أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - في المعرفة الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 2















المزيد.....

في المعرفة الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 2


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 3172 - 2010 / 11 / 1 - 15:35
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في المعرفة الدياليكتيك الماركسي عند لينين ـ الجزء 2

في نهاية العقد الأول و بداية العقد الثاني من القرن 20 ، سعى بعض الأساتذة البورجوازيين إلى مناصرة الفلسفة الوضعية ضد المذهب الماركسي ، بتبنيهم ما يسمى "الفلسفة الوضعية الحديثة" أو "فلسفة العلوم الطبيعية الحديثة" ، التي يريدون اتخاذها وسيلة لدحض الديالكتيك المادي الماركسي ، بعد انبهارهم بما لحق العلوم الطبيعية من تطور هائل دون أن يستطيعوا فهمه و تفسيره و علاقته بالواقع الإجتماعي ، معتقدين أنه من السهل عليهم تجاوز المذهب الماركسي المادي على المستوى الطبيعي و الإجتماعي ، و في اجتهاداتهم هذه أصبحوا منحرفين بأفكارهم عن آراء ماركس و إنجلس في مجال المعرفة و الطبيعة و التاريخ ، و اعتبروا الماركسية عبارة عن "تصوف" و أنها أصبحت "شائخة" و ذلك نتيجة انحرافهم نحو الميتافيزيقا التي لازمت الصراع بين قطبي الفلسفة المادية و المثالية.
و كان لابد للماركسيين في المجال المعرفي من دحض مثالية القرن 20 ، و كانت هذه المهمة ملقاة على عاتق لينين ، الذي قام بدحض مقولات هؤلاء المثاليين الجدد عن مفهوم المادة و على رأسهم أتباع إرنست ماخ ، الشيء الذي ساهم في تطوير الدياليكتيك الماركسي في مجال المعرفة ، عبر المقاربة بين فلسفة الماخيين في القرن 20 و فلسفة بركلي في القرن 18 و توجيه انتقادات صارخة لها ، و استنتج لينين أن الماخيين لم يقوموا إلا بإعادة إنتاج نفس أفكار بركلي المثالية ، في محاولتهم لدحض مقولة "الشيء في ذاته" أو "المادة" خارج التجريد ، خارج إدراكنا ، و اتهموا الماديين بأنهم متصوفون حين يقرون ب "شيء غيبي قائم خارج حدود التجربة و المعرفة".
و ذهب لينين أبعد من ذلك في نقده للماخيين ، و عمل على التحقق من آرائهم باعتبارها ليست آراء جديدة كما يدعون لكون أسسها ترجع إلى بداية القرن 18 ، عندما قاد جورج بركلي نفس الحملة العدائية ضد الماديين الذين لم يسميهم في كتاباته ، و أقروا أن المادية الفلسفية الحديثة لا تعترف بمفهوم "المادة" و "الجوهر" ، و يعتقد هؤلاء الأساتذة أن ماخ قام بإنجاز عظيم في مجال المادية الحديثة ، جاهلين أنهم يتفقون مع بركلي في قوله أن "المادة لا شيء و هي جوهر لا وجود له"، متنكرين لوجود الثنائية : الجوهر و المادة ، الأشياء و الأفكار ، محاولين دحض الفلسفة المادية الماركسية بالرجوع إلى الوراء و الأخذ بمقولة "الفكرة".
و قد سبق لإنجلس أن واجه المذهب المثالي و قسم الفلاسفة إلى اتجاهين كبيرين في مؤلفه "لودفينغ فريوباخ" ، و قسمهم إلى فلاسفة ماديين و فلاسفة مثاليين و حدد الفرق الكبير بينهما ، لكون الماديين يعتبرون المادة هي الأصل عكس المثاليين الذين يعتبرون الروح هي الأصل و الطبيعة الفرع ، و بين هؤلاء و أولئك يوجد أنصار هيوم و كانط الذين ينكرون إمكانية معرفة العالم أو على الأقل معرفته معرفة تامة و سماهم "اللاعرفانيين" ، و في كتابه "المادية التاريخية" يتحدث عن "اللاعرفاني الكانطي الجديد" و يقصد إنجلس هنا هيوم.
لقد اهتم إنجلس كثيرا بالقضايا ذات الصلة بالعلوم و التاريخ و تكلم كثيرا عن فظاظة المفاهيم عند علماء الطبيعيات المعاصرين و اعتبرها متحجرة ، و نعت نظراتهم بالميتافيزيقية المنافية للدياليكتيك المادي حيث يخلطون بين النسبية و الدياليكتيك ، و أكد لينين نفس الملاحظات عند ماخ الذي حاول انطلاقا من "الأحاسيس" تكوين "العناصر الفيزيائية" ، و من "العناصر نفسها ينسج كلاما فارغا بعيدا عن الدياليكتيك المادي" كما قال لينين ، و قصد ماخ بذلك الدعاية للمثالية ضد المادية ، و اعتنق الكمونيون الذين يعتبرون من المثاليين المتطرفين آراءه إذ يجدون فيها لذتهم في معارضة المادية.
و أكد لينين أن قيام ماخ على استنتاج "الأحاسيس" من "حركة المادة" مناقض تماما لمادية ديدرو الذي دحض أقوال الماديين المبتذلين الذين يدعون أن "الدماغ يفرز الأفكار" كأي عضو من أعضاء الجسم الذي يفرز مادة معينة ، و تجاهل ماخ استنتاجات ماركس و إنجلس كما تجاهل استنتاجات هيكل و فويرباخ مثله في ذلك مثل باقي الأساتذة المدرسين للفلسفة الرسمية.
و حسب منظور ماخ عن عناصر العالم ، قال لينين :
" يتلخص اكتشاف عناصر العالم (حسب ماخ)من :
1 ـ إن كل موجود يعلن إحساسا.
2 ـ إن الإحساسات تسمى عناصر.
3 ـ إن العناصر تنقسم إلى فيزيائي و نفسي ، الأخير هو ما يتوقف على أعصاب الإنسان و عموما على العضوية البشرية ، الأول لا يتوقف.
4 ـ إن صلة العناصر الفيزيائية و صلة العناصر النفسية تعلنان غير موجودتين بصورة منفردة أحدهما عن الآخر ، فهما لا توجدان إلا معا.
5 ـ إنه لا يمكن التجرد عن هذه الصلة أو تلك إلا مؤقتا .
6 ـ إن النظرية "الجديدة" تعلن خالية من "أحادية الجانب."
و علق لينين على هذا المنظور :
"لا وجود هنا بالفعل لأحادية الجانب ، و لكنه يوجد خلط ما بعده خلط بين وجهات نظر فلسفيتين متضادة . فما دمت تنطلق من الإحساسات فقط . فإنك لن تصلح بكلمة "عنصر" "أحادية الجاني" مثاليتك". لينين المادية و المذهب النقدي التجريبي ، ص:53 .
و في مؤلفه "تحليل الأحاسيس" صدق بوغدانوف أقوال ماخ جاهلا أن ما أكد عليه مناقض تماما للحقيقة ، و أكد لينين أن مثالية أفيناريوس تظهر حقا في مؤلفه هذا ، و هو يقر بأن الإحساس هو الوحيد الذي يمكن اعتباره موجودا مما يتناقض مع وجود الجوهر ، و قوله بالأحاسيس مستقلة كالقول بوجود الأفكار بدون دماغ.
و نعت لينين فلسفة بوغدانوف بالنصف"مادية تاريخيا طبيعيا" ، حيث لا يعتبر الإحساس الصلة المباشر للإدراك مع العالم الخارجي ، مع الواقع ، من خلال "تحويل طاقة التهييج الخارجي إلى واقع الوعي" ، و هو يضع بذلك الإحساس حاجزا و ليس صلة بالعالم الخارجي و يفصل بالتالي الوعي عن الواقع ، و هو يعيد ما قاله بركلي منذ زمن بعيد ، و نجد زعماء هذا التيار بإنجلترا كارل بيرسون الذي يقر بموافقته على آراء ماخ و بفرنسا نجد دوهيم و هينري بوانكاره الفرنسيين.
و يقول بوغدانوف أنه لا يعتبر نفسه ماخيا في الفلسفة إذ أخذ من ماخ فقط عملية فصل ما هو فيزيائي عما هو نفسي و تبعيتهما للتجربة ، و يقول لينين عن قوله هذا "أنه ينسى أنه أخذ منه جوهره الخاطيء" ، معتقدا أنه باستطاعته التخلص من منطلقاته المثالية الذاتية ، و كذلك هو حال كل نقاد المذهب التجريبي حيث لا يفهم أنه يشترك مع الماخيين فيما هو أساسي.
و قام لينين بدحض المذهب النقدي التجريبي ذي الأسس المثالية الذاتية الذي حاول من خلاله الماخيون العصف باستنتاجات المذهب الماركسي نحو المثالية ، خاصة منها الديالكتيك المادي الذي يريدون أن يتجاوزوه معتمدين في ذلك على استغلال العلوم الطبيعية بشكل فج.
و قد حاول ماخ و أفيناريوس الخوض في مجال المعرفة على مستوى العلوم الطبيعية من أجل إسقاط إستنتاجات التجربة في هذا المجال على مستوى النفس ، و لكن عدم قدرتهما على فهم العلاقة بين الأحاسيس و الأشياء جعلهما يتخبطان في تناقضات المثالية الذاتية ، فجهلهما بأسس المادة الدياليكتيكية الماركسية على مستوى الحركة جعلهما لا يدركان الصلة بين المادة و الفكر ، و هم بذلك يجهلان مبدأ التناقض داخل الحركة التي وضع أسسه كل من ماركس و إنجلس و طوره لينين بإعطائه لمفهوم المادة بعدا أشمل حيث يقول :
"المادة مقولة فلسفية للإشارة إلى الواقع الموضوعي " .

و قد استعمل هذا المفهوم خلال نضاله في مجال المعرفة ضد الماخيين و استطاع تطوير المذهب الماركسي ، من أجل معرفة العالم معرفة علمية ضد المثالية الذاتية و اللاعرفانية ، و أوضح كيف أن "الدياليكتيك هو نظرية المعرفة الماركسية" مما ساعده في استنتاجاته حول النفس التي اعتبرها ذات البعد المادي بقوله :

"إن الأحاسيس هي صورة ذاتية عن العالم الموضوعي ".

و استطاع لينين تطوير المذهب الماركسي في مجال المعرفة بتطوير الدياليكتيك الماركسي في حربه ضد الماخيين الذين يريدون إنهاء نظرياتهم المثالية بالماركسية ، و قام بدحض المذهب النقدي التجريبي الذي شوه عبره الوضعيين مفهوم "الواقعية" الذي أصبح مفهوما مبتذلا ، مما جعل لينين يتخذ مفهوم "المادية" الذي وضعه إنجلس للتعبير عن الواقع الموضوعي في مجابهته لأعداء الديليكتيك المادي الماركسي.
و طور لينين الدياليكتيك الماركسي على مستوى المعرفة ، في ظل أوضاع روسيا القيصرية التي يسود فيها الإستبداد بارتباطها بأوربا عصر الإمبريالية التي "تراجعت فيها الديمقراطية إلى الرجعية على طول الخط" كما يقول عن ذلك ، في جميع النواحي الإقتصادية و السياسية و المعرفية حيث انتشر في أوربا المذهب النقدي التجريبي بزعامة ماخ.
و كان عدد كبير من الإشتراكيين الديمقراطيين قد انبهروا بهذا المذهب الذي رأوا فيه آخر ما يمكن أن يتوصل إليه الفكر المادي بعد ماركس ، معتبرين أن الماخية هي التي ستقوم مقام الدياليكتيك المادي الماركسي و من ضمن هؤلاء المناشفة و بعض البلاشفة ، مما وضع أمام لينين هذه المهمة الصعبة التي تتجلى في الدفاع عن الفلسفة المادية الماركسية ، و قام ببلورة المنظور الدياليكتيكي المادي الماركسي في مجال المعرفة الذي يميز الماركسية اللينينية عن غيرها من المذاهب ليعطي للدياليكتيك المادي الماركسي نفسا جديدا.



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 1
- في الأسس المادية للإقتصاد الإشتراكي
- بصدد نظرية -السيرورات الثلاث- : المنطلقات والانزلاقات الجزء ...
- بصدد نظرية -السيرورات الثلاث- : المنطلقات والانزلاقات الجزء ...
- بصدد نظرية -السيرورات الثلاث- : المنطلقات والانزلاقات الجزء ...
- بصدد نظرية -السيرورات الثلاث- : المنطلقات والانزلاقات الجزء ...
- التحريفية الإنتهازية بالنهج الديمقراطي و الهجوم على المناضلي ...
- ملاحظات أولية حول ورقة -المرجعية التاريخية و الفكرية و السيا ...
- ملاحظات أولية حول ورقة -المرجعية التاريخية و الفكرية و السيا ...
- المرجعية التارخية و الفكرية للنهج الديمقراطي
- الحد بين الخط الثوري و الخط التحريفي الإنتهازي بمنظمة -إلى ا ...
- شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 4
- شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 3
- شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 2
- شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 1
- حزب النهج الديمقراطي و النظرية الماخية الجديدة
- النهج الديمقراطي و نظرية الحزب الثوري 2
- النهج الديمقراطي و نظرية الحزب الثوري
- الشهيد القائد عبد اللطيف زروال و مفهوم الحزب الثوري
- منظمة إلى الأمام و إمكانية إنجاز الثورة


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - في المعرفة الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 2