماته .خرست .
ها نحن أمام فن جديد عتيق للاسكات والقمع الفكري للتكفير وتجفيف منابع الذاكرة والمخيلة والقريحة .
من أين نبدأ؟
سأبدأ من ماركس با عتبارنا كنا في حزب شيوعي ثوري واحد ووحدي سقطت وفق مايرى المناضل المستمر.
" كل ماأعرفه أني لست ماركسيا " هذا ماعلق به كارل ماركس على برنامج مجموعة ماركسية في أيامه .
" لقد شاخ بياننا بحكم التطورات التي حدثت في الأعوام القليلة الماضية " ماركس وانجلز في مقدمة جديدة للبيان الشيوعي ، وقبل ذلك بأعوام قالا عن كتابات أخرى كالإيديولوجيا الألمانية أو المخطوطات ،لاأذكر ،"تركناها لنقد الفئران القارض " ويمكن أن أسترسل في الأمثلة حتى آخرقطرة دم أو حبر في حياة ذلك المفكر العظيم الذي استعار من أحدهم عبارة ليصف حالته وأتباعه: " زرعت نسورا وحصدت براغيثا ".
ولندع الإصبع وننظر إلى ماتشير إليه : الماركسية هي النقد العاري والجذري للأوضاع القائمة الآن وهنا من الباب الى المحراب كما يقال ، وفي المقدمة الإنسان الذي هو مجموع علاقاته الإجتماعية بغض النظر عما يظن نفسه أو ما يدعي من أفكار ومبادىء فحسب ماركس " إن سر اليهودي ليس في دينه بل سر الدين اليهودي نفسه في ممارسة اليهودي خلال أيام الأسبوع " ويمكننا طبعا أن نضع مكان اليهودي ااشيوعي أو غيره ...إلخ وهكذا فالماركسية هي النقد المفكر الذي يفسر نفسه بالوقائع أولا وليس العكس . هكذا بدأ ت الماركسية بنقد الاقتصاد السياسي الانكليزي و نقد الفلسفة [ الايديولوجيا بالأصح ] الألمانية و نقد الثورات البورجوازية ولاسيما الفرنسية ودائما كان الإنسان وممارسته أولا بغض النظر إذا كان يعي تلك الممارسة جزئيا أو يجهلها كليا [ كما عند ألتوسير : مجرد ركيزة لعلاقات الإنتاج ] ولم يقتصر النقد الماركسي في أوج الصراع الطبقي على طرف من الأطراف بل لم تكن دماء مقاتلي كومونة باريس قد جفت عن المتاريس حتى كان ماركس يسطر كتابه المشهور عن تلك الومضة الشعرية في جنون التاريخ ولم يرحم بنقده أخطاء أولئك الأبطال كما لم يخف إعجابه بمآثرهم أو ومضات بطولتهم ، وعبر مسيرتها النقدية وصلت الماركسية إلى بلورة ذاتها في نقد الآن وهنا : الرأسمال .. حتى كتابات ماركس عن أنماط الإنتاج ماقبل الرأسمالية كالإستبداد الشرقي/الآسيوي وغيره كان مجرد ملاحظات وهوامش في خدمة مشروعه الكبير ..وأما ما انشغل به انجلس من تأملات وكتابات في غير ذلك [ كجدليات الطبيعة وغيرها ] فهو عمل فردي ومستقل عن الهدف الذي كرس له ماركس حياته وفكره ومنهجه. لكن عشاق الشمولية وجدوا في ذلك وغيره ودونما حاجة مايدغدغ أعماقهم ومصالحهم وأشياء كثيرة أخرى مختلفة ومتنوعة حسب الخارطة التاريخية والجغرافية والسياسية والإقتصادية والجنسية أيضا ، ولسان حالهم اللاشعوري أو الشعوري يقول لماذا فقط نحن ؟ فكل عقيدة تشمل تعاليمها جميع العلوم والعصور والآداب والفنون ، بل تجرأ بعضهم على أكثر من ذلك مثلا : [ انظر كراس الماركسية والمسائل الجنسية عند المرأة / إصدار دار ابن خلدون وهو من الكتيبات التي كنا نثقف الرفيقات بها ليثقفن بدورهن نساء الطبقة العاملة ] وهكذا بذلوا جهودا عظيمة وغير مشكورة لجعلها صيغا وتعويذات وخرافات شمولية لها أصداء وقرائن في جميع المذاهب والعقائد الكبيرة والصغيرة ، واضعين أنفسهم وماركسيتهم على منحدر الانحطاط .
الماركسية " امسك أعصابك " من أرفع ماوصله الفكر النقدي البورجوازي في زمنها ، وهي ليست كما يستمني بعض التلاميذ الذين ثقفتهم دار التقدم أيام زمان ووكالاتها الحصرية في أنحاء العالم، لاسيما في منطقتنا ، بخرافة الفكر البروليتاري والثقافة البروليتارية والأدب البروليتاري وماشابه .
كان التأمل الماركسي عبر الفكر النقدي الملهم والمستند إلى أعظم ما أبدعه الفكر الإنساني و قبل كل هذا و ذاك إلى القرائن والمعطيات المادية المعاصرة والراهنة يقود ماركس إلى أن البورجوازية التي طالما أعجب بإنجازاتها وهو نفسه ، كفكر ومنهج من نتاجها وأثنى عليها وطالما شتمها أتباعه عندنا. هذه البورجوازية خلقت الشروط المادية والفكرية للتحرر الإنساني ومن هذه الشروط البروليتاريا كطبقة التي ستكون مأثرتها العظمى بأن تلغي جميع الطبقات وتلغي نفسها أيضا ، ولكن على المستوى الأممي وتاليا ستلغى أو تضمحل الدولة وباللغة الماركسية البنية الفوقية والحقوقية كلها ومن ذلك الفلسفة وجميع أشكال الوعي الزائف ومخلفات الثقافات الطبقية بأنواعها ومختلف مراحلها التاريخية ، وهكذا فليس هناك ثقافة بروليتارية شاءت البروليتاريا إنشاءها أو أبت لأن رسالتها التاريخية هي إقامة المجتمع [اللاطبقي ] الإ نساني الذي سيكون ولد للتو وللمرة الأولى يتنفس هواء الحرية النقي والخالي من الطبقية والقومية وسائر رواسب المجتمع القديم أي الإنساني الصرف وهو الذي سيبدع الآداب والفنون الإنسانية في مملكة الحرية.
حسب هذا الحلم الجميل واانبيل والغاية في الأسطرة في الزمان حيث كان ماركس يتحدث عن حقبة تاريخية بعيدة المدى يكون العلم دخل فيها كقوة أساسية في قوى الإنتاج وهذه البديهية اليوم كانت يومئذ من النبؤات .
إذن سيكون الإنسان المتوسط الذكاء كارسطو واينشتاين وشكسبير ، ويكون كل فرد في تلك الجنة إلها طيبا مبدعا وسيغدو العمل تسلية وتقوم به الأشياء والآلات تحت إشراف ذلك السوبرمان الجماعي الذي حول الألم بالوعي والقوة إلى لذة والضرورة إلى حرية والشقاء إلى سعادة والكره إلى حب وذلك لأنه استأصل الشر المشخص بالملكية الخاصة والربح والجشع ...الخ وحرر تاليا الفكر والثقافة والوعي من الماضي وتفاهاته ماضيا في الاكتشافات الكونية العظمى بعد أن جعل كوكبه منزلا كامل السعادة .
قيل الكثير في اليوتوبيا الشيوعية ،من داخلها وخارجها، وليس هذا موضوعنا، فهو حلم مشروع ونبيل بنظري وأظن أنه الدافع البدئي لكثير منا للالتزام بهذا الحزب الشيوعي أو ذاك قبل أن نعلم معنى عبارة ديكتاتورية البروليتاريا، وكدليل على إيماننا العميق وعلمنا السطحي بما نعتنق كسائر المتدينين والمتزمتين سابقا ولاحقا ، هو تحويل أعظم أفكار الحرية إلى شريعة للرق ، وأعظم مفكر اعتبر " نقد الدين هو الشرط الأساسي لأي نقد" .إلى شيخ طريقة وألحقنا به كل سخافاتنا وجهلنا ، وكانت الفظاعة والفظاظة حين سميت أكبر دولة بوليسية في التاريخ بالدولة الشيوعية الأولى ، وحتى قبيل سقوطها بقليل كان مجرد وصفنا لها بالبيرو قراطية يثير أعصابا وعدوانيات لأننا أسأنا للمقدسات كرجم الكعبة في نظر الوهابيين . وحتى اليوم ثمة فلول مستعدة لعمليات انتحارية ضد هذا النقد ، ولكن بعضها خجول ومقلم الأظافر فيكتفي باللوم والعتب وكظم الغيظ .
كان ماركس معجبا بعبقرية نيتشة ومتعاطفا مع شاعريته الخلاقة رغم اختلافهما أو كما أظن بسببها وكأنه كان يحدس بأنهما [ هو ونيتشة ] سيكونان الرمزين المزورين لأكبر دولتين استبداديتين في التاريخ البشري، أعني الستالينية والنازية ، اللتين كلصوص المقابر قامتا بالسطو على الإرث الفكري لذينك المفكرين العظيمين ، وللأمانة فقد كانت النازية [لدواع ليس هنا مجال عرضها ] أقل تبجحا بفعلتها ، وحتى وقت قريب كان من المحرج جدا ، الحديث عن هذه الواقعة الحقيقية ، لكن من سخريات القدر أن يكون نيتشة محرما في البلدان الإشتراكية مثلما كان ماركس في ألمانيا النازية ، وكلاهما ماركس ونيتشة أصبحا إلى جانب فرويد [الملعون الآخر من قبل الإستبداد البيروقراطي ] الرواد أو المؤسسين لنقل الفلسفة الى مرحلة جديدة ، كما يرى كثيرون منهم ميشيل فوكو .
وأخيرا يا رفيقي العتيق حسبما أرى لن تتقدم أية حركة فكريا أو فعليا بدون نقدها جذريا ومن داخلها بل لن تتقدم ما لم تصل هي نفسها الى وعي ذاتها نقديا وتنزع عن ذاتها قميصها الوسخ بل حتى أن تخرج من جلدها متعلمة من الحية فن النمو فالحية فعلا أكثر حكمة من الذين لايدرون ماذا يعتنقون ، وهذا كله غير ممكن بدون مبضع النقد.
ومن ناحيتي [ ودعك من ماركسيتي أوعدمها فهذا أمر لاعلاقة له بالإدعاء ] لاأمل لي بأي إصلاح اليوم لا في السلطة الجاثمة بثقل أجهزتها وفساد إداراتها ومساوئها الكثيرة سياسيا واقتصاديا وثقافيا والتي هي نفسها تتحدث عن بعضها ، ولا في المعارضة التي لاأكاد أشعر بوجودها إلا كظل من الظلال ، بل حتى اليوم هذا الشبح لم يراجع تاريخه ولم يقف مع ذاته وقفة الضمير في صحوة الموت وهو في النزع الأخير ، والأنكى أنها أي المعارضة لاتكف عن مطالبة الآخرين بما عليها أن تقوم هي به ، وهي بذلك مثال نادر وتطبيق فذ للمثل العربي القديم : خرقاء وعيابة ، و لا أريد الآن الدخول في تطنيشات المعارضة عن تاريخها وممارساتها السياسية والتنظيمية ولكني ~ أ عدك ~ سأقوم بذلك لاحقا .
إني أعتقد أن النقد الصادق والمتحرر من ثنائيات المدح والذم /السلطة والمعارضة ..الخ يمكن أن يخدم ، وبقدر الهم والإهتمام يكون الشغل والإنشغال .



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرب البحر
- البضاعة والعلبة
- أنا سوري يا نّيالي!
- شفقة الأيام الخالية
- زوابع
- وجه آخر لثقافة الموت


المزيد.....




- إعلان مفاجئ لجمهور محمد عبده .. -حرصًا على سلامته-
- -علينا الانتقال من الكلام إلى الأفعال-.. وزير خارجية السعودي ...
- عباس: واشنطن وحدها القادرة على منع أكبر كارثة في تاريخ الشعب ...
- شاهد.. الفرنسيون يمزقون علم -الناتو- والاتحاد الأوروبي ويدعو ...
- غزة.. مقابر جماعية وسرقة أعضاء بشرية
- زاخاروفا تعلق على منشورات السفيرة الأمريكية حول الكاتب بولغا ...
- مسؤول إسرائيلي: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة ولن نتنازل عن ...
- وزير سعودي: هجمات الحوثيين لا تشكل تهديدا لمنتجعات المملكة ع ...
- استطلاع: ترامب يحظى بدعم الناخبين أكثر من بايدن
- نجل ملك البحرين يثير تفاعلا بحديثه عن دراسته في كلية -ساندهي ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - نور الدين بدران - ماركس في جبة الغزالي