صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 3193 - 2010 / 11 / 22 - 20:01
المحور:
الادب والفن
***
إلى الصديق صباح كنجي .. على مسافةِ ثلاثين عاماً مِن دشت الموصل.
***
ذلك المساء
حدّثْتُهُ عن رأسٍ احتزّتْهُ الكتائبُ الزاحفة نحو الشّمال
لم يكن رأسَ مالكٍ
ولا رأسَ ابنِ طريف
ذلك المساء
حدّثْتُهُ عن حروبٍ خضناها بلا جدوى
عن رفاقٍ أَجْهَضَتْ أحلامَهم قممُ الجبال
وقَسْوةُ الحَجَر
كنّا في ضِيافةِ القَمَر
نتبادلُ أسْرارَ النّجمِ
ونُصغي لخريرِ أفواهِ الصبايا
كان بيني وبينه زمنٌ هزيلٌ وسنواتٌ عجافٌ
كان بيني وبينه ثلاثون رمحاً ضوئياً
يهتزُّ بوجهِ برارينا
وكان بيننا طيفٌ مِن عذاب
في الطريقِ إلى ذلك المساء
تنازعتني الأصواتُ :
صوتُ السلسلةِ الذهبيةِ المتدليةِ مِن رقبةِ أندريه بريتون
التي اُغْتِصِبت
ثم قُدِّمتْ هديةً لأباطرةِ الجهلِ في الإعلامِ
مِن أجلِ صونِ عرضِ الحداثةِ
صليلُ المقصلةِ التي فَصَلتْ رأسَ الصغيرةِ ماري انطوانيت
كما فَصَلتْ مِن بعدِها رؤوسَ أعدائها
حيثُ يتفجّرُ الأسفُ بعد قرنين مِنِ الزّمانِ ونيّف :
آه يا طوانيت العابثة
لقد هوتْ مِن ريشتِكِ قطرةُ حبرٍ متمردة لم تجفّ أبدَ الدّهرِ
تنازعني صوتُ عزفِ الرِّياحِ التي تعشّقتْ " فستانَ مارلين مونرو "
نعيقُ غرابِ إدغار آلان بو
عذوبةُ ناي الراعي في أعلى التلِّ
شهيقُ الكمنجةِ في الهزيعِ الأخير
همسُ النسيمِ في أُذنِ الشجرِ
وصوتٌ يأتي واهناً مِن جهازِ تسجيلٍ
يحملُ تأوهاتِ المُغنّي في أدائهِ العذبِ " للأماكن "
كأنه مِن أرضٍ خرابٍ يأتي
هل هي " الأرضُ الخرابُ " ؟
هل بُلِّغَ بالأمرِ توماس إليوت ؟
قال الرجلُ الجالسُ بحذائي قال :
لا تقرأْ بعضَ الأفكارِ
لا تقرأ في الغيبِ شيئاً
فقد غابت كلُّ الأشياء
ونامَ السِّحرُ في أحداقِ السّاحرِ
قال
قال الرجلُ الواقفُ ببابِ المترو
قال : لا تأتي الأزمانُ إلاّ لمَنْ ركبَ موجَ الأزمان
و باسمِه سُمّيَ الزمنُ والأزمان
في الطريقِ إلى ذلك المساء
رأيتُ عاصفةً تهبُّ على المكان
على المساء
فتريّثتُ على حدودِ اللقاء
وكان الرجلُ الواقفُ
ـ قبل أنْ يُغادرَ المترو ـ
يقول :
في آخرِ الزمانِ
لا رؤيا لمَنْ رأى
30 ـ 10 ـ 2010 برلين
***
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟