أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أدوات التنشئة السياسية














المزيد.....

أدوات التنشئة السياسية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3170 - 2010 / 10 / 30 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بلورة الرؤى الصحيحة وتحسين السبل العملية المفضية إلى تنشئة سياسية عصرية يتطلبان – بداية – الانطلاق من التلازم العضوي بين التربوي والاجتماعي والسياسي في المناهج الدراسية، بما يؤدي إلى تنقيتها من التصورات السلبية المتصلة بالآخر. بحيث لا تكتفي هذه التنشئة بحشد ذهن المتعلم بمعلومات حول الكرامة والحرية والمساواة والاختلاف فحسب، وإنما تقوم على أساس أن يمارس تلك الحقوق، وأن يؤمن بها وجدانياً، وأن يعترف بها كحقوق للآخرين، وأن يحترمها كمبادئ ذات قيمة عليا.
وهكذا، يجوز اعتبار التنشئة السياسية " تنشئة عمل " أكثر مما هي " تنشئة نظر ". وذلك ما يسمح باعتبارها ترمي إلى تكوين المواطن المتشبع بالقيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، القادر على ممارستها في سلوكه اليومي من خلال تمسكه بحقوقه واحترامه لحقوق غيره، الحريص على حقوق ومصالح المجتمع بقدر حرصه على حقوقه ودفاعه عنها.
إنها ثقافة المساهمة التي تقوم على اعتبار الأفراد مواطنين من حقهم المساهمة في الحياة العامة والتأثير على المنظومة السياسية وتوجيه عملها في أوطانهم، وهي التي تسمح بالوصول إلى الديمقراطية وتحقيقها. فالثقافة السياسية الديمقراطية هي " مزيج بين التطلعات المختلفة وأحياناً المتناقضة للأفراد والمجموعات الجزئية، بحيث تمكّن الديمقراطية من التعبير، في الآن نفسه، عن التنوع والخصوصية والوحدة من جهة، وعن الانسجام دون استسلام من جهة ثانية، وعن المساهمة والالتزام دون تهريج من جهة ثالثة. وكل هذا يعني أنّ الثقافة السياسية الديمقراطية هي ثقافة التوازن والاعتدال ".
وفي الحقيقة فإنّ هذا النمط من التنشئة والثقافة السياسية يندرج ضمن إطار " التربية المواطنية " التي موضوعها هو " تشكيل المواطن وتنميته ". هي تربية على المواطنية وتربية في المواطنية: إنها عملية شاقة ومتواصلة، إذ ينبغي السعي باستمرار إلى تكوين المواطن وتنمية وعيه بنظام حقوقه وواجباته وترسيخ سلوكه وتطوير مستوى مشاركته في حياة جماعة المواطنين التي ينتمي إليها، وهي ليست سوى وسيلة من وسائل تنوير المواطن بحقيقته من حيث أنه عضو حرٌّ في الدولة، يتساوى مبدئياً مع سائر أعضائها في الحقوق والواجبات، ويشارك في حياتها على جميع الأصعدة.
وبداية تسعى التنشئة السياسية ذات التوجه الديمقراطي إلى تعزيز التعددية في الآراء والمواقف، وإلى تطوير السياسات التي تخدم الإنسان. ونعتقد أنّ من الصحيح القول: إنّ استقلال الفرد وحريته الفكرية وشعوره بالكرامة وقدرته على الابتكار ينبغي أن تكون من القيم الرفيعة للمجتمع البشري، وتعتبرها مجتمعات بشرية كثيرة على هذا النحو.
وللتنشئة السياسية طرق وأهداف مختلفة، وفي مقاربتنا هذه نتحدث عن الطريقة التي تقوم على الشعور بالكرامة الإنسانية، وعلى ممارسة الحرية والابتكار واستقلال الفكر، وعلى تأكيد الذات والإعراب عن الشخصية وتوكيد الحضور الذاتي، وعلى ممارسة النقد. ومن شأن طريقة التنشئة هذه أن تنشئ فرداً ناقداً ومحاوراً، مقلّباً للأمور، دارساً لها. وبطريقة التنشئة هذه يزداد إقرار الناس بأهمية الجهد الشخصي في اكتساب المكانة الاجتماعية وفي جمع الثروة المادية وفي أداء الوظائف في شتى المجالات.
وبإشاعة هذه الطريقة في التنشئة السياسية يزداد الوعي العام بأهمية الحوار، بوصفه وسيلة لتحقيق التماسك الاجتماعي، وبوصفه وسيلة لمحاولة التوصل إلى الأحكام الرشيدة، ويحل الحوار محل أسلوب الفرض والإملاء والاستبداد بالرأي. وبإشاعة هذه الطريقة في التنشئة يتعزز وينتشر الرأي في أنّ التوصل إلى معرفة الحقيقة هو نتيجة عملية فكرية، يستطيع أن يشارك ويسهم فيها الناس من كل الطوائف والأجناس والفئات والطبقات، وفي أنّ الملكات اللازم توفرها لاكتشاف الحقيقة ملكات تُكتسب، وفي أنه - بالتالي - يمكن لأي امرئ أن يدلي بدلوه في عملية محاولة التوصل إلى الحقيقة، ولأن يشارك في اتخاذ القرار مشاركة بنّاءة، ولأن يكون عضواً فاعلاً في شؤون المجتمع الذي يعيش فيه.
ومن أجل تجديد الثقافة السياسية يمكن الإشارة إلى أهم القواعد والمبادئ المفيدة للتنشئة السياسية المعاصرة:
(1) - اعتبار ساحة الفعل السياسي مفتوحة على الدوام على قوى ومجموعات سياسية أخرى ذات تصورات فكرية وسياسية متباينة، سواء تم اعتبارها ضمن صنف الحلفاء أو المنافسين أو الخصوم من جهة، واعتبار التحول والتغيير - من جهة أخرى - قانوناً راسخاً في كل واقع سياسي. الأمر الذي يفرض على المرء اعتماد قدر كبير من المرونة في التعامل مع الشأن السياسي تمكّنه من القدرة على التكيّف مع معطيات الواقع المتحول.
(2) - ضرورة التزام الخطاب العقلاني والواقعي في العمل السياسي، لما يتيحه ذلك من إمكانية الإحاطة بالواقع الشامل والتعرف على العوامل المؤثّرة في سيرورة تطوره. إذ أنّ الواقعية والعقلانية تقتضيان تقديراً دقيقاً للإمكانيات الفعلية للذات التي تتوخى الفعل والتغيير في وضع سياسي ما، ذلك أنّ تضخيم تلك الإمكانيات يترتب عنه رسم خطط وبرامج للممارسة مكلفة مادياً وفاشلة عملياً، وفي ذلك هدر للطاقات في معارك مجانية أو غير متكافئة قد تنتهي إلى كارثة محققة.
(3) - اعتماد ثقافة الحوار انتصاراً لفكرة أو دفاعاً عن موقف وحماية لمصلحة خاصة أو عامة. وفي سياق ذلك ينبغي الحرص على عدم اعتماد الأساليب المتطرفة في التعاطي مع قضايا الخلاف، فقد تسيء الحدة المفرطة في الجدل السياسي بين المواقف المتعارضة إلى القضية موضوع الحوار، إذا لم تعرف الأطراف المختلفة كيف ومتى تترك للممارسة هامشاً يسمح باختبار مختلف الآراء والأطروحات وتمييز الصائب منها عن الخاطئ.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي مستقبل للشراكة الاقتصادية العربية ؟
- هل يستجيب النظام الإقليمي العربي للتحديات ؟
- هنيئاً لموقعنا الأغر
- البعد الثقافي للمحنة العربية الراهنة
- عندما تقدم النخب الحاكمة مصالحها الشخصية على الحقوق الوطنية
- مقدمات في مسألة الدولة
- نهاية نظام وصاية العسكريتاريا على الحياة السياسية التركية
- في نقد الماركسية السائدة .. عبد الحسين شعبان يحطم مراياه
- حوار الثقافات أم صراع الحضارات ؟
- واقع العرب الراهن .. مصالحة تاريخية بين أطراف السياسة والمجت ...
- الأنظمة الاستبدادية .. العروبة ليست بخير
- الأمن القومي العربي يبدأ من علاقة الدولة بمواطنيها
- كلفة تعثر التنمية في العالم العربي
- فقر الثقافة السياسية العربية
- الدول العربية الفاشلة وشرعية الأمر الواقع
- حين تصبح المؤامرة مشجباً تعلق عليه الأزمات
- ضعف شرعية الحكومات العربية
- دور التعليم في تنمية الموارد البشرية العربية
- حالة المواطنة في العالم العربي .. سيادة الاستبداد وغياب القا ...
- تفاقم الاحتقان السياسي والاجتماعي في العالم العربي


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أدوات التنشئة السياسية